إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لأول مرة يعرض على الجلسة العامة.. هذه أسباب الدعوة الى تجريم التطبيع..

 

 

 

تونس-الصباح

تجاذبات وانقسامات وغضب وحالة من التوتر العام رافقت النظر في مقترح مشروع قانون تجريم التطبيع أمام مجلس نواب الشعب. رفعت الجلسة أكثر من مرة، واتهم نواب رئيس المجلس إبراهيم بودربالة بعرقلة تمرير القانون، وتجمع متظاهرون امام المجلس. ورغم محاولات بودربالة بكل جهده الدفع نحو تأجيل النظر في مشروع القانون وإعادته الى النقاش من جديد كان تمسك غالبية النواب بمرور القانون الى المصادقة أقوى.. فما سبب تشبث جزء كبير من النواب والقوى السياسية التونسية بسن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني اليوم والآن؟

من المهم التذكير أنه في أكثر من مناسبة خلال العشر سنوات الماضية تم عرض مقترح قانون يجرم التطبيع للنظر فيه أمام مجلس نواب الشعب، لكنه لم يمر ولو مرة الى التصويت، وفي كل مرة يتم تعطيل مسار مناقشته أمام اللجان واعتماد الية المماطلة والتسويف لوأد موجة المطالبة الشعبية وآخرها كان مع البرلمان المنحل خلال ماي 2021..

وأعادت أحداث طوفان الأقصى التي انطلقت يوم 7 أكتوبر الماضي، مطالب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني من جديد وبقوة الى السطح. وفعليا تم تبنيها من قبل السواء الأكبر من القوى السياسية والمدنية بكل تفرعاتها. وكانت الشعار الأساسي للمسيرات والمظاهرات الشعبية والفعاليات التي تم تنظيمها على امتداد الأسابيع الماضية.

ومن التبريرات التي يتم الاستناد إليها في تعطيل تمرير قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني اليوم هو القول انه ليس هناك تطبيع من الجانب التونسي مع الكيان الصهيوني حتى يتم تجريمه او مناهضة. وما استند إليه رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة لتبرير موقفه وهو أن "مقترح القانون سوف يضر بالمصالح الخارجية لتونس وأن الأمر يتعلق بخانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي وأن المسألة اتخذت طابعاً انتخابياً لا أكثر ولا أقل، وهذا موقف رئيس الجمهورية صرح به بحضور نائبي رئيس البرلمان سوسن مبروك وأنور المرزوقي".

في المقابل يعتبر نائب مجلس نواب الشعب بلال المشري، ان هناك جرائم تطبيع مع الكيان الصهيوني اقتصادية وثقافية وأكاديمية يجب التوقف عندها وتجريمها، وشدد على وجود سلع ومبادلات تجارية بين الجانبين فهناك مستثمرون بصدد توريد بذور وأدوية وقنوات ري من شركات ومستثمرين متمركزين في الكيان الصهيوني. كما أن هناك فنانين وأكاديميين بصدد حضور تظاهرات تقام في الكيان الصهيوني.

وفي علاقة بالسوق المفتوحة والعالم المفتوح وفرضيات تنقل السلع من غير الأراضي التونسية نحو الكيان الصهيوني قال المشري ان الدقة القانونية مهمة للغاية بقدر ضرورات التجريم.

وبين نائب الشعب أن الانفتاح الاقتصادي لا يشترط التطبيع وما يروج لذلك هو بصدد الدفاع عن حق أريد به باطل. وأشار في نفس السياق الى أن لا مصالح خارجية لتونس مع الكيان الصهيوني..

ومن ناحيته عرض الأستاذ طارق الكحلاوي الأستاذ بكلية البحر المتوسط للأعمال تونس، كرد على العلاقات الخارجية لتونس وعدم وجود دول عربية تجرم التطبيع، أمثلة لعدد من الدول العربية التي تجرم التطبيع. وهي القانون اللبناني (قانون مقاطعة إسرائيل)، صدر سنة 1955 ولا يزال ساري المفعول. وينص مثلا على: "يحظَّر على كلّ شخصٍ، طبيعيٍّ أو معنويّ، أن يَعْقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئاتٍ أو أشخاصٍ، مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيّتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً أو عمليّاتٍ ماليّةً أو أيَّ تعاملٍ آخرَ مهما كانت طبيعتُه..".

وثانيا، تبنى البرلمان السوري سنة 1963 صيغة القانون الصادرة عن الجامعة العربية، وما زالت قوانين مناهضة التطبيع سارية بهذا الشأن حتى الوقت الحالي. وترتكز هذه القوانين بشكل أساسي على العلاقات التجارية، التي كانت هي الشكل الأساسي للمشاركة المدنية غير الحكومية عبر الحدود. ثالثا، المثال العراقي الذي تعود فيه أول مادة قانونية مخصصة على تجريم التطبيع إلى سنة 1969. إذ تنص المادة 201 على أنه "يعاقَب بالإعدام كل من حبّذ أو روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها أو ساعدها مادياً أو أدبياً أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها". ورابعا، أعلنت قطر حظر التعامل مع الكيان الإسرائيلي اقتصادياً، بقانون رقم (13) لسنة 1963 بتنظيم مكتب مقاطعة "إسرائيل"، حيث "يُحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بذاته أو بالواسطة اتفاقاً تجارياً، أو ذا طبيعة مالية مع هيئات، أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إلى جنسيتها، أو يعملون لمصلحتها أو لحسابها أينما أقاموا". وخامسا، قانون مقاطعة الكيان الإسرائيلي الذي أصدرته الجمهورية السودانية عام 1958، والذي يحظر التعاملات مع الإسرائيليين أو المقيمين في "إسرائيل"، وكذلك يحظر أي علاقة تجارية أو اقتصادية مع الشركات الإسرائيلية أو مع أي جهة لها مصلحة في الكيان. وألغى مجلس الحكم العسكري القانون في سياق إعلان التطبيع مع إسرائيل.

ومن المهم التذكير أن مشروع قانون تجريم التطبيع كان له موعد مع مجالس النواب في أكثر من مناسبة كما سبق وتم الإشارة الى ذلك، فتم عرض مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل كتلة الجبهة الشعبية في نوفمبر 2015، وبعدها تقدمت كتل برلمانية مختلفة بقانون مشابه في أفريل 2018 وتم سحبه. وبعد سنتين تم تقديم مشروع جديد لتجريم التطبيع من قبل الكتلة الديمقراطية المعارضة في ديسمبر 2020 وأمام الضغط الشعبي تم في 21 ماي 2021 التصويت من قبل مختلف الكتل عبر ممثليها داخل مكتب المجلس لصالح استعجال النظر في مشروع القانون، باستثناء رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي رفضت التصويت آنذاك.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

لأول مرة يعرض على الجلسة العامة..   هذه أسباب الدعوة الى تجريم التطبيع..

 

 

 

تونس-الصباح

تجاذبات وانقسامات وغضب وحالة من التوتر العام رافقت النظر في مقترح مشروع قانون تجريم التطبيع أمام مجلس نواب الشعب. رفعت الجلسة أكثر من مرة، واتهم نواب رئيس المجلس إبراهيم بودربالة بعرقلة تمرير القانون، وتجمع متظاهرون امام المجلس. ورغم محاولات بودربالة بكل جهده الدفع نحو تأجيل النظر في مشروع القانون وإعادته الى النقاش من جديد كان تمسك غالبية النواب بمرور القانون الى المصادقة أقوى.. فما سبب تشبث جزء كبير من النواب والقوى السياسية التونسية بسن قانون يجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني اليوم والآن؟

من المهم التذكير أنه في أكثر من مناسبة خلال العشر سنوات الماضية تم عرض مقترح قانون يجرم التطبيع للنظر فيه أمام مجلس نواب الشعب، لكنه لم يمر ولو مرة الى التصويت، وفي كل مرة يتم تعطيل مسار مناقشته أمام اللجان واعتماد الية المماطلة والتسويف لوأد موجة المطالبة الشعبية وآخرها كان مع البرلمان المنحل خلال ماي 2021..

وأعادت أحداث طوفان الأقصى التي انطلقت يوم 7 أكتوبر الماضي، مطالب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني من جديد وبقوة الى السطح. وفعليا تم تبنيها من قبل السواء الأكبر من القوى السياسية والمدنية بكل تفرعاتها. وكانت الشعار الأساسي للمسيرات والمظاهرات الشعبية والفعاليات التي تم تنظيمها على امتداد الأسابيع الماضية.

ومن التبريرات التي يتم الاستناد إليها في تعطيل تمرير قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني اليوم هو القول انه ليس هناك تطبيع من الجانب التونسي مع الكيان الصهيوني حتى يتم تجريمه او مناهضة. وما استند إليه رئيس مجلس نواب الشعب ابراهيم بودربالة لتبرير موقفه وهو أن "مقترح القانون سوف يضر بالمصالح الخارجية لتونس وأن الأمر يتعلق بخانة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي وأن المسألة اتخذت طابعاً انتخابياً لا أكثر ولا أقل، وهذا موقف رئيس الجمهورية صرح به بحضور نائبي رئيس البرلمان سوسن مبروك وأنور المرزوقي".

في المقابل يعتبر نائب مجلس نواب الشعب بلال المشري، ان هناك جرائم تطبيع مع الكيان الصهيوني اقتصادية وثقافية وأكاديمية يجب التوقف عندها وتجريمها، وشدد على وجود سلع ومبادلات تجارية بين الجانبين فهناك مستثمرون بصدد توريد بذور وأدوية وقنوات ري من شركات ومستثمرين متمركزين في الكيان الصهيوني. كما أن هناك فنانين وأكاديميين بصدد حضور تظاهرات تقام في الكيان الصهيوني.

وفي علاقة بالسوق المفتوحة والعالم المفتوح وفرضيات تنقل السلع من غير الأراضي التونسية نحو الكيان الصهيوني قال المشري ان الدقة القانونية مهمة للغاية بقدر ضرورات التجريم.

وبين نائب الشعب أن الانفتاح الاقتصادي لا يشترط التطبيع وما يروج لذلك هو بصدد الدفاع عن حق أريد به باطل. وأشار في نفس السياق الى أن لا مصالح خارجية لتونس مع الكيان الصهيوني..

ومن ناحيته عرض الأستاذ طارق الكحلاوي الأستاذ بكلية البحر المتوسط للأعمال تونس، كرد على العلاقات الخارجية لتونس وعدم وجود دول عربية تجرم التطبيع، أمثلة لعدد من الدول العربية التي تجرم التطبيع. وهي القانون اللبناني (قانون مقاطعة إسرائيل)، صدر سنة 1955 ولا يزال ساري المفعول. وينص مثلا على: "يحظَّر على كلّ شخصٍ، طبيعيٍّ أو معنويّ، أن يَعْقد، بالذات أو بالواسطة، اتفاقاً مع هيئاتٍ أو أشخاصٍ، مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيّتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوعُ الاتفاق صفقاتٍ تجاريّةً أو عمليّاتٍ ماليّةً أو أيَّ تعاملٍ آخرَ مهما كانت طبيعتُه..".

وثانيا، تبنى البرلمان السوري سنة 1963 صيغة القانون الصادرة عن الجامعة العربية، وما زالت قوانين مناهضة التطبيع سارية بهذا الشأن حتى الوقت الحالي. وترتكز هذه القوانين بشكل أساسي على العلاقات التجارية، التي كانت هي الشكل الأساسي للمشاركة المدنية غير الحكومية عبر الحدود. ثالثا، المثال العراقي الذي تعود فيه أول مادة قانونية مخصصة على تجريم التطبيع إلى سنة 1969. إذ تنص المادة 201 على أنه "يعاقَب بالإعدام كل من حبّذ أو روج مبادئ صهيونية بما في ذلك الماسونية، أو انتسب إلى أي من مؤسساتها أو ساعدها مادياً أو أدبياً أو عمل بأي كيفية كانت لتحقيق أغراضها". ورابعا، أعلنت قطر حظر التعامل مع الكيان الإسرائيلي اقتصادياً، بقانون رقم (13) لسنة 1963 بتنظيم مكتب مقاطعة "إسرائيل"، حيث "يُحظر على كل شخص طبيعي أو معنوي أن يعقد بذاته أو بالواسطة اتفاقاً تجارياً، أو ذا طبيعة مالية مع هيئات، أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إلى جنسيتها، أو يعملون لمصلحتها أو لحسابها أينما أقاموا". وخامسا، قانون مقاطعة الكيان الإسرائيلي الذي أصدرته الجمهورية السودانية عام 1958، والذي يحظر التعاملات مع الإسرائيليين أو المقيمين في "إسرائيل"، وكذلك يحظر أي علاقة تجارية أو اقتصادية مع الشركات الإسرائيلية أو مع أي جهة لها مصلحة في الكيان. وألغى مجلس الحكم العسكري القانون في سياق إعلان التطبيع مع إسرائيل.

ومن المهم التذكير أن مشروع قانون تجريم التطبيع كان له موعد مع مجالس النواب في أكثر من مناسبة كما سبق وتم الإشارة الى ذلك، فتم عرض مشروع قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل كتلة الجبهة الشعبية في نوفمبر 2015، وبعدها تقدمت كتل برلمانية مختلفة بقانون مشابه في أفريل 2018 وتم سحبه. وبعد سنتين تم تقديم مشروع جديد لتجريم التطبيع من قبل الكتلة الديمقراطية المعارضة في ديسمبر 2020 وأمام الضغط الشعبي تم في 21 ماي 2021 التصويت من قبل مختلف الكتل عبر ممثليها داخل مكتب المجلس لصالح استعجال النظر في مشروع القانون، باستثناء رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي التي رفضت التصويت آنذاك.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews