إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بينهم أيمة.. ومنتمون للتعليم العالي.. 26 نقابيا في أروقة المحاكم بين محالين على التحقيق وموقوفين

 

تونس-الصباح

توتر سياسي ونقابي في الأفق، ذلك الذي أعلنت عنه الأحداث السياسية المسجلة خلال 24ساعة الأخيرة اثر إيقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي بصفاقس يوسف العوادني والنقابيين حاتم الزغب وأشرف المكني وسليمان القروي بعد استنطاقهم في مقر الإدارة العامة للحرس الوطني بالعوينة.

ويأتي سياق الأحداث في وقت انتظر فيه الجميع عقلنة الصراع السياسي والتخفيض من منسوب التوتر الحاصل في تونس  لتجاوز الأزمات، بيد أن ذلك لم يحصل لتعود معه الخلافات إلى سطح الأحداث.

ولم يكن ملف الكاتب العام للاتحاد الجهوي وبقية الرفاق الإعلان الوحيد عن احتمالية التصعيد بعد أن كشف المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس المجتمع  أول أمس الثلاثاء بصفة طارئة عن استعداده لكل أشكال النضال من اجل إطلاق سراح المناضلين النقابيين بعد أن استنكر محمد عباس الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس عملية الإيقاف، معتبرا أن الملف سياسي بامتياز وأن القضية حلقة من حلقات التآمر على جهة صفاقس وعلى العمل النقابي بها .

ويتقاطع موقف الاتحاد الجهوي بصفاقس مع موقف الاتحادات الجهوية للشغل والتي تحركت عبر بياناتها للتأكيد عن المساندة المطلقة للموقوفين ورفضهم لما اعتبروه "محاولات السلطة التنفيذية لتركيع الاتحاد العام التونسي للشغل واستهداف المنظمة."

وقد زاد التصعيد أكثر مع تصريح الأمين العام نور الدين الطبوبي حيث استنكر في كلمة له أمس بمناسبة إحياء ذكرى أحداث النفيضة 21 نوفمبر 1950، عملية الإيقاف، محذرا في هذا الإطار من محاولات جر المنظمة إلى الصدام .

وشكل موقف الطبوبي  مدخلا للتساؤل عن احتمالية رد الاتحاد، الذي لم يتأخر مبدئيا في الدعوة إلى اجتماع عاجل للهيئة الإدارية الوطنية اليوم في بيان صادر عن المكتب التنفيذي للمنظمة، حيث سلط الضوء على ما اسماه "تواصل  هرسلة النقابيين وفبركة القضايا الكيدية ضدهم منذ أكثر من سنة، مذكرا بأنها طالت نقابيي النقل والطرقات السيارة والإطارات المسجدية والثقافة والتعليم والتجارة، وبأن آخرهم نقابيو صفاقس، معتبرا ذلك محاولة لإرباك المنظمة والحيلولة دون القيام بمهامها الوطنية والاجتماعية".

وطالب البيان "بإطلاق سراح الموقوفين فورا وحفظ كل القضايا في حقهم، واصفا إياها بالكيدية داعيا الهيئة الإدارية الوطنية للانعقاد لتدارس تطورات الأحداث واتخاذ كل القرارات المناسبة دفاعا عن الحق النقابي وعن مناضليه حاثا كافة النقابيين على ملازمة اليقظة والتجند للدفاع عن المنظمة واستقلاليتها".

ويبدو واضحا أن مظلة الأمان النقابي باتت أكثر تهديدا  نتيجة تصدع العلاقات بين منظمات المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب من جهة، والسلطة التنفيذية من جهة أخرى حيث مازال ملف الكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة  المعتقل أنيس الكعبي ونقابيي جامعة النقل معلقا  رغم محاولات الاتحاد لحل الخلاف.

كما يذكر أيضا أن الطبوبي قد صرح في وقت سابق أن الاتحاد لم يعد يقبل بالمسار السياسي الحالي في تونس؛ بسبب التفرد بالحكم والغموض والخوف على مستقبل الديمقراطية، معلناً بذلك مقاطعته للمسار الذي دعمه العام الماضي حين أعلن الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.

وقال الطبوبي في خطاب سابق  "لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرد ولما يخفيه من مفاجآت غير سارة على مصير البلاد والديمقراطية".

وتابع بالقول:"نحن اليوم إزاء حكومة بلا رؤية ولا برنامج، تتحرك بآليات الحكومات السابقة نفسها عبر غياب الشفافية وازدواجية الخطاب واللجوء إلى الحلول السهلة والمخططات الفاشلة وإتباع الاقتراض كسبيل وحيد للخروج من الأزمة، وآن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقى، ويعيد إلى بعض الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود".

من الطريق السيارة .. إلى السجن

 وأصدر بتاريخ 2 فيفري 2023 قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع بالسجن في حق الكاتب العام للنقابة الأساسية لنقابة شركة تونس للطرقات السيارة أنيس الكعبي.

وجاء إيقاف الكعبي بعد نحو 48ساعة من زيارة الرئيس قيس سعيد الفجئية إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة حيث أقر أن "الحق النقابي مضمون بالدستور لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد".

وتساءل رئيس الدولة عن معنى أن يتم غلق الطريق لافتا إلى أنه يتفهم المطالب، ويحاول تخفيف المآسي والبؤس، لكن المجموعات التي يتم وضعها على سكة القطار بقفصة وراءها من وراءها وهم معلومون، وفق تعبيره.

وقال رئيس الجمهورية إن "من يتولون قطع الطريق ويهددون بقطع الطريق السيارة لا يمكن أن يبقوا خارج دائرة المحاسبة والمساءلة".

وتزامن تصريح الرئيس عن الشأن النقابي مع إيقاف الكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة وهو ما اعتبرته قيادات المنظمة تهديدا صريحا للعمل النقابي وللاتحاد العام التونسي للشغل.

كما تحولت بعض الوزارات والمؤسسات العمومية الأخرى إلى فضاءات "لصيد تحركات النقابيين وإلباسها صبغة قانونية لتسهيل الدفع بهم إلى أروقة المحاكم"، ليرتفع بذلك عدد المحالين على القضاء إلى 22نقابيا وذلك قبل الإحالات الأخيرة لنقابيي صفاقس الأربعة.

وقد أحالت الوحدات الأمنية على أنظار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 17مارس 2023 الكاتب العام للنقابة الأساسية لأعوان وإطارات وزارة الثقافة الناصر بن عمارة والموظف بوزارة الثقافة نادر السماري وذلك على خلفية شكاية رفعتها وزيرة الثقافة حياة قطاط قرمازي ضده، وقد قررت النيابة إصدار بطاقتي إيداع بالسجن في حقهما وإحالتهما على المجلس الجناحي وقد قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى في حق النقابيين.

ولم يتوقف بن عمارة عند هذا الحد حيث تمت إحالته مجددا على أنظار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس والتي أذنت بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه  بسبب اتهامه بارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية.

 

إدانة بالجملة

لم يكن يوم 17مارس 2023 يوما عاديا في حياة 16 نقابيا من الجامعة العامة للنقل بعد أن قضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإدانتهم جميعا وعلى رأسهم الكاتب العام للنقابة وجيه الزيدي وكاتب عام الفرع الجامعي لجامعة النقل بجهة تونس بسجن كل واحد منهم مدة 4 أشهر.

وكان الـ16 نقابيا من جامعة النقل باتّحاد الشغل مثلوا أمام الفرقة الثالثة للحرس الوطني ببن عروس على خلفية شكايات رفعها وزير النقل من بينها ما هو على معنى المرسوم 54، وأخرى متعلقة بـ"محاولة اقتحام مكتب الوزير وتعطيل سير العمل وتعطيل مصعد الوزارة".

سياق القضية يأتي على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي كان نفّذها العاملون بشركة نقل تونس "دفاعا عن استمرارية الشركة وحقّ الشعب في نقل عمومي يحترم الذات البشرية وحقوق الإنسان"،على حد تعبيرهم.  

أئمة في المحاكم

لم يكن الكاتب العام لجامعة الشؤون الدينية عبد السلام العطوي أكثر حظا من بقية النقابيين بعد جره إلى مكتب النيابة العمومية بالعاصمة، قررت إحالة ملفه على أنظار الدائرة الجناحية بتونس لمحاكمته على خلفية شكاية كان رفعها ضدّه وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشايبي وضد الكاتب العام المساعد .

وأحيل الكاتب العام بحالة تقديم يوم 27مارس 2023 على أنظار النيابة العمومية إثر تصريحات إعلامية وتدوينات فايسبوكية منسوبة إليه، وتقرّر تعيين موعد 10 أفريل لمثول العطوي أمام الدائرة الجناحية.

بدوره أحيل الكاتب عام الفرع الجهوي للنقابة العامة للشؤون الدينية بباجة، نزار قرامي بعد سماعه من قبل إحدى الفرق الأمنية بالقرجاني بعد أن اشتكاه بدوره وزير الشؤون الدينية أيضا بسبب مواقفه النقابية وتدوينة على صفحته الخاصة.

لنقابيي التعليم العالي نصيب

وعلى إثر تدوينة منشورة على صفحة الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي تحدث فيها صاحبها عما اعتبره ممارسات وتجاوزات وإخلالات غير قانونيّة بالمعهد العالي للرّياضة والتربية البدنيّة بقصر السعيد، وجد الكاتب العام للجامعة العامة نزار بن صالح نفسه أمام شكاية تقدم بها المدير السابق للمعهد.

ففي يوم 25 أفريل 2023 وقف بن صالح أمام القضاء ليعيد الكاتب العام نفس الوقفة أمام المحكمة الابتدائية بمنوبة يوم 13 جويلية 2023 على خلفية نفس الشكاية.

التعبئة الجهوية والقطاعية

بعيد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن موعد هيئته الإدارية الوطنية المقررة لهذا اليوم بدأت المنظمة في عمليات التعبئة الجهوية والقطاعية لدعم ملف النقابيين الموقوفين وإعادة تركيز الاتحاد لخلق التوازنات الممكنة بعدما أظهرته الأحزاب من وهن وتراجع نتيجة اعتقال قيادات الصف الأول للمعارضة التونسية وابرز الوجوه السياسية المستقلة.

ومجددا يعود الاتحاد لينشط الساحة الوطنية ولتخرج المنظمة من غرفة الإنعاش بعد أن ساد الاعتقاد بنهايتها وتراجع أدوراها حتى الاجتماعي منها.

ومن الواضح أن جدول أعمال الهيئة الإدارية سيرفع من سقف التحديات الاجتماعية والسياسية والنقابية في مواجهة السلطة القائمة بعد التوصيف المقلق للواقع الراهن في أكثر من تصريح وحوار للقيادات النقابية حيث لن تتمكن السلطة من رسم وتحديد مربعات تحرك الاتحاد الساعي لاستعادة مرتبته كشريك حقيقي.

خليل الحناشي

بينهم أيمة.. ومنتمون للتعليم العالي..   26 نقابيا في أروقة المحاكم   بين محالين على التحقيق وموقوفين

 

تونس-الصباح

توتر سياسي ونقابي في الأفق، ذلك الذي أعلنت عنه الأحداث السياسية المسجلة خلال 24ساعة الأخيرة اثر إيقاف الكاتب العام للاتحاد الجهوي بصفاقس يوسف العوادني والنقابيين حاتم الزغب وأشرف المكني وسليمان القروي بعد استنطاقهم في مقر الإدارة العامة للحرس الوطني بالعوينة.

ويأتي سياق الأحداث في وقت انتظر فيه الجميع عقلنة الصراع السياسي والتخفيض من منسوب التوتر الحاصل في تونس  لتجاوز الأزمات، بيد أن ذلك لم يحصل لتعود معه الخلافات إلى سطح الأحداث.

ولم يكن ملف الكاتب العام للاتحاد الجهوي وبقية الرفاق الإعلان الوحيد عن احتمالية التصعيد بعد أن كشف المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس المجتمع  أول أمس الثلاثاء بصفة طارئة عن استعداده لكل أشكال النضال من اجل إطلاق سراح المناضلين النقابيين بعد أن استنكر محمد عباس الكاتب العام المساعد للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس عملية الإيقاف، معتبرا أن الملف سياسي بامتياز وأن القضية حلقة من حلقات التآمر على جهة صفاقس وعلى العمل النقابي بها .

ويتقاطع موقف الاتحاد الجهوي بصفاقس مع موقف الاتحادات الجهوية للشغل والتي تحركت عبر بياناتها للتأكيد عن المساندة المطلقة للموقوفين ورفضهم لما اعتبروه "محاولات السلطة التنفيذية لتركيع الاتحاد العام التونسي للشغل واستهداف المنظمة."

وقد زاد التصعيد أكثر مع تصريح الأمين العام نور الدين الطبوبي حيث استنكر في كلمة له أمس بمناسبة إحياء ذكرى أحداث النفيضة 21 نوفمبر 1950، عملية الإيقاف، محذرا في هذا الإطار من محاولات جر المنظمة إلى الصدام .

وشكل موقف الطبوبي  مدخلا للتساؤل عن احتمالية رد الاتحاد، الذي لم يتأخر مبدئيا في الدعوة إلى اجتماع عاجل للهيئة الإدارية الوطنية اليوم في بيان صادر عن المكتب التنفيذي للمنظمة، حيث سلط الضوء على ما اسماه "تواصل  هرسلة النقابيين وفبركة القضايا الكيدية ضدهم منذ أكثر من سنة، مذكرا بأنها طالت نقابيي النقل والطرقات السيارة والإطارات المسجدية والثقافة والتعليم والتجارة، وبأن آخرهم نقابيو صفاقس، معتبرا ذلك محاولة لإرباك المنظمة والحيلولة دون القيام بمهامها الوطنية والاجتماعية".

وطالب البيان "بإطلاق سراح الموقوفين فورا وحفظ كل القضايا في حقهم، واصفا إياها بالكيدية داعيا الهيئة الإدارية الوطنية للانعقاد لتدارس تطورات الأحداث واتخاذ كل القرارات المناسبة دفاعا عن الحق النقابي وعن مناضليه حاثا كافة النقابيين على ملازمة اليقظة والتجند للدفاع عن المنظمة واستقلاليتها".

ويبدو واضحا أن مظلة الأمان النقابي باتت أكثر تهديدا  نتيجة تصدع العلاقات بين منظمات المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب من جهة، والسلطة التنفيذية من جهة أخرى حيث مازال ملف الكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة  المعتقل أنيس الكعبي ونقابيي جامعة النقل معلقا  رغم محاولات الاتحاد لحل الخلاف.

كما يذكر أيضا أن الطبوبي قد صرح في وقت سابق أن الاتحاد لم يعد يقبل بالمسار السياسي الحالي في تونس؛ بسبب التفرد بالحكم والغموض والخوف على مستقبل الديمقراطية، معلناً بذلك مقاطعته للمسار الذي دعمه العام الماضي حين أعلن الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.

وقال الطبوبي في خطاب سابق  "لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرد ولما يخفيه من مفاجآت غير سارة على مصير البلاد والديمقراطية".

وتابع بالقول:"نحن اليوم إزاء حكومة بلا رؤية ولا برنامج، تتحرك بآليات الحكومات السابقة نفسها عبر غياب الشفافية وازدواجية الخطاب واللجوء إلى الحلول السهلة والمخططات الفاشلة وإتباع الاقتراض كسبيل وحيد للخروج من الأزمة، وآن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقى، ويعيد إلى بعض الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود".

من الطريق السيارة .. إلى السجن

 وأصدر بتاريخ 2 فيفري 2023 قاضي التحقيق الأول بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقة إيداع بالسجن في حق الكاتب العام للنقابة الأساسية لنقابة شركة تونس للطرقات السيارة أنيس الكعبي.

وجاء إيقاف الكعبي بعد نحو 48ساعة من زيارة الرئيس قيس سعيد الفجئية إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة حيث أقر أن "الحق النقابي مضمون بالدستور لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على أحد".

وتساءل رئيس الدولة عن معنى أن يتم غلق الطريق لافتا إلى أنه يتفهم المطالب، ويحاول تخفيف المآسي والبؤس، لكن المجموعات التي يتم وضعها على سكة القطار بقفصة وراءها من وراءها وهم معلومون، وفق تعبيره.

وقال رئيس الجمهورية إن "من يتولون قطع الطريق ويهددون بقطع الطريق السيارة لا يمكن أن يبقوا خارج دائرة المحاسبة والمساءلة".

وتزامن تصريح الرئيس عن الشأن النقابي مع إيقاف الكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة وهو ما اعتبرته قيادات المنظمة تهديدا صريحا للعمل النقابي وللاتحاد العام التونسي للشغل.

كما تحولت بعض الوزارات والمؤسسات العمومية الأخرى إلى فضاءات "لصيد تحركات النقابيين وإلباسها صبغة قانونية لتسهيل الدفع بهم إلى أروقة المحاكم"، ليرتفع بذلك عدد المحالين على القضاء إلى 22نقابيا وذلك قبل الإحالات الأخيرة لنقابيي صفاقس الأربعة.

وقد أحالت الوحدات الأمنية على أنظار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 17مارس 2023 الكاتب العام للنقابة الأساسية لأعوان وإطارات وزارة الثقافة الناصر بن عمارة والموظف بوزارة الثقافة نادر السماري وذلك على خلفية شكاية رفعتها وزيرة الثقافة حياة قطاط قرمازي ضده، وقد قررت النيابة إصدار بطاقتي إيداع بالسجن في حقهما وإحالتهما على المجلس الجناحي وقد قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى في حق النقابيين.

