إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قبل 10 أيام عن موعد الاقتراع.. مخاوف من عزوف الناخبين في أول انتخابات مجالس محلية

 

تونس- الصباح

أيام قليلة تفصلنا عن يوم الاقتراع المتعلق بأول انتخابات للمجالس المحلية في تونس والمقررة ليوم الأحد الموافق لـ24 ديسمبر الجاري، وسط مخاوف من تكرر ظاهرة عزوف الناخبين عن المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي خاصة أن اجتماع عدة أسباب وعوامل ومؤثرات موضوعية تؤكد هذا الهاجس الذي حذر منه خبراء وجمعيات تنشط في الشأن الانتخابي..

لم يخف عدد من الجمعيات ونشطاء المجتمع المدني تخوفهم من عزوف الناخبين في المشاركة في الشأن الانتخابي خاصة أن نسبة الإقبال على التصويت في المحطات الانتخابية المختلفة بعد 25 جويلية 2021، عرفت منحى تنازليا، على غرار التصويت على مشروع الدستور ثم تشريعية 2022 التي عرفت تسجيل أدنى مشاركة انتخابية على الإطلاق ولم تتجاوز 11 بالمائة.

وفق جمعيات مثل "عتيد" و"مراقبون"، فإن الجانب التشريعي المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتحديد شروط المشاركة فيها، (إقرار شرط جمع التزكيات، حذف التمويل العمومي..) أثّر سلبا على عدد الترشحات من جهة، وعلى ضعف مشاركة الشباب والمرأة فيها من جهة أخرى، كما كان لها تأثير على ضعف الحملة الدعائية للمترشحين للتعريف بأنفسهم وببرامجهم الانتخابية، علما أن عدد المرشحين من الشباب دون 35 سنة لم يتجاوز 22 بالمائة من مجموع الترشحات، ونسبة النساء المرشحات لم تتجاوز 14 بالمائة ما من شأنه أن ينعكس على نسبة الإقبال على مراكز الاقتراع.

ومعلوم أن نسبة المشاركة في المواعيد الانتخابية الكبرى في تونس عرفت منذ أكتوبر 2011 تاريخ إجراء انتخابات عضوية المجلس التأسيسي، اتجاها تنازليا مقارنة ببقية المحطات الانتخابية، إذ سجلت انتخابات 2011 مشاركة مرتفعة بلغت 54.1 بالمائة، ونفس الأمر بالنسبة لتشريعية 2014 التي عرفت مشاركة قياسية بنسبة 69 بالمائة، لتنخفض في تشريعية 2019 إلى مستوى 41.3 بالمائة، ثم في الانتخابات البلدية سنة 2018 تراجعت إلى حدود 33 بالمائة، لتستقر في نسبة 11 بالمائة مشاركة جملية في تشريعية ديسمبر 2022..

ومن أبرز الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأن نسبة الإقبال لن تكون مرتفعة أو على الأقل لن تتجاوز ما تتحقق خلال الانتخابات التشريعية التي انتظمت العام الماضي على دورتين (ديسمبر 2022- جانفي2023) أسبابا مرتبطة بتأثير الواقع الاقتصادي والاجتماعي على الناخبين، وأخرى مرتبطة بتغير سلم الأولويات التي تشغل بال الرأي العام الوطني، وأسباب انتخابية مرتبطة بتكرر المحطات الانتخابية وتعددها، ونفسية مرتبطة بتدني عنصر الثقة لدى النخبة السياسية وضعف مستوى الوعي بأهمية وجدوى المشاركة في الشأن العام، وأيضا أسباب متعلقة بضعف العامل الدعائي والاتصالي للمرشحين للانتخابات لإقناع الناخبين للتصويت والمشاركة في عملية الاقتراع..

ويرى محمد ضيفي الخبير في الحوكمة المحلية والمتابع للشأن الانتخابي أن الأحداث الجارية حاليا في فلسطين المحتلة وخاصة في إقليم غزة والمستمرة منذ أكشر من شهرين، قد يكون لها تأثير سلبي على انتخابات المجالس المحلية في ما يتعلق بإقبال الناخبين على التصويت، خاصة لو تواصلت الحرب دون توقف حتى موعد الانتخابات.

وهي أحداث من شأنها أن تصرف اهتمام الناخبين بمتابعة تفاصيل انتخابات المجالس المحلية، علما أنها تزامنت مع فترة تقديم الترشحات في مرحلة أولى ثم في فترة انطلاق الحملة الانتخابية التي دخلت أسبوعها الثاني..

ولاحظ ضيفي في حوار سابق لـ"الصباح" أن عزوف الناخبين عن التصويت بدأ قبل منعرج 25 جويلة 2021، لكنها كانت لافتة أكثر في تشريعية ديسمبر 2022، وقال إن الرفع من نسبة المشاركة ليست فقط من مشمولات هيئة الانتخابات لوحدها، بل يتحمل المترشحون للانتخابات مسؤولية إقناع الناخبين وجرّهم إلى صناديق الاقتراع في ضوء حملتهم الانتخابية ومدى تأثيرهم على الناخب لدعوته للتصويت لهم ومدى استجابة المواطن لوعودهم..

