ابوبكر الصغير
يولد الناس أحرارا ، ولكنهم يُستعبدون أينما ذهبوا.
هنالك حالة من الحيوية المتفجرة للمناقشات المعاصرة حول موضوع العنصرية .
فالعودة الأبدية لمسألة العرق إلى النقاش العام، تذكرنا أخبارها بأنها لم تتم تسويتها قط، وهي تركز اليوم على الاستخدامات السياسية للهندسة المتغيرة .
فالاستخدام المتكرر لمصطلح "العنصري" من قبل المجتمعات الموصومة التي تجد في مفهوم العرق قوة دافعة للتضامن؟ .
إذا كان من المهم توعية الأفراد بهويتهم العرقية، فان ذلك لا يجب ان يكون على حساب فئات او مجموعات أخرى .
انهارت أسطورة عدم المساواة البيولوجية بين الأجناس، ليتم إضفاء الطابع الثقافي على العنصرية جزئيا .
غالبا ما ينظر إلى الإرث المشترك بين الثقافات باعتباره ترياقا للمركزية العرقية، ولكنه ينطوي على خطر إضفاء الشرعية على النسبية الثقافية التي تميل نحو التمايز .
ولذلك فإن تعريف الاختلاف ومعالجته يقعان في قلب تعقيد ظاهرة العنصرية .
اثار موقف شركة الطرقات السيارة بفرنسا عدم إزالة كتابة بحروف ضخمة على جسر طريق سريعة تقول بطرد العرب ، و لا تزال موجودة الى اليوم ، ردود فعل غاضبة في صفوف الجاليات العربية و المسلمة .
ليس هذا السلوك غريبا ما دام معدل الأعمال المعادية للسامية في فرنسا ارتفع بثلاثة أضعاف هذه السنة 2023 مقارنة بعام 2022 .
لقد شهدت فرنسا تزايدا ملحوظا في الأعمال المعادية للسامية منذ هجوم حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي .
بالتزامن مع ذلك وفي أعقاب هجوم شنه أعضاء بعض المجموعات اليمينية المتطرفة نهاية الأسبوع الماضي، احتجاجا على مقتل مراهق طعنا خلال شجار في قرية " كريبول " جنوب شرق فرنسا ، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين أنه سيطالب بحل ثلاث جماعات يمينية فرنسية متطرفة.
قال دارمانين في حديث له لإذاعة "فرانس إنتر" أنه سيقترح حل بعض المجموعات اليمينية المتطرفة ، مؤكدا على ضرورة تقديم رد فعل "حازم" لتجنب "سيناريو الحرب الأهلية" في فرنسا ، ومن بين المنظمات المستهدفة التي ذكرها مجموعة "مارتل" التي وصفها " بمجموعة يكفي اسمها لتخويفنا ".
إذ استلهمت مجموعة "مارتل" اسمها من الفارس الإفرنجي شارل مارتل المشهور بانتصاره في معركة بلاط الشهداء والمسماة بمعركة "بواتييه" الفرنسية سنة 732 حيث هزم القوات العربية البربرية المسلمة التابعة لأمير الأندلس عبد الرحمن الغافقي ، كما تم استخدام اسم الفارس " شارل مارتل " سابقا من قبل مجموعة معارضة لاستقلال الجزائر في السبعينيات، وكان اسمها آنذاك عصابات " كوماندو مارتل ".
وقد أثارت لافتة أخرى رفعها نشطاء نفس المجموعة الأسبوع الماضي ، الخوف والريبة بشكل خاص ، إذ كانت تحمل شعار " الإسلام خارج أوروبا"، في إحالة واضحة إلى معالمها الإيديولوجية العنصرية المعادية للهجرة و الإسلام .
بالتزامن مع هذه التطورات تكشف دراسة حديثة انّ اللهجة العربية تجمع اليوم بفرنسا متكلمين أكثر من جميع اللهجات واللغات الأخرى لترتقي بذلك اللغة الثانية الأكثر انتشارا بعد الفرنسية وقبل 72 لغة و لهجة أخرى منتشرة بفرنسا .
اذ وفقا لتصنيف المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية (INED)، فاللغة العربية تأتي في مرتبة مباشرة بعد الفرنسية وقبل اللغات الإقليمية وغير الإقليمية، المعروفة باسم "لغات فرنسا" .
كما ان العرب والمسلمين وخاصة المغاربيين يعدًون اكبر جالية اليوم بفرنسا ولهم حضور في كل مجالات الحياة و دور مهم في الاقتصاد الفرنسي .
ما كان أبدا اختلاف العنصر يؤدي بالضرورة الى اختلاف في السلوك والقدرات الإنسانية وطريقة معاملة الناس