بعد ترحيلها من فرنسا مريم أبو دقة القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لـ"الصباح": زيارتي إلى فرنسا فتحت عيني على حقيقة الديموقراطية هناك.. عاملوني كما يعاملنا الاحتلال الإسرائيلي ..
مريم أبو دقة اسم محفور في السجلات النضالية للمرأة الفلسطينية إذ يكفي أن نذكر أنها أصغر مناضلة تتعرض للاعتقال وهي تلميذة في سن الرابعة عشرة من العمر ثم في سن السابعة عشرة.. مناضلة حقوقية ومدافعة شرسة عن حقوق المرأة الفلسطينية وهي عضو جبهة التحرير.. خبرت الميدان العسكري والسياسي أيضا.. مريم أبودقة جسد نحيل ووجه أسمر بلون التراب تقرأ عليه أهم محطات القضية الفلسطينية في المسيرة المستمرة من أجل الحرية.. تحولت مريم أبودقة في الأيام القليلة الماضية الى جدل مثير في مختلف الأوساط الإعلامية الفرنسية بعد قرار السلطات الفرنسية ترحيلها بدعوى أنها تهدد الرأي العام.. كل ذلك بعد أن تحركت الآلة الدعائية الإسرائيلية وسفارة إسرائيل لتحتج لدى السلطات الفرنسية على استقبال مريم أبودقة على أراضيها.. بعد ترحيلها قبل أيام باتجاه مصر كان لنا حديث مع مريم أبودقة عن أول رحلة تقوم بها الى فرنسا تلبية لدعوة من أحزاب يسارية تقدمية ومنظمات حقوقية بينها منظمة "ب يدي اس" ومنظمة يهود ضد الصهيونية. أبودقة التي تجاوزت السبعين من العمر تحولت رحلتها الى فرنسا الى كابوس حيث طوردت كإرهابية ووضعت تحت الإقامة الجبرية وتم ترحيلها مقيدة اليدين.. تقول محدثتنا كنت اعتقد أني جئت الى فرنسا لأتعلم الديموقراطية فوجدتني أعلمهم الديموقراطية والحرية.. وتضيف محدثتنا التي جاءت الى فرنسا لإقامة سلسلة من المحاضرات أنها فوجئت من البداية بأن هناك حملة ضدها وأن اللوبي اليهودي أشاع أنها إرهابية ويجب ترحيلها.. حاولت تجاهل الحملة خاصة مع نجاح المحاضرات ولكن عندما انتقلت الى مرسيليا كان الكابوس.. تقول أبودقة "وضعوني قيد الإقامة الجبرية، ولكن بعد ذلك كسبت محاميتها القضية فواصلت محاضراتها ولقاءاتها، ولكن وزير الداخلية الفرنسي استأنف القرار، وتمّت إحالتها إلى المحكمة فكانت المهزلة ووجهت لها تهمة الانتماء للجبهة الشعبية كتنظيم إرهابي.. تقول محدثتنا وهي التي كانت قبل أشهر بيننا في تونس لتقديم سلسلة من المحاضرات حول القضية الفلسطينية أنها تعرضت لحملة تشويه في فرنسا ووصفت بالإرهابية لأنها دافعت عن فلسطين وبذلك تحولت رحلتها في فرنسا الى جولة في 4 سجون، وأضربت عن الطعام خوفا من التعرض للتسمم...
قامت الشرطة الفرنسية بتوقيف الناشطة الفلسطينية مريم أبودقة بعد موافقة مجلس الدولة على ترحيلها.. مريم أبودقة حدثتنا عن معاناتها مع أخبار غزة اليومية وعن استشهاد ثلاثين فردا من عائلتها وعن تهديم بيتها وعن قرارها اللجوء الى المحكمة الأوروبية لاستعادة حقها.. وفيما يلي نص الحديث ..
حوار آسيا العتروس
*أكثر من أربعين يوما تمر على العدوان على غزة كيف تعيش مريم أبودقة هذه الحرب، بعيدة عن غزة؟
الاتصالات مع غزة مقطوعة حتى ينتهي الاحتلال من عملية التصفية التي يقوم بها ضد شعبنا، صحيح نحن بعيدون ولكننا نعيش مع أهلنا هناك لحظة بلحظة وقلوبنا تتقطع، شعبنا بلا ماء وبلا غذاء وبلا دواء وبلا مستشفيات وبلا مال حتى البضاعة مفقودة رغيف الخبز أصبح مغمسا بالدم. نحن نواجه عالما فاشيا مجنونا الكل يتابع ما يحدث.. هذه عملية إبادة جماعية.. غزة تحولت الى مقبرة وللأسف هذه كذبة الديموقراطية. طبعا نحن إزاء وضع صعب وليس أصعب من العجز.. البعض يقول لي مليح انك خارج القطاع وأنا أقول لهم الموت أهون علي من البقاء خارج الوطن في هذا الظرف. لم يعد هناك مجال للكلام منظر الأطفال والذبح اليومي وقصف العائلات غير طبيعي لقد دمروا كل شيء. يبررون جرائم الاحتلال بما قامت به حماس ويرددون أنهم سيقتلعون حماس والحقيقة أننا إزاء مسرحية واضحة. حماس لم تأت من السماء حماس جزء من شعبنا الذي يموت تحت الاحتلال منذ 75 عاما وحماس تدافع عن شعبنا .
