إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم أنها تمثل "القلب النابض" لاقتصاد الغد.. الشركات الناشئة في تونس دون دعم الدولة و"البيروقراطية" تضع مسمار نعشها !

 

- إنشاء شركة ناشئة في تونس يتطلب أكثر من 40 يوما مقابل 6 دقائق في ألمانيا!

تونس- الصباح

تشهد تونس في السنوات الأخيرة طفرة في نمو الشركات الناشئة، حيث تزايد عددها بشكل ملحوظ، وتنوعت مجالات نشاطها، وحقق العديد منها نجاحات كبيرة. ولعل أبرز مؤشر على هذا النمو هو أن تونس احتلت المرتبة 22 في مؤشر الشركات الناشئة العالمي لعام 2023، وهو تقدم كبير مقارنة بالمرتبة 36 التي احتلتها في العام السابق.

لكن على الرغم من هذا النمو في عدد الشركات الناشئة في تونس، إلا أن جزءا واسعا منها لا يصله دعم الدولة أو بالكاد تحصل بعض الشركات على بعض القروض الميسرة، وجزء واسع من أصحاب هذه الشركات يضطرون الى الحصول على تراخيص من خارج تونس لإنشاء شركاتهم، مثل ألمانيا وفرنسا ودول أوروبا عموما، وذلك نظرا للإجراءات البيروقراطية التي يجدها المؤسس في طريقه، والتي تضطره في اغلب الأحيان الى إلغاء مشروع يدر الملايين من الدولارات بسبب بعض الوثائق الإدارية، فضلا عن طول المدة التي يجدها صاحب المشروع لإنشاء شركته والتي تصل الى أكثر من 40 يوما، في حين لا يتطلب الأمر أكثر من 6 دقائق للحصول على ترخيص من دولة أجنبية مثل ألمانيا، وهو الأمر الذي دفع العديد من أصحاب الشركات والمشاريع التكنولوجية الثورية الى اللجوء لهذه الدول للحصول على ترخيص يخول لهم العمل في تونس، وتستفيد هذه الدول من الابتكارات والمنتجات التونسية التي توصف لدى الغرب بالثورية وتدر أرباحا طائلة على اقتصادهم.

شركات رائدة في شتى المجالات

"الصباح" أدت زيارة الى قرية تحتضن شركات ناشئة بالعاصمة تونس تعرف تحت اسم "Media Net" ، واطلعت على ما تضمه هذه القرية من مشاريع بعضها يتعلق بتطوير التطبيقات التي تساعد الشركات على تطوير عملها على كل المستويات، بالإضافة الى شركات تطور منظومات حصرية تتعلق بإدارة الشؤون المالية للمؤسسات، وأيضا كل ما يتعلق بالمنظومات التي تحد من استهلاك "الكربون" في شتى القطاعات أبرزها القطاع الفلاحي.

ومن بين المشاريع التي أثارت انتباهنا مشروع لشاب يدعى فرات الباجي، وهو صاحب شركة ناشئة تطور منظومات وتجهيزات فلاحية تساعد على الحد من استهلاك "الكربون" في الأراضي الفلاحية وفقا للمعايير الدولية، وهي شركة حققت نجاحا باهرا نظرا للحلول التي تقدمها للفلاحين، والتي تساعدهم على التكيف مع المعايير الدولية في مجال تصدير المنتجات الفلاحية.

وحسب ما كشف عنه فرات الباجي لـ"الصباح"، فإن جزءا واسعا من تمويلات شركته الناشئة قادم من الخواص أو مستثمرين أجانب، نافيا وجود أي دعم من قبل الدولة لفائدة الشركات الناشئة عموما، والتي تعاني من البيروقراطية في الحصول على التراخيص، بالإضافة الى الأداءات المشطة، والتي تدفع بالبعض من الشباب التونسي الى السفر الى الخارج لبعث شركاتهم.  

"بيروقراطية" في غير محلها 

من جهته، نفى المدير المالي والإداري لقرية "MEDIA NET"  كريم غربال في تصريح لـ"الصباح"، وجود أي دعم من قبل الدولة للشركات الناشئة، مشيرا إلى صعوبة إنشاء الشركات الناشئة في تونس، حيث يتطلب الأمر أكثر من 40 يوما جلها تراخيص إدارية، في حين لا يتطلب الأمر في حال قرر المنتفع تقليص المدة الزمنية لبعث شركته الخاصة اللجوء الى الخارج، حيث لا يتطلب الأمر 6 دقائق للحصول على ترخيص لإنشاء الشركة من دولة ألمانيا، ما يربح العديد من الشباب وأصحاب الأفكار والابتكارات الكثير من الوقت، لكن هذه المنتجات تصبح أجنبية في ما بعد، وتستفيد منها هذه الدولة التي منحت الترخيص، مبرزا أهمية العمل مستقبلا في تونس على الحد من التراخيص التي تعيق بعث الشركات الناشئة، خصوصا وأنها باتت اليوم تعد شريان الاقتصاد، ومصدرا مهما للعملة الصعبة على حد تعبيره.

كما لفت كريم غربال الى أهمية مراجعة قانون الضرائب في ما يتعلق بالشركات الناشئة، ومراجعة العديد من التشريعات على مستوى الأداءات بما يساعد على تطوير نشاط هذه الشركات، مشيرا الى أن العديد من أصحاب الأفكار، والابتكارات الذين يجدون صعوبات في تونس لبعث مشاريعهم يتم التكفل بهم في القرية، وتقديم الدعم المادي والمرافقة والاستشارة القانونية، ومساعدتهم على الحصول على التراخيص المناسبة لشركاتهم، لافتا الى أن العائق يظل في مدة بعث هذه الشركات رغم أهميتها الاقتصادية.

ورغم أن القرية تضم العديد من الشركات الناشئة الناجحة عالميا ومحل متابعة من قبل العديد من المستثمرين الأجانب، تبقى مسألة الدعم محدودة لدى القطاع الخاص، ولا يوجد أي دعم مالي مباشر من قبل الدولة.

وتضم القرية العشرات من الشركات الناشئة الرائدة في شتى المجالات الرقمية والتكنولوجية والبيئيّة والفلاحية، بالإضافة الى تقديم منظومات متطورة في قطاع الخدمات والسياحة، ومحل طلب كبير من دول أوروبا.

وتم إنشاء القرية بمبلغ 2 مليون دينار، وهي تضم العديد من المكاتب، فضلا عن قاعات عمل متطورة لا تختلف في بنيتها الداخلية عن الشركات العملاقة الأجنبية مثل شركة "غوغل"، حيث توفر للموظفين مكاتب وقاعات ترفيهية مستوحاة من التراث التونسي مع لمسات غربية في الديكور، بما يتيح مردودية عالية من قبل الموظفين في شتى المجالات التقنية.

مستقبل الشركات الناشئة

ويتوقع أن يواصل قطاع الشركات الناشئة في تونس نموه في السنوات القادمة، وأن يلعب دوراً أكثر أهمية في الاقتصاد التونسي. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها اهتمام الغرب بالابتكارات التكنولوجية التونسية، حيث باتت الشركات الناشئة التونسية تتمتع بفرص كبيرة للنمو والتوسع في الأسواق العالمية، وذلك بفضل موقع تونس الاستراتيجي وقربها من الأسواق الأوروبية. ولكي تتمكن الشركات الناشئة التونسية من تحقيق النجاح في المستقبل، يجب عليها أن تركز على تطوير منتجاتها وخدماتها، وتعزيز قدراتها التنافسية، وبناء شراكات مع المؤسسات المحلية والدولية، هذا بالإضافة الى ضرورة توجيه دعم سخي من قبل الدولة لهذه الشركات، والتي بإمكانها أن تقلب المعادلة الاقتصادية، وتصبح مصدرا مهما للقيمة المضافة العالية، نظرا للمنتجات الرائدة التي تقدمها، والتي تستفيد منها دول أوروبية.

سفيان المهداوي

رغم أنها تمثل "القلب النابض" لاقتصاد الغد..   الشركات الناشئة في تونس دون دعم الدولة و"البيروقراطية" تضع مسمار نعشها !

 

- إنشاء شركة ناشئة في تونس يتطلب أكثر من 40 يوما مقابل 6 دقائق في ألمانيا!

تونس- الصباح

تشهد تونس في السنوات الأخيرة طفرة في نمو الشركات الناشئة، حيث تزايد عددها بشكل ملحوظ، وتنوعت مجالات نشاطها، وحقق العديد منها نجاحات كبيرة. ولعل أبرز مؤشر على هذا النمو هو أن تونس احتلت المرتبة 22 في مؤشر الشركات الناشئة العالمي لعام 2023، وهو تقدم كبير مقارنة بالمرتبة 36 التي احتلتها في العام السابق.

لكن على الرغم من هذا النمو في عدد الشركات الناشئة في تونس، إلا أن جزءا واسعا منها لا يصله دعم الدولة أو بالكاد تحصل بعض الشركات على بعض القروض الميسرة، وجزء واسع من أصحاب هذه الشركات يضطرون الى الحصول على تراخيص من خارج تونس لإنشاء شركاتهم، مثل ألمانيا وفرنسا ودول أوروبا عموما، وذلك نظرا للإجراءات البيروقراطية التي يجدها المؤسس في طريقه، والتي تضطره في اغلب الأحيان الى إلغاء مشروع يدر الملايين من الدولارات بسبب بعض الوثائق الإدارية، فضلا عن طول المدة التي يجدها صاحب المشروع لإنشاء شركته والتي تصل الى أكثر من 40 يوما، في حين لا يتطلب الأمر أكثر من 6 دقائق للحصول على ترخيص من دولة أجنبية مثل ألمانيا، وهو الأمر الذي دفع العديد من أصحاب الشركات والمشاريع التكنولوجية الثورية الى اللجوء لهذه الدول للحصول على ترخيص يخول لهم العمل في تونس، وتستفيد هذه الدول من الابتكارات والمنتجات التونسية التي توصف لدى الغرب بالثورية وتدر أرباحا طائلة على اقتصادهم.

شركات رائدة في شتى المجالات

"الصباح" أدت زيارة الى قرية تحتضن شركات ناشئة بالعاصمة تونس تعرف تحت اسم "Media Net" ، واطلعت على ما تضمه هذه القرية من مشاريع بعضها يتعلق بتطوير التطبيقات التي تساعد الشركات على تطوير عملها على كل المستويات، بالإضافة الى شركات تطور منظومات حصرية تتعلق بإدارة الشؤون المالية للمؤسسات، وأيضا كل ما يتعلق بالمنظومات التي تحد من استهلاك "الكربون" في شتى القطاعات أبرزها القطاع الفلاحي.

ومن بين المشاريع التي أثارت انتباهنا مشروع لشاب يدعى فرات الباجي، وهو صاحب شركة ناشئة تطور منظومات وتجهيزات فلاحية تساعد على الحد من استهلاك "الكربون" في الأراضي الفلاحية وفقا للمعايير الدولية، وهي شركة حققت نجاحا باهرا نظرا للحلول التي تقدمها للفلاحين، والتي تساعدهم على التكيف مع المعايير الدولية في مجال تصدير المنتجات الفلاحية.

وحسب ما كشف عنه فرات الباجي لـ"الصباح"، فإن جزءا واسعا من تمويلات شركته الناشئة قادم من الخواص أو مستثمرين أجانب، نافيا وجود أي دعم من قبل الدولة لفائدة الشركات الناشئة عموما، والتي تعاني من البيروقراطية في الحصول على التراخيص، بالإضافة الى الأداءات المشطة، والتي تدفع بالبعض من الشباب التونسي الى السفر الى الخارج لبعث شركاتهم.  

