إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أكدها نبيل عمار في زيارته الأخيرة لروسيا.. هل يكون الحل في التعاون الثنائي؟

 

تونس – الصباح

   يبدو أن بلادنا تتجه للمراهنة على التعاون الثنائي مع شركائها الخارجيين في سياستها الخارجية بشكل خاص والعمل على توسيع آليات التعاون والشراكة في مجالات مختلفة، كخيار بديل لإيجاد حلول للوضع والحد من تداعيات الأزمات المتواصلة خاصة في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد تواصل المشاورات لأكثر من عامين. ليكون خط التعاون الثنائي لتدارك النقائص وتوفير الحاجيات الضرورية من ناحية وفسح المجال للإيجاد أسواق خارجية جديدة للتونسيين والسلع التونسية خيار ناجع في هذه المرحلة في انتظار التوصل إلى اتفاقات مع الجهات المانحة في مرحلة لاحقة.

فتحول وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار بداية الأسبوع الجاري إلى روسيا مرفوقا بالرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب، التي أجرت من جهتها مباحثات مع السلط الروسية المعنية بشأن توريد الحبوب إلى تونس بأسعار تفاضلية، أكدت أن سياسة تونس الخارجية تتجه لتثمين هذا الخيار بعد أن أثبت نجاعته في عدة مناسبات وشكل آلية ناجحة في إنقاذ بلادنا في عدة مسائل وأزمات، رغم أن أغلب هذه الحلول عادة ما تكون ظرفية ومرتبطة باتفاقات شراكة وتعاون ثنائية. على غرار ما تم في مناسبات سابقة لحل أزمات نقص السكر والغاز والأدوية وغيرها من المسائل الأخرى مع كل من الجزائر ومصر وليبيا وعدة بلدان أوروبية وعربية.  باعتبار أن برنامج زيارة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج تضمن عدة مشاريع ومبادرات وتعاون مشترك في مجالات فلاحية وسياسية وتجارية، خاصة أن نبيل عمار ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعربا في نفس المناسبة عن استعدادهما لدفع التعاون  وذلك في كنف الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية في مختلف المجالات لاسيّما التجارية والاقتصادية وخاصة توريد الحبوب والأسمدة ومواد الطاقة، علاوة على السياحة.

كما كان للجولة التي قام بها نبيل عمار في بلدان خليجية في منتصف جويلية الماضي نتائجها بعد التوصل إلى فك جانب من العزلة التي كانت فيها بلادنا والعودة بحزمة من الاتفاقات ومشاريع التعاون مع كل من السعودية الإمارات والكويت بعضها عاجل والبعض الآخر آجل بما يساهم في حلحلة جوانب من الأزمات التي عرفتها بلادنا لاسيما بسبب تداعيات أزمة "كوفيد 19" والحرب الأوكرانية الروسية التي ساهمت في تأزيم الوضع الاقتصادي بالأساس.

 فيما اعتبر بعض المتابعين للشأن الوطني أن الاتفاقات الثنائية بالأساس التي تم التوصل إليها بين بلادنا واليابان أو بلدان إفريقية وأمريكية وغيرها سواء في قمة تيكاد 8 التي انتظمت في أوت 2022 أو القمة الفرانكفونية في نوفمبر الماضي، ورغم البطء في تنفيذ بعضها وتخطي المراحل الأولى في سياق التحضير لإنجازها وتفعيلها إلا أنها كانت بمثابة "متنفس"  للدولة التونسية وبعض مؤسساتها خاصة أمام الصعوبات التي تمر بها المالية العمومية في ظل عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع المانحين الدوليين وتعقد مسارات التفاوض بسبب الشروط المفروضة من جهة المانحين ورفض الجانب التونسي لذلك لاسيما ما تعلق بمسألة رفع الدعم، على اعتبار التداعيات الكارثية على الوضع الاجتماعي. 

يأتي ذلك بالموازاة مع مواصلة المشاورات مع صندوق النقد الدولي وفق ما أكده عمار أثناء زيارته الأخيرة لروسيا بكون بلادنا "لم تقطع قنوات الاتصال والحوار مع شركائها ولم نقل يوما إننا قطعنا جسور التواصل مع صندوق النقد الدولي". معتبرا في نفس السياق أن أمن البلاد واستقرارها وحماية الفئات الاجتماعية الهشة هي خطوط حمراء في سياسة تونس الداخلية، وهي مواضيع يمكن النقاش في إطارها مع الشركاء، ومن بينهم صندوق النقد الدولي، الذي قال إنه "يجب أن يكون في خدمة مصالح الدول وليس العكس".

لذلك فإن المراهنة على خيار التعاون الثنائي وفتح قنوات اتصال مختلفة والتمهيد لوضع خارطة طريق لشراكات متجددة وأخرى جديدة يعد خيارا أمثل لإيجاد حلول عاجلة لجانب من الأزمات وسد النقائص وتوفير الحاجيات الضرورية من ناحية وفتح المجال لأسواق وبرامج تعاون ثنائية مع بلدان عربية وإفريقية وآسيوية وأوروبية من شانه أن يدفع لإنعاش الوضع الاقتصادي في بلادنا في هذه المرحلة الصعبة خاصة أن حزمة الاتفاقات التي تم إبرامها في جويلية الماضي بين تونس والاتحاد الأوروبي يبدو أنها لم تكن في مستوى انتظارات وحاجيات بلادنا لمشاريع دعم كبيرة  كانت تسعى لتحقيقها بهدف الخروج من الوضع المتردي الذي تتخبط فيه ولم تستطع الخروج منه إلى حد الآن لعدة أسباب.

وما يعزز هذا التوجه هو أن بعض المختصين في الاقتصاد والمالية يذهبون إلى أن هناك إمكانيات وآليات عديدة من شانها المساهمة في إخراج بلادنا من الوضع الاقتصادي المتردي وتوسيع مجالات الاستثمار والإنتاج في مختلف المجالات خاصة بعد دخول بعض المشاريع في الاقتصاد الأخضر والطاقة والتكنولوجيا والمواد الطبية والصحية حيز العمل والإنتاج في أقرب الآجال.

ليكون توجه بلادنا إلى الاقتراض الداخلي وخلاص نسبة هامة من الديون الخارجية وإيجاد آليات تشريعية جديدة لإدخال الاقتصاد الموازي والتهريب ضمن دائرة الاقتصاد المنظم، تعد من الخيارات الأخرى لإيجاد حلول للوضع المالي والاقتصادي المتردي. ولتعزز بذلك فرص الخروج من دائرة الأزمات والوضع المتردي في هذه المرحلة التي تستعد فيها بلادنا لوضع ميزانية الدولة لسنة 2024، رغم ما يثيره ذلك من تخوفات وقراءات مختلفة للمسألة.

نزيهة الغضباني

أكدها نبيل عمار في زيارته الأخيرة لروسيا..    هل يكون الحل في التعاون الثنائي؟

 

تونس – الصباح

   يبدو أن بلادنا تتجه للمراهنة على التعاون الثنائي مع شركائها الخارجيين في سياستها الخارجية بشكل خاص والعمل على توسيع آليات التعاون والشراكة في مجالات مختلفة، كخيار بديل لإيجاد حلول للوضع والحد من تداعيات الأزمات المتواصلة خاصة في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بعد تواصل المشاورات لأكثر من عامين. ليكون خط التعاون الثنائي لتدارك النقائص وتوفير الحاجيات الضرورية من ناحية وفسح المجال للإيجاد أسواق خارجية جديدة للتونسيين والسلع التونسية خيار ناجع في هذه المرحلة في انتظار التوصل إلى اتفاقات مع الجهات المانحة في مرحلة لاحقة.

فتحول وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار بداية الأسبوع الجاري إلى روسيا مرفوقا بالرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب، التي أجرت من جهتها مباحثات مع السلط الروسية المعنية بشأن توريد الحبوب إلى تونس بأسعار تفاضلية، أكدت أن سياسة تونس الخارجية تتجه لتثمين هذا الخيار بعد أن أثبت نجاعته في عدة مناسبات وشكل آلية ناجحة في إنقاذ بلادنا في عدة مسائل وأزمات، رغم أن أغلب هذه الحلول عادة ما تكون ظرفية ومرتبطة باتفاقات شراكة وتعاون ثنائية. على غرار ما تم في مناسبات سابقة لحل أزمات نقص السكر والغاز والأدوية وغيرها من المسائل الأخرى مع كل من الجزائر ومصر وليبيا وعدة بلدان أوروبية وعربية.  باعتبار أن برنامج زيارة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج تضمن عدة مشاريع ومبادرات وتعاون مشترك في مجالات فلاحية وسياسية وتجارية، خاصة أن نبيل عمار ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعربا في نفس المناسبة عن استعدادهما لدفع التعاون  وذلك في كنف الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية في مختلف المجالات لاسيّما التجارية والاقتصادية وخاصة توريد الحبوب والأسمدة ومواد الطاقة، علاوة على السياحة.

كما كان للجولة التي قام بها نبيل عمار في بلدان خليجية في منتصف جويلية الماضي نتائجها بعد التوصل إلى فك جانب من العزلة التي كانت فيها بلادنا والعودة بحزمة من الاتفاقات ومشاريع التعاون مع كل من السعودية الإمارات والكويت بعضها عاجل والبعض الآخر آجل بما يساهم في حلحلة جوانب من الأزمات التي عرفتها بلادنا لاسيما بسبب تداعيات أزمة "كوفيد 19" والحرب الأوكرانية الروسية التي ساهمت في تأزيم الوضع الاقتصادي بالأساس.

 فيما اعتبر بعض المتابعين للشأن الوطني أن الاتفاقات الثنائية بالأساس التي تم التوصل إليها بين بلادنا واليابان أو بلدان إفريقية وأمريكية وغيرها سواء في قمة تيكاد 8 التي انتظمت في أوت 2022 أو القمة الفرانكفونية في نوفمبر الماضي، ورغم البطء في تنفيذ بعضها وتخطي المراحل الأولى في سياق التحضير لإنجازها وتفعيلها إلا أنها كانت بمثابة "متنفس"  للدولة التونسية وبعض مؤسساتها خاصة أمام الصعوبات التي تمر بها المالية العمومية في ظل عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع المانحين الدوليين وتعقد مسارات التفاوض بسبب الشروط المفروضة من جهة المانحين ورفض الجانب التونسي لذلك لاسيما ما تعلق بمسألة رفع الدعم، على اعتبار التداعيات الكارثية على الوضع الاجتماعي. 

يأتي ذلك بالموازاة مع مواصلة المشاورات مع صندوق النقد الدولي وفق ما أكده عمار أثناء زيارته الأخيرة لروسيا بكون بلادنا "لم تقطع قنوات الاتصال والحوار مع شركائها ولم نقل يوما إننا قطعنا جسور التواصل مع صندوق النقد الدولي". معتبرا في نفس السياق أن أمن البلاد واستقرارها وحماية الفئات الاجتماعية الهشة هي خطوط حمراء في سياسة تونس الداخلية، وهي مواضيع يمكن النقاش في إطارها مع الشركاء، ومن بينهم صندوق النقد الدولي، الذي قال إنه "يجب أن يكون في خدمة مصالح الدول وليس العكس".

لذلك فإن المراهنة على خيار التعاون الثنائي وفتح قنوات اتصال مختلفة والتمهيد لوضع خارطة طريق لشراكات متجددة وأخرى جديدة يعد خيارا أمثل لإيجاد حلول عاجلة لجانب من الأزمات وسد النقائص وتوفير الحاجيات الضرورية من ناحية وفتح المجال لأسواق وبرامج تعاون ثنائية مع بلدان عربية وإفريقية وآسيوية وأوروبية من شانه أن يدفع لإنعاش الوضع الاقتصادي في بلادنا في هذه المرحلة الصعبة خاصة أن حزمة الاتفاقات التي تم إبرامها في جويلية الماضي بين تونس والاتحاد الأوروبي يبدو أنها لم تكن في مستوى انتظارات وحاجيات بلادنا لمشاريع دعم كبيرة  كانت تسعى لتحقيقها بهدف الخروج من الوضع المتردي الذي تتخبط فيه ولم تستطع الخروج منه إلى حد الآن لعدة أسباب.

وما يعزز هذا التوجه هو أن بعض المختصين في الاقتصاد والمالية يذهبون إلى أن هناك إمكانيات وآليات عديدة من شانها المساهمة في إخراج بلادنا من الوضع الاقتصادي المتردي وتوسيع مجالات الاستثمار والإنتاج في مختلف المجالات خاصة بعد دخول بعض المشاريع في الاقتصاد الأخضر والطاقة والتكنولوجيا والمواد الطبية والصحية حيز العمل والإنتاج في أقرب الآجال.

ليكون توجه بلادنا إلى الاقتراض الداخلي وخلاص نسبة هامة من الديون الخارجية وإيجاد آليات تشريعية جديدة لإدخال الاقتصاد الموازي والتهريب ضمن دائرة الاقتصاد المنظم، تعد من الخيارات الأخرى لإيجاد حلول للوضع المالي والاقتصادي المتردي. ولتعزز بذلك فرص الخروج من دائرة الأزمات والوضع المتردي في هذه المرحلة التي تستعد فيها بلادنا لوضع ميزانية الدولة لسنة 2024، رغم ما يثيره ذلك من تخوفات وقراءات مختلفة للمسألة.

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews