إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أيام قرطاج المسرحية: "أمل" العراقية.. صراع النفس والحب والقتل

 

 

*للحروب انعكاساتها التي لا تتوقف بمجرد انتهاء الحرب..وقد تلازم الفرد طيلة حياته

 تونس-الصباح

لا لوحات راقصة يؤمها راقصون في شكل لوحات تعبيرية، ولا صوت ولا حضور لراوي، ولا تغييرات لديكور الركح فقط ديكور واحد، وممثلان وحيدان أديا دور الزوجين باسم وأمل وسط ديكور لغرفة سوداء تحتوي زيرا ضخما مليئا بالماء وأريكتان ومكتبة من الكتب وسرير، ورغم ذلك استطاعت مسرحية "أمل" العراقية المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية الغوص في طابهوات ليس المجتمع العراقي فقط بل المجتمع العربي بأكمله.

في منزل بسيط، تبدو حتى قطرات المطر تتساقط من سقفه انطلق العرض المسرحي بصرخة زوجة شابة تحاول الاتصال عبر هاتفها الجوال بطبيب أو سكرتير من أجل ضبط موعد لرغبتها في الاجهاض، بينما يعود زوجها إلى المنزل منهكا محمر الوجه بخطوات متثاقلة، وتخرج منه الحروف مختنقة.

جملة من الاضطرابات النفسية ألقت بظلالها على حياة الزوجين العاشقين، فيكف تحولت سعادة العاشقين إلى جحيم؟، هذا ما أجابت عنه "أمل" على خلفية انتشار الجثث والموت المجاني في طرقات المدينة التي يعيشان فيها بسبب القنص من طرف ملثمين أو تجار المخدرات.

ولكل واحد من الزوجين مشكلته النفسية العميقة فأمل لا تريد الانجاب خوفا من أن يقتل ابنها كما قتل أخاها، فهي اليتيمة التي بلا سند واعتقدت أن زوجها سيكون سندها، لكنها تصطدم بواقع مغاير مرير.

أما باسم الغارق في أحزانه ويعاني من اكتئاب حاد منذ مقتل والده أمام أعينه عندما كانا يسبحان معا في النهر ذات صيف حار، تعمقت كآبته أكثر بمقتل أخيه أيضا، حتى أصبح النوم يفارق جفونه لأيام طويلة.

كآبة باسم جعلته يصاب بضيق تنفس حاد، ويحتاج في كل مرة إما إلى بخاخة أو أن يلقي بوجهه وآلام نفسه في زير من الماء ليغتسل، ليمثل الماء النجاة بالنسبة إليه.

فلا الزوجة تحملت عبء الإنجاب في مثل هذه البيئة ولا الزوج استطاع التغلب على أحزانه.

وفي كل مرة تحاول فيها أمل الخروج من المنزل للذهاب إلى الطبيب يمنعها باسم بالقوة ورغم ذلك استطاعت أن تفلت من قبضته وتذهب وتركته غارقا في كآبته ملقيا جسده المتهالك على الأريكة، ولكنها سرعان ما تعود إليه...

عالجت مسرحية "أمل" الآثار النفسية القوية الناجمة عن الحروب وهي من الآثار المسكوت عنها، فللحروب انعكاساتها التي لا تتوقف بمجرد انتهاء الحرب بل تستمر لفترة طويلة وقد تلازم الفرد طيلة حياته.

ولم يكن اختيار أسماء البطلين اعتباطيا فأمل تحيا بلا أمل في مكان مزقته الحروب والمخاوف والقتل، وباسم ليس باسما بل هو كتلة من الحزن المدفون داخل روحه المتعبة بكوابيس مرعبة.

الصراع النفسي الذي ألم بالبطل نجح في تجسيده الممثل حيدر جمعة بصراخه عند الغضب من زوجته، أو تمزيقه الكتب من شدّة توتره أو حزنه، وبركضه على طول الركح بحثا عن بخاخة أو ماء.

"أمل" من تأليف واخراج جواد الأسدي، سينوغرافيا علي السوداني تمثيل الفنانين حيدر جمعة ورضاب أحمد.

درصاف اللموشي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 أيام قرطاج المسرحية:    "أمل" العراقية.. صراع النفس والحب والقتل

 

 

*للحروب انعكاساتها التي لا تتوقف بمجرد انتهاء الحرب..وقد تلازم الفرد طيلة حياته

 تونس-الصباح

لا لوحات راقصة يؤمها راقصون في شكل لوحات تعبيرية، ولا صوت ولا حضور لراوي، ولا تغييرات لديكور الركح فقط ديكور واحد، وممثلان وحيدان أديا دور الزوجين باسم وأمل وسط ديكور لغرفة سوداء تحتوي زيرا ضخما مليئا بالماء وأريكتان ومكتبة من الكتب وسرير، ورغم ذلك استطاعت مسرحية "أمل" العراقية المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية الغوص في طابهوات ليس المجتمع العراقي فقط بل المجتمع العربي بأكمله.

في منزل بسيط، تبدو حتى قطرات المطر تتساقط من سقفه انطلق العرض المسرحي بصرخة زوجة شابة تحاول الاتصال عبر هاتفها الجوال بطبيب أو سكرتير من أجل ضبط موعد لرغبتها في الاجهاض، بينما يعود زوجها إلى المنزل منهكا محمر الوجه بخطوات متثاقلة، وتخرج منه الحروف مختنقة.

جملة من الاضطرابات النفسية ألقت بظلالها على حياة الزوجين العاشقين، فيكف تحولت سعادة العاشقين إلى جحيم؟، هذا ما أجابت عنه "أمل" على خلفية انتشار الجثث والموت المجاني في طرقات المدينة التي يعيشان فيها بسبب القنص من طرف ملثمين أو تجار المخدرات.

ولكل واحد من الزوجين مشكلته النفسية العميقة فأمل لا تريد الانجاب خوفا من أن يقتل ابنها كما قتل أخاها، فهي اليتيمة التي بلا سند واعتقدت أن زوجها سيكون سندها، لكنها تصطدم بواقع مغاير مرير.

أما باسم الغارق في أحزانه ويعاني من اكتئاب حاد منذ مقتل والده أمام أعينه عندما كانا يسبحان معا في النهر ذات صيف حار، تعمقت كآبته أكثر بمقتل أخيه أيضا، حتى أصبح النوم يفارق جفونه لأيام طويلة.

كآبة باسم جعلته يصاب بضيق تنفس حاد، ويحتاج في كل مرة إما إلى بخاخة أو أن يلقي بوجهه وآلام نفسه في زير من الماء ليغتسل، ليمثل الماء النجاة بالنسبة إليه.

فلا الزوجة تحملت عبء الإنجاب في مثل هذه البيئة ولا الزوج استطاع التغلب على أحزانه.

وفي كل مرة تحاول فيها أمل الخروج من المنزل للذهاب إلى الطبيب يمنعها باسم بالقوة ورغم ذلك استطاعت أن تفلت من قبضته وتذهب وتركته غارقا في كآبته ملقيا جسده المتهالك على الأريكة، ولكنها سرعان ما تعود إليه...

عالجت مسرحية "أمل" الآثار النفسية القوية الناجمة عن الحروب وهي من الآثار المسكوت عنها، فللحروب انعكاساتها التي لا تتوقف بمجرد انتهاء الحرب بل تستمر لفترة طويلة وقد تلازم الفرد طيلة حياته.

ولم يكن اختيار أسماء البطلين اعتباطيا فأمل تحيا بلا أمل في مكان مزقته الحروب والمخاوف والقتل، وباسم ليس باسما بل هو كتلة من الحزن المدفون داخل روحه المتعبة بكوابيس مرعبة.

الصراع النفسي الذي ألم بالبطل نجح في تجسيده الممثل حيدر جمعة بصراخه عند الغضب من زوجته، أو تمزيقه الكتب من شدّة توتره أو حزنه، وبركضه على طول الركح بحثا عن بخاخة أو ماء.

"أمل" من تأليف واخراج جواد الأسدي، سينوغرافيا علي السوداني تمثيل الفنانين حيدر جمعة ورضاب أحمد.

درصاف اللموشي