*لو نعود الى أسباب وملابسات وظروف إيقافك في فرنسا ما الذي حدث؟
فرنسا حاكمت من خلال شخصي الثورة الفلسطينية. قلت لمن كانوا يحققون معي جئت لأتعلم الديموقراطية في فرنسا ولكن يبدو أني سأعلمكم الديموقراطية والحرية.. أنا امرأة فلسطينية تناضل لإنهاء احتلال بلدها فلسطين. نعم في فرنسا وضعت قيد الإقامة الجبرية منذ 16 أكتوبر في فندق بمدينة مرسيليا وبقيت لمدة 45 يوما، وذلك بقرار من وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وذلك في أثناء سفري عبر فرنسا لحضور سلسلة ندوات ومؤتمرات اعد لها منذ فترة طويلة وقبل ما حدث في 7 أكتوبر.. والسبب
وفق السلطات الأمنية الفرنسية أن دورة المؤتمرات التي أشارك فيها يمكن أن تشكل إخلالا بالنظام العام ويجب منعها.
ولكن كان لا بد من تنظيم عملية الترحيل الى جانب كل ذلك فانه لم يكن بالإمكان الدخول الى غزة. كنت ملزمة طوال هذه الفترة بالبقاء في الفندق الذي أقيم فيه في مرسيليا من الساعة العاشرة مساء حتى السابعة صباحا والتسجيل يوميا في الساعة العاشرة مساء، والساعة 12 والنصف ظهرا في مركز شرطة بوش دو رون. في مرحلة أولى تم إسقاط القرار ولكن وزير الداخلية دارمانيان استأنف الأمر وتم إيداعي 4 سجون وامتنعت عن الطعام خوفا من تسميمي.. هذا باختصار ما حدث معي ويمكن أن نعود للتفاصيل ..
*كيف تم الاعتقال؟
كما أوضحت، قرار ترحيلي أسقطته المحكمة الإدارية ومحاميتي كسبت القضية لكن وزير الداخلية دارمانيان استأنف الأمر ووجدت نفس أمام محاكمة غريبة على أرض فرنسا .
كان حولي 5 من البوليس طوقوني ونقلوني الى مركز الأمن من أمام مقر إقامتي. كانوا يريدون ترحيلي على متن طائرة عسكرية الى إسرائيل وقد رفضت ذلك بشدة لأن ذلك يعني تسليمي لسلطات الاحتلال. استمع لي فريق من منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان وهذا ساعدني. قلت لهم هذه ديموقراطية الغرب.. كيف يمكن لدولة عظيمة مثل فرنسا أن تخاف مني أنا المرأة الفلسطينية دكتورة في الفلسفة ومسؤولة عن قضايا المرأة في بلدي المحتل. ولو لم يكن بلدي تحت الاحتلال لاخترت أن أكون فنانة. بعد ذلك أخذوا جوازي ووضعوني في فندق في مرسيليا ومنعوني من المغادرة من العاشرة ليلا حتى السابعة صباحا. نعم شعرت بالخوف وأنا لحالي في الفندق وتذكرت كل الاغتيالات التي قادتها إسرائيل في العالم. الى هنا تنتهي المحطة الأولى فقد كسبت محاميتي القضية واتضح انه لا وجود لأي خلل في وجودي في فرنسا. ثم بدأت الحرب وبدأت المظاهرات المؤيدة لغزة ولفلسطين وبات الناس يتوافدون علي في مرسيليا فقام وزير الداخلية باستئناف الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية وحضرت المحاكمة باعتباري قيادية في الجبهة الشعبية. كنت اردد أني ممثلة للمرأة الفلسطينية في الشرق الأوسط وفي العالم العربي وأني عضو في المجلس الوطني الفلسطيني وأن الجبهة فصيل سياسي تحت منظمة التحرير وليست منظمة إرهابية وأنه منذ أوسلو اعترف العالم بنا. كانت محاكمة مسخرة. حيث قرر وزير الداخلية المتصهين ترحيلي في 8 نوفمبر .
قبل الترحيل ماذا حدث؟
كان لا بد من انتظار موعد الرحلة في 11 نوفمبر تم إيقافي بطريقة مرعبة حيث طوقني 5 انفار واعتدوا على مرافقتي وهي امرأة فرنسية مسنة أسقطوها على الأرض... أوثقوا يداي.. ضربوني على رأسي. اعتقدت في البداية أنهم عصابة إسرائيلية ثم بعد أن عرفت أنهم من الشرطة الفرنسية اطمأننت قلت على الأقل لن يقوموا بتصفيتي.. تنقلت عبر أربعة سجون صادروا هواتفي واخذوا كل ما لدي في حقيبتي الصغيرة شعرت وكأني أعود الى سجون الاحتلال كان البرد شديدا ولم يكن لدي غطاء.. امتنعت عن الطعان خوفا من تسميمي. يوم ترحيلي وجدت في انتظاري في مطار باريس الكثير من الشباب الذين جاؤوا لتحيتي. وفي مصر وجدت أيضا بانتظاري الكثيرين وتعامل معي الأمن المصري بكثير من الاحترام ونظموا كل الإجراءات شعرت برد الاعتبار على ارض مصر. هذه حكايتي مع فرنسا لا تزال في بدايتها وسيكون للقضاء كلمته.. قضية إيقافي وترحيلي تحولت الى قضية رأي عام.. المنطقة العربية تحت أقدامهم وإسرائيل هي القاعدة التي تنفذ مخططاتهم .
*كيف تحولت رحلتك الى فرنسا الى كابوس؟
دعيت الى فرنسا من طرف أربع منظمات غير حكومية ومنها مجموعة بي يدي اسBDS للمقاطعة ويهود ضد الصهيونية وحصلت على تأشيرة بخمسين يوما ودخلت فرنسا بشكل طبيعي ووجدت مضيفي يحتفون بي وتمت أول محاضرة وذلك قبل 7 أكتوبر بكثير من الحماسة وتحدثنا عن الاحتلال وما يرتكبه من جرائم في الضفة والقطاع وكانت هناك لافتات دعائية للقاءات التي كنا ننظمها وفي المحاضرة الثانية تم منعنا فاضطررنا للانتقال الى مكان آخر ذهبنا الى جامعة ليون 3 وكان لقاء ناجحا وشاركنا يهود ضد الصهيونية وضد الاحتلال وسألني احدهم وهو يهودي عن أهدافي فقلت له أنا فلسطينية أدافع عن وطني من الاحتلال المجرم ومن حقنا النضال وهذا حق مشروع في كل قوانين العالم.. انتهينا من المحاضرة وبدأت رحلتنا الى مرسيليا بنفس النسق ونفس المحاضرات ثم تحركت آلة الدعاية الإسرائيلية وبدؤوا يروجون صورا لي على الفايسبوك أيام المقاومة المسلحة وصورا مع المناضلة ليلى خالد. وانتقدت السفارة الإسرائيلية السلطات الفرنسية سماحها باستقبالي وشنوا حملة ضدي باعتباري إرهابية تتحرك في فرنسا. منعونا من المحاضرات في الفضاءات المحددة مسبقا فانتقلنا الى المقاهي وكان محور المناقشات فيلم "يلا غزة "وتلت ذلك نقاشات حول معاناة المرأة الفلسطينية وأطفال فلسطين والحصار والمستوطنين.. وكان عدد الحضور يزداد في كل مرة والنقاشات تتوسع حول الاحتلال وحول ما يحدث على ارض فلسطين وبدأ الناس يتساءلون حول الرواية الإسرائيلية .
المهم أنه فيما كنا نتجه الى تولوز المحطة التالية انتبهنا الى أن هناك سيارة تلاحقنا لم أكن أفهم ما يحدث فأنا لا أتحدث الفرنسية وكنت أعتقد أني في بلد الديموقراطية طاردنا البوليس طلبوا جوازي ثم جاؤوني بمترجم وكنت أحاول أن أوضح لهم أني فلسطينية في السبعين من العمر أحمل هموم وأحلام شعبي ولست إرهابية ودخلت فرنسا بفيزا عادية. ما حدث معي أشعرني بأني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ولست في فرنسا. أخبرتهم أني دكتورة في الفلسفة وأعرف جيدا القانون الدولي وأعرف أيضا القانون الفرنسي. لن أنسى أنهم عاملوني في فرنسا كما يعاملنا الاحتلال الإسرائيلي .
أحسست لاحقا أن الامنيين الذين يحققون معي بدؤوا يتفهمون الحكاية وقد جاءت محاميتي لمساندتي ومعها أيضا الكثير من أنصار القضية الفلسطينية ولكنهم قالوا لي أن القرار بترحيلي من وزير الداخلية دارمانيان بدعوى انتمائي الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي وصفوها بالإرهابية وقد عبرت عن احتجاجي عن ذلك وقلت لهم الجبهة الشعبية جزء من منظمة التحرير الفلسطينية والعالم اعترف بمنظمة التحرير ولنا سفارة فلسطينية في فرنسا.. خلاصة الحديث اندلعت الأحداث وأنا في فرنسا وفقدت 30 فردا من عائلتي استشهدوا في نفس اليوم. أبوعمار دخل الأمم المتحدة وكانوا يعتبرونه إرهابيا وأصبح الزعيم وممثل القضية الفلسطينية في كل العالم. انتفضت ضد هذه الممارسات كيف يمكن لفرنسا أن تمنحنا فيزا وتشكك بها. سألاحقهم بسبب ما فعلوا وسأتجه مع فريق للدفاع الى المحكمة الأوروبية أنا صاحبة قضية وأتنقل في كل العالم لأجل قضيتي ولأجل نساء فلسطين .
