كشف ملفات فساد وارتباطات مشبوهة لبعض الأمنيين النقابيين أجبر أغلب النقابات على الصمت والاختفاء
تونس- الصباح
لأشهر قليلة ماضية، وبمناسبة أي حدث إرهابي أو أمني كان حضور النقابات الأمنية طاغيا، سواء في تحليل العمليات الجارية أو المنتهية أو في تسريب المعلومات الأمنية والتي يكون أغلبها على درجة عالية من الخطورة والسرّية.. لكن الوضع تغيّر منذ مدّة واختفت النقابات والنقابيون الأمنيون من المشهد ولم يعد حضورهم لا مكثّفا ولا قوّيا في المشهد حتى بوجود أحداث خطيرة واستثنائية وغير مسبوقة كما حصل في هروب المساجين مؤخرا من سجن المرناقية أو عند إلقاء القبض على بعضهم، حيث لم تعد البلاتوهات الإعلامية تضج بتحاليل النقابيين الأمنيين ولا معلوماتهم الحصرية التي تصنع البوز والضجّة !
مباشرة بعد الثورة، نشأت العشرات من النقابات الأمنية في الأشهر الأولى من سنة 2011 حتى دون أيّ إطار قانوني ينظمها، قبل أن تتحصّل تلك الهياكل النقابية العشوائية على اعتراف رسمي من الدولة في ماي 2011، عبر إصدار المرسوم عدد 42 المنقّح للنظام الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي الذي أجاز العمل النقابي لأعوان الأمن لكن دون الحق في الإضراب. وقد تم تأكيد الحق النقابي في الفصل 36 من دستور 2014، ولم يقع التخلّي عن هذا الحق حتى في دستور الاستفتاء وحافظ على الحق النقابي الأمني كحق دستوري ولكن في المقابل وفي أكثر من خطاب شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة توحيد النقابات الأمنية التي تشير بعض المعطيات إلى كون عددها تجاوز 100 نقابة أمنية موزعة على أسلاك مختلفة، تتقاطع صلاحياتها ومهامها وتتنافر مواقفها وتوجهاتها وتصريحات أعضائها..
صمت زمن العاصفة
في وقت سابق اقترح رئيس الجمهورية ضرورة توحيد العمل النقابي الأمني في هيكل نقابي واحد على أن لا ينخرط هذا الهيكل في العمل السياسي بأي شكل من الأشكال وأن تكون مهمته الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للأمنيين ككل الهياكل النقابية التي يقتصر دورها الأساسي في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية لمنظوريها .
وكان فضيحة ضبط مبالغ طائلة وغير منطقية في مقر احدى النقابات الأمنية السبب المباشر في هذا الغياب والانسحاب الى الظل من أغلب النقابيين الأمنيين، وبينت وزارة الداخلية في شهر فيفري الماضي إن عمليات تدقيق مالي بشأن أنشطة النقابات الأمنية كشفت عن فساد واسع النطاق، ولكن الى اليوم لم تقدم الوزارة الى الرأي العام نتيجة عمليات التدقيق هذه وما أسفرت عنه وهل تم اتخاذ إجراءات بحلّ بعض النقابات أم اقتصر الأمر على التجميد التلقائي لبعض النقابات لأنشطتها. خاصة وأنه في تلك الفترة تم الاحتفاظ بتسعة أشخاص من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لإحدى النقابات الأمنية ووسطاء بتهمة الاختلاس والقيام بعمليات مالية احتيالية وتزوير وتلاعب مالي بلغ 134 مليون دينار.
وأكدت وزارة الداخلية وقتها أن الأبحاث كشفت عن شبهة إنشاء طلبات دفع مزوّرة وتضخيم فواتير وإجراء تحويلات بنكية غير مدعومة وأخرى مشبوهة إلى حسابات خاصة لوسطاء من أقارب ومعارف أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة. كما كشفت الوزارة عن وجود نفقات وهمية وعمليات سحب نقدي لمبالغ هامة بقي مآلها مجهولا.
وكل هذه الاتهامات التي تحدثت عنها الوزارة لا نعلم إلى اليوم مآلاتها، ووفق المعطيات المتوفرة فان جميعها قيد التحقيق في حين بدت النقابات الأمنية وأنها قبلت بالأمر الواقع والتزم اغلبها الصمت ولم نر حتى احتجاجات كبيرة كما كان معتادا بشان إيقاف نقابيين أمنيين، باستثناء الاعتصامات والتحركات الاحتجاجية التي نفذتها نقابة قوات الامن الداخلي مؤخرا إثر إيقاف ثمانية عناصر من النقابة تورطوا في أعمال شغب وفوضى في اعتصام أمني بجهة صفاقس.
وكان ملف الفساد وسوء التصرّف المالي والإداري والتسيّس احدى اهم الملفات التي شكلت احراجا حقيقيا لهذه النقابات ومصدر استياء من الرأي العام الذي تغيّر موقفه ورأيه من هذه النقابات حيث يرى الأغلبية أن أغلب هذه النقابات وخاصة في السنوات الأخيرة حادت عن دورها أكثر من اللازم وباتت جزءا من الصراع السياسي وهو ما أضرّ كثيرا بسمعتها وبحضورها في الفضاء العام، خاصة مع »حرب الدوسيات « التي كانت تديرها بعض الأطراف النقابية وكان الهدف منها ضرب بعض الأطراف المالية او السياسية في اطار صراع كواليس للتحكّم في المشهد، وبالتالي فان كشف ملفات فساد وارتباطات مشبوهة لبعض النقابيين الأمنيين أجبرت أغلب النقابات الأمنية على الصمت والاختفاء حتى لا تجلب لنفسها أضواء قد تضعها تحت المجهر وتحت كل سلوكياتها الماضية قيد البحث والتدقيق.
منية العرفاوي
كشف ملفات فساد وارتباطات مشبوهة لبعض الأمنيين النقابيين أجبر أغلب النقابات على الصمت والاختفاء
تونس- الصباح
لأشهر قليلة ماضية، وبمناسبة أي حدث إرهابي أو أمني كان حضور النقابات الأمنية طاغيا، سواء في تحليل العمليات الجارية أو المنتهية أو في تسريب المعلومات الأمنية والتي يكون أغلبها على درجة عالية من الخطورة والسرّية.. لكن الوضع تغيّر منذ مدّة واختفت النقابات والنقابيون الأمنيون من المشهد ولم يعد حضورهم لا مكثّفا ولا قوّيا في المشهد حتى بوجود أحداث خطيرة واستثنائية وغير مسبوقة كما حصل في هروب المساجين مؤخرا من سجن المرناقية أو عند إلقاء القبض على بعضهم، حيث لم تعد البلاتوهات الإعلامية تضج بتحاليل النقابيين الأمنيين ولا معلوماتهم الحصرية التي تصنع البوز والضجّة !
مباشرة بعد الثورة، نشأت العشرات من النقابات الأمنية في الأشهر الأولى من سنة 2011 حتى دون أيّ إطار قانوني ينظمها، قبل أن تتحصّل تلك الهياكل النقابية العشوائية على اعتراف رسمي من الدولة في ماي 2011، عبر إصدار المرسوم عدد 42 المنقّح للنظام الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي الذي أجاز العمل النقابي لأعوان الأمن لكن دون الحق في الإضراب. وقد تم تأكيد الحق النقابي في الفصل 36 من دستور 2014، ولم يقع التخلّي عن هذا الحق حتى في دستور الاستفتاء وحافظ على الحق النقابي الأمني كحق دستوري ولكن في المقابل وفي أكثر من خطاب شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة توحيد النقابات الأمنية التي تشير بعض المعطيات إلى كون عددها تجاوز 100 نقابة أمنية موزعة على أسلاك مختلفة، تتقاطع صلاحياتها ومهامها وتتنافر مواقفها وتوجهاتها وتصريحات أعضائها..
صمت زمن العاصفة
في وقت سابق اقترح رئيس الجمهورية ضرورة توحيد العمل النقابي الأمني في هيكل نقابي واحد على أن لا ينخرط هذا الهيكل في العمل السياسي بأي شكل من الأشكال وأن تكون مهمته الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للأمنيين ككل الهياكل النقابية التي يقتصر دورها الأساسي في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية لمنظوريها .
وكان فضيحة ضبط مبالغ طائلة وغير منطقية في مقر احدى النقابات الأمنية السبب المباشر في هذا الغياب والانسحاب الى الظل من أغلب النقابيين الأمنيين، وبينت وزارة الداخلية في شهر فيفري الماضي إن عمليات تدقيق مالي بشأن أنشطة النقابات الأمنية كشفت عن فساد واسع النطاق، ولكن الى اليوم لم تقدم الوزارة الى الرأي العام نتيجة عمليات التدقيق هذه وما أسفرت عنه وهل تم اتخاذ إجراءات بحلّ بعض النقابات أم اقتصر الأمر على التجميد التلقائي لبعض النقابات لأنشطتها. خاصة وأنه في تلك الفترة تم الاحتفاظ بتسعة أشخاص من بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لإحدى النقابات الأمنية ووسطاء بتهمة الاختلاس والقيام بعمليات مالية احتيالية وتزوير وتلاعب مالي بلغ 134 مليون دينار.
وأكدت وزارة الداخلية وقتها أن الأبحاث كشفت عن شبهة إنشاء طلبات دفع مزوّرة وتضخيم فواتير وإجراء تحويلات بنكية غير مدعومة وأخرى مشبوهة إلى حسابات خاصة لوسطاء من أقارب ومعارف أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة. كما كشفت الوزارة عن وجود نفقات وهمية وعمليات سحب نقدي لمبالغ هامة بقي مآلها مجهولا.
وكل هذه الاتهامات التي تحدثت عنها الوزارة لا نعلم إلى اليوم مآلاتها، ووفق المعطيات المتوفرة فان جميعها قيد التحقيق في حين بدت النقابات الأمنية وأنها قبلت بالأمر الواقع والتزم اغلبها الصمت ولم نر حتى احتجاجات كبيرة كما كان معتادا بشان إيقاف نقابيين أمنيين، باستثناء الاعتصامات والتحركات الاحتجاجية التي نفذتها نقابة قوات الامن الداخلي مؤخرا إثر إيقاف ثمانية عناصر من النقابة تورطوا في أعمال شغب وفوضى في اعتصام أمني بجهة صفاقس.
وكان ملف الفساد وسوء التصرّف المالي والإداري والتسيّس احدى اهم الملفات التي شكلت احراجا حقيقيا لهذه النقابات ومصدر استياء من الرأي العام الذي تغيّر موقفه ورأيه من هذه النقابات حيث يرى الأغلبية أن أغلب هذه النقابات وخاصة في السنوات الأخيرة حادت عن دورها أكثر من اللازم وباتت جزءا من الصراع السياسي وهو ما أضرّ كثيرا بسمعتها وبحضورها في الفضاء العام، خاصة مع »حرب الدوسيات « التي كانت تديرها بعض الأطراف النقابية وكان الهدف منها ضرب بعض الأطراف المالية او السياسية في اطار صراع كواليس للتحكّم في المشهد، وبالتالي فان كشف ملفات فساد وارتباطات مشبوهة لبعض النقابيين الأمنيين أجبرت أغلب النقابات الأمنية على الصمت والاختفاء حتى لا تجلب لنفسها أضواء قد تضعها تحت المجهر وتحت كل سلوكياتها الماضية قيد البحث والتدقيق.