إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل من غزة لـ"الصباح": ما يحدث في غزة فصل من فصول الحرب العالمية الثالثة.. ولا خيار أمام أهالي غزة وسيظلون ثابتين على أرضهم كأوراق الشجر

 

-ورقة الأسرى العسكريين هي الأهم في حسابات ناتنياهو

نرفع القبعة للإعلاميين أبطال الميدان الذين ينقلون الحقيقة للعالم وأتمنى على الإعلام العربي أن يكون جاهزا للمعركة

-بايدن جاء أولا لدعم ناتنياهو وهو يتبنى الرواية الإسرائيلية

-لا مكان آمن في غزة، الاحتلال لم يستثن بيتا أو طريقا أو سوقا

-مخطئ نتنياهو إن كان يعتقد أنّ بإمكانه القضاء على المقاومة

تونس-غزة - الصباح

من غزة وغداة المحرقة الإسرائيلية التي استهدفت مستشفى المعمدان وأدت إلى مقتل مئات الشهداء كان هذا اللقاء مع طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني المقيم بغزة والذي اعتبر في هذا الحديث أن أمريكا مرت من الترويج لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلى الانخراط في القتال مباشرة، من خلال إرسال حاملة طائراتها إلى المتوسّط،واعتبر محدثنا أن ما يحدث في غزة فصل من فصول الحرب العالمية الثالثة، وقال أن كل لحظة تمضي تسجل سقوط مزيد من الشهداء، وخلص محدثنا إلى أن دخول الاحتلال برا إلى غزة سيؤدي إلى اشتعال كل الجبهات. واعتبر عوكل أن المعركة الأخرى معركة إعلامية، وقال نرفع القبعة للإعلاميين أبطال الميدان الذين ينقلون الحقيقة للعالم وأتمنى على الإعلام العربي أن يكون جاهزا للمعركة وفيما يلي نص الحديث.

حوار: اسيا العتروس

• بعد مجزرة مستشفى الأهلي المعمداني كيف أصبحت غزة وإلى أي مدى يمكن لما بقي من مستشفيات أو منظمات أن تصمد؟

-كل لحظة تمضي في هذا المشهد يضاف إلى حصيلة الشهداء شهيد جديد، الصورة صعبة ولا يمكن حتى لعدسات الكاميرا نقل ما يحدث. تعودنا في الحروب السابقة أن إسرائيل تقتل وتدمر ولكن هذه المرة الفرق جوهري، إسرائيل تحاصرنا، وتمنع عن غزة الماء والكهرباء والدواء، كل شيء في المجتمع قريب من حالة الانهيار سبق وتم قصف ثلاثة مستشفيات والبارحة ارتكب الاحتلال مجزرة كبيرة في مستشفى الأهلي المعمداني، المستشفى الأكبر الذي لم يعد يستطيع التحمل، والدفاع المدني بدوره لا يمكنه الوصول إلى الشهداء تحت الأنقاض وهو ما يعني استشهاد المزيد وينذر أيضا بكارثة صحية، كل ذلك بالإضافة إلى القصف بالغاز.

 البيئة العامة مليئة بالأوبئة والأمراض وبالكاد نحصل على القليل من الماء، أول أمس قصفوا مخبزا من مخبزين يغذي مئات الآلاف من الأهالي. أسباب الحياة تتضاءل كثيرا عائلات تنسف، أكثر من 50 عائلة أبيدت بالكامل. الاحتلال أمر الناس بالتنقل إلى الجنوب ثم تم قصفهم. لا مكان آمن في غزة، الاحتلال لم يستثن بيتا أو طريقا أو سوقا أو مشفى. نحن إزاء دولة فاشية نازية بلا أدنى خطوط حمراء أو التزام بالقيم الإنسانية أو القرارات الدولية. المشكلة الأكبر أن الحليف الأول لإسرائيل هي أمريكا وأوروبا. نحن أمام فصل من فصول ما أصفه بالحرب العالمية الثالثة، وهم يدعمون إسرائيل لمنع الانتشار الروسي والصيني وضمان الهيمنة على الشرق الأوسط. الحرب تبدأ من غزة وتنتشر في بقية المنطقة. لقد سبق وطرحوا مشروعات تهجير أهالي غزة إلى مصر وهذا هدف مشروع الحرب البرية، وهذه الحرب البرية ستكون صعبة على الاحتلال وخسائرهم ستكون ضخمة. دخول الاحتلال برا إلى غزة سيؤدي إلى اشتعال كل الجبهات وحتى الآن ليس أمامهم سوى القتل والتدمير وهذا الطريق لا يقود أيضا إلى الهدف الذي يريدونه .

• كيف يواجه الغزاويون هذه المحنة وبأي إمكانيات؟

-اليوم كلّ الوسائل المطلوبة للكتابة غير متوفّرة، الكهرباء، والانترنت، وسائل التواصل، والمعدّات الأخرى كالطاولة والكرسي.

جاءني الخبر، من ابني الذي خرج لشراء بعض الاحتياجات أو ما توفّر منها لتعزيز صمود أربعة عشر إنساناً، يسكنون في بيتٍ لا تتجاوز مساحته المائة متر مربّع، خالٍ تماماً من أيّ أثاث. جاءني ابني باكتشافٍ عظيم، حيث وجد مكاناً تتوفّر فيه خدمات طاقة شمسية توفّر الاتصال عَبر الإنترنت، وسيكون بإمكاني أن أكتب وأُرسل مقالي إلى الصحيفة لنشره،صورة مصغّرة جدّاً، وربما لا تعبّر بالقدر الكافي عن معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة منذ بداية العدوان الأميركي الصهيوني.

من المرّات القليلة التي أُقدّم فيها الأميركي على الصهيوني، ولكننا على الأرجح سنواصل ذلك، بعد أن اتّضح، أنّ قرار الحرب وإدارته، موجودة في البيت الأبيض الذي استعجل الإعلان عن دوره في تشجيع دولة الاحتلال، ومنحها التغطية والفرصة، وإرسال بوارجه الحربية إلى شرق المتوسط، لتوفير كلّ الظروف التي تساعد الدولة العنصرية الفاشية على أن تفرّغ كلّ حقدها وطاقتها التدميرية، على سكّان القطاع. أرادت إسرائيل، أن تعيد قطاع غزة خمسين سنة إلى الخلف، ودفعت بأكثر من مليونين من السكان في القطاع، نحو الهجرة إلى سيناء المصرية.

ويكرّر بنيامين نتنياهو أنّها حرب على قطاع غزة، ستؤدي إلى بناء شرق أوسط جديد فشلت في تحقيقه الولايات المتحدة الأميركية وشركاؤها حين تحدثت قبل اثني عشر عاماً عن الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلّاقة.

• إلى متى يمكن لهذا المشهد أن يستمر وإلى أي مدى يمكن لغزة الصمود؟

-بايدن في تل أبيب وزيارته لن تستمر أكثر من خمس ساعات سيحضر اجتماع الكابينت كما فعل وزير خارجيته بلينكن قبل أيام، والقمة الرباعية التي كان يفترض عقدها في عمان بحضور الرئيس الأمريكي لن تعقد لان أبو مازن انسحب بعد المجزرة. وهذه حدود زيارة بايدن لذي قال أمام الصحفيين انه جاء أولا لدعم إسرائيل بالكامل وبذلك هو يتبنى الرواية الإسرائيلية وثانيا تحدث عن مقاربة سياسية وهذا يعني البحث عن مخرج لإسرائيل لان المخطط السابق لتهجير أهالي غزة إلى مصر فشل وكيان الاحتلال يدرك أن الاستمرار في سياسة القتل والتدمير لا يحقق أهدافه المعلنة بإعلان الشرق الأوسط الجديد. أهالي غزة وهم فعلا أهل للقب شعب الجبارين سيصمدون رغم كل المحن وسيظلون ثابتون كأوراق الشجر وليس لنا خيار آخر.

• مؤشرات كثيرة تعزز القناعة أن الغضب لن يتوقف عند حدود غزة بل انه يتمدد في الضفة وفي القدس كيف تقرأون ذلك؟

-أكيد المؤشرات والرسائل كثيرة وهي إلى جانب التحركات الشعبية في الشارع العربي تؤكد هذا الإجماع على رفض ما يحدث في حق أهالي غزة. غزة مقبرة مفتوحة وهناك عائلات أبيدت على بكرة أبيها ومسحت من السجل المدني وأخرى لا يمكن حتى التعرف عليها عدد كبير من الشهداء لا يزالون تحت الأنقاض وآخرون على الأرض ينتظرون أن يتم إكرامهم وآخرون في الثلاجات، علينا أن ندرك أن المعركة لا تعني غزة وحدها بل هي تعني الضفة أيضا وتعني كل دول المنطقة والمطلوب اليوم الوحدة الشعبية التي تبقى صمام الأمان .

• كيف ستكون الساعات القادمة؟

-كل السيناريوهات قائمة، الصراع مفتوح الغرب يتحدث عن رعايا قتلوا وهذا يقودنا للقول أن هؤلاء ليسوا مواطنين إسرائيليين، هناك دول أوروبية تبحث عن رعاياها لإجلائهم وهؤلاء جاؤوا من كل العالم ولكل منهم أسبابه. هذا نراه يتفكك والكثيرون يبحثون عن فرصة للمغادرة والعودة من حيث جاؤوا بخلاف أهل غزة فهذه أرضهم وموطنهم. هذا كله في طريقه إلى التفكك جاؤوا من دول أخرى وهم يبحثون كيف يعودون من حيث أتوا .

• استهداف الإعلاميين سياسة إسرائيلية معلنة؟

-أكيد، هناك عدد كبير من الصحفيين قتلوا على مدى الأيام الأخيرة، أحد عشر صحفيا قتلوا خلال أيام وهذا رقم مرتفع ويعكس عداء للإعلام ورغبة في تغييب الحقائق وتزييف الرواية، ولكن أيضا يعكس الخوف من الحقيقة و من امتدادها لدى الرأي العام الدولي.

ملاحظة إن الإعلام العسكري حتى الآن لم يشتغل، الإعلام هو الجبهة القوية التي يجب دعمها في هذه المرحلة، بعض الفضائيات التي لديها تمويلات مهمة لا تزال على الميدان تنقل الحقائق وتفضح جرائم الاحتلال لكن بعض المحطات المحلية والإذاعات توقفت لأنه ليس لديها الإمكانيات للاستمرار. الإعلاميون الذين يواصلون المعركة نرفع لهم القبعة هم أبطال الميدان وأتمنى على الإعلام العربي أن يكون جاهزا للمعركة الإعلامية.

• هناك اجتماع ثان لمجلس الأمن الدولي ما الذي يمكن انتظاره

-نحن لا نراهن لا على مجلس الأمن ولا على غيره، أمريكا تبحث عن مخرج للازمة الراهنة ولكنها ترفض المس بإسرائيل رغم أنها تواصل القفز على القانون الدولي والعبث والاستخفاف به، أمريكا لا تريد توسع الحرب وإسرائيل تخاف ذلك أيضا ولهذا عجلت بإرسال بوارجها وأسلحتها لكن الأصابع على الزناد، أمريكا تبحث عن مخرج من هذا الوضع واستمرار الوضع على حاله يمكن أن يؤدي إلى أطراف أخرى في الحرب مثل حزب الله وإيران.

-ألا تخشون أن تتحول القضية اليوم إلى قضية إنسانية وأرقام واحتياجات غذائية؟

-طبعا هناك أزمة إنسانية خانقة ومن الطبيعي أن تكون على رأس الأولويات. المخارج من الأزمة تبدأ إنسانية وتتحول إلى سياسية، الغذاء والماء أساسي. المصابون ينتشرون في الشوارع وهناك عمليات جراحية تتم دون تبنيج الحالة مأساوية وطبعا لا يمكن في هذا الوضع البحث في المسائل السياسية أو حل الدولتين هذا لا اعتقد انه مطروح الآن.

• إلى أي مدى يمكن اعتبار ورقة الأسرى مهمة في تحديد مسار الأحداث؟

-طبعا هي ورقة قوية جدا رسائل المقاومة كانت واضحة في هذا الشأن وهي ورقة مهمة لتبييض سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين هناك أسرى مدنيين يمكن التعاطي معهم بطريقة معينة، ولكن هناك أيضا ملف الأسرى من الجيش الإسرائيلي و هذا ملف قوي ولا يمكن لأي دولة تحويله إلى مجرد قضية إنسانية ولهذا تواصل إسرائيل اعتقال مزيد من الفلسطينيين كل يوم لأنها تعتقد أنها بذلك يمكن أن تعجل بعملية تبادل الأسرى .

* ناتنياهو يؤكد أن هدفه القضاء على حماس هل هو قادر على ذلك؟

-يتوهّم نتنياهو وشركاؤه في أنّ الحرب التي يشنها على قطاع غزّة، ويجنّد من أجل ربحها كلّ طاقة الاحتياط، ستؤدّي إلى القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة المسلّحة. ناتنياهو يهدد بأنّه سينتقل من مرحلة التدمير الشامل للمباني والمؤسّسات، والبنية التحتية، والشوارع، وإحكام الحصار على سكّان القطاع، إلى مرحلة الاجتياح البرّي، وهو يتناقض مع ما كان نتنياهو نفسه يلتزم به خلال السبعة عشر عاماً الماضية باعتبار أن ذلك يعمق الانقسام وبقاء حماس في غزة وفتح في الضفة. يستمدّ نتنياهو أوهامه، وتناقضاته، وهذه الشعارات انطلاقاً من طبيعة يتميّز بها ويتميّز بها شركاؤه من اليمين العنصري الفاشي، من حيث الرغبة في حسم الصراع، وإنهاء الوجود الفلسطيني، والرغبة في اقتفاء أثر العصابات الصهيونية، التي تميّزت بارتكاب المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني. لكن كلّ ما يتميّز به نتنياهو وشركاؤه من الإرهاب والعنصرية وتحقيق أوهام إسرائيل الكبرى، والشرق الأوسط الجديد، هو الدعم الحازم والكامل من قبل الولايات المتحدة والدول الاستعمارية الغربية. وقد تعودت دول أوروبا الغربية على إتباع سياسة التذيّل للولايات المتحدة، رغم أنّهم شركاء في الجريمة، شركاء في خلق إسرائيل واستمرارها، و هي لا تصدر موقفاً إلّا بعد الموقف الأميركي.

تقول أمريكا إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، ولم تكتفِ بذلك بل انخرطت في القتال مباشرة، من خلال إرسال حاملة طائراتها إلى المتوسّط، وإنشاء جسرٍ جوّي لتزويد إسرائيل بأدوات ووسائل قتل متقدمة.

الاحتلال في أوكرانيا، تجنّد في مواجهته كلّ الحلف الأطلسي، أما الاحتلال الإسرائيلي فإنّه احتلال يخدم السلام والأمن في المنطقة والعالم.

• أعلن بايدن أن نشر البوارج الأمريكية في المتوسّط يستهدف خفض الصراع ما المقصود بذلك؟

-كان واضحا وسمى حزب الله على وجه التحديد، ولكن الحقيقة أن خفض الصراع مقصود به منح إسرائيل ما تشاء من الوقت، لكي تقوم بإعادة رسم المشهد إلى مشهدٍ انتصاري يقول، إن إسرائيل مُمسِكة بالردع، وأنّ جيشها يتفوّق على من حوله، وأنّه قادر على تدفيع الثمن باهظاً لكلّ من يجرؤ على المساس بالإسرائيليين. بالتأكيد يريد بايدن ربح الوقت ومنع نحو دخول حزب الله على الخطّ، وحتى لا يؤدّي توسيع دائرة النار إلى الإطاحة بأحلامه إزاء صفقة التطبيع الإسرائيلية السعودية التي يعتبرها حبل الإنقاذ الذي يساعده في تحسين فرصه في الانتخابات الرئاسية.

• ناتنياهو يراهن على تدمير حماس واقتلاعها من المشهد؟

-سيعلم نتنياهو أنّ فلسطين وحدها هي خيار سكان غزة، وأنّهم لن يهاجروا إلى أيّ مكانٍ آخر حتى لو اقتضى الأمر، أن يعيدوا نصب خيامهم على الأنقاض. سيكون ناتنياهو مخطئ إن كان يعتقد أنّ بإمكانه القضاء على المقاومة، وعليه أن يعيد قراءة ما فعلته وهي مستمرة.

لقد خسرت إسرائيل أكثر من ألف ومائتي قتيل وآلاف الجرحى وما يزيد على مائتي أسير، باعتراف إسرائيل، وهل يمكن لإسرائيل أن تتحمّل الثمن في حال دخول جيشها إلى غزة بينما هي لم تتحمّل الثمن الذي دفعته خلال الأيّام الأربعة المنصرمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل من غزة لـ"الصباح":   ما يحدث في غزة فصل من فصول الحرب العالمية الثالثة.. ولا خيار أمام أهالي غزة وسيظلون ثابتين على أرضهم كأوراق الشجر

 

-ورقة الأسرى العسكريين هي الأهم في حسابات ناتنياهو

نرفع القبعة للإعلاميين أبطال الميدان الذين ينقلون الحقيقة للعالم وأتمنى على الإعلام العربي أن يكون جاهزا للمعركة

-بايدن جاء أولا لدعم ناتنياهو وهو يتبنى الرواية الإسرائيلية

-لا مكان آمن في غزة، الاحتلال لم يستثن بيتا أو طريقا أو سوقا

-مخطئ نتنياهو إن كان يعتقد أنّ بإمكانه القضاء على المقاومة

تونس-غزة - الصباح

من غزة وغداة المحرقة الإسرائيلية التي استهدفت مستشفى المعمدان وأدت إلى مقتل مئات الشهداء كان هذا اللقاء مع طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني المقيم بغزة والذي اعتبر في هذا الحديث أن أمريكا مرت من الترويج لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إلى الانخراط في القتال مباشرة، من خلال إرسال حاملة طائراتها إلى المتوسّط،واعتبر محدثنا أن ما يحدث في غزة فصل من فصول الحرب العالمية الثالثة، وقال أن كل لحظة تمضي تسجل سقوط مزيد من الشهداء، وخلص محدثنا إلى أن دخول الاحتلال برا إلى غزة سيؤدي إلى اشتعال كل الجبهات. واعتبر عوكل أن المعركة الأخرى معركة إعلامية، وقال نرفع القبعة للإعلاميين أبطال الميدان الذين ينقلون الحقيقة للعالم وأتمنى على الإعلام العربي أن يكون جاهزا للمعركة وفيما يلي نص الحديث.

حوار: اسيا العتروس

• بعد مجزرة مستشفى الأهلي المعمداني كيف أصبحت غزة وإلى أي مدى يمكن لما بقي من مستشفيات أو منظمات أن تصمد؟

-كل لحظة تمضي في هذا المشهد يضاف إلى حصيلة الشهداء شهيد جديد، الصورة صعبة ولا يمكن حتى لعدسات الكاميرا نقل ما يحدث. تعودنا في الحروب السابقة أن إسرائيل تقتل وتدمر ولكن هذه المرة الفرق جوهري، إسرائيل تحاصرنا، وتمنع عن غزة الماء والكهرباء والدواء، كل شيء في المجتمع قريب من حالة الانهيار سبق وتم قصف ثلاثة مستشفيات والبارحة ارتكب الاحتلال مجزرة كبيرة في مستشفى الأهلي المعمداني، المستشفى الأكبر الذي لم يعد يستطيع التحمل، والدفاع المدني بدوره لا يمكنه الوصول إلى الشهداء تحت الأنقاض وهو ما يعني استشهاد المزيد وينذر أيضا بكارثة صحية، كل ذلك بالإضافة إلى القصف بالغاز.

 البيئة العامة مليئة بالأوبئة والأمراض وبالكاد نحصل على القليل من الماء، أول أمس قصفوا مخبزا من مخبزين يغذي مئات الآلاف من الأهالي. أسباب الحياة تتضاءل كثيرا عائلات تنسف، أكثر من 50 عائلة أبيدت بالكامل. الاحتلال أمر الناس بالتنقل إلى الجنوب ثم تم قصفهم. لا مكان آمن في غزة، الاحتلال لم يستثن بيتا أو طريقا أو سوقا أو مشفى. نحن إزاء دولة فاشية نازية بلا أدنى خطوط حمراء أو التزام بالقيم الإنسانية أو القرارات الدولية. المشكلة الأكبر أن الحليف الأول لإسرائيل هي أمريكا وأوروبا. نحن أمام فصل من فصول ما أصفه بالحرب العالمية الثالثة، وهم يدعمون إسرائيل لمنع الانتشار الروسي والصيني وضمان الهيمنة على الشرق الأوسط. الحرب تبدأ من غزة وتنتشر في بقية المنطقة. لقد سبق وطرحوا مشروعات تهجير أهالي غزة إلى مصر وهذا هدف مشروع الحرب البرية، وهذه الحرب البرية ستكون صعبة على الاحتلال وخسائرهم ستكون ضخمة. دخول الاحتلال برا إلى غزة سيؤدي إلى اشتعال كل الجبهات وحتى الآن ليس أمامهم سوى القتل والتدمير وهذا الطريق لا يقود أيضا إلى الهدف الذي يريدونه .

• كيف يواجه الغزاويون هذه المحنة وبأي إمكانيات؟

-اليوم كلّ الوسائل المطلوبة للكتابة غير متوفّرة، الكهرباء، والانترنت، وسائل التواصل، والمعدّات الأخرى كالطاولة والكرسي.

جاءني الخبر، من ابني الذي خرج لشراء بعض الاحتياجات أو ما توفّر منها لتعزيز صمود أربعة عشر إنساناً، يسكنون في بيتٍ لا تتجاوز مساحته المائة متر مربّع، خالٍ تماماً من أيّ أثاث. جاءني ابني باكتشافٍ عظيم، حيث وجد مكاناً تتوفّر فيه خدمات طاقة شمسية توفّر الاتصال عَبر الإنترنت، وسيكون بإمكاني أن أكتب وأُرسل مقالي إلى الصحيفة لنشره،صورة مصغّرة جدّاً، وربما لا تعبّر بالقدر الكافي عن معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة منذ بداية العدوان الأميركي الصهيوني.

من المرّات القليلة التي أُقدّم فيها الأميركي على الصهيوني، ولكننا على الأرجح سنواصل ذلك، بعد أن اتّضح، أنّ قرار الحرب وإدارته، موجودة في البيت الأبيض الذي استعجل الإعلان عن دوره في تشجيع دولة الاحتلال، ومنحها التغطية والفرصة، وإرسال بوارجه الحربية إلى شرق المتوسط، لتوفير كلّ الظروف التي تساعد الدولة العنصرية الفاشية على أن تفرّغ كلّ حقدها وطاقتها التدميرية، على سكّان القطاع. أرادت إسرائيل، أن تعيد قطاع غزة خمسين سنة إلى الخلف، ودفعت بأكثر من مليونين من السكان في القطاع، نحو الهجرة إلى سيناء المصرية.

ويكرّر بنيامين نتنياهو أنّها حرب على قطاع غزة، ستؤدي إلى بناء شرق أوسط جديد فشلت في تحقيقه الولايات المتحدة الأميركية وشركاؤها حين تحدثت قبل اثني عشر عاماً عن الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلّاقة.

• إلى متى يمكن لهذا المشهد أن يستمر وإلى أي مدى يمكن لغزة الصمود؟

-بايدن في تل أبيب وزيارته لن تستمر أكثر من خمس ساعات سيحضر اجتماع الكابينت كما فعل وزير خارجيته بلينكن قبل أيام، والقمة الرباعية التي كان يفترض عقدها في عمان بحضور الرئيس الأمريكي لن تعقد لان أبو مازن انسحب بعد المجزرة. وهذه حدود زيارة بايدن لذي قال أمام الصحفيين انه جاء أولا لدعم إسرائيل بالكامل وبذلك هو يتبنى الرواية الإسرائيلية وثانيا تحدث عن مقاربة سياسية وهذا يعني البحث عن مخرج لإسرائيل لان المخطط السابق لتهجير أهالي غزة إلى مصر فشل وكيان الاحتلال يدرك أن الاستمرار في سياسة القتل والتدمير لا يحقق أهدافه المعلنة بإعلان الشرق الأوسط الجديد. أهالي غزة وهم فعلا أهل للقب شعب الجبارين سيصمدون رغم كل المحن وسيظلون ثابتون كأوراق الشجر وليس لنا خيار آخر.

• مؤشرات كثيرة تعزز القناعة أن الغضب لن يتوقف عند حدود غزة بل انه يتمدد في الضفة وفي القدس كيف تقرأون ذلك؟

-أكيد المؤشرات والرسائل كثيرة وهي إلى جانب التحركات الشعبية في الشارع العربي تؤكد هذا الإجماع على رفض ما يحدث في حق أهالي غزة. غزة مقبرة مفتوحة وهناك عائلات أبيدت على بكرة أبيها ومسحت من السجل المدني وأخرى لا يمكن حتى التعرف عليها عدد كبير من الشهداء لا يزالون تحت الأنقاض وآخرون على الأرض ينتظرون أن يتم إكرامهم وآخرون في الثلاجات، علينا أن ندرك أن المعركة لا تعني غزة وحدها بل هي تعني الضفة أيضا وتعني كل دول المنطقة والمطلوب اليوم الوحدة الشعبية التي تبقى صمام الأمان .

• كيف ستكون الساعات القادمة؟

-كل السيناريوهات قائمة، الصراع مفتوح الغرب يتحدث عن رعايا قتلوا وهذا يقودنا للقول أن هؤلاء ليسوا مواطنين إسرائيليين، هناك دول أوروبية تبحث عن رعاياها لإجلائهم وهؤلاء جاؤوا من كل العالم ولكل منهم أسبابه. هذا نراه يتفكك والكثيرون يبحثون عن فرصة للمغادرة والعودة من حيث جاؤوا بخلاف أهل غزة فهذه أرضهم وموطنهم. هذا كله في طريقه إلى التفكك جاؤوا من دول أخرى وهم يبحثون كيف يعودون من حيث أتوا .

• استهداف الإعلاميين سياسة إسرائيلية معلنة؟

-أكيد، هناك عدد كبير من الصحفيين قتلوا على مدى الأيام الأخيرة، أحد عشر صحفيا قتلوا خلال أيام وهذا رقم مرتفع ويعكس عداء للإعلام ورغبة في تغييب الحقائق وتزييف الرواية، ولكن أيضا يعكس الخوف من الحقيقة و من امتدادها لدى الرأي العام الدولي.

ملاحظة إن الإعلام العسكري حتى الآن لم يشتغل، الإعلام هو الجبهة القوية التي يجب دعمها في هذه المرحلة، بعض الفضائيات التي لديها تمويلات مهمة لا تزال على الميدان تنقل الحقائق وتفضح جرائم الاحتلال لكن بعض المحطات المحلية والإذاعات توقفت لأنه ليس لديها الإمكانيات للاستمرار. الإعلاميون الذين يواصلون المعركة نرفع لهم القبعة هم أبطال الميدان وأتمنى على الإعلام العربي أن يكون جاهزا للمعركة الإعلامية.

• هناك اجتماع ثان لمجلس الأمن الدولي ما الذي يمكن انتظاره

-نحن لا نراهن لا على مجلس الأمن ولا على غيره، أمريكا تبحث عن مخرج للازمة الراهنة ولكنها ترفض المس بإسرائيل رغم أنها تواصل القفز على القانون الدولي والعبث والاستخفاف به، أمريكا لا تريد توسع الحرب وإسرائيل تخاف ذلك أيضا ولهذا عجلت بإرسال بوارجها وأسلحتها لكن الأصابع على الزناد، أمريكا تبحث عن مخرج من هذا الوضع واستمرار الوضع على حاله يمكن أن يؤدي إلى أطراف أخرى في الحرب مثل حزب الله وإيران.

-ألا تخشون أن تتحول القضية اليوم إلى قضية إنسانية وأرقام واحتياجات غذائية؟

-طبعا هناك أزمة إنسانية خانقة ومن الطبيعي أن تكون على رأس الأولويات. المخارج من الأزمة تبدأ إنسانية وتتحول إلى سياسية، الغذاء والماء أساسي. المصابون ينتشرون في الشوارع وهناك عمليات جراحية تتم دون تبنيج الحالة مأساوية وطبعا لا يمكن في هذا الوضع البحث في المسائل السياسية أو حل الدولتين هذا لا اعتقد انه مطروح الآن.

• إلى أي مدى يمكن اعتبار ورقة الأسرى مهمة في تحديد مسار الأحداث؟

-طبعا هي ورقة قوية جدا رسائل المقاومة كانت واضحة في هذا الشأن وهي ورقة مهمة لتبييض سجون الاحتلال من الأسرى الفلسطينيين هناك أسرى مدنيين يمكن التعاطي معهم بطريقة معينة، ولكن هناك أيضا ملف الأسرى من الجيش الإسرائيلي و هذا ملف قوي ولا يمكن لأي دولة تحويله إلى مجرد قضية إنسانية ولهذا تواصل إسرائيل اعتقال مزيد من الفلسطينيين كل يوم لأنها تعتقد أنها بذلك يمكن أن تعجل بعملية تبادل الأسرى .

* ناتنياهو يؤكد أن هدفه القضاء على حماس هل هو قادر على ذلك؟

-يتوهّم نتنياهو وشركاؤه في أنّ الحرب التي يشنها على قطاع غزّة، ويجنّد من أجل ربحها كلّ طاقة الاحتياط، ستؤدّي إلى القضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة المسلّحة. ناتنياهو يهدد بأنّه سينتقل من مرحلة التدمير الشامل للمباني والمؤسّسات، والبنية التحتية، والشوارع، وإحكام الحصار على سكّان القطاع، إلى مرحلة الاجتياح البرّي، وهو يتناقض مع ما كان نتنياهو نفسه يلتزم به خلال السبعة عشر عاماً الماضية باعتبار أن ذلك يعمق الانقسام وبقاء حماس في غزة وفتح في الضفة. يستمدّ نتنياهو أوهامه، وتناقضاته، وهذه الشعارات انطلاقاً من طبيعة يتميّز بها ويتميّز بها شركاؤه من اليمين العنصري الفاشي، من حيث الرغبة في حسم الصراع، وإنهاء الوجود الفلسطيني، والرغبة في اقتفاء أثر العصابات الصهيونية، التي تميّزت بارتكاب المجازر والجرائم بحق الشعب الفلسطيني. لكن كلّ ما يتميّز به نتنياهو وشركاؤه من الإرهاب والعنصرية وتحقيق أوهام إسرائيل الكبرى، والشرق الأوسط الجديد، هو الدعم الحازم والكامل من قبل الولايات المتحدة والدول الاستعمارية الغربية. وقد تعودت دول أوروبا الغربية على إتباع سياسة التذيّل للولايات المتحدة، رغم أنّهم شركاء في الجريمة، شركاء في خلق إسرائيل واستمرارها، و هي لا تصدر موقفاً إلّا بعد الموقف الأميركي.

تقول أمريكا إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، ولم تكتفِ بذلك بل انخرطت في القتال مباشرة، من خلال إرسال حاملة طائراتها إلى المتوسّط، وإنشاء جسرٍ جوّي لتزويد إسرائيل بأدوات ووسائل قتل متقدمة.

الاحتلال في أوكرانيا، تجنّد في مواجهته كلّ الحلف الأطلسي، أما الاحتلال الإسرائيلي فإنّه احتلال يخدم السلام والأمن في المنطقة والعالم.

• أعلن بايدن أن نشر البوارج الأمريكية في المتوسّط يستهدف خفض الصراع ما المقصود بذلك؟

-كان واضحا وسمى حزب الله على وجه التحديد، ولكن الحقيقة أن خفض الصراع مقصود به منح إسرائيل ما تشاء من الوقت، لكي تقوم بإعادة رسم المشهد إلى مشهدٍ انتصاري يقول، إن إسرائيل مُمسِكة بالردع، وأنّ جيشها يتفوّق على من حوله، وأنّه قادر على تدفيع الثمن باهظاً لكلّ من يجرؤ على المساس بالإسرائيليين. بالتأكيد يريد بايدن ربح الوقت ومنع نحو دخول حزب الله على الخطّ، وحتى لا يؤدّي توسيع دائرة النار إلى الإطاحة بأحلامه إزاء صفقة التطبيع الإسرائيلية السعودية التي يعتبرها حبل الإنقاذ الذي يساعده في تحسين فرصه في الانتخابات الرئاسية.

• ناتنياهو يراهن على تدمير حماس واقتلاعها من المشهد؟

-سيعلم نتنياهو أنّ فلسطين وحدها هي خيار سكان غزة، وأنّهم لن يهاجروا إلى أيّ مكانٍ آخر حتى لو اقتضى الأمر، أن يعيدوا نصب خيامهم على الأنقاض. سيكون ناتنياهو مخطئ إن كان يعتقد أنّ بإمكانه القضاء على المقاومة، وعليه أن يعيد قراءة ما فعلته وهي مستمرة.

لقد خسرت إسرائيل أكثر من ألف ومائتي قتيل وآلاف الجرحى وما يزيد على مائتي أسير، باعتراف إسرائيل، وهل يمكن لإسرائيل أن تتحمّل الثمن في حال دخول جيشها إلى غزة بينما هي لم تتحمّل الثمن الذي دفعته خلال الأيّام الأربعة المنصرمة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews