إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مؤتمرات انتخابية رُحِّلت وجلسات عامة تأجلت.. أحزاب تعيد ترتيب أوراقها للبقاء

 

أغلب الأحزاب تبحث عن مقاربة استثنائية تمكنها من الخروج من دائرة الجمود وخطر التلاشي

تونس – الصباح

يبدو أن أغلب الأحزاب ومكونات الطبقة السياسية اتجهت إلى خيارات أخرى وداخل أطر "ضيقة" في ظل مستجدات السياقات المتداخلة وطنيا ودوليا في محاولة منها للبحث عن مقاربة استثنائية تمكنها من الخروج من دائرة الجمود وخطر التلاشي والاندثار التي أصبحت تهددها، بهدف الاستفادة من المرحلة في ظل تطورات الأحداث وطنيا وأزمة مواصلة الاحتلال الإسرائيلي في شن حرب دمار ومجازر غير مسبوقة على الفلسطينيين في غزة، وذلك في إطار مساراتها لإعادة ترتيب الأوراق وأوضاع البيت الداخلي لها بعد أن كانت تستعد أو تتجه لتنظيم مؤتمرات وجلسات عامة ولقاءات موسعة للغرض تجدد من خلال العهد مع هياكلها القيادية والتنظيمية ومحاولة الاقتراب من القواعد الشعبية وتشريكها في النقاش والحوار.

إذ أجمعت آراء عديد المتابعين للشأن السياسي في تونس على الدور الذي لعبته الحرب في غزة في إعادة أغلب مكونات الطبقة السياسية إلى واجهة الأضواء والتحرك والنشاط بعد أن قارب بعضها إن لم يكن أغلبها على الاندثار والتلاشي وتجمد نشاطها. باستثناء بعضها ممن ظل يتحسس سبل البقاء لاسيما بالنسبة للأحزاب التي كانت تكون المشهد السياسي في مرحلة ما قبل 25 جويلية 2021 أو التي كان طرفا في منظومة الحكم أو العارضة على حد السواء خلال العشرية التي سبقت تلك المرحلة.

فتخلي أغلب هذه الأحزاب والمبادرات والجبهات السياسية في أشكالها المختلفة، عن تنظيم مؤتمراتها وجلساتها العامة وغيرها من اللقاءات التي سبق أن أعلنت عنها سابقا، إما عبر ترحيلها وتأجيلها إلى مواعيد غير محددة بعد أن اختارت طرقا أخرى في التعاطي مع المسائل التنظيمية والهيكلية أقل ما يقال عنها إنها سهلة، كلها مؤشرات تكشف مدى تعلق هذه الأحزاب و"التنظيمات" السياسية بالبقاء في المشهد السياسي ومحاولتها استغلال كل الفرص المتاحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه المرحلة. خاصة أن اختيار بعض الأحزاب الالتزام بمواعيد عقد مؤتمرات انتخابية وجلسات عامة في هذه المرحلة لم يخرج عن مساعي وأهداف هذه الطبقة السياسية الاستعداد للاستحقاق الانتخابي القادم الخاص بالانتخابات الرئاسية تونس 2024، رغم أن جل هذه الأحزاب والحركات كانت قد قاطعت الانتخابات التشريعية وغيرها من المحطات الأخرى في سياق روزنامة حكم المرحلة الاستثنائية بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد أو في مرحلة ما بعد دخول دستور 2022 حيز التنفيذ والدخول عمليا في مرحلة تكريس الجمهورية الجديدة التي حدد خطوطها العريضة وأسسها الدستورية والقانونية والتنظيمية والهيكلية.

فحركة النهضة وبعد تأجيل للمؤتمر الحادي عشر لأكثر من مرة وكان آخر موعد أعلن عنه مجلس شورى الحركة في الصائفة المنقضية هو قبل نهاية أكتوبر المنقضي، ولكن رحل للشهر العاشر بما سجله من أحداث إقليمية بالأساس شدت الرأيين العام والخاص ولم تعقد النهضة مؤتمرها الذي تم ترحيله مرة أخرى إلى زمن مستقبل غير معلوم، في المقابل اختار مجلس شورى الحركة في اجتماع دورته 72 الذي انعقد افتراضيا يومي الأحد 29 والاثنين 30 أكتوبر المنقضي تزكية العجمي الوريمي المرشح للأمانة العامة للحركة، والمصادقة على مشروع لائحة تتعلق بصلاحيات هذا الأمين العام، بعد أن كانت هذه الخطة شاغرة خلال السنوات الأخير إثر استقالة زياد العذاري من مهامه كأمين عام سنة 2019. مما يعني أن حركة النهضة غيرت مسارات اللعبة داخلها من النقاش حول المؤتمر وما تعلق ببعض الفصول في القانون الأساسي للحركة في علاقة برئاسة الحركة خاصة في ظل الجدل حول المحافظة على راشد الغنوشي على رأس النهضة رغم استيفائه الحق في الترشح لدورة ثانية فقط، حسب ما ينص على ذلك القانون الداخلي للحركة، خاصة بعد إيقاف وسجن منذر الونيسي الذي كان مكلفا بإدارة دواليب الحركة بالنيابة بعد إيقاف وسجن الغنوشي على ذمة عدة قضايا، وتوجه البعض لتغيير قوانين "اللعبة" على ان يحافظ الرئيس الحالي على مكان على رأسها، ليصبح الجدل والنقاش حول صلاحيات الأمين العام.

حزب آفاق تونس بدوره، وفي الوقت الذي كانت الأنظار تتجه لإعلانه عن موعد عقد المؤتمر الانتخابي، أعلن فيه رئيسه الفاضل عبد الكافي عن استقالته وسط تكتم على دوافع وحقيقة ما يجري في أوساط الحزب وكواليسه، والتي تبين أن الأوضاع يخيم عليها الصراع وغياب الانسجام.

كما حدد حزب "تونس تجمعنا" الذي يرأسه خميس خيّاطيّة يوم 14 جانفي 2024 ليكون موعد تنظيم جلسة تأسيسية للحزب وتجديد هياكله في ظل التغيرات التي عرفها في الفترة الأخيرة، بعد أن أعلن في وقت سابق عن استعداده لعقد جلسة عامة قبل نهاية العام الجاري.

 بدوره أعلن حزب "صوت الجمهورية" عن استعداده لعقد مؤتمره الأول خلال المرحلة القادمة خاصة أنه صاحب أكبر كتلة في مجلس نواب الشعب الحالي، لكنه لم يحدد بعد موعد هذا المؤتمر.

فيما لم تحدد مكونات المبادرة الوطنية التي تضم عدة أحزاب وبعض الجمعيات والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني إضافة إلى أكاديميين وباحثين ومختصين في عدة مجالات، عن موعد محدد لعقد لقاء عام للإعلان عن مخرجات المبادرة بعد عام تقريبا من انطلاق ورشاتها ولجانها في الاشتغال على مشاريع قوانين سياسية ودستورية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بعد أن كان ذلك مقررا في نهاية أكتوبر الجاري. ويذكر أن هذه المبادرة تضم ائتلاف صمود وأحزاب آفاق تونس ومشروع تونس والمسار والحزب الاشتراكي وحركة درع الوطن، إضافة إلى المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة وغيرها.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه بلادنا لإحياء الذكرى الثالثة عشرة للثورة بعد مرور أكثر من عامين من مسك سعيد بزمام السلط في الدولة إثر اتخاذه جملة من الإجراءات والقرارات يوم 25 جويلية 2021، وما أفضت له من تغيير موازين القوى واللعبة السياسية في تونس. الأمر الذي أدى الى التراجع الكبير في مستوى القواعد الشعبية للأحزاب وتداعيات ذلك على تغيير المشهد السياسي والحزبي خلال هذه المرحلة.

نزيهة الغضباني

 

 

 

مؤتمرات انتخابية رُحِّلت وجلسات عامة تأجلت..  أحزاب تعيد ترتيب أوراقها للبقاء

 

أغلب الأحزاب تبحث عن مقاربة استثنائية تمكنها من الخروج من دائرة الجمود وخطر التلاشي

تونس – الصباح

يبدو أن أغلب الأحزاب ومكونات الطبقة السياسية اتجهت إلى خيارات أخرى وداخل أطر "ضيقة" في ظل مستجدات السياقات المتداخلة وطنيا ودوليا في محاولة منها للبحث عن مقاربة استثنائية تمكنها من الخروج من دائرة الجمود وخطر التلاشي والاندثار التي أصبحت تهددها، بهدف الاستفادة من المرحلة في ظل تطورات الأحداث وطنيا وأزمة مواصلة الاحتلال الإسرائيلي في شن حرب دمار ومجازر غير مسبوقة على الفلسطينيين في غزة، وذلك في إطار مساراتها لإعادة ترتيب الأوراق وأوضاع البيت الداخلي لها بعد أن كانت تستعد أو تتجه لتنظيم مؤتمرات وجلسات عامة ولقاءات موسعة للغرض تجدد من خلال العهد مع هياكلها القيادية والتنظيمية ومحاولة الاقتراب من القواعد الشعبية وتشريكها في النقاش والحوار.

إذ أجمعت آراء عديد المتابعين للشأن السياسي في تونس على الدور الذي لعبته الحرب في غزة في إعادة أغلب مكونات الطبقة السياسية إلى واجهة الأضواء والتحرك والنشاط بعد أن قارب بعضها إن لم يكن أغلبها على الاندثار والتلاشي وتجمد نشاطها. باستثناء بعضها ممن ظل يتحسس سبل البقاء لاسيما بالنسبة للأحزاب التي كانت تكون المشهد السياسي في مرحلة ما قبل 25 جويلية 2021 أو التي كان طرفا في منظومة الحكم أو العارضة على حد السواء خلال العشرية التي سبقت تلك المرحلة.

فتخلي أغلب هذه الأحزاب والمبادرات والجبهات السياسية في أشكالها المختلفة، عن تنظيم مؤتمراتها وجلساتها العامة وغيرها من اللقاءات التي سبق أن أعلنت عنها سابقا، إما عبر ترحيلها وتأجيلها إلى مواعيد غير محددة بعد أن اختارت طرقا أخرى في التعاطي مع المسائل التنظيمية والهيكلية أقل ما يقال عنها إنها سهلة، كلها مؤشرات تكشف مدى تعلق هذه الأحزاب و"التنظيمات" السياسية بالبقاء في المشهد السياسي ومحاولتها استغلال كل الفرص المتاحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه المرحلة. خاصة أن اختيار بعض الأحزاب الالتزام بمواعيد عقد مؤتمرات انتخابية وجلسات عامة في هذه المرحلة لم يخرج عن مساعي وأهداف هذه الطبقة السياسية الاستعداد للاستحقاق الانتخابي القادم الخاص بالانتخابات الرئاسية تونس 2024، رغم أن جل هذه الأحزاب والحركات كانت قد قاطعت الانتخابات التشريعية وغيرها من المحطات الأخرى في سياق روزنامة حكم المرحلة الاستثنائية بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد أو في مرحلة ما بعد دخول دستور 2022 حيز التنفيذ والدخول عمليا في مرحلة تكريس الجمهورية الجديدة التي حدد خطوطها العريضة وأسسها الدستورية والقانونية والتنظيمية والهيكلية.

فحركة النهضة وبعد تأجيل للمؤتمر الحادي عشر لأكثر من مرة وكان آخر موعد أعلن عنه مجلس شورى الحركة في الصائفة المنقضية هو قبل نهاية أكتوبر المنقضي، ولكن رحل للشهر العاشر بما سجله من أحداث إقليمية بالأساس شدت الرأيين العام والخاص ولم تعقد النهضة مؤتمرها الذي تم ترحيله مرة أخرى إلى زمن مستقبل غير معلوم، في المقابل اختار مجلس شورى الحركة في اجتماع دورته 72 الذي انعقد افتراضيا يومي الأحد 29 والاثنين 30 أكتوبر المنقضي تزكية العجمي الوريمي المرشح للأمانة العامة للحركة، والمصادقة على مشروع لائحة تتعلق بصلاحيات هذا الأمين العام، بعد أن كانت هذه الخطة شاغرة خلال السنوات الأخير إثر استقالة زياد العذاري من مهامه كأمين عام سنة 2019. مما يعني أن حركة النهضة غيرت مسارات اللعبة داخلها من النقاش حول المؤتمر وما تعلق ببعض الفصول في القانون الأساسي للحركة في علاقة برئاسة الحركة خاصة في ظل الجدل حول المحافظة على راشد الغنوشي على رأس النهضة رغم استيفائه الحق في الترشح لدورة ثانية فقط، حسب ما ينص على ذلك القانون الداخلي للحركة، خاصة بعد إيقاف وسجن منذر الونيسي الذي كان مكلفا بإدارة دواليب الحركة بالنيابة بعد إيقاف وسجن الغنوشي على ذمة عدة قضايا، وتوجه البعض لتغيير قوانين "اللعبة" على ان يحافظ الرئيس الحالي على مكان على رأسها، ليصبح الجدل والنقاش حول صلاحيات الأمين العام.

حزب آفاق تونس بدوره، وفي الوقت الذي كانت الأنظار تتجه لإعلانه عن موعد عقد المؤتمر الانتخابي، أعلن فيه رئيسه الفاضل عبد الكافي عن استقالته وسط تكتم على دوافع وحقيقة ما يجري في أوساط الحزب وكواليسه، والتي تبين أن الأوضاع يخيم عليها الصراع وغياب الانسجام.

كما حدد حزب "تونس تجمعنا" الذي يرأسه خميس خيّاطيّة يوم 14 جانفي 2024 ليكون موعد تنظيم جلسة تأسيسية للحزب وتجديد هياكله في ظل التغيرات التي عرفها في الفترة الأخيرة، بعد أن أعلن في وقت سابق عن استعداده لعقد جلسة عامة قبل نهاية العام الجاري.

 بدوره أعلن حزب "صوت الجمهورية" عن استعداده لعقد مؤتمره الأول خلال المرحلة القادمة خاصة أنه صاحب أكبر كتلة في مجلس نواب الشعب الحالي، لكنه لم يحدد بعد موعد هذا المؤتمر.

فيما لم تحدد مكونات المبادرة الوطنية التي تضم عدة أحزاب وبعض الجمعيات والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني إضافة إلى أكاديميين وباحثين ومختصين في عدة مجالات، عن موعد محدد لعقد لقاء عام للإعلان عن مخرجات المبادرة بعد عام تقريبا من انطلاق ورشاتها ولجانها في الاشتغال على مشاريع قوانين سياسية ودستورية واقتصادية واجتماعية وثقافية، بعد أن كان ذلك مقررا في نهاية أكتوبر الجاري. ويذكر أن هذه المبادرة تضم ائتلاف صمود وأحزاب آفاق تونس ومشروع تونس والمسار والحزب الاشتراكي وحركة درع الوطن، إضافة إلى المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة وغيرها.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه بلادنا لإحياء الذكرى الثالثة عشرة للثورة بعد مرور أكثر من عامين من مسك سعيد بزمام السلط في الدولة إثر اتخاذه جملة من الإجراءات والقرارات يوم 25 جويلية 2021، وما أفضت له من تغيير موازين القوى واللعبة السياسية في تونس. الأمر الذي أدى الى التراجع الكبير في مستوى القواعد الشعبية للأحزاب وتداعيات ذلك على تغيير المشهد السياسي والحزبي خلال هذه المرحلة.

نزيهة الغضباني

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews