إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في أيام قرطاج المسرحية.. "الهروب من التوبة" تطرح إشكالية: هل الإنسان مستعد لدفع ثمن الأخطاء؟

 

 

تونس -الصباح

 

على وقع صوت الدف "البندير" ورائحة البخور ومشهد لشيخ يرتدي قميصا طويلا أبيض ويضع على رأسه شالا أبيض طويلا، انطلقت مسرحية "الهروب من التوبة" اخراج عبد الواحد مبروك وتأليف الكاتب المسرحي العراقي فلاح شاكر، من انتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمدينة توزر، وأداء كل من عبد الواحد مبروك و رباب العنيزي وبلقيس جوادي وهي من بين العروض التونسية المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها الرابع والعشرين.

 

الانطلاقة كانت بمشهد صوفي لشيخ يدعو امرأة إلى التوبة من ذنوبها، وتعتقد هذه المرأة في البداية أنه شيخ "مكشوف عنه الحجاب" ويعرف كل ماضيها الذي لطالما حاولت اخفاءه.

 

وأراد كل من مؤلف ومخرح العمل أن تكون ضربة البداية بتوليفة صوفية حضرت فيها حتى "التخميرة" للبطلة، لينتقل بنا العمل، على اثرها، عبر تقنية "الفلاش باك" إلى الحياة الخاصة لأبطال العمل الثلاثة وهم رجل وسيدة وفتاة وحول ما يجمعهم من خطايا وذنوب وأسباب هروبهم من التوبة.

 

تخوض المسرحية في حياة زوجين أكادميين جامعيين، فالزوج أستاذ علم اجتماع والزوجة أستاذة علم الإحصاء تبدو حياتهما نظريا بالنسبة للمجتمع الأكاديمي سعيدة، ولا تشوبها شائبة، إلا أننا نكتشف أنها حياة تملؤها الذنوب حيث تبنيا قاصرا لقيطة من ملجإ، لتصبح هذه القاصر عشيقة للزوج، بإيعاز من الزوجة، التي لا ترغب في الإنجاب وتعاني من اضطراب نفسي نتيجة تعرّضها للاغتصاب في طفولتها.

 

تبيّن لنا المسرحية أن لا أحد منا خال من الأخطاء، وان كانت أخطاء متفاوتة قد تصل إلى حد الخطيئة الكبرى التي لا تغتفر، وهو ما جاء على لسان أبطال العمل حين قال "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".

 

واستطاعت تقنية "الفلاش باك" أن تأخذنا في رحلة هؤلاء الأشخاص الثلاثة المتقلبة وإلى أجزاء غامضة ليس فقط في حياتهم بل أيضا في نفسيتهم، حيث يتبعهم الشعور بالذنب إلى حدّ التيه، ويرافقهم إلى درجة الإزعاج المستمر والتغيير.

 

حول هذا التعاون التونسي العراقي أوضح مخرج العمل عبد الواحد مبروك لـ"الصباح" أن ما يجمعه بالمسرحي العراقي فلاح شاكر صداقة، أرادا من خلالها أن يترجماها إلى عمل مسرحي.

 

وحول المشهد الصوفي الذي بدأ به العرض واختتم أيضا به، أوضح محدثنا أن المخرج والمؤلف نقلا جزءا من البيئة التي عاشا فيها، حيث أن مدينة نفطة من ولاية توزر تُلقّب بالكوفة الصغرى المدينة العراقية وذلك بالنظر للطابع الصوفي الذي يصبغ المدينتين، وما يحتويانه من موروث روحي غارق في القدم، مبرزا أن هناك تواصلا روحيا متجذرا بين البلدين وليس فقط الصداقة، مما خلق أريحية وأرضية مريحة في تناول "الهروب من التوبة".

 

وأكد عبد الواحد مبروك أن أي عرض مسرحي يتضمن رسائل وبناء يفضي إلى صراعات، معتبرا أنه يمثل طرحا للقضايا خاصة في مسرح "ما بعد الدراما"، لافتا إلى أن مسرحية "الهروب من التوبة" تمثل بحثا في مباحث يعيشها الإنسان وكل بطريقه، فالإنسان عندما يصل إلى سن معينة يلتفت إلى الوراء محاولا استنطاق الماضي وتقييم أخطائه وما قدمه من إيجابيات وسلبيات، وبالتالي يجد نفسه أمام سؤال: هل هو مستعد لدفع الثمن مع تحمل عبء الأخطاء؟

 

درصاف اللموشي

في أيام قرطاج المسرحية..     "الهروب من التوبة" تطرح إشكالية: هل الإنسان مستعد لدفع ثمن الأخطاء؟

 

 

تونس -الصباح

 

على وقع صوت الدف "البندير" ورائحة البخور ومشهد لشيخ يرتدي قميصا طويلا أبيض ويضع على رأسه شالا أبيض طويلا، انطلقت مسرحية "الهروب من التوبة" اخراج عبد الواحد مبروك وتأليف الكاتب المسرحي العراقي فلاح شاكر، من انتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمدينة توزر، وأداء كل من عبد الواحد مبروك و رباب العنيزي وبلقيس جوادي وهي من بين العروض التونسية المشاركة في المسابقة الرسمية لأيام قرطاج المسرحية في دورتها الرابع والعشرين.

 

الانطلاقة كانت بمشهد صوفي لشيخ يدعو امرأة إلى التوبة من ذنوبها، وتعتقد هذه المرأة في البداية أنه شيخ "مكشوف عنه الحجاب" ويعرف كل ماضيها الذي لطالما حاولت اخفاءه.

 

وأراد كل من مؤلف ومخرح العمل أن تكون ضربة البداية بتوليفة صوفية حضرت فيها حتى "التخميرة" للبطلة، لينتقل بنا العمل، على اثرها، عبر تقنية "الفلاش باك" إلى الحياة الخاصة لأبطال العمل الثلاثة وهم رجل وسيدة وفتاة وحول ما يجمعهم من خطايا وذنوب وأسباب هروبهم من التوبة.

 

تخوض المسرحية في حياة زوجين أكادميين جامعيين، فالزوج أستاذ علم اجتماع والزوجة أستاذة علم الإحصاء تبدو حياتهما نظريا بالنسبة للمجتمع الأكاديمي سعيدة، ولا تشوبها شائبة، إلا أننا نكتشف أنها حياة تملؤها الذنوب حيث تبنيا قاصرا لقيطة من ملجإ، لتصبح هذه القاصر عشيقة للزوج، بإيعاز من الزوجة، التي لا ترغب في الإنجاب وتعاني من اضطراب نفسي نتيجة تعرّضها للاغتصاب في طفولتها.

 

تبيّن لنا المسرحية أن لا أحد منا خال من الأخطاء، وان كانت أخطاء متفاوتة قد تصل إلى حد الخطيئة الكبرى التي لا تغتفر، وهو ما جاء على لسان أبطال العمل حين قال "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".

 

واستطاعت تقنية "الفلاش باك" أن تأخذنا في رحلة هؤلاء الأشخاص الثلاثة المتقلبة وإلى أجزاء غامضة ليس فقط في حياتهم بل أيضا في نفسيتهم، حيث يتبعهم الشعور بالذنب إلى حدّ التيه، ويرافقهم إلى درجة الإزعاج المستمر والتغيير.

 

حول هذا التعاون التونسي العراقي أوضح مخرج العمل عبد الواحد مبروك لـ"الصباح" أن ما يجمعه بالمسرحي العراقي فلاح شاكر صداقة، أرادا من خلالها أن يترجماها إلى عمل مسرحي.

 

وحول المشهد الصوفي الذي بدأ به العرض واختتم أيضا به، أوضح محدثنا أن المخرج والمؤلف نقلا جزءا من البيئة التي عاشا فيها، حيث أن مدينة نفطة من ولاية توزر تُلقّب بالكوفة الصغرى المدينة العراقية وذلك بالنظر للطابع الصوفي الذي يصبغ المدينتين، وما يحتويانه من موروث روحي غارق في القدم، مبرزا أن هناك تواصلا روحيا متجذرا بين البلدين وليس فقط الصداقة، مما خلق أريحية وأرضية مريحة في تناول "الهروب من التوبة".

 

وأكد عبد الواحد مبروك أن أي عرض مسرحي يتضمن رسائل وبناء يفضي إلى صراعات، معتبرا أنه يمثل طرحا للقضايا خاصة في مسرح "ما بعد الدراما"، لافتا إلى أن مسرحية "الهروب من التوبة" تمثل بحثا في مباحث يعيشها الإنسان وكل بطريقه، فالإنسان عندما يصل إلى سن معينة يلتفت إلى الوراء محاولا استنطاق الماضي وتقييم أخطائه وما قدمه من إيجابيات وسلبيات، وبالتالي يجد نفسه أمام سؤال: هل هو مستعد لدفع الثمن مع تحمل عبء الأخطاء؟

 

درصاف اللموشي