هل هناك شكوى في هذا الاتجاه؟
طبعا القضية الآن وصلت الى البرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية وهذه أول مرة وستكون آخر مرة ادخل فيها فرنسا لن أعود الى هذا البلد مهما حدث. أنا عندي قضية وملتزمة بها ما دمت أتنفس.. وجدت الكثير من التعاطف مع المنظمات الحقوقية ومن الشباب من مختلف الجنسيات العربية في فرنسا كانوا معي أمام مركز الإيقاف يرفعون شعار كلنا مريم .
*كيف تقرئين تصريحات بايدن بشان حق إسرائيل في الدفاع عن النفس ورفض وقف إطلاق النار مهما كان حجم الجرائم؟
أمريكا هي إسرائيل. هذا كلامهم وشعاراتهم يقولونها في كل حرب ضد شعبنا وهم لا يحتاجون مبررات لذلك. الشعب الفلسطيني هو قميص عثمان أمريكا تخوض الانتخابات بدمنا وإسرائيل تخوض الانتخابات بدمنا أيضا .هل أن ما قامت به المقاومة يستحق هذا الرد وإبادة شعب بأكمله؟ اليوم الصحافة الإسرائيلية بدأت تفضح أكاذيبهم حول عدد القتلى وهناك تقارير تؤكد أن أكبر عدد من الذين قتلوا بطائرة حربية إسرائيلية. نحن إزاء كذبة كبيرة ولكن أكبر بلد يقود العالم يرفض إيقاف الحرب .
*كيف تعيش مريم أبودقة الحرب على غزة؟
غزة تواجه حربا عالمية استنفرت ضدها أساطيل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.. يحاربون غزة وكأنهم يحاربون قوة عظمى. القوانين الدولية والعدالة الدولية وجدت لخدمة الدول الكبرى واستعباد المستضعفين. مجلس الأمن الدولي سؤال كبير لم ينفذ قرارا واحدا لصالح القضية الفلسطينية.. أمريكا ومعها الغرب وحتى العرب يواجهون الشعب الفلسطيني.. كلهم يتحركون لمواجهة مجموعة مقاتلين بأسلحة محدودة ولكن ما صنعوه بإسرائيل لا يصدق. فماذا لو توفرت لنا الإمكانيات وتوحدت إرادتنا. أنا على قناعة أن هدفهم ليس فلسطين فقط وليس غزة فقط هدفهم أن تكون غزة الممر لضرب قناة السويس وكل الأمة العربية. الترانسفير مستمر من الـ48 المؤقت تحول الى دائم. ما يحدث مؤامرة كبيرة حتى تبقى المنطقة تحت هيمنتهم.
*كيف تقرأ مريم أبودقة ما بعد الحرب؟
اعتقد أننا إزاء معركة مفصلية ما بعدها لن يكون كما قبلها. إسرائيل استهدفت في عقر دارها بيد مجموعة قليلة من المقاتلين وفشلت في الاختبار. حماس لا تضرب المدنيين استهدفت العسكريين ولكن الغرب جاء بكل أساطيله لأنهم يخافون على إسرائيل لا يريدون لمصالحهم أن تهتز. أعينهم على الاكتشافات الجديدة للغاز في غزة وهذا ما يطلقون عليه قناة بن غوريون لتكون بديلا للغاز. لكن ما نؤكده أن المقاومة صامدة ونأمل أن تستمر في ذلك وقد تحقق نصر رغم كل ما يجري في غزة ورغم كل الخسائر البشرية ورغم كل الدمار والخراب. مصير غزة هو ما سيقرره الفلسطينيون والكثير مرتبط بالميدان لإنهاء الصراع. الآن لا مجال للمصالحة وعلى المجتمع الدولي حل القضية قانونيا وسياسيا. يريدون ترانسفير جديد للفلسطينيين ليأخذوا كل فلسطين من الفرات الى النيل.. أطماعهم كبيرة جدا ولا تقف عند حد .
ماذا بعد رحلة فرنسا؟
أنا امرأة فلسطينية أحارب ضد احتلال بلدي.. أنا فعلا مصدومة مما حدث فوضعي القانوني سليم وهذه أول مرة آتي فيها الى فرنسا ولدي تأشيرة صالحة لمدة خمسين يوما حتى نوفمبر أصدرتها لي القنصلية الفرنسية في القدس في أوت الماضي، ولم يسبق لي أن واجهت مثل هذا الوضع، مع أني سافرت إلى جميع أنحاء العالم بوصفي ناشطة يسارية للحديث عن فلسطين، والحقوق التي ينتهكها الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك حقوق المرأة، وهي القضية التي كانت تحفزني دائما..
الحكومة الفرنسية عاملتني كإرهابية، لأنني أدين القصف الإسرائيلي الذي يقتل المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ، ويقصف المنازل والمستشفيات، لأنني أدين الحصار المفروض على قطاع غزة الذي يحرم أكثر من مليوني شخص من البقاء على قيد الحياة سأظل اردد إني جئت الى فرنسا لأتعلم الديموقراطية الفرنسية والقيم الإنسانية التي يروجون لها فلم أجد هذه الديموقراطية المزعومة.
