إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد ترحيل النظر في موعد مناقشة "مشروع قانون تجريم التطبيع ".. ردود الأفعال تشتت بين المزايدات والتوظيف الشخصي

 

تونس – الصباح

يتواصل الجدل وتباين المواقف حول مسألة "زجر أو تجريم التطبيع" مع الكيان المحتل لفلسطين، بعد قرار مكتب مجلس نواب الشعب خلال الأيام الأخيرة المتمثل في تأجيل النظر في تعيين موعد جديد لاستئناف الجلسة العامة المخصصة للنظر في مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى ما بعد إتمام النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2024، جدلا كبيرا في مختلف الأوساط السياسية والحزبية والبرلمانية والمدنية وتعدته لتشمل انخراط الشارع التونسي في توسع دائرة ردود الأفعال حول هذا القرار، وما خلفه من قراءات مختلفة وتأويلات واتهامات وضعت وربطت مسألة ترحيل الحسم في مشروع هذا القانون داخل المؤسسة التشريعية بما هو سياسي وشخصي وقانوني وحزبي حول العملية إلى أشبه بمزايدة سياسية.

ولعل ما ساهم في تصعيد وتيرة هذا الجدل والتباين في المواقف هو تزامن ذلك مع تواصل وتيرة أحداث اعتداءات الآلية العسكرية وبشاعة المجازر لقوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتحديدا في غزة لما يقارب الشهرين وما خلفه قرار ترحيل النظر والحسم في مشروع القانون هذا الذي عرضته على البرلمان كتلة "الخط الوطني السيادي" التي تتركب من 15 نائبا ويرأسها النائب عبدالرزاق عويدات، القيادي في حركة الشعب، منذ الصائفة المنقضية وكانت لجنة الحقوق والحريات قد نظرت فيه وأحالته إلى مكتب البرلمان.

إذ حمّل رئيس كتلة الخط الوطني السيادي في، ندوة صحفية عقدتها كتلته بالبرلمان أول أمس في الغرض، المسؤولية لإبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، على اعتبار أن البرلمان في تعاطيه مع مقترح قانون التجريم هذا قد خالف النظام الداخلي، وهو نفس الموقف الذي أبداه زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب من المسألة.

وبين عويدات أن كل نواب المجلس المنتصرين للموقف الذي جاء في مشروع نفس القانون متمسكون باستئناف الجلسة العامة المنتظمة يوم 2 نوفمبر الجاري والتي تم إيقافها من قبل رئيس البرلمان. موضحا أن النواب سيقاطعون أنشطة البرلمان بعد 10 ديسمبر المقبل أي بعد المصادقة على مشروع قانون ميزانية الدولة وقانون المالية 2024.

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد قرار رئيس البرلمان تأجيل مواصلة النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في الجلسة العامة المخصصة للغرض يوم 2 نوفمبر الجاري وتعليقها في مرة أولى على أن يتم استئنافها في اليوم الموالي لكن لم يتم ذلك، عمت الفوضى قبة باردو وتحول الجدل إلى مشاهد فوضى استهجنها الجميع، أعادت في جوانب منها إلى الأذهان بعض المظاهر السلبية التي ميزت البرلمانات السابقة التي عرفتها بلادنا في مرحلة ما بعد ثورة 2011.

ويشار إلى أن مشروع هذا القانون ينص على معاقبة كل مرتكب لجريمة التطبيع بالسجن لفترة تتراوح بين 6 و12 سنة وبغرامة مالية تتراوح بين 10 آلاف و100 ألف دينار. كما ينص على أن التتبع والعقاب في الجرائم المنصوص عليها لا يسقطان بالزمن.

تمسك تونس بموقفها الرسمي ..

لئن أكد رئيس الحكومة أحمد الحشاني يوم أمس أمام النواب بالبرلمان على تمسك تونس بموقفها الرسمي في تعاملها مع "كل الدول وعديد المنظمات الدولية باستثناء الكيان الصهيوني"، فإن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان وضع مسألة تجريم التطبيع واعتبره خيانة عظمى للشعب الفلسطيني، ضمن أولويات حملته الانتخابية في رئاسية 2019.

