تصب جملة الإيقافات الأخيرة التي طالت عددا من رجال الأعمال التونسيين، في إطار ملف الصلح الجزائي، مشروع رئيس الجمهورية الذي يبدو أنه لم يحقق إلى غاية اليوم الهدف المرجو منه ما دفع إلى المرور الى المتابعة القضائية.
وكان رئيس الجمهورية أوضح خلال زيارته الى مقر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي بالعاصمة، "أن لا صلح مع من نهبوا أموال الشعب التونسي إلا بعد الدفع أو ستتم ملاحقتهم جزائيا."
ووجه سعيد آنذاك، كلامه لكل المعنيين بالصلح محذرا أن "من يتخفى وراء الإجراءات القانونية فنحن لسنا في نقاش ويجب استرجاع الأموال".
واتهم رئيس الجمهورية في نفس السياق البعض ممن تعلقت بهم شبهات نهب أموال الشعب بالمماطلة وطلب العودة إلى المحاكم وإعادة الاختبارات، مشددا على أن الشعب التونسي ليس مستعدا لعقد صلح مع أي شخص يرغب في التخفي وراء متاهة الإجراءات.
وتصل قيمة الأموال المتعلقة بمسارات الصلح الـ3 آلاف مليون دينار، حسب تصريحات الرئيس، وهي تتعلق بنحو 500 ملف استنادا لما إفادة به رئيس جمعية المحاكمة العادلة.
وفي تقييمه لمبادرة الصلح الجزائي التي أعلنها الرئيس منذ نحو السنة بين الياس بن سدرين المستشار القانوني بمنظمة محامون بلا حدود، أن مبادرة الصلح جيدة، الغاية منها تكون كشف الحقيقة والحصول على الاعترافات وتحقيق ضمانات عدم التكرار. وهي من المنظومات التي تساهم بشكل كبير في تفكيك منظومة الفساد. وتحقيق المصالحة وعدم التكرار. وسواء تغيرت منظومة الحكم أو لم تتغير فالمسار يبقى ضامنا لمناخ سليم.
في المقابل يرى بخصوص مسار الصلح الجزائي، انه وفي غياب معطيات دقيقة عن عدد الملفات المودعة والأشخاص المعنيين بالصلح الجزائي، فإن هناك ضمانات هيكلة إصلاحية مفقودة تضعف المسار ككل.
وذكر بن سدرين أن مبدأ المصالحة والصلح يقوم على عملية طوعية للمعنيين به وعلى مبدأ المواجهة ويستند لملفات فعلية تم التحقيق فيها وتفكيك تفاصيلها وليس كما نرى اليوم.
والتوجه إلى القضاء في ظل ضعف المبادرة الطوعية، لا يعتبر حلا أو مسارا للصلح الجزائي فالضمانات الهيكلة الإصلاحية تبقى مفقودة. وتتحول المبادرة إلى سياسية تنفيذية.
من جانبه يكشف رفيق جراية المحلل المالي أن الصلح كهدف يربحنا الكثير من الوقت، والثقة وخاصة الخبرة حول ما وقع وكيف وقع وما يتبعه من إصلاح للإدارة وتطهير لها.. غير أنه وللأسف في مسار الصلح الجزائي اليوم "الدولة مقابل التعويض المادي"، تم التخلي عن كل ما سبق. وتم تقديم هدية البراءة لرجال أعمال مقابل قيمة من الأموال يمكن أن تتباين طرق احتسابها.
ولم ينزل جراية المتابعات القضائية المسجلة في حق عدد من رجال الأعمال في إطار ابتزاز، بل اعتبر أنه يمكن أن يتم تناولها في إطار أن تقديم رجال الأعمال لملفات منقوصة للجنة يمكن يتم كشفه ومتابعته قضائيا. وفي ذلك رسالة واضحة مفادها أن الجميع معرض للمتابعة القانونية ولا احد فوق القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الصلح الجزائي، ومنذ تكوينها والإعلان عنها، لقيت رفضًا ممن اعتبروها تجاوزًا لمسار العدالة الانتقالية ونسفًا لها، كما تعرضت لانتقادات من عدة مختصين أكدوا أن الأموال الضخمة التي يتحدث عن استرجاعها الرئيس "غير واقعية وغير ممكنة".
مع العلم أن مرسوم الصلح الجزائي تم الإعلان عنه في مارس 2022، وهو يعني المتورطين في جرائم اقتصادية ومالية وهو قائم على تركيز للجنة الوطنية للصلح الجزائي، التي تتمتع بصلاحيات واسعة، إضافة إلى لجان لمتابعة تنفيذ الأحكام وحساب عائدات لدى الخزينة خاضع إلى رقابة محكمة المحاسبات.
