مع بداية الاستعداد للانتخابات المحلية خيرت المعارضة التونسية التوجه إلى الخيار الأقصى بإعلان المقاطعة كمبدإ احتجاجي على الواقع السياسي و لتأكيد عدم انخراطها في المسار.. حتى أصيبت بالخمول وظلت تراوح مكانها دون أن تتقدم أو تعمل على تغيير واقعها على الأقل..
وإذ نجحت المعارضة في إقناع العديد بالعزوف عن صناديق الاقتراع بمناسبة الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات التشريعية السابقة فإن ذلك لم يؤثر على المسار السياسي القائم منذ 25 جويلية 2021.
ولم تعر السلطة أي اهتمام لهذه الإستراتيجية التي اعتمدتها المعارضة من أجل إحراج "المسار" إلا أن هذا الأمر لا يعتبر دافعا لتأكيد قوة المعارضة رغم الاعتراف بضعف نتائج التصويت في الانتخابات التشريعية خاصة ..
ومع انطلاق الدعوة للانتخابات المحلية راهنت العديد من الأحزاب على منطق المقاطعة كتكتيك سياسي لتأكيد مكانتها على الساحة من خلال توقع تراجع نسب المشاركة على غرار ما حدث خاصة في الانتخابات التشريعية..
وحيث لا تأثير لمقاطعة الانتخاب في السابق وفشل ذلك كإستراتيجية للضغط على السلطة لتغيير سياساتها تجاه الوسائط من أحزاب ومجتمع مدني، فان المقاطعة أعطت مفعولا عكسيا بعد أن خلقت سياسة الكراسي الفارغة والتي مثلت مدخلا لإنهاء مشاركة المعارضة في الحكم بل وإحالتها على هامش الحياة السياسية.
وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي المستقل مهدي عبد الجواد في تصريح لـ"الصباح" "إن تأسيس الأحزاب يعني بالضرورة المشاركة والتنافس على السلطة وتأمين التداول السلمي عليها ولا يمكن للأحزاب أن تفعل ذلك إلا من خلال المشاركة في الانتخابات بما هي محرار لقياس جماهيريتها وجديتها."
واعتبر عبد الجواد أن الحديث عن المقاطعة لم يوقف مسار 25 جويلية بل حوله إلى المؤثر واللاعب الوحيد القوي فيه، على حد توصيفه.
في المقابل زاد غياب الأحزاب من "إضعافها وأوجدها على هامش الفعل السياسي وهو ما لاحظناه خلال فترة حكم بن علي ومنذ تولي قيس سعيد للسلطة"،على حد تعبير مهدي عبد الجواد.
ويرى عبد الجواد أن الخيار الديمقراطي الأسلم هو المشاركة في الانتخابات وفرض "التغيير عبر صناديق الاقتراع تماما كما حصل مع بينوشي الذي أسقطه الوعي بالمشاركة السياسية والتصويتية"،على تعبيره.
وخلص عبد الجواد إلى أن "رفض المشاركة بتعلة رفض سياسة قيس سعيد خطأ سياسي.. ولكن هذا لا يجب أن ينسينا أنه حتى الأحزاب التي شاركت سعيد دون رؤية نقدية "فقد انتهت في الشارع"، معتبرا أن "الخاسر الكبير هي تونس سواء من المقاطعين لهذا المسار أو المشاركين فيه بدافع براغماتي وانتهازي"، وفق قول عبد الجواد.
وإذ تبقى المشاركة الانتخابية محرارا لقيس شعبية الأحزاب ومدى امتدادها الجماهيري وجاهزيتها لأي استحقاق فان المعارضة في تونس لا تبدو كذلك.
فأمام تحولات المشهد وعلى الرغم من وحدة التوصيف بأنه لا مجال "لحكم الفرد في البلاد"، حسب تصريحات عدة أحزاب ومن مختلف العائلات السياسية، فان أهداف المعارضة لم تكن بذات الوضوح لتعيش على إثرها الأحزاب والمنظمات التقلبات والخيبات ..
وواقعيا مازالت الأحزاب تعزف نشازا سياسيا في ظل نزيف التشتت في وقت كان لزاما عليها التوحد بعد أن كشفت عن أهدافها المشتركة المتمثلة في إيجاد توازن سياسي.
وإذ بقيت المعارضة بعيدة عن أي تأثير في الواقع فإنها بقيت على خط المناوشة السياسية أحيانا بالتحركات الميدانية تارة والبيانات تارة أخرى دون أن تقدم بدائل مقنعة.
خليل الحناشي
تونس-الصباح
مع بداية الاستعداد للانتخابات المحلية خيرت المعارضة التونسية التوجه إلى الخيار الأقصى بإعلان المقاطعة كمبدإ احتجاجي على الواقع السياسي و لتأكيد عدم انخراطها في المسار.. حتى أصيبت بالخمول وظلت تراوح مكانها دون أن تتقدم أو تعمل على تغيير واقعها على الأقل..
وإذ نجحت المعارضة في إقناع العديد بالعزوف عن صناديق الاقتراع بمناسبة الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات التشريعية السابقة فإن ذلك لم يؤثر على المسار السياسي القائم منذ 25 جويلية 2021.
ولم تعر السلطة أي اهتمام لهذه الإستراتيجية التي اعتمدتها المعارضة من أجل إحراج "المسار" إلا أن هذا الأمر لا يعتبر دافعا لتأكيد قوة المعارضة رغم الاعتراف بضعف نتائج التصويت في الانتخابات التشريعية خاصة ..
ومع انطلاق الدعوة للانتخابات المحلية راهنت العديد من الأحزاب على منطق المقاطعة كتكتيك سياسي لتأكيد مكانتها على الساحة من خلال توقع تراجع نسب المشاركة على غرار ما حدث خاصة في الانتخابات التشريعية..
وحيث لا تأثير لمقاطعة الانتخاب في السابق وفشل ذلك كإستراتيجية للضغط على السلطة لتغيير سياساتها تجاه الوسائط من أحزاب ومجتمع مدني، فان المقاطعة أعطت مفعولا عكسيا بعد أن خلقت سياسة الكراسي الفارغة والتي مثلت مدخلا لإنهاء مشاركة المعارضة في الحكم بل وإحالتها على هامش الحياة السياسية.
وفي هذا السياق يقول الناشط السياسي المستقل مهدي عبد الجواد في تصريح لـ"الصباح" "إن تأسيس الأحزاب يعني بالضرورة المشاركة والتنافس على السلطة وتأمين التداول السلمي عليها ولا يمكن للأحزاب أن تفعل ذلك إلا من خلال المشاركة في الانتخابات بما هي محرار لقياس جماهيريتها وجديتها."
واعتبر عبد الجواد أن الحديث عن المقاطعة لم يوقف مسار 25 جويلية بل حوله إلى المؤثر واللاعب الوحيد القوي فيه، على حد توصيفه.
في المقابل زاد غياب الأحزاب من "إضعافها وأوجدها على هامش الفعل السياسي وهو ما لاحظناه خلال فترة حكم بن علي ومنذ تولي قيس سعيد للسلطة"،على حد تعبير مهدي عبد الجواد.
ويرى عبد الجواد أن الخيار الديمقراطي الأسلم هو المشاركة في الانتخابات وفرض "التغيير عبر صناديق الاقتراع تماما كما حصل مع بينوشي الذي أسقطه الوعي بالمشاركة السياسية والتصويتية"،على تعبيره.
وخلص عبد الجواد إلى أن "رفض المشاركة بتعلة رفض سياسة قيس سعيد خطأ سياسي.. ولكن هذا لا يجب أن ينسينا أنه حتى الأحزاب التي شاركت سعيد دون رؤية نقدية "فقد انتهت في الشارع"، معتبرا أن "الخاسر الكبير هي تونس سواء من المقاطعين لهذا المسار أو المشاركين فيه بدافع براغماتي وانتهازي"، وفق قول عبد الجواد.
وإذ تبقى المشاركة الانتخابية محرارا لقيس شعبية الأحزاب ومدى امتدادها الجماهيري وجاهزيتها لأي استحقاق فان المعارضة في تونس لا تبدو كذلك.
فأمام تحولات المشهد وعلى الرغم من وحدة التوصيف بأنه لا مجال "لحكم الفرد في البلاد"، حسب تصريحات عدة أحزاب ومن مختلف العائلات السياسية، فان أهداف المعارضة لم تكن بذات الوضوح لتعيش على إثرها الأحزاب والمنظمات التقلبات والخيبات ..
وواقعيا مازالت الأحزاب تعزف نشازا سياسيا في ظل نزيف التشتت في وقت كان لزاما عليها التوحد بعد أن كشفت عن أهدافها المشتركة المتمثلة في إيجاد توازن سياسي.
وإذ بقيت المعارضة بعيدة عن أي تأثير في الواقع فإنها بقيت على خط المناوشة السياسية أحيانا بالتحركات الميدانية تارة والبيانات تارة أخرى دون أن تقدم بدائل مقنعة.