وأكد سعيد تمسك تونس بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية ومن التطبيع من الكيان الصهيوني المحتل الذي تجلى بوضوح مرة أخرى في البيان الرسمي لرئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الغاشم في أكتوبر الماضي. خاصة أن سعيد كان قد أشار في مناسبة سابقة، حول الجدل المطروح على مشروع القانون المطروح في الغرض على البرلمان بين مؤيد له ورافض لطرحه في نسخته الحالية والتسرع في عرضه على المصادقة بالبرلمان دون عرضه على الجهات المعنية لمناقشته ومراجعته، إلى أنه يمكن الاستئناس بالفصل 60 من المجلة الجزائية فيما يتعلق بالعقوبة.

كما عمل نبيل عمار، وزير الخارجية على تكريس موقف تونس الثابت في الانتصار لحق فلسطين في أرضه وسيادته في سياسة تونس الخارجية ومن خلال موقف تونس في القمم العربية والإسلامية المنعقدة في الغرض وغيرها من المناسبات الدولية الأخرى.

مزايدة سياسية.. وتأجيج للجدل

وينزل البعض الآخر من السياسيين والمتابعين للشأن الوطني بشكل عام والجدل وتباين المواقف وردود الأفعال حول مشروع قانون التطبيع مع الكيان الصهيوني وعدم حسم المؤسسة التشريعية فيه في هذه المرحلة تحديدا في إطار المزايدة السياسية خاصة أن هناك من يعتبره أولوية والمصادقة عليه ترجمة لموقف التونسيين باعتبار أن البرلمان الحالي، وفق ما جاء في تحديد مهامه في الدستور الجديد هو حمّال لمواقف ورؤى الشعب التونسي الذي انتخب ممثليه من النواب حسب انتظارات كل جهة. وساهم قول رئيس البرلمان في حديثه عن سبب تأجيل الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروع القانون المطروح بكون رئيس الجمهورية يعتبر فيه ضررا بالمصالح التونسية" في تأجيج وتيرة الجدل وأصبحت العملية منبعا للمواقف الموظفة في سياقات سياسية مختلفة انخرطت فيها المعارضة وكافة مكونات المشهد السياسي والمدني في تونس اليوم.

وأجمع عدد كبير من النواب بنفس البرلمان على موقفهم الرافض لتأجيل النظر في مشروع القانون المعروض على البرلمان على اعتبار أنه يعد أولوية تعبر عن مواقف جل التونسيين تقريبا بقطع النظر عن مواقف البعض من طريقة صياغته وضرورة تشريك جهات رسمية وأخرى معنية لمناقشته على غرار وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والعدل والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء. إذ اعتبرت سرين مرابط المكلفة بالإعلام والاتصال في مجلس نواب الشعب أن عدم استئناف الجلسة العامة المعلقة خرقا إجرائيا للنظام الداخلي للبرلمان ولما هو معمول به في الجلسات العامة، من قبل رئيس مجلس النواب.

فيما ذهبت النائبة بنفس البرلمان فاطمة المسدي في موقفها من المسألة باعتبار أنها كانت من بين الداعين إلى ضرورة التريث وعدم التسرع في عرض مشروع القانون على الجلسة العامة دون تشريك أي جهة رسمية أو معنية في مناقشته وصياغته، إلى أن هبة البعض بالشكل الذي كان عليه الأمر لا يعدو أن يكون سوى مزايدة سياسية.

اعتبر سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس أن ما يدور من جدل في الغرض لا يخلو من مزايدة سياسية رغم تأثير ذلك في تعميق الاختلاف والانقسام في البرلمان من ناحية ودوره في خدمة بعض الأجندات الشخصية والسياسية بعيدا عن المصلحة العليا للوطن، حسب ما أورده في تدوينة له في الغرض على الصفحة الرسمية لحزبه على شبكة التواصل الاجتماعي.

من جهته انتقد احمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص، تأجيل الحسم تشريعيا في مشروع قانون التطبيع معتبرا أن ذلك تسبب في فضيحة للموقف التونسي على مستوى عالمي بعد الهبة القوية للبرلمان لسن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني. خاصة أنه يعتبر وجود اختراقات إسرائيلية في المجتمع التونسي في العديد من المجالات الثقافية والأكاديمية والفنية والرياضية والتجارية ووضع ذلك في خامة "طعنات في خاصرة القضية الفلسطينية".

توظيف انتخابي

كما نزل البعض الآخر الجدل والسجال القائم في الأوساط الحزبية والسياسية بالأساس حول قرار التأجيل هذا في سياق التوظيف السياسي والدخول في الحملات الانتخابية والدعائية للأحزاب والسياسيين بشكل عام. خاصة أن سعيد حمل شعار" مقاطعة التطبيع والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية" في حملته الانتخابية السابقة ووجدت التفاعل الإيجابي والاستحسان الواسع في الأوساط الشعبية، ثم أن حركة الشعب بتوجهها القومي الناصري، ترى في دخول أي جهة على خطها في التفرد بالدفاع عن هذه القضية وكل المشاريع والتوجهات والقوانين المتعلقة بها، خطرا عليها لاسيما في هذه المرحلة. لاسيما أن سعيد سبق أن نجح في رأي البعض من المتابعين للشأن السياسي في تونس في سحب البساط من تحت أقدام الإسلام السياسي ودعاة الديمقراطية والوطنية ليخطف الدور من بين يدي الحركة القومية في تونس في قضية حارقة يعد حمل شعاراتها والدفاع عنها من صميم العمل السياسي ونشاط الحركة ووجودها في المشهد السياسي. رغم أن حرك الشعب كانت من بين القوى الداعمة للمسار الذي يقوده سعيد منذ 25 جويلية 2021.

وهو ما قد يهدد علاقة التقارب بين الحركة وسعيد خاصة أن زهير المغزاوي أكد أنه "من يعتقد أن معركة تجريم التطبيع في البرلمان قد انتهت فهو واهم".

في المقابل ذهب وزير الخارجية والدبلوماسي السابق أحمد ونيس في موقفه حول المسالة في خضم الجدل القائم اليوم حول مسألة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى أنه لا يجب أن تكون في قانون أو دستور بل يجب أن تبقى تحت تصرف السلطة الرسمية والحكومة ولتكون آلية تفاوض في سياسة تونس الخارجية.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

بعد ترحيل النظر في موعد مناقشة "مشروع قانون تجريم التطبيع "..   ردود الأفعال تشتت بين المزايدات والتوظيف الشخصي

 

تونس – الصباح

يتواصل الجدل وتباين المواقف حول مسألة "زجر أو تجريم التطبيع" مع الكيان المحتل لفلسطين، بعد قرار مكتب مجلس نواب الشعب خلال الأيام الأخيرة المتمثل في تأجيل النظر في تعيين موعد جديد لاستئناف الجلسة العامة المخصصة للنظر في مقترح قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى ما بعد إتمام النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية لسنة 2024، جدلا كبيرا في مختلف الأوساط السياسية والحزبية والبرلمانية والمدنية وتعدته لتشمل انخراط الشارع التونسي في توسع دائرة ردود الأفعال حول هذا القرار، وما خلفه من قراءات مختلفة وتأويلات واتهامات وضعت وربطت مسألة ترحيل الحسم في مشروع هذا القانون داخل المؤسسة التشريعية بما هو سياسي وشخصي وقانوني وحزبي حول العملية إلى أشبه بمزايدة سياسية.

ولعل ما ساهم في تصعيد وتيرة هذا الجدل والتباين في المواقف هو تزامن ذلك مع تواصل وتيرة أحداث اعتداءات الآلية العسكرية وبشاعة المجازر لقوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وتحديدا في غزة لما يقارب الشهرين وما خلفه قرار ترحيل النظر والحسم في مشروع القانون هذا الذي عرضته على البرلمان كتلة "الخط الوطني السيادي" التي تتركب من 15 نائبا ويرأسها النائب عبدالرزاق عويدات، القيادي في حركة الشعب، منذ الصائفة المنقضية وكانت لجنة الحقوق والحريات قد نظرت فيه وأحالته إلى مكتب البرلمان.

إذ حمّل رئيس كتلة الخط الوطني السيادي في، ندوة صحفية عقدتها كتلته بالبرلمان أول أمس في الغرض، المسؤولية لإبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب، على اعتبار أن البرلمان في تعاطيه مع مقترح قانون التجريم هذا قد خالف النظام الداخلي، وهو نفس الموقف الذي أبداه زهير المغزاوي أمين عام حركة الشعب من المسألة.