ومن شأن نقص الحملة التفسيرية والدعاية الاتصالية لانتخابات المجالس المحلية باعتبارها تتم لأول مرة، أو عدم متابعتها بالشكل الكافي عبر وسائل الإعلام أو المحامل الاتصالية الأخرى مثل مواقع التواصل الاجتماعي، أن تؤثر على الناخبين لإقناعهم بأهمية هذه الانتخابات.. علما أن هيئة الانتخابات فسرت ضعف الحملة الانتخابية بأنها تتم بأصغر الدوائر الانتخابية وهي العمادات وبالتالي فإن المترشحين يعولون على الاتصال المباشر بالناخبين والقرب منهم..

من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، يبدو أن اهتمام التونسيين في هذه الفترة مركز أساسا على إشكاليات نقص أو انقطاع بعض المواد الأساسية الغذائية وشحها في السوق المحلية، وهذا الأمر، أي تأثير الأزمة الاقتصادية على جل الأسر التونسية، من شأنه أن يصرف انتباههم عن متابعة ما يجري في الساحة السياسية وخاصة الشأن الانتخابي.

سياسيا، يرى بعض المتابعين أن مقاطعة جل الأحزاب انتخابات المجالس المحلية من شأنها التأثير سلبا على مسار هذه الانتخابات، فضلا عن ضعف عنصر ثقة الناخبين في النخب السياسية عموما وفي الأحزاب بشكل خاص وفشلها في تحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي أو تحقيق جانبا من وعودها السابقة واللاحقة، كل ذلك يجعلها تنفر عن المشاركة في الشأن العام..

كما أن غياب التمويل العمومي يقلص من جهود المترشحين للإنفاق على حملتهم وبالتالي التأثير على الناخب للذهاب الى صندوق الاقتراع..

يذكر أن انتخابات المجالس المحلية ستجرى يوم 24 ديسمبر 2023 في دورها الأول وتهم 2155 دائرة انتخابية، وسيتم انتخاب 279 مجلسا محليا يضم 2155 عضوا، إلى جانب 279 من ذوي الإعاقة، ويتنافس على انتخابات المجالس المحلية 7205 مترشح..

رفيق بن عبد الله

 

 

 

 

قبل 10 أيام عن موعد الاقتراع..   مخاوف من عزوف الناخبين في أول انتخابات مجالس محلية

 

تونس- الصباح

أيام قليلة تفصلنا عن يوم الاقتراع المتعلق بأول انتخابات للمجالس المحلية في تونس والمقررة ليوم الأحد الموافق لـ24 ديسمبر الجاري، وسط مخاوف من تكرر ظاهرة عزوف الناخبين عن المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي خاصة أن اجتماع عدة أسباب وعوامل ومؤثرات موضوعية تؤكد هذا الهاجس الذي حذر منه خبراء وجمعيات تنشط في الشأن الانتخابي..

لم يخف عدد من الجمعيات ونشطاء المجتمع المدني تخوفهم من عزوف الناخبين في المشاركة في الشأن الانتخابي خاصة أن نسبة الإقبال على التصويت في المحطات الانتخابية المختلفة بعد 25 جويلية 2021، عرفت منحى تنازليا، على غرار التصويت على مشروع الدستور ثم تشريعية 2022 التي عرفت تسجيل أدنى مشاركة انتخابية على الإطلاق ولم تتجاوز 11 بالمائة.

وفق جمعيات مثل "عتيد" و"مراقبون"، فإن الجانب التشريعي المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية وتحديد شروط المشاركة فيها، (إقرار شرط جمع التزكيات، حذف التمويل العمومي..) أثّر سلبا على عدد الترشحات من جهة، وعلى ضعف مشاركة الشباب والمرأة فيها من جهة أخرى، كما كان لها تأثير على ضعف الحملة الدعائية للمترشحين للتعريف بأنفسهم وببرامجهم الانتخابية، علما أن عدد المرشحين من الشباب دون 35 سنة لم يتجاوز 22 بالمائة من مجموع الترشحات، ونسبة النساء المرشحات لم تتجاوز 14 بالمائة ما من شأنه أن ينعكس على نسبة الإقبال على مراكز الاقتراع.

ومعلوم أن نسبة المشاركة في المواعيد الانتخابية الكبرى في تونس عرفت منذ أكتوبر 2011 تاريخ إجراء انتخابات عضوية المجلس التأسيسي، اتجاها تنازليا مقارنة ببقية المحطات الانتخابية، إذ سجلت انتخابات 2011 مشاركة مرتفعة بلغت 54.1 بالمائة، ونفس الأمر بالنسبة لتشريعية 2014 التي عرفت مشاركة قياسية بنسبة 69 بالمائة، لتنخفض في تشريعية 2019 إلى مستوى 41.3 بالمائة، ثم في الانتخابات البلدية سنة 2018 تراجعت إلى حدود 33 بالمائة، لتستقر في نسبة 11 بالمائة مشاركة جملية في تشريعية ديسمبر 2022..

