من سخريات القدر أن مَنْ قاسى على يد النازية من عملية الإبادة الجماعية بأشكالها المختلفة فيما أصبح يدعى لاحقاً بالهولوكوست اليهودي، قد قيِّضَ له أن يقوم خلال ثلاثون يوماً بما قام به النازيون نسبياً على مدى سنوات وأدى بوحشيتة وقسوته خلال الثلاثون يوماً المذكورة إلى قتل ما يزيد عن عشرة آلاف فلسطيني منهم ما يزيد عن أربعة آلاف طفل عدا عن القتلى الذين لم يتم استخراج جثثهم من تحت الأنقاض حتى كتابة هذا المقال.
ما فعله النازيون ضد اليهود وقد فعلوه بالسر لفظاعته ويطلق عليه الآن الهولوكوست اليهودي، وما فعله اليهود الإسرائيليون ضد الفلسطينيين من أعمال قتل وتدمير في إقليم غزة وهو أمر يتم يومياً وعلناً يجب وبالمقياس نفسه أن يُطْلَقْ عليه "الهولوكوست الفلسطيني". نفس الجريمة مع وجود اختلاف واحد هو أن المقتول في الحالة الأولى هو القاتل في الحالة الثانية وهم اليهود والضحية الآن هم الفلسطينيون .
محطات دموية قذرة في التاريخ الإنساني المعاصر تتطلب إعادة النظر جدياُ بالمنظومة الأخلاقية الإنسانية التي ابتدأت تفقد دورها كبوصلة لما هو صحيح ومقبول مقابل ما هو خطأ ومرفوض، خصوصاً بعد ما أبدته أمريكا ودول أوروبا الغربية من تأييد مفتوح لعملية الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني باعتبارها تجسيداً لحق إسرائيل المزعوم في الدفاع عن نفسها . وعلى هذا الأساس يصبح من المهم إبقاء ذكرى هذه المحطات الدموية والسوداء في تاريخ الشعوب حية وشاهداً على ما لا يجب فعله تحت كل الظروف أو الأعذار حتى لا يتم تكرارها مهما كانت الأعذار .
إن إبقاء ذكرى "الهولوكوست الفلسطيني" حَيَة تصبح ضرورة وضرورية ليس للذاكرة الوطنية الفلسطينية فقط، ولكن للذاكرة الإنسانية عموماً والتي يجب أن ُتبْقي على رفضها التام لسياسة القتل الجماعي كما تمت ممارستها من قبل أمريكا في مدن هيروشيما ونكازاكي اليابانية، وممارسات ألمانيا النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية والتي تتم ممارستها الآن بشكل أكثر وحشية في إقليم غزة الفلسطيني من قبل اليهود الإسرائيليين أنفسهم .
وفي هذا السياق على الفلسطينيين الآن كما على العرب العمل على توثيق مجمل الجرائم الإسرائيلية الواقعة على إقليم غزة وعلى الشعب الفلسطيني بالصورة والصوت والإحصاءات وكذلك حالات القتل الجماعي للأطفال والنساء والشيوخ وحالات التدمير المقصود للبيوت والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمتاحف وأماكن العبادة وكافة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والعمل على فتح متاحف تحت اسم
متحف الهولوكوست الفلسطيني
Palestinian Holocaust Museum
ويكون مقر هذه المتاحف في فلسطين وعاصمة كل دولة عربية وعلى أن تكون زيارة هذا المتحف جزءاً من البروتوكول لأي زيارة رسمية لمسؤول أجنبي لكل عاصمة عربية . ويكون إنشاء هذا المتحف بقرار ملزم من جامعة الدول العربية لكافة أعضائها بما في ذلك جامعة الدول العربية نفسها التي يجب أن تبادر إلى إنشاء هذا المتحف ضمن مقرها وعلى أن تكون زيارة هذا المتحف ملزمة لكل ضيف يزور مقر الجامعة رسمياً .
إن العمل أيضاً على إنشاء "متحف الهولوكوست الفلسطيني" كمتحف افتراضي (on-line) يشكل جزءاً هاماً من عملية نشر الوعي الدولي لحجم الاجرام الإسرائيلي كونه يتعامل مع أجيال الشباب في جميع انحاء العالم . يهدف "متحف الهولوكوست الفلسطيني" بكافة أشكاله إلى إبقاء ذكرى الوحشية التي تعامل بها الإسرائيليون مع الفلسطينيين في الذاكرة الوطنية الفلسطينية وفي ذاكرة العالم أيضاً، وحتى لا تنسى الأجيال القادمة الإجرام الإسرائيلي وما فعله الإسرائيليون بشعب محاصر ومحتل. وإذا ما ارتأى اليهود أن من حقهم استعمال مثل تلك الذاكرة المريرة لما جرى لهم على يد ألمانيا ألنازية كوسيلة لابتزاز العالم مادياً وسياسياً، فإن الفلسطينيون بدورهم سوف يستعملوا تلك الذاكرة لكشف زيف الرواية الصهيونية اليهودية وادعاءاتها الكاذبة في فلسطين، وتعزيز التزام العالم بمنظومة حقوق الإنسان واحترام القانون الإنساني وحقوق الشعوب وليس للابتزاز وسرقة أوطان الآخرين .
كاتب ومحلل سياسي أردني مختص في الشؤون العربية، والشرق أوسطية والفلسطينية.
بقلم: د. لبيب قمحاوي
من سخريات القدر أن مَنْ قاسى على يد النازية من عملية الإبادة الجماعية بأشكالها المختلفة فيما أصبح يدعى لاحقاً بالهولوكوست اليهودي، قد قيِّضَ له أن يقوم خلال ثلاثون يوماً بما قام به النازيون نسبياً على مدى سنوات وأدى بوحشيتة وقسوته خلال الثلاثون يوماً المذكورة إلى قتل ما يزيد عن عشرة آلاف فلسطيني منهم ما يزيد عن أربعة آلاف طفل عدا عن القتلى الذين لم يتم استخراج جثثهم من تحت الأنقاض حتى كتابة هذا المقال.
ما فعله النازيون ضد اليهود وقد فعلوه بالسر لفظاعته ويطلق عليه الآن الهولوكوست اليهودي، وما فعله اليهود الإسرائيليون ضد الفلسطينيين من أعمال قتل وتدمير في إقليم غزة وهو أمر يتم يومياً وعلناً يجب وبالمقياس نفسه أن يُطْلَقْ عليه "الهولوكوست الفلسطيني". نفس الجريمة مع وجود اختلاف واحد هو أن المقتول في الحالة الأولى هو القاتل في الحالة الثانية وهم اليهود والضحية الآن هم الفلسطينيون .
محطات دموية قذرة في التاريخ الإنساني المعاصر تتطلب إعادة النظر جدياُ بالمنظومة الأخلاقية الإنسانية التي ابتدأت تفقد دورها كبوصلة لما هو صحيح ومقبول مقابل ما هو خطأ ومرفوض، خصوصاً بعد ما أبدته أمريكا ودول أوروبا الغربية من تأييد مفتوح لعملية الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني باعتبارها تجسيداً لحق إسرائيل المزعوم في الدفاع عن نفسها . وعلى هذا الأساس يصبح من المهم إبقاء ذكرى هذه المحطات الدموية والسوداء في تاريخ الشعوب حية وشاهداً على ما لا يجب فعله تحت كل الظروف أو الأعذار حتى لا يتم تكرارها مهما كانت الأعذار .
إن إبقاء ذكرى "الهولوكوست الفلسطيني" حَيَة تصبح ضرورة وضرورية ليس للذاكرة الوطنية الفلسطينية فقط، ولكن للذاكرة الإنسانية عموماً والتي يجب أن ُتبْقي على رفضها التام لسياسة القتل الجماعي كما تمت ممارستها من قبل أمريكا في مدن هيروشيما ونكازاكي اليابانية، وممارسات ألمانيا النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية والتي تتم ممارستها الآن بشكل أكثر وحشية في إقليم غزة الفلسطيني من قبل اليهود الإسرائيليين أنفسهم .
وفي هذا السياق على الفلسطينيين الآن كما على العرب العمل على توثيق مجمل الجرائم الإسرائيلية الواقعة على إقليم غزة وعلى الشعب الفلسطيني بالصورة والصوت والإحصاءات وكذلك حالات القتل الجماعي للأطفال والنساء والشيوخ وحالات التدمير المقصود للبيوت والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمتاحف وأماكن العبادة وكافة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني والعمل على فتح متاحف تحت اسم
متحف الهولوكوست الفلسطيني
Palestinian Holocaust Museum
ويكون مقر هذه المتاحف في فلسطين وعاصمة كل دولة عربية وعلى أن تكون زيارة هذا المتحف جزءاً من البروتوكول لأي زيارة رسمية لمسؤول أجنبي لكل عاصمة عربية . ويكون إنشاء هذا المتحف بقرار ملزم من جامعة الدول العربية لكافة أعضائها بما في ذلك جامعة الدول العربية نفسها التي يجب أن تبادر إلى إنشاء هذا المتحف ضمن مقرها وعلى أن تكون زيارة هذا المتحف ملزمة لكل ضيف يزور مقر الجامعة رسمياً .
إن العمل أيضاً على إنشاء "متحف الهولوكوست الفلسطيني" كمتحف افتراضي (on-line) يشكل جزءاً هاماً من عملية نشر الوعي الدولي لحجم الاجرام الإسرائيلي كونه يتعامل مع أجيال الشباب في جميع انحاء العالم . يهدف "متحف الهولوكوست الفلسطيني" بكافة أشكاله إلى إبقاء ذكرى الوحشية التي تعامل بها الإسرائيليون مع الفلسطينيين في الذاكرة الوطنية الفلسطينية وفي ذاكرة العالم أيضاً، وحتى لا تنسى الأجيال القادمة الإجرام الإسرائيلي وما فعله الإسرائيليون بشعب محاصر ومحتل. وإذا ما ارتأى اليهود أن من حقهم استعمال مثل تلك الذاكرة المريرة لما جرى لهم على يد ألمانيا ألنازية كوسيلة لابتزاز العالم مادياً وسياسياً، فإن الفلسطينيون بدورهم سوف يستعملوا تلك الذاكرة لكشف زيف الرواية الصهيونية اليهودية وادعاءاتها الكاذبة في فلسطين، وتعزيز التزام العالم بمنظومة حقوق الإنسان واحترام القانون الإنساني وحقوق الشعوب وليس للابتزاز وسرقة أوطان الآخرين .
كاتب ومحلل سياسي أردني مختص في الشؤون العربية، والشرق أوسطية والفلسطينية.