إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين الذكرى الـ50 لحرب 6 أكتوبر وهجوم حمص الإرهابي... ضحايا سوريا لا بواكي لهم.. والتطبيع العربي مع دمشق مؤجل

 

تونس- الصباح

حداد رسمي وحزن في سوريا التي يبدو أنها طبعت مع المآسي المتكررة على وقع تفاقم الأزمات وتعمق الجروح والانقسامات رغم مضي أكثر من عقد على اندلاع الحرب التي عصفت بهذا البلد وجعلته مخترقا من جيوش أجنبية ولكن أيضا من جماعات إرهابية مسلحة ..

المشهد موغل في الدم، إذ وفيما كان خريجو الكلية العسكرية بحمص يستعدون للاحتفال بتخرج دورة جديدة عجلت يد الإرهاب لنسف الاحتفال وتحويل الفرح إلى مأتم.. خجولة ومترددة هي الأصوات العربية والدولية مع بعض الاستثناءات التي نددت بالهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة حمص السورية وأسفر عن مجزرة آدمية اختلطت فيها دماء الشباب من خريجي المدرسة العسكرية في حمص بدماء الأمهات والأطفال الذين جاؤوا للمشاركة في الاحتفال بتخرج ذويهم..، مجزرة مروعة ظلت خلالها أرقام الضحايا ترتفع لتفرض بعد الصدمة أكثر من نقطة استفهام حول المشهد السوري الدموي وتعدد الاختراقات من التنظيمات الإرهابية المسلحة والشبكات المدعومة من قوى دولية وإقليمية تستبيح أكثر من منطقة في الخارطة السورية منذ أكثر من عقد.. عادت سوريا مع قمة جدة في مارس الماضي إلى حضن الجامعة العربية واستعادت سوريا مقعدها بعد غياب استمر أكثر من عقد ولكنها بقيت عودة وكأنها لم تكن وقد غاب الحديث عن التطبيع مع دمشق فيما تحول الحديث عن استمرار قطار التطبيع مع تل أبيب إلى خبر يومي..، تراجع التعاطف الذي ظهر مع سوريا بعد كارثة الزلزال المدمر وضعفت الإرادة التي طغت على المشهد والوعود بدعم سوريا في مطالبها بصد الجماعات الإرهابية التي اخترقت حدودها.. وقد ودعت سوريا بالأمس ضحاياها من الشباب والنساء والأطفال فيما تتفاقم المخاوف والتهديدات الإرهابية من تكرار المجزرة التي حدثت..

وزير الدفاع السوري العماد علي عباس كان حاضرا خلال الاحتفال ونجا بأعجوبة لسبب بسيط وهو أنه غادر قبل وقوع الهجوم وليس من الواضح إن كان مستهدفا في الهجوم أو ما إذا كان تواجده مجرد صدفة، علما وأنه لا مكان للصدفة في مثل هذه الأحداث في بلد مثل سوريا تنهشه الأنياب من كل جانب.. وربما كان المهاجمون يوجهون بذلك رسالة للرئيس السوري بأنه لا أحد من النظام بمنأى من هجمات الإرهابيين ...

-بين حمص وخاركوف

الهجوم على حمص تزامن مع وقوع هجوم مماثل استهدف قرية خاركوف شمال شرق أوكرانيا وقتل خلاله أكثر من خمسين شخصا من بينهم مدنيين بصاروخ تقول السلطات الأوكرانية إنه روسي وان الضحايا وقعوا أثناء حضورهم حفل تأبين في مقهى ومتجر، وقد هيمن خبر الهجوم على مختلف الفضائيات التي سلطت الأضواء على الهجوم الروسي وتداعياته الخطيرة على الحرب الراهنة فيما بقي الهجوم على حمص مجرد عنوان في الأنباء العاجلة.. طبعا لسنا بصدد التقليل من حجم وخطورة الهجوم الصاروخي الذي استهدف مدنيين في خاركوف التي تحولت إلى ركام والحقيقة أن الحصيلة كانت ثقيلة بل قناعتنا أن حياة المدنيين مقدسة ولا تقبل الاستهانة بها.. ولكن ما نسوقه إن ما حدث ويحدث في سوريا تحول إلى مشهد مألوف لا يستدعي الاهتمام أو المتابعة وهذا خطأ وإجحاف في حق الضحايا وهو يفترض أكثر من قراءة حول أهداف هذا الهجوم الإرهابي وتوقيته وقد عجل الأمين العام للأمم المتحدة إلى التنديد بالهجوم على المدنيين الذي تحظره القوانين الإنسانية الدولية، كما دانت منسّقة أوكرانيا في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية دينيس براون بالهجوم وقالت إنها "شعرت بالفزع" وأن الصور من مكان الغارة "مروعة للغاية" لتخلص إلى أن "تنفيذ هجوم عمدا ضد مدنيين أو أهداف مدنية جريمة حرب". ولو أننا تعمدنا إخفاء اسم القرية المستهدفة لوجدنا أن الوصف ينسحب على ما حدث في مدينة حمص السورية...

-بالتزامن مع ذكرى حرب أكتوبر

ليس سرا أن هجوم حمص يأتي مع حلول الذكرى الخمسين لنصر 6 أكتوبر الذي يبدو أنه لا يراد للذاكرة العربية استعادته وهو يأتي أيضا فيما بدأ كيان الاحتلال يكشف مزيد الأسرار عن هذه الحرب التي تسميها وسائل الإعلام الإسرائيلية بالحلقة الأكثر صدمة في تاريخ الكيان، حيث شنت القوات العربية السورية المصرية في 6 أكتوبر 1973، شنت القوات السورية والمصرية هجوما مشتركا، مما أدى إلى مفاجأة قوات الدفاع الإسرائيلية...

-حمص مدينة الوليد

مدينة حمص والتي تعرف أيضا بمدينة الوليد التي تحتضن ضريح القائد العسكري خالد بن الوليد بانت مسرحا لجريمة حرب مفتوحة انتهت حسب حصيلة غير نهائية إلى أكثر من مائة قتيل وضعفها من المصابين... ولعله من المهم الإشارة إلى أن أبرز ردود الأفعال بعد الهجوم على حمص جاءت من الحليف الروسي بوتين وهو أمر طبيعي إلى جانب فينزويلا التي نددت بالمجزرة فيما اتصف الموقف الدولي والعربي عموما بالصمت المخجل وكأن رفض مثل هذه الجرائم وهي جرائم إرهابية لا يعني التنديد بها ورفضها بالضرورة الوقوف أو دعم نظام الأسد.. والحقيقة أن الصمت إزاء ما حدث في الكلية الحربية بحمص أشبه بضوء اخضر للجماعات الإرهابية للمضي قدما في أفعالها الشنيعة التي تمت بطائرات دون طيار محملة بمقذوفات على مقر الأكاديمية العسكرية في حمص...، بعد أكثر من عقد على الحرب في سوريا يبقى المشهد السوري مفتوحا على كل السيناريوهات بين نظام هش يحاول استعادة مواقعه وإعادة فرض سيطرته على ما فقده من مواقع إستراتيجية في سوريا التي تخضع لقوات أجنبية تركية وإيرانية وأمريكية وروسية وغيرها دون اعتبار للشبكات الإرهابية المسلحة ..

لم تتبن أي جماعة العملية ولكن ما نشر من مشاهد يذكر بهجمات مماثلة استهدفت كليات أو مدارس عسكرية من العراق إلى باكستان إلى أفغانستان وسوريا.. أصابع الاتهام حسب بعض المواقع اتجهت إلى ما يسمى بالحزب التركستاني وكتيبة المهاجرين، على اعتبار أنهما الفصيلان اللذان يمتلكان تقنية الطائرات المسيرة.. ويبدو أن قوى دولية وراء تزويدها بهذه التقنية الدقيقة التي تعزز قدرات الإرهاب والإرهابيين.

الهجوم الإرهابي على الكلية الحربية تزامن بدوره مع غارات جوية تركية في الشمال الشرقي للبلاد، الذي يسيطر عليه الأكراد، أدى إلى مقتل 9 أشخاص على الأقل، ردّاً على ما تصفه تركيا بالهجوم الذي استهدف وزارة الداخلية في أنقرة. وقال اردوغان إن المهاجمين جاءا من سوريا ..

ومع انه لا وجود لحصيلة نهائية للحرب المستمرة في سوريا فان بعض التقارير تشير إلى أن أكثر من نصف مليون قتلوا في سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011 وتحول الاحتجاجات الشعبية إلى حرب استنزاف تداخلت فيها جيوش أجنبية وجدت لنفسها موطئ قدم في سوريا وحركات مسلحة وجماعات انفصالية لم تتوقف عن نهش سوريا التي خذلها الأشقاء فتحولت إلى مخبر مفتوح لكل أنواع السلاح الذي تمكنت منه الشبكات الإرهابية ...

بما يعني صراحة أن ضحايا سوريا لا بواكي لهم وأن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية لم يكن حتى الآن أكثر من شعار ..

اسيا العتروس

 

 

 

 

 

 

 

بين الذكرى الـ50 لحرب 6 أكتوبر وهجوم حمص الإرهابي... ضحايا سوريا لا بواكي لهم.. والتطبيع العربي مع دمشق مؤجل

 

تونس- الصباح

حداد رسمي وحزن في سوريا التي يبدو أنها طبعت مع المآسي المتكررة على وقع تفاقم الأزمات وتعمق الجروح والانقسامات رغم مضي أكثر من عقد على اندلاع الحرب التي عصفت بهذا البلد وجعلته مخترقا من جيوش أجنبية ولكن أيضا من جماعات إرهابية مسلحة ..

المشهد موغل في الدم، إذ وفيما كان خريجو الكلية العسكرية بحمص يستعدون للاحتفال بتخرج دورة جديدة عجلت يد الإرهاب لنسف الاحتفال وتحويل الفرح إلى مأتم.. خجولة ومترددة هي الأصوات العربية والدولية مع بعض الاستثناءات التي نددت بالهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة حمص السورية وأسفر عن مجزرة آدمية اختلطت فيها دماء الشباب من خريجي المدرسة العسكرية في حمص بدماء الأمهات والأطفال الذين جاؤوا للمشاركة في الاحتفال بتخرج ذويهم..، مجزرة مروعة ظلت خلالها أرقام الضحايا ترتفع لتفرض بعد الصدمة أكثر من نقطة استفهام حول المشهد السوري الدموي وتعدد الاختراقات من التنظيمات الإرهابية المسلحة والشبكات المدعومة من قوى دولية وإقليمية تستبيح أكثر من منطقة في الخارطة السورية منذ أكثر من عقد.. عادت سوريا مع قمة جدة في مارس الماضي إلى حضن الجامعة العربية واستعادت سوريا مقعدها بعد غياب استمر أكثر من عقد ولكنها بقيت عودة وكأنها لم تكن وقد غاب الحديث عن التطبيع مع دمشق فيما تحول الحديث عن استمرار قطار التطبيع مع تل أبيب إلى خبر يومي..، تراجع التعاطف الذي ظهر مع سوريا بعد كارثة الزلزال المدمر وضعفت الإرادة التي طغت على المشهد والوعود بدعم سوريا في مطالبها بصد الجماعات الإرهابية التي اخترقت حدودها.. وقد ودعت سوريا بالأمس ضحاياها من الشباب والنساء والأطفال فيما تتفاقم المخاوف والتهديدات الإرهابية من تكرار المجزرة التي حدثت..

وزير الدفاع السوري العماد علي عباس كان حاضرا خلال الاحتفال ونجا بأعجوبة لسبب بسيط وهو أنه غادر قبل وقوع الهجوم وليس من الواضح إن كان مستهدفا في الهجوم أو ما إذا كان تواجده مجرد صدفة، علما وأنه لا مكان للصدفة في مثل هذه الأحداث في بلد مثل سوريا تنهشه الأنياب من كل جانب.. وربما كان المهاجمون يوجهون بذلك رسالة للرئيس السوري بأنه لا أحد من النظام بمنأى من هجمات الإرهابيين ...

-بين حمص وخاركوف

الهجوم على حمص تزامن مع وقوع هجوم مماثل استهدف قرية خاركوف شمال شرق أوكرانيا وقتل خلاله أكثر من خمسين شخصا من بينهم مدنيين بصاروخ تقول السلطات الأوكرانية إنه روسي وان الضحايا وقعوا أثناء حضورهم حفل تأبين في مقهى ومتجر، وقد هيمن خبر الهجوم على مختلف الفضائيات التي سلطت الأضواء على الهجوم الروسي وتداعياته الخطيرة على الحرب الراهنة فيما بقي الهجوم على حمص مجرد عنوان في الأنباء العاجلة.. طبعا لسنا بصدد التقليل من حجم وخطورة الهجوم الصاروخي الذي استهدف مدنيين في خاركوف التي تحولت إلى ركام والحقيقة أن الحصيلة كانت ثقيلة بل قناعتنا أن حياة المدنيين مقدسة ولا تقبل الاستهانة بها.. ولكن ما نسوقه إن ما حدث ويحدث في سوريا تحول إلى مشهد مألوف لا يستدعي الاهتمام أو المتابعة وهذا خطأ وإجحاف في حق الضحايا وهو يفترض أكثر من قراءة حول أهداف هذا الهجوم الإرهابي وتوقيته وقد عجل الأمين العام للأمم المتحدة إلى التنديد بالهجوم على المدنيين الذي تحظره القوانين الإنسانية الدولية، كما دانت منسّقة أوكرانيا في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية دينيس براون بالهجوم وقالت إنها "شعرت بالفزع" وأن الصور من مكان الغارة "مروعة للغاية" لتخلص إلى أن "تنفيذ هجوم عمدا ضد مدنيين أو أهداف مدنية جريمة حرب". ولو أننا تعمدنا إخفاء اسم القرية المستهدفة لوجدنا أن الوصف ينسحب على ما حدث في مدينة حمص السورية...

-بالتزامن مع ذكرى حرب أكتوبر

ليس سرا أن هجوم حمص يأتي مع حلول الذكرى الخمسين لنصر 6 أكتوبر الذي يبدو أنه لا يراد للذاكرة العربية استعادته وهو يأتي أيضا فيما بدأ كيان الاحتلال يكشف مزيد الأسرار عن هذه الحرب التي تسميها وسائل الإعلام الإسرائيلية بالحلقة الأكثر صدمة في تاريخ الكيان، حيث شنت القوات العربية السورية المصرية في 6 أكتوبر 1973، شنت القوات السورية والمصرية هجوما مشتركا، مما أدى إلى مفاجأة قوات الدفاع الإسرائيلية...

-حمص مدينة الوليد

مدينة حمص والتي تعرف أيضا بمدينة الوليد التي تحتضن ضريح القائد العسكري خالد بن الوليد بانت مسرحا لجريمة حرب مفتوحة انتهت حسب حصيلة غير نهائية إلى أكثر من مائة قتيل وضعفها من المصابين... ولعله من المهم الإشارة إلى أن أبرز ردود الأفعال بعد الهجوم على حمص جاءت من الحليف الروسي بوتين وهو أمر طبيعي إلى جانب فينزويلا التي نددت بالمجزرة فيما اتصف الموقف الدولي والعربي عموما بالصمت المخجل وكأن رفض مثل هذه الجرائم وهي جرائم إرهابية لا يعني التنديد بها ورفضها بالضرورة الوقوف أو دعم نظام الأسد.. والحقيقة أن الصمت إزاء ما حدث في الكلية الحربية بحمص أشبه بضوء اخضر للجماعات الإرهابية للمضي قدما في أفعالها الشنيعة التي تمت بطائرات دون طيار محملة بمقذوفات على مقر الأكاديمية العسكرية في حمص...، بعد أكثر من عقد على الحرب في سوريا يبقى المشهد السوري مفتوحا على كل السيناريوهات بين نظام هش يحاول استعادة مواقعه وإعادة فرض سيطرته على ما فقده من مواقع إستراتيجية في سوريا التي تخضع لقوات أجنبية تركية وإيرانية وأمريكية وروسية وغيرها دون اعتبار للشبكات الإرهابية المسلحة ..

لم تتبن أي جماعة العملية ولكن ما نشر من مشاهد يذكر بهجمات مماثلة استهدفت كليات أو مدارس عسكرية من العراق إلى باكستان إلى أفغانستان وسوريا.. أصابع الاتهام حسب بعض المواقع اتجهت إلى ما يسمى بالحزب التركستاني وكتيبة المهاجرين، على اعتبار أنهما الفصيلان اللذان يمتلكان تقنية الطائرات المسيرة.. ويبدو أن قوى دولية وراء تزويدها بهذه التقنية الدقيقة التي تعزز قدرات الإرهاب والإرهابيين.

الهجوم الإرهابي على الكلية الحربية تزامن بدوره مع غارات جوية تركية في الشمال الشرقي للبلاد، الذي يسيطر عليه الأكراد، أدى إلى مقتل 9 أشخاص على الأقل، ردّاً على ما تصفه تركيا بالهجوم الذي استهدف وزارة الداخلية في أنقرة. وقال اردوغان إن المهاجمين جاءا من سوريا ..

ومع انه لا وجود لحصيلة نهائية للحرب المستمرة في سوريا فان بعض التقارير تشير إلى أن أكثر من نصف مليون قتلوا في سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011 وتحول الاحتجاجات الشعبية إلى حرب استنزاف تداخلت فيها جيوش أجنبية وجدت لنفسها موطئ قدم في سوريا وحركات مسلحة وجماعات انفصالية لم تتوقف عن نهش سوريا التي خذلها الأشقاء فتحولت إلى مخبر مفتوح لكل أنواع السلاح الذي تمكنت منه الشبكات الإرهابية ...

بما يعني صراحة أن ضحايا سوريا لا بواكي لهم وأن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية لم يكن حتى الآن أكثر من شعار ..

اسيا العتروس

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews