إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سفير جمهورية جنوب إفريقيا لـ"الصباح": نحن مدرسة مانديلا ولن نتوقف عن دعم فلسطين ...

 

-تونس منحت مانديلا جوازا ديبلوماسيا سنة 1962 للدفاع عن قضيته

-إسرائيل تمارس سياسة الابرتاييد التي مارستها بريتوريا على السكان الأصليين في جنوب إفريقيا

- خبرنا نظام الابارتييد وإسرائيل تتحمل مسؤولية ما يحدث في غزة والقضية الفلسطينية لم تبدأ في الـ7 من أكتوبر

 -المستوطنات التي نراها في فلسطين المحتلة هي البندوستانات التي أقيمت في جنوب إفريقيا

-بعد أن كان حلفاء نظام الابرتاييد يصفون مانديلا بالإرهابي ويرفضون التفاوض مع حركته وجدت أمريكا نفسها تتجه إلى هذه المفاوضات وهذا ما سيحدث مع الفلسطينيين و حماس..

-إسرائيل وامريكا تستثمران الكثير من الأموال والمساعدات لاستقطاب الدول الإفريقية والتأثير عليها

تونس -الصباح

قال سفير جنوب إفريقيا موسيى اموس ماسانغو ان ما يحدث في غزة جريمة حرب ترتكب تحت انظار عالم عاجز عن ايقافها واضاف محدثنا في حديث خص به "الصباح" أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين مطابق لما عرفته جنوب افريقيا في ظل نظام الابرتاييد واضاف Moses Siphosezwe Amos.... MASANGO أن إسرائيل تتحمل مسؤولية ما حدث وأن القضية الفلسطينية لم تبدأ في السابع من اكتوبر واعتبر ان مانديلا كان يعتبر ارهابيا عندما كان يناضل ضد الميز العنصري واسس الحزب الوطني الافريقي وكذلك الشان للزعيم عرفات عندما اسس منظمة التحرير الفلسطينية. وقال سفير جنوب افريقيا نحن ننتمي لمدرسة مانديلا ولن نتوقف عن دعم القضية الفلسطينية... وأشار الى ان تونس منحت مانديلا جوازا ديبلوماسيا باسم مات سمامي سنة 1962 وهو ما مكنه من الانتقال الى الجزائر لتلقي التدريب العسكري السري وفي 1994 عاد مانديلا الى تونس لحضور اجتماع القادة الافارقة وتقديم شكره لتونس على تضامنها وبعد ذلك تم افتتاح سفارة جنوب افريقيا بحضور وزير خارجية جنوب افريقيا . وفيما يلي نص الحوار ..

أجرت الحديث: اسيا العتروس

*ثلاثة أسابيع على العدوان الإسرائيلي على غزة كيف تصف ما يتعرض له أكثر من مليوني فلسطيني تحت الاحتلال؟

-ما أراه تصفية عرقية ترتكبها إسرائيل في ظل مجتمع دولي مرتكب وغير قادر على ايقاف ما يحدث. وما اراه ايضا غير مسبوق، ونحن ازاء جرائم حرب اقترفت لان اتفاقية جنيف واضحة وتمنع استهداف المدارس والمستشفيات وما يحدث جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وهو ما يؤكد قتل الاطفال الابرياء الذين لا دور لهم في هذا القتال ومن هذا المنطلق اعتقد ان حماس من حقها الدفاع عن النفس. ما يحدث ايضا في عدوان اسرائيل التي تهاجم اهالي غزة، وعندما اقول ذلك لا اريد التوقف عندما يشير اليه الاعلام الغربي من ان حماس استيقظت في السابع من اكتوبر وهاجمت اسرائيل اذا كان الامر كذلك فهذا يعني ان حماس مجانين، واقول باسمي وباسم دولة جنوب افريقيا ان الحرب في غزة لم تبدا الان بل بدأت في 1948 وهذا هو التاريخ الذي يتعين استحضاره ولكن السؤال لماذا يقفون عند الـ7 من اكتوبر الماضي. حماس تدافع عن الفلسطينيين وعن كرامتهم ومقاتلوها يردون على مظالم كبيرة طالتهم .

ما أراه ايضا في غزة ان هناك انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الانساني الذي لا يسمح بمهاجمة المدنيين ويسمح بدخول المساعدات الانسانية وبادخال الادوية والاغذية و علاج المصابين بما في ذلك الجنود .

وارى ايضا اختراقا كبيرا للاتفاقات الدولية التي تقر بمبدا تبادل الاسرى ولكن ما تقوم به اسرائيل هو قتل الاسرى الفلسطينيين وهناك نحو خمسة الاف في السجون الاسرائيلية وهذا خرق اخر للقانون الدولي والاسرى الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية لهم حقوق ايضا ولكن اسرائيل لا تقر بذلك والسبب ان كل ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات يمر دون ردع او عقاب.

ارى ايضا صمتا مقيتا من المحكمة الجنائية الدولية وقد سمعنا رئيسها خان وهو بريطاني يدعو لمحاكمة بوتين بسبب حربه في اوكرانيا ولكنه لا يفعل شيئا لاستهداف نتنياهو.

* يبدو أنه على عكس الصمت الدولي هناك موقف اكثر وضوحا من الرأي العام الدولي بما في ذلك الدول الحليفة لإسرائيل هل يمكن أن يغير هذا مسار الأوضاع؟

-ما نراه في هذه الكارثة في غزة أن هناك تحركا غير مسبوق للتضامن الشعبي مع فلسطين و هذا ما اسميه ب GLOBAL PRO PALESTINIAN SUPPORT حتى في الغرب وهذا له اكثر من تفسير، اولا حجم العدوان ومحاولات الاعلام الغربي لتزييف الحقائق وما انقلب عليه، ودور الشتات الفلسطيني الذي تحرك بقوة في كل العالم لنصرة غزة الى درجة انه حتى الحكومات المعنية في الدول الحليفة لنتنياهو لم تتوقع مثل هذه الاحتجاجات الشعبية الواسعة والتحركات التي تطالب بطرد سفراء اسرائيل وهنا ايضا يمكن التذكير بما حدث في الامم المتحدة قبل عقود عندما بدأت تظهر حركات معادية للابرتاييد في بريطانيا وامريكا وفرنسا والمانيا وهي الاكثر دعما للابرتاييد وكيف اصبح الامر محرجا ومزعجا لهذه الدول مع تنامي هذه الحركات في العالم.. وفي 1986 بدا العالم يتغير وكان لبايدن نفسه انذاك خطاب قوي ضد الابرتاييد عندما بدأت امريكا تدرك انه لا مجال لمواصلة دعم هذا النظام وتفاقمت الضغوط الداخلية لتقليص المساعدات عن نظام جنوب افريقيا وبعد ان كان حلفاء نظام الابرتاييد يصفون مانديلا بالارهابي ويرفضون التفاوض مع حركته وجدت امريكا نفسها تتجه الى هذه المفاوضات و هذا ما سيحدث مع الفلسطينيين ومع حماس .

أمريكا واسرائيل فرطا في حل الدولتين ولم يعملا على تحقيقه رغم اعتراف عرفات ومنظمة التحرير بإسرائيل لان الصهاينة يشعرون بالتفوق على العرب ويعتبرون انهم افضل من العرب والفلسطينيين لم يطبق اذا حل الدولتين ولكنهم سيذهبون اليه لاننا عندما نرى اهل غزة يرفضون ترك ارضهم رغم القصف والقتل والموت ندرك انهم مرتبطون بالارض ويخيرون الموت هناك على مغادرتها رغم تضاعف جرائم القتل فانهم لا يهربون ويختارون الموت في بيوتهم و هذا يزعج اسرائيل ويجعلها اكثر رغبة في مزيد العنف ولكن السؤال ماذا ستفعل اسرائيل بعد ذلك وماذا ستفعل أمريكا ماذا لو قتلوا عشرين او ثلاثين أو خمسين الفا ورفض أهل القطاع ترك غزة...

والجواب موجود سيعودون الى احد حلين اما حل الدولتين الذي فرطوا فيه او دولة واحدة للجميع و هذا ما لا تريده اسرائيل التي لا تقبل بنفس الحقوق لكل المواطنين ولا تريد مساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهذا يتعارض مع الدولة اليهودية ومبائها التوراتية الدينية وهنا ايضا ستصطدم اسرائيل بحقيقة اخرى وهي التفوق الديموغرافي الفلسطيني. ويبقى الحل الوحيد اذا ارادوا السلام حل الدولتين و هنا ايضا اذا كان مسموح بعودة اليهود القادمين اليوم من اوكرانيا وغيرها فمن حق الفلسطينيين اصحاب الارض المهجرين منذ 1948 العودة الى ارضهم وهذا ما حدث ايضا في جنوب افريقيا عندما رفعت واشنطن اليد على نظام جنوب افريقيا وصفعتها على خدها، وطبعا ستكون مفاوضات طويلة ومتشعبة ولكن يمكن تحقيق هذا الهدف عندما تقرر امريكا ان تصفع اسرائيل وهذا سيحدث يوما وهناك تحولات كبيرة في العالم مع توسع البريكس وتقارب الصين وروسيا وكوريا الشمالية وكلاهما قوى نووية.

امريكا الان تضع ساقا في اوكرانيا واخرى في اسرائيل ولا يمكن تابيد الوضع الراهن هناك في الديبلوماسية ما يسمى بالسلام المجمد او الازمة المجمدة التي يمكن ان تبدو هادئة ولكن لا احد يعرف متى يكون الانفجار وكيف. ما تريده أمريكا الان الخروج من الأزمتين دون منتصر حتى لا تبدو في موقف المنهزم كما في العراق وأفغانستان.. راهنت واشنطن على ان تضعف حرب اوكرانيا روسيا وتدمر اقتصادها ولكن الارقام تشير الى ان روسيا هي القوة الخامسة وهي تتجه ان تصبح الثالثة هناك قوة اخرى الصين وهي قادمة ولم ينتبه لها امريكا.

في نهاية المطاف ستنساق امريكا واسرائيل الى المفاوضات راينا كيف جمعت الصين بين السعودية وايران وقد عادت بينهما العلاقات وتم تبادل السفراء .