تونس-الصباح
مريم أبو دقة اسم محفور في السجلات النضالية للمرأة الفلسطينية إذ يكفي أن نذكر أنها أصغر مناضلة تتعرض للاعتقال وهي تلميذة في سن الرابعة عشرة من العمر ثم في سن السابعة عشرة.. مناضلة حقوقية ومدافعة شرسة عن حقوق المرأة الفلسطينية وهي عضو جبهة التحرير.. خبرت الميدان العسكري والسياسي أيضا.. مريم أبودقة جسد نحيل ووجه أسمر بلون التراب تقرأ عليه أهم محطات القضية الفلسطينية في المسيرة المستمرة من أجل الحرية.. تحولت مريم أبودقة في الأيام القليلة الماضية الى جدل مثير في مختلف الأوساط الإعلامية الفرنسية بعد قرار السلطات الفرنسية ترحيلها بدعوى أنها تهدد الرأي العام.. كل ذلك بعد أن تحركت الآلة الدعائية الإسرائيلية وسفارة إسرائيل لتحتج لدى السلطات الفرنسية على استقبال مريم أبودقة على أراضيها.. بعد ترحيلها قبل أيام باتجاه مصر كان لنا حديث مع مريم أبودقة عن أول رحلة تقوم بها الى فرنسا تلبية لدعوة من أحزاب يسارية تقدمية ومنظمات حقوقية بينها منظمة "ب يدي اس" ومنظمة يهود ضد الصهيونية. أبودقة التي تجاوزت السبعين من العمر تحولت رحلتها الى فرنسا الى كابوس حيث طوردت كإرهابية ووضعت تحت الإقامة الجبرية وتم ترحيلها مقيدة اليدين.. تقول محدثتنا كنت اعتقد أني جئت الى فرنسا لأتعلم الديموقراطية فوجدتني أعلمهم الديموقراطية والحرية.. وتضيف محدثتنا التي جاءت الى فرنسا لإقامة سلسلة من المحاضرات أنها فوجئت من البداية بأن هناك حملة ضدها وأن اللوبي اليهودي أشاع أنها إرهابية ويجب ترحيلها.. حاولت تجاهل الحملة خاصة مع نجاح المحاضرات ولكن عندما انتقلت الى مرسيليا كان الكابوس.. تقول أبودقة "وضعوني قيد الإقامة الجبرية، ولكن بعد ذلك كسبت محاميتها القضية فواصلت محاضراتها ولقاءاتها، ولكن وزير الداخلية الفرنسي استأنف القرار، وتمّت إحالتها إلى المحكمة فكانت المهزلة ووجهت لها تهمة الانتماء للجبهة الشعبية كتنظيم إرهابي.. تقول محدثتنا وهي التي كانت قبل أشهر بيننا في تونس لتقديم سلسلة من المحاضرات حول القضية الفلسطينية أنها تعرضت لحملة تشويه في فرنسا ووصفت بالإرهابية لأنها دافعت عن فلسطين وبذلك تحولت رحلتها في فرنسا الى جولة في 4 سجون، وأضربت عن الطعام خوفا من التعرض للتسمم...
قامت الشرطة الفرنسية بتوقيف الناشطة الفلسطينية مريم أبودقة بعد موافقة مجلس الدولة على ترحيلها.. مريم أبودقة حدثتنا عن معاناتها مع أخبار غزة اليومية وعن استشهاد ثلاثين فردا من عائلتها وعن تهديم بيتها وعن قرارها اللجوء الى المحكمة الأوروبية لاستعادة حقها.. وفيما يلي نص الحديث ..
حوار آسيا العتروس
*أكثر من أربعين يوما تمر على العدوان على غزة كيف تعيش مريم أبودقة هذه الحرب، بعيدة عن غزة؟
الاتصالات مع غزة مقطوعة حتى ينتهي الاحتلال من عملية التصفية التي يقوم بها ضد شعبنا، صحيح نحن بعيدون ولكننا نعيش مع أهلنا هناك لحظة بلحظة وقلوبنا تتقطع، شعبنا بلا ماء وبلا غذاء وبلا دواء وبلا مستشفيات وبلا مال حتى البضاعة مفقودة رغيف الخبز أصبح مغمسا بالدم. نحن نواجه عالما فاشيا مجنونا الكل يتابع ما يحدث.. هذه عملية إبادة جماعية.. غزة تحولت الى مقبرة وللأسف هذه كذبة الديموقراطية. طبعا نحن إزاء وضع صعب وليس أصعب من العجز.. البعض يقول لي مليح انك خارج القطاع وأنا أقول لهم الموت أهون علي من البقاء خارج الوطن في هذا الظرف. لم يعد هناك مجال للكلام منظر الأطفال والذبح اليومي وقصف العائلات غير طبيعي لقد دمروا كل شيء. يبررون جرائم الاحتلال بما قامت به حماس ويرددون أنهم سيقتلعون حماس والحقيقة أننا إزاء مسرحية واضحة. حماس لم تأت من السماء حماس جزء من شعبنا الذي يموت تحت الاحتلال منذ 75 عاما وحماس تدافع عن شعبنا .