ولم يتوقف بن عمارة عند هذا الحد حيث تمت إحالته مجددا على أنظار النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس والتي أذنت بإصدار بطاقة إيداع بالسجن في حقه  بسبب اتهامه بارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية.

 

إدانة بالجملة

لم يكن يوم 17مارس 2023 يوما عاديا في حياة 16 نقابيا من الجامعة العامة للنقل بعد أن قضت الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإدانتهم جميعا وعلى رأسهم الكاتب العام للنقابة وجيه الزيدي وكاتب عام الفرع الجامعي لجامعة النقل بجهة تونس بسجن كل واحد منهم مدة 4 أشهر.

وكان الـ16 نقابيا من جامعة النقل باتّحاد الشغل مثلوا أمام الفرقة الثالثة للحرس الوطني ببن عروس على خلفية شكايات رفعها وزير النقل من بينها ما هو على معنى المرسوم 54، وأخرى متعلقة بـ"محاولة اقتحام مكتب الوزير وتعطيل سير العمل وتعطيل مصعد الوزارة".

سياق القضية يأتي على خلفية الوقفة الاحتجاجية التي كان نفّذها العاملون بشركة نقل تونس "دفاعا عن استمرارية الشركة وحقّ الشعب في نقل عمومي يحترم الذات البشرية وحقوق الإنسان"،على حد تعبيرهم.  

أئمة في المحاكم

لم يكن الكاتب العام لجامعة الشؤون الدينية عبد السلام العطوي أكثر حظا من بقية النقابيين بعد جره إلى مكتب النيابة العمومية بالعاصمة، قررت إحالة ملفه على أنظار الدائرة الجناحية بتونس لمحاكمته على خلفية شكاية كان رفعها ضدّه وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشايبي وضد الكاتب العام المساعد .

وأحيل الكاتب العام بحالة تقديم يوم 27مارس 2023 على أنظار النيابة العمومية إثر تصريحات إعلامية وتدوينات فايسبوكية منسوبة إليه، وتقرّر تعيين موعد 10 أفريل لمثول العطوي أمام الدائرة الجناحية.

بدوره أحيل الكاتب عام الفرع الجهوي للنقابة العامة للشؤون الدينية بباجة، نزار قرامي بعد سماعه من قبل إحدى الفرق الأمنية بالقرجاني بعد أن اشتكاه بدوره وزير الشؤون الدينية أيضا بسبب مواقفه النقابية وتدوينة على صفحته الخاصة.

لنقابيي التعليم العالي نصيب

وعلى إثر تدوينة منشورة على صفحة الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي تحدث فيها صاحبها عما اعتبره ممارسات وتجاوزات وإخلالات غير قانونيّة بالمعهد العالي للرّياضة والتربية البدنيّة بقصر السعيد، وجد الكاتب العام للجامعة العامة نزار بن صالح نفسه أمام شكاية تقدم بها المدير السابق للمعهد.

ففي يوم 25 أفريل 2023 وقف بن صالح أمام القضاء ليعيد الكاتب العام نفس الوقفة أمام المحكمة الابتدائية بمنوبة يوم 13 جويلية 2023 على خلفية نفس الشكاية.

التعبئة الجهوية والقطاعية

بعيد إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن موعد هيئته الإدارية الوطنية المقررة لهذا اليوم بدأت المنظمة في عمليات التعبئة الجهوية والقطاعية لدعم ملف النقابيين الموقوفين وإعادة تركيز الاتحاد لخلق التوازنات الممكنة بعدما أظهرته الأحزاب من وهن وتراجع نتيجة اعتقال قيادات الصف الأول للمعارضة التونسية وابرز الوجوه السياسية المستقلة.

ومجددا يعود الاتحاد لينشط الساحة الوطنية ولتخرج المنظمة من غرفة الإنعاش بعد أن ساد الاعتقاد بنهايتها وتراجع أدوراها حتى الاجتماعي منها.

ومن الواضح أن جدول أعمال الهيئة الإدارية سيرفع من سقف التحديات الاجتماعية والسياسية والنقابية في مواجهة السلطة القائمة بعد التوصيف المقلق للواقع الراهن في أكثر من تصريح وحوار للقيادات النقابية حيث لن تتمكن السلطة من رسم وتحديد مربعات تحرك الاتحاد الساعي لاستعادة مرتبته كشريك حقيقي.

خليل الحناشي