"بيروقراطية" في غير محلها 

من جهته، نفى المدير المالي والإداري لقرية "MEDIA NET"  كريم غربال في تصريح لـ"الصباح"، وجود أي دعم من قبل الدولة للشركات الناشئة، مشيرا إلى صعوبة إنشاء الشركات الناشئة في تونس، حيث يتطلب الأمر أكثر من 40 يوما جلها تراخيص إدارية، في حين لا يتطلب الأمر في حال قرر المنتفع تقليص المدة الزمنية لبعث شركته الخاصة اللجوء الى الخارج، حيث لا يتطلب الأمر 6 دقائق للحصول على ترخيص لإنشاء الشركة من دولة ألمانيا، ما يربح العديد من الشباب وأصحاب الأفكار والابتكارات الكثير من الوقت، لكن هذه المنتجات تصبح أجنبية في ما بعد، وتستفيد منها هذه الدولة التي منحت الترخيص، مبرزا أهمية العمل مستقبلا في تونس على الحد من التراخيص التي تعيق بعث الشركات الناشئة، خصوصا وأنها باتت اليوم تعد شريان الاقتصاد، ومصدرا مهما للعملة الصعبة على حد تعبيره.

كما لفت كريم غربال الى أهمية مراجعة قانون الضرائب في ما يتعلق بالشركات الناشئة، ومراجعة العديد من التشريعات على مستوى الأداءات بما يساعد على تطوير نشاط هذه الشركات، مشيرا الى أن العديد من أصحاب الأفكار، والابتكارات الذين يجدون صعوبات في تونس لبعث مشاريعهم يتم التكفل بهم في القرية، وتقديم الدعم المادي والمرافقة والاستشارة القانونية، ومساعدتهم على الحصول على التراخيص المناسبة لشركاتهم، لافتا الى أن العائق يظل في مدة بعث هذه الشركات رغم أهميتها الاقتصادية.

ورغم أن القرية تضم العديد من الشركات الناشئة الناجحة عالميا ومحل متابعة من قبل العديد من المستثمرين الأجانب، تبقى مسألة الدعم محدودة لدى القطاع الخاص، ولا يوجد أي دعم مالي مباشر من قبل الدولة.

وتضم القرية العشرات من الشركات الناشئة الرائدة في شتى المجالات الرقمية والتكنولوجية والبيئيّة والفلاحية، بالإضافة الى تقديم منظومات متطورة في قطاع الخدمات والسياحة، ومحل طلب كبير من دول أوروبا.

وتم إنشاء القرية بمبلغ 2 مليون دينار، وهي تضم العديد من المكاتب، فضلا عن قاعات عمل متطورة لا تختلف في بنيتها الداخلية عن الشركات العملاقة الأجنبية مثل شركة "غوغل"، حيث توفر للموظفين مكاتب وقاعات ترفيهية مستوحاة من التراث التونسي مع لمسات غربية في الديكور، بما يتيح مردودية عالية من قبل الموظفين في شتى المجالات التقنية.

مستقبل الشركات الناشئة

ويتوقع أن يواصل قطاع الشركات الناشئة في تونس نموه في السنوات القادمة، وأن يلعب دوراً أكثر أهمية في الاقتصاد التونسي. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، أبرزها اهتمام الغرب بالابتكارات التكنولوجية التونسية، حيث باتت الشركات الناشئة التونسية تتمتع بفرص كبيرة للنمو والتوسع في الأسواق العالمية، وذلك بفضل موقع تونس الاستراتيجي وقربها من الأسواق الأوروبية. ولكي تتمكن الشركات الناشئة التونسية من تحقيق النجاح في المستقبل، يجب عليها أن تركز على تطوير منتجاتها وخدماتها، وتعزيز قدراتها التنافسية، وبناء شراكات مع المؤسسات المحلية والدولية، هذا بالإضافة الى ضرورة توجيه دعم سخي من قبل الدولة لهذه الشركات، والتي بإمكانها أن تقلب المعادلة الاقتصادية، وتصبح مصدرا مهما للقيمة المضافة العالية، نظرا للمنتجات الرائدة التي تقدمها، والتي تستفيد منها دول أوروبية.

سفيان المهداوي