*لو نعود الى أسباب وملابسات وظروف إيقافك في فرنسا ما الذي حدث؟
فرنسا حاكمت من خلال شخصي الثورة الفلسطينية. قلت لمن كانوا يحققون معي جئت لأتعلم الديموقراطية في فرنسا ولكن يبدو أني سأعلمكم الديموقراطية والحرية.. أنا امرأة فلسطينية تناضل لإنهاء احتلال بلدها فلسطين. نعم في فرنسا وضعت قيد الإقامة الجبرية منذ 16 أكتوبر في فندق بمدينة مرسيليا وبقيت لمدة 45 يوما، وذلك بقرار من وزير الداخلية جيرالد دارمانان، وذلك في أثناء سفري عبر فرنسا لحضور سلسلة ندوات ومؤتمرات اعد لها منذ فترة طويلة وقبل ما حدث في 7 أكتوبر.. والسبب
وفق السلطات الأمنية الفرنسية أن دورة المؤتمرات التي أشارك فيها يمكن أن تشكل إخلالا بالنظام العام ويجب منعها.
ولكن كان لا بد من تنظيم عملية الترحيل الى جانب كل ذلك فانه لم يكن بالإمكان الدخول الى غزة. كنت ملزمة طوال هذه الفترة بالبقاء في الفندق الذي أقيم فيه في مرسيليا من الساعة العاشرة مساء حتى السابعة صباحا والتسجيل يوميا في الساعة العاشرة مساء، والساعة 12 والنصف ظهرا في مركز شرطة بوش دو رون. في مرحلة أولى تم إسقاط القرار ولكن وزير الداخلية دارمانيان استأنف الأمر وتم إيداعي 4 سجون وامتنعت عن الطعام خوفا من تسميمي.. هذا باختصار ما حدث معي ويمكن أن نعود للتفاصيل ..
*كيف تم الاعتقال؟
كما أوضحت، قرار ترحيلي أسقطته المحكمة الإدارية ومحاميتي كسبت القضية لكن وزير الداخلية دارمانيان استأنف الأمر ووجدت نفس أمام محاكمة غريبة على أرض فرنسا .
كان حولي 5 من البوليس طوقوني ونقلوني الى مركز الأمن من أمام مقر إقامتي. كانوا يريدون ترحيلي على متن طائرة عسكرية الى إسرائيل وقد رفضت ذلك بشدة لأن ذلك يعني تسليمي لسلطات الاحتلال. استمع لي فريق من منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان وهذا ساعدني. قلت لهم هذه ديموقراطية الغرب.. كيف يمكن لدولة عظيمة مثل فرنسا أن تخاف مني أنا المرأة الفلسطينية دكتورة في الفلسفة ومسؤولة عن قضايا المرأة في بلدي المحتل. ولو لم يكن بلدي تحت الاحتلال لاخترت أن أكون فنانة. بعد ذلك أخذوا جوازي ووضعوني في فندق في مرسيليا ومنعوني من المغادرة من العاشرة ليلا حتى السابعة صباحا. نعم شعرت بالخوف وأنا لحالي في الفندق وتذكرت كل الاغتيالات التي قادتها إسرائيل في العالم. الى هنا تنتهي المحطة الأولى فقد كسبت محاميتي القضية واتضح انه لا وجود لأي خلل في وجودي في فرنسا. ثم بدأت الحرب وبدأت المظاهرات المؤيدة لغزة ولفلسطين وبات الناس يتوافدون علي في مرسيليا فقام وزير الداخلية باستئناف الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية وحضرت المحاكمة باعتباري قيادية في الجبهة الشعبية. كنت اردد أني ممثلة للمرأة الفلسطينية في الشرق الأوسط وفي العالم العربي وأني عضو في المجلس الوطني الفلسطيني وأن الجبهة فصيل سياسي تحت منظمة التحرير وليست منظمة إرهابية وأنه منذ أوسلو اعترف العالم بنا. كانت محاكمة مسخرة. حيث قرر وزير الداخلية المتصهين ترحيلي في 8 نوفمبر .
قبل الترحيل ماذا حدث؟
كان لا بد من انتظار موعد الرحلة في 11 نوفمبر تم إيقافي بطريقة مرعبة حيث طوقني 5 انفار واعتدوا على مرافقتي وهي امرأة فرنسية مسنة أسقطوها على الأرض... أوثقوا يداي.. ضربوني على رأسي. اعتقدت في البداية أنهم عصابة إسرائيلية ثم بعد أن عرفت أنهم من الشرطة الفرنسية اطمأننت قلت على الأقل لن يقوموا بتصفيتي.. تنقلت عبر أربعة سجون صادروا هواتفي واخذوا كل ما لدي في حقيبتي الصغيرة شعرت وكأني أعود الى سجون الاحتلال كان البرد شديدا ولم يكن لدي غطاء.. امتنعت عن الطعان خوفا من تسميمي. يوم ترحيلي وجدت في انتظاري في مطار باريس الكثير من الشباب الذين جاؤوا لتحيتي. وفي مصر وجدت أيضا بانتظاري الكثيرين وتعامل معي الأمن المصري بكثير من الاحترام ونظموا كل الإجراءات شعرت برد الاعتبار على ارض مصر. هذه حكايتي مع فرنسا لا تزال في بدايتها وسيكون للقضاء كلمته.. قضية إيقافي وترحيلي تحولت الى قضية رأي عام.. المنطقة العربية تحت أقدامهم وإسرائيل هي القاعدة التي تنفذ مخططاتهم .
*كيف تحولت رحلتك الى فرنسا الى كابوس؟
دعيت الى فرنسا من طرف أربع منظمات غير حكومية ومنها مجموعة بي يدي اسBDS للمقاطعة ويهود ضد الصهيونية وحصلت على تأشيرة بخمسين يوما ودخلت فرنسا بشكل طبيعي ووجدت مضيفي يحتفون بي وتمت أول محاضرة وذلك قبل 7 أكتوبر بكثير من الحماسة وتحدثنا عن الاحتلال وما يرتكبه من جرائم في الضفة والقطاع وكانت هناك لافتات دعائية للقاءات التي كنا ننظمها وفي المحاضرة الثانية تم منعنا فاضطررنا للانتقال الى مكان آخر ذهبنا الى جامعة ليون 3 وكان لقاء ناجحا وشاركنا يهود ضد الصهيونية وضد الاحتلال وسألني احدهم وهو يهودي عن أهدافي فقلت له أنا فلسطينية أدافع عن وطني من الاحتلال المجرم ومن حقنا النضال وهذا حق مشروع في كل قوانين العالم.. انتهينا من المحاضرة وبدأت رحلتنا الى مرسيليا بنفس النسق ونفس المحاضرات ثم تحركت آلة الدعاية الإسرائيلية وبدؤوا يروجون صورا لي على الفايسبوك أيام المقاومة المسلحة وصورا مع المناضلة ليلى خالد. وانتقدت السفارة الإسرائيلية السلطات الفرنسية سماحها باستقبالي وشنوا حملة ضدي باعتباري إرهابية تتحرك في فرنسا. منعونا من المحاضرات في الفضاءات المحددة مسبقا فانتقلنا الى المقاهي وكان محور المناقشات فيلم "يلا غزة "وتلت ذلك نقاشات حول معاناة المرأة الفلسطينية وأطفال فلسطين والحصار والمستوطنين.. وكان عدد الحضور يزداد في كل مرة والنقاشات تتوسع حول الاحتلال وحول ما يحدث على ارض فلسطين وبدأ الناس يتساءلون حول الرواية الإسرائيلية .
المهم أنه فيما كنا نتجه الى تولوز المحطة التالية انتبهنا الى أن هناك سيارة تلاحقنا لم أكن أفهم ما يحدث فأنا لا أتحدث الفرنسية وكنت أعتقد أني في بلد الديموقراطية طاردنا البوليس طلبوا جوازي ثم جاؤوني بمترجم وكنت أحاول أن أوضح لهم أني فلسطينية في السبعين من العمر أحمل هموم وأحلام شعبي ولست إرهابية ودخلت فرنسا بفيزا عادية. ما حدث معي أشعرني بأني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ولست في فرنسا. أخبرتهم أني دكتورة في الفلسفة وأعرف جيدا القانون الدولي وأعرف أيضا القانون الفرنسي. لن أنسى أنهم عاملوني في فرنسا كما يعاملنا الاحتلال الإسرائيلي .
أحسست لاحقا أن الامنيين الذين يحققون معي بدؤوا يتفهمون الحكاية وقد جاءت محاميتي لمساندتي ومعها أيضا الكثير من أنصار القضية الفلسطينية ولكنهم قالوا لي أن القرار بترحيلي من وزير الداخلية دارمانيان بدعوى انتمائي الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي وصفوها بالإرهابية وقد عبرت عن احتجاجي عن ذلك وقلت لهم الجبهة الشعبية جزء من منظمة التحرير الفلسطينية والعالم اعترف بمنظمة التحرير ولنا سفارة فلسطينية في فرنسا.. خلاصة الحديث اندلعت الأحداث وأنا في فرنسا وفقدت 30 فردا من عائلتي استشهدوا في نفس اليوم. أبوعمار دخل الأمم المتحدة وكانوا يعتبرونه إرهابيا وأصبح الزعيم وممثل القضية الفلسطينية في كل العالم. انتفضت ضد هذه الممارسات كيف يمكن لفرنسا أن تمنحنا فيزا وتشكك بها. سألاحقهم بسبب ما فعلوا وسأتجه مع فريق للدفاع الى المحكمة الأوروبية أنا صاحبة قضية وأتنقل في كل العالم لأجل قضيتي ولأجل نساء فلسطين .
