إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اعتبرها الرئيس امتدادا لدوائر استخباراتية.. ضبط 272 جمعية مشبوهة.. وجدل التضييق من جديد

 

تونس-الصباح

"هناك جمعيات تتلقى تمويلا من الخارج، هي امتداد لدوائر استخباراتية بالحجة والبرهان، ويجب وضع حد لها" هذا ما ورد على لسان رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه أحمد الحشاني، رئيس الحكومة وليلى جفّال وزيرة العدل وسهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية مساء الجمعة الفارط.

ويحيل حديث الرئيس على جدل جديد قديم بشأن تمويل الجمعيات والدعوات المستمرة لتنقيح قانون الأحزاب والجمعيات من أجل مزيد إحكام الرقابة على التمويلات الخارجية في وقت ترفض فيه عديد المنظمات الحقوقية هذا المنحى وتعتبره عودة إلى مربع التضييقات على العمل الحزبي والمدني في البلاد.

قال  رئيس الدولة إنه من الضروري التثبت في مصادر الأموال التي تأتي من الخارج وتضخ لتلك الجمعيات، منتقدا القانون المنظم للبنك المركزي الذي قال انه "وضع باسم الشعب التونسي، ولكن من مرروه ليس لهم الجرأة الكافية ليؤكدوا بأنه وضع باسم عواصم غربية".

وأشار رئيس الجمهورية إلى "وجود جمعية في الخارج تتلقى سنويا مليارات وتقوم بطريقة غير شرعية بتحويلها لتمويل الأحزاب السياسية، ووجود جمعية أخرى تلقت خلال سنة 2022 فقط أكثر من مليوني دينار من الخارج". مضيفا "لقد آن الأوان للخبراء وللمفكرين ليعيدوا النظر في المجتمع المدني والسياسي".

جمعيات مشبوهة

ويأتي كلام الرئيس أياما قليلة بعد ما صرحت به مديرة ديوان رئيس الحكومة، سامية الشرفي قدور، في إجابتها على أسئلة النواب، خلال أشغال الجلسة العامة في البرلمان مؤخرا، حيث صرحت بأن الحكومة بادرت إلى التنبيه على 150 حزبا، بخصوص توضيح أوضاعها المالية. في حين أصدرت الجهات القضائية أحكاما بتعليق نشاط 97 حزبا بعد الشروع في تتبّع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ 2018.

كما قالت الشرفي إنه تم "ضبط 272 جمعية مشبوهة تم اتخاذ الإجراءات الواجبة ضدها الى غاية اليوم، بعد تصنيف تونس بالقائمة السوداء من طرف مجموعة العمل المالي وبالقائمة الرمادية من طرف منظمة الشفافية الدولية".

وأكدت أن الإدارة بادرت بطلب تعليق نشاط 266 جمعية من جملة الجمعيات المشبوهة الـ272، صدرت أذون بتعليق نشاط 182 منها، ورفض طلب تعليق نشاط 25 جمعية.

مضيفة بأنه تم طلب الإذن بحل 176 جمعية، قضائيا، صدرت أحكام بحل 69 منها وتم رفض طلب حل 57.

وقالت مديرة ديوان رئيس الحكومة أيضا "إن ارتفاع التمويل الأجنبي للجمعيات يتأتي من تضاعف عددها خلال العشرية الأخيرة، وهو الأمر الناتج عن غياب نص قانوني يضع سقفا لتلك التدفقات المالية الخارجية".

مشروع قانون

وفي سياق محاولات التنقيح المستورة للتشريعات الخاصة بنشاط الأحزاب والجمعيات في تونس وفي جوان الفارط اثر انتخابها وانتخاب مكتبها عقدت لجنة الحقوق والحريات جلسة خصّصتها لضبط برنامج عملها ومن بين المواضيع التي تطرق إليها أعضاء اللجنة حينها  مراجعة المرسوم المتعلق بالأحزاب والمرسوم المتعلق بالجمعيات.

وتجدر الإشارة إلى أن 10 نواب، كانوا قد تقدموا في وقت سابق ، بمقترح مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح مرسوم الجمعيات، بهدف "تنظيمها وإضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية ووضع ضوابط للتمويل الأجنبي".

ويرنو مقترح التعديل إلى" إعادة  نظام التصريح الذي يفرض مصادقة الدولة على تكوين الجمعيات، وتصبح  كل نشاطات الجمعية وتمويلاتها، خاضعة لتصاريح مسبقة، بالإضافة غلى فرض الحصول على ترخيص من قبل اللجنة التونسية للتحاليل المالية الراجعة بالنظر إلى البنك المركزي التونسي بمناسبة كل تمويل أجنبي تحصل عليه الجمعية، إضافة إلى إمكانية حل الجمعية من قبل الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة إذ نصت الوثيقة المسربة على أن حل الجمعية يكون إما اختياريا بقرار من أعضائها وفق نظامها الأساسي، أو قضائيا بمقتضى قرار من المحكمة أو آليا بقرار معلل صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة والحال أن المرسوم في صيغته الأصلية نص على أن الحل يتم بناء على قرار من أعضاء الجمعية أو حكم قضائي،.."

انتقادات

وقد عبرت عديد المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج عن رفض العودة إلى مربع التضييقات على تكوين الأحزاب والجمعيات وبمناسبة الكشف عن بعض ملامح مقترح مشروع التعديل المقدم للبرلمان علقت  منظمة العفو الدولية، في 23  أكتوبر الفارط، قائلة إنه" يجب على نواب البرلمان التونسي الامتناع عن المصادقة على مشروع قانون يحتوي على تقييدات شديدة، من شأنه، في حال إقراره، أن يهدد استمرارية عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة في تونس".

وذكرت، في بيان لها، أنّه "من المقرر أن تنظر لجنة برلمانية قريبًا جدًا في مشروع قانون يتعلق بالمنظمات غير الحكومية، قدمته مجموعة من أعضاء البرلمان في 10 أكتوبر"، مشيرة إلى أنّ "مشروع القانون، الذي يهدف إلى استبدال قانون الجمعيات الحالي لعام 2011، يتضمن قيودًا غير ضرورية وغير متناسبة على تشكيل ونشاط وتمويل منظمات المجتمع المدني، ويهدد استقلالها من خلال السماح للحكومة بالتدخل غير المبرر في عملها".

بدورها صرحت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف بأنه  "إذا تم اعتماد مشروع القانون المعني، فسيكون بمثابة حكم بالإعدام على المجتمع المدني النابض بالحياة الذي ازدهر في تونس منذ 2011"، مضيفة أنّ "من شأن إقرار هذا القانون أن يعيد البلاد إلى عهد بن علي، عندما كانت منظمات المجتمع المدني القليلة المرخص لها تعمل في ظل حصار صارم، فيما كانت تُمنع معظم منظمات حقوق الإنسان الدولية من التواجد في البلاد".

بدوره طالب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي بسحب المشروع، مضيفا في تصريح إعلامي سابق أنه " لا مجال لنقاش الإطار القانوني المنظم للجمعيات، ولا مجال لمحاولة التضييق على العمل الجمعياتي سواء من خلال الإجراءات الإدارية والتعقيدات أو من خلال مصادر التمويل".

وقال الطريفي إنه "يمكن أن نعتبر التضييق على مصادر التمويل وعلى حرية تكوين الجمعيات وخلق إجراءات قانونية وإدارية جديدة، حدا من الحق في التنظم، وفي ممارسة العمل المدني، ناهيك عن الحد من وصول المجتمع المدني إلى مختلف الفئات".

م.ي

اعتبرها الرئيس امتدادا لدوائر استخباراتية..   ضبط 272 جمعية مشبوهة.. وجدل التضييق من جديد

 

تونس-الصباح

"هناك جمعيات تتلقى تمويلا من الخارج، هي امتداد لدوائر استخباراتية بالحجة والبرهان، ويجب وضع حد لها" هذا ما ورد على لسان رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه أحمد الحشاني، رئيس الحكومة وليلى جفّال وزيرة العدل وسهام البوغديري نمصية، وزيرة المالية مساء الجمعة الفارط.

ويحيل حديث الرئيس على جدل جديد قديم بشأن تمويل الجمعيات والدعوات المستمرة لتنقيح قانون الأحزاب والجمعيات من أجل مزيد إحكام الرقابة على التمويلات الخارجية في وقت ترفض فيه عديد المنظمات الحقوقية هذا المنحى وتعتبره عودة إلى مربع التضييقات على العمل الحزبي والمدني في البلاد.

قال  رئيس الدولة إنه من الضروري التثبت في مصادر الأموال التي تأتي من الخارج وتضخ لتلك الجمعيات، منتقدا القانون المنظم للبنك المركزي الذي قال انه "وضع باسم الشعب التونسي، ولكن من مرروه ليس لهم الجرأة الكافية ليؤكدوا بأنه وضع باسم عواصم غربية".

وأشار رئيس الجمهورية إلى "وجود جمعية في الخارج تتلقى سنويا مليارات وتقوم بطريقة غير شرعية بتحويلها لتمويل الأحزاب السياسية، ووجود جمعية أخرى تلقت خلال سنة 2022 فقط أكثر من مليوني دينار من الخارج". مضيفا "لقد آن الأوان للخبراء وللمفكرين ليعيدوا النظر في المجتمع المدني والسياسي".

جمعيات مشبوهة

ويأتي كلام الرئيس أياما قليلة بعد ما صرحت به مديرة ديوان رئيس الحكومة، سامية الشرفي قدور، في إجابتها على أسئلة النواب، خلال أشغال الجلسة العامة في البرلمان مؤخرا، حيث صرحت بأن الحكومة بادرت إلى التنبيه على 150 حزبا، بخصوص توضيح أوضاعها المالية. في حين أصدرت الجهات القضائية أحكاما بتعليق نشاط 97 حزبا بعد الشروع في تتبّع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ 2018.

كما قالت الشرفي إنه تم "ضبط 272 جمعية مشبوهة تم اتخاذ الإجراءات الواجبة ضدها الى غاية اليوم، بعد تصنيف تونس بالقائمة السوداء من طرف مجموعة العمل المالي وبالقائمة الرمادية من طرف منظمة الشفافية الدولية".

وأكدت أن الإدارة بادرت بطلب تعليق نشاط 266 جمعية من جملة الجمعيات المشبوهة الـ272، صدرت أذون بتعليق نشاط 182 منها، ورفض طلب تعليق نشاط 25 جمعية.

مضيفة بأنه تم طلب الإذن بحل 176 جمعية، قضائيا، صدرت أحكام بحل 69 منها وتم رفض طلب حل 57.

وقالت مديرة ديوان رئيس الحكومة أيضا "إن ارتفاع التمويل الأجنبي للجمعيات يتأتي من تضاعف عددها خلال العشرية الأخيرة، وهو الأمر الناتج عن غياب نص قانوني يضع سقفا لتلك التدفقات المالية الخارجية".

مشروع قانون

وفي سياق محاولات التنقيح المستورة للتشريعات الخاصة بنشاط الأحزاب والجمعيات في تونس وفي جوان الفارط اثر انتخابها وانتخاب مكتبها عقدت لجنة الحقوق والحريات جلسة خصّصتها لضبط برنامج عملها ومن بين المواضيع التي تطرق إليها أعضاء اللجنة حينها  مراجعة المرسوم المتعلق بالأحزاب والمرسوم المتعلق بالجمعيات.

وتجدر الإشارة إلى أن 10 نواب، كانوا قد تقدموا في وقت سابق ، بمقترح مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح مرسوم الجمعيات، بهدف "تنظيمها وإضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية ووضع ضوابط للتمويل الأجنبي".

ويرنو مقترح التعديل إلى" إعادة  نظام التصريح الذي يفرض مصادقة الدولة على تكوين الجمعيات، وتصبح  كل نشاطات الجمعية وتمويلاتها، خاضعة لتصاريح مسبقة، بالإضافة غلى فرض الحصول على ترخيص من قبل اللجنة التونسية للتحاليل المالية الراجعة بالنظر إلى البنك المركزي التونسي بمناسبة كل تمويل أجنبي تحصل عليه الجمعية، إضافة إلى إمكانية حل الجمعية من قبل الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة إذ نصت الوثيقة المسربة على أن حل الجمعية يكون إما اختياريا بقرار من أعضائها وفق نظامها الأساسي، أو قضائيا بمقتضى قرار من المحكمة أو آليا بقرار معلل صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة والحال أن المرسوم في صيغته الأصلية نص على أن الحل يتم بناء على قرار من أعضاء الجمعية أو حكم قضائي،.."

انتقادات

وقد عبرت عديد المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج عن رفض العودة إلى مربع التضييقات على تكوين الأحزاب والجمعيات وبمناسبة الكشف عن بعض ملامح مقترح مشروع التعديل المقدم للبرلمان علقت  منظمة العفو الدولية، في 23  أكتوبر الفارط، قائلة إنه" يجب على نواب البرلمان التونسي الامتناع عن المصادقة على مشروع قانون يحتوي على تقييدات شديدة، من شأنه، في حال إقراره، أن يهدد استمرارية عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة في تونس".

وذكرت، في بيان لها، أنّه "من المقرر أن تنظر لجنة برلمانية قريبًا جدًا في مشروع قانون يتعلق بالمنظمات غير الحكومية، قدمته مجموعة من أعضاء البرلمان في 10 أكتوبر"، مشيرة إلى أنّ "مشروع القانون، الذي يهدف إلى استبدال قانون الجمعيات الحالي لعام 2011، يتضمن قيودًا غير ضرورية وغير متناسبة على تشكيل ونشاط وتمويل منظمات المجتمع المدني، ويهدد استقلالها من خلال السماح للحكومة بالتدخل غير المبرر في عملها".

بدورها صرحت مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، هبة مرايف بأنه  "إذا تم اعتماد مشروع القانون المعني، فسيكون بمثابة حكم بالإعدام على المجتمع المدني النابض بالحياة الذي ازدهر في تونس منذ 2011"، مضيفة أنّ "من شأن إقرار هذا القانون أن يعيد البلاد إلى عهد بن علي، عندما كانت منظمات المجتمع المدني القليلة المرخص لها تعمل في ظل حصار صارم، فيما كانت تُمنع معظم منظمات حقوق الإنسان الدولية من التواجد في البلاد".

بدوره طالب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي بسحب المشروع، مضيفا في تصريح إعلامي سابق أنه " لا مجال لنقاش الإطار القانوني المنظم للجمعيات، ولا مجال لمحاولة التضييق على العمل الجمعياتي سواء من خلال الإجراءات الإدارية والتعقيدات أو من خلال مصادر التمويل".

وقال الطريفي إنه "يمكن أن نعتبر التضييق على مصادر التمويل وعلى حرية تكوين الجمعيات وخلق إجراءات قانونية وإدارية جديدة، حدا من الحق في التنظم، وفي ممارسة العمل المدني، ناهيك عن الحد من وصول المجتمع المدني إلى مختلف الفئات".

م.ي