في حديث رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الثلاثاء المنقضي مع الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي وعدد من أعضاء المركزية النقابية على هامش موكب إحياء الذكرى 71 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد،كان الملف المزمن حول وضع المؤسسات العمومية حاضرا بامتياز.
ورغم الفتور في علاقة الرئاسة بالمركزية النقابية على امتداد الفترة السابقة وما لاحظه البعض من برود حتى في لقاء الثلاثاء عبرت عنه طريقة المصافحة بين الرئيس والأمين العام للاتحاد وبعض التفاصيل الأخرى في لغة الجسد وغيرها، إلا أن رؤية الطرفين بدت منسجمة حول أسباب تخريب المؤسسات العمومية ورفض التفويت فيها مع الإقرار بضرورة الإصلاح العاجل على اعتبار تلك المؤسسات من مقدرات الشعب والقاطرة التي لا مجال للتفريط فيها.
الفساد وسوء التصرف
أطنب الرئيس في الحديث عن الفساد وسوء التصرف الذي نخر المؤسسات العمومية وإفلاس العديد منها تمهيدا للتفويت فيها حيث أشار رئيس الجمهورية إلى أن إحدى المؤسسات العمومية، انتدبت بطريقة غير قانونية 1500 موظف، مشددا على ضرورة مكافحة الفساد الذي ينخر هذه المؤسسات. كما تحدث رئيس الجمهورية عن ملف فساد بخصوص شخص تكفل لمدة قاربت 20 سنة بتصفية إحدى الشركات.
ليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس بصرامة كبيرة حول الفساد الذي أوصل المؤسسات العمومية حافة الإفلاس وأصبحت عبئا على الدولة، ففي أكتوبر الفارط وخلال استقباله لرئيس الحكومة أحمد الحشاني دعا الرئيس، إلى إنقاذ المؤسسات العمومية من الإفلاس "بعدما صارت عاجزة بسبب الفساد.
وجاء في بيان الرئاسة بالمناسبة أن الرئيس قال إنه من الضروري "الإسراع في عمليات التدقيق في الانتدابات، التي تمت خارج أي إطار قانوني وأدت إلى الاستيلاء على أموال الشعب".
واعتبر الرئيس أن مهمة إنقاذ المؤسسات الحكومية من الإفلاس مرتبطة بمخطط تطهيرها من المندسين عليها وعلى إدارتها دون وجه قانوني، ودون الحصول على الكفاءة والتجربة المطلوبين لتقلد هذه المناصب، و"من قبل مَن اعتبر أن السلطة غنيمة يقتطع منها ما يشاء، ويوزع على من يواليه، ويخدم مصالحه الخاصة كما يشاء"، وفق تعبيره.
موقف الاتحاد
يعتبر موقف الاتحاد العام التونسي للشغل متماهيا إلى حد كبير مع رئيس الجمهورية في موقفه من ملف المؤسسات العمومية ووصفة العلاج المطلوبة رغم أن كثيرين يحملون النقابات في تلك المؤسسات جزءا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع فيها ومن الفساد أيضا.
وكان الاتحاد قد مانع بشكل صارم كل املاءات صندوق النقد الدولي للتفويت في المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات وعلى حافة الإفلاس، كما أشار في بيانات سابقة إلى "رفضه رفع الدّعم والتفويت في المؤسّسات العمومية والضغط على كتلة الأجور وإثقال كاهل الأجراء بالضرائب ويتمسّك برؤية تشاركية للنظر في إصلاح منظومتي الدعم والمؤسّسات والمنشآت العمومية، على قاعدة الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وعلى القدرة الشرائية للشّغّالين بجميع أصنافهم ولعموم الشعب، وعلى ضمان ديمومة المؤسّسات وعموميتها ويحذّر من كلّ إجراء أحادي من شأنه تأجيج الغضب الشعبي والاحتجاجات الاجتماعية".
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة تتحمل منذ فترة أعباء مالية ناجمة عن الصعوبات وحالة الإفلاس غير المعلنة لعديد المؤسسات العمومية وتشير بعض الدراسات إلى أن نحو 100 مؤسسة عمومية، تعاني من عجز مالي، وتحتاج لإصلاحات هيكلية عاجلة.
ويؤكد مختصون في المجال الاقتصادي أن "تحويلات الدولة للمؤسسات العمومية بلغ 12.4 مليار دينار وهو ما يمثل 9.3 بالمائة من الناتج المحلي وديون المؤسسات تمثل 30 بالمائة من الناتج المحلي كما توجد 81 مؤسسة عمومية من أصل 111، بلغ عجزها 2,55 مليار دينار".
وتشمل قائمة المؤسسات المهددة بالإفلاس شركات الكهرباء والنقل الجوي والبري والحديد، ومصنع عجين «الحلفاء والورق»، وشركة الفولاذ، وشركة فوسفاط قفصة ..
وأسفرت عمليات التشخيص للمؤسسات العمومية عن تأكيد مساهمة الفساد وسوء التصرف في تخريبها وتراجع نتائجها من رابحة تساهم في تمويل ميزانية الدولة إلى مفلسة تشكل عبئا على المجموعة الوطنية.
وقد كشفته مؤخرا نتائج دراسة أنجزتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين حول ''مؤشر حوكمة المؤسسات العمومية في تونس''، أن 62% الإدارات المستجوبة سجل بها غياب كلي داخلها لأي سياسات أو إجراءات أو استراتيجيات أو أنظمة رقابة متصلة بمكافحة الرشوة والفساد والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، كما أنّ العقوبات المسلطة على مرتكبي أفعال الرشوة والفساد لا تطبق بالصرامة اللازمة ولا تنشر إلا في 53% من الحالات.
م.ي
تونس-الصباح
في حديث رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم الثلاثاء المنقضي مع الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي وعدد من أعضاء المركزية النقابية على هامش موكب إحياء الذكرى 71 لاغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد،كان الملف المزمن حول وضع المؤسسات العمومية حاضرا بامتياز.
ورغم الفتور في علاقة الرئاسة بالمركزية النقابية على امتداد الفترة السابقة وما لاحظه البعض من برود حتى في لقاء الثلاثاء عبرت عنه طريقة المصافحة بين الرئيس والأمين العام للاتحاد وبعض التفاصيل الأخرى في لغة الجسد وغيرها، إلا أن رؤية الطرفين بدت منسجمة حول أسباب تخريب المؤسسات العمومية ورفض التفويت فيها مع الإقرار بضرورة الإصلاح العاجل على اعتبار تلك المؤسسات من مقدرات الشعب والقاطرة التي لا مجال للتفريط فيها.
الفساد وسوء التصرف
أطنب الرئيس في الحديث عن الفساد وسوء التصرف الذي نخر المؤسسات العمومية وإفلاس العديد منها تمهيدا للتفويت فيها حيث أشار رئيس الجمهورية إلى أن إحدى المؤسسات العمومية، انتدبت بطريقة غير قانونية 1500 موظف، مشددا على ضرورة مكافحة الفساد الذي ينخر هذه المؤسسات. كما تحدث رئيس الجمهورية عن ملف فساد بخصوص شخص تكفل لمدة قاربت 20 سنة بتصفية إحدى الشركات.
ليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس بصرامة كبيرة حول الفساد الذي أوصل المؤسسات العمومية حافة الإفلاس وأصبحت عبئا على الدولة، ففي أكتوبر الفارط وخلال استقباله لرئيس الحكومة أحمد الحشاني دعا الرئيس، إلى إنقاذ المؤسسات العمومية من الإفلاس "بعدما صارت عاجزة بسبب الفساد.
وجاء في بيان الرئاسة بالمناسبة أن الرئيس قال إنه من الضروري "الإسراع في عمليات التدقيق في الانتدابات، التي تمت خارج أي إطار قانوني وأدت إلى الاستيلاء على أموال الشعب".
واعتبر الرئيس أن مهمة إنقاذ المؤسسات الحكومية من الإفلاس مرتبطة بمخطط تطهيرها من المندسين عليها وعلى إدارتها دون وجه قانوني، ودون الحصول على الكفاءة والتجربة المطلوبين لتقلد هذه المناصب، و"من قبل مَن اعتبر أن السلطة غنيمة يقتطع منها ما يشاء، ويوزع على من يواليه، ويخدم مصالحه الخاصة كما يشاء"، وفق تعبيره.
موقف الاتحاد
يعتبر موقف الاتحاد العام التونسي للشغل متماهيا إلى حد كبير مع رئيس الجمهورية في موقفه من ملف المؤسسات العمومية ووصفة العلاج المطلوبة رغم أن كثيرين يحملون النقابات في تلك المؤسسات جزءا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع فيها ومن الفساد أيضا.
وكان الاتحاد قد مانع بشكل صارم كل املاءات صندوق النقد الدولي للتفويت في المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات وعلى حافة الإفلاس، كما أشار في بيانات سابقة إلى "رفضه رفع الدّعم والتفويت في المؤسّسات العمومية والضغط على كتلة الأجور وإثقال كاهل الأجراء بالضرائب ويتمسّك برؤية تشاركية للنظر في إصلاح منظومتي الدعم والمؤسّسات والمنشآت العمومية، على قاعدة الحفاظ على المكتسبات الاجتماعية وعلى القدرة الشرائية للشّغّالين بجميع أصنافهم ولعموم الشعب، وعلى ضمان ديمومة المؤسّسات وعموميتها ويحذّر من كلّ إجراء أحادي من شأنه تأجيج الغضب الشعبي والاحتجاجات الاجتماعية".
وتجدر الإشارة إلى أن الدولة تتحمل منذ فترة أعباء مالية ناجمة عن الصعوبات وحالة الإفلاس غير المعلنة لعديد المؤسسات العمومية وتشير بعض الدراسات إلى أن نحو 100 مؤسسة عمومية، تعاني من عجز مالي، وتحتاج لإصلاحات هيكلية عاجلة.
ويؤكد مختصون في المجال الاقتصادي أن "تحويلات الدولة للمؤسسات العمومية بلغ 12.4 مليار دينار وهو ما يمثل 9.3 بالمائة من الناتج المحلي وديون المؤسسات تمثل 30 بالمائة من الناتج المحلي كما توجد 81 مؤسسة عمومية من أصل 111، بلغ عجزها 2,55 مليار دينار".
وتشمل قائمة المؤسسات المهددة بالإفلاس شركات الكهرباء والنقل الجوي والبري والحديد، ومصنع عجين «الحلفاء والورق»، وشركة الفولاذ، وشركة فوسفاط قفصة ..
وأسفرت عمليات التشخيص للمؤسسات العمومية عن تأكيد مساهمة الفساد وسوء التصرف في تخريبها وتراجع نتائجها من رابحة تساهم في تمويل ميزانية الدولة إلى مفلسة تشكل عبئا على المجموعة الوطنية.
وقد كشفته مؤخرا نتائج دراسة أنجزتها الجمعية التونسية للمراقبين العموميين حول ''مؤشر حوكمة المؤسسات العمومية في تونس''، أن 62% الإدارات المستجوبة سجل بها غياب كلي داخلها لأي سياسات أو إجراءات أو استراتيجيات أو أنظمة رقابة متصلة بمكافحة الرشوة والفساد والإثراء غير المشروع وتبييض الأموال، كما أنّ العقوبات المسلطة على مرتكبي أفعال الرشوة والفساد لا تطبق بالصرامة اللازمة ولا تنشر إلا في 53% من الحالات.