هل هناك شكوى في هذا الاتجاه؟
طبعا القضية الآن وصلت الى البرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية وهذه أول مرة وستكون آخر مرة ادخل فيها فرنسا لن أعود الى هذا البلد مهما حدث. أنا عندي قضية وملتزمة بها ما دمت أتنفس.. وجدت الكثير من التعاطف مع المنظمات الحقوقية ومن الشباب من مختلف الجنسيات العربية في فرنسا كانوا معي أمام مركز الإيقاف يرفعون شعار كلنا مريم .
*كيف تقرئين تصريحات بايدن بشان حق إسرائيل في الدفاع عن النفس ورفض وقف إطلاق النار مهما كان حجم الجرائم؟
أمريكا هي إسرائيل. هذا كلامهم وشعاراتهم يقولونها في كل حرب ضد شعبنا وهم لا يحتاجون مبررات لذلك. الشعب الفلسطيني هو قميص عثمان أمريكا تخوض الانتخابات بدمنا وإسرائيل تخوض الانتخابات بدمنا أيضا .هل أن ما قامت به المقاومة يستحق هذا الرد وإبادة شعب بأكمله؟ اليوم الصحافة الإسرائيلية بدأت تفضح أكاذيبهم حول عدد القتلى وهناك تقارير تؤكد أن أكبر عدد من الذين قتلوا بطائرة حربية إسرائيلية. نحن إزاء كذبة كبيرة ولكن أكبر بلد يقود العالم يرفض إيقاف الحرب .
*كيف تعيش مريم أبودقة الحرب على غزة؟
غزة تواجه حربا عالمية استنفرت ضدها أساطيل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.. يحاربون غزة وكأنهم يحاربون قوة عظمى. القوانين الدولية والعدالة الدولية وجدت لخدمة الدول الكبرى واستعباد المستضعفين. مجلس الأمن الدولي سؤال كبير لم ينفذ قرارا واحدا لصالح القضية الفلسطينية.. أمريكا ومعها الغرب وحتى العرب يواجهون الشعب الفلسطيني.. كلهم يتحركون لمواجهة مجموعة مقاتلين بأسلحة محدودة ولكن ما صنعوه بإسرائيل لا يصدق. فماذا لو توفرت لنا الإمكانيات وتوحدت إرادتنا. أنا على قناعة أن هدفهم ليس فلسطين فقط وليس غزة فقط هدفهم أن تكون غزة الممر لضرب قناة السويس وكل الأمة العربية. الترانسفير مستمر من الـ48 المؤقت تحول الى دائم. ما يحدث مؤامرة كبيرة حتى تبقى المنطقة تحت هيمنتهم.
*كيف تقرأ مريم أبودقة ما بعد الحرب؟
اعتقد أننا إزاء معركة مفصلية ما بعدها لن يكون كما قبلها. إسرائيل استهدفت في عقر دارها بيد مجموعة قليلة من المقاتلين وفشلت في الاختبار. حماس لا تضرب المدنيين استهدفت العسكريين ولكن الغرب جاء بكل أساطيله لأنهم يخافون على إسرائيل لا يريدون لمصالحهم أن تهتز. أعينهم على الاكتشافات الجديدة للغاز في غزة وهذا ما يطلقون عليه قناة بن غوريون لتكون بديلا للغاز. لكن ما نؤكده أن المقاومة صامدة ونأمل أن تستمر في ذلك وقد تحقق نصر رغم كل ما يجري في غزة ورغم كل الخسائر البشرية ورغم كل الدمار والخراب. مصير غزة هو ما سيقرره الفلسطينيون والكثير مرتبط بالميدان لإنهاء الصراع. الآن لا مجال للمصالحة وعلى المجتمع الدولي حل القضية قانونيا وسياسيا. يريدون ترانسفير جديد للفلسطينيين ليأخذوا كل فلسطين من الفرات الى النيل.. أطماعهم كبيرة جدا ولا تقف عند حد .
ماذا بعد رحلة فرنسا؟
أنا امرأة فلسطينية أحارب ضد احتلال بلدي.. أنا فعلا مصدومة مما حدث فوضعي القانوني سليم وهذه أول مرة آتي فيها الى فرنسا ولدي تأشيرة صالحة لمدة خمسين يوما حتى نوفمبر أصدرتها لي القنصلية الفرنسية في القدس في أوت الماضي، ولم يسبق لي أن واجهت مثل هذا الوضع، مع أني سافرت إلى جميع أنحاء العالم بوصفي ناشطة يسارية للحديث عن فلسطين، والحقوق التي ينتهكها الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك حقوق المرأة، وهي القضية التي كانت تحفزني دائما..
الحكومة الفرنسية عاملتني كإرهابية، لأنني أدين القصف الإسرائيلي الذي يقتل المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ، ويقصف المنازل والمستشفيات، لأنني أدين الحصار المفروض على قطاع غزة الذي يحرم أكثر من مليوني شخص من البقاء على قيد الحياة سأظل اردد إني جئت الى فرنسا لأتعلم الديموقراطية الفرنسية والقيم الإنسانية التي يروجون لها فلم أجد هذه الديموقراطية المزعومة.