إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"تمول" الدولة مقابل الربح المشط و"الاستنزاف".. "كارتال" البنوك "ينهب" الحريف دون حسيب ولا رقيب !!..

 

تونس-الصباح

"كفاكم نهبا للمواطنين في كل خدمة بسيطة يقع خصم دون حسيب ولا رقيب، رغم أن بعض الخدمات البنكية هي مجانية وتبلغ عددها العشر أو أكثر وذلك بقانون البنك المركزي ..".

تقدم هذه التدوينة لمواطن، خطها على صفحات "الفايسبوك" لإحدى المنظمات المعنية بالشفافية والدفاع عن حقوق المستهلكين، فكرة عن صورة البنوك في عيون أغلب التونسيين ممن يعتبرون أنها تستفيد من كل الأزمات بما فيها أزمة ميزانية الدولة عبر تمويلها مقابل "الصمت" على خروقات البنوك في حق المواطن وبالتالي تحقيق المزيد من الأرباح.

وأصبح كثيرون بمن فيهم المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المستهلكين يتوجسون أكثر فأكثر من "تغول" البنوك في ظل تواصل تعويل الدولة على القطاع البنكي للحصول على تمويلات من أجل مواجهة العجز في الميزانية بعد الفشل إلى حد الآن في الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي بنحو 1.9 مليار دولار. ومرد المخاوف تمادي البنوك في تجاوز بعض القوانين في مجلة المنافسة تحت حماية البنك المركزي لاسيما وأن المنافسة بين البنوك غير متاحة في تونس مما يجعل العمولات مشطة "وكارتال" البنوك يحقق المزيد من الأرباح على حساب المواطن والاقتصاد.

علاقة متوترة

يبلغ عدد المؤسسات المالية والبنوك المرخص لها في تونس43 مؤسسة، تنقسم بين 23 بنكاً مقيماً (منها 4 عمومية وهي البنك الفلاحي وبنك الإسكان والشركة التونسية للبنك والبنك التونسي للتضامن)، و8بنوك غير مقيمة (أجنبية لا تتعامل سوى مع الأجانب المقيمين في تونس من الأشخاص والمؤسسات)،و8 مؤسسات للإيجار المالي، ومؤسستين لإدارة الديون وبنكي أعمال، ومؤسستي دفع.

ويعتبر أغلب التونسيين أن علاقتهم بالبنك هي علاقة "خضوع" أو كما يقول اللسان العامي "اش يعمل الميت قدام غاسلو"، والاعتقاد السائد أن البنوك لا تفكر إلا في الربح المشط على حساب التونسيين وعلى حساب أدوراها الأخرى الموكولة لها في خدمة الاقتصاد والاستثمار وغيره.

من أوجه العلاقة المتوترة بين التونسي والبنك هو التذمر من توظيف العمولات بشكل مبالغ ومشط وتشير التقارير إلى وجود 14 خدمة بنكية يتعين على البنك تقديمها مجانا للحريف إلا أن أغلب البنوك لا تطبّق ذلك وتقوم باستخلاص معاليم وأحيانا تكون مشطة،على هذه العمليات على غرار عمليات السحب عبر الموزّع الآلي وعمليات الإيداع والتحويل عبر الفروع البنكية، وأيضا عمليات كشف الحساب..

لا تلتزم البنوك أيضا بتطبيق القانون فيما يتعلق بالحسابات المجمدة (يفرض القانون إغلاق أي حساب لا يشهد حركة مالية خلال 90 يوما) وتتعمد ترك الحساب مفتوحا مع توظيف خدمات وخطايا دون علم الحريف الذي يتفاجأ فيما بعد بأنه مطالب بدفع مبالغ كبيرة .

تبدو أيضا العلاقة متوترة بين البنوك والمؤسسة الاقتصادية ويعتبر "مرصد الخدمات المالية" أن "الولوج إلى الخدمات والقروض البنكية في تونس يبقى مكلفاً خصوصاً بالنسبة إلى المؤسسات الاقتصادية والعملاء العاديين". وفي تصريح سابق لرئيس "المرصد" عبد اللطيف بن هدية قال إن "التوتر يبدو جلياً بين الشركات الاقتصادية والمؤسسات البنكية، وقد زاد الغموض الذي صاحب بعض الإجراءات الجبائية والمالية في تعكير هذه العلاقة. وهذا ما أسهم في سوء العلاقة بين البنوك والمؤسسات الاقتصادية التونسية وأن العلاقة بين البنوك والمؤسسات الاقتصادية يطغى عليها انعدام الثقة بين الطرفين".

وقد شدد مرصد الخدمات المالية على ضرورة تعديل قانون الصرف ووجوب توجه البنوك التونسية للاستثمار أكثر في الرقمنة لإضفاء الطابع الشخصي على العلاقة بين البنك والعميل وخلق مناخ من الثقة.

كيف ستقوم الدولة بالرقابة وهي تعيش اليوم من إقراض هذه البنوك؟

حمل البنوك على تطبيق القانون يتطلب اضطلاع مؤسسات الرقابة بدورها على غرار البنك المركزي لكن اليوم في ظل تمويل البنوك لميزانية الدولة قد لا يكون ممكنا. علما أنه في تقرير محكمة المحاسبات لسنة 2020، تم انتقاد أداء البنك المركزي التونسي في مجال الرقابة المصرفية على البنوك.

وتشير منظمة ‘آلارت’ المتخصصة في مكافحة اقتصاد الريع،في تقرير أعدّته مؤخرا، بأنّ أرباح البنوك المتأتية من إقراض الدولة التونسية طويل المدى زادت بنسبة 58.12% طيلة العقد الأخير.(وذلك في إطار الكشف عن حجم إيرادات البنوك من التداين الداخلي)، علاوة على أنّ إجمالي رقاع الخزينة القابلة للتنظير التي تمت تعبئتها كأداة تستخدمها البنوك لإقراض الدولة على المدى الطويل، ناهز 23908.85 مليون دينار بين 2011 و2022 وأن مردودها ارتفع إلى 13894.93 مليون دينار.

وأبرزت المنظمة أن الأرقام التي حققتها البنوك في تونس والبالغة 12ر58 % تعتبر أعلى بـ 6 مرات من النتائج المحققة في نفس الميدان بفرنسا وأعلى بمرتين ونصف من مثيلتها التّي حققها المغرب خلال ذات الفترة والتي زادت على التوالي بنسبتي 10.23 بالمائة و23.60 % فقط.

ويقول مختصون في المجال الاقتصادي أن القطاع البنكي يكاد يكون القطاع الوحيد الذي استفادة من الأزمة الاقتصادية في تونس على اعتبار تحوله إلى أهم مقرض للدولة بنسب فائدة كبيرة حققت أرباحا مجزية للبنوك.

وتشير الأرقام هنا إلى أن النتائج الصافية لـ12 بنكاً تونسياً مدرجاً بالبورصة بلغ إلى نهاية 2022 ما قيمته 5316 مليون دينار (1714.8 مليون دولار) مقابل 4701 مليون دينار (1516.4 مليون دولار) في عام 2021 بزيادة بنسبة 13 في المائة.

ويقول هنا الخبير في المجال الاقتصادي عز الدين سعيدان أن "القطاع البنكي في تونس يتحول تدريجاً إلى قطاع ريعي، مشدداً على أن الدولة التونسية هي السبب على خلفية قيامها بالاقتراض بشكل نشط جداً من البنوك التونسية".

البنوك أقوى من الدولة؟

من جهته يعتبر عضو جمعية "ألرت" "ALERT" التي تُعنى بمحاربة ظاهرة الاقتصاد الريعي في تونس، صدام الجبالي، أنّ "الإشكال الكبير في الاقتصاد التونسي هو انعدام المنافسة بين البنوك التونسية، واستغلال هذا القطاع من قبل فئة مضيّقة من العائلات المتحكمة في الاقتصاد، وسعي جميع هذه العائلات إلى إغلاق الباب وعرقلة أي وافد جديد على القطاع، وأي ثروة يمكن أن تُخلق ليست عن طريقهم"، وفق تعبيره.

وتابع الجبالي أنّ هذه الظاهرة موجودة في أغلب البلدان، وهي تعرف باحتكار الاقتصاد الريعي المبني على نفوذ أصحاب المال مع أصحاب القوة السياسية، وهو ما خلق أزمات متعددة على المستوى الاقتصادي في تونس في السنوات الفارطة، وجعلنا نتحدّث عن اقتصاد لا وطني، غير مبني على خلق الثروة وتوزيعها بشكل عادل، بل هو اقتصاد مبني على مصالح ضيقة لبضعة أشخاص، على حد وصفه.

وسيط للدفاع عن الحرفاء

أمام تنفذ البنوك ويد الدولة المكبلة على الرقابة وفرض القانون والمنافسة على البنوك تحرك مؤخرا المجتمع المدني لإنشاء جهاز وسيط للدفاع عن حرفاء البنوك. ونشير في هذا الصدد إلى الحملة التي أطلقتها في مارس الفارط جمعية "ALERT" حول ما أسمته "كارتل البنوك في تونس".

وبين عضو المنظمة صدام الجبالي في تصريح سابق أن "الاستغلال الفاحش للبنوك، أمر غير طبيعي، ولهذا جاءت الحملة التي ستعمل على 3 أصعدة، أولها إعداد التقارير، ثم صياغة المطالب، وثالثًا رفع المظلمة، عبر تجميع مشاكل بعض المواطنين الذين تعرضوا لمظلمة من قبل البنوك، ومساعدتهم للترافع أمام القضاء عبر توفير فريق قانوني".

وقد اختارت المنظمة في حملتها تناول مسالة التداين العمومي وتقول مصادر المنظمة أنه "في ظل خيار الدولة الاقتراض من السوق الداخلية (من البنوك) بفوائض عالية جدًا، لعدم قدرتها على ذلك من السوق الخارجية لأنّ الترقيم السيادي للبلاد المتقهقر يمنعها، فإن البنوك تستسهل إقراض الدولة على إقراض الشركات أو المواطنين، وقد قارننا بين الاقتراض الداخلي في تونس وبلدان أخرى، فوجدناه مشطًا وبعيدًا كل البعد عن المعدلات العالمية" .

كما أعلنت مؤخرا منظمة "آليرت" خلال ندوة صحفية عقدها بالعاصمة، أنها تلقت مئات الشكايات من المواطنين ضد البنوك لتجاوزها القانون وانتهاكها حقوق الأشخاص والربح على حسابهم سيتم التفاوض حولها مع هذه البنوك أو رفعها إلى القضاء بهدف حماية مصالح المواطنين وحقوقهم. وتتعلق أغلب الشكايات بغلق الحسابات دون شروط القانون وارتفاع أسعار الخدمات البنكية وعدم احتساب القيمة الحقيقية لتحويلات المودع بالحساب البنكي.

كما تجدر الإشارة إلى أن الحملة الوطنية، التي أطلقتها المنظمة منذ شهر مارس 2023، تحت عنوان "الحملة الوطنية ضد كارتال البنوك"، تناولت مواضيع "مرابيح البنوك من التداين العمومي" و"الريع البنكي والسياسة المالية للبنك المركزي" و"كارتال البنوك معطل للتنمية".

رئيس منظمة Alert لـ"الصباح": 1325 شكاية وصلت المنظمة حول تجاوزات البنوك

البنك المركزي تحول من "رقيب" على البنوك إلى "حريص" على مصالحها؟

قال لؤي الشابي رئيس منظمة “Alert”،إنهم تلقوا إلى حد الآن ومنذ إطلاق الحملة ضد كارتال البنوك 1325 شكاية حول التجاوزات المسجلة في حق الحرفاء وأكد في لقاء مع "الصباح" أن خبراء المنظمة بصدد دراسة هذه الشكايات استعدادا للاتصال بالبنوك والبحث عن حلول في مرحلة أولى وإذا تعذر ذلك سيتم الاتصال بالموفق البنكي في كل مؤسسة وإذا لم يتم التوصل إلى فض النزاع سيتم التوجه لرفع قضايا باسم حرفاء البنوك المتضررين.

وتفاعلا مع زاوية طرح ملف "الصباح" حول رقابة البنوك في ظل تمويل هذه الأخيرة لميزانية الدولة يعتبر لؤي الشابي رئيس منظمة “Alert”، أنه وبشكل عام عندما نلاحظ تسجيل البنوك في تونس زيادة على مستوى حجم ونسق ارتفاع الأرباح رغم الأزمات التي تمر بها البلاد فهذا أمر غير عادي ويطرح استفهامات عديدة.

ويضيف أنه عند البحث عن إجابة نجد أن عاملين أساسيين ساهما في هذا الوضع، أولا أن البنوك تقرض الدولة وبنسب فائدة عالية، أعلى حتى من النسب التي تقترض بها فيما بينها وهو أمر غير عادي في المنطق الاقتصادي لأنه لا يمكن الضمان في بنك الذي هو في النهاية مؤسسة خاصة أكثر من الضمان في الدولة، وكلما ارتفع نسق اقتراض الدولة من البنوك ارتفعت بالضرورة مرابيح هذه البنوك.

وثانيا، بالنظر إلى ارتفاع أسعار خدمات التمويل ونسب الفائدة الموظفة على المواطنين. وكلما ارتفعت الضريبة التي تفرضها الدولة على البنوك ترفع هذه الأخيرة من أسعار خدماتها لتحافظ على هامش ربح مرتفع على حساب المواطن.

يشير محدثنا أيضا إلى وجود سياسيات متضاربة معتمدة تؤثر سلبا على المواطن والاقتصاد فمن جهة تعد أسعار كلفة التمويل ونسب الفائدة مرتفعة مما يعطل مبادرات الاستثمار لان البنوك في تونس إما ترفض إقراض المواطن في الكثير من الأحيان وتفرض شروط تعجيزية أو تفرض نسب فائدة عالية منفرة،في المقابل ومن جهة أخرى يقدم البنك المركزي أموالا كبيرة للبنوك لتقوم هذه الأخيرة بإقراض الدولة؟

"والنتيجة أن البنوك في تونس لا تمول الاقتصاد بل تقوم بتمويل الدولة ونفسها فقط أي المجمع الكبير الذي يملكها".

وخلص لؤي الشابي إلى وجود وفاق بين 3 أطراف هي الدولة (الحكومة) والبنك المركزي والبنوك، وفي النهاية تصب النتيجة لصالح البنوك. فالدولة تتجه أكثر فأكثر للاقتراض الداخلي من البنوك لتغطية حاجياتها لاسيما في توفير الرواتب والبنك المركزي في المقابل لا يقوم بدوره الرقابي والردعي لتجاوزات البنوك ويغض الطرف لتستمر البنوك في تمويل ميزانية الدولة وتكديس الأرباح.

وكدليل على غياب الدور الرقابي يقول محدثنا أنه عندما تقرض البنوك الدولة في ظل تراجع الترقيم السيادي فإنه يتعين على هذه البنوك التخفيض في مرابيحها مع إعادة الرسملة لحماية ادخارات المواطنين وحساباتهم ومن المفترض أن يتدخل البنك المركزي لفرض ذلك الأمر الذي لا يتم للأسف.

ويقول لؤي الشابي إن البنك المركزي الذي من مهامه مراقبة البنوك تحول اليوم إلى حريص على حماية مصالح القطاع البنكي في تونس.

مضيفا أنه وفي ظل عدم قدرة مجلس المنافسة وفق القانون على مراقبة البنوك فإن يد هذه المؤسسات تبدو شبه مطلقة. كما تدعمت قوة ونفوذ كارتال البنوك الذي أصبح يتمتع بقدرة ضغط كبيرة نظرا لمساهمته في تمويل ميزانية الدولة "ونحن كمنظمة نؤكد أن هذا الواقع يدمر الاقتصاد لان احتكار التمويل يقصى المواطن من الحركة الاقتصادية ويقتل خلق الثروة والنمو الاقتصادي".

وردا على سؤال "الصباح" حول التعليق على تصريحات محافظ البنك المركزي، التي قد تكون منظمة ألرت أحد المعنيين بها، عندما دعا إلى "عدم شيطنة البنوك لتحقيقها نتائج مالية محرمة، فذلك يعود في جانب كبير إلى اعتمادها على معايير حوكمة سليمة وسياسة مالية حذرة تحت رقابة البنك المركزي. و أن القطاع البنكي التونسي أثبت قدرة عالية على الصمود في وقت تعرف فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة"، يقول لؤي الشابي أنه استنادا لما يصلهم من تقارير فهناك كالعادة تصريح للداخل وتصريح للخارج "فعلى سبيل المثال عندما ذهب ممثلو البنك المركزي للمغرب مؤخرا ضمن اللقاءات السنوية مع البنك الدولي وصندوق النقد تم الحديث والإقرار بما تقوم به البنوك من احتكار في تونس وأنه يجب فتح المنافسة في القطاع وتدعيمها، وفي الداخل يصبح الحديث عن البنوك كرأسمال وطني ولا يجب شيطنتها".

ويضيف الشابي "يبدو الهدف من مثل هذه التصريحات حماية المنظومة عبر الخطاب السياسي الباهت والأجوف الخالي من الإجراءات العملية للإصلاح..، وتصريحات محافظ البنك المركزي الذي تنتهي عهدته بعد حوالي 5 أشهر هي في علاقة بالمنظومة..، يجب الإقرار إن الإشكال الرئيسي في تونس هو استمرار نفوذ المنظومة ذاتها وبالتالي تواصل الإشكاليات والأزمات في مؤسساتنا واقتصادنا".

رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لـ"الصباح": هل البنوك أقوى من الدولة كي لا تخضع للقانون؟

في حديثه مع "الصباح" أشار لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك إلى أن علاقة البنوك مع التونسيين ليست جيدة وهناك خروقات وتجاوزات أمام صمت الجهات الرقابية. مضيفا أنه "يكفي أن نعرف أن محكمة المحاسبات كانت قد أحصت 37 ألف قرض مشط بين 2015 و2016. والمعلوم هنا أن خطايا القرض المشط قد تصل إلى 30 مليونا وبالتالي يطرح سؤال مركزي أين التتبعات لهذه القروض المشطة؟".

وأشار محدثنا أيضا إلى الحسابات المجمدة حيث يفرض القانون على البنوك غلق هذه الحسابات بعد سنة على عدم تسجيل عمليات إيداع أو سحب في الحساب فلماذا لا يتم تطبيق هذا الإجراء والالتزام به من قبل البنوك. مؤكدا أن شركات استخلاص الديون تهرسل المواطن لاستخلاص ديون غير قانونية مترتبة عن حسابات مجمدة.

ويقول الرياحي بما أن البنك المركزي هو جهة الرقابة الوحيدة وفق القانون "نحن نتساءل أين هو من كل هذه الخروقات ولماذا لا يفرض تطبيق القانون؟".

ويعتبر الرياحي أن تمويل البنوك لميزانية الدولة من شأنه مزيد تعميق مضي البنوك في التجاوزات على حساب المواطن ويجب مراجعة هذه الآلية في أقرب وقت ممكن.

كما أكد محدثنا أن البنوك تسجل أرباحا كبيرة على حساب المواطنين رغم إقرار البنك المركزي مجانية عديد الخدمات كما تواصل البنوك توظيف نسب فائدة عالية وأحيانا تقدم على إجراءات غير قانونية لتحقيق المزيد من الأرباح على غرار الإقدام على تغيير بطاقات السحب قبل انتهاء آجال الصلوحية.

وتساءل الرياحي هل البنوك أقوى من الدولة لكي لا يتم إخضاعها للقوانين الجاري بها العمل؟ داعيا إلى تطبيق القانون على البنوك كأي فاعل اقتصادي آخر معتبرا أن الإرادة السياسية للإصلاح التي تجلت في بعض المواضع في علاقة بالبنوك بحاجة إلى تأكيد اليوم عبر آلية تطبيق القانون على الجميع دون استثناء.

م.ي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

"تمول" الدولة مقابل الربح المشط و"الاستنزاف"..   "كارتال" البنوك "ينهب" الحريف دون حسيب ولا رقيب !!..

 

تونس-الصباح

"كفاكم نهبا للمواطنين في كل خدمة بسيطة يقع خصم دون حسيب ولا رقيب، رغم أن بعض الخدمات البنكية هي مجانية وتبلغ عددها العشر أو أكثر وذلك بقانون البنك المركزي ..".

تقدم هذه التدوينة لمواطن، خطها على صفحات "الفايسبوك" لإحدى المنظمات المعنية بالشفافية والدفاع عن حقوق المستهلكين، فكرة عن صورة البنوك في عيون أغلب التونسيين ممن يعتبرون أنها تستفيد من كل الأزمات بما فيها أزمة ميزانية الدولة عبر تمويلها مقابل "الصمت" على خروقات البنوك في حق المواطن وبالتالي تحقيق المزيد من الأرباح.

وأصبح كثيرون بمن فيهم المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق المستهلكين يتوجسون أكثر فأكثر من "تغول" البنوك في ظل تواصل تعويل الدولة على القطاع البنكي للحصول على تمويلات من أجل مواجهة العجز في الميزانية بعد الفشل إلى حد الآن في الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي بنحو 1.9 مليار دولار. ومرد المخاوف تمادي البنوك في تجاوز بعض القوانين في مجلة المنافسة تحت حماية البنك المركزي لاسيما وأن المنافسة بين البنوك غير متاحة في تونس مما يجعل العمولات مشطة "وكارتال" البنوك يحقق المزيد من الأرباح على حساب المواطن والاقتصاد.

علاقة متوترة

يبلغ عدد المؤسسات المالية والبنوك المرخص لها في تونس43 مؤسسة، تنقسم بين 23 بنكاً مقيماً (منها 4 عمومية وهي البنك الفلاحي وبنك الإسكان والشركة التونسية للبنك والبنك التونسي للتضامن)، و8بنوك غير مقيمة (أجنبية لا تتعامل سوى مع الأجانب المقيمين في تونس من الأشخاص والمؤسسات)،و8 مؤسسات للإيجار المالي، ومؤسستين لإدارة الديون وبنكي أعمال، ومؤسستي دفع.

ويعتبر أغلب التونسيين أن علاقتهم بالبنك هي علاقة "خضوع" أو كما يقول اللسان العامي "اش يعمل الميت قدام غاسلو"، والاعتقاد السائد أن البنوك لا تفكر إلا في الربح المشط على حساب التونسيين وعلى حساب أدوراها الأخرى الموكولة لها في خدمة الاقتصاد والاستثمار وغيره.

من أوجه العلاقة المتوترة بين التونسي والبنك هو التذمر من توظيف العمولات بشكل مبالغ ومشط وتشير التقارير إلى وجود 14 خدمة بنكية يتعين على البنك تقديمها مجانا للحريف إلا أن أغلب البنوك لا تطبّق ذلك وتقوم باستخلاص معاليم وأحيانا تكون مشطة،على هذه العمليات على غرار عمليات السحب عبر الموزّع الآلي وعمليات الإيداع والتحويل عبر الفروع البنكية، وأيضا عمليات كشف الحساب..

لا تلتزم البنوك أيضا بتطبيق القانون فيما يتعلق بالحسابات المجمدة (يفرض القانون إغلاق أي حساب لا يشهد حركة مالية خلال 90 يوما) وتتعمد ترك الحساب مفتوحا مع توظيف خدمات وخطايا دون علم الحريف الذي يتفاجأ فيما بعد بأنه مطالب بدفع مبالغ كبيرة .

تبدو أيضا العلاقة متوترة بين البنوك والمؤسسة الاقتصادية ويعتبر "مرصد الخدمات المالية" أن "الولوج إلى الخدمات والقروض البنكية في تونس يبقى مكلفاً خصوصاً بالنسبة إلى المؤسسات الاقتصادية والعملاء العاديين". وفي تصريح سابق لرئيس "المرصد" عبد اللطيف بن هدية قال إن "التوتر يبدو جلياً بين الشركات الاقتصادية والمؤسسات البنكية، وقد زاد الغموض الذي صاحب بعض الإجراءات الجبائية والمالية في تعكير هذه العلاقة. وهذا ما أسهم في سوء العلاقة بين البنوك والمؤسسات الاقتصادية التونسية وأن العلاقة بين البنوك والمؤسسات الاقتصادية يطغى عليها انعدام الثقة بين الطرفين".

وقد شدد مرصد الخدمات المالية على ضرورة تعديل قانون الصرف ووجوب توجه البنوك التونسية للاستثمار أكثر في الرقمنة لإضفاء الطابع الشخصي على العلاقة بين البنك والعميل وخلق مناخ من الثقة.

كيف ستقوم الدولة بالرقابة وهي تعيش اليوم من إقراض هذه البنوك؟

حمل البنوك على تطبيق القانون يتطلب اضطلاع مؤسسات الرقابة بدورها على غرار البنك المركزي لكن اليوم في ظل تمويل البنوك لميزانية الدولة قد لا يكون ممكنا. علما أنه في تقرير محكمة المحاسبات لسنة 2020، تم انتقاد أداء البنك المركزي التونسي في مجال الرقابة المصرفية على البنوك.

وتشير منظمة ‘آلارت’ المتخصصة في مكافحة اقتصاد الريع،في تقرير أعدّته مؤخرا، بأنّ أرباح البنوك المتأتية من إقراض الدولة التونسية طويل المدى زادت بنسبة 58.12% طيلة العقد الأخير.(وذلك في إطار الكشف عن حجم إيرادات البنوك من التداين الداخلي)، علاوة على أنّ إجمالي رقاع الخزينة القابلة للتنظير التي تمت تعبئتها كأداة تستخدمها البنوك لإقراض الدولة على المدى الطويل، ناهز 23908.85 مليون دينار بين 2011 و2022 وأن مردودها ارتفع إلى 13894.93 مليون دينار.

وأبرزت المنظمة أن الأرقام التي حققتها البنوك في تونس والبالغة 12ر58 % تعتبر أعلى بـ 6 مرات من النتائج المحققة في نفس الميدان بفرنسا وأعلى بمرتين ونصف من مثيلتها التّي حققها المغرب خلال ذات الفترة والتي زادت على التوالي بنسبتي 10.23 بالمائة و23.60 % فقط.

ويقول مختصون في المجال الاقتصادي أن القطاع البنكي يكاد يكون القطاع الوحيد الذي استفادة من الأزمة الاقتصادية في تونس على اعتبار تحوله إلى أهم مقرض للدولة بنسب فائدة كبيرة حققت أرباحا مجزية للبنوك.

وتشير الأرقام هنا إلى أن النتائج الصافية لـ12 بنكاً تونسياً مدرجاً بالبورصة بلغ إلى نهاية 2022 ما قيمته 5316 مليون دينار (1714.8 مليون دولار) مقابل 4701 مليون دينار (1516.4 مليون دولار) في عام 2021 بزيادة بنسبة 13 في المائة.

ويقول هنا الخبير في المجال الاقتصادي عز الدين سعيدان أن "القطاع البنكي في تونس يتحول تدريجاً إلى قطاع ريعي، مشدداً على أن الدولة التونسية هي السبب على خلفية قيامها بالاقتراض بشكل نشط جداً من البنوك التونسية".

البنوك أقوى من الدولة؟

من جهته يعتبر عضو جمعية "ألرت" "ALERT" التي تُعنى بمحاربة ظاهرة الاقتصاد الريعي في تونس، صدام الجبالي، أنّ "الإشكال الكبير في الاقتصاد التونسي هو انعدام المنافسة بين البنوك التونسية، واستغلال هذا القطاع من قبل فئة مضيّقة من العائلات المتحكمة في الاقتصاد، وسعي جميع هذه العائلات إلى إغلاق الباب وعرقلة أي وافد جديد على القطاع، وأي ثروة يمكن أن تُخلق ليست عن طريقهم"، وفق تعبيره.

وتابع الجبالي أنّ هذه الظاهرة موجودة في أغلب البلدان، وهي تعرف باحتكار الاقتصاد الريعي المبني على نفوذ أصحاب المال مع أصحاب القوة السياسية، وهو ما خلق أزمات متعددة على المستوى الاقتصادي في تونس في السنوات الفارطة، وجعلنا نتحدّث عن اقتصاد لا وطني، غير مبني على خلق الثروة وتوزيعها بشكل عادل، بل هو اقتصاد مبني على مصالح ضيقة لبضعة أشخاص، على حد وصفه.

وسيط للدفاع عن الحرفاء

أمام تنفذ البنوك ويد الدولة المكبلة على الرقابة وفرض القانون والمنافسة على البنوك تحرك مؤخرا المجتمع المدني لإنشاء جهاز وسيط للدفاع عن حرفاء البنوك. ونشير في هذا الصدد إلى الحملة التي أطلقتها في مارس الفارط جمعية "ALERT" حول ما أسمته "كارتل البنوك في تونس".

وبين عضو المنظمة صدام الجبالي في تصريح سابق أن "الاستغلال الفاحش للبنوك، أمر غير طبيعي، ولهذا جاءت الحملة التي ستعمل على 3 أصعدة، أولها إعداد التقارير، ثم صياغة المطالب، وثالثًا رفع المظلمة، عبر تجميع مشاكل بعض المواطنين الذين تعرضوا لمظلمة من قبل البنوك، ومساعدتهم للترافع أمام القضاء عبر توفير فريق قانوني".

وقد اختارت المنظمة في حملتها تناول مسالة التداين العمومي وتقول مصادر المنظمة أنه "في ظل خيار الدولة الاقتراض من السوق الداخلية (من البنوك) بفوائض عالية جدًا، لعدم قدرتها على ذلك من السوق الخارجية لأنّ الترقيم السيادي للبلاد المتقهقر يمنعها، فإن البنوك تستسهل إقراض الدولة على إقراض الشركات أو المواطنين، وقد قارننا بين الاقتراض الداخلي في تونس وبلدان أخرى، فوجدناه مشطًا وبعيدًا كل البعد عن المعدلات العالمية" .

كما أعلنت مؤخرا منظمة "آليرت" خلال ندوة صحفية عقدها بالعاصمة، أنها تلقت مئات الشكايات من المواطنين ضد البنوك لتجاوزها القانون وانتهاكها حقوق الأشخاص والربح على حسابهم سيتم التفاوض حولها مع هذه البنوك أو رفعها إلى القضاء بهدف حماية مصالح المواطنين وحقوقهم. وتتعلق أغلب الشكايات بغلق الحسابات دون شروط القانون وارتفاع أسعار الخدمات البنكية وعدم احتساب القيمة الحقيقية لتحويلات المودع بالحساب البنكي.

كما تجدر الإشارة إلى أن الحملة الوطنية، التي أطلقتها المنظمة منذ شهر مارس 2023، تحت عنوان "الحملة الوطنية ضد كارتال البنوك"، تناولت مواضيع "مرابيح البنوك من التداين العمومي" و"الريع البنكي والسياسة المالية للبنك المركزي" و"كارتال البنوك معطل للتنمية".

رئيس منظمة Alert لـ"الصباح": 1325 شكاية وصلت المنظمة حول تجاوزات البنوك

البنك المركزي تحول من "رقيب" على البنوك إلى "حريص" على مصالحها؟

قال لؤي الشابي رئيس منظمة “Alert”،إنهم تلقوا إلى حد الآن ومنذ إطلاق الحملة ضد كارتال البنوك 1325 شكاية حول التجاوزات المسجلة في حق الحرفاء وأكد في لقاء مع "الصباح" أن خبراء المنظمة بصدد دراسة هذه الشكايات استعدادا للاتصال بالبنوك والبحث عن حلول في مرحلة أولى وإذا تعذر ذلك سيتم الاتصال بالموفق البنكي في كل مؤسسة وإذا لم يتم التوصل إلى فض النزاع سيتم التوجه لرفع قضايا باسم حرفاء البنوك المتضررين.

وتفاعلا مع زاوية طرح ملف "الصباح" حول رقابة البنوك في ظل تمويل هذه الأخيرة لميزانية الدولة يعتبر لؤي الشابي رئيس منظمة “Alert”، أنه وبشكل عام عندما نلاحظ تسجيل البنوك في تونس زيادة على مستوى حجم ونسق ارتفاع الأرباح رغم الأزمات التي تمر بها البلاد فهذا أمر غير عادي ويطرح استفهامات عديدة.

ويضيف أنه عند البحث عن إجابة نجد أن عاملين أساسيين ساهما في هذا الوضع، أولا أن البنوك تقرض الدولة وبنسب فائدة عالية، أعلى حتى من النسب التي تقترض بها فيما بينها وهو أمر غير عادي في المنطق الاقتصادي لأنه لا يمكن الضمان في بنك الذي هو في النهاية مؤسسة خاصة أكثر من الضمان في الدولة، وكلما ارتفع نسق اقتراض الدولة من البنوك ارتفعت بالضرورة مرابيح هذه البنوك.

وثانيا، بالنظر إلى ارتفاع أسعار خدمات التمويل ونسب الفائدة الموظفة على المواطنين. وكلما ارتفعت الضريبة التي تفرضها الدولة على البنوك ترفع هذه الأخيرة من أسعار خدماتها لتحافظ على هامش ربح مرتفع على حساب المواطن.

يشير محدثنا أيضا إلى وجود سياسيات متضاربة معتمدة تؤثر سلبا على المواطن والاقتصاد فمن جهة تعد أسعار كلفة التمويل ونسب الفائدة مرتفعة مما يعطل مبادرات الاستثمار لان البنوك في تونس إما ترفض إقراض المواطن في الكثير من الأحيان وتفرض شروط تعجيزية أو تفرض نسب فائدة عالية منفرة،في المقابل ومن جهة أخرى يقدم البنك المركزي أموالا كبيرة للبنوك لتقوم هذه الأخيرة بإقراض الدولة؟

"والنتيجة أن البنوك في تونس لا تمول الاقتصاد بل تقوم بتمويل الدولة ونفسها فقط أي المجمع الكبير الذي يملكها".

وخلص لؤي الشابي إلى وجود وفاق بين 3 أطراف هي الدولة (الحكومة) والبنك المركزي والبنوك، وفي النهاية تصب النتيجة لصالح البنوك. فالدولة تتجه أكثر فأكثر للاقتراض الداخلي من البنوك لتغطية حاجياتها لاسيما في توفير الرواتب والبنك المركزي في المقابل لا يقوم بدوره الرقابي والردعي لتجاوزات البنوك ويغض الطرف لتستمر البنوك في تمويل ميزانية الدولة وتكديس الأرباح.

وكدليل على غياب الدور الرقابي يقول محدثنا أنه عندما تقرض البنوك الدولة في ظل تراجع الترقيم السيادي فإنه يتعين على هذه البنوك التخفيض في مرابيحها مع إعادة الرسملة لحماية ادخارات المواطنين وحساباتهم ومن المفترض أن يتدخل البنك المركزي لفرض ذلك الأمر الذي لا يتم للأسف.

ويقول لؤي الشابي إن البنك المركزي الذي من مهامه مراقبة البنوك تحول اليوم إلى حريص على حماية مصالح القطاع البنكي في تونس.

مضيفا أنه وفي ظل عدم قدرة مجلس المنافسة وفق القانون على مراقبة البنوك فإن يد هذه المؤسسات تبدو شبه مطلقة. كما تدعمت قوة ونفوذ كارتال البنوك الذي أصبح يتمتع بقدرة ضغط كبيرة نظرا لمساهمته في تمويل ميزانية الدولة "ونحن كمنظمة نؤكد أن هذا الواقع يدمر الاقتصاد لان احتكار التمويل يقصى المواطن من الحركة الاقتصادية ويقتل خلق الثروة والنمو الاقتصادي".

وردا على سؤال "الصباح" حول التعليق على تصريحات محافظ البنك المركزي، التي قد تكون منظمة ألرت أحد المعنيين بها، عندما دعا إلى "عدم شيطنة البنوك لتحقيقها نتائج مالية محرمة، فذلك يعود في جانب كبير إلى اعتمادها على معايير حوكمة سليمة وسياسة مالية حذرة تحت رقابة البنك المركزي. و أن القطاع البنكي التونسي أثبت قدرة عالية على الصمود في وقت تعرف فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة"، يقول لؤي الشابي أنه استنادا لما يصلهم من تقارير فهناك كالعادة تصريح للداخل وتصريح للخارج "فعلى سبيل المثال عندما ذهب ممثلو البنك المركزي للمغرب مؤخرا ضمن اللقاءات السنوية مع البنك الدولي وصندوق النقد تم الحديث والإقرار بما تقوم به البنوك من احتكار في تونس وأنه يجب فتح المنافسة في القطاع وتدعيمها، وفي الداخل يصبح الحديث عن البنوك كرأسمال وطني ولا يجب شيطنتها".

ويضيف الشابي "يبدو الهدف من مثل هذه التصريحات حماية المنظومة عبر الخطاب السياسي الباهت والأجوف الخالي من الإجراءات العملية للإصلاح..، وتصريحات محافظ البنك المركزي الذي تنتهي عهدته بعد حوالي 5 أشهر هي في علاقة بالمنظومة..، يجب الإقرار إن الإشكال الرئيسي في تونس هو استمرار نفوذ المنظومة ذاتها وبالتالي تواصل الإشكاليات والأزمات في مؤسساتنا واقتصادنا".

رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لـ"الصباح": هل البنوك أقوى من الدولة كي لا تخضع للقانون؟

في حديثه مع "الصباح" أشار لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك إلى أن علاقة البنوك مع التونسيين ليست جيدة وهناك خروقات وتجاوزات أمام صمت الجهات الرقابية. مضيفا أنه "يكفي أن نعرف أن محكمة المحاسبات كانت قد أحصت 37 ألف قرض مشط بين 2015 و2016. والمعلوم هنا أن خطايا القرض المشط قد تصل إلى 30 مليونا وبالتالي يطرح سؤال مركزي أين التتبعات لهذه القروض المشطة؟".

وأشار محدثنا أيضا إلى الحسابات المجمدة حيث يفرض القانون على البنوك غلق هذه الحسابات بعد سنة على عدم تسجيل عمليات إيداع أو سحب في الحساب فلماذا لا يتم تطبيق هذا الإجراء والالتزام به من قبل البنوك. مؤكدا أن شركات استخلاص الديون تهرسل المواطن لاستخلاص ديون غير قانونية مترتبة عن حسابات مجمدة.

ويقول الرياحي بما أن البنك المركزي هو جهة الرقابة الوحيدة وفق القانون "نحن نتساءل أين هو من كل هذه الخروقات ولماذا لا يفرض تطبيق القانون؟".

ويعتبر الرياحي أن تمويل البنوك لميزانية الدولة من شأنه مزيد تعميق مضي البنوك في التجاوزات على حساب المواطن ويجب مراجعة هذه الآلية في أقرب وقت ممكن.

كما أكد محدثنا أن البنوك تسجل أرباحا كبيرة على حساب المواطنين رغم إقرار البنك المركزي مجانية عديد الخدمات كما تواصل البنوك توظيف نسب فائدة عالية وأحيانا تقدم على إجراءات غير قانونية لتحقيق المزيد من الأرباح على غرار الإقدام على تغيير بطاقات السحب قبل انتهاء آجال الصلوحية.

وتساءل الرياحي هل البنوك أقوى من الدولة لكي لا يتم إخضاعها للقوانين الجاري بها العمل؟ داعيا إلى تطبيق القانون على البنوك كأي فاعل اقتصادي آخر معتبرا أن الإرادة السياسية للإصلاح التي تجلت في بعض المواضع في علاقة بالبنوك بحاجة إلى تأكيد اليوم عبر آلية تطبيق القانون على الجميع دون استثناء.

م.ي