ريم سوودي
تونس- الصباح
تصب جملة الإيقافات الأخيرة التي طالت عددا من رجال الأعمال التونسيين، في إطار ملف الصلح الجزائي، مشروع رئيس الجمهورية الذي يبدو أنه لم يحقق إلى غاية اليوم الهدف المرجو منه ما دفع إلى المرور الى المتابعة القضائية.
وكان رئيس الجمهورية أوضح خلال زيارته الى مقر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي بالعاصمة، "أن لا صلح مع من نهبوا أموال الشعب التونسي إلا بعد الدفع أو ستتم ملاحقتهم جزائيا."
ووجه سعيد آنذاك، كلامه لكل المعنيين بالصلح محذرا أن "من يتخفى وراء الإجراءات القانونية فنحن لسنا في نقاش ويجب استرجاع الأموال".
واتهم رئيس الجمهورية في نفس السياق البعض ممن تعلقت بهم شبهات نهب أموال الشعب بالمماطلة وطلب العودة إلى المحاكم وإعادة الاختبارات، مشددا على أن الشعب التونسي ليس مستعدا لعقد صلح مع أي شخص يرغب في التخفي وراء متاهة الإجراءات.
وتصل قيمة الأموال المتعلقة بمسارات الصلح الـ3 آلاف مليون دينار، حسب تصريحات الرئيس، وهي تتعلق بنحو 500 ملف استنادا لما إفادة به رئيس جمعية المحاكمة العادلة.
وفي تقييمه لمبادرة الصلح الجزائي التي أعلنها الرئيس منذ نحو السنة بين الياس بن سدرين المستشار القانوني بمنظمة محامون بلا حدود، أن مبادرة الصلح جيدة، الغاية منها تكون كشف الحقيقة والحصول على الاعترافات وتحقيق ضمانات عدم التكرار. وهي من المنظومات التي تساهم بشكل كبير في تفكيك منظومة الفساد. وتحقيق المصالحة وعدم التكرار. وسواء تغيرت منظومة الحكم أو لم تتغير فالمسار يبقى ضامنا لمناخ سليم.
في المقابل يرى بخصوص مسار الصلح الجزائي، انه وفي غياب معطيات دقيقة عن عدد الملفات المودعة والأشخاص المعنيين بالصلح الجزائي، فإن هناك ضمانات هيكلة إصلاحية مفقودة تضعف المسار ككل.
وذكر بن سدرين أن مبدأ المصالحة والصلح يقوم على عملية طوعية للمعنيين به وعلى مبدأ المواجهة ويستند لملفات فعلية تم التحقيق فيها وتفكيك تفاصيلها وليس كما نرى اليوم.
والتوجه إلى القضاء في ظل ضعف المبادرة الطوعية، لا يعتبر حلا أو مسارا للصلح الجزائي فالضمانات الهيكلة الإصلاحية تبقى مفقودة. وتتحول المبادرة إلى سياسية تنفيذية.
من جانبه يكشف رفيق جراية المحلل المالي أن الصلح كهدف يربحنا الكثير من الوقت، والثقة وخاصة الخبرة حول ما وقع وكيف وقع وما يتبعه من إصلاح للإدارة وتطهير لها.. غير أنه وللأسف في مسار الصلح الجزائي اليوم "الدولة مقابل التعويض المادي"، تم التخلي عن كل ما سبق. وتم تقديم هدية البراءة لرجال أعمال مقابل قيمة من الأموال يمكن أن تتباين طرق احتسابها.
ولم ينزل جراية المتابعات القضائية المسجلة في حق عدد من رجال الأعمال في إطار ابتزاز، بل اعتبر أنه يمكن أن يتم تناولها في إطار أن تقديم رجال الأعمال لملفات منقوصة للجنة يمكن يتم كشفه ومتابعته قضائيا. وفي ذلك رسالة واضحة مفادها أن الجميع معرض للمتابعة القانونية ولا احد فوق القانون.
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الصلح الجزائي، ومنذ تكوينها والإعلان عنها، لقيت رفضًا ممن اعتبروها تجاوزًا لمسار العدالة الانتقالية ونسفًا لها، كما تعرضت لانتقادات من عدة مختصين أكدوا أن الأموال الضخمة التي يتحدث عن استرجاعها الرئيس "غير واقعية وغير ممكنة".
مع العلم أن مرسوم الصلح الجزائي تم الإعلان عنه في مارس 2022، وهو يعني المتورطين في جرائم اقتصادية ومالية وهو قائم على تركيز للجنة الوطنية للصلح الجزائي، التي تتمتع بصلاحيات واسعة، إضافة إلى لجان لمتابعة تنفيذ الأحكام وحساب عائدات لدى الخزينة خاضع إلى رقابة محكمة المحاسبات.