بشكل متزامن صدرت في الآونة الأخيرة عن معارضي الرئيس قيس سعيد دعوات للحوار الوطني وللانفتاح السياسي على قاعدة إخراج البلاد من حالة الانسداد والبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.
لئن يعتبر البعض أن المعارضة التي فقدت الكثير من قدرتها على الفعل السياسي في المشهد العام في البلاد وفي تحريك الشارع تبحث اليوم من خلال هذه الدعوات للحوار عن موقع ما في فلك السلطة بعد أن خفضت من سقف مطالبها من إسقاط "الانقلاب" إلى الجلوس معه على طاولة التفاوض للإنقاذ وهي تبحث عن إنقاذ نفسها قبل كل شيء. فإن شقا آخر يرى في هذه التحركات والدعوات المتزامنة بحثا عن استثمار سياسي ما في ظل غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي لمسار 25 جويلية إلى حد الآن، وتعثر أغلب مشاريع المسار مع تواضع النتائج في الصلح الجزائي وفي الشركات الأهلية وغيرها من برامج الرئيس سعيد.
كما قد تكون المعارضة في وارد استثمار واستباق مآل تواصل التضييق على التمويلات الخارجية لميزانية الدولة من الخارج والضغوط المتنامية على السلطة في سياق الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد ومواصلة الإيفاء بالتزامات الدولة داخليا وخارجيا.
دعوات للحوار
صدرت دعوات الحوار عن المكتب التنفيذي لحركة النهضة الذي اعتبر أن تونس"في حاجة لفتح أفق سياسي تكون فيه القوى الديمقراطية والوطنية شريكا فاعلا"، مؤكدا أنه "يحمل السلطة مسؤولية ما وصفه بالانسداد السياسي وتواصل الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية وعزلة البلاد وأزمة الثقة مع الشركاء"
ودعا، بيان الحركة الصادر الخميس المنقضي، إلى "مصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع والمخاطر الاقتصادية والمالية التي تستوجب تمشّيا إصلاحيا عقلانيا يتم به تقاسم الفرص والتضحيات" مضيفا أن "الحلول المقترحة لتعبئة الموارد لميزانية الدولة لسنة 2024 لن تحقق المطلوب ولا المأمول من نموّ وإيفاء بالالتزامات الاجتماعية للدولة والقدرة على خلاص الديون الخارجية والداخلية".
قبل ذلك، وفي السياق والتوجه ذاته تقريبا، صرح رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، بأن "الأزمة في تونس تفاقمت ولا يوجد أي حلّ للخروج منها عدا جمع كلمة كل الأطراف".
وأكد الشابي أيضا، في حوار إذاعي الثلاثاء الفارط على أهمية "إجراء حوار وطني يضم الجميع بما فيهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيسة الحزب الدستوري الحر". مضيفا أن "كل أزمة تتطلب اجتماع جميع أطرافها من أجل التوافق على حلّ وتكليف من ينفّذه".
وفي تصريح آخر بداية الأسبوع الجاري اعتبر رئيس جبهة الخلاص الوطني أن "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متردية وأن تونس تعيش أزمة مديونية خانقة والمطلوب إيقاف النزيف عبر إصلاحات يقررها التونسيون عبر حوار وطني يضم كافة المكونات السياسية والمدنية."
ويرى الشابي أن ''يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطنية لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه وأيضا القيام بإصلاحات دستورية..''.
الأزمة الخانقة
تبدو كلمة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة الكلمة المفتاح في دعوات المعارضة لحوار للإنقاذ. وتصر هذه الأطراف على التأكيد على فشل مسار 25 جويلية في تنفيذ بعض من وعوده لا سيما على مستوى عديد الملفات التي كانت تعول عليها السلطة لتمويل ميزانية الدولة على غرار ملف الأملاك المصادرة والصلح الجزائي .
وفي ظل إقرار السلطة ذاتها بتعثر عديد الملفات والإصلاحات تحاول المعارضة الاستثمار في دفع الرئيس قيس سعيد إلى التراجع خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بموقفه منها من بوابة المشاركة في إنقاذ البلاد وتفادي "الانهيار".