*إلى أي مدى يمكن المقارنة بين نظام الابرتاييد في جنوب افريقيا والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين؟

- الحديث عن نظام الابرتاييد في جنوب افريقيا يستوجب استعادة بعض المحطات التاريخية المهمة التي مرت بها جنوب افريقيا في نضالها ضد الابرتاييد،نعرف ان العنصرية ازاء الاجانب موجودة تقريبا في كل الدول في الغرب، ولكن العنصرية ليست الابرتاييد فهو نظام خطير عرفته جنوب افريقيا و بدا منذ 1652 مع وصول سفن الهولانديين قادمين الى جنوب افريقيا من رحلاتهم التجارية في الهند قبل ان يتمددوا و يهيمنوا على الاراضي الخصبة مرة بدعوى تعرض ماشيتهم للسرقة ومرة باتهام المواطنين السود بالسطو على سلعهم، ثم وعلى مدى عقود حاصروا السكان الاصليين وبدؤوا عزلهم في باندستونات كما نراه اليوم في فلسطين المحتلة ومنذ 1820 ومع انتشار اخبار اكتشاف الذهب والاحجار الثمينة انضم الى الهولانديين البريطانيين ثم منحوهم نوعا من الحكم الذاتي قبل سحبه مع وعد باعطائهم ناميبيا اذا حاربوا معهم، ودائما في نفس التوجه هذا ايضا ما فعله الصهاينة في فلسطين ثم بدأ البريطانيون يستقدمون البيض من بلجيكا وفرنسا والمانيا لفرض هيمنة البيض امام الاغلبية السود من سكان الارض الاصليين وقد اتبعهم اليهود في هذا التوجه منذ وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917. وعندما اشتكى السكان الاصليين في جنوب افريقيا وانتفضوا ضد هذه الممارسات اتهمومهم بالإرهاب .

الاسوأ والاخطر هو شرعنة ومأسسة الابرتاييد LEGALISATION OF APARTHEID وقد عمل البيض سريا على ذلك وفي انتخابات 26 ماي 1948 '-انتخابات للبيض فقط - تم اعتماد نظام الابرتاييد واجتمع البيض من بريطانيين وفرنسيين والمان الى وضع لغة خاصة بهم الافريكانز ووضعوا قوانين خاصة بهم تضمن تفوقهم وتميزهم عن السكان الاصليين واستولوا على اراضي السود وابعدوهم الى مناطق اخرى بعد استصدار ما يسمى بـland act و افتكوا 87 بالمائة من الارض وتركوا للسود اقل من 20 بالمائة والملاحظ ان هذا كله حدث في نفس الفترة التي تم فيها اعلان الكيان الاسرائيلي في ماي 1948 وتهجير الفلسطينيين من ارضهم. والمستوطنات التي نراها في فلسطين المحتلة هي البندوستانات التي اقميت في جنوب افريقيا لتشتيت السكان الاصليين وتقسيمهم ومنع تواصلهم. وكما فرض الابرتاييد على السكان الاصليين هويات عنصرية على اساس اللون تضمن التفوق للبيض ثم السود والهنود والاجناس المختلطة كما تم فرض نظام خاص يضمن الأفضل للبيض في التعليم والصحة والتنقل والعمل ظل السود يحظون باقل الفرص الممكنة في كل مناح الحياة ليكونوا عبيدا مأجورين للعمل في مصانع او حقول البيض.

*في ظل ما تحظى به إسرائيل من دعم من الغرب وفي ظل ضعف الموقف الدولي و هشاشة الموقف العربي هل يمكن الحديث عن عودة للتفاوض تحت أي عنوان كان؟

-قبل هذا الامر لا بد من التذكير بمسألة مهمة يبدو ان الاعلام تجاهلها وهي ان اسرائيل تصر على استهداف دول الجوار تماما كما كان نظام الابرتاييد يفعل باعتداءاته المتكررة على زمبيا وسوازيلاند وموازامبيق وبوتسوانا ولوسوتو وانغولا وهو ما تقوم به اسرائيل اليوم التي تهاجم ايران ولبنان وسوريا والجولان المحتل ..

وهنا ايضا لا بد من التذكير ان بن غوريون قرأ اعلان تاسيس اسرائيل في اليوم ذاته الذي اعترفت فيه امريكا باسرائيل ثم تلتها بريطانيا. العلاقة بين نظام الابرتاييد وبين اسرائيل كان قويا عسكريا واستخباراتيا ومع الموساد الى حين تخلصت جنوب افريقيا من هذا النظام في 1994. لذلك فان ما نراه اليوم من مستوطنات في غزة هو ما حدث ايضا من بوندستانات في جنوب افريقيا. اسرائيل ايضا فيها نظام ابرتاييد قائم تسرق الارض عنوة تماما كما فعل بريطانيا في جنوب افريقيا .

ما حدث مع الفلسطينيين اشد و اخطر فقد تعايشوا مع اليهود قبل ال48 وكانوا يعيشون جنبا الى جنب لكنهم اخرجوهم من ارضهم وهم اليوم يقتلون النساء والاطفال وعندما يردون الفعل يتهمونهم بالارهاب وعندما اسس عرفات منظمة التحرير اتهموه بالارهاب كما فعلوا مع مانديلا الذي سجنوه ربع قرن. لذلك من حقهم ومن حق حماس المقاومة واستعادة حق الشعب الفلسطيني .

عشنا بعد انتخابات ماي 1948 وفوز الحزب الوطني المؤيد للأفريكان بالانتخابات فظائع الابرتاييد، مع شرعنة ترسانة قوانين عنصرية، وصُنف سكان جنوب أفريقيا في أربع مجموعات عرقية بناء على اللون، وهم البيض والسود والهنود والملونين.حدد قانون المناطق حدودا للمناطق السكنية المرخصة لكل مجموعة، يحتشد السكان السود في بلدات مكتظة بالسكان من الدرجة الثانية، وحظر تعديل قانونيْ العلاقاتِ الجنسية بين الأعراق المختلفة، وأصبح إلزاميا امتلاك تصريح مرور لكل رجل أسود يزيد عمره عن 16 عاما.و هذا ايضا قائم اليوم في إسرائيل. وأصبح السود المحرومون من جميع حقوقهم المدنية مواطنين من الدرجة الثانية. وهو ايضا ما تقوم به اسرائيل اليوم اذ تفرض على الفلسطينيين سجنا جماعيا ومناطق سكانية منفصلة..

-حق الشعوب في المقاومة هل يمكن إسقاطه من القانون الدولية؟

-حماس اليوم اعتبرت أن منظمة التحرير تخلت عن الدفاع عن الفلسطينيين فأسست الجهاد الإسلامي دفاعا عن الفلسطينيين وخاصة في غزة التي تعتبر اكبر سجن مفتوح في العالم وأهلها محرمون من الكرامة من الحرية محاصرين من كل الجهات إلى درجة الاختناق وهم يعانون من كل أنواع الظلم ويشعرون بالغبن والقهر... أرادوا لهم الموت البطيء فانتفضوا عليهم لذلك فان إسرائيل تصف أبناء وأحفاد عرفات بالإرهابيين كما تصف جنوب إفريقيا العنصرية ابناء واحفاد مانديلا بالإرهاب. في الحالتين البيض افتكوا 87 بالمائة من ارض السكان الأصليين والإسرائيليين افتكوا 87 بالمائة من ارض فلسطين والنضال حق مشروع .

-قال مانديلا لن نكون أحرارا قبل أن تتحرر فلسطين هل ما زال الشعار قائما في جنوب إفريقيا اليوم؟

-مانديلا زعيم المؤتمر الوطني الإفريقي يعتبر ان عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية مناضل مثله من اجل شعبه في فلسطين، وعرفات ساند جنوب إفريقيا في معركتها ضد الابرتاييد ونحن مستمرون في هذا الدعم المعني وفي ارسال المساعدات الإنسانية التي ترفض إسرائيل السماح بمرورها وهذا خرق وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي .

*بوليفيا أعلنت أمس قطع علاقتها مع إسرائيل ودعت كولومبيا وشيلي سفيريهما في تل أبيب ودعت الأردن أيضا سفيرها في تل أبيب هل يمكن أن نشهد تحركا إفريقيا متجانسا يشكل عنصر ضغط على الاحتلال؟

-للتذكير منذ مارس الماضي صوت برلمان جنوب إفريقيا على تخفيض مستوى الحضور في تل أبيب إلى مستوى مكتب اتصال انسجاما مع الموقف التاريخي لجنوب إفريقيا مع القضية الفلسطينية. منذ بداية العدوان أدان الرئيس رامافوزا العدوان الإسرائيلي على غزة وشدد على ان الفلسطينيين يعيشون منذ 75 عاما تحت الاحتلال ويناضلون ضد قمع حكومة الميز العنصري التي تحتل ارضهم وان الوضع الاخير نشأ نتيجة الاحتلال الاسرائيلي غير القانوني المستمر لفلسطين. ومنذ بداية العدوان على غزة كان موقف جنوب افريقيا واضحا وقد دعت وزيرة الخارجية ناليدي باندور الى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وحثت دول العالم على التبرع لفائدة الفلسطينيين وسبق ورفضت ان تكون إسرائيل مراقبا في الاتحاد الإفريقي. من جانبنا سنواصل دعم فلسطين هكذا نشانا في المؤتمر الوطني الافريقي مدرسة مانديلا .و طالما ان شعب فلسطين لم يتحرر فنحن ايضا لم نتحرر . اكيد أن هناك تباينا بين مواقف الشعوب التي تطالب الدول الافريقية بقطع العلاقات مع اسرائيل وبين الحكومات التي قد تر ضرورة الحفاظ على خيط للتواصل .في المقابل لابد من الانتباه ان اسرائيل تستثمر الكثير من الاموال والمساعدات لاستقطاب الدول الافريقية و لتاثير عليها وامريكا ايضا تهدد بوقف المساعدات عن الدول الافريقية التي قد تتجه الى هذا الخيار وتهدد بسحب اتفاقية Agoaاتفاقية السوق الحرة الافريقية. امريكا كما اسرائيل يستعملان المساعدات لإفريقيا للتأثير على قرارها ازاء إسرائيل .

الابرتاييد كان يستهدف دول الجوار هاجم زمبيا وسوازيلاند وموزامبيق وبوتسوانا ولوسوتو وانغولا وهو ما تقوم به اسرائيل اليوم التي تهاجم ايران ولبنان وسوريا ، وقد ساعدت المقاطعة والعقوبات على التخلص من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وقد منعت جنوب أفريقيا من المشاركة بمباريات الكريكيت الدولية حتى خروج نيلسون مانديلا من السجن بعد 22 عاما. واستُبعدت من المباريات الدولية بما فيها لعبة “الرقبي” التي يعشقها “الأفريكانز البيض” والذين كانوا يشكلون أساس الحزب الحاكم وشعروا بالسخط من استبعادهم.

والعقاب الحقيقي بدأ في 1985 عندما طلبت المصارف الأجنبية من جنوب أفريقيا دفع قروضها، وكان من الواضح أن البلد سيدفع ثمنا باهظا لنظام الفصل العنصري. لا يمكن إنكار صعود حركة المقاطعة لجنوب أفريقيا على مدى ثلاثة عقود إلى جانب التعبئة ضد نظام الفصل العنصري في الجامعات والكنائس والتحالفات المحلية أسهمت في تقوية يد الساسة الأمريكيين والشركات الكبرى والدفع باتجاه تحويل الاستثمارات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سفير جمهورية جنوب إفريقيا لـ"الصباح":  نحن مدرسة مانديلا ولن نتوقف عن دعم فلسطين ...

 

-تونس منحت مانديلا جوازا ديبلوماسيا سنة 1962 للدفاع عن قضيته

-إسرائيل تمارس سياسة الابرتاييد التي مارستها بريتوريا على السكان الأصليين في جنوب إفريقيا

- خبرنا نظام الابارتييد وإسرائيل تتحمل مسؤولية ما يحدث في غزة والقضية الفلسطينية لم تبدأ في الـ7 من أكتوبر

 -المستوطنات التي نراها في فلسطين المحتلة هي البندوستانات التي أقيمت في جنوب إفريقيا

-بعد أن كان حلفاء نظام الابرتاييد يصفون مانديلا بالإرهابي ويرفضون التفاوض مع حركته وجدت أمريكا نفسها تتجه إلى هذه المفاوضات وهذا ما سيحدث مع الفلسطينيين و حماس..

-إسرائيل وامريكا تستثمران الكثير من الأموال والمساعدات لاستقطاب الدول الإفريقية والتأثير عليها

تونس -الصباح

قال سفير جنوب إفريقيا موسيى اموس ماسانغو ان ما يحدث في غزة جريمة حرب ترتكب تحت انظار عالم عاجز عن ايقافها واضاف محدثنا في حديث خص به "الصباح" أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين مطابق لما عرفته جنوب افريقيا في ظل نظام الابرتاييد واضاف Moses Siphosezwe Amos.... MASANGO أن إسرائيل تتحمل مسؤولية ما حدث وأن القضية الفلسطينية لم تبدأ في السابع من اكتوبر واعتبر ان مانديلا كان يعتبر ارهابيا عندما كان يناضل ضد الميز العنصري واسس الحزب الوطني الافريقي وكذلك الشان للزعيم عرفات عندما اسس منظمة التحرير الفلسطينية. وقال سفير جنوب افريقيا نحن ننتمي لمدرسة مانديلا ولن نتوقف عن دعم القضية الفلسطينية... وأشار الى ان تونس منحت مانديلا جوازا ديبلوماسيا باسم مات سمامي سنة 1962 وهو ما مكنه من الانتقال الى الجزائر لتلقي التدريب العسكري السري وفي 1994 عاد مانديلا الى تونس لحضور اجتماع القادة الافارقة وتقديم شكره لتونس على تضامنها وبعد ذلك تم افتتاح سفارة جنوب افريقيا بحضور وزير خارجية جنوب افريقيا . وفيما يلي نص الحوار ..

أجرت الحديث: اسيا العتروس

*ثلاثة أسابيع على العدوان الإسرائيلي على غزة كيف تصف ما يتعرض له أكثر من مليوني فلسطيني تحت الاحتلال؟

-ما أراه تصفية عرقية ترتكبها إسرائيل في ظل مجتمع دولي مرتكب وغير قادر على ايقاف ما يحدث. وما اراه ايضا غير مسبوق، ونحن ازاء جرائم حرب اقترفت لان اتفاقية جنيف واضحة وتمنع استهداف المدارس والمستشفيات وما يحدث جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وهو ما يؤكد قتل الاطفال الابرياء الذين لا دور لهم في هذا القتال ومن هذا المنطلق اعتقد ان حماس من حقها الدفاع عن النفس. ما يحدث ايضا في عدوان اسرائيل التي تهاجم اهالي غزة، وعندما اقول ذلك لا اريد التوقف عندما يشير اليه الاعلام الغربي من ان حماس استيقظت في السابع من اكتوبر وهاجمت اسرائيل اذا كان الامر كذلك فهذا يعني ان حماس مجانين، واقول باسمي وباسم دولة جنوب افريقيا ان الحرب في غزة لم تبدا الان بل بدأت في 1948 وهذا هو التاريخ الذي يتعين استحضاره ولكن السؤال لماذا يقفون عند الـ7 من اكتوبر الماضي. حماس تدافع عن الفلسطينيين وعن كرامتهم ومقاتلوها يردون على مظالم كبيرة طالتهم .

ما أراه ايضا في غزة ان هناك انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الانساني الذي لا يسمح بمهاجمة المدنيين ويسمح بدخول المساعدات الانسانية وبادخال الادوية والاغذية و علاج المصابين بما في ذلك الجنود .

وارى ايضا اختراقا كبيرا للاتفاقات الدولية التي تقر بمبدا تبادل الاسرى ولكن ما تقوم به اسرائيل هو قتل الاسرى الفلسطينيين وهناك نحو خمسة الاف في السجون الاسرائيلية وهذا خرق اخر للقانون الدولي والاسرى الفلسطينيون في السجون الاسرائيلية لهم حقوق ايضا ولكن اسرائيل لا تقر بذلك والسبب ان كل ما تقوم به اسرائيل من انتهاكات يمر دون ردع او عقاب.

ارى ايضا صمتا مقيتا من المحكمة الجنائية الدولية وقد سمعنا رئيسها خان وهو بريطاني يدعو لمحاكمة بوتين بسبب حربه في اوكرانيا ولكنه لا يفعل شيئا لاستهداف نتنياهو.

* يبدو أنه على عكس الصمت الدولي هناك موقف اكثر وضوحا من الرأي العام الدولي بما في ذلك الدول الحليفة لإسرائيل هل يمكن أن يغير هذا مسار الأوضاع؟

-ما نراه في هذه الكارثة في غزة أن هناك تحركا غير مسبوق للتضامن الشعبي مع فلسطين و هذا ما اسميه ب GLOBAL PRO PALESTINIAN SUPPORT حتى في الغرب وهذا له اكثر من تفسير، اولا حجم العدوان ومحاولات الاعلام الغربي لتزييف الحقائق وما انقلب عليه، ودور الشتات الفلسطيني الذي تحرك بقوة في كل العالم لنصرة غزة الى درجة انه حتى الحكومات المعنية في الدول الحليفة لنتنياهو لم تتوقع مثل هذه الاحتجاجات الشعبية الواسعة والتحركات التي تطالب بطرد سفراء اسرائيل وهنا ايضا يمكن التذكير بما حدث في الامم المتحدة قبل عقود عندما بدأت تظهر حركات معادية للابرتاييد في بريطانيا وامريكا وفرنسا والمانيا وهي الاكثر دعما للابرتاييد وكيف اصبح الامر محرجا ومزعجا لهذه الدول مع تنامي هذه الحركات في العالم.. وفي 1986 بدا العالم يتغير وكان لبايدن نفسه انذاك خطاب قوي ضد الابرتاييد عندما بدأت امريكا تدرك انه لا مجال لمواصلة دعم هذا النظام وتفاقمت الضغوط الداخلية لتقليص المساعدات عن نظام جنوب افريقيا وبعد ان كان حلفاء نظام الابرتاييد يصفون مانديلا بالارهابي ويرفضون التفاوض مع حركته وجدت امريكا نفسها تتجه الى هذه المفاوضات و هذا ما سيحدث مع الفلسطينيين ومع حماس .

أمريكا واسرائيل فرطا في حل الدولتين ولم يعملا على تحقيقه رغم اعتراف عرفات ومنظمة التحرير بإسرائيل لان الصهاينة يشعرون بالتفوق على العرب ويعتبرون انهم افضل من العرب والفلسطينيين لم يطبق اذا حل الدولتين ولكنهم سيذهبون اليه لاننا عندما نرى اهل غزة يرفضون ترك ارضهم رغم القصف والقتل والموت ندرك انهم مرتبطون بالارض ويخيرون الموت هناك على مغادرتها رغم تضاعف جرائم القتل فانهم لا يهربون ويختارون الموت في بيوتهم و هذا يزعج اسرائيل ويجعلها اكثر رغبة في مزيد العنف ولكن السؤال ماذا ستفعل اسرائيل بعد ذلك وماذا ستفعل أمريكا ماذا لو قتلوا عشرين او ثلاثين أو خمسين الفا ورفض أهل القطاع ترك غزة...

والجواب موجود سيعودون الى احد حلين اما حل الدولتين الذي فرطوا فيه او دولة واحدة للجميع و هذا ما لا تريده اسرائيل التي لا تقبل بنفس الحقوق لكل المواطنين ولا تريد مساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين فهذا يتعارض مع الدولة اليهودية ومبائها التوراتية الدينية وهنا ايضا ستصطدم اسرائيل بحقيقة اخرى وهي التفوق الديموغرافي الفلسطيني. ويبقى الحل الوحيد اذا ارادوا السلام حل الدولتين و هنا ايضا اذا كان مسموح بعودة اليهود القادمين اليوم من اوكرانيا وغيرها فمن حق الفلسطينيين اصحاب الارض المهجرين منذ 1948 العودة الى ارضهم وهذا ما حدث ايضا في جنوب افريقيا عندما رفعت واشنطن اليد على نظام جنوب افريقيا وصفعتها على خدها، وطبعا ستكون مفاوضات طويلة ومتشعبة ولكن يمكن تحقيق هذا الهدف عندما تقرر امريكا ان تصفع اسرائيل وهذا سيحدث يوما وهناك تحولات كبيرة في العالم مع توسع البريكس وتقارب الصين وروسيا وكوريا الشمالية وكلاهما قوى نووية.

امريكا الان تضع ساقا في اوكرانيا واخرى في اسرائيل ولا يمكن تابيد الوضع الراهن هناك في الديبلوماسية ما يسمى بالسلام المجمد او الازمة المجمدة التي يمكن ان تبدو هادئة ولكن لا احد يعرف متى يكون الانفجار وكيف. ما تريده أمريكا الان الخروج من الأزمتين دون منتصر حتى لا تبدو في موقف المنهزم كما في العراق وأفغانستان.. راهنت واشنطن على ان تضعف حرب اوكرانيا روسيا وتدمر اقتصادها ولكن الارقام تشير الى ان روسيا هي القوة الخامسة وهي تتجه ان تصبح الثالثة هناك قوة اخرى الصين وهي قادمة ولم ينتبه لها امريكا.

في نهاية المطاف ستنساق امريكا واسرائيل الى المفاوضات راينا كيف جمعت الصين بين السعودية وايران وقد عادت بينهما العلاقات وتم تبادل السفراء .

*إلى أي مدى يمكن المقارنة بين نظام الابرتاييد في جنوب افريقيا والاحتلال الإسرائيلي في فلسطين؟

- الحديث عن نظام الابرتاييد في جنوب افريقيا يستوجب استعادة بعض المحطات التاريخية المهمة التي مرت بها جنوب افريقيا في نضالها ضد الابرتاييد،نعرف ان العنصرية ازاء الاجانب موجودة تقريبا في كل الدول في الغرب، ولكن العنصرية ليست الابرتاييد فهو نظام خطير عرفته جنوب افريقيا و بدا منذ 1652 مع وصول سفن الهولانديين قادمين الى جنوب افريقيا من رحلاتهم التجارية في الهند قبل ان يتمددوا و يهيمنوا على الاراضي الخصبة مرة بدعوى تعرض ماشيتهم للسرقة ومرة باتهام المواطنين السود بالسطو على سلعهم، ثم وعلى مدى عقود حاصروا السكان الاصليين وبدؤوا عزلهم في باندستونات كما نراه اليوم في فلسطين المحتلة ومنذ 1820 ومع انتشار اخبار اكتشاف الذهب والاحجار الثمينة انضم الى الهولانديين البريطانيين ثم منحوهم نوعا من الحكم الذاتي قبل سحبه مع وعد باعطائهم ناميبيا اذا حاربوا معهم، ودائما في نفس التوجه هذا ايضا ما فعله الصهاينة في فلسطين ثم بدأ البريطانيون يستقدمون البيض من بلجيكا وفرنسا والمانيا لفرض هيمنة البيض امام الاغلبية السود من سكان الارض الاصليين وقد اتبعهم اليهود في هذا التوجه منذ وعد بلفور في 2 نوفمبر 1917. وعندما اشتكى السكان الاصليين في جنوب افريقيا وانتفضوا ضد هذه الممارسات اتهمومهم بالإرهاب .

الاسوأ والاخطر هو شرعنة ومأسسة الابرتاييد LEGALISATION OF APARTHEID وقد عمل البيض سريا على ذلك وفي انتخابات 26 ماي 1948 '-انتخابات للبيض فقط - تم اعتماد نظام الابرتاييد واجتمع البيض من بريطانيين وفرنسيين والمان الى وضع لغة خاصة بهم الافريكانز ووضعوا قوانين خاصة بهم تضمن تفوقهم وتميزهم عن السكان الاصليين واستولوا على اراضي السود وابعدوهم الى مناطق اخرى بعد استصدار ما يسمى بـland act و افتكوا 87 بالمائة من الارض وتركوا للسود اقل من 20 بالمائة والملاحظ ان هذا كله حدث في نفس الفترة التي تم فيها اعلان الكيان الاسرائيلي في ماي 1948 وتهجير الفلسطينيين من ارضهم. والمستوطنات التي نراها في فلسطين المحتلة هي البندوستانات التي اقميت في جنوب افريقيا لتشتيت السكان الاصليين وتقسيمهم ومنع تواصلهم. وكما فرض الابرتاييد على السكان الاصليين هويات عنصرية على اساس اللون تضمن التفوق للبيض ثم السود والهنود والاجناس المختلطة كما تم فرض نظام خاص يضمن الأفضل للبيض في التعليم والصحة والتنقل والعمل ظل السود يحظون باقل الفرص الممكنة في كل مناح الحياة ليكونوا عبيدا مأجورين للعمل في مصانع او حقول البيض.

*في ظل ما تحظى به إسرائيل من دعم من الغرب وفي ظل ضعف الموقف الدولي و هشاشة الموقف العربي هل يمكن الحديث عن عودة للتفاوض تحت أي عنوان كان؟

-قبل هذا الامر لا بد من التذكير بمسألة مهمة يبدو ان الاعلام تجاهلها وهي ان اسرائيل تصر على استهداف دول الجوار تماما كما كان نظام الابرتاييد يفعل باعتداءاته المتكررة على زمبيا وسوازيلاند وموازامبيق وبوتسوانا ولوسوتو وانغولا وهو ما تقوم به اسرائيل اليوم التي تهاجم ايران ولبنان وسوريا والجولان المحتل ..

وهنا ايضا لا بد من التذكير ان بن غوريون قرأ اعلان تاسيس اسرائيل في اليوم ذاته الذي اعترفت فيه امريكا باسرائيل ثم تلتها بريطانيا. العلاقة بين نظام الابرتاييد وبين اسرائيل كان قويا عسكريا واستخباراتيا ومع الموساد الى حين تخلصت جنوب افريقيا من هذا النظام في 1994. لذلك فان ما نراه اليوم من مستوطنات في غزة هو ما حدث ايضا من بوندستانات في جنوب افريقيا. اسرائيل ايضا فيها نظام ابرتاييد قائم تسرق الارض عنوة تماما كما فعل بريطانيا في جنوب افريقيا .

ما حدث مع الفلسطينيين اشد و اخطر فقد تعايشوا مع اليهود قبل ال48 وكانوا يعيشون جنبا الى جنب لكنهم اخرجوهم من ارضهم وهم اليوم يقتلون النساء والاطفال وعندما يردون الفعل يتهمونهم بالارهاب وعندما اسس عرفات منظمة التحرير اتهموه بالارهاب كما فعلوا مع مانديلا الذي سجنوه ربع قرن. لذلك من حقهم ومن حق حماس المقاومة واستعادة حق الشعب الفلسطيني .

عشنا بعد انتخابات ماي 1948 وفوز الحزب الوطني المؤيد للأفريكان بالانتخابات فظائع الابرتاييد، مع شرعنة ترسانة قوانين عنصرية، وصُنف سكان جنوب أفريقيا في أربع مجموعات عرقية بناء على اللون، وهم البيض والسود والهنود والملونين.حدد قانون المناطق حدودا للمناطق السكنية المرخصة لكل مجموعة، يحتشد السكان السود في بلدات مكتظة بالسكان من الدرجة الثانية، وحظر تعديل قانونيْ العلاقاتِ الجنسية بين الأعراق المختلفة، وأصبح إلزاميا امتلاك تصريح مرور لكل رجل أسود يزيد عمره عن 16 عاما.و هذا ايضا قائم اليوم في إسرائيل. وأصبح السود المحرومون من جميع حقوقهم المدنية مواطنين من الدرجة الثانية. وهو ايضا ما تقوم به اسرائيل اليوم اذ تفرض على الفلسطينيين سجنا جماعيا ومناطق سكانية منفصلة..

-حق الشعوب في المقاومة هل يمكن إسقاطه من القانون الدولية؟

-حماس اليوم اعتبرت أن منظمة التحرير تخلت عن الدفاع عن الفلسطينيين فأسست الجهاد الإسلامي دفاعا عن الفلسطينيين وخاصة في غزة التي تعتبر اكبر سجن مفتوح في العالم وأهلها محرمون من الكرامة من الحرية محاصرين من كل الجهات إلى درجة الاختناق وهم يعانون من كل أنواع الظلم ويشعرون بالغبن والقهر... أرادوا لهم الموت البطيء فانتفضوا عليهم لذلك فان إسرائيل تصف أبناء وأحفاد عرفات بالإرهابيين كما تصف جنوب إفريقيا العنصرية ابناء واحفاد مانديلا بالإرهاب. في الحالتين البيض افتكوا 87 بالمائة من ارض السكان الأصليين والإسرائيليين افتكوا 87 بالمائة من ارض فلسطين والنضال حق مشروع .

-قال مانديلا لن نكون أحرارا قبل أن تتحرر فلسطين هل ما زال الشعار قائما في جنوب إفريقيا اليوم؟

-مانديلا زعيم المؤتمر الوطني الإفريقي يعتبر ان عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية مناضل مثله من اجل شعبه في فلسطين، وعرفات ساند جنوب إفريقيا في معركتها ضد الابرتاييد ونحن مستمرون في هذا الدعم المعني وفي ارسال المساعدات الإنسانية التي ترفض إسرائيل السماح بمرورها وهذا خرق وانتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي .

*بوليفيا أعلنت أمس قطع علاقتها مع إسرائيل ودعت كولومبيا وشيلي سفيريهما في تل أبيب ودعت الأردن أيضا سفيرها في تل أبيب هل يمكن أن نشهد تحركا إفريقيا متجانسا يشكل عنصر ضغط على الاحتلال؟

-للتذكير منذ مارس الماضي صوت برلمان جنوب إفريقيا على تخفيض مستوى الحضور في تل أبيب إلى مستوى مكتب اتصال انسجاما مع الموقف التاريخي لجنوب إفريقيا مع القضية الفلسطينية. منذ بداية العدوان أدان الرئيس رامافوزا العدوان الإسرائيلي على غزة وشدد على ان الفلسطينيين يعيشون منذ 75 عاما تحت الاحتلال ويناضلون ضد قمع حكومة الميز العنصري التي تحتل ارضهم وان الوضع الاخير نشأ نتيجة الاحتلال الاسرائيلي غير القانوني المستمر لفلسطين. ومنذ بداية العدوان على غزة كان موقف جنوب افريقيا واضحا وقد دعت وزيرة الخارجية ناليدي باندور الى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وحثت دول العالم على التبرع لفائدة الفلسطينيين وسبق ورفضت ان تكون إسرائيل مراقبا في الاتحاد الإفريقي. من جانبنا سنواصل دعم فلسطين هكذا نشانا في المؤتمر الوطني الافريقي مدرسة مانديلا .و طالما ان شعب فلسطين لم يتحرر فنحن ايضا لم نتحرر . اكيد أن هناك تباينا بين مواقف الشعوب التي تطالب الدول الافريقية بقطع العلاقات مع اسرائيل وبين الحكومات التي قد تر ضرورة الحفاظ على خيط للتواصل .في المقابل لابد من الانتباه ان اسرائيل تستثمر الكثير من الاموال والمساعدات لاستقطاب الدول الافريقية و لتاثير عليها وامريكا ايضا تهدد بوقف المساعدات عن الدول الافريقية التي قد تتجه الى هذا الخيار وتهدد بسحب اتفاقية Agoaاتفاقية السوق الحرة الافريقية. امريكا كما اسرائيل يستعملان المساعدات لإفريقيا للتأثير على قرارها ازاء إسرائيل .

الابرتاييد كان يستهدف دول الجوار هاجم زمبيا وسوازيلاند وموزامبيق وبوتسوانا ولوسوتو وانغولا وهو ما تقوم به اسرائيل اليوم التي تهاجم ايران ولبنان وسوريا ، وقد ساعدت المقاطعة والعقوبات على التخلص من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وقد منعت جنوب أفريقيا من المشاركة بمباريات الكريكيت الدولية حتى خروج نيلسون مانديلا من السجن بعد 22 عاما. واستُبعدت من المباريات الدولية بما فيها لعبة “الرقبي” التي يعشقها “الأفريكانز البيض” والذين كانوا يشكلون أساس الحزب الحاكم وشعروا بالسخط من استبعادهم.

والعقاب الحقيقي بدأ في 1985 عندما طلبت المصارف الأجنبية من جنوب أفريقيا دفع قروضها، وكان من الواضح أن البلد سيدفع ثمنا باهظا لنظام الفصل العنصري. لا يمكن إنكار صعود حركة المقاطعة لجنوب أفريقيا على مدى ثلاثة عقود إلى جانب التعبئة ضد نظام الفصل العنصري في الجامعات والكنائس والتحالفات المحلية أسهمت في تقوية يد الساسة الأمريكيين والشركات الكبرى والدفع باتجاه تحويل الاستثمارات.