*ديون القطاع العام تتجاوز 18 مليار دينار وتشكل 33% من أصول البنوك
* الحكومة تطلق خطة لإنقاذ المؤسسات العمومية من الإفلاس
تونس- الصباح
تضاعفت ديون الدولة والمؤسسات العمومية لدى البنوك ثلاث مرات منذ 2015 لتبلغ 33,4 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2023، أي حوالي 21% من أصول القطاع البنكي، بحسب بيانات البنك المركزي التونسي. وكشفت مؤسسة الإصدار، في تقرير بعنوان "عرض حول تطور الوضع الاقتصادي والمالي"، أن ديون القطاع العام بلغت 18.9 مليار دينار، أي ما يقارب 33% من أصول البنوك، لافتا الى أن هذا التمويل يأتي من ودائع العملاء وإعادة التمويل.
ويشكل القطاع المصرفي الذي يتكون من 22 بنكا مقيما، وسبعة بنوك غير مقيمة، وخمس مؤسسات للتأجير، ومؤسستين لإدارة الائتمان، وبنكين استثماريين، وخمس مؤسسات للدفع، نحو 115% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ساهمت سوق الأوراق المالية، في عام 2022، بنحو 115% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار البنك المركزي إلى أن القطاع مهدد بمخاطر السيولة بالدينار والعملات وتدهور الثقة في القطاع المالي وانتقال المشاكل من القطاع الحقيقي إلى القطاع المالي. وحذر البنك من مؤشرات اقتصادية تنذر بركود هيكلي مرتبط بعجز الميزانية، وضعف الاستثمارات، والضغط على الموارد المائية، وصعوبات تعبئة الموارد على المستويين المحلي والدولي، وتأثير التمويل المحلي للميزانية، وزيادة حجم تمويل القطاع المصرفي الحكومي والمؤسسات العامة وتأثير الأزمة على احتياطيات النقد الأجنبي.
وركز البنك المركزي على زيادة حصة الاعتمادات المصنفة، في نهاية جوان 2023، من إجمالي التعهدات إلى 18,2% للمهنيين في القطاع الخاص و7,9% للأفراد وزيادة هذه الاعتمادات مقارنة بإجمالي التعهدات الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 26.2%.
وحذر تقرير حديث صادر عن البنك الإفريقي للتنمية، من تواصل السياسة النقدية المتشددة في تونس، والتي تقوض فرص الاستثمار والتوسع، داعيا الى مراجعة أسعار الفائدة وانتهاج سياسة أخرى لضبط معدلات التضخم والتي توقع أن ترتفع، بالإضافة الى وضع خطة قصيرة الآجل لإنقاذ المؤسسات العمومية والتقليص من ديونها المرتفعة.
وضع مقلق للمؤسسات العمومية
وأوضح التقرير أن ديون المؤسسات العمومية التونسية تجاه الدولة قد وصلت إلى 9.8 مليار دينار في عام 2021 مقابل 6 مليارات دينار في عام 2019.
وأشار البنك الإفريقي للتنمية في تقريره إلى أن الحكومة قد صادقت في فيفري 2023 على أمر ينقح القانون المتعلق بحوكمة المؤسسات العمومية والمساهمات فيها.
كما بين البنك أن مسألة التصرف في المؤسسات العمومية تمثل أحد أهم تحديات الإصلاح في بلدان شمال إفريقيا. وعلى الرغم من بعض الإنجازات المحققة على هذا الصعيد، إلا أن معظم الدول لم تستكمل بعد مسار الإصلاح مما يؤثر على موقفها في المفاوضات مع المؤسسات الدولية المالية من ناحية، ويلقي بظلاله على توازنات الاقتصاد الكلي من ناحية أخرى.
وتواجه المؤسسات العمومية التونسية تحديات عديدة، منها الديون المتزايدة، وضعف الإدارة، وتراجع الإنتاجية. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، وزيادة البطالة، وتراجع مستوى المعيشة. وفي عام 2023، أطلقت الحكومة التونسية خطة لإنقاذ المؤسسات العمومية من الإفلاس. وتتضمن الخطة مجموعة من الإجراءات، منها تطهير المؤسسات العمومية من الفساد، وذلك من خلال إجراء تحقيقات في المؤسسات المشتبه في تورطها في الفساد، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المسؤولين المتورطين، فضلا عن تحسين الإدارة. وذلك من خلال تحديث القوانين واللوائح التي تحكم المؤسسات العمومية، وتدريب الموظفين على أفضل الممارسات الإدارية، بالإضافة الى تعزيز الإنتاجية، وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وتطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات السوق.
وتهدف الخطة إلى تحقيق أكثر من هدف، أبرزها تقليل الديون العمومية، وذلك من خلال تحسين أداء المؤسسات العمومية، وزيادة إيراداتها، وزيادة الإنتاجية، وذلك من خلال تحسين الكفاءة التشغيلية للمؤسسات العمومية، وخلق فرص عمل، وذلك من خلال زيادة نشاط المؤسسات العمومية.
تحديات تواجهها خطة الإنقاذ
وتواجه خطة الإنقاذ تحديات عديدة، منها المقاومة السياسية، حيث يعارض بعض السياسيين إجراءات الإصلاح، التي قد تؤدي إلى تسريح العمال، أو بيع المؤسسات العمومية، وضعف الإدارة، حيث تعاني العديد من المؤسسات العمومية من ضعف الإدارة، الأمر الذي قد يعرقل تنفيذ الخطة، ويتزامن ذلك مع الأزمة الاقتصادية، حيث تعاني تونس من أزمة اقتصادية حادة، الأمر الذي قد يحد من الموارد المالية المتاحة لتنفيذ الخطة.
وإذا نجحت الحكومة التونسية في تنفيذ خطة الإنقاذ، فإن ذلك سيساهم في تحسين أداء المؤسسات العمومية، وتعزيز الاقتصاد التونسي. ومن شأن ذلك أن يخلق فرص عمل جديدة، ويحسن مستوى المعيشة للمواطنين.
وجدير بالذكر، أن الحكومة الحالية تعتزم مواصلة تنفيذ خطة الإنقاذ، واتخاذ المزيد من الإجراءات لتحسين أداء المؤسسات العمومية. ومن المتوقع أن تعلن الحكومة عن تفاصيل هذه الإجراءات في المستقبل القريب.
سفيان المهداوي
*ديون القطاع العام تتجاوز 18 مليار دينار وتشكل 33% من أصول البنوك
* الحكومة تطلق خطة لإنقاذ المؤسسات العمومية من الإفلاس
تونس- الصباح
تضاعفت ديون الدولة والمؤسسات العمومية لدى البنوك ثلاث مرات منذ 2015 لتبلغ 33,4 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2023، أي حوالي 21% من أصول القطاع البنكي، بحسب بيانات البنك المركزي التونسي. وكشفت مؤسسة الإصدار، في تقرير بعنوان "عرض حول تطور الوضع الاقتصادي والمالي"، أن ديون القطاع العام بلغت 18.9 مليار دينار، أي ما يقارب 33% من أصول البنوك، لافتا الى أن هذا التمويل يأتي من ودائع العملاء وإعادة التمويل.
ويشكل القطاع المصرفي الذي يتكون من 22 بنكا مقيما، وسبعة بنوك غير مقيمة، وخمس مؤسسات للتأجير، ومؤسستين لإدارة الائتمان، وبنكين استثماريين، وخمس مؤسسات للدفع، نحو 115% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ساهمت سوق الأوراق المالية، في عام 2022، بنحو 115% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار البنك المركزي إلى أن القطاع مهدد بمخاطر السيولة بالدينار والعملات وتدهور الثقة في القطاع المالي وانتقال المشاكل من القطاع الحقيقي إلى القطاع المالي. وحذر البنك من مؤشرات اقتصادية تنذر بركود هيكلي مرتبط بعجز الميزانية، وضعف الاستثمارات، والضغط على الموارد المائية، وصعوبات تعبئة الموارد على المستويين المحلي والدولي، وتأثير التمويل المحلي للميزانية، وزيادة حجم تمويل القطاع المصرفي الحكومي والمؤسسات العامة وتأثير الأزمة على احتياطيات النقد الأجنبي.
وركز البنك المركزي على زيادة حصة الاعتمادات المصنفة، في نهاية جوان 2023، من إجمالي التعهدات إلى 18,2% للمهنيين في القطاع الخاص و7,9% للأفراد وزيادة هذه الاعتمادات مقارنة بإجمالي التعهدات الممنوحة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 26.2%.
وحذر تقرير حديث صادر عن البنك الإفريقي للتنمية، من تواصل السياسة النقدية المتشددة في تونس، والتي تقوض فرص الاستثمار والتوسع، داعيا الى مراجعة أسعار الفائدة وانتهاج سياسة أخرى لضبط معدلات التضخم والتي توقع أن ترتفع، بالإضافة الى وضع خطة قصيرة الآجل لإنقاذ المؤسسات العمومية والتقليص من ديونها المرتفعة.
وضع مقلق للمؤسسات العمومية
وأوضح التقرير أن ديون المؤسسات العمومية التونسية تجاه الدولة قد وصلت إلى 9.8 مليار دينار في عام 2021 مقابل 6 مليارات دينار في عام 2019.
وأشار البنك الإفريقي للتنمية في تقريره إلى أن الحكومة قد صادقت في فيفري 2023 على أمر ينقح القانون المتعلق بحوكمة المؤسسات العمومية والمساهمات فيها.
كما بين البنك أن مسألة التصرف في المؤسسات العمومية تمثل أحد أهم تحديات الإصلاح في بلدان شمال إفريقيا. وعلى الرغم من بعض الإنجازات المحققة على هذا الصعيد، إلا أن معظم الدول لم تستكمل بعد مسار الإصلاح مما يؤثر على موقفها في المفاوضات مع المؤسسات الدولية المالية من ناحية، ويلقي بظلاله على توازنات الاقتصاد الكلي من ناحية أخرى.
وتواجه المؤسسات العمومية التونسية تحديات عديدة، منها الديون المتزايدة، وضعف الإدارة، وتراجع الإنتاجية. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، وزيادة البطالة، وتراجع مستوى المعيشة. وفي عام 2023، أطلقت الحكومة التونسية خطة لإنقاذ المؤسسات العمومية من الإفلاس. وتتضمن الخطة مجموعة من الإجراءات، منها تطهير المؤسسات العمومية من الفساد، وذلك من خلال إجراء تحقيقات في المؤسسات المشتبه في تورطها في الفساد، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المسؤولين المتورطين، فضلا عن تحسين الإدارة. وذلك من خلال تحديث القوانين واللوائح التي تحكم المؤسسات العمومية، وتدريب الموظفين على أفضل الممارسات الإدارية، بالإضافة الى تعزيز الإنتاجية، وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات العمومية، وتطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات السوق.
وتهدف الخطة إلى تحقيق أكثر من هدف، أبرزها تقليل الديون العمومية، وذلك من خلال تحسين أداء المؤسسات العمومية، وزيادة إيراداتها، وزيادة الإنتاجية، وذلك من خلال تحسين الكفاءة التشغيلية للمؤسسات العمومية، وخلق فرص عمل، وذلك من خلال زيادة نشاط المؤسسات العمومية.
تحديات تواجهها خطة الإنقاذ
وتواجه خطة الإنقاذ تحديات عديدة، منها المقاومة السياسية، حيث يعارض بعض السياسيين إجراءات الإصلاح، التي قد تؤدي إلى تسريح العمال، أو بيع المؤسسات العمومية، وضعف الإدارة، حيث تعاني العديد من المؤسسات العمومية من ضعف الإدارة، الأمر الذي قد يعرقل تنفيذ الخطة، ويتزامن ذلك مع الأزمة الاقتصادية، حيث تعاني تونس من أزمة اقتصادية حادة، الأمر الذي قد يحد من الموارد المالية المتاحة لتنفيذ الخطة.
وإذا نجحت الحكومة التونسية في تنفيذ خطة الإنقاذ، فإن ذلك سيساهم في تحسين أداء المؤسسات العمومية، وتعزيز الاقتصاد التونسي. ومن شأن ذلك أن يخلق فرص عمل جديدة، ويحسن مستوى المعيشة للمواطنين.
وجدير بالذكر، أن الحكومة الحالية تعتزم مواصلة تنفيذ خطة الإنقاذ، واتخاذ المزيد من الإجراءات لتحسين أداء المؤسسات العمومية. ومن المتوقع أن تعلن الحكومة عن تفاصيل هذه الإجراءات في المستقبل القريب.