يذكر في هذا الصدد أن رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي كان قد توقع مؤخرا في حوار مع "القدس العربي" حدوث ما وصفه بـ"انهيار وشيك" في تونس، مضيفا أن الرأي العام التونسي بدأ يقتنع بـ"عجز السلطة الحالية عن إيجاد حلول لمشاكل البلاد، وهو ما قد يدفعه الى حالة من الغضب والانفجار"، وفق تقديره .
وقال الشابي "يقيناً، نحن أمام انهيار وشيك يمكن أن يحدث في أي لحظة. لا نعلم التوقيت، وإنما كل العوامل تدل على أن نقطة التحول تقترب بتسارع".
قطعا ليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة إلى حوار وطني ومطالبة الرئيس قيس سعيد بالانفتاح على المعارضة والمنظمات الوطنية. وصدرت هذه الدعوات عن الأحزاب وأيضا في شكل مبادرة على غرار مبادرة الاتحاد وشركائه من المنظمات التي قبرت في المهد ولم يتجرأ أصحابها حتى على طرحها على الرئيس مكتفين بالإشارة إلى أن الوضع الراهن لا يسمح وذلك حفظا لماء الوجه وتوقعا مسبقا بأن هذه الدعوات والمبادرات لا وقع لها لدى الرئيس سعيد.
لم يجب الرئيس على الدعوات الأخيرة للحوار والانفتاح الصادرة عن معارضيه، لكن من الوارد أن يرد الرئيس ضمنيا كما جرت العادة في أحد لقاءاته وتصريحاته القادمة في الأثناء سارعت بعض الأطراف الداعمة لمسار 25 جويلية بالرد عن دعوات الحوار الأخيرة.
وقال في هذا الصدد رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري، في تعليقه على دعوة رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي بتنظيم حوار وطني يشمل الجميع، إنه "لا يُمكن إجراء حوار مع من دمّر البلاد طيلة 10 سنوات"، مضيفا في تصريح إذاعي "إذا أراد نجيب الشابي تنظيم حوار وطني مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي يمكنه الالتحاق بهما في سجن المرناقية".
م.ي
تونس-الصباح
بشكل متزامن صدرت في الآونة الأخيرة عن معارضي الرئيس قيس سعيد دعوات للحوار الوطني وللانفتاح السياسي على قاعدة إخراج البلاد من حالة الانسداد والبحث عن حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.
لئن يعتبر البعض أن المعارضة التي فقدت الكثير من قدرتها على الفعل السياسي في المشهد العام في البلاد وفي تحريك الشارع تبحث اليوم من خلال هذه الدعوات للحوار عن موقع ما في فلك السلطة بعد أن خفضت من سقف مطالبها من إسقاط "الانقلاب" إلى الجلوس معه على طاولة التفاوض للإنقاذ وهي تبحث عن إنقاذ نفسها قبل كل شيء. فإن شقا آخر يرى في هذه التحركات والدعوات المتزامنة بحثا عن استثمار سياسي ما في ظل غياب المنجز الاقتصادي والاجتماعي لمسار 25 جويلية إلى حد الآن، وتعثر أغلب مشاريع المسار مع تواضع النتائج في الصلح الجزائي وفي الشركات الأهلية وغيرها من برامج الرئيس سعيد.
كما قد تكون المعارضة في وارد استثمار واستباق مآل تواصل التضييق على التمويلات الخارجية لميزانية الدولة من الخارج والضغوط المتنامية على السلطة في سياق الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد ومواصلة الإيفاء بالتزامات الدولة داخليا وخارجيا.
دعوات للحوار
صدرت دعوات الحوار عن المكتب التنفيذي لحركة النهضة الذي اعتبر أن تونس"في حاجة لفتح أفق سياسي تكون فيه القوى الديمقراطية والوطنية شريكا فاعلا"، مؤكدا أنه "يحمل السلطة مسؤولية ما وصفه بالانسداد السياسي وتواصل الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية وعزلة البلاد وأزمة الثقة مع الشركاء"
ودعا، بيان الحركة الصادر الخميس المنقضي، إلى "مصارحة الشعب بحقيقة الأوضاع والمخاطر الاقتصادية والمالية التي تستوجب تمشّيا إصلاحيا عقلانيا يتم به تقاسم الفرص والتضحيات" مضيفا أن "الحلول المقترحة لتعبئة الموارد لميزانية الدولة لسنة 2024 لن تحقق المطلوب ولا المأمول من نموّ وإيفاء بالالتزامات الاجتماعية للدولة والقدرة على خلاص الديون الخارجية والداخلية".
قبل ذلك، وفي السياق والتوجه ذاته تقريبا، صرح رئيس جبهة الخلاص الوطني، أحمد نجيب الشابي، بأن "الأزمة في تونس تفاقمت ولا يوجد أي حلّ للخروج منها عدا جمع كلمة كل الأطراف".
وأكد الشابي أيضا، في حوار إذاعي الثلاثاء الفارط على أهمية "إجراء حوار وطني يضم الجميع بما فيهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيسة الحزب الدستوري الحر". مضيفا أن "كل أزمة تتطلب اجتماع جميع أطرافها من أجل التوافق على حلّ وتكليف من ينفّذه".
وفي تصريح آخر بداية الأسبوع الجاري اعتبر رئيس جبهة الخلاص الوطني أن "الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متردية وأن تونس تعيش أزمة مديونية خانقة والمطلوب إيقاف النزيف عبر إصلاحات يقررها التونسيون عبر حوار وطني يضم كافة المكونات السياسية والمدنية."
ويرى الشابي أن ''يتم تشكيل حكومة إنقاذ وطنية لتطبيق ما يتم الاتفاق عليه وأيضا القيام بإصلاحات دستورية..''.
الأزمة الخانقة
تبدو كلمة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة الكلمة المفتاح في دعوات المعارضة لحوار للإنقاذ. وتصر هذه الأطراف على التأكيد على فشل مسار 25 جويلية في تنفيذ بعض من وعوده لا سيما على مستوى عديد الملفات التي كانت تعول عليها السلطة لتمويل ميزانية الدولة على غرار ملف الأملاك المصادرة والصلح الجزائي .
وفي ظل إقرار السلطة ذاتها بتعثر عديد الملفات والإصلاحات تحاول المعارضة الاستثمار في دفع الرئيس قيس سعيد إلى التراجع خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بموقفه منها من بوابة المشاركة في إنقاذ البلاد وتفادي "الانهيار".
يذكر في هذا الصدد أن رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي كان قد توقع مؤخرا في حوار مع "القدس العربي" حدوث ما وصفه بـ"انهيار وشيك" في تونس، مضيفا أن الرأي العام التونسي بدأ يقتنع بـ"عجز السلطة الحالية عن إيجاد حلول لمشاكل البلاد، وهو ما قد يدفعه الى حالة من الغضب والانفجار"، وفق تقديره .
وقال الشابي "يقيناً، نحن أمام انهيار وشيك يمكن أن يحدث في أي لحظة. لا نعلم التوقيت، وإنما كل العوامل تدل على أن نقطة التحول تقترب بتسارع".
قطعا ليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها الدعوة إلى حوار وطني ومطالبة الرئيس قيس سعيد بالانفتاح على المعارضة والمنظمات الوطنية. وصدرت هذه الدعوات عن الأحزاب وأيضا في شكل مبادرة على غرار مبادرة الاتحاد وشركائه من المنظمات التي قبرت في المهد ولم يتجرأ أصحابها حتى على طرحها على الرئيس مكتفين بالإشارة إلى أن الوضع الراهن لا يسمح وذلك حفظا لماء الوجه وتوقعا مسبقا بأن هذه الدعوات والمبادرات لا وقع لها لدى الرئيس سعيد.
لم يجب الرئيس على الدعوات الأخيرة للحوار والانفتاح الصادرة عن معارضيه، لكن من الوارد أن يرد الرئيس ضمنيا كما جرت العادة في أحد لقاءاته وتصريحاته القادمة في الأثناء سارعت بعض الأطراف الداعمة لمسار 25 جويلية بالرد عن دعوات الحوار الأخيرة.
وقال في هذا الصدد رئيس حزب التحالف من أجل تونس، سرحان الناصري، في تعليقه على دعوة رئيس جبهة الخلاص أحمد نجيب الشابي بتنظيم حوار وطني يشمل الجميع، إنه "لا يُمكن إجراء حوار مع من دمّر البلاد طيلة 10 سنوات"، مضيفا في تصريح إذاعي "إذا أراد نجيب الشابي تنظيم حوار وطني مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي يمكنه الالتحاق بهما في سجن المرناقية".