إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في جلسة عامة برلمانية.. دعوة الحكومة إلى منح الأولوية للفلاحة والموارد المائية

 

ـ المصادقة على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2023

تونس-الصباح

قبل الانطلاق فعليا في دراسة مشروع ميزانية الدولة والإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2024 صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو برئاسة إبراهيم بودربالة وبحضور سهام البوغديري وزيرة المالية والمكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والتخطيط على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2023 بموافقة 131 صوت و3 احتفاظ و3 رفض.

وبالمناسبة جدد النواب التعبير عن مساندتهم للشعب الفلسطيني وأبدوا تمسكهم بشدة بمقترح تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما أجمعوا على دعوة الحكومة إلى تقديم مشاريع قوانين مالية تقوم على فرضيات واقعية ومعطيات دقيقة تجنبها اللجوء مستقبلا إلى تقديم ميزانيات تعديلية، وطالبوها بمنح الأولوية للقطاع الفلاحة والموارد المائية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتقليص من اللجوء للتداين الخارجي، وبالعمل على إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة المهددة بالإفلاس، وهناك منهم من تساءل متى سترسل إليهم وزارة المالية مشاريع قوانين ثورية تساعد على دفع الاستثمار والتنمية والعدالة الجبائية، وتحدثوا عن الفساد في صناديق الدولة وطالبوا بحسن التصرف في مواردها واستفسروا عن وضعية المؤسسات المصادرة ومدى مساهمتها في توفير موارد للميزانية.

عصام شوشان رئيس لجنة المالية والميزانية قال إن هناك عوامل داخلية وخارجية أثرت على المداخيل التي توقعت وزارة المالية تحقيقها سنة 2023 لكنها لم تتمكن من ذلك كما أن النفقات ارتفعت مقارنة بالتوقعات خاصة نفقات الدعم وبالتالي كان لا بد من تمرير قانون مالية تعديلي للمحافظة على توازن الميزانية، ولاحظ أن وزارة المالية توقعت نسبة نمو قدرها واحد فاصل ثمانية بالمائة لكن النسبة التي تم تحقيقها هي في حدود صفر فاصل تسعة بالمائة فقط وهو ما يشكل خطرا كبيرا على حد وصفه وذكر أنه في المقابل ميزانية الدولة زادت بنسبة واحد فاصل تسعة بالمائة.. وأضاف شوشان أنه من المفروض أن لا يقع بناء فرضيات بمثل هذه الكيفية ودعا وزارة المالية مستقبلا إلى وضع فرضيات واقعية وأرقام دقيقة جدا ولفت انتباهها إلى أن الفرضيات التي قامت عليها ميزانية 2023 هي تقريبا نفس الفرضيات التي بنيت عليها ميزانية السنة القادمة والحال أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 فيه غياب للاستثمار. وطالب رئيس اللجنة الحكومة بمصارحة الشعب بأن الوضع الاقتصادي صعب وبأنه لن يقع التمكن من تحقيق نسبة نمو أكبر من واحد فاصل خمسة أو فاصل ستة بالمائة وبأنه يوجد اتجاه للتعويل على الموارد الذاتية والتقليص من اللجوء إلى التداين الخارجي..

عجز الميزانية

واستنادا إلى التقرير المعروض على الجلسة العامة والوارد في 35 صفحة والذي تلاه مقرر اللجنة عصام البحري يمكن الإشارة إلى أن وزيرة المالية أفادت النواب أن إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2023 تم في ظرف استثنائي تميز بوضعية اقتصادية عالمية صعبة ناجمة عن تواصل تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية مما أدى إلى تراجع نسب النمو العالمية إضافة إلى العوامل المناخية الداخلية وهو ما انعكس سلبا على تنفيذ ميزانية 2023. وأكدت لهم أن الوضع الاقتصادي الوطني رغم العوامل الداخلية والخارجية، تميز بتطور نمو الناتج المحلي الإجمالي واستقرار سعر صرف الدينار وتراجع نسب التضخم تدريجيا وارتفاع الصادرات بالأسعار الجارية.

أما على مستوى تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى أوت 2023 فتم تسجيل تطور للمداخيل الجبائية وغير الجبائية والموارد الذاتية مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022، إضافة إلى تطور النفقات وخاصة نفقات دعم المحروقات ونفقات الاستثمار والعمليات المالية ونفقات التمويل. وأفضى تحيين ميزانية الدولة لسنة 2023 إلى ارتفاع حجمها إلى 71239 مليون دينار مقابل 69914 مليون دينار في قانون المالية الأصلي أي بزيادة 1325 مليون دينار وسيبلغ عجز الميزانية دون اعتبار الهبات والمصادرة 12288 مليون دينار مقابل 8507 مليون دينار مقدرة في القانون الأصلي. كما أعملت الوزيرة النواب بأن القيمة المضافة لعديد القطاعات خاصة القطاع الفلاحي كانت سلبية وهو ما أثر على التوازنات المالية، وساهم قرار عدم الزيادة في أسعار المحروقات طيلة السنة في خلق ضغوطات على مستوى نفقات الدعم، ولتمويل الميزانية تسعى وزارة المالية إلى إيجاد آليات داخلية تمكّن من توفير السيولة اللازمة على غرار تحويل الأموال المجمّدة في البنوك، وتفعيل عديد النصوص القانونية مثل الأمر العلي الذي يقضي بأن تحوّل الحسابات البنكية الراكدة طيلة 15 سنة لميزانية الدولة وذلك إضافة إلى آليات أخرى لتمويل ميزانية الدولة على غرار الأملاك المصادرة والأراضي الدولية الفلاحية والعقارات الدولية والهبات.

الاقتراض من البنوك

محمد علي فنيرة النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة بين أنه عند الإطلاع على الميزانية التكميلية لسنة 2023 يمكن الإشارة إلى أن نسبة النمو ستكون في حدود صفر فاصل تسعة بالمائة وهي نسبة لا تخلق الثروة ولا توفر مواطن الشغل كما أن الميزانية المذكورة تعني تضخما ماليا. ودعا النائب إلى تقديم ميزانية تتناغم مع توجهات مسار 25 جويلية وتكون ميزانية لتحقيق النمو والرفاه والاستقرار ولاحظ غياب التشجيع على الاستثمار لجوء للاقتراض المباشر من البنوك التونسية لتدعيم ميزانية الدولة مما أدى إلى إحجام البنوك عن تمويل أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة والفلاحين فهي بتمويلها الدولة التونسية تحقق الأرباح من خلال الفوائض.

وبخصوص صناديق الدولة التي تمول الفلاحة والتشغيل والصناعات التقليدية والمؤسسات ومقاومة التلوث وغيرها قال فنيرة إنه ينخرها الفساد دون حسيب أو رقيب.. وأضاف النائب أن المقاولين وكل القطاعات التي تشتغل مع الدولة لديها مستحقات لدى الدولة وطالب بمده بمعطيات دقيقة حول ديون الدولة لدى المؤسسات الاقتصادية.. ولاحظ أن الشركات المتوسطة مهددة بالإفلاس وقامت بتسريح آلاف العملة.

أما مختار عيفاوي النائب غير المنتمي إلى كتل فأشار إلى أن مشروع قانون المالية التعديلي يدل على أن السياسة المالية لم تستفد من دروس الحقبة الفارطة التي أغرقت البلاد في مديونية من شأنها أن تمس من سيادة الدولة فكل المؤشرات تدل على أن البلاد لم تتعاف بعد فمازالت هناك بيروقراطية مقيتة وميزانية تقوم على التداين الداخلي والخارجي وتم فرض المزيد من الضرائب وإحداث المزيد من الصناديق التي ينخرها الفساد. وقال إن هناك حاجة لميزانية تراعي الفئات الهشة والمؤسسات الصغرى وتخلق الثروة ومواطن الشغل. وأضاف أن صندوق الجوائح مطالب بتمويل الفلاحة التي هي عماد للاقتصاد الوطني وذكر أن الصندوق تم إحداثه سنة 2018 ولم يفعل إلا مؤخرا وهو ما أضر بالفلاحين وأصحاب المعاصر. وشدد النائب على أنه لا بد من مراجعة المنوال الاقتصادي والتركيز على الفلاحة لأن هذا القطاع منتج ونبه إلى وجود أياد تريد ضرب هذا القطاع وتهميشه. وأضاف أن هناك إجراء لا بد من مراجعته وهو يتعلق بالتعامل نقدا لأن الفلاحين وأصحاب المعاصر لم تعد لديهم ثقة في التعامل بالشيكات واقترح تمكينهم من التعامل نقدا لفترة استثنائية من اجل إسعاف الموسم الفلاحي وخاصة زيت الزيتون.

أين المصداقية؟

النائب بدر الدين القمودي عن كتلة الخط الوطني السيادي بين أن مشروع قانون المالية التعديلي يتطلب توضيح أسباب عدم تجميع الموارد الذاتية المبرمجة ضمن قانون المالية الأصلي لسنة 2023 وذكر أن هذا يعود إلى عدم واقعية تقديرات القانون الأصلي من حيث الموارد بما انعكس على التوازنات المالية للميزانية وأضاف أن من أهم المبادئ التي تنبني عليها سياسة التصرف في الميزانية حسب الأهداف، مبدأ المصداقية الذي يقتضي عدم التقليل أو التضخيم من تقديرات التكاليف والموارد المضمنة بقانون المالية فهذا المبدأ كرسه القانون الأساسي للميزانية، ودعا إلى توضيح الموارد التي عجزت وزارة المالية عن تحصيلها وتعبئتها حتى تتضح الصورة أمام البرلمان الذي يستعد حاليا لنقاش قانون المالية لسنة 2024. وبين القمودي أنه لا بد من توضيح سبب التراجع عن قرار التفويت في شركة اسمنت قرطاج المصادرة والتي تمت برمجة التفويت فيها في قانون المالية الأصلي ومن يقف وراء هذا التراجع والسيناريوهات المطروحة، وتساءل عن أسباب تراجع المداخيل المتأتية من مساهمات الدولة حيث لم يقع التفويت في الشركات التي تملك الدولة مساهمات فيها وعن سبب تطور نفقات الدين العمومي وهل أن سوء تقدير نفقات الدين الداخلي مرده القروض التي مررها البرلمان في ماي وأكتوبر الماضيين وهل أن القروض التي صادق عليها البرلمان بالعملة من البنوك المحلية تم إدراجها في قانون المالية لسنة 2023، وذكر النائب أنه منذ سنوات أصبح قانون المالية التكميلي قاعدة والحال أنه إجراء استثنائي تلجأ إليه الدول مرة كل عشر سنوات في حالات استثنائية ويرى أن تكرار اللجوء إلى ميزانيات تعديلية يعني وجود أزمة في تقدير الموارد والنفقات وعدم ضبطها بدقة وأضاف أن التقرير النهائي المتعلق بالميزانية و المقدم في جويلية 2023 أشار إلى اأن اللجوء السنوي لقانون المالية التعديلي لا يعتبر من الممارسات الفضلى حسب المعايير الدولية بل هو يتسبب في تراجع التقييم، وطالب القمودي بوضع مشروع ميزانية واقعي.

وأشار النائب إلى أنه في ظل الجفاف لم يقع التخطيط لمشاريع تمكن من الحفاظ على الموارد المائية كما لا توجد سياسة فلاحية وهناك آلاف الهكتارات من الأراضي مهملة أما الأراضي الخصبة في ولايات الشمال فرغم أن القانون نص على عدم استغلاها إلا لزراعة القمح والشعير والعلف لكن اليوم هناك من ينتجون الفراولة وعباد الشمس وغيرها، وذكر أنه لو يتم ربط الامتيازات الممنوحة للفلاحين بزراعة القمح والشعير سيكون بالإمكان تحقيق الاكتفاء الذاتي.

واقع مرير

ولاحظ نبيل الحامدي النائب عن كتلة صوت الجمهورية أن الميزانية التعديلية تدعو إلى الحديث عن واقع مرير إذ هناك خلل، وذكر أن التعديل يعود الى تراجع مداخيل الدولة مقارنة بالتقديرات الأولوية وهذا التراجع مرده عدم تحصيل المداخيل الجبائية وغير الجبائية وتساءل عن كيفية العمل على تلافي تراجع المداخيل في ظل عدم وجود إدارات ومكاتب وحواسيب وطالب بتمكين الإدارة من الإمكانيات اللازمة التي تساعدها على تفعيل الإجراءات الواردة في قوانين المالية. وأضاف أن النمو الفعلي لا يتحقق إلا بالتشجيع على الاستثمار الداخلي والخارجي وقال النائب إن هناك العديد من المصانع أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي واجهتها. وخلص إلى أنه حيال مواقف تونس الرسمية المزلزلة فهو ينتظر حصارا ماليا من قبل عدد من البلدان وبين أنه لا بد من التفكير في كيفية مجابهة هذا الحصار وأضاف أنه لا بد أيضا من تدارس تأثير التغييرات المناخية على الفلاحة فتحقيق الاكتفاء الذاتي يتم بتشجيع الفلاحين من خلال إقرار العدالة الجبائية وذكر أنه على غرار بقية النواب ينتظر ثورة تشريعية من قبل وزارة المالية لأنها تعرف ما يوجد في الخفايا داخليا وخارجيا.

وتعقيبا على مداخلات النواب قدمت وزيرة المالية سهام البوغديري الكثير من الأرقام وفسرت أسباب تراجع نسبة النمو مقارنة بالنسبة التي تم وضعها عند إعداد قانون المالية الأصلي، وذكرت انه مع تواصل موجة الجفاف من التوقع تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بتسعة فاصل سبعة بالمائة خلال سنة 2023، فهذا القطاع يمثل 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وذكرت أن قطاع الحبوب تراجع على مستوى الكميات المجمعة بنسبة 59 بالمائة وذلك إلى غاية موفى أوت الماضي مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية كما تراجعت القيمة المضافة لقطاع الصناعات الغذائية.. ولكن إضافة إلى القطاع الفلاحي هناك قطاعات أخرى تراجعت قيمتها المضافة ونسب النمو المتعلقة بها وأهمها البناء وصناعة مواد البناء والبلور واستخراج النفط والغاز الطبيعي والمناجم والكهرباء والتجارة، وفي المقابل ارتفعت القيمة المضافة لقطاعات الصناعات الميكانيكية والنزل والمقاهي والمطاعم وأدى تحيين النتائج المسجلة إلى مراجعة نسبة النمو المتوقعة لتصبح في حدود صفر فاصل تسعة بالمائة مقابل واحد فاصل ثمانية بالمائة مقدرة أوليا. ومن المعطيات الأخرى التي قدمتها البوغديري ما يتعلق بتسديد الديون وذكرت أنه إلى غاية شهر أكتوبر تم تسديد 16866 مليون دينار من جملة 20810 مليون دينار وفسرت أنه إلى غاية 30 أكتوبر وقع تسديد 81 بالمائة من جملة خدمة الدين.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

في جلسة عامة برلمانية..  دعوة الحكومة إلى منح الأولوية للفلاحة والموارد المائية

 

ـ المصادقة على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2023

تونس-الصباح

قبل الانطلاق فعليا في دراسة مشروع ميزانية الدولة والإجراءات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2024 صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو برئاسة إبراهيم بودربالة وبحضور سهام البوغديري وزيرة المالية والمكلفة بتسيير وزارة الاقتصاد والتخطيط على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2023 بموافقة 131 صوت و3 احتفاظ و3 رفض.

وبالمناسبة جدد النواب التعبير عن مساندتهم للشعب الفلسطيني وأبدوا تمسكهم بشدة بمقترح تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، كما أجمعوا على دعوة الحكومة إلى تقديم مشاريع قوانين مالية تقوم على فرضيات واقعية ومعطيات دقيقة تجنبها اللجوء مستقبلا إلى تقديم ميزانيات تعديلية، وطالبوها بمنح الأولوية للقطاع الفلاحة والموارد المائية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، وبالتقليص من اللجوء للتداين الخارجي، وبالعمل على إنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة المهددة بالإفلاس، وهناك منهم من تساءل متى سترسل إليهم وزارة المالية مشاريع قوانين ثورية تساعد على دفع الاستثمار والتنمية والعدالة الجبائية، وتحدثوا عن الفساد في صناديق الدولة وطالبوا بحسن التصرف في مواردها واستفسروا عن وضعية المؤسسات المصادرة ومدى مساهمتها في توفير موارد للميزانية.

عصام شوشان رئيس لجنة المالية والميزانية قال إن هناك عوامل داخلية وخارجية أثرت على المداخيل التي توقعت وزارة المالية تحقيقها سنة 2023 لكنها لم تتمكن من ذلك كما أن النفقات ارتفعت مقارنة بالتوقعات خاصة نفقات الدعم وبالتالي كان لا بد من تمرير قانون مالية تعديلي للمحافظة على توازن الميزانية، ولاحظ أن وزارة المالية توقعت نسبة نمو قدرها واحد فاصل ثمانية بالمائة لكن النسبة التي تم تحقيقها هي في حدود صفر فاصل تسعة بالمائة فقط وهو ما يشكل خطرا كبيرا على حد وصفه وذكر أنه في المقابل ميزانية الدولة زادت بنسبة واحد فاصل تسعة بالمائة.. وأضاف شوشان أنه من المفروض أن لا يقع بناء فرضيات بمثل هذه الكيفية ودعا وزارة المالية مستقبلا إلى وضع فرضيات واقعية وأرقام دقيقة جدا ولفت انتباهها إلى أن الفرضيات التي قامت عليها ميزانية 2023 هي تقريبا نفس الفرضيات التي بنيت عليها ميزانية السنة القادمة والحال أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 فيه غياب للاستثمار. وطالب رئيس اللجنة الحكومة بمصارحة الشعب بأن الوضع الاقتصادي صعب وبأنه لن يقع التمكن من تحقيق نسبة نمو أكبر من واحد فاصل خمسة أو فاصل ستة بالمائة وبأنه يوجد اتجاه للتعويل على الموارد الذاتية والتقليص من اللجوء إلى التداين الخارجي..

عجز الميزانية

واستنادا إلى التقرير المعروض على الجلسة العامة والوارد في 35 صفحة والذي تلاه مقرر اللجنة عصام البحري يمكن الإشارة إلى أن وزيرة المالية أفادت النواب أن إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2023 تم في ظرف استثنائي تميز بوضعية اقتصادية عالمية صعبة ناجمة عن تواصل تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية مما أدى إلى تراجع نسب النمو العالمية إضافة إلى العوامل المناخية الداخلية وهو ما انعكس سلبا على تنفيذ ميزانية 2023. وأكدت لهم أن الوضع الاقتصادي الوطني رغم العوامل الداخلية والخارجية، تميز بتطور نمو الناتج المحلي الإجمالي واستقرار سعر صرف الدينار وتراجع نسب التضخم تدريجيا وارتفاع الصادرات بالأسعار الجارية.

أما على مستوى تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى أوت 2023 فتم تسجيل تطور للمداخيل الجبائية وغير الجبائية والموارد الذاتية مقارنة بنفس الفترة من سنة 2022، إضافة إلى تطور النفقات وخاصة نفقات دعم المحروقات ونفقات الاستثمار والعمليات المالية ونفقات التمويل. وأفضى تحيين ميزانية الدولة لسنة 2023 إلى ارتفاع حجمها إلى 71239 مليون دينار مقابل 69914 مليون دينار في قانون المالية الأصلي أي بزيادة 1325 مليون دينار وسيبلغ عجز الميزانية دون اعتبار الهبات والمصادرة 12288 مليون دينار مقابل 8507 مليون دينار مقدرة في القانون الأصلي. كما أعملت الوزيرة النواب بأن القيمة المضافة لعديد القطاعات خاصة القطاع الفلاحي كانت سلبية وهو ما أثر على التوازنات المالية، وساهم قرار عدم الزيادة في أسعار المحروقات طيلة السنة في خلق ضغوطات على مستوى نفقات الدعم، ولتمويل الميزانية تسعى وزارة المالية إلى إيجاد آليات داخلية تمكّن من توفير السيولة اللازمة على غرار تحويل الأموال المجمّدة في البنوك، وتفعيل عديد النصوص القانونية مثل الأمر العلي الذي يقضي بأن تحوّل الحسابات البنكية الراكدة طيلة 15 سنة لميزانية الدولة وذلك إضافة إلى آليات أخرى لتمويل ميزانية الدولة على غرار الأملاك المصادرة والأراضي الدولية الفلاحية والعقارات الدولية والهبات.

الاقتراض من البنوك

محمد علي فنيرة النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة بين أنه عند الإطلاع على الميزانية التكميلية لسنة 2023 يمكن الإشارة إلى أن نسبة النمو ستكون في حدود صفر فاصل تسعة بالمائة وهي نسبة لا تخلق الثروة ولا توفر مواطن الشغل كما أن الميزانية المذكورة تعني تضخما ماليا. ودعا النائب إلى تقديم ميزانية تتناغم مع توجهات مسار 25 جويلية وتكون ميزانية لتحقيق النمو والرفاه والاستقرار ولاحظ غياب التشجيع على الاستثمار لجوء للاقتراض المباشر من البنوك التونسية لتدعيم ميزانية الدولة مما أدى إلى إحجام البنوك عن تمويل أصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة والفلاحين فهي بتمويلها الدولة التونسية تحقق الأرباح من خلال الفوائض.

وبخصوص صناديق الدولة التي تمول الفلاحة والتشغيل والصناعات التقليدية والمؤسسات ومقاومة التلوث وغيرها قال فنيرة إنه ينخرها الفساد دون حسيب أو رقيب.. وأضاف النائب أن المقاولين وكل القطاعات التي تشتغل مع الدولة لديها مستحقات لدى الدولة وطالب بمده بمعطيات دقيقة حول ديون الدولة لدى المؤسسات الاقتصادية.. ولاحظ أن الشركات المتوسطة مهددة بالإفلاس وقامت بتسريح آلاف العملة.

أما مختار عيفاوي النائب غير المنتمي إلى كتل فأشار إلى أن مشروع قانون المالية التعديلي يدل على أن السياسة المالية لم تستفد من دروس الحقبة الفارطة التي أغرقت البلاد في مديونية من شأنها أن تمس من سيادة الدولة فكل المؤشرات تدل على أن البلاد لم تتعاف بعد فمازالت هناك بيروقراطية مقيتة وميزانية تقوم على التداين الداخلي والخارجي وتم فرض المزيد من الضرائب وإحداث المزيد من الصناديق التي ينخرها الفساد. وقال إن هناك حاجة لميزانية تراعي الفئات الهشة والمؤسسات الصغرى وتخلق الثروة ومواطن الشغل. وأضاف أن صندوق الجوائح مطالب بتمويل الفلاحة التي هي عماد للاقتصاد الوطني وذكر أن الصندوق تم إحداثه سنة 2018 ولم يفعل إلا مؤخرا وهو ما أضر بالفلاحين وأصحاب المعاصر. وشدد النائب على أنه لا بد من مراجعة المنوال الاقتصادي والتركيز على الفلاحة لأن هذا القطاع منتج ونبه إلى وجود أياد تريد ضرب هذا القطاع وتهميشه. وأضاف أن هناك إجراء لا بد من مراجعته وهو يتعلق بالتعامل نقدا لأن الفلاحين وأصحاب المعاصر لم تعد لديهم ثقة في التعامل بالشيكات واقترح تمكينهم من التعامل نقدا لفترة استثنائية من اجل إسعاف الموسم الفلاحي وخاصة زيت الزيتون.

أين المصداقية؟

النائب بدر الدين القمودي عن كتلة الخط الوطني السيادي بين أن مشروع قانون المالية التعديلي يتطلب توضيح أسباب عدم تجميع الموارد الذاتية المبرمجة ضمن قانون المالية الأصلي لسنة 2023 وذكر أن هذا يعود إلى عدم واقعية تقديرات القانون الأصلي من حيث الموارد بما انعكس على التوازنات المالية للميزانية وأضاف أن من أهم المبادئ التي تنبني عليها سياسة التصرف في الميزانية حسب الأهداف، مبدأ المصداقية الذي يقتضي عدم التقليل أو التضخيم من تقديرات التكاليف والموارد المضمنة بقانون المالية فهذا المبدأ كرسه القانون الأساسي للميزانية، ودعا إلى توضيح الموارد التي عجزت وزارة المالية عن تحصيلها وتعبئتها حتى تتضح الصورة أمام البرلمان الذي يستعد حاليا لنقاش قانون المالية لسنة 2024. وبين القمودي أنه لا بد من توضيح سبب التراجع عن قرار التفويت في شركة اسمنت قرطاج المصادرة والتي تمت برمجة التفويت فيها في قانون المالية الأصلي ومن يقف وراء هذا التراجع والسيناريوهات المطروحة، وتساءل عن أسباب تراجع المداخيل المتأتية من مساهمات الدولة حيث لم يقع التفويت في الشركات التي تملك الدولة مساهمات فيها وعن سبب تطور نفقات الدين العمومي وهل أن سوء تقدير نفقات الدين الداخلي مرده القروض التي مررها البرلمان في ماي وأكتوبر الماضيين وهل أن القروض التي صادق عليها البرلمان بالعملة من البنوك المحلية تم إدراجها في قانون المالية لسنة 2023، وذكر النائب أنه منذ سنوات أصبح قانون المالية التكميلي قاعدة والحال أنه إجراء استثنائي تلجأ إليه الدول مرة كل عشر سنوات في حالات استثنائية ويرى أن تكرار اللجوء إلى ميزانيات تعديلية يعني وجود أزمة في تقدير الموارد والنفقات وعدم ضبطها بدقة وأضاف أن التقرير النهائي المتعلق بالميزانية و المقدم في جويلية 2023 أشار إلى اأن اللجوء السنوي لقانون المالية التعديلي لا يعتبر من الممارسات الفضلى حسب المعايير الدولية بل هو يتسبب في تراجع التقييم، وطالب القمودي بوضع مشروع ميزانية واقعي.

وأشار النائب إلى أنه في ظل الجفاف لم يقع التخطيط لمشاريع تمكن من الحفاظ على الموارد المائية كما لا توجد سياسة فلاحية وهناك آلاف الهكتارات من الأراضي مهملة أما الأراضي الخصبة في ولايات الشمال فرغم أن القانون نص على عدم استغلاها إلا لزراعة القمح والشعير والعلف لكن اليوم هناك من ينتجون الفراولة وعباد الشمس وغيرها، وذكر أنه لو يتم ربط الامتيازات الممنوحة للفلاحين بزراعة القمح والشعير سيكون بالإمكان تحقيق الاكتفاء الذاتي.

واقع مرير

ولاحظ نبيل الحامدي النائب عن كتلة صوت الجمهورية أن الميزانية التعديلية تدعو إلى الحديث عن واقع مرير إذ هناك خلل، وذكر أن التعديل يعود الى تراجع مداخيل الدولة مقارنة بالتقديرات الأولوية وهذا التراجع مرده عدم تحصيل المداخيل الجبائية وغير الجبائية وتساءل عن كيفية العمل على تلافي تراجع المداخيل في ظل عدم وجود إدارات ومكاتب وحواسيب وطالب بتمكين الإدارة من الإمكانيات اللازمة التي تساعدها على تفعيل الإجراءات الواردة في قوانين المالية. وأضاف أن النمو الفعلي لا يتحقق إلا بالتشجيع على الاستثمار الداخلي والخارجي وقال النائب إن هناك العديد من المصانع أغلقت أبوابها بسبب الصعوبات التي واجهتها. وخلص إلى أنه حيال مواقف تونس الرسمية المزلزلة فهو ينتظر حصارا ماليا من قبل عدد من البلدان وبين أنه لا بد من التفكير في كيفية مجابهة هذا الحصار وأضاف أنه لا بد أيضا من تدارس تأثير التغييرات المناخية على الفلاحة فتحقيق الاكتفاء الذاتي يتم بتشجيع الفلاحين من خلال إقرار العدالة الجبائية وذكر أنه على غرار بقية النواب ينتظر ثورة تشريعية من قبل وزارة المالية لأنها تعرف ما يوجد في الخفايا داخليا وخارجيا.

وتعقيبا على مداخلات النواب قدمت وزيرة المالية سهام البوغديري الكثير من الأرقام وفسرت أسباب تراجع نسبة النمو مقارنة بالنسبة التي تم وضعها عند إعداد قانون المالية الأصلي، وذكرت انه مع تواصل موجة الجفاف من التوقع تراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بتسعة فاصل سبعة بالمائة خلال سنة 2023، فهذا القطاع يمثل 11 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وذكرت أن قطاع الحبوب تراجع على مستوى الكميات المجمعة بنسبة 59 بالمائة وذلك إلى غاية موفى أوت الماضي مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية كما تراجعت القيمة المضافة لقطاع الصناعات الغذائية.. ولكن إضافة إلى القطاع الفلاحي هناك قطاعات أخرى تراجعت قيمتها المضافة ونسب النمو المتعلقة بها وأهمها البناء وصناعة مواد البناء والبلور واستخراج النفط والغاز الطبيعي والمناجم والكهرباء والتجارة، وفي المقابل ارتفعت القيمة المضافة لقطاعات الصناعات الميكانيكية والنزل والمقاهي والمطاعم وأدى تحيين النتائج المسجلة إلى مراجعة نسبة النمو المتوقعة لتصبح في حدود صفر فاصل تسعة بالمائة مقابل واحد فاصل ثمانية بالمائة مقدرة أوليا. ومن المعطيات الأخرى التي قدمتها البوغديري ما يتعلق بتسديد الديون وذكرت أنه إلى غاية شهر أكتوبر تم تسديد 16866 مليون دينار من جملة 20810 مليون دينار وفسرت أنه إلى غاية 30 أكتوبر وقع تسديد 81 بالمائة من جملة خدمة الدين.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews