إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النائب عبد الحليم بوسمة لـ"الصباح": مشروع قانون المالية لم يحد عن سابقيه واعتمد أساسا على الاقتراض الداخلي والخارجي

 

- نقطة ضعف قانون المالية هو الميزانية المخصصة للتنمية التي لا تحقق الحد الأدنى من الحاجيات

- لا بد من تنقيح بعض القوانين الاقتصادية الهامة لتحفيز الاستثمار مثل قانون الصرف وتعديل فصول في مجلة الاستثمار

- ضرورة التسريع في المصالحة الشاملة وطي صفحة الماضي والانكباب على البناء

- على الدولة رفع كل العراقيل أمام المشاريع العمومية المعطلة منذ سنوات

تونس-الصباح

ينهي مجلس نواب الشعب خلال الساعات القادمة مناقشة قانون المالية لسنة 2024 والمصادقة عليه باعتبار أن الأجل المحدد قانونيا لذاك هو يوم الأحد. ومن خلال جلسات الحوار والنقاش العام، فان المشروع رافقته عديد الانتقادات والأسئلة حول مدى قدرته على الخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية وإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني ومجابهة أعباء المالية العمومية وترميم المقدرة الشرائية للمواطن .

هذه الأسئلة وغيرها من المسائل المتعلقة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد نقلناها إلى النائب غير المنتمي عبد الحليم بوسمة..، فكان هذا الحوار.

حاوره: سفيان رجب

*رغم كل الانتقادات التي وجهت في الجلسات العامة لمناقشة قانون المالية من الواضح انه سيتم التصويت عليه برمته دون المساس بجوهر ما جاء فيه تقريبا؟

- فعلا من المتوقع ان يتم التصويت على مشروع القانون برمته في الآجال الدستورية المحددة من منطلق مسؤوليتنا كبرلمان في عدم تعطيل دواليب الدولة وخاصة من أجل تيسير التفاوض مع المؤسسات المالية المانحة لتمويل حاجيات الميزانية . من ذلك أن من بين أسباب تأجيل زيارة وفد صندوق النقد الدولي هو المصادقة على مشروع قانون المالية أولا.

* ما هي أهم المؤاخذات الكبرى على قانون المالية؟

- في الحقيقة لم يحد مشروع قانون المالية هذا عن سابقيه وعن بقية المشاريع التي قدمتها الحكومات السابقة حيث حافظ على نسبة مديونية عالية ومواصله على نفس النهج وهو التعويل على الاقتراض الداخلي والخارجي، مقابل إتباع سياسة تقشفية في الضغط على كتلة الأجور وعدم الترفيع في ميزانيات الوزارات ذات الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتربية والتعليم وغيرها . كذلك لم يخصص هذا القانون إجراءات عملية لمقاومة ارتفاع الأسعار وترميم المقدرة الشرائية للمواطن وتحسين أوضاع الطبقات الوسطى والضعيفة، هذا دون أن ننسى مواصلة الضغط الجبائي على الشركات وعلى القطاع المنظم رغم الظرفية الاقتصادية الصعبة مقابل عدم اتخاذ إجراءات عملية لإدماج الاقتصاد الموازي الذي يتجاوز 50 بالمائة اليوم .

وأهم معضلة ونقطة ضعف أساسية لهذا القانون هو الميزانية المخصصة للتنمية (5،7) مليار والتي لا تحقق الحد الأدنى من حاجات البلاد والجهات إلى مشاريع تنموية في كل القطاعات.

*لكن الحكومة تعتبر أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان ولابد من الاقتراض للإيفاء بالتزامات الدولة وفق تصريحات وزيرة المالية؟

-لا أعتقد ذلك لعدة اعتبارات منها أن مواصلة الاقتراض للإيفاء بالالتزامات اعتبره تصورا لا يتماشى وخيارات الرئيس قيس سعيد الذي رفض في العلن أي إملاءات للمؤسسات المالية المانحة ورفع شعار التعويل على الذات، لكن مشروع قانون المالية هذا وخيارات وزرائه إلى حد الآن لا تستجيب لهذا الخيار والتوجه...

*كيف يمكن في تقديرك التعويل على الذات في ظل هذه المديونية والجفاف والركود الاقتصادي؟

-التعويل على الذات اليوم أصبح أكثر من ضرورة ويجب أن تكون الدولة أول المكرسين لهذه السياسة من خلال أولا، رفع كل العراقيل أمام المشاريع العمومية المعطلة منذ سنوات وإطلاق إنجازها في أفضل الآجال. وثانيا، إيجاد حلول واتفاقيات في كل المشاريع الكبرى الأجنبية المعطلة في تونس حتى ما قبل الثورة وتجنب النزاعات القضائية الدولية.

وثالثا، لابد من ترجمة خيار الرئيس في عدم التفويت في المؤسسات العمومية وإعادة هيكلتها وإنقاذها وتعيين كفاءات وطنية على رأسها قادرة على الإنقاذ والاستثمار في إعادتها إلى الإنتاج.

كذلك لا بد من تغيير التشريعات والقوانين المكبلة للاقتصاد وإلغاء الرخص وتقديم كل الحوافز الضرورية للاستثمار في مشاريع الطاقات البديلة والجديدة ورسكلة النفايات ومحطات معالجة المياه والفلاحة العصرية وغيرها من القطاعات ذات المردودية العالية.

فضلا على تطوير الصادرات التونسية باتجاه إفريقيا والوجهات الواعدة وتنشيط الديبلوماسية الاقتصادية لجلب استثمارات أجنبية.

ومن الضروري اليوم التعويل على الذات ودفع خلق الثروة، وتحسين نسب النمو، ولا يكون ذلك إلا بمحركين أساسيين هما الاستثمار الداخلي والخارجي من جهة، وتطوير صادرات البلاد وعائداتها من العملة الصعبة من جهة أخرى .

*انتقادات عديدة من نائب في البرلمان الأكيد أن لديه مبادرات تشريعية..، فما هي القوانين والإصلاحات التشريعية ذات الأولوية حسب رأيك؟

- في تقديري يجب أن ينكب البرلمان في المرحلة القادمة على تنقيح بعض القوانين الاقتصادية الهامة لتحفيز الاستثمار مثل قانون الصرف وتعديل بعض الفصول في مجلة الاستثمار وتنقيح الفصل 411 من المجلة الجزائية واستبدال العقوبة السالبة للحرية في مخالفات الصك دون رصيد بعقوبات مغايرة.

كذلك لا بد من الاشتغال على عديد القوانين الأخرى لتحسين المقدرة الشرائية للمواطن وأهمها مراجعة قانون المنافسة والأسعار للحد من هامش الربح وتعزيز آليات الرقابة على مسالك التوزيع، علاوة على ذلك الحد من التوريد العشوائي لعديد السلع، مقابل تحرير توريد بعض المواد الأساسية الأخرى وترشيد الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه وعدم استنزاف المالية العمومية في أعباء دعم تتمتع بجزء كبير منه المؤسسات الاقتصادية و غيرها .

*بعيدا عن قانون المالية والإشكاليات الاقتصادية، أعلن رئيس الجمهورية عن التوجه لتنقيح مرسوم الصلح بمشروع قانون قد يعرض على مجلس النواب في الأيام القادمة..، فكيف تنظرون إلى هذا الملف وهل تدعمون فكرة المصالحة الشاملة؟

-أنا شخصيا مع المصالحة الشاملة وطي صفحة الماضي والانكباب على البناء لان الوضع الاقتصادي والاجتماعي لم يعد يتحمل التأجيل. والصلح الجزائي فرصة هامة لاستثمارها في تمكين رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الذين تمتعوا بامتيازات تمس المال العام من المصالحة والتعويض للدولة والعودة إلى العمل والاستثمار بعيدا عن كل أشكال الابتزاز والمقايضة التي خضعوا لها على امتداد السنوات الماضية من الأحزاب وبعض أطراف الحكم.

واعتقد أن هذا القانون يجب أن يتم التسريع في سنه وتنفيذ عمليات الصلح في أفضل الآجال بعيدا عن إمكانيات تدمير المؤسسات والتشهير بالناس والتشفي .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

النائب عبد الحليم بوسمة لـ"الصباح":  مشروع قانون المالية لم يحد عن سابقيه واعتمد أساسا على الاقتراض الداخلي والخارجي

 

- نقطة ضعف قانون المالية هو الميزانية المخصصة للتنمية التي لا تحقق الحد الأدنى من الحاجيات

- لا بد من تنقيح بعض القوانين الاقتصادية الهامة لتحفيز الاستثمار مثل قانون الصرف وتعديل فصول في مجلة الاستثمار

- ضرورة التسريع في المصالحة الشاملة وطي صفحة الماضي والانكباب على البناء

- على الدولة رفع كل العراقيل أمام المشاريع العمومية المعطلة منذ سنوات

تونس-الصباح

ينهي مجلس نواب الشعب خلال الساعات القادمة مناقشة قانون المالية لسنة 2024 والمصادقة عليه باعتبار أن الأجل المحدد قانونيا لذاك هو يوم الأحد. ومن خلال جلسات الحوار والنقاش العام، فان المشروع رافقته عديد الانتقادات والأسئلة حول مدى قدرته على الخروج بالبلاد من أزمتها الاقتصادية وإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني ومجابهة أعباء المالية العمومية وترميم المقدرة الشرائية للمواطن .

هذه الأسئلة وغيرها من المسائل المتعلقة بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد نقلناها إلى النائب غير المنتمي عبد الحليم بوسمة..، فكان هذا الحوار.

حاوره: سفيان رجب

*رغم كل الانتقادات التي وجهت في الجلسات العامة لمناقشة قانون المالية من الواضح انه سيتم التصويت عليه برمته دون المساس بجوهر ما جاء فيه تقريبا؟

- فعلا من المتوقع ان يتم التصويت على مشروع القانون برمته في الآجال الدستورية المحددة من منطلق مسؤوليتنا كبرلمان في عدم تعطيل دواليب الدولة وخاصة من أجل تيسير التفاوض مع المؤسسات المالية المانحة لتمويل حاجيات الميزانية . من ذلك أن من بين أسباب تأجيل زيارة وفد صندوق النقد الدولي هو المصادقة على مشروع قانون المالية أولا.

* ما هي أهم المؤاخذات الكبرى على قانون المالية؟

- في الحقيقة لم يحد مشروع قانون المالية هذا عن سابقيه وعن بقية المشاريع التي قدمتها الحكومات السابقة حيث حافظ على نسبة مديونية عالية ومواصله على نفس النهج وهو التعويل على الاقتراض الداخلي والخارجي، مقابل إتباع سياسة تقشفية في الضغط على كتلة الأجور وعدم الترفيع في ميزانيات الوزارات ذات الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتربية والتعليم وغيرها . كذلك لم يخصص هذا القانون إجراءات عملية لمقاومة ارتفاع الأسعار وترميم المقدرة الشرائية للمواطن وتحسين أوضاع الطبقات الوسطى والضعيفة، هذا دون أن ننسى مواصلة الضغط الجبائي على الشركات وعلى القطاع المنظم رغم الظرفية الاقتصادية الصعبة مقابل عدم اتخاذ إجراءات عملية لإدماج الاقتصاد الموازي الذي يتجاوز 50 بالمائة اليوم .

وأهم معضلة ونقطة ضعف أساسية لهذا القانون هو الميزانية المخصصة للتنمية (5،7) مليار والتي لا تحقق الحد الأدنى من حاجات البلاد والجهات إلى مشاريع تنموية في كل القطاعات.

*لكن الحكومة تعتبر أنه لم يكن بالإمكان أفضل مما كان ولابد من الاقتراض للإيفاء بالتزامات الدولة وفق تصريحات وزيرة المالية؟

-لا أعتقد ذلك لعدة اعتبارات منها أن مواصلة الاقتراض للإيفاء بالالتزامات اعتبره تصورا لا يتماشى وخيارات الرئيس قيس سعيد الذي رفض في العلن أي إملاءات للمؤسسات المالية المانحة ورفع شعار التعويل على الذات، لكن مشروع قانون المالية هذا وخيارات وزرائه إلى حد الآن لا تستجيب لهذا الخيار والتوجه...

*كيف يمكن في تقديرك التعويل على الذات في ظل هذه المديونية والجفاف والركود الاقتصادي؟

-التعويل على الذات اليوم أصبح أكثر من ضرورة ويجب أن تكون الدولة أول المكرسين لهذه السياسة من خلال أولا، رفع كل العراقيل أمام المشاريع العمومية المعطلة منذ سنوات وإطلاق إنجازها في أفضل الآجال. وثانيا، إيجاد حلول واتفاقيات في كل المشاريع الكبرى الأجنبية المعطلة في تونس حتى ما قبل الثورة وتجنب النزاعات القضائية الدولية.

وثالثا، لابد من ترجمة خيار الرئيس في عدم التفويت في المؤسسات العمومية وإعادة هيكلتها وإنقاذها وتعيين كفاءات وطنية على رأسها قادرة على الإنقاذ والاستثمار في إعادتها إلى الإنتاج.

كذلك لا بد من تغيير التشريعات والقوانين المكبلة للاقتصاد وإلغاء الرخص وتقديم كل الحوافز الضرورية للاستثمار في مشاريع الطاقات البديلة والجديدة ورسكلة النفايات ومحطات معالجة المياه والفلاحة العصرية وغيرها من القطاعات ذات المردودية العالية.

فضلا على تطوير الصادرات التونسية باتجاه إفريقيا والوجهات الواعدة وتنشيط الديبلوماسية الاقتصادية لجلب استثمارات أجنبية.

ومن الضروري اليوم التعويل على الذات ودفع خلق الثروة، وتحسين نسب النمو، ولا يكون ذلك إلا بمحركين أساسيين هما الاستثمار الداخلي والخارجي من جهة، وتطوير صادرات البلاد وعائداتها من العملة الصعبة من جهة أخرى .

*انتقادات عديدة من نائب في البرلمان الأكيد أن لديه مبادرات تشريعية..، فما هي القوانين والإصلاحات التشريعية ذات الأولوية حسب رأيك؟

- في تقديري يجب أن ينكب البرلمان في المرحلة القادمة على تنقيح بعض القوانين الاقتصادية الهامة لتحفيز الاستثمار مثل قانون الصرف وتعديل بعض الفصول في مجلة الاستثمار وتنقيح الفصل 411 من المجلة الجزائية واستبدال العقوبة السالبة للحرية في مخالفات الصك دون رصيد بعقوبات مغايرة.

كذلك لا بد من الاشتغال على عديد القوانين الأخرى لتحسين المقدرة الشرائية للمواطن وأهمها مراجعة قانون المنافسة والأسعار للحد من هامش الربح وتعزيز آليات الرقابة على مسالك التوزيع، علاوة على ذلك الحد من التوريد العشوائي لعديد السلع، مقابل تحرير توريد بعض المواد الأساسية الأخرى وترشيد الدعم وتوجيهه إلى مستحقيه وعدم استنزاف المالية العمومية في أعباء دعم تتمتع بجزء كبير منه المؤسسات الاقتصادية و غيرها .

*بعيدا عن قانون المالية والإشكاليات الاقتصادية، أعلن رئيس الجمهورية عن التوجه لتنقيح مرسوم الصلح بمشروع قانون قد يعرض على مجلس النواب في الأيام القادمة..، فكيف تنظرون إلى هذا الملف وهل تدعمون فكرة المصالحة الشاملة؟

-أنا شخصيا مع المصالحة الشاملة وطي صفحة الماضي والانكباب على البناء لان الوضع الاقتصادي والاجتماعي لم يعد يتحمل التأجيل. والصلح الجزائي فرصة هامة لاستثمارها في تمكين رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الذين تمتعوا بامتيازات تمس المال العام من المصالحة والتعويض للدولة والعودة إلى العمل والاستثمار بعيدا عن كل أشكال الابتزاز والمقايضة التي خضعوا لها على امتداد السنوات الماضية من الأحزاب وبعض أطراف الحكم.

واعتقد أن هذا القانون يجب أن يتم التسريع في سنه وتنفيذ عمليات الصلح في أفضل الآجال بعيدا عن إمكانيات تدمير المؤسسات والتشهير بالناس والتشفي .