إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تعاطف سياسي.. وإضرابات جوع مشتركة: هل توحد "الظروف الموضوعية" أحزاب المعارضة في تونس؟

 

تونس-الصباح

رغم نجاحها في جر النظام السياسي لقيس سعيد الى مربع ردة الفعل الذي ترجمته سلسلة الإيقافات لعدد كبير من قيادات المعارضة الوطنية، فإن هذه المعارضات فشلت في تحقيق لحظة الوحدة السياسية لمواجهة الظروف الموضوعية المفروضة عليها منذ 25 جويلية 2021.

ومازالت الأحزاب تعزف نشازا سياسيا في ظل نزيف التشتت داخليا وفي وقت كان لزاما عليها التوحد بعد أن كشفت عن أهدافها المشتركة في إنهاء "الانقلاب" حسب البعض وفي خلق ميزان قوى يعدل من كفة الشأن العام لمواجهة المسار الرئاسي.

وإذ بقيت المعارضة بعيدة عن أي تأثير كبير نتيجة الانغلاق السياسي للنظام فإنها حافظت على خط المناوشة السياسية ضد سعيد بالتحركات الميدانية تارة والبيانات تارة أخرى وإضرابات الجوع لكن دون أن تقدم الأحزاب بدائل مقنعة.

وقد زاد الأمر سوءا مع بداية الإيقافات التي شملت قيادات الصف الأول من أمناء عامين ورؤساء أحزاب ومستقلين من مختلف العائلات السياسية آخرها رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي أول امس بجهة قرطاج.

وشكل واقع الإيقافات مدخلا للتعبير عن التضامن السياسي والحزبي بغض النظر عن الانتماءات الفكرية والإيديولوجية. ففي تعليق له عن عملية إيقاف موسي عبر الأمين العام لحزب العمال حمّة الهمّامي عن رفضه لـ"اعتقال السّياسيّين".

وأضاف الهمّامي أنّه "كان بالإمكان تسلم الوثيقة التي تقدمت بها عبير موسي إلى القصر الرئاسي بقرطاج وعدم اللجوء إلى إيقافها ليتطور الأمر ربما إلى تهم جنائية".

واعتبر أن ما اسماه الاستبداد يؤدي عادة إلى مثل هذه الممارسات، مضيفا أنه لا يتفق مع عبير موسي في علاقة بأطروحاتها السياسية، لكنه يرفض مثل هذه الممارسات.

وختم حمّة الهمّامي قائلا إنّه يرجّح أنّ وراء إيقاف عبير موسي هدف خطير وهو "يندرج في إطار تصفية حسابات سياسية وإفراغ الساحة السياسية"، على حدّ قوله.

ولم يختلف موقف الهمامي من إيقاف عبير موسي عن موقفه من الإيقافات التي شملت بعضا من اليسار أو الإسلاميين حيث أقر " أن الأزمة السياسية في تونس أخذت منحى جديدا بالإيقافات وهو ما توقعه حزب العمال منذ فترة ، وفق تعبيره.

وأكد الهمامي "أن هذه الإيقافات لا يراد منها المحاسبة استجابة لمطالب الشعب إنما هي تصفية حسابات سياسية."

ورغم تجاوز واقع الخلاف السياسي العميق ورغم انه لم يعلن عن تضامنه معها فقد دعا القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي الى ضرورة الضمانات القانونية لعبير موسي .

وقال الشعيبي في تدوينة "إن السيدة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري ارتكبت ما يكفي من الجرائم السياسية والأخلاقية ما يجعلها تحت طائلة المتابعة القانونية.. لكن هل يبرر ذلك انتهاك حقوقها والتنكيل بها؟ حتما لا.. يمكن أن يكون ما فعلته أمام قصر قرطاج مجرما قانونيا، لكن ما يكفله لها القانون من ضمانات ليس من حق سلطة "الانقلاب" حرمانها منه..لا أستطيع حقيقة أن أتضامن معها، لأنني أعتبرها أحد أهم أعداء الديمقراطية في تونس".

ولئن دفع اعتقال موسي بخصومها الى تبني تسبيق أولويات الظروف العادلة والقانونية لعملية إيقافها فقد شكل هذا الأمر دافعا للتساؤل هل ينجح سعيد في توحيد خصومه؟ هل يشكل 25 جويلية الأرضية الخصبة لظهور ميزان سياسي لمواجهة التمشي الرئاسي؟

سياسيا شكل التحرك المشترك بين جبهة الخلاص وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية يوم 29 مارس 2023 أمام وزارة العدل للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية ما بات يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة بارقة أمل لإعادة صياغة معارضة موحدة.

ونجحت وقفة قطبي المعارضة الوطنية في فك العزلة عن بعضها البعض بعد أن خيرت تنسيقية الأحزاب العمل بعيدا عن جبهة الخلاص ورفض أي تقارب معها، غير أن ذلك الأمر لم يتواصل بعد أن تجاوز المحتجون وقتها أزمتهم الإيديولوجية بتقديم التناقض الرئيسي والمتمثل أساسا في رفض سياسات سعيد عن التناقض الثانوي والقائم على خلافات قابلة للتجاوز.

وخرجت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية كما جبهة المعارضة من دائرة الرفض والنفور الى سياسة الحد الأدنى بعد أن اشترك جميعهم في رفع وصياغة ذات الشعارات في ظل غياب المعلومات الدقيقة عن ملف الإيقافات.

ولم يكن مطلب الإفراج عن الموقوفين المشترك الوحيد للمعارضة حيث تقاطعت مواقفهم في أكثر من محطة آخرها إضرابات الجوع المشتركة بعد أن دخلت قيادات من النهضة ومن اليسار الاجتماعي ومن المستقلين في إضراب جوع تضامني مع القيادي بجبهة الخلاص جوهر بن مبارك وبقية الموقوفين في إطار ما يعرف بقضية "التآمر على امن الدولة" .

كما تماهت مواقف تنسيقية الأحزاب وجبهة الخلاص والدستوري الحر في الدعوة لمقاطعة الانتخابات المحلية وهو ما دعت له في وقت سابق قوى المعارضة حين رفضت خوض الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها واستفتاء 25 جويلية الماضي حيث كان لها الدور البارز في إقناع الناخبين بعدم التوجه الى صناديق الاقتراع والتشكيك في نتائج التصويت لاحقا.

ولم يختلف موقف جبهة الخلاص عن منطوق الحزب الجمهوري في الدعوة للعمل المشترك ونبذ الخلافات بين أقطاب المعارضة وتبنت جبهة الخلاص والحزب الجمهوري في ندوة سياسية مشتركة سابقا الدعوة الى تنظيم "مؤتمر وطني للمعارضة الديمقراطية"، وجاء هذا الموقف على لسان الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي (موقوف الآن بسجن المرناقية ويخوض إضراب جوع).

ووجد هذا المقترح تفاعلا مع رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي حيث أكد انه من "واجب المعارضة توحيد الكلمة والصف من أجل تعديل علاقة القوة والوصول بها إلى نقطة التحول مما يجعل التغيير على رأس السلطة أمرا لا مفرا منه".

وأضاف أن "جبهة الخلاص ستستمر في حشد القوى في الداخل وفي مختلف المدن والعاصمة لتنظيم مظاهرات كبرى" داعيا الأحزاب إلى "نبذ الخلافات إلى حين عودة الشرعية إلى البلاد".

خليل الحناشي

تعاطف سياسي.. وإضرابات جوع مشتركة:   هل توحد "الظروف الموضوعية" أحزاب المعارضة في تونس؟

 

تونس-الصباح

رغم نجاحها في جر النظام السياسي لقيس سعيد الى مربع ردة الفعل الذي ترجمته سلسلة الإيقافات لعدد كبير من قيادات المعارضة الوطنية، فإن هذه المعارضات فشلت في تحقيق لحظة الوحدة السياسية لمواجهة الظروف الموضوعية المفروضة عليها منذ 25 جويلية 2021.

ومازالت الأحزاب تعزف نشازا سياسيا في ظل نزيف التشتت داخليا وفي وقت كان لزاما عليها التوحد بعد أن كشفت عن أهدافها المشتركة في إنهاء "الانقلاب" حسب البعض وفي خلق ميزان قوى يعدل من كفة الشأن العام لمواجهة المسار الرئاسي.

وإذ بقيت المعارضة بعيدة عن أي تأثير كبير نتيجة الانغلاق السياسي للنظام فإنها حافظت على خط المناوشة السياسية ضد سعيد بالتحركات الميدانية تارة والبيانات تارة أخرى وإضرابات الجوع لكن دون أن تقدم الأحزاب بدائل مقنعة.

وقد زاد الأمر سوءا مع بداية الإيقافات التي شملت قيادات الصف الأول من أمناء عامين ورؤساء أحزاب ومستقلين من مختلف العائلات السياسية آخرها رئيسة الحزب الدستوري عبير موسي أول امس بجهة قرطاج.

وشكل واقع الإيقافات مدخلا للتعبير عن التضامن السياسي والحزبي بغض النظر عن الانتماءات الفكرية والإيديولوجية. ففي تعليق له عن عملية إيقاف موسي عبر الأمين العام لحزب العمال حمّة الهمّامي عن رفضه لـ"اعتقال السّياسيّين".

وأضاف الهمّامي أنّه "كان بالإمكان تسلم الوثيقة التي تقدمت بها عبير موسي إلى القصر الرئاسي بقرطاج وعدم اللجوء إلى إيقافها ليتطور الأمر ربما إلى تهم جنائية".

واعتبر أن ما اسماه الاستبداد يؤدي عادة إلى مثل هذه الممارسات، مضيفا أنه لا يتفق مع عبير موسي في علاقة بأطروحاتها السياسية، لكنه يرفض مثل هذه الممارسات.

وختم حمّة الهمّامي قائلا إنّه يرجّح أنّ وراء إيقاف عبير موسي هدف خطير وهو "يندرج في إطار تصفية حسابات سياسية وإفراغ الساحة السياسية"، على حدّ قوله.

ولم يختلف موقف الهمامي من إيقاف عبير موسي عن موقفه من الإيقافات التي شملت بعضا من اليسار أو الإسلاميين حيث أقر " أن الأزمة السياسية في تونس أخذت منحى جديدا بالإيقافات وهو ما توقعه حزب العمال منذ فترة ، وفق تعبيره.

وأكد الهمامي "أن هذه الإيقافات لا يراد منها المحاسبة استجابة لمطالب الشعب إنما هي تصفية حسابات سياسية."

ورغم تجاوز واقع الخلاف السياسي العميق ورغم انه لم يعلن عن تضامنه معها فقد دعا القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي الى ضرورة الضمانات القانونية لعبير موسي .

وقال الشعيبي في تدوينة "إن السيدة عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري ارتكبت ما يكفي من الجرائم السياسية والأخلاقية ما يجعلها تحت طائلة المتابعة القانونية.. لكن هل يبرر ذلك انتهاك حقوقها والتنكيل بها؟ حتما لا.. يمكن أن يكون ما فعلته أمام قصر قرطاج مجرما قانونيا، لكن ما يكفله لها القانون من ضمانات ليس من حق سلطة "الانقلاب" حرمانها منه..لا أستطيع حقيقة أن أتضامن معها، لأنني أعتبرها أحد أهم أعداء الديمقراطية في تونس".

ولئن دفع اعتقال موسي بخصومها الى تبني تسبيق أولويات الظروف العادلة والقانونية لعملية إيقافها فقد شكل هذا الأمر دافعا للتساؤل هل ينجح سعيد في توحيد خصومه؟ هل يشكل 25 جويلية الأرضية الخصبة لظهور ميزان سياسي لمواجهة التمشي الرئاسي؟

سياسيا شكل التحرك المشترك بين جبهة الخلاص وتنسيقية الأحزاب الديمقراطية يوم 29 مارس 2023 أمام وزارة العدل للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية ما بات يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة بارقة أمل لإعادة صياغة معارضة موحدة.

ونجحت وقفة قطبي المعارضة الوطنية في فك العزلة عن بعضها البعض بعد أن خيرت تنسيقية الأحزاب العمل بعيدا عن جبهة الخلاص ورفض أي تقارب معها، غير أن ذلك الأمر لم يتواصل بعد أن تجاوز المحتجون وقتها أزمتهم الإيديولوجية بتقديم التناقض الرئيسي والمتمثل أساسا في رفض سياسات سعيد عن التناقض الثانوي والقائم على خلافات قابلة للتجاوز.

وخرجت تنسيقية الأحزاب الديمقراطية كما جبهة المعارضة من دائرة الرفض والنفور الى سياسة الحد الأدنى بعد أن اشترك جميعهم في رفع وصياغة ذات الشعارات في ظل غياب المعلومات الدقيقة عن ملف الإيقافات.

ولم يكن مطلب الإفراج عن الموقوفين المشترك الوحيد للمعارضة حيث تقاطعت مواقفهم في أكثر من محطة آخرها إضرابات الجوع المشتركة بعد أن دخلت قيادات من النهضة ومن اليسار الاجتماعي ومن المستقلين في إضراب جوع تضامني مع القيادي بجبهة الخلاص جوهر بن مبارك وبقية الموقوفين في إطار ما يعرف بقضية "التآمر على امن الدولة" .

كما تماهت مواقف تنسيقية الأحزاب وجبهة الخلاص والدستوري الحر في الدعوة لمقاطعة الانتخابات المحلية وهو ما دعت له في وقت سابق قوى المعارضة حين رفضت خوض الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها واستفتاء 25 جويلية الماضي حيث كان لها الدور البارز في إقناع الناخبين بعدم التوجه الى صناديق الاقتراع والتشكيك في نتائج التصويت لاحقا.

ولم يختلف موقف جبهة الخلاص عن منطوق الحزب الجمهوري في الدعوة للعمل المشترك ونبذ الخلافات بين أقطاب المعارضة وتبنت جبهة الخلاص والحزب الجمهوري في ندوة سياسية مشتركة سابقا الدعوة الى تنظيم "مؤتمر وطني للمعارضة الديمقراطية"، وجاء هذا الموقف على لسان الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي (موقوف الآن بسجن المرناقية ويخوض إضراب جوع).

ووجد هذا المقترح تفاعلا مع رئيس جبهة الخلاص نجيب الشابي حيث أكد انه من "واجب المعارضة توحيد الكلمة والصف من أجل تعديل علاقة القوة والوصول بها إلى نقطة التحول مما يجعل التغيير على رأس السلطة أمرا لا مفرا منه".

وأضاف أن "جبهة الخلاص ستستمر في حشد القوى في الداخل وفي مختلف المدن والعاصمة لتنظيم مظاهرات كبرى" داعيا الأحزاب إلى "نبذ الخلافات إلى حين عودة الشرعية إلى البلاد".

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews