إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ملفات "الصباح": الغرفة النيابية الثانية.. بين تشعب المنظومة الانتخابية.. والصلاحيات المحدودة..

 

تونس: الصباح

بعد انتخاب أعضاء الغرفة النيابية الأولى في دورة أولى يوم 17 ديسمبر 2022 ودورة ثانية يوم 29 جانفي 2023 سيتجه التونسيون من جديد يوم 24 ديسمبر المقبل لصناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء المجالس المحلية، وعلى أساس النتائج النهائية لهذه الانتخابات سيقع تصعيد مجالس جهوية ومجالس أقاليم ومن ثمة الغرفة النيابية الثانية التي نص عليها دستور 2022. وتعتبر هذه المحطة الانتخابية الأولى من نوعها في تاريخ البلاد إذ لم يسبق للتونسيين المشاركة في انتخابات لاختيار ممثليهم على مستوى العمادات التي يقطنون بها عبر اقتراع عام ومباشر على الأفراد.

ووردت الانتخابات المحلية ضمنيا في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية قيس سعيد إذ جاء فيه ما يلي: "إن السبيل للتعبير عن إرادتكم الحقيقية هو إعادة البناء من القاعدة، من المحلي إلى المركز حتى تكون القوانين والتشريعات كلها على اختلاف أصنافها ودرجاتها معبرة عن إرادتكم حاملة لآمالكم صدى لمطالبكم وتطلعاتكم متسقة مع الانفجار الثوري الذي انطلق من القرى والمعتمديات قبل أن يبلغ ذروته في المركز"..

كما تأتي الانتخابات المرتقبة في إطار استكمال خارطة الطريق السياسية للرئيس سعيد التي أعلن عنها في ديسمبر 2021 والتي انطلقت بتنظيم استشارة الكترونية خلال الفترة الممتدة بين 15 جانفي و20 مارس 2022 وتعلقت الأسئلة المعروضة صلبها بستة مجالات وهي الشأن السياسي والانتخابي والشأن الاقتصادي والمالي والشأن الاجتماعي إضافة إلى التنمية والانتقال الرقمي وكذلك الصحة وجودة الحياة وأخيرا الشأن التعليمي والثقافي.

وبلغ عدد المشاركين في الاستشارة المذكورة 534915 ومثلت نسبة من عبروا عن رغبة في اعتماد النظام الرئاسي 86 فاصل 4 بالمائة ومن يريدون نظام اقتراع على الأفراد 70 فاصل 7 بالمائة مقابل 21 فاصل 8 مع الاقتراع على القائمات، في حين بلغت نسبة من هم مع رفع الحصانة عن النائب الذي لم يعد يحظى بثقة الأغلبية قبل انتهاء المدة النيابية 92 فاصل 9 بالمائة، وبخصوص الإصلاحات التي يجب القيام بها لتطوير الحياة السياسية أجاب 60 فاصل 8 من المشاركين في الاستشارة بتعديل القانون الانتخابي و44 فاصل 4 بالمائة بتعديل مرسوم الأحزاب و38 بالمائة بتعديل الدستور و36 فاصل 5 بالمائة بوضع دستور جديد.

 فرغم أن نسبة الراغبين في تعديل دستور 2014 كانت أكبر من نسبة الداعين إلى سن دستور جديد فقد خير رئيس الجمهورية وضع دستور جديد ودعا التونسيين يوم 25 جويلية 2022 إلى استفتاء حوله، وبلغ عدد من قاموا بالتصويت 2830094 من جملة 9278541 ناخبا مسجلا وتحصلت الإجابة بنعم على 2607884 صوتا والإجابة بلا على 148723 صوتا. وأقر دستور 25 جويلية 2022 نظام الغرفتين، وبموجبه أصبحت السلطة التشريعية تسمى الوظيفة التنفيذية، ونص الفصل 56 منه على أن يفوض الشعب صاحب السيادة الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبمقتضى الدستور يتمتع كل مجلس نيابي باختصاصات حصرية كما توجد اختصاصات مشتركة بينهما وهو ما يقتضي بالضرورة سن قانون أساسي ينظم العلاقة بين المجلسين وإصداره قبل دعوة الغرفة الثانية للانعقاد.

إعداد: سعيدة بوهلال

تعديلات جوهرية.. بمراسيم رئاسية

قبل الاستفتاء على الدستور بادر رئيس الجمهورية بتنقيح القانون الانتخابي بمقتضى المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جوان 2022 ثم بعد أقل من شهر من صدور الدستور في الرائد الرسمي بتاريخ 18 أوت 2022، أقر جملة من التعديلات الجوهرية على القانون الانتخابي وذلك بمقتضى المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022، ثم استبق لاحقا مجلس نواب الشعب المنتخب، وأصدر قبل فترة قصيرة من دعوة المجلس النيابي الجديد للانعقاد يوم 13 مارس 2022 المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الانتخابي، والمرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم.

 وعلى غرار المرسوم عدد 55 سالف الذكر، أثار المرسومان عدد 8 و10 زوبعة كبيرة وكانا محل انتقادات المختصين في القانون والناشطين في المجتمع المدني من منظمات وأحزاب سياسية خاصة وأن نشرهما تزامن مع المرسوم عدد 9 المتعلق بحل المجالس البلدية التي تم انتخابها سنة 2018 بعد مصادقة مجلس نواب الشعب على القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ في 9 ماي 2018 والمتعلق بمجلة الجماعات المحلية، وحتى عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق ماهر الجديدي فقد كسر جدار الصمت وانتقد المرسومين عدد 8 وعدد 10 بل ذهب إلى أبعد من ذلك وقال إنه لم يقع عرضهما على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيهما وتبعا لتصريحاته تلك وقع إعفاؤه من مهامه "من أجل ارتكابه لخطإٍ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه حيث جاء في محضر مداولات مجلس الهيئة بتاريخ 4 جويلية 2023 أن الجديدي خرق واجب التحفّظ وواجب الحياد.

أما المنظمات المختصة في ملاحظة المسارات الانتخابية فقد دعت رئاسة الجمهورية إلى سحب المراسيم المتعلقة بالانتخابات لأنها مخالفة لدستور 2022 فهذا الدستور استثنى القانون الانتخابي من مجال المراسيم وطالبوه بفسح المجال أمام مجلس نواب الشعب المنتخب، وافتتح هذا المجلس أعماله يوم الاثنين 13 مارس 2023، وصادق على نظامه الداخلي يوم 28 أفريل وبمقتضاه تضمنت تركيبة مكتب المجلس خطة نائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، كما ضبط النظام الداخلي في الفصل 88 الجلسات العامة المشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم وحسب هذا الفصل لرئيس الجُمهورية أن يُخاطب مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم معا طبقا لأحكام الفصل 100 من الدستور. ويحدّد القانون المنظم للعلاقة بين المجلسين مقتضيات تنظيم هذه الجلسة. وحسب الفصل 116 يصادق مجلس نواب الشعب ويتخذ قراراته بأغلبية الأعضاء الحاضرين بكل من مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء كل مجلس للمصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية وبأغلبية الثلثين لأعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين للمصادقة على لائحة لوم ضد الحكومة. ونص الفصل 132 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب على أنه يُمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين توجيه لائحة لوم ضدّ الحكومة على معنى الفصل 115 من الدستور. ولا يجوز تقديم لائحة لوم ضدّ الحكومة في الحالات المنصوص عليها بالفصلين 96 و109 من الدستور ويحدد القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مقتضيات تطبيق هذا الفصل.

 ولئن كانت الفصول السابقة مستنسخة من الدستور فإن الفصل 168 الوارد في باب الأحكام الانتقالية وإضافة إلى تنصيصه على أن يسنّ المجلس قانونا ينظّم بمقتضاه العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو نفس ما ورد في الفصل 86 من الدستور، فقد خول لمجلس نواب الشعب ممارسة صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى حين إرسائه. وأثارت هذه الإضافة جدلا سياسيا ساخنا ووصف مسار 25 جويلية النظام الداخلي بالمفخخ، ولكن بالعودة إلى مداولات البرلمان يمكن الإشارة إلى أن العديد من نوابه أكدوا على ضرورة التسريع في سن القانون المنظم للعلاقة بين الغرفتين، والتعجيل بتركيز الغرفة النيابية الثانية، وطالبوا بأن يكون استكمال تركيز المؤسسات الدستورية في صدارة أولويات مجلسهم، وهناك منهم من عبر عن رغبة في مراجعة المنظومة القانونية للانتخابات برمتها.

وفي نفس السياق يرى بعض الناشطين في المجتمع المدني أنه حان الوقت لوضع المنظومة القانونية للانتخابات في تونس تحت المجهر، ودعوا المجلس النيابي إلى العمل على إصدار مجلة انتخابية جديدة تتسم بالمقروئية وتستجيب للمعايير الدولية من ناحية ومن ناحية أخرى تتلاءم مع الدستور ويتم من خلالها تلافي النقائص والثغرات والإشكاليات الموجودة على مستوى تقسيم الدوائر داخل البلاد وخراجها و إدارة الانتخابات والتسجيل والترشحات والتزكيات وطريقة الاقتراع وتمثيلية النساء والشباب والحملة الانتخابية والرقابة عليها وتمويلها والنزاعات والجرائم الانتخابية وسبر الآراء والإشهار السياسي ومشاركة الأحزاب ودور المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات والهيكا والمجتمع المدني والملاحظين المحليين والأجانب والالتزامات المحمولة على الإعلام السمعي والبصري والمكتوب والالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، ولكن المجلس النيابي لم يعلن رسميا عن إيداع مبادرات تشريعية أو مشاريع قوانين تهدف إلى مراجعة المنظومة القانونية للانتخابات ومجلة الجماعات المحلية أو على الأقل بغاية تنظم العلاقة بينه وبين المجلس الوطني للجهات والأقاليم والحال أن مسار انتخاب الغرفة النيابية الثانية انطلق رسميا بصدور الأمر الرئاسي عدد 588 لسنة 2023 المؤرّخ في 21 سبتمبر 2023 المتعلّق بدعوة الناخبين لانتخابات أعضاء المجالس المحلية.

ولتلافي الفراغ التشريعي الذي يمكن أن يحدث بعد الانتخابات المحلية وتركيز الغرفة النيابية الثانية أخذت اللجنة البرلمانية المختصة بالنظر في القوانين الانتخابية على عاتقها مهمة إعداد مبادرة تشريعية تتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما أكده رئيس اللجنة محمد أحمد، كما أفاد أن اللجنة طلبت تنظيم دورات تكوينية لفائدة نوابها حول المنظومة القانونية للانتخابات والعلاقة بين الغرفتين.. وهذه المنظومة يصفها العديد من المختصين في القانون ومنهم الأستاذ بالجامعة التونسية أمين الجلاصي بالمعقدة والمتشعبة ويرون أن الغرفة النيابية الثانية ستكون صورية وذلك بالنظر إلى محدودية صلاحياتها الدستورية، وهناك منهم من انتقد تقسيم الدوائر وتقسيم الأقاليم ولكن في المقابل ترى عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نجلاء عبروقي أن المنظومة القانونية لانتخاب الغرفة النيابية الثانية واضحة واختصاصات هذه الغرفة هامة وأكدت جاهزية الهيئة لتنظيم الانتخابات المحلية.

أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية:   المجلس الوطني للجهات والأقاليم يكاد يكون صوريا

يرى أمين الجلاصي الأستاذ الجامعي في القانون العام أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم لا يختلف كثيرا عن مجلس المستشارين الذي وقع إحداثه في عهد بن علي لأنه لن يكون هو صاحب القرار الأخير. وذكر أن الصلاحيات التي يتمتع بها المجلس النيابي الأول وهو مجلس نواب الشعب ليست هي نفس الصلاحيات التي أتاحها الدستور للمجلس النيابي الثاني وهو المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وأضاف أنه إلى غاية اليوم لا يوجد قانون ينظم المجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما جعل الرؤية غير واضحة فحتى المختصين في القانون لا يعرفون ما هي المهام الموكولة له هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه عند العودة إلى دستور 2014 ومجلة الجماعات المحلية نجد أن السلطة المحلية تقوم على أساس اللامركزية الترابية، وتتجسد اللامركزية في جماعات محلية تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، وتتمتع الجماعات المحلية بالشخصية القانونية وبالاستقلالية الإدارية والمالية وتدير المصالح المحلية وفقا لمبدأ التدبير الحر، لكن في دستور 2022 الذي وضعه رئيس الجمهورية، تم الاقتصار على فصل وحيد في باب الجماعات المحلية نص على أن تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون. وأضاف أنه حسب نفس الدستور فإن الجهات والأقاليم يمثلها مجلس نيابي ثان، كما أن الرئيس هو المشرع للمجلس الوطني للجهات والأقاليم لأنه هو الذي سن المرسوم المتعلق بانتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والذي انطلاقا من المجالس المحلية سيصعد المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي لا أحد يعرف إلى غاية اليوم ماذا سيفعل أعضاء هذا المجلس بمن فيهم من قدموا مطالب ترشح للانتخابات المحلية والناخبين والمختصين في القانون لأن الصلاحيات التي أوكلها الدستور له محدودة للغاية.

التدبير الحر

وبين الجامعي أن الدستور في فصله 85 نص على أن يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية أي هذا المجلس الذي يعتبر من السلط العمومية للدولة سيتدخل في قرارات السلط المحلية القائمة على اللامركزية وذلك من خلال مراقبة الميزانية. وعبر الأستاذ أمين الجلاصي عن خشيته من إمكانية إلغاء مبدأ التدبير الحر من مجلة الجماعات المحلية والذي لم يقع التنصيص عليه في دستور 2022 على عكس دستور 2014 الذي أقر صراحة بمبدأ التدبير الحر للجماعات المحلية كما وضع المبادئ التي تقوم عليها أعمال الجماعات المحلية كالتشاركية والحوكمة المفتوحة وهو ما لا نجده في دستور 2022.

وتساءل محدثنا هل هو توجه نحو إضعاف الجماعات المحلية باسم وحدة الدولة؟ وذكر أن هذا المبدأ أي التدبير الحر من المفروض أنه يجعل المجلس الجهوي والمجلس البلدي يضع ميزانيته بكل استقلالية ودون تدخل من قبل الوالي كما كان عليه الحال في عهد بن علي. وأضاف أنه في عهد بن علي كانت هناك رقابة مسبقة على ميزانية المجلس البلدي واليوم هناك خشية من أن تكون هي نفس الرقابة التي قصدها الفصل 85 من الدستور أي الرقابة المسبقة التي من شأنها أن تحذف التدبير الحر وتجعل المجالس الجهوية والبلدية فاقدة للاستقلالية عند إعداد الميزانية وتنفيذها كما قد يهدد ذلك الاستقلالية الإدارية أي استقلالية اتخاذ القرار البلدي.

وأوضح الجامعي قائلا: يوجد فرق كبير بين الرقابة المسبقة على الميزانية والرقابة اللاحقة، فالرقابة المسبقة لا تضمن التدبير الحر أما الرقابة اللاحقة فهي تعني أنه بإمكان السلطة التنفيذية أو المواطن التوجه إلى محكمة المحاسبات أو الطعن لدى المحكمة الإدارية في شرعية تلك الميزانية أو في شرعية القرار البلدي حسب الحالة أي أن الرقابة اللاحقة تنفي تدخل السلطة المركزية الجهوية من إلغاء القرارات الصادرة عن الجماعات المحلية.

غياب الرؤية

وبين الأستاذ الجلاصي أنه إضافة إلى غياب الرؤية بخصوص الصلاحيات الموكولة للمجلس النيابي الثاني فإن تشتت المنظومة القانونية ذات العلاقة بهذا المجلس لا تساعد على توضيح الرؤية والمطلوب من المشرع أن يتدخل ويقول إن كانت ستتم المحافظة على مجلة الجماعات المحلية وما هي الفصول التي ستتم مراجعتها لضمان التناسق مع دستور2022 ومع مرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والمرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه. وكيف ستكون رقابة المجلس الوطني للجهات والأقاليم على الميزانية وهل ستتم المحافظة على مبدأ التدبير الحر أم سيقع التخلي عنه؟ وأضاف أن هناك من المختصين في القانون من قالوا إن مجلة الجماعات المحلية قبرت وأصبحت غير قابلة للتطبيق وبالنظر إلى دستور 2022 والمراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية فهي تحتضر.

وذكر أنه لا بد أيضا من وضع قانون جديد يضبط اختصاصات المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو تنقيح مجلة الجماعات المحلية في اتجاه التنصيص فيها على هذا المجلس والصلاحيات الموكولة له.

وتعقيبا عن استفسار آخر حول الجدوى من تركيز غرفة نيابية ثانية أجاب الجامعي أن تونس ليست دولة فيدرالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي حتى وإن تم منح استقلالية في تدبير الشؤون المحلية فلا بد من الالتزام بوحدة النظام القانوني من دستور ونصوص تشريعية فهي أعلى مرتبة من القرارات التي تصدر عن المجلس البلدي أو المجلس الجهوي.

كما أن هذه الغرفة الثانية في كل الحالات ستعود إلى مجلس نواب الشعب لأن الفصل 84 من الدستور نص على أن تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. لا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين.

وأضاف الأستاذ بالجامعة التونسية أن المجلس النيابي الثاني ليس لديه الحق في المبادرة التشريعية، ووصف صلاحياته الدستورية بالهزيلة جدا ويكاد على حد وصفه أن يكون مجلسا صوريا فهو مجعول لكي يراقب المجالس البلدية والجهوية والأقاليم إن كانت هذه الأخيرة تحترم النظام القانوني للدولة وهي دولة موحدة أم لا، ويرى محدثنا أن هذا المجلس وضع ليؤكد أن الدولة فيها مشرع واحد وسلطة تنفيذية واحدة.

رئيس لجنة القوانين الانتخابية: قريبا ننتهي من إعداد مقترح قانون ينظم العلاقة بين مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم

أكد محمد أحمد رئيس لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية أن اللجنة منكبة حاليا على إعداد مقترح قانون يتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وأضاف في تصريح لـ"الصباح" أن النظام الداخلي للبرلمان يخول للجنة المبادرة بالاشتغال على المقترحات التي تندرج في إطار اختصاصاتها، وأشار إلى أنه سيتم استكمال صياغة هذا المقترح قريبا وسيقع إيداعه بمكتب الضبط ثم ينظر فيه مكتب المجلس ويحيله بصفة رسمية على اللجنة لتتولى نقاشه والاستماع إلى الأطراف المعنية وإدخال التعديلات اللازمة والتصويت عليه وبعد ذلك تتولى عرض تقريرها على جلسة عامة.

وذكر أنه في الأثناء يمكن أن يرد على مجلس نواب الشعب مشروع قانون في نفس الغرض مقدم من قبل الوظيفة التنفيذية أو ربما مقترح تعده هيئة الانتخابات ويتبناه عدد من النواب ويقدموه في شكل مبادرة تشريعية، وأضاف أنه من الأكيد جدا أن تقوم رئاسة الجمهورية مشروع قانون يتعلق ينظم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وعندما يرد المشروع على اللجنة ستنظر فيه.

وبين محمد أحمد أنه في إطار النظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 ستعقد اللجنة يوم 8 نوفمبر جلسة لنقاش ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبالمناسبة ستنتهز فرصة حضور مجلس الهيئة للإطلاع على مقترحاتهم بخصوص القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين الغرفة النيابية الأولى والغرفة النيابية الثانية.

وكانت اللجنة عقدت يوم الأربعاء 12 جويلية 2023 بقصر باردو جلسة استماع إلى هيئة الانتخابات حول استعدادات الهيئة للاستحقاقات الانتخابية القادمة، وأكد رئيسها فاروق بوعسكر على أهمية تركيز الغرفة التشريعية الثانية وذكر أن هذا الموضوع يعد من أولويات الهيئة وبين أنه يتعين للغرض إصدار القانون الأساسي المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم إضافة إلى ضرورة تنقيح مجلة الجماعات المحلية. وفي نفس السياق وخلال اجتماع ندوة الرؤساء التي تضم مكتب البرلمان ورؤساء الكتل ورؤساء اللجان القارة ومفوضين عن النواب غير المنتمين أواسط شهر سبتمبر الماضي وحسب محضر الجلسة فقد أكد عدد هام من الأعضاء على ضرورة الاستعداد على جميع الأصعدة لتنظيم العلاقة بين الغرفتين وأشاروا إلى الفراغ التشريعي في هذا المجال فضلا عن غياب النصوص التي من شأنها تأطير صلاحيات المجالس المحلية والجماعات بمختلف أصنافها.

وتعقيبا على سؤال حول ما إذا كان مقترح القانون الذي تشتغل عليه لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية في الوقت الراهن هو من إعداد الكتل البرلمانية أوضح محمد أحمد أن نواب اللجنة هم الذين يعملون على صياغة المبادرة التشريعية، وبالتالي فهي لا تعبر عن تصورات الكتل وإنما تصورات اللجنة، وذكر أنه بعد الانتهاء من صياغته سيقع دون شك إطلاع الكتل البرلمانية على مضامينه ويمكن لكل كتلة أن تقدم التعديلات التي تراها مناسبة.

دورات تكوينية

وردا على سؤال آخر حول دعوة اللجنة إلى تنظيم دورات تكوينية لنوابها حول القانون المنتظر سنه والمنظم للعلاقة بين الغرفتين بين محمد أحمد أن لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية عقدت جلسة يوم الخميس 19 أكتوبر 2023 بحضور ممثلين عن الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب، خصصتها للتداول حول حاجيات اللجنة للتكوين، ومن بين هذه الحاجيات ما يتعلق بتأمين دورات تدريبية وملتقيات علمية حول تحديد خصائص وملامح القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على ضوء الأنظمة القانونية المقارنة وكذلك النظام الانتخابي التونسي وآليات تطبيقه، وكذلك حول كيفية سد الشغور الموجود حاليا في مجلس نواب الشعب.

وللتذكير فقد مثل سن القانون الأساسي الذي سينظم العلاقة بين الغرفتين ومراجعة المنظومة القانونية للانتخابات من أبرز المطالب التي رفعها العديد من الناشطين في المجتمع المدني لمجلس نواب الشعب حتى أن مركز كارتر وائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات والمركز التونسي المتوسطي وشبكة مراقبون وجمعية إبصار للثقافة وترفيه ذوي الإعاقة البصرية ومرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية والمنظمة التونسية للدفاع عن حق الأشخاص ذوي الإعاقة أعدت تقريرا مشتركا تضمن 88 توصية أغلبها موجهة لمجلس نواب الشعب ومن أهم التوصيات الواردة فيه مراجعة القانون الانتخابي وسن قانون ينظم عمليات سبر الآراء وإسناد الولاية الكاملة للهيكا لمراقبة وسائل الإعلام خلال الحملات الانتخابية وغيرها.

عضو بمجلس هيئة الانتخابات: تمثيلية حقيقية.. اختصاصات واضحة.. وانتخابات شفافة

مجلة الجماعات المحلية تبقى سارية المفعول في ما لا يتعارض مع ما جاء في المرسوم

تونس-الصباح

نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بينت أن الأسس التي يقوم عليها المجلس الوطني للجهات والأقاليم هي أولا دستور 25 جويلية 2022 الذي تطرق إلى هذا المجلس وكيفية تركيزه وأشار إلى أن المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم هي جماعات محلية تمارس المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون، فهذا المجلس هو غرفة نيابية ثانية والدستور نص في باب الوظيفة التشريعية على أن يفوض الشعب، صاحب السيادة، الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم،كما نص في باب الأحكام الانتقالية على أن تدخل الأحكام المتعلقة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم حيز النفاذ إثر انتخاب أعضائه بعد وضع كل النصوص القانونية ذات الصلة به.

وأضافت عبروقي أنه إضافة إلى الدستور فقد وقع إصدار المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم وستصدر القوانين الأساسية التي تنظم العلاقة بين الغرفتين وهو ما نص عليه الدستور في الفصل 86 والذي جاء فيه ما يلي "ينظم القانون العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وذكرت أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم متكون من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم، وخلافا لما ذهب إليه العديد من المختصين في القانون، ترى عضو مجلس الهيئة أن اختصاصات هذا المجلس واضحة إذ تعرض عليه وجوبا المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية ويصادق على قانون المالية ومخططات التنمية بأغلبية المطلقة لكل منه ومن مجلس نواب الشعب وتعرض عليه الاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية للموافقة عليها مع مجلس نواب الشعب، وإضافة إلى ذلك فإنه يوجد لديه اختصاص آخر وهو الطعن بعدم دستورية أحكام قانون المالية أمام المحكمة الدستورية في صورة رده. وفسرت عبروقي أنه يمكن لثلث أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الأيام الثلاثة الموالية لمصادقة مجلس نواب الشعب للمرة الثانية على مشروع قانون المالية بعد رده من قبل رئيس الجمهورية أو بعد انقضاء آجال ممارسة حق الرد دون حصوله الطعن بعدم الدستورية في أحكام قانون المالية.

وبخصوص المجالس المحلية فأشارت عبروقي القاضية التي التحقت بالهيئة في إطار سد الشغور وأدت القسم أمام رئيس الجمهورية يوم 14 سبتمبر الماضي إلى أن هذه المجالس تتنزل في إطار الجماعات المحلية، وذكرت أن مجلة الجماعات المحلية تبقى سارية المفعول في ما لا يتعارض مع ما جاء في المرسوم، فالمجلة على سبيل الذكر نصت على إحداث المجلس الأعلى للجماعات المحلية، وفي ظل تنصيص دستور 2022 على المجلس الوطني للجهات والأقاليم فإن المجلس الأعلى تم حذفه.

المجالس البلدية والمحلية

وفي علاقة باللبس الحاصل في أذهان بعض الناخبين والراغبين في الترشح والذي جعلهم لا يستطيعون التمييز بين المجالس البلدية والمجالس المحلية أشارت عضو مجلس الهيئة إلى أن اختصاصات المجالس المحلية واضحة ولا يوجد تداخل بينها وبين اختصاصات البلديات، فالمجالس البلدية تهتم بالمشاريع البلدية مثل التنوير العمومي ورفع الفضلات المنزلية والعناية بالنظافة والبيئة وتعبيد الطرقات والعناية بالأرصفة والحدائق والمنتزهات والمساحات الخضراء وتقدم الخدمات مثل التعريف بالإمضاء والنسخ المطابقة للأصل ورخص البناء والهدم وتعد أمثلة التهيئة والتخطيط العمراني، أما المجلس المحلي فيهتم بالمشاريع التنموية المحلية على مستوى المعتمدية والعمادات التابعة لها سواء كانت مشاريع اقتصادية أو اجتماعية أو تربوية وغيرها وبالتالي كل مجلس لديه صلاحيات واختصاصات خاصة به لكن هناك تنسيق بينهما.

وأكدت عبروقي أن الانتخابات المحلية تعبر عن الديمقراطية الحقيقية التي تشمل الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك بتمكين الناخب من حقه في اختيار من يمثله وليس هذا فقط بل من حقه المساءلة عبر آلية سحب الوكالة، وذلك بتقديم عريضة ممضاة من قبل عشر الناخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النائب.

وأضافت أن الانتخابات المحلية تكون حرة ومباشرة وعامة وستؤدي إلى تركيز 279 مجلسا محليا تتوزع على 2153 دائرة انتخابية وذلك لأنه تم إلغاء دائرتي جزيرة جالطة وبرج الخضراء لاستحالة إجراء انتخابات فيهما وتجرى هذه الانتخابات في دورة أولى، وإذا لم يتحصل أي مترشح على أغلبية الأصوات أي خمسين زائد واحد تجرى دورة ثانية يتقدم لها المترشحان الحائزان على أعلى عدد من الأصوات وتتم في ظرف خمسة عشر يوما من التصريح بالنتائج النهائية للدورة الأولى، وبما أن موعد التصريح بالنتائج هو 27 جانفي المقبل فإن الدورة الثانية ستقام في منتصف شهر فيفري 2024.

وبينت محدثتنا أن المجالس المحلية تتكون من أعضاء من ذوي الإعاقة يتم اختيارهم عن طريق قرعة تشرف عليها هيئة الانتخابات وهو ما يعني أن الانتخابات ستسفر عن انتخاب 2153 عضوا أما القرعة فستسفر عن اختيار 279 عضوا من ذوي الإعاقة.. وأصغر مجلس محلي حسب قولها ستركب من ستة أعضاء خمسة منهم منتخبين وواحد من ذوي الإعاقة أما أكبر مجلس محلي فسيكون عدد أعضائه في حدود 21 عضوا، وبينت أنه طبقا للمرسوم عدد 10 سالف الذكر فإن المجلس المحلي يتكون أيضا من مديري الإداريات المحلية بالمعتمدية المعنية إن وجدت دون أن يكون لهم الحق في التصويت وتتم تسميتهم بقرار من الوزير المعني كما يمكن لرئيس المجلس المحلي أن يدعو ممثلي المنظمات والأحزاب السياسية والجمعيات الناشطة في المعتمدية المعنية للمشارطة في أشغال المجلس المحلي دون أن يكون لهم الحق في التصويت.

المجالس الجهوية

وذكرت نجلاء عبروقي أنه بعد أن تقع دعوة 279 مجلسا محليا للانعقاد من قبل الولاة ستتولى هيئة الانتخابات إجراء قرعة، وستتمخض هذه العملية عن تركيز 24 مجلسا جهويا وذلك بحساب عضو عن كل مجلس محلي، وسيتداول أعضاء المجالس المحلية على العضوية بالمجالس الجهوية وكذلك على رئاسة هذه المجالس الجهوية لمدة ثلاثة أشهر وسيشرف هؤلاء على المشاريع التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والصحية في جهاتهم، وذكرت أنه في كلّ مجلس جهوي وإلى جانب الأعضاء المنتخبين سيتركب المجلس من مديري المصالح الخارجيّة للوزارات والمؤسّسات العموميّة بالولاية المعنيّة دون أن يكون لهم الحقّ في التّصويت، وتتمّ تسميتهم من قبل الوزير المعني ويمكن لرئيس المجلس الجهوي أن يدعو ممثّلي المنظّمات والأحزاب السّياسيّة والجمعيّات النّاشطة في الولاية المعنيّة للمشاركة في أشغال المجلس الجهوي دون أن يكون لهم الحقّ في التّصويت.

وقالت عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن المرحلة الموالية هي مرحلة تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبناء على التقسيم الجديد سيكون هناك خمسة أقاليم وينتخب أعضاء كلّ مجلس جهوي من بينهم ممثّلا واحدا بمجلس الإقليم وينتخبون ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وينتخب أعضاء مجلس كلّ إقليم نائبا واحدا من بينهم لتمثيل الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وفسرت أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم في النهاية سيتركب من 5 أعضاء يتم انتخابهم بمعدل عضو عن كل مجلس إقليم ومن 72 عضوا عن المجالس الجهوية وذلك بمعدل ثلاثة أعضاء عن كل مجلس جهوي وسيكون العدد الجملي لأعضائه 77 عضوا.

وبينت أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم وعلى غرار مجلس نواب الشعب ستقع دعوته للانعقاد من قبل رئيس الجمهورية في أجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية لتركيبة أعضاء المجلس وتتوقع عضو الهيئة أن الإعلان عن هذه النتائج سيكون بين شهري أفريل وماي 2024 وسيكون أعضاؤه متفرغين لمدة خمس سنوات وهم يتمتعون بالحصانة كما تنطبق عليهم آلية سحب الوكالة مثلهم مثل أعضاء مجلس نواب الشعب.

مواعيد هامة

وعن سؤال حول مدى استعداد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتنظيم الانتخابات المحلية والتي من خلالها سيقع تصعيد مجالس جهوية ومجالس أقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، بينت نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة أنه لا بد من التذكير بآجال إيداع الترشحات لانتخابات أعضاء المجالس المحلية فهي تنتهي يوم الأربعاء 1 نوفمبر 2023 على الساعة الثامنة مساء، وتبت الهيئة في الترشحات الواردة عليها في أجل أقصاه يوم الثلاثاء 7 نوفمبر 2023 ويتم الإعلام بقرارات البت وتعليق قائمات المترشحين المقبولين أوليا لعضوية المجالس المحلية بمقرات الهيئة ونشرها بموقعها الإلكتروني في أجل أقصاه يوم الأربعاء 8 نوفمبر 2023، ويتم قبول مطالب انسحاب المترشحين لانتخابات أعضاء المجالس المحلية في أجل أقصاه يوم الخميس 16 نوفمبر 2023 وتتولى الهيئة الإعلان عن قائمات المترشحين المقبولين نهائيا بعد انقضاء الطعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2023. وتنطلق حملة انتخابات أعضاء المجالس المحلية يوم السبت 2 ديسمبر 2023 وتنتهي يوم الجمعة 22 ديسمبر 2023 على الساعة منتصف الليل وتوافق فترة الصمت الانتخابي يوم السبت 23 ديسمبر 2023 وتمتد إلى حد غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية المعنية ويجرى الاقتراع يوم الأحد 24 ديسمبر 2023 ويتم الإعلان عن النتائج الأولية لانتخابات أعضاء المجالس المحلية في أجل أقصاه يوم الأربعاء 27 ديسمبر 2023. وتتولى الهيئة التصريح بالنتائج النهائية إثر انقضاء الطعون وفي أجل لا يتجاوز يوم السبت 27 جانفي 2024، وفي صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرح بها في الدورة الأولى، تنظم دورة انتخابية ثانية خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى يتقدم إليها المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى ويتم التصريح في الدورة الثانية بفوز المترشح المتحصل على أغلبية الأصوات وفي صورة التساوي في عدد الأصوات بين المترشحين يتم الإعلان عن فوز المترشح الأكبر سنا.

وأكدت نجلاء عبروقي أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقوم بالتدقيق في السجل الانتخابي بصفة دورية، وأسفرت عملية تحيين التسجيل حسب قولها عن 9106844 ناخب 49 بالمائة منهم ذكور و51 بالمائة إناث و33 بالمائة شباب، وسيكون هناك 4713 مركز اقتراع و11445 مكتب اقتراع. وذكرت أنه تم إحداث 171 مركز اقتراع جدد في العمادات التي تحتوي على أكثر من دائرة انتخابية، وستسفر الانتخابات المحلية عن انتخاب 2153 عضوا وفي نفس يوم الاقتراع ستقام قرعة لاختيار 279 عضوا من ذوي الإعاقة.

نظام الغرفتين.. نظام قديم

وقالت نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن الانتخابات المحلية ستقام لأول مرة في تونس لكن تجربة الغرفة النيابية الثانية ليست جديدة لأن تنقيح 2002 لدستور 1959 أقر ممارسة الشعب للسلطة التشريعية بواسطة مجلس النواب ومجلس المستشارين، وبينت أنه خلافا لما كان عليه مجلس المستشارين فإن الضمانة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم تكمن في كونه منتخبا، أما مجلس المستشارين فكان فيه أعضاء يتم انتخابهم عن كل ولاية على المستوى الجهوي من بين أعضاء الجماعات المحلية المنتخبين وأعضاء يتم انتخابهم على المستوى الوطني من بين الأعراف والفلاحين والأجراء، وذلك بترشيح من المنظمات المهنية، أما بقية الأعضاء فيقع تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية، وكانت مدة مجلس المستشارين ست سنوات يتم تجديد نصف الأعضاء عن طريق القرعة وبالتالي فإن آلية القرعة ليست جديدة كما أن المجالس الجهوية وردت هي أيضا في تنقيح سنة 2002 لدستور 1959.

وبينت محدثتها أن مسألة تقسيم الأقاليم هي الأخرى ليست جديدة وفسرت أن دستور 2014 أقر ذلك في باب السلطة المحلية إذ نص على أن السلطة المحلية تقوم على أساس اللامركزية، وتتجسد اللامركزية في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، يغطي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية وفق تقسيم يضبطه القانون، ويمكن أن تحدث بقانون أصناف خصوصية من الجماعات المحلية. كما نص على أن تنتخب مجالس الأقاليم من قبل أعضاء المجالس البلدية والجهوية، وعلى أن المجلس الأعلى للجماعات المحلية هيكل تمثيلي لمجالس الجماعات المحلية مقره خارج العاصمة وينظر في المسائل المتعلقة بالتنمية والتوازن بين الجهات، ويبدي الرأي في مشاريع القوانين المتعلقة بالتخطيط والميزانية والمالية المحلية. وأشارت إلى أن تركيبة هذا المجلس تم ضبطها بمقتضى مجلة الجماعات المحلية كما يلي: رئيس بلدية عن كل جهة ينتخب من قبل رؤساء البلديات بالجهة ورؤساء المجالس البلدية للأربع بلديات الأكبر من حيث عدد من السكان على أن تكون من جهات مختلفة، ورؤساء المجالس البلدية للبلديات الأربع الأضعف من حيث مؤشر التنمية على أن تكون من جهات مختلفة، ورؤساء الجهات، ورؤساء الأقاليم. وهو يختص بالنظر في المسائل المتعلقة بالتنمية والتوازن بين الجهات ويسهر على ضمان التناسق بين السياسات العمومية والمخططات والبرامج والمشاريع المحلية والوطنية ويقوم بالتنسيق مع الهيئات الدستورية والوزارات المعنية فيما يخص الشأن المحلي والتعاون الدولي اللامركزي ويدرس سبل التعاون والتنسيق بين مختلف الجماعات المحلية ويتابع برامج التكوين لفائدة المنتخبين المحليين وأعوان الجماعات المحلية، ولكن هذا المجلس لم يدخل حيز التنفيذ.

وأضافت أنه لا بد من الإشارة أيضا إلى أن وثيقة شرح أسباب مجلة الجماعات المحلية ورد فيها أن الجماعات المحلية سيقع تركيزها في انتظار تقسيم التراب التونسي إلى أقاليم على ضوء الدراسات، وباستثناء البلديات التي تم تركيزها سنة 2018 فإن مجالس الجهات ومجالس الأقاليم كانت ستتركز وذلك في انتظار التقسيم الترابي.

مجالس استشارية للتنمية

 وذكرت نجلاء عبروقي أنه جدير بالذكر أن قانون 26 جويلية 1994 المتعلق بالمجالس المحلية للتنمية أقر تركز مجالس استشارية للتنمية على مستوى كل معتمدية يرأسه المعتمد ويتكون من رؤساء البلديات والعمد وممثلين عن المصالح الجهوية للإدارات ومؤسسات الدولة، وتنظر هذه المجالس في مسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية وبالتالي فإن تونس عرفت في السابق المجالس المحلية للتنمية لكنها كانت استشارية لا تقريرية وبصلاحيات ضيقة وهي غير منتخبة بل تخضع لآلية التعيين ووضعت لإبداء الرأي في البرامج والمشاريع المحلية للتنمية وترفع للوالي تقاريرها الدورية ومقترحاتها خلافا للمجالس المحلية المنتظر تركيزها والتي تعبر عن تمثيلية حقيقية تنطلق من العمق وتغطي كافة العمادات البالغ عددها 2085 عمادة.

وأشارت عبروقي إلى أنه في إطار المهام الموكولة للهيئة وصلاحياتها باعتبارها تنظم انتخابات ديمقراطية حرة وتعددية ونزيهة وشفافة وتديرها وتشرف عليها وتراقبها وتسهر على ضمان حق الاقتراع لكل ناخب وتضبط برامج التحسيس والتثقيف الانتخابي قامت الهيئة بعقد شراكات مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والكشافة والهلال الأحمر والغرفة الفتية والمنظمات التي تعنى بذوي الإعاقة والإعلام ونظمت أكثر من 37 لقاء جهويا لتحيين التسجيل وقام أعوانها بالاتصال المباشر بمليون وسبع مائة ألف مسكن أي أنه تم مسح 45 بالمائة من جملة المساكن في البلاد وأسندت ألف اعتماد بين ملاحظين وصحفيين وخصصت دورات تكوينية لممثلي وسائل الإعلام والمجتمع المدني والمؤسسات العمومية وللمشرفين على الانتخابات وتتراوح كلفة تنظيم الانتخابات المحلية حسب تقديرها بين 40 و50 مليار.

ترشيد المال العام

وعن سؤال آخر حول كيفية مراقبة الحملة بينت عضو مجلس هيئة الانتخابات أن الهيئة ستصدر قرارا ترتيبيا يتعلق بالحملة والهيئات الفرعية ستتولى الرقابة على الحملة وكذلك الملاحظين المعتمدين وستتصدى الهيئة لكل التجاوزات، وأضافت أنه لا بد من التذكير بأنه وقع إلغاء التمويل العمومي للحملة وذلك لترشيد استعمال المال العام حسب معايير موضوعية ثابتة حفاظا على حسن توظيفه في مؤسسات الدولة. وأضافت أنه لتسهيل مهمة الراغبين في الترشح تولت الهيئة إصدار قرارات وتوجيه مذكرات للمشرفين على قبول الترشحات لتسهيل المعاملات مع المترشحين وللتعاون مع الإدارات بهدف تسهيل حصول المترشحين على الوثائق الإدارية، وبالنسبة إلى التزكيات فلا يشترط فيها التعريف بالإمضاء، كما تم منح الراغبين في الترشح مهلة لاستكمال ملفاتهم قبل 8 نوفمبر، وحتى بالنسبة إلى شهادة الإقامة فإنه في حال وجود أكثر من دائرة في العمادة فليس لزاما أن تكون الإقامة في دائرة بعينها وبينت أن التثبت من صحة التزكيات يتم يدويا وتقنيا.

جاهزية تامة

وخلصت نجلاء عبروقي إلى أن الهيئة جاهزة ماديا ولوجستيا وبشريا لانتخابات محلية ستقام لأول مرة في البلاد وهي انتخابات سيشرف عليها 46224 عونا، ونظرا لأن هناك 43 معتمدية دون خمس عمادات فقد تم إحداث دوائر انتخابية جديدة في حدود 131 دائرة جديدة لذلك قررت الهيئة إحداث 171 مركز اقتراع جديد وكل عضو سيقع انتخابه سيكون رئيسا للمجلس المحلي وعضوا بالمجلس الجهوي ورئيسا للمجلس الجهوي بالتداول لمدة ثلاثة أشهر ولأكثر من مرة خلال العهدة النيابية، وقالت إنها تؤكد على أهمية المشاركة في هذه الانتخابات لأنها تعبر عن تمثيلية حقيقية لكل العمادات والجهات وحسب خصوصية والأولوية لكل منطقة لتحقيق البرامج التنموية والتوزيع العادل للثروات الوطنية، ودعت محدثتنا كافة المواطنين والشرائح خاصة الشباب والنساء للانخراط في المسار الانتخابي وإنجاحه بهدف تركيز المؤسسات الدستورية في ظل التحديات الاقتصادية والعالمية الجديدة.

وردا على سؤال آخر حول رأيها في المخاوف من تزوير الانتخابات أجابت بعبارات قاطعة أنه من المستحيل تدليس الانتخابات لأن الهيئة مساكة بالسجل الانتخابي وتقوم دوريا بالتدقيق فيه وتولت تحيينه ولأن قائمات الناخبين مضبوطة ووقع إشهارها ولأن هناك ملاحظين وممثلين عن المترشحين وعن وسائل الإعلام وضيوف وهناك تعداد يدوي وآلي للأصوات والفرز يتم أمام أعين الحاضرين، وفضلا عن كل هذا هناك إمكانية الطعن في النتائج أمام المحكمة الإدارية ابتدائيا واستئنافيا، وأكدت أن الهيئة تضمن سلامة وشفافية المسار الانتخابي ولديها جميع الآليات اللوجستية والبشرية لإتمام الانتخابات وإنجاحها في إطار الشفافية والوضوح وباحترام القوانين وذهبت إلى أبعد من ذلك وقالت إن الشفافية مضمونة أكثر من الدول التي تدعي الديمقراطية والتي ثبت أحيانا تدليس الانتخابات فيها حتى باعتماد التصويت الالكتروني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ملفات "الصباح": الغرفة النيابية الثانية.. بين تشعب المنظومة الانتخابية.. والصلاحيات المحدودة..

 

تونس: الصباح

بعد انتخاب أعضاء الغرفة النيابية الأولى في دورة أولى يوم 17 ديسمبر 2022 ودورة ثانية يوم 29 جانفي 2023 سيتجه التونسيون من جديد يوم 24 ديسمبر المقبل لصناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء المجالس المحلية، وعلى أساس النتائج النهائية لهذه الانتخابات سيقع تصعيد مجالس جهوية ومجالس أقاليم ومن ثمة الغرفة النيابية الثانية التي نص عليها دستور 2022. وتعتبر هذه المحطة الانتخابية الأولى من نوعها في تاريخ البلاد إذ لم يسبق للتونسيين المشاركة في انتخابات لاختيار ممثليهم على مستوى العمادات التي يقطنون بها عبر اقتراع عام ومباشر على الأفراد.

ووردت الانتخابات المحلية ضمنيا في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية قيس سعيد إذ جاء فيه ما يلي: "إن السبيل للتعبير عن إرادتكم الحقيقية هو إعادة البناء من القاعدة، من المحلي إلى المركز حتى تكون القوانين والتشريعات كلها على اختلاف أصنافها ودرجاتها معبرة عن إرادتكم حاملة لآمالكم صدى لمطالبكم وتطلعاتكم متسقة مع الانفجار الثوري الذي انطلق من القرى والمعتمديات قبل أن يبلغ ذروته في المركز"..

كما تأتي الانتخابات المرتقبة في إطار استكمال خارطة الطريق السياسية للرئيس سعيد التي أعلن عنها في ديسمبر 2021 والتي انطلقت بتنظيم استشارة الكترونية خلال الفترة الممتدة بين 15 جانفي و20 مارس 2022 وتعلقت الأسئلة المعروضة صلبها بستة مجالات وهي الشأن السياسي والانتخابي والشأن الاقتصادي والمالي والشأن الاجتماعي إضافة إلى التنمية والانتقال الرقمي وكذلك الصحة وجودة الحياة وأخيرا الشأن التعليمي والثقافي.

وبلغ عدد المشاركين في الاستشارة المذكورة 534915 ومثلت نسبة من عبروا عن رغبة في اعتماد النظام الرئاسي 86 فاصل 4 بالمائة ومن يريدون نظام اقتراع على الأفراد 70 فاصل 7 بالمائة مقابل 21 فاصل 8 مع الاقتراع على القائمات، في حين بلغت نسبة من هم مع رفع الحصانة عن النائب الذي لم يعد يحظى بثقة الأغلبية قبل انتهاء المدة النيابية 92 فاصل 9 بالمائة، وبخصوص الإصلاحات التي يجب القيام بها لتطوير الحياة السياسية أجاب 60 فاصل 8 من المشاركين في الاستشارة بتعديل القانون الانتخابي و44 فاصل 4 بالمائة بتعديل مرسوم الأحزاب و38 بالمائة بتعديل الدستور و36 فاصل 5 بالمائة بوضع دستور جديد.

 فرغم أن نسبة الراغبين في تعديل دستور 2014 كانت أكبر من نسبة الداعين إلى سن دستور جديد فقد خير رئيس الجمهورية وضع دستور جديد ودعا التونسيين يوم 25 جويلية 2022 إلى استفتاء حوله، وبلغ عدد من قاموا بالتصويت 2830094 من جملة 9278541 ناخبا مسجلا وتحصلت الإجابة بنعم على 2607884 صوتا والإجابة بلا على 148723 صوتا. وأقر دستور 25 جويلية 2022 نظام الغرفتين، وبموجبه أصبحت السلطة التشريعية تسمى الوظيفة التنفيذية، ونص الفصل 56 منه على أن يفوض الشعب صاحب السيادة الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبمقتضى الدستور يتمتع كل مجلس نيابي باختصاصات حصرية كما توجد اختصاصات مشتركة بينهما وهو ما يقتضي بالضرورة سن قانون أساسي ينظم العلاقة بين المجلسين وإصداره قبل دعوة الغرفة الثانية للانعقاد.

إعداد: سعيدة بوهلال

تعديلات جوهرية.. بمراسيم رئاسية

قبل الاستفتاء على الدستور بادر رئيس الجمهورية بتنقيح القانون الانتخابي بمقتضى المرسوم عدد 34 لسنة 2022 المؤرخ في غرة جوان 2022 ثم بعد أقل من شهر من صدور الدستور في الرائد الرسمي بتاريخ 18 أوت 2022، أقر جملة من التعديلات الجوهرية على القانون الانتخابي وذلك بمقتضى المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022، ثم استبق لاحقا مجلس نواب الشعب المنتخب، وأصدر قبل فترة قصيرة من دعوة المجلس النيابي الجديد للانعقاد يوم 13 مارس 2022 المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بتنقيح وإتمام القانون الانتخابي، والمرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم.

 وعلى غرار المرسوم عدد 55 سالف الذكر، أثار المرسومان عدد 8 و10 زوبعة كبيرة وكانا محل انتقادات المختصين في القانون والناشطين في المجتمع المدني من منظمات وأحزاب سياسية خاصة وأن نشرهما تزامن مع المرسوم عدد 9 المتعلق بحل المجالس البلدية التي تم انتخابها سنة 2018 بعد مصادقة مجلس نواب الشعب على القانون الأساسي عدد 29 لسنة 2018 المؤرخ في 9 ماي 2018 والمتعلق بمجلة الجماعات المحلية، وحتى عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق ماهر الجديدي فقد كسر جدار الصمت وانتقد المرسومين عدد 8 وعدد 10 بل ذهب إلى أبعد من ذلك وقال إنه لم يقع عرضهما على مجلس الهيئة لإبداء الرأي فيهما وتبعا لتصريحاته تلك وقع إعفاؤه من مهامه "من أجل ارتكابه لخطإٍ جسيم في القيام بالواجبات المحمولة عليه حيث جاء في محضر مداولات مجلس الهيئة بتاريخ 4 جويلية 2023 أن الجديدي خرق واجب التحفّظ وواجب الحياد.

أما المنظمات المختصة في ملاحظة المسارات الانتخابية فقد دعت رئاسة الجمهورية إلى سحب المراسيم المتعلقة بالانتخابات لأنها مخالفة لدستور 2022 فهذا الدستور استثنى القانون الانتخابي من مجال المراسيم وطالبوه بفسح المجال أمام مجلس نواب الشعب المنتخب، وافتتح هذا المجلس أعماله يوم الاثنين 13 مارس 2023، وصادق على نظامه الداخلي يوم 28 أفريل وبمقتضاه تضمنت تركيبة مكتب المجلس خطة نائب مساعد للرئيس مُكلف بالعلاقة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم، كما ضبط النظام الداخلي في الفصل 88 الجلسات العامة المشتركة مع المجلس الوطني للجهات والأقاليم وحسب هذا الفصل لرئيس الجُمهورية أن يُخاطب مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم معا طبقا لأحكام الفصل 100 من الدستور. ويحدّد القانون المنظم للعلاقة بين المجلسين مقتضيات تنظيم هذه الجلسة. وحسب الفصل 116 يصادق مجلس نواب الشعب ويتخذ قراراته بأغلبية الأعضاء الحاضرين بكل من مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على أن لا تقل هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء كل مجلس للمصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية وبأغلبية الثلثين لأعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين للمصادقة على لائحة لوم ضد الحكومة. ونص الفصل 132 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب على أنه يُمكن لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين توجيه لائحة لوم ضدّ الحكومة على معنى الفصل 115 من الدستور. ولا يجوز تقديم لائحة لوم ضدّ الحكومة في الحالات المنصوص عليها بالفصلين 96 و109 من الدستور ويحدد القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مقتضيات تطبيق هذا الفصل.

 ولئن كانت الفصول السابقة مستنسخة من الدستور فإن الفصل 168 الوارد في باب الأحكام الانتقالية وإضافة إلى تنصيصه على أن يسنّ المجلس قانونا ينظّم بمقتضاه العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو نفس ما ورد في الفصل 86 من الدستور، فقد خول لمجلس نواب الشعب ممارسة صلاحيات المجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى حين إرسائه. وأثارت هذه الإضافة جدلا سياسيا ساخنا ووصف مسار 25 جويلية النظام الداخلي بالمفخخ، ولكن بالعودة إلى مداولات البرلمان يمكن الإشارة إلى أن العديد من نوابه أكدوا على ضرورة التسريع في سن القانون المنظم للعلاقة بين الغرفتين، والتعجيل بتركيز الغرفة النيابية الثانية، وطالبوا بأن يكون استكمال تركيز المؤسسات الدستورية في صدارة أولويات مجلسهم، وهناك منهم من عبر عن رغبة في مراجعة المنظومة القانونية للانتخابات برمتها.

وفي نفس السياق يرى بعض الناشطين في المجتمع المدني أنه حان الوقت لوضع المنظومة القانونية للانتخابات في تونس تحت المجهر، ودعوا المجلس النيابي إلى العمل على إصدار مجلة انتخابية جديدة تتسم بالمقروئية وتستجيب للمعايير الدولية من ناحية ومن ناحية أخرى تتلاءم مع الدستور ويتم من خلالها تلافي النقائص والثغرات والإشكاليات الموجودة على مستوى تقسيم الدوائر داخل البلاد وخراجها و إدارة الانتخابات والتسجيل والترشحات والتزكيات وطريقة الاقتراع وتمثيلية النساء والشباب والحملة الانتخابية والرقابة عليها وتمويلها والنزاعات والجرائم الانتخابية وسبر الآراء والإشهار السياسي ومشاركة الأحزاب ودور المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات والهيكا والمجتمع المدني والملاحظين المحليين والأجانب والالتزامات المحمولة على الإعلام السمعي والبصري والمكتوب والالكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها، ولكن المجلس النيابي لم يعلن رسميا عن إيداع مبادرات تشريعية أو مشاريع قوانين تهدف إلى مراجعة المنظومة القانونية للانتخابات ومجلة الجماعات المحلية أو على الأقل بغاية تنظم العلاقة بينه وبين المجلس الوطني للجهات والأقاليم والحال أن مسار انتخاب الغرفة النيابية الثانية انطلق رسميا بصدور الأمر الرئاسي عدد 588 لسنة 2023 المؤرّخ في 21 سبتمبر 2023 المتعلّق بدعوة الناخبين لانتخابات أعضاء المجالس المحلية.

ولتلافي الفراغ التشريعي الذي يمكن أن يحدث بعد الانتخابات المحلية وتركيز الغرفة النيابية الثانية أخذت اللجنة البرلمانية المختصة بالنظر في القوانين الانتخابية على عاتقها مهمة إعداد مبادرة تشريعية تتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما أكده رئيس اللجنة محمد أحمد، كما أفاد أن اللجنة طلبت تنظيم دورات تكوينية لفائدة نوابها حول المنظومة القانونية للانتخابات والعلاقة بين الغرفتين.. وهذه المنظومة يصفها العديد من المختصين في القانون ومنهم الأستاذ بالجامعة التونسية أمين الجلاصي بالمعقدة والمتشعبة ويرون أن الغرفة النيابية الثانية ستكون صورية وذلك بالنظر إلى محدودية صلاحياتها الدستورية، وهناك منهم من انتقد تقسيم الدوائر وتقسيم الأقاليم ولكن في المقابل ترى عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نجلاء عبروقي أن المنظومة القانونية لانتخاب الغرفة النيابية الثانية واضحة واختصاصات هذه الغرفة هامة وأكدت جاهزية الهيئة لتنظيم الانتخابات المحلية.

أستاذ القانون العام بالجامعة التونسية:   المجلس الوطني للجهات والأقاليم يكاد يكون صوريا

يرى أمين الجلاصي الأستاذ الجامعي في القانون العام أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم لا يختلف كثيرا عن مجلس المستشارين الذي وقع إحداثه في عهد بن علي لأنه لن يكون هو صاحب القرار الأخير. وذكر أن الصلاحيات التي يتمتع بها المجلس النيابي الأول وهو مجلس نواب الشعب ليست هي نفس الصلاحيات التي أتاحها الدستور للمجلس النيابي الثاني وهو المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وأضاف أنه إلى غاية اليوم لا يوجد قانون ينظم المجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو ما جعل الرؤية غير واضحة فحتى المختصين في القانون لا يعرفون ما هي المهام الموكولة له هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه عند العودة إلى دستور 2014 ومجلة الجماعات المحلية نجد أن السلطة المحلية تقوم على أساس اللامركزية الترابية، وتتجسد اللامركزية في جماعات محلية تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، وتتمتع الجماعات المحلية بالشخصية القانونية وبالاستقلالية الإدارية والمالية وتدير المصالح المحلية وفقا لمبدأ التدبير الحر، لكن في دستور 2022 الذي وضعه رئيس الجمهورية، تم الاقتصار على فصل وحيد في باب الجماعات المحلية نص على أن تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون. وأضاف أنه حسب نفس الدستور فإن الجهات والأقاليم يمثلها مجلس نيابي ثان، كما أن الرئيس هو المشرع للمجلس الوطني للجهات والأقاليم لأنه هو الذي سن المرسوم المتعلق بانتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والذي انطلاقا من المجالس المحلية سيصعد المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم والذي لا أحد يعرف إلى غاية اليوم ماذا سيفعل أعضاء هذا المجلس بمن فيهم من قدموا مطالب ترشح للانتخابات المحلية والناخبين والمختصين في القانون لأن الصلاحيات التي أوكلها الدستور له محدودة للغاية.

التدبير الحر

وبين الجامعي أن الدستور في فصله 85 نص على أن يمارس مجلس الجهات والأقاليم صلاحيات الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية أي هذا المجلس الذي يعتبر من السلط العمومية للدولة سيتدخل في قرارات السلط المحلية القائمة على اللامركزية وذلك من خلال مراقبة الميزانية. وعبر الأستاذ أمين الجلاصي عن خشيته من إمكانية إلغاء مبدأ التدبير الحر من مجلة الجماعات المحلية والذي لم يقع التنصيص عليه في دستور 2022 على عكس دستور 2014 الذي أقر صراحة بمبدأ التدبير الحر للجماعات المحلية كما وضع المبادئ التي تقوم عليها أعمال الجماعات المحلية كالتشاركية والحوكمة المفتوحة وهو ما لا نجده في دستور 2022.

وتساءل محدثنا هل هو توجه نحو إضعاف الجماعات المحلية باسم وحدة الدولة؟ وذكر أن هذا المبدأ أي التدبير الحر من المفروض أنه يجعل المجلس الجهوي والمجلس البلدي يضع ميزانيته بكل استقلالية ودون تدخل من قبل الوالي كما كان عليه الحال في عهد بن علي. وأضاف أنه في عهد بن علي كانت هناك رقابة مسبقة على ميزانية المجلس البلدي واليوم هناك خشية من أن تكون هي نفس الرقابة التي قصدها الفصل 85 من الدستور أي الرقابة المسبقة التي من شأنها أن تحذف التدبير الحر وتجعل المجالس الجهوية والبلدية فاقدة للاستقلالية عند إعداد الميزانية وتنفيذها كما قد يهدد ذلك الاستقلالية الإدارية أي استقلالية اتخاذ القرار البلدي.

وأوضح الجامعي قائلا: يوجد فرق كبير بين الرقابة المسبقة على الميزانية والرقابة اللاحقة، فالرقابة المسبقة لا تضمن التدبير الحر أما الرقابة اللاحقة فهي تعني أنه بإمكان السلطة التنفيذية أو المواطن التوجه إلى محكمة المحاسبات أو الطعن لدى المحكمة الإدارية في شرعية تلك الميزانية أو في شرعية القرار البلدي حسب الحالة أي أن الرقابة اللاحقة تنفي تدخل السلطة المركزية الجهوية من إلغاء القرارات الصادرة عن الجماعات المحلية.

غياب الرؤية

وبين الأستاذ الجلاصي أنه إضافة إلى غياب الرؤية بخصوص الصلاحيات الموكولة للمجلس النيابي الثاني فإن تشتت المنظومة القانونية ذات العلاقة بهذا المجلس لا تساعد على توضيح الرؤية والمطلوب من المشرع أن يتدخل ويقول إن كانت ستتم المحافظة على مجلة الجماعات المحلية وما هي الفصول التي ستتم مراجعتها لضمان التناسق مع دستور2022 ومع مرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والمرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرخ في 8 مارس 2023 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه. وكيف ستكون رقابة المجلس الوطني للجهات والأقاليم على الميزانية وهل ستتم المحافظة على مبدأ التدبير الحر أم سيقع التخلي عنه؟ وأضاف أن هناك من المختصين في القانون من قالوا إن مجلة الجماعات المحلية قبرت وأصبحت غير قابلة للتطبيق وبالنظر إلى دستور 2022 والمراسيم التي أصدرها رئيس الجمهورية فهي تحتضر.

وذكر أنه لا بد أيضا من وضع قانون جديد يضبط اختصاصات المجلس الوطني للجهات والأقاليم أو تنقيح مجلة الجماعات المحلية في اتجاه التنصيص فيها على هذا المجلس والصلاحيات الموكولة له.

وتعقيبا عن استفسار آخر حول الجدوى من تركيز غرفة نيابية ثانية أجاب الجامعي أن تونس ليست دولة فيدرالية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي حتى وإن تم منح استقلالية في تدبير الشؤون المحلية فلا بد من الالتزام بوحدة النظام القانوني من دستور ونصوص تشريعية فهي أعلى مرتبة من القرارات التي تصدر عن المجلس البلدي أو المجلس الجهوي.

كما أن هذه الغرفة الثانية في كل الحالات ستعود إلى مجلس نواب الشعب لأن الفصل 84 من الدستور نص على أن تعرض وجوبا على المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية لضمان التوازن بين الجهات والأقاليم. لا يمكن المصادقة على قانون الماليّة ومخططات التنمية إلا بالأغلبية المطلقة لكل من المجلسين.

وأضاف الأستاذ بالجامعة التونسية أن المجلس النيابي الثاني ليس لديه الحق في المبادرة التشريعية، ووصف صلاحياته الدستورية بالهزيلة جدا ويكاد على حد وصفه أن يكون مجلسا صوريا فهو مجعول لكي يراقب المجالس البلدية والجهوية والأقاليم إن كانت هذه الأخيرة تحترم النظام القانوني للدولة وهي دولة موحدة أم لا، ويرى محدثنا أن هذا المجلس وضع ليؤكد أن الدولة فيها مشرع واحد وسلطة تنفيذية واحدة.

رئيس لجنة القوانين الانتخابية: قريبا ننتهي من إعداد مقترح قانون ينظم العلاقة بين مجلس النواب ومجلس الجهات والأقاليم

أكد محمد أحمد رئيس لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية أن اللجنة منكبة حاليا على إعداد مقترح قانون يتعلق بتنظيم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وأضاف في تصريح لـ"الصباح" أن النظام الداخلي للبرلمان يخول للجنة المبادرة بالاشتغال على المقترحات التي تندرج في إطار اختصاصاتها، وأشار إلى أنه سيتم استكمال صياغة هذا المقترح قريبا وسيقع إيداعه بمكتب الضبط ثم ينظر فيه مكتب المجلس ويحيله بصفة رسمية على اللجنة لتتولى نقاشه والاستماع إلى الأطراف المعنية وإدخال التعديلات اللازمة والتصويت عليه وبعد ذلك تتولى عرض تقريرها على جلسة عامة.

وذكر أنه في الأثناء يمكن أن يرد على مجلس نواب الشعب مشروع قانون في نفس الغرض مقدم من قبل الوظيفة التنفيذية أو ربما مقترح تعده هيئة الانتخابات ويتبناه عدد من النواب ويقدموه في شكل مبادرة تشريعية، وأضاف أنه من الأكيد جدا أن تقوم رئاسة الجمهورية مشروع قانون يتعلق ينظم العلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم وعندما يرد المشروع على اللجنة ستنظر فيه.

وبين محمد أحمد أنه في إطار النظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 ستعقد اللجنة يوم 8 نوفمبر جلسة لنقاش ميزانية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبالمناسبة ستنتهز فرصة حضور مجلس الهيئة للإطلاع على مقترحاتهم بخصوص القانون المتعلق بتنظيم العلاقة بين الغرفة النيابية الأولى والغرفة النيابية الثانية.

وكانت اللجنة عقدت يوم الأربعاء 12 جويلية 2023 بقصر باردو جلسة استماع إلى هيئة الانتخابات حول استعدادات الهيئة للاستحقاقات الانتخابية القادمة، وأكد رئيسها فاروق بوعسكر على أهمية تركيز الغرفة التشريعية الثانية وذكر أن هذا الموضوع يعد من أولويات الهيئة وبين أنه يتعين للغرض إصدار القانون الأساسي المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم إضافة إلى ضرورة تنقيح مجلة الجماعات المحلية. وفي نفس السياق وخلال اجتماع ندوة الرؤساء التي تضم مكتب البرلمان ورؤساء الكتل ورؤساء اللجان القارة ومفوضين عن النواب غير المنتمين أواسط شهر سبتمبر الماضي وحسب محضر الجلسة فقد أكد عدد هام من الأعضاء على ضرورة الاستعداد على جميع الأصعدة لتنظيم العلاقة بين الغرفتين وأشاروا إلى الفراغ التشريعي في هذا المجال فضلا عن غياب النصوص التي من شأنها تأطير صلاحيات المجالس المحلية والجماعات بمختلف أصنافها.

وتعقيبا على سؤال حول ما إذا كان مقترح القانون الذي تشتغل عليه لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية في الوقت الراهن هو من إعداد الكتل البرلمانية أوضح محمد أحمد أن نواب اللجنة هم الذين يعملون على صياغة المبادرة التشريعية، وبالتالي فهي لا تعبر عن تصورات الكتل وإنما تصورات اللجنة، وذكر أنه بعد الانتهاء من صياغته سيقع دون شك إطلاع الكتل البرلمانية على مضامينه ويمكن لكل كتلة أن تقدم التعديلات التي تراها مناسبة.

دورات تكوينية

وردا على سؤال آخر حول دعوة اللجنة إلى تنظيم دورات تكوينية لنوابها حول القانون المنتظر سنه والمنظم للعلاقة بين الغرفتين بين محمد أحمد أن لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة الانتخابية عقدت جلسة يوم الخميس 19 أكتوبر 2023 بحضور ممثلين عن الأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب، خصصتها للتداول حول حاجيات اللجنة للتكوين، ومن بين هذه الحاجيات ما يتعلق بتأمين دورات تدريبية وملتقيات علمية حول تحديد خصائص وملامح القانون المنظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم على ضوء الأنظمة القانونية المقارنة وكذلك النظام الانتخابي التونسي وآليات تطبيقه، وكذلك حول كيفية سد الشغور الموجود حاليا في مجلس نواب الشعب.

وللتذكير فقد مثل سن القانون الأساسي الذي سينظم العلاقة بين الغرفتين ومراجعة المنظومة القانونية للانتخابات من أبرز المطالب التي رفعها العديد من الناشطين في المجتمع المدني لمجلس نواب الشعب حتى أن مركز كارتر وائتلاف أوفياء للديمقراطية ونزاهة الانتخابات والمركز التونسي المتوسطي وشبكة مراقبون وجمعية إبصار للثقافة وترفيه ذوي الإعاقة البصرية ومرصد شاهد لمراقبة الانتخابات ودعم التحولات الديمقراطية والمنظمة التونسية للدفاع عن حق الأشخاص ذوي الإعاقة أعدت تقريرا مشتركا تضمن 88 توصية أغلبها موجهة لمجلس نواب الشعب ومن أهم التوصيات الواردة فيه مراجعة القانون الانتخابي وسن قانون ينظم عمليات سبر الآراء وإسناد الولاية الكاملة للهيكا لمراقبة وسائل الإعلام خلال الحملات الانتخابية وغيرها.

عضو بمجلس هيئة الانتخابات: تمثيلية حقيقية.. اختصاصات واضحة.. وانتخابات شفافة

مجلة الجماعات المحلية تبقى سارية المفعول في ما لا يتعارض مع ما جاء في المرسوم

تونس-الصباح

نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بينت أن الأسس التي يقوم عليها المجلس الوطني للجهات والأقاليم هي أولا دستور 25 جويلية 2022 الذي تطرق إلى هذا المجلس وكيفية تركيزه وأشار إلى أن المجالس الجهوية ومجالس الأقاليم هي جماعات محلية تمارس المصالح المحلية والجهوية حسب ما يضبطه القانون، فهذا المجلس هو غرفة نيابية ثانية والدستور نص في باب الوظيفة التشريعية على أن يفوض الشعب، صاحب السيادة، الوظيفة التشريعية لمجلس نيابي أول يسمى مجلس نواب الشعب ولمجلس نيابي ثان يسمى المجلس الوطني للجهات والأقاليم،كما نص في باب الأحكام الانتقالية على أن تدخل الأحكام المتعلقة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم حيز النفاذ إثر انتخاب أعضائه بعد وضع كل النصوص القانونية ذات الصلة به.

وأضافت عبروقي أنه إضافة إلى الدستور فقد وقع إصدار المرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم وستصدر القوانين الأساسية التي تنظم العلاقة بين الغرفتين وهو ما نص عليه الدستور في الفصل 86 والذي جاء فيه ما يلي "ينظم القانون العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم".

وذكرت أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم متكون من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم، وخلافا لما ذهب إليه العديد من المختصين في القانون، ترى عضو مجلس الهيئة أن اختصاصات هذا المجلس واضحة إذ تعرض عليه وجوبا المشاريع المتعلقة بميزانية الدولة ومخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية ويصادق على قانون المالية ومخططات التنمية بأغلبية المطلقة لكل منه ومن مجلس نواب الشعب وتعرض عليه الاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية للموافقة عليها مع مجلس نواب الشعب، وإضافة إلى ذلك فإنه يوجد لديه اختصاص آخر وهو الطعن بعدم دستورية أحكام قانون المالية أمام المحكمة الدستورية في صورة رده. وفسرت عبروقي أنه يمكن لثلث أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم خلال الأيام الثلاثة الموالية لمصادقة مجلس نواب الشعب للمرة الثانية على مشروع قانون المالية بعد رده من قبل رئيس الجمهورية أو بعد انقضاء آجال ممارسة حق الرد دون حصوله الطعن بعدم الدستورية في أحكام قانون المالية.

وبخصوص المجالس المحلية فأشارت عبروقي القاضية التي التحقت بالهيئة في إطار سد الشغور وأدت القسم أمام رئيس الجمهورية يوم 14 سبتمبر الماضي إلى أن هذه المجالس تتنزل في إطار الجماعات المحلية، وذكرت أن مجلة الجماعات المحلية تبقى سارية المفعول في ما لا يتعارض مع ما جاء في المرسوم، فالمجلة على سبيل الذكر نصت على إحداث المجلس الأعلى للجماعات المحلية، وفي ظل تنصيص دستور 2022 على المجلس الوطني للجهات والأقاليم فإن المجلس الأعلى تم حذفه.

المجالس البلدية والمحلية

وفي علاقة باللبس الحاصل في أذهان بعض الناخبين والراغبين في الترشح والذي جعلهم لا يستطيعون التمييز بين المجالس البلدية والمجالس المحلية أشارت عضو مجلس الهيئة إلى أن اختصاصات المجالس المحلية واضحة ولا يوجد تداخل بينها وبين اختصاصات البلديات، فالمجالس البلدية تهتم بالمشاريع البلدية مثل التنوير العمومي ورفع الفضلات المنزلية والعناية بالنظافة والبيئة وتعبيد الطرقات والعناية بالأرصفة والحدائق والمنتزهات والمساحات الخضراء وتقدم الخدمات مثل التعريف بالإمضاء والنسخ المطابقة للأصل ورخص البناء والهدم وتعد أمثلة التهيئة والتخطيط العمراني، أما المجلس المحلي فيهتم بالمشاريع التنموية المحلية على مستوى المعتمدية والعمادات التابعة لها سواء كانت مشاريع اقتصادية أو اجتماعية أو تربوية وغيرها وبالتالي كل مجلس لديه صلاحيات واختصاصات خاصة به لكن هناك تنسيق بينهما.

وأكدت عبروقي أن الانتخابات المحلية تعبر عن الديمقراطية الحقيقية التي تشمل الديمقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك بتمكين الناخب من حقه في اختيار من يمثله وليس هذا فقط بل من حقه المساءلة عبر آلية سحب الوكالة، وذلك بتقديم عريضة ممضاة من قبل عشر الناخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النائب.

وأضافت أن الانتخابات المحلية تكون حرة ومباشرة وعامة وستؤدي إلى تركيز 279 مجلسا محليا تتوزع على 2153 دائرة انتخابية وذلك لأنه تم إلغاء دائرتي جزيرة جالطة وبرج الخضراء لاستحالة إجراء انتخابات فيهما وتجرى هذه الانتخابات في دورة أولى، وإذا لم يتحصل أي مترشح على أغلبية الأصوات أي خمسين زائد واحد تجرى دورة ثانية يتقدم لها المترشحان الحائزان على أعلى عدد من الأصوات وتتم في ظرف خمسة عشر يوما من التصريح بالنتائج النهائية للدورة الأولى، وبما أن موعد التصريح بالنتائج هو 27 جانفي المقبل فإن الدورة الثانية ستقام في منتصف شهر فيفري 2024.

وبينت محدثتنا أن المجالس المحلية تتكون من أعضاء من ذوي الإعاقة يتم اختيارهم عن طريق قرعة تشرف عليها هيئة الانتخابات وهو ما يعني أن الانتخابات ستسفر عن انتخاب 2153 عضوا أما القرعة فستسفر عن اختيار 279 عضوا من ذوي الإعاقة.. وأصغر مجلس محلي حسب قولها ستركب من ستة أعضاء خمسة منهم منتخبين وواحد من ذوي الإعاقة أما أكبر مجلس محلي فسيكون عدد أعضائه في حدود 21 عضوا، وبينت أنه طبقا للمرسوم عدد 10 سالف الذكر فإن المجلس المحلي يتكون أيضا من مديري الإداريات المحلية بالمعتمدية المعنية إن وجدت دون أن يكون لهم الحق في التصويت وتتم تسميتهم بقرار من الوزير المعني كما يمكن لرئيس المجلس المحلي أن يدعو ممثلي المنظمات والأحزاب السياسية والجمعيات الناشطة في المعتمدية المعنية للمشارطة في أشغال المجلس المحلي دون أن يكون لهم الحق في التصويت.

المجالس الجهوية

وذكرت نجلاء عبروقي أنه بعد أن تقع دعوة 279 مجلسا محليا للانعقاد من قبل الولاة ستتولى هيئة الانتخابات إجراء قرعة، وستتمخض هذه العملية عن تركيز 24 مجلسا جهويا وذلك بحساب عضو عن كل مجلس محلي، وسيتداول أعضاء المجالس المحلية على العضوية بالمجالس الجهوية وكذلك على رئاسة هذه المجالس الجهوية لمدة ثلاثة أشهر وسيشرف هؤلاء على المشاريع التنموية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية والصحية في جهاتهم، وذكرت أنه في كلّ مجلس جهوي وإلى جانب الأعضاء المنتخبين سيتركب المجلس من مديري المصالح الخارجيّة للوزارات والمؤسّسات العموميّة بالولاية المعنيّة دون أن يكون لهم الحقّ في التّصويت، وتتمّ تسميتهم من قبل الوزير المعني ويمكن لرئيس المجلس الجهوي أن يدعو ممثّلي المنظّمات والأحزاب السّياسيّة والجمعيّات النّاشطة في الولاية المعنيّة للمشاركة في أشغال المجلس الجهوي دون أن يكون لهم الحقّ في التّصويت.

وقالت عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن المرحلة الموالية هي مرحلة تركيز المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وبناء على التقسيم الجديد سيكون هناك خمسة أقاليم وينتخب أعضاء كلّ مجلس جهوي من بينهم ممثّلا واحدا بمجلس الإقليم وينتخبون ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وينتخب أعضاء مجلس كلّ إقليم نائبا واحدا من بينهم لتمثيل الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم، وفسرت أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم في النهاية سيتركب من 5 أعضاء يتم انتخابهم بمعدل عضو عن كل مجلس إقليم ومن 72 عضوا عن المجالس الجهوية وذلك بمعدل ثلاثة أعضاء عن كل مجلس جهوي وسيكون العدد الجملي لأعضائه 77 عضوا.

وبينت أن المجلس الوطني للجهات والأقاليم وعلى غرار مجلس نواب الشعب ستقع دعوته للانعقاد من قبل رئيس الجمهورية في أجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ الإعلان عن النتائج النهائية لتركيبة أعضاء المجلس وتتوقع عضو الهيئة أن الإعلان عن هذه النتائج سيكون بين شهري أفريل وماي 2024 وسيكون أعضاؤه متفرغين لمدة خمس سنوات وهم يتمتعون بالحصانة كما تنطبق عليهم آلية سحب الوكالة مثلهم مثل أعضاء مجلس نواب الشعب.

مواعيد هامة

وعن سؤال حول مدى استعداد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لتنظيم الانتخابات المحلية والتي من خلالها سيقع تصعيد مجالس جهوية ومجالس أقاليم فالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، بينت نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة أنه لا بد من التذكير بآجال إيداع الترشحات لانتخابات أعضاء المجالس المحلية فهي تنتهي يوم الأربعاء 1 نوفمبر 2023 على الساعة الثامنة مساء، وتبت الهيئة في الترشحات الواردة عليها في أجل أقصاه يوم الثلاثاء 7 نوفمبر 2023 ويتم الإعلام بقرارات البت وتعليق قائمات المترشحين المقبولين أوليا لعضوية المجالس المحلية بمقرات الهيئة ونشرها بموقعها الإلكتروني في أجل أقصاه يوم الأربعاء 8 نوفمبر 2023، ويتم قبول مطالب انسحاب المترشحين لانتخابات أعضاء المجالس المحلية في أجل أقصاه يوم الخميس 16 نوفمبر 2023 وتتولى الهيئة الإعلان عن قائمات المترشحين المقبولين نهائيا بعد انقضاء الطعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2023. وتنطلق حملة انتخابات أعضاء المجالس المحلية يوم السبت 2 ديسمبر 2023 وتنتهي يوم الجمعة 22 ديسمبر 2023 على الساعة منتصف الليل وتوافق فترة الصمت الانتخابي يوم السبت 23 ديسمبر 2023 وتمتد إلى حد غلق آخر مكتب اقتراع بالدائرة الانتخابية المعنية ويجرى الاقتراع يوم الأحد 24 ديسمبر 2023 ويتم الإعلان عن النتائج الأولية لانتخابات أعضاء المجالس المحلية في أجل أقصاه يوم الأربعاء 27 ديسمبر 2023. وتتولى الهيئة التصريح بالنتائج النهائية إثر انقضاء الطعون وفي أجل لا يتجاوز يوم السبت 27 جانفي 2024، وفي صورة عدم حصول أي من المترشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات المصرح بها في الدورة الأولى، تنظم دورة انتخابية ثانية خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن النتائج النهائية للدورة الأولى يتقدم إليها المترشحان المحرزان على أكثر عدد من الأصوات في الدورة الأولى ويتم التصريح في الدورة الثانية بفوز المترشح المتحصل على أغلبية الأصوات وفي صورة التساوي في عدد الأصوات بين المترشحين يتم الإعلان عن فوز المترشح الأكبر سنا.

وأكدت نجلاء عبروقي أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقوم بالتدقيق في السجل الانتخابي بصفة دورية، وأسفرت عملية تحيين التسجيل حسب قولها عن 9106844 ناخب 49 بالمائة منهم ذكور و51 بالمائة إناث و33 بالمائة شباب، وسيكون هناك 4713 مركز اقتراع و11445 مكتب اقتراع. وذكرت أنه تم إحداث 171 مركز اقتراع جدد في العمادات التي تحتوي على أكثر من دائرة انتخابية، وستسفر الانتخابات المحلية عن انتخاب 2153 عضوا وفي نفس يوم الاقتراع ستقام قرعة لاختيار 279 عضوا من ذوي الإعاقة.

نظام الغرفتين.. نظام قديم

وقالت نجلاء عبروقي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إن الانتخابات المحلية ستقام لأول مرة في تونس لكن تجربة الغرفة النيابية الثانية ليست جديدة لأن تنقيح 2002 لدستور 1959 أقر ممارسة الشعب للسلطة التشريعية بواسطة مجلس النواب ومجلس المستشارين، وبينت أنه خلافا لما كان عليه مجلس المستشارين فإن الضمانة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم تكمن في كونه منتخبا، أما مجلس المستشارين فكان فيه أعضاء يتم انتخابهم عن كل ولاية على المستوى الجهوي من بين أعضاء الجماعات المحلية المنتخبين وأعضاء يتم انتخابهم على المستوى الوطني من بين الأعراف والفلاحين والأجراء، وذلك بترشيح من المنظمات المهنية، أما بقية الأعضاء فيقع تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية من بين الشخصيات والكفاءات الوطنية، وكانت مدة مجلس المستشارين ست سنوات يتم تجديد نصف الأعضاء عن طريق القرعة وبالتالي فإن آلية القرعة ليست جديدة كما أن المجالس الجهوية وردت هي أيضا في تنقيح سنة 2002 لدستور 1959.

وبينت محدثتها أن مسألة تقسيم الأقاليم هي الأخرى ليست جديدة وفسرت أن دستور 2014 أقر ذلك في باب السلطة المحلية إذ نص على أن السلطة المحلية تقوم على أساس اللامركزية، وتتجسد اللامركزية في جماعات محلية، تتكون من بلديات وجهات وأقاليم، يغطي كل صنف منها كامل تراب الجمهورية وفق تقسيم يضبطه القانون، ويمكن أن تحدث بقانون أصناف خصوصية من الجماعات المحلية. كما نص على أن تنتخب مجالس الأقاليم من قبل أعضاء المجالس البلدية والجهوية، وعلى أن المجلس الأعلى للجماعات المحلية هيكل تمثيلي لمجالس الجماعات المحلية مقره خارج العاصمة وينظر في المسائل المتعلقة بالتنمية والتوازن بين الجهات، ويبدي الرأي في مشاريع القوانين المتعلقة بالتخطيط والميزانية والمالية المحلية. وأشارت إلى أن تركيبة هذا المجلس تم ضبطها بمقتضى مجلة الجماعات المحلية كما يلي: رئيس بلدية عن كل جهة ينتخب من قبل رؤساء البلديات بالجهة ورؤساء المجالس البلدية للأربع بلديات الأكبر من حيث عدد من السكان على أن تكون من جهات مختلفة، ورؤساء المجالس البلدية للبلديات الأربع الأضعف من حيث مؤشر التنمية على أن تكون من جهات مختلفة، ورؤساء الجهات، ورؤساء الأقاليم. وهو يختص بالنظر في المسائل المتعلقة بالتنمية والتوازن بين الجهات ويسهر على ضمان التناسق بين السياسات العمومية والمخططات والبرامج والمشاريع المحلية والوطنية ويقوم بالتنسيق مع الهيئات الدستورية والوزارات المعنية فيما يخص الشأن المحلي والتعاون الدولي اللامركزي ويدرس سبل التعاون والتنسيق بين مختلف الجماعات المحلية ويتابع برامج التكوين لفائدة المنتخبين المحليين وأعوان الجماعات المحلية، ولكن هذا المجلس لم يدخل حيز التنفيذ.

وأضافت أنه لا بد من الإشارة أيضا إلى أن وثيقة شرح أسباب مجلة الجماعات المحلية ورد فيها أن الجماعات المحلية سيقع تركيزها في انتظار تقسيم التراب التونسي إلى أقاليم على ضوء الدراسات، وباستثناء البلديات التي تم تركيزها سنة 2018 فإن مجالس الجهات ومجالس الأقاليم كانت ستتركز وذلك في انتظار التقسيم الترابي.

مجالس استشارية للتنمية

 وذكرت نجلاء عبروقي أنه جدير بالذكر أن قانون 26 جويلية 1994 المتعلق بالمجالس المحلية للتنمية أقر تركز مجالس استشارية للتنمية على مستوى كل معتمدية يرأسه المعتمد ويتكون من رؤساء البلديات والعمد وممثلين عن المصالح الجهوية للإدارات ومؤسسات الدولة، وتنظر هذه المجالس في مسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية وبالتالي فإن تونس عرفت في السابق المجالس المحلية للتنمية لكنها كانت استشارية لا تقريرية وبصلاحيات ضيقة وهي غير منتخبة بل تخضع لآلية التعيين ووضعت لإبداء الرأي في البرامج والمشاريع المحلية للتنمية وترفع للوالي تقاريرها الدورية ومقترحاتها خلافا للمجالس المحلية المنتظر تركيزها والتي تعبر عن تمثيلية حقيقية تنطلق من العمق وتغطي كافة العمادات البالغ عددها 2085 عمادة.

وأشارت عبروقي إلى أنه في إطار المهام الموكولة للهيئة وصلاحياتها باعتبارها تنظم انتخابات ديمقراطية حرة وتعددية ونزيهة وشفافة وتديرها وتشرف عليها وتراقبها وتسهر على ضمان حق الاقتراع لكل ناخب وتضبط برامج التحسيس والتثقيف الانتخابي قامت الهيئة بعقد شراكات مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد الوطني للمرأة التونسية والكشافة والهلال الأحمر والغرفة الفتية والمنظمات التي تعنى بذوي الإعاقة والإعلام ونظمت أكثر من 37 لقاء جهويا لتحيين التسجيل وقام أعوانها بالاتصال المباشر بمليون وسبع مائة ألف مسكن أي أنه تم مسح 45 بالمائة من جملة المساكن في البلاد وأسندت ألف اعتماد بين ملاحظين وصحفيين وخصصت دورات تكوينية لممثلي وسائل الإعلام والمجتمع المدني والمؤسسات العمومية وللمشرفين على الانتخابات وتتراوح كلفة تنظيم الانتخابات المحلية حسب تقديرها بين 40 و50 مليار.

ترشيد المال العام

وعن سؤال آخر حول كيفية مراقبة الحملة بينت عضو مجلس هيئة الانتخابات أن الهيئة ستصدر قرارا ترتيبيا يتعلق بالحملة والهيئات الفرعية ستتولى الرقابة على الحملة وكذلك الملاحظين المعتمدين وستتصدى الهيئة لكل التجاوزات، وأضافت أنه لا بد من التذكير بأنه وقع إلغاء التمويل العمومي للحملة وذلك لترشيد استعمال المال العام حسب معايير موضوعية ثابتة حفاظا على حسن توظيفه في مؤسسات الدولة. وأضافت أنه لتسهيل مهمة الراغبين في الترشح تولت الهيئة إصدار قرارات وتوجيه مذكرات للمشرفين على قبول الترشحات لتسهيل المعاملات مع المترشحين وللتعاون مع الإدارات بهدف تسهيل حصول المترشحين على الوثائق الإدارية، وبالنسبة إلى التزكيات فلا يشترط فيها التعريف بالإمضاء، كما تم منح الراغبين في الترشح مهلة لاستكمال ملفاتهم قبل 8 نوفمبر، وحتى بالنسبة إلى شهادة الإقامة فإنه في حال وجود أكثر من دائرة في العمادة فليس لزاما أن تكون الإقامة في دائرة بعينها وبينت أن التثبت من صحة التزكيات يتم يدويا وتقنيا.

جاهزية تامة

وخلصت نجلاء عبروقي إلى أن الهيئة جاهزة ماديا ولوجستيا وبشريا لانتخابات محلية ستقام لأول مرة في البلاد وهي انتخابات سيشرف عليها 46224 عونا، ونظرا لأن هناك 43 معتمدية دون خمس عمادات فقد تم إحداث دوائر انتخابية جديدة في حدود 131 دائرة جديدة لذلك قررت الهيئة إحداث 171 مركز اقتراع جديد وكل عضو سيقع انتخابه سيكون رئيسا للمجلس المحلي وعضوا بالمجلس الجهوي ورئيسا للمجلس الجهوي بالتداول لمدة ثلاثة أشهر ولأكثر من مرة خلال العهدة النيابية، وقالت إنها تؤكد على أهمية المشاركة في هذه الانتخابات لأنها تعبر عن تمثيلية حقيقية لكل العمادات والجهات وحسب خصوصية والأولوية لكل منطقة لتحقيق البرامج التنموية والتوزيع العادل للثروات الوطنية، ودعت محدثتنا كافة المواطنين والشرائح خاصة الشباب والنساء للانخراط في المسار الانتخابي وإنجاحه بهدف تركيز المؤسسات الدستورية في ظل التحديات الاقتصادية والعالمية الجديدة.

وردا على سؤال آخر حول رأيها في المخاوف من تزوير الانتخابات أجابت بعبارات قاطعة أنه من المستحيل تدليس الانتخابات لأن الهيئة مساكة بالسجل الانتخابي وتقوم دوريا بالتدقيق فيه وتولت تحيينه ولأن قائمات الناخبين مضبوطة ووقع إشهارها ولأن هناك ملاحظين وممثلين عن المترشحين وعن وسائل الإعلام وضيوف وهناك تعداد يدوي وآلي للأصوات والفرز يتم أمام أعين الحاضرين، وفضلا عن كل هذا هناك إمكانية الطعن في النتائج أمام المحكمة الإدارية ابتدائيا واستئنافيا، وأكدت أن الهيئة تضمن سلامة وشفافية المسار الانتخابي ولديها جميع الآليات اللوجستية والبشرية لإتمام الانتخابات وإنجاحها في إطار الشفافية والوضوح وباحترام القوانين وذهبت إلى أبعد من ذلك وقالت إن الشفافية مضمونة أكثر من الدول التي تدعي الديمقراطية والتي ثبت أحيانا تدليس الانتخابات فيها حتى باعتماد التصويت الالكتروني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews