-أحزاب داعمة للمسار.. سياسيون ومختصون يدعون إلى مراجعات وتحويرات في الحكومة
تونس – الصباح
اختزل محور اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني منذ ثلاثة أيام، الذي تناول سير العمل الحكومي وتأكيد سعيد بالخصوص "على ضرورة الانسجام في العمل الحكومي لأن الحكومة دورها مساعدة رئيس الجمهورية في ممارسة الوظيفة التنفيذية"، حقيقة الوضع والعلاقة بين رئاسة الجمهورية من ناحية ووزراء الحكومة من ناحية ثانية، باعتبار أن دستور 2022 يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة من أبرزها تعيين الحكومة وتحديد الخطوط الكبرى لسياسة الدولة، وفق ما ينص على ذلك الفصل السابع والثمانون من نفس الدستور ومفاده "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة".
يأتي ذلك في الوقت الذي تكررت فيه الانتقادات الموجهة لوزراء حكومة نجلاء بودن في مرحلة سابقة وتواصلت بشكل أكبر منذ تولي خليفتها أحمد الحشاني مهامه في "القصبة" في أوت الماضي، حول عدم انسجام القرارات والإجراءات المتخذة من قبل عدة وزارات مع المبادئ والأهداف التي ما انفك يشدد عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد في توجهه لتكريس الدولة الاجتماعية بالأساس بما تعنيه من اهتمام ومزايا للقضاء أو الحد من الأزمات والاجتماعية وتداعيات النقائص والأزمات في هذا المستوى والمضي في تنفيذ سياسة إصلاحات شاملة تهدف في تفاصيلها وأبعادها إلى تكريس دولة القانون والمؤسسات وتضمن شروط العيش الكريم للمواطنين وتقدم وتوفر لهم القدر الممكن من الخدمات المطلوبة والمنتظرة في مجالات الصحة والنقل والتعليم وغيرها من الخدمات الإدارية والرقمنة.
وأكد أن رئيس الجمهورية في نفس اللقاء أن الدولة بالنسبة إلى المواطنين هي مجموع المرافق العمومية، ومن يسعى إلى تعطيل سيرها العادي ومن لا يستحضر مبدأ الحياد في كل عمل يقوم به، يمس بأمن الوطن وبحقوق المواطنين. مؤكدا على ضرورة أن يكون كل مسؤول داخل الدّولة مهما كانت درجة مسؤوليته مثالا في التعفف والتقشف ونكران الذّات.
ولئن وشدّد رئيس الجمهورية في لقائه بالحشاني على ضرورة أن تكون الإدارة العمومية بوجه عام في مستوى هذا المنعرج التاريخي الذي تعيشه بلادنا، فإن عديد الجهات والمتابعين لسير المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية منذ أكثر من عامين ونصف قد نبهوا إلى مثل هذه الهنات وإلى عدم التناغم بين ما يتم الدعوة إليه وما يقع تنفيذه أو الإجراءات التي يتم اتخاذها في عدة مجالات مع منحى سياسة سعيد في إدارة دواليب الدولة سواء في المرحلة الانتقالية الأولى لما بعد إجراءات وقرارات 25 جويلية 2021 أو بعد دخول دستور 2022 حيز التنفيذ والتطبيق منذ أوت من نفس السنة وأيضا بعد مباشرة البرلمان المنتخب في أواخر نفس العام لمهامه في مارس الماضي.
فالقرارات والإجراءات التي تكرس مكافحة غلاء الأسعار خاصة في ما يتعلق بمواد الاستهلاك والاستعمال الضرورية وتحرير بعضها الآخر واتخاذ إجراءات لم تمكن من الحد من سطوة المضاربين والمحتكرين والمهربين، وعدم التمكن بعد من رقمنة الإدارة والخدمات والنهوض بها والحد من معاناة المواطن والمستثمر في علاقة بمثل هذه الخدمات، كلها شواهد ومؤشرات تؤكد البون الشاسع بين ما تتم الدعوة إليه وما يتحقق على أرض الواقع. وهو ما دفع الخبير المختص في الجباية والاقتصاد محمد صالح العياري إلى تحميل مسؤولية هذا التباين في سياسة الدولة بين تلك التي يراها سعيد ويدفع لتكريسها والأخرى الموجودة على أرض الواقع، إلى دور الوزراء والحكومة ككل.
إذ سبق أن دعا عدد من السياسيين والأحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية ومختصون في مجالات اقتصادية وغيرها إلى ضرورة تغيير الحكومة أو مراجعة الخيارات في بعض الوزارات ومراكز القرار والإدارة والمرور إلى أخرى قادرة على ضمان الخروج من الوضع المتردي وتنفيذ سياسة الجمهورية الجديدة والقطع مع أساليب العمل القديمة، لعل آخرها ما ذهب له سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، بعد أن وجه نقده لحكومة الحشاني على اعتبار ارتكابها لأخطاء، معتبرا أن هناك عدة وزراء لا يقومون بشيء، داعيا في هذا السياق إلى ضرورة تغيير الحكومة ومراجعتها. لأنه يرى أن "رئيس الدولة عيّن وزراء لتسيير المرفق العمومي لكن من عيّنهم لم يعد لديهم ما يقدمون اليوم وقد بان بالكاشف فشلهم"، وفق تعبيره. وأكد الناصري ما ذهب له رئيس الجمهورية حول علاقة الحكومة برئاسة الجمهورية وغياب التناغم بين الطرفين وافتقاد العمل الحكومي مرورا بالوزراء وصولا إلى المسؤولين في الإدارة للسلاسة المطلوبة.
كما سبق أن دعا كل من عبد الرزاق الخلولي ومحمود بن مبروك عضوي المكتب السياسي لمسار 25 جويلية رئاسة الجمهورية إلى ضرورة القيام بمراجعات وإجراء تغيير في الحكومة وسد الشغورات في الوزارات والولاة بالتوجه إلى خيارات سياسية تكون أكثر كفاءة وقدرة على الفاعلية وتقديم الإضافة في العمل الرسمي للدولة في هذه المرحلة الصعبة.
ويذكر أن رئيس الجمهورية أكد بعد إقالته وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد في أكتوبر الماضي على "أن الدولة واحدة وموحدة ولها سياسة واحدة يخطها رئيس الجمهورية"، وبأنه لا يجب أن تعمل كل وزارة في معزل عن التوجه العام ويجب أن تتنزل التصريحات والمواقف "في إطار سياسة الدولة"، وهو تقريبا أحد أهم أسباب إقالة عدد من وزراء حكومته.
نزيهة الغضباني
-أحزاب داعمة للمسار.. سياسيون ومختصون يدعون إلى مراجعات وتحويرات في الحكومة
تونس – الصباح
اختزل محور اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى استقباله رئيس الحكومة أحمد الحشاني منذ ثلاثة أيام، الذي تناول سير العمل الحكومي وتأكيد سعيد بالخصوص "على ضرورة الانسجام في العمل الحكومي لأن الحكومة دورها مساعدة رئيس الجمهورية في ممارسة الوظيفة التنفيذية"، حقيقة الوضع والعلاقة بين رئاسة الجمهورية من ناحية ووزراء الحكومة من ناحية ثانية، باعتبار أن دستور 2022 يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة من أبرزها تعيين الحكومة وتحديد الخطوط الكبرى لسياسة الدولة، وفق ما ينص على ذلك الفصل السابع والثمانون من نفس الدستور ومفاده "رئيس الجمهورية يمارس الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة".
يأتي ذلك في الوقت الذي تكررت فيه الانتقادات الموجهة لوزراء حكومة نجلاء بودن في مرحلة سابقة وتواصلت بشكل أكبر منذ تولي خليفتها أحمد الحشاني مهامه في "القصبة" في أوت الماضي، حول عدم انسجام القرارات والإجراءات المتخذة من قبل عدة وزارات مع المبادئ والأهداف التي ما انفك يشدد عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد في توجهه لتكريس الدولة الاجتماعية بالأساس بما تعنيه من اهتمام ومزايا للقضاء أو الحد من الأزمات والاجتماعية وتداعيات النقائص والأزمات في هذا المستوى والمضي في تنفيذ سياسة إصلاحات شاملة تهدف في تفاصيلها وأبعادها إلى تكريس دولة القانون والمؤسسات وتضمن شروط العيش الكريم للمواطنين وتقدم وتوفر لهم القدر الممكن من الخدمات المطلوبة والمنتظرة في مجالات الصحة والنقل والتعليم وغيرها من الخدمات الإدارية والرقمنة.
وأكد أن رئيس الجمهورية في نفس اللقاء أن الدولة بالنسبة إلى المواطنين هي مجموع المرافق العمومية، ومن يسعى إلى تعطيل سيرها العادي ومن لا يستحضر مبدأ الحياد في كل عمل يقوم به، يمس بأمن الوطن وبحقوق المواطنين. مؤكدا على ضرورة أن يكون كل مسؤول داخل الدّولة مهما كانت درجة مسؤوليته مثالا في التعفف والتقشف ونكران الذّات.
ولئن وشدّد رئيس الجمهورية في لقائه بالحشاني على ضرورة أن تكون الإدارة العمومية بوجه عام في مستوى هذا المنعرج التاريخي الذي تعيشه بلادنا، فإن عديد الجهات والمتابعين لسير المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية منذ أكثر من عامين ونصف قد نبهوا إلى مثل هذه الهنات وإلى عدم التناغم بين ما يتم الدعوة إليه وما يقع تنفيذه أو الإجراءات التي يتم اتخاذها في عدة مجالات مع منحى سياسة سعيد في إدارة دواليب الدولة سواء في المرحلة الانتقالية الأولى لما بعد إجراءات وقرارات 25 جويلية 2021 أو بعد دخول دستور 2022 حيز التنفيذ والتطبيق منذ أوت من نفس السنة وأيضا بعد مباشرة البرلمان المنتخب في أواخر نفس العام لمهامه في مارس الماضي.
فالقرارات والإجراءات التي تكرس مكافحة غلاء الأسعار خاصة في ما يتعلق بمواد الاستهلاك والاستعمال الضرورية وتحرير بعضها الآخر واتخاذ إجراءات لم تمكن من الحد من سطوة المضاربين والمحتكرين والمهربين، وعدم التمكن بعد من رقمنة الإدارة والخدمات والنهوض بها والحد من معاناة المواطن والمستثمر في علاقة بمثل هذه الخدمات، كلها شواهد ومؤشرات تؤكد البون الشاسع بين ما تتم الدعوة إليه وما يتحقق على أرض الواقع. وهو ما دفع الخبير المختص في الجباية والاقتصاد محمد صالح العياري إلى تحميل مسؤولية هذا التباين في سياسة الدولة بين تلك التي يراها سعيد ويدفع لتكريسها والأخرى الموجودة على أرض الواقع، إلى دور الوزراء والحكومة ككل.
إذ سبق أن دعا عدد من السياسيين والأحزاب الداعمة لمسار 25 جويلية ومختصون في مجالات اقتصادية وغيرها إلى ضرورة تغيير الحكومة أو مراجعة الخيارات في بعض الوزارات ومراكز القرار والإدارة والمرور إلى أخرى قادرة على ضمان الخروج من الوضع المتردي وتنفيذ سياسة الجمهورية الجديدة والقطع مع أساليب العمل القديمة، لعل آخرها ما ذهب له سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، بعد أن وجه نقده لحكومة الحشاني على اعتبار ارتكابها لأخطاء، معتبرا أن هناك عدة وزراء لا يقومون بشيء، داعيا في هذا السياق إلى ضرورة تغيير الحكومة ومراجعتها. لأنه يرى أن "رئيس الدولة عيّن وزراء لتسيير المرفق العمومي لكن من عيّنهم لم يعد لديهم ما يقدمون اليوم وقد بان بالكاشف فشلهم"، وفق تعبيره. وأكد الناصري ما ذهب له رئيس الجمهورية حول علاقة الحكومة برئاسة الجمهورية وغياب التناغم بين الطرفين وافتقاد العمل الحكومي مرورا بالوزراء وصولا إلى المسؤولين في الإدارة للسلاسة المطلوبة.
كما سبق أن دعا كل من عبد الرزاق الخلولي ومحمود بن مبروك عضوي المكتب السياسي لمسار 25 جويلية رئاسة الجمهورية إلى ضرورة القيام بمراجعات وإجراء تغيير في الحكومة وسد الشغورات في الوزارات والولاة بالتوجه إلى خيارات سياسية تكون أكثر كفاءة وقدرة على الفاعلية وتقديم الإضافة في العمل الرسمي للدولة في هذه المرحلة الصعبة.
ويذكر أن رئيس الجمهورية أكد بعد إقالته وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد في أكتوبر الماضي على "أن الدولة واحدة وموحدة ولها سياسة واحدة يخطها رئيس الجمهورية"، وبأنه لا يجب أن تعمل كل وزارة في معزل عن التوجه العام ويجب أن تتنزل التصريحات والمواقف "في إطار سياسة الدولة"، وهو تقريبا أحد أهم أسباب إقالة عدد من وزراء حكومته.