فجّر مشروع قانون تجريم التطبيع، انسجام المشهد البرلماني، ووتّر مناخات التوافق السياسي التي حاول مجلس نواب الشعب تسويقها على نفسه طوال المدة الماضية وبأنه برلمان متناغم في خياراته وقراراته.. وقد سادت هذه الصورة للأشهر الأولى من عمل البرلمان حيث لم يكن هناك أي صدام بين النواب أو بين النواب ورئاسة البرلمان، وقد بدا من الواضح أن الرئيس إبراهيم بودربالة يمسك بمقاليد المجلس بشكل جيد ويدير مؤسسة البرلمان بانسجام كبير مع مؤسسة رئاسة الجمهورية..
ولكن ما حصل في الأيام الأخيرة عصف باستقرار المشهد البرلماني وخرجت الخلافات دفعة واحدة إلى العلن، حيث برز انقسام حادّ في الموقف بشأن تمرير قانون تجريم التطبيع بين النواب، بالإضافة التي توتّر العلاقة بين النواب والرئيس إبراهيم بودربالة الى درجة اتهامه بوجود علاقات مثيرة للريبة بينه وبين سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وردّ الفعل السريع من العميد السابق بمقاضاة النائب الذي اتهمه.. ولكن أخطر ما انجرّ عن تلك الجلسة التي تم خلالها تعليق اعمال النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع هو المواجهة التي باتت مفتوحة اليوم بين حركة الشعب من خلال نوابها بالبرلمان والرئيس بوردبالة.
توتّر داخل البرلمان..
تتمسّك حركة الشعب اليوم وفي اطار كتلة الخط الوطني السيادي التي يترأسها عبد الرزاق عويدات بتمرير مشروع قانون تجريم التطبيع، في حين يرى رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة وعددا هاما من النواب في موقف رئيس الجمهورية، الذي يرى أن تمرير هذا المشروع فيه إضرار بمصالح تونس الخارجية، وفق ما أعلنه العميد بودربالة في آخر جلسة عامة.
وبعد تلك الجلسة وخاصة بعد كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد في اليوم الموالي تراجع عدد كبير من النواب عن مواقفهم في دعم مشروع القانون ومنهم النائبة فاطمة المسدي التي قالت الإصرار على عرض قانون تجريم التطبيع في شكله الحالي مجددا على جلسة عامة يعتبر تمرّدا ولابد من الامتثال لقرارات رئيس الجمهورية، مؤكدة على أن ملف فلسطين تحوّل إلى أجندة انتخابية، وأن خطاب الرئيس كان واضحا، داعية إلى وجوب إرجاع مشروع القانون الى لجنة الحقوق والحريات. كما أكدت المسدي أن كتلة حركة الشعب،التي تتمسّك بالمشروع، لديها مرشح للرئاسية لذلك تعمل على احراج رئيس الجمهورية.
وفي ذات السياق قال أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي أن مشروع قانون تجريم التطبيع والإشكال القائم بشأنه، كان بسبب وجود خرق واضح للقانون وللنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، مبينا أن ما حدث ما كان ليحدث لو تم احترام القانون مفسرا ذلك بوجود حسابات خاطئة.
كما قال أمين عام حركة الشعب في تصريح له يوم الأحد على هامش اجتماع جمعه بأنصار الحركة في مدينة قابس، أن رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة لا يريد تمرير قانون تجريم التطبيع، وأن هناك أقلية داخل هذا المجلس تريد فرض موقفها على الجميع، مشيرا الى أن رئيس الجمهورية قد وضّح موقفه عندما قال بأن المجلس له صلاحياته.
وتتواصل معركة التراشق بالتصريحات، وتمسّك كلا الطرفين سواء كتلة الخط السيادي أو إبراهيم بودربالة بموقفهما، وإذا وجد إبراهيم بودربالة نفسه في مواجهة اتهامات بوجود حسابات ذاتية في رفضه تمرير المشروع، فان حركة الشعب ونوابها متهمون حتى من نواب آخرين بأنهم يريدون إحراج رئيس الجمهورية الذي طالما رفع شعار "التطبيع خيانة عظمى"، وحشره في زاوية الموقف .
وحركة الشعب التي نجحت في التموقع السياسي في مسار 25 جويلية، مازال فشلها في ترؤس مجلس نواب الشعب، وهي التي طرحت مرشحا لهذا المنصب، يلقي بظلاله على علاقتها بالرئيس إبراهيم بودربالة والذي يمثل كتلة "لينتصر الشعب"، كما وأن مواقف حركة الشعب بدت في اكثر من مرة ناقدة لتوجهات وخيارات رئيس الجمهورية رغم تمسكها بدعم مسار 25 جويلية، وربما ذلك يعود بالأساس الى كون دعمها الى اليوم لم يرتّب خيارات ولا توجهات الحزب في المسار الجديد وحتى علاقتها برئيس الجمهورية بقيت على بعد مسافة من صنع القرار الذي ينفرد به الرئيس دون تشريك لأي طرف سياسي أو حزبي، وكل هذا جعل علاقتها متوترة ببعض الداعمين الآخرين لمسار 25 جويلية كما وأن مواقفها من أكثر من قضية تبدو متباينة مع بقية المواقف .
ومن الثابت اليوم أن التوتّر الأخير في المشهد البرلماني وتنافر المواقف يحتاج تدخلا خارجيا قد يكون من رئيس الجمهورية نفسه لتهدئة المواقف وتطويق الخلاف بين بعض النواب ورئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، حتى لا يتطور هذا التوتر إلى خلافات عميقة واشتباك متواصل ويعود بنا البرلمان إلى مشهد نيابي سابق ساهم بشكل كبير في تسميم المناخات السياسية.
منية العرفاوي
تونس – الصباح
فجّر مشروع قانون تجريم التطبيع، انسجام المشهد البرلماني، ووتّر مناخات التوافق السياسي التي حاول مجلس نواب الشعب تسويقها على نفسه طوال المدة الماضية وبأنه برلمان متناغم في خياراته وقراراته.. وقد سادت هذه الصورة للأشهر الأولى من عمل البرلمان حيث لم يكن هناك أي صدام بين النواب أو بين النواب ورئاسة البرلمان، وقد بدا من الواضح أن الرئيس إبراهيم بودربالة يمسك بمقاليد المجلس بشكل جيد ويدير مؤسسة البرلمان بانسجام كبير مع مؤسسة رئاسة الجمهورية..
ولكن ما حصل في الأيام الأخيرة عصف باستقرار المشهد البرلماني وخرجت الخلافات دفعة واحدة إلى العلن، حيث برز انقسام حادّ في الموقف بشأن تمرير قانون تجريم التطبيع بين النواب، بالإضافة التي توتّر العلاقة بين النواب والرئيس إبراهيم بودربالة الى درجة اتهامه بوجود علاقات مثيرة للريبة بينه وبين سفارة الولايات المتحدة الأمريكية، وردّ الفعل السريع من العميد السابق بمقاضاة النائب الذي اتهمه.. ولكن أخطر ما انجرّ عن تلك الجلسة التي تم خلالها تعليق اعمال النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع هو المواجهة التي باتت مفتوحة اليوم بين حركة الشعب من خلال نوابها بالبرلمان والرئيس بوردبالة.
توتّر داخل البرلمان..
تتمسّك حركة الشعب اليوم وفي اطار كتلة الخط الوطني السيادي التي يترأسها عبد الرزاق عويدات بتمرير مشروع قانون تجريم التطبيع، في حين يرى رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة وعددا هاما من النواب في موقف رئيس الجمهورية، الذي يرى أن تمرير هذا المشروع فيه إضرار بمصالح تونس الخارجية، وفق ما أعلنه العميد بودربالة في آخر جلسة عامة.
وبعد تلك الجلسة وخاصة بعد كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد في اليوم الموالي تراجع عدد كبير من النواب عن مواقفهم في دعم مشروع القانون ومنهم النائبة فاطمة المسدي التي قالت الإصرار على عرض قانون تجريم التطبيع في شكله الحالي مجددا على جلسة عامة يعتبر تمرّدا ولابد من الامتثال لقرارات رئيس الجمهورية، مؤكدة على أن ملف فلسطين تحوّل إلى أجندة انتخابية، وأن خطاب الرئيس كان واضحا، داعية إلى وجوب إرجاع مشروع القانون الى لجنة الحقوق والحريات. كما أكدت المسدي أن كتلة حركة الشعب،التي تتمسّك بالمشروع، لديها مرشح للرئاسية لذلك تعمل على احراج رئيس الجمهورية.
وفي ذات السياق قال أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي أن مشروع قانون تجريم التطبيع والإشكال القائم بشأنه، كان بسبب وجود خرق واضح للقانون وللنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، مبينا أن ما حدث ما كان ليحدث لو تم احترام القانون مفسرا ذلك بوجود حسابات خاطئة.
كما قال أمين عام حركة الشعب في تصريح له يوم الأحد على هامش اجتماع جمعه بأنصار الحركة في مدينة قابس، أن رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة لا يريد تمرير قانون تجريم التطبيع، وأن هناك أقلية داخل هذا المجلس تريد فرض موقفها على الجميع، مشيرا الى أن رئيس الجمهورية قد وضّح موقفه عندما قال بأن المجلس له صلاحياته.
وتتواصل معركة التراشق بالتصريحات، وتمسّك كلا الطرفين سواء كتلة الخط السيادي أو إبراهيم بودربالة بموقفهما، وإذا وجد إبراهيم بودربالة نفسه في مواجهة اتهامات بوجود حسابات ذاتية في رفضه تمرير المشروع، فان حركة الشعب ونوابها متهمون حتى من نواب آخرين بأنهم يريدون إحراج رئيس الجمهورية الذي طالما رفع شعار "التطبيع خيانة عظمى"، وحشره في زاوية الموقف .
وحركة الشعب التي نجحت في التموقع السياسي في مسار 25 جويلية، مازال فشلها في ترؤس مجلس نواب الشعب، وهي التي طرحت مرشحا لهذا المنصب، يلقي بظلاله على علاقتها بالرئيس إبراهيم بودربالة والذي يمثل كتلة "لينتصر الشعب"، كما وأن مواقف حركة الشعب بدت في اكثر من مرة ناقدة لتوجهات وخيارات رئيس الجمهورية رغم تمسكها بدعم مسار 25 جويلية، وربما ذلك يعود بالأساس الى كون دعمها الى اليوم لم يرتّب خيارات ولا توجهات الحزب في المسار الجديد وحتى علاقتها برئيس الجمهورية بقيت على بعد مسافة من صنع القرار الذي ينفرد به الرئيس دون تشريك لأي طرف سياسي أو حزبي، وكل هذا جعل علاقتها متوترة ببعض الداعمين الآخرين لمسار 25 جويلية كما وأن مواقفها من أكثر من قضية تبدو متباينة مع بقية المواقف .
ومن الثابت اليوم أن التوتّر الأخير في المشهد البرلماني وتنافر المواقف يحتاج تدخلا خارجيا قد يكون من رئيس الجمهورية نفسه لتهدئة المواقف وتطويق الخلاف بين بعض النواب ورئيس البرلمان إبراهيم بودربالة، حتى لا يتطور هذا التوتر إلى خلافات عميقة واشتباك متواصل ويعود بنا البرلمان إلى مشهد نيابي سابق ساهم بشكل كبير في تسميم المناخات السياسية.