ومن أبرز الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأن نسبة الإقبال لن تكون مرتفعة أو على الأقل لن تتجاوز ما تتحقق خلال الانتخابات التشريعية التي انتظمت العام الماضي على دورتين (ديسمبر 2022- جانفي2023) أسبابا مرتبطة بتأثير الواقع الاقتصادي والاجتماعي على الناخبين، وأخرى مرتبطة بتغير سلم الأولويات التي تشغل بال الرأي العام الوطني، وأسباب انتخابية مرتبطة بتكرر المحطات الانتخابية وتعددها، ونفسية مرتبطة بتدني عنصر الثقة لدى النخبة السياسية وضعف مستوى الوعي بأهمية وجدوى المشاركة في الشأن العام، وأيضا أسباب متعلقة بضعف العامل الدعائي والاتصالي للمرشحين للانتخابات لإقناع الناخبين للتصويت والمشاركة في عملية الاقتراع..

ويرى محمد ضيفي الخبير في الحوكمة المحلية والمتابع للشأن الانتخابي أن الأحداث الجارية حاليا في فلسطين المحتلة وخاصة في إقليم غزة والمستمرة منذ أكشر من شهرين، قد يكون لها تأثير سلبي على انتخابات المجالس المحلية في ما يتعلق بإقبال الناخبين على التصويت، خاصة لو تواصلت الحرب دون توقف حتى موعد الانتخابات.

وهي أحداث من شأنها أن تصرف اهتمام الناخبين بمتابعة تفاصيل انتخابات المجالس المحلية، علما أنها تزامنت مع فترة تقديم الترشحات في مرحلة أولى ثم في فترة انطلاق الحملة الانتخابية التي دخلت أسبوعها الثاني..

ولاحظ ضيفي في حوار سابق لـ"الصباح" أن عزوف الناخبين عن التصويت بدأ قبل منعرج 25 جويلة 2021، لكنها كانت لافتة أكثر في تشريعية ديسمبر 2022، وقال إن الرفع من نسبة المشاركة ليست فقط من مشمولات هيئة الانتخابات لوحدها، بل يتحمل المترشحون للانتخابات مسؤولية إقناع الناخبين وجرّهم إلى صناديق الاقتراع في ضوء حملتهم الانتخابية ومدى تأثيرهم على الناخب لدعوته للتصويت لهم ومدى استجابة المواطن لوعودهم..

ومن شأن نقص الحملة التفسيرية والدعاية الاتصالية لانتخابات المجالس المحلية باعتبارها تتم لأول مرة، أو عدم متابعتها بالشكل الكافي عبر وسائل الإعلام أو المحامل الاتصالية الأخرى مثل مواقع التواصل الاجتماعي، أن تؤثر على الناخبين لإقناعهم بأهمية هذه الانتخابات.. علما أن هيئة الانتخابات فسرت ضعف الحملة الانتخابية بأنها تتم بأصغر الدوائر الانتخابية وهي العمادات وبالتالي فإن المترشحين يعولون على الاتصال المباشر بالناخبين والقرب منهم..

من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، يبدو أن اهتمام التونسيين في هذه الفترة مركز أساسا على إشكاليات نقص أو انقطاع بعض المواد الأساسية الغذائية وشحها في السوق المحلية، وهذا الأمر، أي تأثير الأزمة الاقتصادية على جل الأسر التونسية، من شأنه أن يصرف انتباههم عن متابعة ما يجري في الساحة السياسية وخاصة الشأن الانتخابي.

سياسيا، يرى بعض المتابعين أن مقاطعة جل الأحزاب انتخابات المجالس المحلية من شأنها التأثير سلبا على مسار هذه الانتخابات، فضلا عن ضعف عنصر ثقة الناخبين في النخب السياسية عموما وفي الأحزاب بشكل خاص وفشلها في تحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي أو تحقيق جانبا من وعودها السابقة واللاحقة، كل ذلك يجعلها تنفر عن المشاركة في الشأن العام..

كما أن غياب التمويل العمومي يقلص من جهود المترشحين للإنفاق على حملتهم وبالتالي التأثير على الناخب للذهاب الى صندوق الاقتراع..

يذكر أن انتخابات المجالس المحلية ستجرى يوم 24 ديسمبر 2023 في دورها الأول وتهم 2155 دائرة انتخابية، وسيتم انتخاب 279 مجلسا محليا يضم 2155 عضوا، إلى جانب 279 من ذوي الإعاقة، ويتنافس على انتخابات المجالس المحلية 7205 مترشح..

رفيق بن عبد الله