تونس- الصباح
قال وزير الفلاحة والموارد المائيّة والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي إنه لا مجال لوجود الفاسدين في الإدارة، وأضاف أمس خلال الجلسة العامة البرلمانية بقصر باردو حول مشروع ميزانية هذه الوزارة أنه تمت إحالة ملفات على القضاء. وذكر أنه لا يمكن التقدم في صورة عدم وجود عمل جدي في مجال مكافحة الفساد والذي هو من بين التوجهات الرئيسية لرئيس الجمهورية لأن الفساد دمر البلاد وخرمها ولأنه لا يمكن لهذا الوضع أن يتواصل وقال إن الوزارة تحيل دوريا ملفات على القضاء وكشف تواطؤ موجود في الإدارة وبين أنه في صورة الرغبة في تطوير البلاد فيجب وضع حد للفساد. وأقر الوزير بوجود صعوبات وإشكاليات واخلالات في وزارته.
وأشار في المقابل إلى أنه يحمد الله على نزول الأمطار، فتونس حسب تعبيره يحبها الله لأنه بعد العسر يأتي الفرج. وذكر أنه ليس لديه عصا سحرية ليقول كن فيكون لكنه لا يخفي ارتياحه لأن "الماكينة" عادت للعمل، ولأن الكل يعمل طيلة النهار ويوم السبت وأحيانا يوم الأحد من أجل مصلحة البلاد في مجال الفلاحة، وذكر أن الفلاحة التي يريدها تتلخص في ثلاث كلمات وهي الصمود والاستدامة والاندماجية، وبين أن تحقيق هذه الأهداف ليس سهلا فالاستدامة صعبة في ظل جفاف امتد بين خمس وسبع سنوات.
وتطرق الوزير في مداخلته لملف المياه والإنتاج الفلاحي والقطيع والعلف ففي ما يتعلق بالمياه قال إن الوضعية صعبة لأن المخزون وصل إلى 23 بالمائة وهي سابقة تاريخية ويجب على الجميع أن يعي بهذه الوضعية سواء كان مستهلكا لمياه الشرب أو فلاحا.
وذكر أن الفلاح الذي يستهلك كميات ماء الري أكثر من المطلوب فهذا إهدار للماء وإذا كان هناك مستغلون للمياه دون وجه حق فهذا فساد وبين أنه خلال العشرية الأخيرة ونتيجة للتراكمات تكونت عقلية التواكل على الدولة، فالجميع يسأل ماذا فعلت الدولة والحال أنه في الدول المتقدمة يتم سؤال المواطن أيضا عما قدمه هو للدولة.
الجمعيات المائية
وتطرق الوزير للجماعات والجمعيات المائية وقال إن هناك تمشيا غير سليم بالمرة وهو يعمل على تعديل وضعيتها فهناك جمعية لديها ديون قدرها 128 ألف دينار وذكر أن الجمعيات بصفة عامة لا تقوم بخلاص الدولة فكيف للدولة أن توفر الموارد لإنشاء البنية التحتية لتوزيع المياه.
ولدى حديثه عن السدود ذكر أن الدولة تعمل على انجاز سدود إضافية مثل سد القلعة والسعيدة والدواميس والرغاي وهناك مشاريع مبرمجة، وقال إنه لا بد من إنشاء السدود حتى وإن كان هناك جفاف لأن تونس تعيش تغيرا مناخيا بامتياز وذكر أن الوزارة أعدت برنامجا تدريجيا يمتد إلى 2035 حول كيفية التعاطي مع التغيرات المناخية بصفة تدريجية، ففي الصائفة المنقضية فاقت درجة الحرارة 50 درجة إضافة إلى الحرائق التي تعرضت لها الغابات وفي يوم واحد تبخر 900 ألف متر مكعب من المياه السطحية الموجودة في السدود وهذا دمار ناجم عن تغير المناخ وهو ما يقتضي معالجة ملف المياه ومياه الشرب بسرعة. وبين أنه يوجد في تونس 37 سدا و925 بحيرة جبلية و96 سدا جبليا وحتى السدود التي لم يقع استعمالها في السابق تم هذا العام تشغيلها. وقال إن مياه السدود والبحيرات الجبلية يتم التصرف فيها من خلال بنية تحتية تتحكم فيها الدولة لأن المياه هي مياه الدولة التونسية وهي التي تتصرف فيها لتوفيرها للمواطن التونسي مهما كانت جهته.
وردا على النواب الذين طالبوا بجهر السدود بين أنه شخصيا يرغب في ذلك لكن الكلفة مرتفعة وقدم مثالا على ذلك سد ملاق وقال إن كلفة جهره تقدر بنحو 4 آلاف مليون دينار والحال أن كلفة إنشاء سد جديد تبلغ أقل من 500 مليون دينار.. وذكر أنه تم إنشاء سد ملاق العلوي وعبر عن أمله في أن يدخل هذا السد طور العمل ووصف أعوان إدارة السدود بجنود الخفاء وأثنى على الدور الذي يقومون به لتجميع المياه.
وتحدث الوزير عن النقص المتواصل لكميات المياه الجوفية وهو ما يتسبب في تملح المياه لذلك يتم استغلال محطات تحلية في بعض المناطق، وأشار إلى أن هناك تحديات كبيرة لذلك تولي الوزارة الأولوية القصوى لتوفير مياه الشرب من خلال تحلية مياه البحر، وفي هذا السياق تقرر تركيز محطات تحلية واحدة في جربة وأخرى ستدخل طور العمل في زارات وهناك محطة هامة في صفاقس وذكر أنه من المتوقع أن تنتهي أشغالها في جوان لكن الوزارة تريد التسريع في إنجازها أما المحطة الرابعة فهي في سوسة وهناك صعوبات مع المقاول وعبر عن أمله في إيجاد حل لهذا الإشكال. وأشار الوزير إلى ارتفاع كلفة محطات التحلية وذكر أن منظومة المياه قرقور بلغت قيمتها ألف مليون دينار. كما تحدث عن استعمالات المياه في الفلاحة وقال إنه سيتم اللجوء إلى المياه المستعملة المعالجة مع العمل على تطوير نوعية المياه وتحويل تلك المياه إلى المناطق الجافة..
دعم الإنتاج
وقال وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إنه في ظل وضعية المالية العمومية الصعبة كان يجب التفكير في كيفية توفير العملة الصعبة وذلك من خلال تطوير إنتاج زيت الزيتون والتمور والقوارص والطماطم السيريز. وبين أنه لا بد من غراسة الأراضي غير المستغلة.. وذكر أن تونس هي فعلا بلد الخيرات لكن لا بد من العمل وأضاف أن هناك 4 قواعد لا بد من إتباعها وهي المتابعة والمراقبة والمساءلة والمحاسبة.
وردا عن أسئلة النواب حول ضيعة الشعال بين أن سبب تردي وضعها يعود إلى التواكل والانفلات. وعن سؤال آخر خول سبب ارتفاع سعر الزيت بين أن وزارته ليست هي التي تتحكم في سعر زيت الزيتون فالسعر هو سعر عالمي، وقال إنه سيتم تنظيم لقاء مع اتحاد الفلاحين لبلورة رؤية واضحة من اجل توفير الزيت للمواطن. وعبر عن رغبة الوزارة في بلوغ إنتاج يقدر بمليون طن.
وذكر أن الوزارة تريد الحد من الآبار العشوائية وتحديد حاجيات الجهات من الآبار.. وبين أنه إضافة إلى الزياتين فإن قطاع التمور يوفر العملة الصعبة ووصف الصابة بالجيدة ذكر الدولة قدمت دعما لمنتجي التمور وشجعتهم على اقتناء الناموسية وسهلت عليهم الحصول على قروض وأشار إلى أنه في المقابل هناك قطاع آخر يستهلك العملة الصعبة وهو القمح وعبر عن أمله في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب لأن أسعاره العالمية أعلى من القمح اللين.
كما تحدث الوزير عن الدعم الذي تقدمه الدولة لمنتجي القمح وعن دعم السماد والبذور وذكر أن من لديه متخلدات لدى الدولة سيقع خلاصه حتى وان كان هناك تأخير.. وذكر أن الوزارة بصدد الاستعداد لموسم الزراعات الكبرى وقال إن الجميع استبشروا بالأمطار الأخيرة وهناك اتجاه إلى تخصيص مناطق سقوية لإنتاج القمع على مساحة تمتد على 70 ألف هكتار لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتطرق الوزير لملف الأعلاف وقال إنه يعاني من الفساد وذكر أن هناك أشخاصا مسجلين في القائمة لكن ليس لديهم مواشي وشدد على أهمية الحوكمة وتحقيق الحوكمة يتم من خلال الرقمنة. وذكر أن هناك سماسرة ولوبيات.
وبخصوص دعوة النواب للعناية بالبذور الأصلية أجاب الوزير أن هناك مخابر وانه تم وضع شتلات وأصناف خاصة بتونس وهي تحت السيطرة وأكد أن البحث العلمي متواصل..
وتطرق الوزير لقطاع الألبان ووعد بمواصلة العمل من أجل إيجاد الحلول التي يجب أن تكون في صالح الفلاح.
دمار وفوضى
وبخصوص قطاع الصيد البحري قال الوزير إنه يعيش دمارا وبين أن هناك فوضى عارمة وأمور خارجة عن السيطرة، لكن منذ مارس الماضي تم تطبيق إجراءات مكنت من توفير أرباح على مستوى دعم الوقود قدرت بـ 7 مليون دينار. وذكر أنه لا مجال للتسيب ويجب تطبيق القانون على الجميع للمحافظة على هذه الثروة. وبخصوص الحواجز البحرية بين أنه تم القيام بتجربة في قابس للحد من سلبيات الصيد بالكركارة وهناك من المخالفين تمت إحالتهم على القضاء.. وأشار إلى وجود منظومة لإسناد التراخيص.
وتحدث الوزير عن ملف التن الأحمر وبين أن حصة تونس تبلغ 3020 طنا وأشار إلى أن توزيعها سيتم في إطار العدالة بين الجميع.
بوهلال