إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

دون حلّ ودون حسم في مصيرها.. "الهايكا" تحت "التنفس الاصطناعي" القسري .. !

 

تونس – الصباح

في سنة انتخابية وفي ظل مشهد إعلامي مثير للجدل ولتباين المواقف، ومع انطلاق الشبكة الشتوية للبرامج التلفزية والإعلامية، يعود الحديث عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" وكانت الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعي والبصري قد أحدثت في 3 ماي 2013 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة وكان ذلك بمقتضى المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلّق بحريّة الاتّصال السّمعي البصري وبإحداث الهيئة. و"الهايكا" مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية وللهيئة دور أساسي في تنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري وتعديله وضمان تعدده وتنوعه وتوازنه واستقلاليّة وسائله، وفق ما ينص عليه قانونها الأساسي كما تسهر "الهايكا" على ضمان حرية التعبير في إطار احترام الضوابط القانونية وإلى جانب دورها في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان ..

وقد حاولت "الهايكا" منذ تأسيسها لعب هذه الأدوار المهمة والخطيرة المنوطة بعهدتها مع اختلاف تقييم تدخلاتها وأدائها ولكن هذا لا ينفي أهمية وجودها في المشهد إلا أن هذه الهيئة التعديلية تكاد تختفي تماما من المشهد منذ إعلان إجراءات 25 جويلية، حيث لم تعد قرارات "الهايكا" لا تُنّفذ ولا تؤثّر في المشهد حتى مواقف ما تبقى من أعضائها بدت مرتبكة ومتباعدة وغير متفاعلة مع الأحداث الخطيرة التي استجدت ولها علاقة بالإعلام.

وقد أعلن عضو الهيئة هشام السنوسي، هشام السنوسي، منذ أشهر أن العمل داخل "الهايكا" أصبح شبه مستحيل وأن مجلس الهيئة يطالب رئيس الجمهورية بتعيين رئيس جديد للهيئة الى حين انتخاب برلمان جديد..

غير أن الرئيس لم يعيّن رئيسا جديدا كما أن البرلمان تعامل مع الهيئة كأنها غير موجودة مثله مثل باقي المؤسسات الإعلامية والحكومة ورئاسة الجمهورية الذين يتجاهلون بشكل واضح وجود "الهايكا". وقد تم تعيين من طرف الأعضاء رئيس للأعضاء وذلك باعتبار "الفراغ المتأتي من عدم تجاوب رئيس الجمهورية مع مطلب الهيئة المتعّلق بتعيين رئيس بديل وحفاظا على المصلحة العامة وعلى استمرارية المرفق العام وحماية لمصالح الغير" وفق تأكيد أعضاء الهيئة المتبقين الذين يجمعون أن هناك "ضغوطات مسلطة على الهيئة، إضافة إلى رقابة إدارية مضروبة على أعمالها" وفق ما أكّده هشام السنوسي. وأضاف السنوسي وقتها أن الهيئة لا يزعجها إنهاء مهامها ما يقلقها هو أن تكون موجودة ولا دور لها وذلك بعد حذف "الهايكا" من الدستور وتجاهلها من الحكومة، رغم أنه وفق تصريحات بعض أعضائها أكدوا أنها قدمت 4 مشاريع قوانين منظمة لوسائل الإعلام ولم يتم التفاعل معها.

ولكن رغم الوضعية القانونية لـ"الهايكا" إلا أنه لم يتم الى اليوم اتخاذ قرار واضح بشأنها ومازال الأعضاء يتلقون أجورهم بالإضافة الى الفريق الإداري، كما أن "الهايكا" رفضت في وقت سابق التعامل مع هيئة الانتخابات ويصرّ الى اليوم أعضاؤها على أن تسلم العهدة الى "هايكا" جديدة من أجل الحفاظ على مشهد إعلامي متوازن وإعلام عمومي حر وليس إعلاما عموميا حكومي".

وفي كل الانتخابات التي سبقت إعلان إجراءات 25 جويلية لعبت "الهايكا" دورا هاما في مراقبة العملية الانتخابية ومراقبة أداء وسائل الإعلام في هذه الانتخابات خاصة إلا أنها لم تكن حاضرة في انتخابات مجلس نواب الشعب كما أنها لن تكون حاضرة في انتخابات المجالس المحلية حيث أشار رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر منذ أسابيع أن الهيئة قد تلجأ لسحب اعتماد منظمات معنية بالشأن الانتخابي قائلا "إنها أصبحت تلعب أدوارا سياسية أو تحولت إلى أحزاب" إن الحياد والموضوعية شرطان أساسيان لاعتماد هذه المنظمات كما ينص على ذلك مرسوم الجمعيات وجميع القوانين المنظمة للعملية الانتخابية.

وفي ذات السياق أكد بوعسكر إن علاقة هيئة الانتخابات بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) انتهت بعد صدور المرسوم عدد 8 لسنة 2023، الذي ينص على إلغاء إصدار قرار مشترك بين الهيئتين بخصوص تنظيم الحملة الانتخابية في الاستحقاقات الانتخابية.

ومن مظاهر وهن وضعف "الهايكا" مؤخرا هو عدم قدرتها، في غياب الإمكانيات التقنية وحتى اللوجستية، على مجاراة الرهانات وبقيت قراراتها متباعدة ودون تأثير مثل إعلانها مؤخرا عن قرارها رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضدّ رئيسة الحكومة بهدف إبطال قرارها تعيين رئيسة مديرة عامة على رأس مؤسسة الإذاعة التونسية والذي "يتعارض مع مقتضيات المرسوم 116 وخاصة الفصل 19 منه المتعلّق بالاستشارة الوجوبية للهيئة".

حيث فقدت "الهايكا" أهم أدوارها وهي استشارتها عندها تعيين مدراء عامين على رأس المؤسسات العمومية، هذا بالإضافة الى انكماش دورها الرقابي على وسائل الإعلام.. وهذا كله يؤشّر على أزمة الهيئة النابع من تجاهل السلطة لها اليوم وتركها تحت عملية تنفس اصطناعي قسري دون حلول ودون حسم في مصيرها .

منية العرفاوي

 

 

 

دون حلّ ودون حسم في مصيرها..   "الهايكا" تحت "التنفس الاصطناعي" القسري .. !

 

تونس – الصباح

في سنة انتخابية وفي ظل مشهد إعلامي مثير للجدل ولتباين المواقف، ومع انطلاق الشبكة الشتوية للبرامج التلفزية والإعلامية، يعود الحديث عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا" وكانت الهيئة العليا المستقلّة للاتّصال السّمعي والبصري قد أحدثت في 3 ماي 2013 بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة وكان ذلك بمقتضى المرسوم عدد 116 لسنة 2011 المؤرخ في 2 نوفمبر 2011 والمتعلّق بحريّة الاتّصال السّمعي البصري وبإحداث الهيئة. و"الهايكا" مؤسسة عمومية تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية وللهيئة دور أساسي في تنظيم قطاع الإعلام السمعي البصري وتعديله وضمان تعدده وتنوعه وتوازنه واستقلاليّة وسائله، وفق ما ينص عليه قانونها الأساسي كما تسهر "الهايكا" على ضمان حرية التعبير في إطار احترام الضوابط القانونية وإلى جانب دورها في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان ..

وقد حاولت "الهايكا" منذ تأسيسها لعب هذه الأدوار المهمة والخطيرة المنوطة بعهدتها مع اختلاف تقييم تدخلاتها وأدائها ولكن هذا لا ينفي أهمية وجودها في المشهد إلا أن هذه الهيئة التعديلية تكاد تختفي تماما من المشهد منذ إعلان إجراءات 25 جويلية، حيث لم تعد قرارات "الهايكا" لا تُنّفذ ولا تؤثّر في المشهد حتى مواقف ما تبقى من أعضائها بدت مرتبكة ومتباعدة وغير متفاعلة مع الأحداث الخطيرة التي استجدت ولها علاقة بالإعلام.

وقد أعلن عضو الهيئة هشام السنوسي، هشام السنوسي، منذ أشهر أن العمل داخل "الهايكا" أصبح شبه مستحيل وأن مجلس الهيئة يطالب رئيس الجمهورية بتعيين رئيس جديد للهيئة الى حين انتخاب برلمان جديد..

غير أن الرئيس لم يعيّن رئيسا جديدا كما أن البرلمان تعامل مع الهيئة كأنها غير موجودة مثله مثل باقي المؤسسات الإعلامية والحكومة ورئاسة الجمهورية الذين يتجاهلون بشكل واضح وجود "الهايكا". وقد تم تعيين من طرف الأعضاء رئيس للأعضاء وذلك باعتبار "الفراغ المتأتي من عدم تجاوب رئيس الجمهورية مع مطلب الهيئة المتعّلق بتعيين رئيس بديل وحفاظا على المصلحة العامة وعلى استمرارية المرفق العام وحماية لمصالح الغير" وفق تأكيد أعضاء الهيئة المتبقين الذين يجمعون أن هناك "ضغوطات مسلطة على الهيئة، إضافة إلى رقابة إدارية مضروبة على أعمالها" وفق ما أكّده هشام السنوسي. وأضاف السنوسي وقتها أن الهيئة لا يزعجها إنهاء مهامها ما يقلقها هو أن تكون موجودة ولا دور لها وذلك بعد حذف "الهايكا" من الدستور وتجاهلها من الحكومة، رغم أنه وفق تصريحات بعض أعضائها أكدوا أنها قدمت 4 مشاريع قوانين منظمة لوسائل الإعلام ولم يتم التفاعل معها.

ولكن رغم الوضعية القانونية لـ"الهايكا" إلا أنه لم يتم الى اليوم اتخاذ قرار واضح بشأنها ومازال الأعضاء يتلقون أجورهم بالإضافة الى الفريق الإداري، كما أن "الهايكا" رفضت في وقت سابق التعامل مع هيئة الانتخابات ويصرّ الى اليوم أعضاؤها على أن تسلم العهدة الى "هايكا" جديدة من أجل الحفاظ على مشهد إعلامي متوازن وإعلام عمومي حر وليس إعلاما عموميا حكومي".

وفي كل الانتخابات التي سبقت إعلان إجراءات 25 جويلية لعبت "الهايكا" دورا هاما في مراقبة العملية الانتخابية ومراقبة أداء وسائل الإعلام في هذه الانتخابات خاصة إلا أنها لم تكن حاضرة في انتخابات مجلس نواب الشعب كما أنها لن تكون حاضرة في انتخابات المجالس المحلية حيث أشار رئيس هيئة الانتخابات فاروق بوعسكر منذ أسابيع أن الهيئة قد تلجأ لسحب اعتماد منظمات معنية بالشأن الانتخابي قائلا "إنها أصبحت تلعب أدوارا سياسية أو تحولت إلى أحزاب" إن الحياد والموضوعية شرطان أساسيان لاعتماد هذه المنظمات كما ينص على ذلك مرسوم الجمعيات وجميع القوانين المنظمة للعملية الانتخابية.

وفي ذات السياق أكد بوعسكر إن علاقة هيئة الانتخابات بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) انتهت بعد صدور المرسوم عدد 8 لسنة 2023، الذي ينص على إلغاء إصدار قرار مشترك بين الهيئتين بخصوص تنظيم الحملة الانتخابية في الاستحقاقات الانتخابية.

ومن مظاهر وهن وضعف "الهايكا" مؤخرا هو عدم قدرتها، في غياب الإمكانيات التقنية وحتى اللوجستية، على مجاراة الرهانات وبقيت قراراتها متباعدة ودون تأثير مثل إعلانها مؤخرا عن قرارها رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية ضدّ رئيسة الحكومة بهدف إبطال قرارها تعيين رئيسة مديرة عامة على رأس مؤسسة الإذاعة التونسية والذي "يتعارض مع مقتضيات المرسوم 116 وخاصة الفصل 19 منه المتعلّق بالاستشارة الوجوبية للهيئة".

حيث فقدت "الهايكا" أهم أدوارها وهي استشارتها عندها تعيين مدراء عامين على رأس المؤسسات العمومية، هذا بالإضافة الى انكماش دورها الرقابي على وسائل الإعلام.. وهذا كله يؤشّر على أزمة الهيئة النابع من تجاهل السلطة لها اليوم وتركها تحت عملية تنفس اصطناعي قسري دون حلول ودون حسم في مصيرها .

منية العرفاوي

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews