إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. سجن السياسة !…

 

يرويها: أبوبكر الصغير

كلّما فُتح باب سجن أمام فاعل أو ناشط سياسي، إلا وكان تعبيرا وموقفا عن موت سياسة.

  في الحرب، كبار الضباط هم الذين يفكرون في المعركة ويصنعون تفاصيل مجرياتها ومآلاتها، يحصل ذلك ما دامت الحرب ووسومها لا تصل إلى القادة والجنرالات إلا على شكل فكرة أو مجرّد قرار أو أمر .

 علاقة السياسة أو بالأحرى السلطة بالمؤسسة السجنية تؤسس لها تكتيكات واستراتيجيات القوة، التي تترك آثارا مدمرة على أجساد الأفراد، تماما كما تترك الحرب ندوبا على أجساد الجنود.

   لكن ليس الأثر أو الندبة هما اللذان سيسمحان لنا بمتابعة خيط الإستراتيجية.

  حقيقة المسألة تتجسد في تلك التفاصيل الصغيرة، في الندبات والوجوه المميزة، في القهوة التي يشربها السجناء معا في الصباح الباكر أو النظرة المتغيرة، بطريقة الإمساك أو التراخي، أو الصمت والانغماس والانشغال عما هو غائب وبعيد، هناك في روح كل سجين شيء شخصي، لا يمكن تعويضه، ولا يستطيع الهروب منه.

دخول السجن هو بمثابة الغرق في قاع أفقي تحت الأرض، لاكتشاف بعد آخر للواقع، للحياة .

 الأجساد مقيّدة، والعقول أيضا، ليست كل الأفكار والكلمات مسموحة.

   مساحة دورة جنون تسمح لنا بمحاربة هذا العداد .

الإنسان أسير لمواقفه، في كل مرة يحولها عبر خطاب يخلط بين المعقول واللاّمعقول، والقهر والإلزام، إلى قدر يؤدي إلى إعطاء حتى الميت كل الحقوق، ويخلط بين القيمة والوجود، سلسلة من الأجيال مع حتمية المنحنى .

 انّ حرّية الفرد لا تكمن في أنّه يستطيع أن يفعل ما يريد، بل في أنّه لا يجب عليه أن يفعل ما لا يجب فعله حتى وإن أراده، أن يكون له تقدير موقف في كلّ خطوة أو موقف أو قرار، فلا حرية دون مسؤولية، دون وعي وإدراك لواقع الأمور .

 ليس مجال تحديد من أصاب ومن أخطا، أو التدخل أو التأثير في أمر محسوم مسبقا، بقدر ما تدفعنا هذه التطورات الى نداء إعمال العقل والوعي بما تحتاجه بلادنا من "وحدة وطنية" و"جبهة داخلية متماسكة" و"تشاركية سياسية لا إقصاء فيها لأي طرف أو احد".

 إن السّؤال الحارق اليوم كيف نعارض السلطة؟ وهل لايزال ذلك متاحا وممكنا؟ حتى بالنسبة للمواطن العادي من خلال تدوينة أو قولة أو حركة، يمكن أن يجد نفسه في موقع المساءلة، بما تنكر عليه تلك الميزة بشكل خاص في حقوقه وحرياته السياسية: حق الاقتراع بالتأكيد، لكن أيضا الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع والتظاهر.. هذه أمور متأصلة في الديمقراطية.

  لذلك فإن الصعوبات التي تعترض ممارستها بفعالية جديرة بالتفكير والاهتمام.

إن التساؤل حول معنى "المعارضة في الديمقراطية" له طبيعة مؤسسية و"إستراتيجية" أكثر بالنسبة للقوى السياسية الحزبية خاصة.

‎ المشكلة حادة للغاية مع "الشعبوية اليسارية المتطرفة والعقيدة اليمينية الرجعية"، كذلك المنطق الصراعي الذي نظريته موضوع انتقاد مشروع الانجاز الوطني الرّاهن .

‎لدينا الحق في العيش في ديمقراطية، حيث يكون النقاش واضحا وهادئا ومتناقضا.

‎ هذا ما يطمح إليه أغلب من يريدون خيرا لهذه البلاد .

 يدخل الظلم الطاقة السلبية في نفوس الناس، من قهر وشعور بالرغبة في الأخذ بالثأر مما يترتب عنه عدم الشعور بالأمان .

 فالظلم هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن للمرء أن يدافع عنه.. فالإنسان يفقد روحه عندما يتوقف عن مساندة الحقّ والعدل .

 

 

 

 

 

حكاياتهم  .. سجن السياسة !…

 

يرويها: أبوبكر الصغير

كلّما فُتح باب سجن أمام فاعل أو ناشط سياسي، إلا وكان تعبيرا وموقفا عن موت سياسة.

  في الحرب، كبار الضباط هم الذين يفكرون في المعركة ويصنعون تفاصيل مجرياتها ومآلاتها، يحصل ذلك ما دامت الحرب ووسومها لا تصل إلى القادة والجنرالات إلا على شكل فكرة أو مجرّد قرار أو أمر .

 علاقة السياسة أو بالأحرى السلطة بالمؤسسة السجنية تؤسس لها تكتيكات واستراتيجيات القوة، التي تترك آثارا مدمرة على أجساد الأفراد، تماما كما تترك الحرب ندوبا على أجساد الجنود.

   لكن ليس الأثر أو الندبة هما اللذان سيسمحان لنا بمتابعة خيط الإستراتيجية.

  حقيقة المسألة تتجسد في تلك التفاصيل الصغيرة، في الندبات والوجوه المميزة، في القهوة التي يشربها السجناء معا في الصباح الباكر أو النظرة المتغيرة، بطريقة الإمساك أو التراخي، أو الصمت والانغماس والانشغال عما هو غائب وبعيد، هناك في روح كل سجين شيء شخصي، لا يمكن تعويضه، ولا يستطيع الهروب منه.

دخول السجن هو بمثابة الغرق في قاع أفقي تحت الأرض، لاكتشاف بعد آخر للواقع، للحياة .

 الأجساد مقيّدة، والعقول أيضا، ليست كل الأفكار والكلمات مسموحة.

   مساحة دورة جنون تسمح لنا بمحاربة هذا العداد .

الإنسان أسير لمواقفه، في كل مرة يحولها عبر خطاب يخلط بين المعقول واللاّمعقول، والقهر والإلزام، إلى قدر يؤدي إلى إعطاء حتى الميت كل الحقوق، ويخلط بين القيمة والوجود، سلسلة من الأجيال مع حتمية المنحنى .

 انّ حرّية الفرد لا تكمن في أنّه يستطيع أن يفعل ما يريد، بل في أنّه لا يجب عليه أن يفعل ما لا يجب فعله حتى وإن أراده، أن يكون له تقدير موقف في كلّ خطوة أو موقف أو قرار، فلا حرية دون مسؤولية، دون وعي وإدراك لواقع الأمور .

 ليس مجال تحديد من أصاب ومن أخطا، أو التدخل أو التأثير في أمر محسوم مسبقا، بقدر ما تدفعنا هذه التطورات الى نداء إعمال العقل والوعي بما تحتاجه بلادنا من "وحدة وطنية" و"جبهة داخلية متماسكة" و"تشاركية سياسية لا إقصاء فيها لأي طرف أو احد".

 إن السّؤال الحارق اليوم كيف نعارض السلطة؟ وهل لايزال ذلك متاحا وممكنا؟ حتى بالنسبة للمواطن العادي من خلال تدوينة أو قولة أو حركة، يمكن أن يجد نفسه في موقع المساءلة، بما تنكر عليه تلك الميزة بشكل خاص في حقوقه وحرياته السياسية: حق الاقتراع بالتأكيد، لكن أيضا الحق في حرية الرأي والتعبير والتجمع والتظاهر.. هذه أمور متأصلة في الديمقراطية.

  لذلك فإن الصعوبات التي تعترض ممارستها بفعالية جديرة بالتفكير والاهتمام.

إن التساؤل حول معنى "المعارضة في الديمقراطية" له طبيعة مؤسسية و"إستراتيجية" أكثر بالنسبة للقوى السياسية الحزبية خاصة.

‎ المشكلة حادة للغاية مع "الشعبوية اليسارية المتطرفة والعقيدة اليمينية الرجعية"، كذلك المنطق الصراعي الذي نظريته موضوع انتقاد مشروع الانجاز الوطني الرّاهن .

‎لدينا الحق في العيش في ديمقراطية، حيث يكون النقاش واضحا وهادئا ومتناقضا.

‎ هذا ما يطمح إليه أغلب من يريدون خيرا لهذه البلاد .

 يدخل الظلم الطاقة السلبية في نفوس الناس، من قهر وشعور بالرغبة في الأخذ بالثأر مما يترتب عنه عدم الشعور بالأمان .

 فالظلم هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن للمرء أن يدافع عنه.. فالإنسان يفقد روحه عندما يتوقف عن مساندة الحقّ والعدل .

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews