إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لمح إلى عدم تمريره.. قيس سعيد يحسم موقفه من مشروع قانون "تجريم التطبيع"

 

صلاح الدين الجورشي: "الرئيس فكّر وقدّر وأدرك أنه يجب أن يستعمل نفوذه كرئيس للدولة من أجل تعطيل تمرير هذا القانون

تونس – الصباح

تفاجأ السياسيون ومتابعو الشأن العام بتونس بما جاء على لسان رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة خلال الجلسة العامة التي انعقدت يوم الخميس 2 نوفمبر 2023 بقصر باردو بخصوص موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد من مشروع قانون تجريم التطبيع حيث أكّد أنّ "الأمر يتعلق بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي وأن المسألة اتخذت طابعا انتخابيا".

فاعتبر البعض أن موقف الرئيس من التطبيع واعتباره خيانة عظمى لم يكن سوى "مسرحية انتخابية" في ذلك الوقت وحتى كلمته بشأن العدوان الصهيوني على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي لا يصب إلا في تلك الخانة.

إيمان عبد اللطيف

لم يترك رئيس الجمهورية قيس سعيد الجدل يطول ويتسع أكثر فأكثر بخصوص موقفه من مشروع قانون تجريم التطبيع، فبعد يوم فقط من رفع الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على هذا القانون وبعد ما جاء على لسان رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة وما خلفه من نقاشات وتعاليق، أطل الرئيس على الشعب التونسي بكلمة تم بثها على القناة الوطنية الأولى وتم نشرها على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية مساء الجمعة 3 نوفمبر 2023 عبرت بوضوح عن موقفه من مشروع القانون منذ الدقائق الأولى بقوله "إننا في حرب تحرير لا في حرب تجريم وأنه ليس في حاجة لشهادة أحد بأن الأمر يجب أن يتعلق بالخيانة العظمى للشعب الفلسطيني".

الواضح أن هذا الموقف بدوره سيثير جدل أوسع في صفوف المناصرين والمنادين بضرورة تمرير والمصادقة على قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، بخلاف من يعتقد أن هذه الخطوة ليست إلا خطوة "شعبوية" مضارها أكثر من منافعها باعتبار أن موقف الشعب التونسي ودولته لا غبار عليه تجاه القضية الفلسطينية منذ عقود.

تعليقا على ما جاء في كلمة رئيس الجمهورية مساء الجمعة 3 نوفمبر الجاري، أكّد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح لـ"الصباح" أنّه "كان واضحا منذ أن أكد رئيس الجمهورية لرئيس مجلس النواب بأنّ هذا القانون سيكون متعارضا مع مصالح البلاد، بأنه لن يرى النور وأنّ هناك اعتراضات جوهرية جعلت الرئيس يتخذ مثل هذا الموقف".

وأضاف "أدرك قيس سعيد أنّه وهو في موقع رئاسة الجمهورية بأنه انتقل من شخص مدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني إلى شخص يُدير شؤون البلاد ويُدرك دقائق الأمور وأصبح يملك من الإمكانيات لتجعله يُقدر تداعيات مواقف من هذا النوع خاصة وأنه هناك شخصيات ذات اعتبار مهمّ في المنطقة أعلمته وأحاطته بشكل كبير بوجهة نظرها بأن هذا الإجراء سيُدخل تونس في أزمة أكثر حدة مما تعيشه الآن، وأنّ أطرافا أخرى صديقة وشقيقة قريبة من تونس يمكن أن تضرر بمثل هذا القانون".

وأوضح صلاح الدين الجورشي أنّه "لهذا فكّر وقدّر وأدرك الرئيس بأنه يجب أن يستعمل نفوذه كرئيس للدولة من أجل تعطيل وإلغاء هذا الإجراء. فكلمته مساء الجمعة كانت واضحة أي أنه لا يريد أن يفُهم من كلامه أنه تراجع عن مواقفه السابقة وهو متمسك برفض كلمة التطبيع، وهو متمسك باعتبار أنّ أيُ محاولة في التطبيع في هذا الاتجاه هي خيانة عظمى. ولكن المسألة ليست بهذه الكلمات العامة وإنما في اتخاذ قانون سيُحدث أضرارا كثيرة بالمصالح التونسية وقد يُدخل البلاد في حالة من الارتباك لأننا لدينا وضع خاص وبيننا تونسيون يهود ولدينا علاقات قوية بالاتحاد الأوروبي".

وأضاف "أكثر من ذلك إذا كان الاتحاد الأوروبي وأمريكا قد دعما بشكل غير مشروط وغير مبرر سياسة نتنياهو الآن، فإن موقف تونس المعادي لإسرائيل سيُعتبر موقفا معاديا لهما ولذلك لن يكون هناك قانون لتجريم التطبيع".

يُذكر أنّه بخصوص مقترح قانون تجريم التطبيع، دعا رئيس الدولة إلى الاستئناس بالفصل 60 من المجلة الجزائية المتعلق بجريمة الخيانة مقترحا التنصيص على أنه "يعد خائنا للشعب الفلسطيني كل من ارتكب جريمة الخيانة وذلك مع ضرورة تعداد صور الخيانة بكل دقة والتنصيص على الجزاء الذي يترتب عن كل واحدة منها" حاثا على ضرورة "التأكيد بأن هذه الخيانة هي خيانة عظمى".

وأوضح رئيس الجمهورية أنه حينما طرح عليه سؤال بخصوص مقترح قانون تجريم التطبيع الذي تم التداول فيه يوم الخميس بمجلس نواب الشعب جدد الموقف ذاته وهو أن الأمر يتعلق بخيانة عظمى. لكنه في ذات الوقت أكد من جديد على وظيفة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية أي وظيفته كرئيس للجمهورية، وكأنه بهذا أراد أن يقول حتى وإن تمّت المصادقة عليه بمجلس نواب الشعب فإنه لن يقوم بختمه.

فقال سعيد "نحن لا نقبل المساومة ولا المزايدة ولا الضغط ولا الابتزاز من أي جهة داخلية كانت أو خارجية مشيرا إلى أن لمجلس نواب الشعب وظائفه ولرئيس الجمهورية وظائفه طبق مقتضيات الدستور وأن السيادة في كل الحالات تبقى للشعب التونسي الذي يريد تحرير كامل الوطن الفلسطيني المحتل.

وذكّر رئيس الجمهورية بأن دستور 25 جويلية 2022 نص في توطئته على "الانتصار للحقوق المشروعة للشعوب التي من حقها وفق الشرعية الدولية أن تقرر مصيرها بنفسها وأولها حق الشعب الفلسطيني في أرضه السليبة وإقامة دولته عليها بعد تحريرها وعاصمتها القدس الشريف".

وأضاف أن دستور 2014 اقتصر على الإشارة إلى مناصرة حركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرر الفلسطيني مشيرا إلى أن الأسباب التي أدت إلى هذه الصيغة في دستور 2014، تعود إلى تردد أحد الصهاينة (في إشارة إلى برنار هنري ليفي) منذ سنة 2011 على قصر باردو فضلا عن اللقاءات التي كانت تجمعه مع عدد من المؤسسين آنذاك في بعض العواصم في الخارج.

وأكد رئيس الدولة مجددا أن ما يسمى بالتطبيع لا وجود له في قاموسه على الإطلاق باعتبار أن التطبيع يعكس فكرا مهزوما مبينا أن الفكر المهزوم لا يمكن أن يكون فكر المقاوم والفدائي في ساحات القتال .

ونفى الرئيس سعيد في كلمته أن تكون غايته الدخول في سجال قانوني عقيم أو في جدال حول عدد من المفاهيم والمصطلحات القانونية لا جدوى منها في هذه اللحظات التاريخية التي يواجه فيها الفلسطينيون أبشع الجرائم.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس نواب الشعب توقف أول أمس عن مناقشة مقترح قانون عدد 2023/14 المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه وتم رفع الجلسة إلى موعد غير محدد، كما شهد البرلمان طيلة الأيام الماضية تباينا في آراء نوابه بخصوص المصادقة على مقترح القانون من عدمها.

 

 

 

 

 

لمح إلى عدم تمريره..   قيس سعيد يحسم موقفه من مشروع قانون "تجريم التطبيع"

 

صلاح الدين الجورشي: "الرئيس فكّر وقدّر وأدرك أنه يجب أن يستعمل نفوذه كرئيس للدولة من أجل تعطيل تمرير هذا القانون

تونس – الصباح

تفاجأ السياسيون ومتابعو الشأن العام بتونس بما جاء على لسان رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة خلال الجلسة العامة التي انعقدت يوم الخميس 2 نوفمبر 2023 بقصر باردو بخصوص موقف رئيس الجمهورية قيس سعيد من مشروع قانون تجريم التطبيع حيث أكّد أنّ "الأمر يتعلق بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي وأن المسألة اتخذت طابعا انتخابيا".

فاعتبر البعض أن موقف الرئيس من التطبيع واعتباره خيانة عظمى لم يكن سوى "مسرحية انتخابية" في ذلك الوقت وحتى كلمته بشأن العدوان الصهيوني على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي لا يصب إلا في تلك الخانة.

إيمان عبد اللطيف

لم يترك رئيس الجمهورية قيس سعيد الجدل يطول ويتسع أكثر فأكثر بخصوص موقفه من مشروع قانون تجريم التطبيع، فبعد يوم فقط من رفع الجلسة العامة المخصصة للمصادقة على هذا القانون وبعد ما جاء على لسان رئيس البرلمان إبراهيم بودربالة وما خلفه من نقاشات وتعاليق، أطل الرئيس على الشعب التونسي بكلمة تم بثها على القناة الوطنية الأولى وتم نشرها على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية مساء الجمعة 3 نوفمبر 2023 عبرت بوضوح عن موقفه من مشروع القانون منذ الدقائق الأولى بقوله "إننا في حرب تحرير لا في حرب تجريم وأنه ليس في حاجة لشهادة أحد بأن الأمر يجب أن يتعلق بالخيانة العظمى للشعب الفلسطيني".

الواضح أن هذا الموقف بدوره سيثير جدل أوسع في صفوف المناصرين والمنادين بضرورة تمرير والمصادقة على قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني، بخلاف من يعتقد أن هذه الخطوة ليست إلا خطوة "شعبوية" مضارها أكثر من منافعها باعتبار أن موقف الشعب التونسي ودولته لا غبار عليه تجاه القضية الفلسطينية منذ عقود.

تعليقا على ما جاء في كلمة رئيس الجمهورية مساء الجمعة 3 نوفمبر الجاري، أكّد المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي في تصريح لـ"الصباح" أنّه "كان واضحا منذ أن أكد رئيس الجمهورية لرئيس مجلس النواب بأنّ هذا القانون سيكون متعارضا مع مصالح البلاد، بأنه لن يرى النور وأنّ هناك اعتراضات جوهرية جعلت الرئيس يتخذ مثل هذا الموقف".

وأضاف "أدرك قيس سعيد أنّه وهو في موقع رئاسة الجمهورية بأنه انتقل من شخص مدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني إلى شخص يُدير شؤون البلاد ويُدرك دقائق الأمور وأصبح يملك من الإمكانيات لتجعله يُقدر تداعيات مواقف من هذا النوع خاصة وأنه هناك شخصيات ذات اعتبار مهمّ في المنطقة أعلمته وأحاطته بشكل كبير بوجهة نظرها بأن هذا الإجراء سيُدخل تونس في أزمة أكثر حدة مما تعيشه الآن، وأنّ أطرافا أخرى صديقة وشقيقة قريبة من تونس يمكن أن تضرر بمثل هذا القانون".

وأوضح صلاح الدين الجورشي أنّه "لهذا فكّر وقدّر وأدرك الرئيس بأنه يجب أن يستعمل نفوذه كرئيس للدولة من أجل تعطيل وإلغاء هذا الإجراء. فكلمته مساء الجمعة كانت واضحة أي أنه لا يريد أن يفُهم من كلامه أنه تراجع عن مواقفه السابقة وهو متمسك برفض كلمة التطبيع، وهو متمسك باعتبار أنّ أيُ محاولة في التطبيع في هذا الاتجاه هي خيانة عظمى. ولكن المسألة ليست بهذه الكلمات العامة وإنما في اتخاذ قانون سيُحدث أضرارا كثيرة بالمصالح التونسية وقد يُدخل البلاد في حالة من الارتباك لأننا لدينا وضع خاص وبيننا تونسيون يهود ولدينا علاقات قوية بالاتحاد الأوروبي".

وأضاف "أكثر من ذلك إذا كان الاتحاد الأوروبي وأمريكا قد دعما بشكل غير مشروط وغير مبرر سياسة نتنياهو الآن، فإن موقف تونس المعادي لإسرائيل سيُعتبر موقفا معاديا لهما ولذلك لن يكون هناك قانون لتجريم التطبيع".

يُذكر أنّه بخصوص مقترح قانون تجريم التطبيع، دعا رئيس الدولة إلى الاستئناس بالفصل 60 من المجلة الجزائية المتعلق بجريمة الخيانة مقترحا التنصيص على أنه "يعد خائنا للشعب الفلسطيني كل من ارتكب جريمة الخيانة وذلك مع ضرورة تعداد صور الخيانة بكل دقة والتنصيص على الجزاء الذي يترتب عن كل واحدة منها" حاثا على ضرورة "التأكيد بأن هذه الخيانة هي خيانة عظمى".

وأوضح رئيس الجمهورية أنه حينما طرح عليه سؤال بخصوص مقترح قانون تجريم التطبيع الذي تم التداول فيه يوم الخميس بمجلس نواب الشعب جدد الموقف ذاته وهو أن الأمر يتعلق بخيانة عظمى. لكنه في ذات الوقت أكد من جديد على وظيفة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية أي وظيفته كرئيس للجمهورية، وكأنه بهذا أراد أن يقول حتى وإن تمّت المصادقة عليه بمجلس نواب الشعب فإنه لن يقوم بختمه.

فقال سعيد "نحن لا نقبل المساومة ولا المزايدة ولا الضغط ولا الابتزاز من أي جهة داخلية كانت أو خارجية مشيرا إلى أن لمجلس نواب الشعب وظائفه ولرئيس الجمهورية وظائفه طبق مقتضيات الدستور وأن السيادة في كل الحالات تبقى للشعب التونسي الذي يريد تحرير كامل الوطن الفلسطيني المحتل.

وذكّر رئيس الجمهورية بأن دستور 25 جويلية 2022 نص في توطئته على "الانتصار للحقوق المشروعة للشعوب التي من حقها وفق الشرعية الدولية أن تقرر مصيرها بنفسها وأولها حق الشعب الفلسطيني في أرضه السليبة وإقامة دولته عليها بعد تحريرها وعاصمتها القدس الشريف".

وأضاف أن دستور 2014 اقتصر على الإشارة إلى مناصرة حركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرر الفلسطيني مشيرا إلى أن الأسباب التي أدت إلى هذه الصيغة في دستور 2014، تعود إلى تردد أحد الصهاينة (في إشارة إلى برنار هنري ليفي) منذ سنة 2011 على قصر باردو فضلا عن اللقاءات التي كانت تجمعه مع عدد من المؤسسين آنذاك في بعض العواصم في الخارج.

وأكد رئيس الدولة مجددا أن ما يسمى بالتطبيع لا وجود له في قاموسه على الإطلاق باعتبار أن التطبيع يعكس فكرا مهزوما مبينا أن الفكر المهزوم لا يمكن أن يكون فكر المقاوم والفدائي في ساحات القتال .

ونفى الرئيس سعيد في كلمته أن تكون غايته الدخول في سجال قانوني عقيم أو في جدال حول عدد من المفاهيم والمصطلحات القانونية لا جدوى منها في هذه اللحظات التاريخية التي يواجه فيها الفلسطينيون أبشع الجرائم.

تجدر الإشارة إلى أن مجلس نواب الشعب توقف أول أمس عن مناقشة مقترح قانون عدد 2023/14 المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني والاعتراف به والتعامل معه وتم رفع الجلسة إلى موعد غير محدد، كما شهد البرلمان طيلة الأيام الماضية تباينا في آراء نوابه بخصوص المصادقة على مقترح القانون من عدمها.

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews