إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أول الكلام : ضمور الدور السياسي للمرأة

 

 

هناك مفارقة تثير الانتباه والاهتمام وتتمثل في أن الدور السياسي للمرأة التونسية لا ينسجم مع الأدوار الهامة التي تلعبها في عدة مجالات. يمكن التذكير بتجاوز عدد الطالبات في الجامعات لعدد الطلبة وأيضا دور النساء المتقدم في العمل الجمعياتي وأيضا في مجالات متطورة كالإعلامية وكل تفريعاتها بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. ليس هنا مجال القراءة السياسوية للمجالس التي أفرزتها مرحلة ما بعد 25 جويلية ولكن التخلي عن مبدأ "الكوتا " أضعف حضور النساء في مجلس النواب ومن المتوقع أن يتأكد الأمر في مجالس الأقاليم والجهات. وهذا المعطى يكشف أمرين وهما الانعكاسات السلبية للرؤية المحافظة على دور النساء في الفضاء العمومي وأيضا تواصل حضور الثقافة الذكورية التي يمثل الحد من دور النساء في الفضاء العمومي أحد أهم سماتها. ولا شك أن تراجع دور الأحزاب السياسية يزيد في التقليص من حضور ودور النساء في الحقل السياسي. يمكن أن تساق هنا اعتراضات لا تخلو من وجاهة ومنطقية حول ما شاب التجربة الحزبية في تونس من ممارسات ورؤى ساهمت في تهميش المرأة التي ظل ينظر لها دائما كقوة انتخابية وكمكون من مكونات " الصورة " التي يراد الترويج لها عن تونس وفرادة تجربتها في علاقة بمكاسب المرأة ودورها. وفر منعرج 14 جانفي 2011 فرصة لتطوير دور النساء في الحياة السياسية خاصة وأن ما توفر من تراجع دور الدولة " التأطيري " للحياة السياسية قد أتاح المجال لصراع مفتوح بين تصورين متناقضين لدور المرأة ومكانتها ووفر فرصة مهمة لنساء تونس للتأثير في موازين القوى وفي وضع حد لتسرب النموذج ألإخواني الذي يحاصر، بطرق تراوح بين اللين والقوة والتلميح والتصريح حسب الظرف والسياقات، حقوق المرأة وخاصة دورها في الحياة السياسية. كان من المفترض أن يؤدي هذا " الانتصار " إلى تغير نوعي في علاقة النساء بالحقل السياسي. ولكن ما برز من أخطاء زمن حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي انعكس بشكل كبير على هذه العلاقة خاصة وأن اختيار من يمثل نداء تونس من النساء في الحكومة ومجلس النواب لم يخضع لاعتبارات موضوعية بل طغت عليه الاعتبارات الذاتية . وحين نضيف إلى ذلك عدم إيمان التجربة الحالية بالأحزاب السياسية والهياكل الوسيطة ندرك وجود أزمة حقيقية في ما يتعلق بتكوين القيادات السياسية النسائية وتعويدها على تحمل المسؤولية. ومما يزيد الطين بلة أن تكوين القيادات المجتمعية الشابة، سواء تلك التي تتجه للعمل السياسي أو التي تفضل مجالا آخر، قد " احتكرته " بعد 14 جانفي 2011 برامج وجمعيات أجنبية غالبا ما لا تعنيها الجوانب الوطنية. هذه الجمعيات تفكر في الحقيقة في إضعاف هذا الجانب وفي طمسه.

 

لا شك أن المنطق كان يفرض أن تتولى الجمعيات النسائية هذا الدور وقبل التطرق لهذا الأمر لاحقا ننتظر ماذا سيقدم الإتحاد الوطني للمرأة التونسية في هذا المجال في قادم الأيام من تصورات تتجاوز السياقات الانتخابية وتتجه إلى البناء للمستقبل.

 

هشام الحاجي

أول الكلام :    ضمور الدور السياسي للمرأة

 

 

هناك مفارقة تثير الانتباه والاهتمام وتتمثل في أن الدور السياسي للمرأة التونسية لا ينسجم مع الأدوار الهامة التي تلعبها في عدة مجالات. يمكن التذكير بتجاوز عدد الطالبات في الجامعات لعدد الطلبة وأيضا دور النساء المتقدم في العمل الجمعياتي وأيضا في مجالات متطورة كالإعلامية وكل تفريعاتها بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. ليس هنا مجال القراءة السياسوية للمجالس التي أفرزتها مرحلة ما بعد 25 جويلية ولكن التخلي عن مبدأ "الكوتا " أضعف حضور النساء في مجلس النواب ومن المتوقع أن يتأكد الأمر في مجالس الأقاليم والجهات. وهذا المعطى يكشف أمرين وهما الانعكاسات السلبية للرؤية المحافظة على دور النساء في الفضاء العمومي وأيضا تواصل حضور الثقافة الذكورية التي يمثل الحد من دور النساء في الفضاء العمومي أحد أهم سماتها. ولا شك أن تراجع دور الأحزاب السياسية يزيد في التقليص من حضور ودور النساء في الحقل السياسي. يمكن أن تساق هنا اعتراضات لا تخلو من وجاهة ومنطقية حول ما شاب التجربة الحزبية في تونس من ممارسات ورؤى ساهمت في تهميش المرأة التي ظل ينظر لها دائما كقوة انتخابية وكمكون من مكونات " الصورة " التي يراد الترويج لها عن تونس وفرادة تجربتها في علاقة بمكاسب المرأة ودورها. وفر منعرج 14 جانفي 2011 فرصة لتطوير دور النساء في الحياة السياسية خاصة وأن ما توفر من تراجع دور الدولة " التأطيري " للحياة السياسية قد أتاح المجال لصراع مفتوح بين تصورين متناقضين لدور المرأة ومكانتها ووفر فرصة مهمة لنساء تونس للتأثير في موازين القوى وفي وضع حد لتسرب النموذج ألإخواني الذي يحاصر، بطرق تراوح بين اللين والقوة والتلميح والتصريح حسب الظرف والسياقات، حقوق المرأة وخاصة دورها في الحياة السياسية. كان من المفترض أن يؤدي هذا " الانتصار " إلى تغير نوعي في علاقة النساء بالحقل السياسي. ولكن ما برز من أخطاء زمن حكم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي انعكس بشكل كبير على هذه العلاقة خاصة وأن اختيار من يمثل نداء تونس من النساء في الحكومة ومجلس النواب لم يخضع لاعتبارات موضوعية بل طغت عليه الاعتبارات الذاتية . وحين نضيف إلى ذلك عدم إيمان التجربة الحالية بالأحزاب السياسية والهياكل الوسيطة ندرك وجود أزمة حقيقية في ما يتعلق بتكوين القيادات السياسية النسائية وتعويدها على تحمل المسؤولية. ومما يزيد الطين بلة أن تكوين القيادات المجتمعية الشابة، سواء تلك التي تتجه للعمل السياسي أو التي تفضل مجالا آخر، قد " احتكرته " بعد 14 جانفي 2011 برامج وجمعيات أجنبية غالبا ما لا تعنيها الجوانب الوطنية. هذه الجمعيات تفكر في الحقيقة في إضعاف هذا الجانب وفي طمسه.

 

لا شك أن المنطق كان يفرض أن تتولى الجمعيات النسائية هذا الدور وقبل التطرق لهذا الأمر لاحقا ننتظر ماذا سيقدم الإتحاد الوطني للمرأة التونسية في هذا المجال في قادم الأيام من تصورات تتجاوز السياقات الانتخابية وتتجه إلى البناء للمستقبل.

 

هشام الحاجي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews