إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. هل يمكن لأي قوة عسكرية إزالة المقاومة الفلسطينية من الوجود؟

 

بدأ رئيس الوزراء اليميني المتطرف بنيامين ناتنياهو يتحدث عن مستقبل غزة ويروج لمخططات تقسيم القطاع وإخضاعه للسيطرة الأمنية لكيان الاحتلال الى اجل غير مسمى.. تصريحات ناتنياهو تأتي مع مضي شهر على حرب الإبادة المفتوحة على غزة وارتفاع حصيلة الضحايا العشرة آلاف دون اعتبار آلاف الجرحى والواقعين تحت الأنقاض.

ولاشك أن في اختيار هذا التوقيت من جانب ناتنياهو أكثر من رسالة لأكثر من طرف وأولها اخذ الأسبقية في الحرب النفسية في هذه الحرب التي لا يبدو أنها قريبة من نهايته والترويج بأن الحسم سيكون لجيش الاحتلال في هذه الحرب غير المتكافئة التي تستمر بين جيش نظامي محتل وهو الخامس عالميا والأقوى في منطقة الشرق الأوسط فضلا على انه القوة النووية الوحيدة أيضا بين دول المنطقة وبين فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية التي فاجأت الاحتلال وفاجأت العالم فجر السابع من أكتوبر الماضي بتوجيه ضربة غير مسبوقة للموساد الإسرائيلي وللاستخبارات وللحكومة الأمنية لنتنياهو التي كانت تتجه الى السقوط قبل ان تمدد عملية طوفان الأقصى في أنفاسها وتمنح ناتنياهو فرصة العودة مجددا الى المشهد ومحاولة استعادة الأمور وهي مسألة في الحقيقة غير مضمونة بالنظر الى تفاقم الغضب الإسرائيلي إزاء ناتنياهو وتحميل الرأي العام الإسرائيلي له مسؤولية عملية طوفان الأقصى ووقوع عشرات الأسرى في قبضة المقاومة ..

وقد بدأ نتنياهو في الساعات القليلة الماضية ومع تفاقم الإحساس لديه بان دعم الغرب له لا يمكن أن يهتز أن يجاهر بالتسويق لأهدافه ومخططاته في غزة وأولها القضاء على المقاومة نهائيا وإخضاع القطاع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية الى حين توفر السلطة البديلة لحماس التي لا تزعج الاحتلال ولا تهدد أمنه.. وبدا ناتنياهو يحاول في كل ظهور إعلامي له أن يظهر بمظهر المنتصر في الحرب الراهنة على غزة والترويج للمخطط الذي يعده لإدارة القطاع في الوقت الذي لا تزال كل السيناريوهات قائمة في ظل صمود المقاومة على الأرض وصمود أهالي غزة الذين برغم جروحهم وخسائرهم وبرغم كل التضحيات وبرغم الماسي اليومية وأكداس الجثث وأشلاء الضحايا فإنهم يواصلون تحدي دعوات نتنياهو بالنزوح وترك ما بقي من بيوتهم.. والواضح أن الأهالي أدركوا انه مهما تكن الخسائر لن يمنحوا الاحتلال فرصة رسم نكبة ثانية بإخراجهم من قطاع غزة الذي نزحوا إليه قبل سبعة عقود ..

والواضح أيضا انه مع كل يوم يمضي في هذه الحرب يكتشف العالم مزيد التوحش والفظاعات والجرائم التي يرتكبها ناتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة بما بات يزعج الأنظمة الحليفة له أمام شعوبها ومواطنيها ممن انطلقوا في انتقاد الدعم الأعمى الغربي للاحتلال الإسرائيلي ..

من الواضح ان نتنياهو يحاول استباق الاحداث ويحاول الترويج لخطاب مزدوج للداخل والخارج وكأنه من يملك الكلمة الأخيرة في هذه الحرب وهو يستند في ذلك الى ما يتوفر له من تفوق عسكري ولكن أيضا من حضور عسكري للقوى الدولية الكبرى أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي تسابقت في استقدام السفن الحربية وناقلات المروحيات والغواصة النووية الى المنطقة ...

والسؤال الذي يفرض نفسه في خضم كل هذه التعزيزات هل يمكن ان تضمن كل هذه القوى العسكرية الاستثنائية لإسرائيل التخلص من حماس والقضاء عليها كما يقول ناتنياهو.. يراهن ناتنياهو على تحييد حماس واستهداف بنيتها التحتية وتدمير الأنفاق حتى وإن تطلب ذلك إغراقها في الغازات السامة.. وهو مقتنع بأنه لن يجد معارضة أو ممانعة من القوى الكبرى التي تراهن بدورها على إنهاء وجود حماس وفق ما سبق وصرح به المسؤول الأمريكي الأسبق والمبعوث الى الشرق الأوسط الذي يقول إن هذا الهدف مطلب لبعض القادة العرب في اللقاءات خلف الأبواب المغلقة ..

الجواب بالسلب والأكيد أن توخي نتنياهو سياسة الانتقام والعقوبات الجماعية وحرق الأخضر واليابس وتدمير كل شيء على راس الأهالي في غزة يؤكد ذلك.. فقد اغتالت الآلة العسكرية الإسرائيلية حتى الآن آلاف المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ في غزة واستهدفت المستشفيات والمدارس والمؤسسات حتى لم تبق شيء وحولت القطاع الى مقبرة للأطفال بدعوى ملاحقة مقاتلي المقاومة بينهم.. ولكن لم تتمكن قوات الاحتلال المدعومة بطائرات الاستطلاع الأمريكية من تحديد موقع المقاتلين ولم تتمكن من قنص من تعتبرهم مطلوبين لديها وفي مقدمتهم السنوار الذي تقول انه مهندس عملية طوفان الأقصى.. من الواضح أن نتنياهو يريد تقسيم غزة وعزل الشمال عن الجنوب ومنع التواصل بين جزأي القطاع تماما كما حدث سابقا عندما تم الفصل بين الضفة وغزة.. ويتجه نتنياهو الى تحويل غزة الى سجنين مفتوحين.. ولكن يبدو أن ناتنياهو لم يدرك ولم يفهم طبيعة الفلسطينيين وتحديدا طبيعة أهالي غزة وهو يعتقد انه إذا حقق ذلك سيتمكن من التحكم في أهالي القطاع وتطويعهم وفق إرادته.. ويبدو أيضا انه لم يدرك ان العدوان المفتوح على غزة سيكون له نتائج عكسية لما يسعى إليه وسيزداد أهالي غزة بل وأهالي الضفة ثقة في المقاومة مهما بلغت الخسائر.. بل ربما تمتد العدوى الى الضفة وها قد بدأت الضفة تنتفض على ممارسات الاحتلال.. وفي انتظار صحوة الضمير العالمي لإيقاف محرقة القرن فان الساعات والأيام القادمة كفيلة بكشف أوهام حسابات نتنياهو ورهاناته في إزالة المقاومة من الوجود فهذه مسألة لا يمكن لأي قوة استعمارية عبر التاريخ تحقيقها.. وقد لا يكون نتنياهو بعد نهاية الحرب جزء من اللعبة أو طرف في مرحلة ما بعد الحرب على غزة ...

آسيا العتروس

 

 

 

ممنوع من الحياد..   هل يمكن لأي قوة عسكرية إزالة المقاومة الفلسطينية من الوجود؟

 

بدأ رئيس الوزراء اليميني المتطرف بنيامين ناتنياهو يتحدث عن مستقبل غزة ويروج لمخططات تقسيم القطاع وإخضاعه للسيطرة الأمنية لكيان الاحتلال الى اجل غير مسمى.. تصريحات ناتنياهو تأتي مع مضي شهر على حرب الإبادة المفتوحة على غزة وارتفاع حصيلة الضحايا العشرة آلاف دون اعتبار آلاف الجرحى والواقعين تحت الأنقاض.

ولاشك أن في اختيار هذا التوقيت من جانب ناتنياهو أكثر من رسالة لأكثر من طرف وأولها اخذ الأسبقية في الحرب النفسية في هذه الحرب التي لا يبدو أنها قريبة من نهايته والترويج بأن الحسم سيكون لجيش الاحتلال في هذه الحرب غير المتكافئة التي تستمر بين جيش نظامي محتل وهو الخامس عالميا والأقوى في منطقة الشرق الأوسط فضلا على انه القوة النووية الوحيدة أيضا بين دول المنطقة وبين فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية التي فاجأت الاحتلال وفاجأت العالم فجر السابع من أكتوبر الماضي بتوجيه ضربة غير مسبوقة للموساد الإسرائيلي وللاستخبارات وللحكومة الأمنية لنتنياهو التي كانت تتجه الى السقوط قبل ان تمدد عملية طوفان الأقصى في أنفاسها وتمنح ناتنياهو فرصة العودة مجددا الى المشهد ومحاولة استعادة الأمور وهي مسألة في الحقيقة غير مضمونة بالنظر الى تفاقم الغضب الإسرائيلي إزاء ناتنياهو وتحميل الرأي العام الإسرائيلي له مسؤولية عملية طوفان الأقصى ووقوع عشرات الأسرى في قبضة المقاومة ..

وقد بدأ نتنياهو في الساعات القليلة الماضية ومع تفاقم الإحساس لديه بان دعم الغرب له لا يمكن أن يهتز أن يجاهر بالتسويق لأهدافه ومخططاته في غزة وأولها القضاء على المقاومة نهائيا وإخضاع القطاع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية الى حين توفر السلطة البديلة لحماس التي لا تزعج الاحتلال ولا تهدد أمنه.. وبدا ناتنياهو يحاول في كل ظهور إعلامي له أن يظهر بمظهر المنتصر في الحرب الراهنة على غزة والترويج للمخطط الذي يعده لإدارة القطاع في الوقت الذي لا تزال كل السيناريوهات قائمة في ظل صمود المقاومة على الأرض وصمود أهالي غزة الذين برغم جروحهم وخسائرهم وبرغم كل التضحيات وبرغم الماسي اليومية وأكداس الجثث وأشلاء الضحايا فإنهم يواصلون تحدي دعوات نتنياهو بالنزوح وترك ما بقي من بيوتهم.. والواضح أن الأهالي أدركوا انه مهما تكن الخسائر لن يمنحوا الاحتلال فرصة رسم نكبة ثانية بإخراجهم من قطاع غزة الذي نزحوا إليه قبل سبعة عقود ..

والواضح أيضا انه مع كل يوم يمضي في هذه الحرب يكتشف العالم مزيد التوحش والفظاعات والجرائم التي يرتكبها ناتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة بما بات يزعج الأنظمة الحليفة له أمام شعوبها ومواطنيها ممن انطلقوا في انتقاد الدعم الأعمى الغربي للاحتلال الإسرائيلي ..

من الواضح ان نتنياهو يحاول استباق الاحداث ويحاول الترويج لخطاب مزدوج للداخل والخارج وكأنه من يملك الكلمة الأخيرة في هذه الحرب وهو يستند في ذلك الى ما يتوفر له من تفوق عسكري ولكن أيضا من حضور عسكري للقوى الدولية الكبرى أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي تسابقت في استقدام السفن الحربية وناقلات المروحيات والغواصة النووية الى المنطقة ...

والسؤال الذي يفرض نفسه في خضم كل هذه التعزيزات هل يمكن ان تضمن كل هذه القوى العسكرية الاستثنائية لإسرائيل التخلص من حماس والقضاء عليها كما يقول ناتنياهو.. يراهن ناتنياهو على تحييد حماس واستهداف بنيتها التحتية وتدمير الأنفاق حتى وإن تطلب ذلك إغراقها في الغازات السامة.. وهو مقتنع بأنه لن يجد معارضة أو ممانعة من القوى الكبرى التي تراهن بدورها على إنهاء وجود حماس وفق ما سبق وصرح به المسؤول الأمريكي الأسبق والمبعوث الى الشرق الأوسط الذي يقول إن هذا الهدف مطلب لبعض القادة العرب في اللقاءات خلف الأبواب المغلقة ..

الجواب بالسلب والأكيد أن توخي نتنياهو سياسة الانتقام والعقوبات الجماعية وحرق الأخضر واليابس وتدمير كل شيء على راس الأهالي في غزة يؤكد ذلك.. فقد اغتالت الآلة العسكرية الإسرائيلية حتى الآن آلاف المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ في غزة واستهدفت المستشفيات والمدارس والمؤسسات حتى لم تبق شيء وحولت القطاع الى مقبرة للأطفال بدعوى ملاحقة مقاتلي المقاومة بينهم.. ولكن لم تتمكن قوات الاحتلال المدعومة بطائرات الاستطلاع الأمريكية من تحديد موقع المقاتلين ولم تتمكن من قنص من تعتبرهم مطلوبين لديها وفي مقدمتهم السنوار الذي تقول انه مهندس عملية طوفان الأقصى.. من الواضح أن نتنياهو يريد تقسيم غزة وعزل الشمال عن الجنوب ومنع التواصل بين جزأي القطاع تماما كما حدث سابقا عندما تم الفصل بين الضفة وغزة.. ويتجه نتنياهو الى تحويل غزة الى سجنين مفتوحين.. ولكن يبدو أن ناتنياهو لم يدرك ولم يفهم طبيعة الفلسطينيين وتحديدا طبيعة أهالي غزة وهو يعتقد انه إذا حقق ذلك سيتمكن من التحكم في أهالي القطاع وتطويعهم وفق إرادته.. ويبدو أيضا انه لم يدرك ان العدوان المفتوح على غزة سيكون له نتائج عكسية لما يسعى إليه وسيزداد أهالي غزة بل وأهالي الضفة ثقة في المقاومة مهما بلغت الخسائر.. بل ربما تمتد العدوى الى الضفة وها قد بدأت الضفة تنتفض على ممارسات الاحتلال.. وفي انتظار صحوة الضمير العالمي لإيقاف محرقة القرن فان الساعات والأيام القادمة كفيلة بكشف أوهام حسابات نتنياهو ورهاناته في إزالة المقاومة من الوجود فهذه مسألة لا يمكن لأي قوة استعمارية عبر التاريخ تحقيقها.. وقد لا يكون نتنياهو بعد نهاية الحرب جزء من اللعبة أو طرف في مرحلة ما بعد الحرب على غزة ...

آسيا العتروس