إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أصبح يتطلب وقفة أخلاقية.. الذكاء الاصطناعي أمام تحديات مراعاة حقوق الإنسان

 

تونس -الصباح

اعتبر "ايريك فالت" مدير مكتب اليونسكو لمنطقة المغرب العربي، أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة للوصل بين الشعوب وليس معطلا وخانقا لهم، فتجميع المعطيات الشخصية لا يجب أن تكون في إطار مراقبة الأشخاص وجعلهم أقل حرية.

وبين "فالت"، أمس خلال افتتاح اليوم الدراسي حول فرص استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتعزيز حقوق الإنسان بالتوازي مع تعزيز التنمية الشاملة في الصناعة والصحة والتعليم فضلا عن توفيره لفرص الابتكار وتحسين جودة الحياة، أن التطور التكنولوجي يجب أن يساءل جديا بخصوص طبيعة الإنسان وحقوق الإنسان لإيجاد سبل حقيقية وعملية لاعتماده.

وكشف"فالت" أن 80% من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي تأتي من القطاع الخاص في دائرة ضيقة من الدول والأطراف التي هي بالأساس ذكورية ومتركزة في دول الشمال والتي تعمق الشرخ الرقمي بين دول الجنوب والشمال.

كما قال إن ''اليونيسكو" تبنت مؤخرا توصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، و"هي خطوة لا يجب أن نكتفي بها بل يجب التفكير جديا في المسائل المرتبطة بحقوق الإنسان"، واعتبر أن "الفرصة سانحة للتفكير جديا في هذه المسألة قبل يومين من الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و التركيز خاصة على الجانب الإنساني منها''، على حد تعبيره.

وأوصى مدير مكتب اليونسكو لمنطقة المغرب العربي، بتطوير اعتماد الذكاء الاصطناعي في خمسة مجالات أساسية، وهي التشريعية القانونية والاجتماعية الثقافية والعلمية والبنية الأساسية والمجال الاقتصادي، وهي نفس المجالات التي وردت في الوثيقة التقنية لليونسكو التي أعدتها في نوفمبر 2021 وتعد الأولى من نوعها في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي واعتمدتها جميع الدول الأعضاء 193.

من جانبه أوضح عبد الباسط بلحسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، إنه من غير الممكن أن نذهب نحو المدنيّة ومجتمعات أكثر إنسانية دون مقاربات حقوق الإنسان. وبين أن السؤال المحوري مع الذكاء الاصطناعي هو كيف نجعل هذه المنظومات التي تعمل على تجميع المعلومات وإعادة تنظيمها وتبويبها فرصة لخدمة الإنسان وتمكينه من تطور علمي وصحي وتقني.. دون الوقوع في تحدي المس من العلاقات الاجتماعية والسقوط بها في منحى الكراهية والعنف.. وأشار بلحسن إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من حياتنا، ويتطلب وقفة أخلاقية لا تتعلق بطريقة إنتاج التكنولوجيا بل أيضا بطريقة وصول هذه التكنولوجيا بطريقة متساوية إلى جميع المواطنات والمواطنين ضمن مقاربة تراعي حقوق الإنسان وتحمي الشعوب من شتى أشكال الانتهاكات.

وفي مداخلته حول الذكاء الاصطناعي وتعزيز التمتع بالحقوق وحرية التعبير والنفاذ للمعلومة، قال وليد الماجري مدير ومؤسس موقع الكتيبة، إن النقاش العالمي اليوم بالنسبة للذكاء الاصطناعي انقسم إلى جزأين الأول يرتبط بإيجاد منظومة تشريعية تنظم التعاطي مع الذكاء الاصطناعي في علاقة بضمان حقوق الإنسان، والثاني يتعلق بإيجاد مدونة أخلاق سلوكية للتعاطي مع الذكاء الاصطناعي.

وبين الماجري أنه وللأسف ورغم أهمية الموضوع مازالت النقاشات في ما يهم الذكاء الاصطناعي حكرا على الشركات الكبرى المختصة في التكنولوجيا بالتنسيق مع الدول الكبرى مثل الصين أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية.

وشدد الماجري في تصريحه لـ"الصباح" إن الذكاء الاصطناعي هو شكل جديد أكثر تطورا للنفاذ إلى المعرفة والفضاءات الرقمية وغيرها بطريقة أكثر سلاسة وتعقيدا وبشكل شبه مجاني أمام كلفة الانترنات. لكن هذا الجانب المضيء لا يمكنه أن يخفي أننا إلى غاية الآن ليس لنا إدراك حقيقي لطريقة إنتاج الذكاء الاصطناعي للمعلومات لفائدة المستخدمين، باعتبار انه ذكاء توليدي يقوم على توليد المعرفة بالمحاكاة دون إعادة النسخ. من التداعيات الواضحة للذكاء بالمحاكاة المس من الحقوق الفكرية والملكية الفكرية للمكتبات واللوحات الفنية… فالذكاء الاصطناعي يستغل ما هو إنتاج فني وإبداع إنساني كمعطيات من ضمن البيانات..

وأضاف وليد الماجري أن الذكاء الاصطناعي في الجزء الخاص بمحاكاة السلوك الإنساني، يطرح مشكل المسؤولية القانونية ففي صورة ارتكاب خطأ أو تجاوز أو انتهاك حق من الحقوق في الفضاء الرقمي، هل سيتحملها صاحب أو مسير أو مبرمج ما يطلق عليه بـ "الافاتار " أو "الافاتار" في حد ذاته..

ونبه مدير موقع الكتيبة إلى أنه ورغم أهمية الذكاء الاصطناعي والمنافع التي يمكن أن يقدمها للإنسانية فمن المهم أن نبقى واعين أننا نحن كمجتمعات ودول الجنوب بصدد استهلاك التكنولوجيا فقط، لا نصنعها وبالتالي فان استعمالاتنا للذكاء الاصطناعي يجب أن تتخذ في جزء كبير منها احتياطات حمائية للمعطيات الشخصية للأفراد والمواطنين حتى لا تتحول نعمة التطور إلى نقمة يتم عبرها انتهاك حقوق الإنسان وخصوصية الأفراد وتحد من حريتهم.

وللإشارة شهد اليوم الدراسي مشاركة لعدد من الخبراء والمختصين في مجال التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي كما سجل حضور الرئيس السابق لهيئة حماية المعطيات الشخصية شوقي قداس والمديرة العامة للوكالة التونسية للأنترنات التي اكتفت بتقديم عرض لإستراتيجية انتقال رقمي إلى غاية أفق سنة 2025.

ريم سوودي

 

 

أصبح يتطلب وقفة أخلاقية..   الذكاء الاصطناعي أمام تحديات مراعاة حقوق الإنسان

 

تونس -الصباح

اعتبر "ايريك فالت" مدير مكتب اليونسكو لمنطقة المغرب العربي، أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون أداة للوصل بين الشعوب وليس معطلا وخانقا لهم، فتجميع المعطيات الشخصية لا يجب أن تكون في إطار مراقبة الأشخاص وجعلهم أقل حرية.

وبين "فالت"، أمس خلال افتتاح اليوم الدراسي حول فرص استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة لتعزيز حقوق الإنسان بالتوازي مع تعزيز التنمية الشاملة في الصناعة والصحة والتعليم فضلا عن توفيره لفرص الابتكار وتحسين جودة الحياة، أن التطور التكنولوجي يجب أن يساءل جديا بخصوص طبيعة الإنسان وحقوق الإنسان لإيجاد سبل حقيقية وعملية لاعتماده.

وكشف"فالت" أن 80% من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي تأتي من القطاع الخاص في دائرة ضيقة من الدول والأطراف التي هي بالأساس ذكورية ومتركزة في دول الشمال والتي تعمق الشرخ الرقمي بين دول الجنوب والشمال.

كما قال إن ''اليونيسكو" تبنت مؤخرا توصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، و"هي خطوة لا يجب أن نكتفي بها بل يجب التفكير جديا في المسائل المرتبطة بحقوق الإنسان"، واعتبر أن "الفرصة سانحة للتفكير جديا في هذه المسألة قبل يومين من الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و التركيز خاصة على الجانب الإنساني منها''، على حد تعبيره.

وأوصى مدير مكتب اليونسكو لمنطقة المغرب العربي، بتطوير اعتماد الذكاء الاصطناعي في خمسة مجالات أساسية، وهي التشريعية القانونية والاجتماعية الثقافية والعلمية والبنية الأساسية والمجال الاقتصادي، وهي نفس المجالات التي وردت في الوثيقة التقنية لليونسكو التي أعدتها في نوفمبر 2021 وتعد الأولى من نوعها في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي واعتمدتها جميع الدول الأعضاء 193.

من جانبه أوضح عبد الباسط بلحسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان، إنه من غير الممكن أن نذهب نحو المدنيّة ومجتمعات أكثر إنسانية دون مقاربات حقوق الإنسان. وبين أن السؤال المحوري مع الذكاء الاصطناعي هو كيف نجعل هذه المنظومات التي تعمل على تجميع المعلومات وإعادة تنظيمها وتبويبها فرصة لخدمة الإنسان وتمكينه من تطور علمي وصحي وتقني.. دون الوقوع في تحدي المس من العلاقات الاجتماعية والسقوط بها في منحى الكراهية والعنف.. وأشار بلحسن إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من حياتنا، ويتطلب وقفة أخلاقية لا تتعلق بطريقة إنتاج التكنولوجيا بل أيضا بطريقة وصول هذه التكنولوجيا بطريقة متساوية إلى جميع المواطنات والمواطنين ضمن مقاربة تراعي حقوق الإنسان وتحمي الشعوب من شتى أشكال الانتهاكات.

وفي مداخلته حول الذكاء الاصطناعي وتعزيز التمتع بالحقوق وحرية التعبير والنفاذ للمعلومة، قال وليد الماجري مدير ومؤسس موقع الكتيبة، إن النقاش العالمي اليوم بالنسبة للذكاء الاصطناعي انقسم إلى جزأين الأول يرتبط بإيجاد منظومة تشريعية تنظم التعاطي مع الذكاء الاصطناعي في علاقة بضمان حقوق الإنسان، والثاني يتعلق بإيجاد مدونة أخلاق سلوكية للتعاطي مع الذكاء الاصطناعي.

وبين الماجري أنه وللأسف ورغم أهمية الموضوع مازالت النقاشات في ما يهم الذكاء الاصطناعي حكرا على الشركات الكبرى المختصة في التكنولوجيا بالتنسيق مع الدول الكبرى مثل الصين أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية.

وشدد الماجري في تصريحه لـ"الصباح" إن الذكاء الاصطناعي هو شكل جديد أكثر تطورا للنفاذ إلى المعرفة والفضاءات الرقمية وغيرها بطريقة أكثر سلاسة وتعقيدا وبشكل شبه مجاني أمام كلفة الانترنات. لكن هذا الجانب المضيء لا يمكنه أن يخفي أننا إلى غاية الآن ليس لنا إدراك حقيقي لطريقة إنتاج الذكاء الاصطناعي للمعلومات لفائدة المستخدمين، باعتبار انه ذكاء توليدي يقوم على توليد المعرفة بالمحاكاة دون إعادة النسخ. من التداعيات الواضحة للذكاء بالمحاكاة المس من الحقوق الفكرية والملكية الفكرية للمكتبات واللوحات الفنية… فالذكاء الاصطناعي يستغل ما هو إنتاج فني وإبداع إنساني كمعطيات من ضمن البيانات..

وأضاف وليد الماجري أن الذكاء الاصطناعي في الجزء الخاص بمحاكاة السلوك الإنساني، يطرح مشكل المسؤولية القانونية ففي صورة ارتكاب خطأ أو تجاوز أو انتهاك حق من الحقوق في الفضاء الرقمي، هل سيتحملها صاحب أو مسير أو مبرمج ما يطلق عليه بـ "الافاتار " أو "الافاتار" في حد ذاته..

ونبه مدير موقع الكتيبة إلى أنه ورغم أهمية الذكاء الاصطناعي والمنافع التي يمكن أن يقدمها للإنسانية فمن المهم أن نبقى واعين أننا نحن كمجتمعات ودول الجنوب بصدد استهلاك التكنولوجيا فقط، لا نصنعها وبالتالي فان استعمالاتنا للذكاء الاصطناعي يجب أن تتخذ في جزء كبير منها احتياطات حمائية للمعطيات الشخصية للأفراد والمواطنين حتى لا تتحول نعمة التطور إلى نقمة يتم عبرها انتهاك حقوق الإنسان وخصوصية الأفراد وتحد من حريتهم.

وللإشارة شهد اليوم الدراسي مشاركة لعدد من الخبراء والمختصين في مجال التكنولوجيا الرقمية والذكاء الاصطناعي كما سجل حضور الرئيس السابق لهيئة حماية المعطيات الشخصية شوقي قداس والمديرة العامة للوكالة التونسية للأنترنات التي اكتفت بتقديم عرض لإستراتيجية انتقال رقمي إلى غاية أفق سنة 2025.

ريم سوودي