وبين عويدات أن كل نواب المجلس المنتصرين للموقف الذي جاء في مشروع نفس القانون متمسكون باستئناف الجلسة العامة المنتظمة يوم 2 نوفمبر الجاري والتي تم إيقافها من قبل رئيس البرلمان. موضحا أن النواب سيقاطعون أنشطة البرلمان بعد 10 ديسمبر المقبل أي بعد المصادقة على مشروع قانون ميزانية الدولة وقانون المالية 2024.

وتجدر الإشارة إلى أنه بعد قرار رئيس البرلمان تأجيل مواصلة النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في الجلسة العامة المخصصة للغرض يوم 2 نوفمبر الجاري وتعليقها في مرة أولى على أن يتم استئنافها في اليوم الموالي لكن لم يتم ذلك، عمت الفوضى قبة باردو وتحول الجدل إلى مشاهد فوضى استهجنها الجميع، أعادت في جوانب منها إلى الأذهان بعض المظاهر السلبية التي ميزت البرلمانات السابقة التي عرفتها بلادنا في مرحلة ما بعد ثورة 2011.

ويشار إلى أن مشروع هذا القانون ينص على معاقبة كل مرتكب لجريمة التطبيع بالسجن لفترة تتراوح بين 6 و12 سنة وبغرامة مالية تتراوح بين 10 آلاف و100 ألف دينار. كما ينص على أن التتبع والعقاب في الجرائم المنصوص عليها لا يسقطان بالزمن.

تمسك تونس بموقفها الرسمي ..

لئن أكد رئيس الحكومة أحمد الحشاني يوم أمس أمام النواب بالبرلمان على تمسك تونس بموقفها الرسمي في تعاملها مع "كل الدول وعديد المنظمات الدولية باستثناء الكيان الصهيوني"، فإن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان وضع مسألة تجريم التطبيع واعتبره خيانة عظمى للشعب الفلسطيني، ضمن أولويات حملته الانتخابية في رئاسية 2019.

وأكد سعيد تمسك تونس بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية ومن التطبيع من الكيان الصهيوني المحتل الذي تجلى بوضوح مرة أخرى في البيان الرسمي لرئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الغاشم في أكتوبر الماضي. خاصة أن سعيد كان قد أشار في مناسبة سابقة، حول الجدل المطروح على مشروع القانون المطروح في الغرض على البرلمان بين مؤيد له ورافض لطرحه في نسخته الحالية والتسرع في عرضه على المصادقة بالبرلمان دون عرضه على الجهات المعنية لمناقشته ومراجعته، إلى أنه يمكن الاستئناس بالفصل 60 من المجلة الجزائية فيما يتعلق بالعقوبة.

كما عمل نبيل عمار، وزير الخارجية على تكريس موقف تونس الثابت في الانتصار لحق فلسطين في أرضه وسيادته في سياسة تونس الخارجية ومن خلال موقف تونس في القمم العربية والإسلامية المنعقدة في الغرض وغيرها من المناسبات الدولية الأخرى.

مزايدة سياسية.. وتأجيج للجدل

وينزل البعض الآخر من السياسيين والمتابعين للشأن الوطني بشكل عام والجدل وتباين المواقف وردود الأفعال حول مشروع قانون التطبيع مع الكيان الصهيوني وعدم حسم المؤسسة التشريعية فيه في هذه المرحلة تحديدا في إطار المزايدة السياسية خاصة أن هناك من يعتبره أولوية والمصادقة عليه ترجمة لموقف التونسيين باعتبار أن البرلمان الحالي، وفق ما جاء في تحديد مهامه في الدستور الجديد هو حمّال لمواقف ورؤى الشعب التونسي الذي انتخب ممثليه من النواب حسب انتظارات كل جهة. وساهم قول رئيس البرلمان في حديثه عن سبب تأجيل الجلسة العامة المخصصة للنظر في مشروع القانون المطروح بكون رئيس الجمهورية يعتبر فيه ضررا بالمصالح التونسية" في تأجيج وتيرة الجدل وأصبحت العملية منبعا للمواقف الموظفة في سياقات سياسية مختلفة انخرطت فيها المعارضة وكافة مكونات المشهد السياسي والمدني في تونس اليوم.

وأجمع عدد كبير من النواب بنفس البرلمان على موقفهم الرافض لتأجيل النظر في مشروع القانون المعروض على البرلمان على اعتبار أنه يعد أولوية تعبر عن مواقف جل التونسيين تقريبا بقطع النظر عن مواقف البعض من طريقة صياغته وضرورة تشريك جهات رسمية وأخرى معنية لمناقشته على غرار وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والعدل والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء. إذ اعتبرت سرين مرابط المكلفة بالإعلام والاتصال في مجلس نواب الشعب أن عدم استئناف الجلسة العامة المعلقة خرقا إجرائيا للنظام الداخلي للبرلمان ولما هو معمول به في الجلسات العامة، من قبل رئيس مجلس النواب.

فيما ذهبت النائبة بنفس البرلمان فاطمة المسدي في موقفها من المسألة باعتبار أنها كانت من بين الداعين إلى ضرورة التريث وعدم التسرع في عرض مشروع القانون على الجلسة العامة دون تشريك أي جهة رسمية أو معنية في مناقشته وصياغته، إلى أن هبة البعض بالشكل الذي كان عليه الأمر لا يعدو أن يكون سوى مزايدة سياسية.

اعتبر سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس أن ما يدور من جدل في الغرض لا يخلو من مزايدة سياسية رغم تأثير ذلك في تعميق الاختلاف والانقسام في البرلمان من ناحية ودوره في خدمة بعض الأجندات الشخصية والسياسية بعيدا عن المصلحة العليا للوطن، حسب ما أورده في تدوينة له في الغرض على الصفحة الرسمية لحزبه على شبكة التواصل الاجتماعي.

من جهته انتقد احمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص، تأجيل الحسم تشريعيا في مشروع قانون التطبيع معتبرا أن ذلك تسبب في فضيحة للموقف التونسي على مستوى عالمي بعد الهبة القوية للبرلمان لسن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني. خاصة أنه يعتبر وجود اختراقات إسرائيلية في المجتمع التونسي في العديد من المجالات الثقافية والأكاديمية والفنية والرياضية والتجارية ووضع ذلك في خامة "طعنات في خاصرة القضية الفلسطينية".

توظيف انتخابي

كما نزل البعض الآخر الجدل والسجال القائم في الأوساط الحزبية والسياسية بالأساس حول قرار التأجيل هذا في سياق التوظيف السياسي والدخول في الحملات الانتخابية والدعائية للأحزاب والسياسيين بشكل عام. خاصة أن سعيد حمل شعار" مقاطعة التطبيع والوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية" في حملته الانتخابية السابقة ووجدت التفاعل الإيجابي والاستحسان الواسع في الأوساط الشعبية، ثم أن حركة الشعب بتوجهها القومي الناصري، ترى في دخول أي جهة على خطها في التفرد بالدفاع عن هذه القضية وكل المشاريع والتوجهات والقوانين المتعلقة بها، خطرا عليها لاسيما في هذه المرحلة. لاسيما أن سعيد سبق أن نجح في رأي البعض من المتابعين للشأن السياسي في تونس في سحب البساط من تحت أقدام الإسلام السياسي ودعاة الديمقراطية والوطنية ليخطف الدور من بين يدي الحركة القومية في تونس في قضية حارقة يعد حمل شعاراتها والدفاع عنها من صميم العمل السياسي ونشاط الحركة ووجودها في المشهد السياسي. رغم أن حرك الشعب كانت من بين القوى الداعمة للمسار الذي يقوده سعيد منذ 25 جويلية 2021.

وهو ما قد يهدد علاقة التقارب بين الحركة وسعيد خاصة أن زهير المغزاوي أكد أنه "من يعتقد أن معركة تجريم التطبيع في البرلمان قد انتهت فهو واهم".

في المقابل ذهب وزير الخارجية والدبلوماسي السابق أحمد ونيس في موقفه حول المسالة في خضم الجدل القائم اليوم حول مسألة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى أنه لا يجب أن تكون في قانون أو دستور بل يجب أن تبقى تحت تصرف السلطة الرسمية والحكومة ولتكون آلية تفاوض في سياسة تونس الخارجية.

نزيهة الغضباني