وكأنما أصيبت الهيئات الحقوقية والمنظمات الإنسانية بالصمم أو كأن الصدمة التي أصابتها جعلتها تعجز عن التنديد بما تصنعه آلة الاحتلال الإسرائيلي في غزة بالمدنيين من أطفال ونساء وشباب وشيوخ أو كأنها استسلمت للواقع وانساقت لتتار العصر ترصد شلال الدم اليومي في غزة قبل أن يمتد الى الضفة وتحصي مخلفات عمليات القصف الهمجي وما تخلفه القنابل الفسفورية والأسلحة المحرمة دوليا من مشاهد باتت تخجل الأعين من متابعتها وتعجز الكلمات عن وصفها.. نعم إنهم لم يتركوا جرما لم يقترفوه في حق البشر والشجر والحجر وقد جعلوا من غزة جحيما مفتوحا لا مستقر له.. وفي الوقت الذي لا يجد الأهالي وقودا للتدفئة أو لطهي الطعام أو لتوفير ما يحتاجه الأهالي من خدمات فان الآليات العسكرية والدبابات والمجنزرات والمسيرات لا تتوقف على ارض غزة وفي سمائها فهي في سباق مع الموت توزعه دون هوادة في كل مكان وتزرع معه الخراب والدمار ..
المشهد القادم من المحتشدات الإسرائيلية لعشرات الفلسطينيين وقد ظهروا عراة حفاة يفترشون الأرض وأيديهم وثقت خلفهم وهم يقبعون على التراب وقد تناثرت أحذيتهم أمامهم في مكان ما يقول البعض انه بيت لاهيا ويقول آخرون إنه لم يكن بالإمكان التحقق من الموقع ..كان واضحا أنهم يرتجفون من البرد وأنهم لا يملكون الاعتراض أو رفض ما يتعرضون له من إذلال ومهانة تحت أنظار جيش الاحتلال الذي قام بنقل الموقوفين لاحقا الى مكان مجهول.. نعم هو زمن المحتشدات كما في زمن النازيين وهو أيضا استكمال لفصول محرقة القرن التي تأبى أن تنتهي وهي محرقة من إنتاج من يعتبر نفسه شعب الله المختار وبأنه نجا من محرقة النازيين.. والحقيقة أنه لا يمكن لعاقل أن يفهم أو يقبل كيف لمن كان ضحية للنازية أن يقترف الجريمة ذاتها في حق من اقتسم معه الأرض ومنحه في وقت ما الأمان ووفر له الحماية من النازيين ...
صور المعتقلين العراة نشرتها وسائل إعلام عبرية واختارت أن يكون توقيتها في أوقات الذروة لضمان أوسع انتشار لها بالنظر الى وقع الصورة وما تحتمله من رسائل دنيئة لا تخفى على مراقب وهي صور أريد من خلال إظهار أصحابها عراة إلا من ملابس داخلية ورؤوسهم الى الأسفل إذلالا لأهالي غزة وحدهم ولكن إذلال كل الفلسطينيين وكل العرب شعوبا وأنظمة وهم الذين ما انفكوا يتابعون ما يحدث في عجز وشلل وحنق..
مع انقضاء كل يوم يكتشف العالم كل يوم المزيد من فظاعات كيان الاحتلال الإسرائيلي ومع انقضاء كل يوم تكشف حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية عن أسوأ وأبشع ما فيها من أحقاد دفينة ومن عقيدة انتقامية وإصرار على ثقافة العقوبات الجماعية ...
ثلاثة وستون يوما مرت على المجازر المفتوحة في حق أهالي غزة وفي كل يوم تقدم إسرائيل على تعرية المزيد من عقلية الابرتاييد التي تقودها والتي تجاوزت بشهادات مناضلين في جنوب إفريقيا ما كانت تقترفه حكومة بريتوريا في حق الأغلبية السود من السكان الأصليين في جنوب إفريقيا.. لم تترك سلطات الاحتلال بعسكرييها وسياسييها ومستوطنيها جرما لم يقترفوه من التصفية العرقية باستهداف المستشفيات والمدارس والمؤسسات الأممية ومقرات الصليب الأحمر والأنروا الى البيوت والأحياء التي دمرت على رؤوس ساكنيها الى غرف العمليات فلم تستثن مولودا جديدا أو رضيعا أو امرأة حاملا أو طفلا أو شيخا.. وكلما تنقل الأهالي من الشمال الى الجنوب بتحريض من قوات الاحتلال إلا ولاحقتهم الصواريخ على الطرقات وفي المخيمات وحتى في سيارات الإسعاف ..
رغم كل الاحتجاجات والمظاهرات التي هزت العواصم العالمية لم تتراجع إسرائيل ولم توقف آلة القتل ولم تتحرج ولم تواجه ضغوطات تذكر من حلفائها وداعميها ومموليها بالعتاد والسلاح بالتوقف عن المحارق التي تقودها حتى تجاوز الدمار الذي لحق بالجزء الشمالي منها خلال أقل من شهرين ما سببه الحلفاء للمدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية خلال ست سنوات، بل انه وحسب تقرير فايننشيال تايمز» فما تم تدميره من مبانٍ في جزء غزة الشمالي بلغ 68 % بينما بلغ التدمير في مدن ألمانيا 50 % لكن ممكنات الحياة بقيت هناك ولم يكن هناك قرار بإعدامها كما يحدث في غزة الآن...
لم يتركوا جرما لم يقترفوه وهم معذورون فلديهم اعتقاد بأنه كلما استمرت الفظاعات وكلما تكدست الجثث وكلما أهين المرء في أهله وجسده يعتقدون أنهم يؤدبون الفلسطينيين ويمنعونهم من العودة الى المقاومة ويضمنون بذلك أمنهم واستقرارهم وسرقة الأرض وما عليها.. طبعا يراهن كيان الاحتلال على الفيتو الأمريكي لإجهاض المسعى الأخير للامين العام للأمم المتحدة لاعتماد البند 99 وإنهاء الجرائم المقترفة في غزة ...ويعتقدون أن في دعم واشنطن وإدارة بايدن اللامحدود لهم سيحقق أهدافهم في القضاء على المقاومة واقتلاعها من الأرض.. قد يتمكنون من ذلك ولو الى حين.. ولكن للتاريخ أحكامه ودروسه التي لا تقبل باستمرار الظلم والغطرسة الى ما لا نهاية.. غزة التي ارتبطت عبر العصور بكل معاني العزة جريحة وتنزف وستحتاج لوقت طويل قبل أن تبلسم جراحها وتعود ولو بعد أجيال الى عهدها .. آسيا العتروس
وكأنما أصيبت الهيئات الحقوقية والمنظمات الإنسانية بالصمم أو كأن الصدمة التي أصابتها جعلتها تعجز عن التنديد بما تصنعه آلة الاحتلال الإسرائيلي في غزة بالمدنيين من أطفال ونساء وشباب وشيوخ أو كأنها استسلمت للواقع وانساقت لتتار العصر ترصد شلال الدم اليومي في غزة قبل أن يمتد الى الضفة وتحصي مخلفات عمليات القصف الهمجي وما تخلفه القنابل الفسفورية والأسلحة المحرمة دوليا من مشاهد باتت تخجل الأعين من متابعتها وتعجز الكلمات عن وصفها.. نعم إنهم لم يتركوا جرما لم يقترفوه في حق البشر والشجر والحجر وقد جعلوا من غزة جحيما مفتوحا لا مستقر له.. وفي الوقت الذي لا يجد الأهالي وقودا للتدفئة أو لطهي الطعام أو لتوفير ما يحتاجه الأهالي من خدمات فان الآليات العسكرية والدبابات والمجنزرات والمسيرات لا تتوقف على ارض غزة وفي سمائها فهي في سباق مع الموت توزعه دون هوادة في كل مكان وتزرع معه الخراب والدمار ..
المشهد القادم من المحتشدات الإسرائيلية لعشرات الفلسطينيين وقد ظهروا عراة حفاة يفترشون الأرض وأيديهم وثقت خلفهم وهم يقبعون على التراب وقد تناثرت أحذيتهم أمامهم في مكان ما يقول البعض انه بيت لاهيا ويقول آخرون إنه لم يكن بالإمكان التحقق من الموقع ..كان واضحا أنهم يرتجفون من البرد وأنهم لا يملكون الاعتراض أو رفض ما يتعرضون له من إذلال ومهانة تحت أنظار جيش الاحتلال الذي قام بنقل الموقوفين لاحقا الى مكان مجهول.. نعم هو زمن المحتشدات كما في زمن النازيين وهو أيضا استكمال لفصول محرقة القرن التي تأبى أن تنتهي وهي محرقة من إنتاج من يعتبر نفسه شعب الله المختار وبأنه نجا من محرقة النازيين.. والحقيقة أنه لا يمكن لعاقل أن يفهم أو يقبل كيف لمن كان ضحية للنازية أن يقترف الجريمة ذاتها في حق من اقتسم معه الأرض ومنحه في وقت ما الأمان ووفر له الحماية من النازيين ...
صور المعتقلين العراة نشرتها وسائل إعلام عبرية واختارت أن يكون توقيتها في أوقات الذروة لضمان أوسع انتشار لها بالنظر الى وقع الصورة وما تحتمله من رسائل دنيئة لا تخفى على مراقب وهي صور أريد من خلال إظهار أصحابها عراة إلا من ملابس داخلية ورؤوسهم الى الأسفل إذلالا لأهالي غزة وحدهم ولكن إذلال كل الفلسطينيين وكل العرب شعوبا وأنظمة وهم الذين ما انفكوا يتابعون ما يحدث في عجز وشلل وحنق..
مع انقضاء كل يوم يكتشف العالم كل يوم المزيد من فظاعات كيان الاحتلال الإسرائيلي ومع انقضاء كل يوم تكشف حكومة نتنياهو اليمينية العنصرية عن أسوأ وأبشع ما فيها من أحقاد دفينة ومن عقيدة انتقامية وإصرار على ثقافة العقوبات الجماعية ...
ثلاثة وستون يوما مرت على المجازر المفتوحة في حق أهالي غزة وفي كل يوم تقدم إسرائيل على تعرية المزيد من عقلية الابرتاييد التي تقودها والتي تجاوزت بشهادات مناضلين في جنوب إفريقيا ما كانت تقترفه حكومة بريتوريا في حق الأغلبية السود من السكان الأصليين في جنوب إفريقيا.. لم تترك سلطات الاحتلال بعسكرييها وسياسييها ومستوطنيها جرما لم يقترفوه من التصفية العرقية باستهداف المستشفيات والمدارس والمؤسسات الأممية ومقرات الصليب الأحمر والأنروا الى البيوت والأحياء التي دمرت على رؤوس ساكنيها الى غرف العمليات فلم تستثن مولودا جديدا أو رضيعا أو امرأة حاملا أو طفلا أو شيخا.. وكلما تنقل الأهالي من الشمال الى الجنوب بتحريض من قوات الاحتلال إلا ولاحقتهم الصواريخ على الطرقات وفي المخيمات وحتى في سيارات الإسعاف ..
رغم كل الاحتجاجات والمظاهرات التي هزت العواصم العالمية لم تتراجع إسرائيل ولم توقف آلة القتل ولم تتحرج ولم تواجه ضغوطات تذكر من حلفائها وداعميها ومموليها بالعتاد والسلاح بالتوقف عن المحارق التي تقودها حتى تجاوز الدمار الذي لحق بالجزء الشمالي منها خلال أقل من شهرين ما سببه الحلفاء للمدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية خلال ست سنوات، بل انه وحسب تقرير فايننشيال تايمز» فما تم تدميره من مبانٍ في جزء غزة الشمالي بلغ 68 % بينما بلغ التدمير في مدن ألمانيا 50 % لكن ممكنات الحياة بقيت هناك ولم يكن هناك قرار بإعدامها كما يحدث في غزة الآن...
لم يتركوا جرما لم يقترفوه وهم معذورون فلديهم اعتقاد بأنه كلما استمرت الفظاعات وكلما تكدست الجثث وكلما أهين المرء في أهله وجسده يعتقدون أنهم يؤدبون الفلسطينيين ويمنعونهم من العودة الى المقاومة ويضمنون بذلك أمنهم واستقرارهم وسرقة الأرض وما عليها.. طبعا يراهن كيان الاحتلال على الفيتو الأمريكي لإجهاض المسعى الأخير للامين العام للأمم المتحدة لاعتماد البند 99 وإنهاء الجرائم المقترفة في غزة ...ويعتقدون أن في دعم واشنطن وإدارة بايدن اللامحدود لهم سيحقق أهدافهم في القضاء على المقاومة واقتلاعها من الأرض.. قد يتمكنون من ذلك ولو الى حين.. ولكن للتاريخ أحكامه ودروسه التي لا تقبل باستمرار الظلم والغطرسة الى ما لا نهاية.. غزة التي ارتبطت عبر العصور بكل معاني العزة جريحة وتنزف وستحتاج لوقت طويل قبل أن تبلسم جراحها وتعود ولو بعد أجيال الى عهدها .. آسيا العتروس