إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد قراره إبطال التفويت في التعاضدية المركزية للقمح.. الرئيس يعيد ملف الأملاك المصادرة على الطاولة وقد يسرع الحسم فيه !!

 

الدولة كانت في قوانينها المالية تضبط موارد متأتية من التفويت في الممتلكات المصادرة، لم يعد لها أي أثر في السنوات الأخيرة

تونس-الصباح

يعود ملف الأملاك المصادرة من جديد على الساحة الوطنية بعد الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى جهة مقرين موفى الأسبوع المنقضي، أين أمر وبشكل مفاجئ إبطال عملية التفويت في التعاضدية المركزية للقمح  "COCEBLE "  بسبب وضعيتها التي آلت إليها بهدف بيعها بأبخس الأثمان، حسب تعبيره، هذه الشركة التي تعد من بين الممتلكات المصادرة.

وأمام اختلاف التصريحات التي عقبت هذا القرار بشان حقيقة هذه الشركة وعدم إدراجها في قائمة الممتلكات المصادرة المعلن عنها من قبل الدولة التونسية، تبقى النقطة المهمة موقف الرئيس من هذا الملف واعتبار أن التباطؤ في نسق التفويت في الممتلكات المصادرة يثير الكثير من الشبهات وكان الهدف من ذلك إيصالها إلى وضعية متردية وإفقادها قيمتها الحقيقية.

 

ملف يشوبه الغموض لسنوات طويلة

تعود بنا تصريحات رئيس الجمهورية هذه المرة إلى هذا الملف الشائك والذي طال انتظاره لسنوات فاقت العشر من تاريخ إعلان قرار حصر الممتلكات المصادرة لعائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي والانطلاق في عملية التفويت فيها، والتي ثبت بالأرقام والمعطيات والوقائع أن الدولة فشلت فشلا ذريعا في الفصل في هذا الملف.

لنجد اليوم أن هذا الملف تحول إلى عبء كبير على الدولة وفشل التصرف فيه أدى إلى انهيار وإفلاس جل المؤسسات التي عادت للدولة بعد الثورة والتي كانت قبل ذلك تعدّ أيقونات الاقتصاد التونسي وإحدى اكبر دعائم التنمية والتشغيل هذا دون الحديث عن العقارات والمنقولات التي فقدت الجزء الأكبر من قيمتها حتى أن بعضها تم التفويت فيه بأبخس الأثمان والبعض الآخر وخاصة السيارات أهملت وظلت مركونة في المآوى.

وحتى المجالس الوزارية التي تناولت هذا الملف مع كل الحكومات المتعاقبة لم تأت بالقرارات الجريئة والفعلية وبقيت في جلها حبرا على ورق، مما يؤكد في كل مرة فشل منظومة المصادرة والتصرف والاسترجاع وكشف الإخلال والفساد الذي ضرب هذه المنظومة والتي تحولت بعد الثورة والى اليوم إلى وسيلة مقايضة ومزايدة سياسية ومالية ..

والأخطر أن الدولة كانت في قوانينها المالية تضبط موارد مالية متأتية من التفويت في الممتلكات المصادرة لتعبئتها في الخزينة العمومية، لم يعد لها أي اثر في السنوات الأخيرة وغاب هذا الجدل تماما من قوانين المالية، وهو ما يبعث الكثير من نقاط الاستفهام حول مآل هذا الملف في قادم الأيام خاصة أن كل حكومة تغض عنه النظر دون وجود أي أسباب منطقية.

ويعود قرار التصرف في الممتلكات المصادرة في تونس الى  سنة 2013 ، عندما قررت لجنة التصرف إبرام اتفاقيات تصرف مع كل من الكرامة القابضة في ما يتعلق بالشركات ومع عقارية قمرت في ما يخص العقارات وشركة "كروز تورز" في ما يتعلق بالسيارات باعتبارها هي في حد ذاتها شركات مصادرة، وبالتالي فان الدولة أحالت إليهم التصرف..

وكانت آخر عملية تفويت قامت بها منذ سنتين تقريبا عقارية قمرت والخاصة بالتفويت في أول قصر من القصور الثلاثة المصادرة لعائلة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وهو قصر "خليج الملائكة" بقيمة تناهز الـ20 مليون دينار، وتعتبر أولى العمليات التي قامت بها الشركة منذ سنوات بعد تعطل في نسق التفويت حتى فقدت العديد من العقارات على اختلاف أصنافها قيمتها الحقيقية وتآكلت ..

 

بيروقراطية وطلبات عروض معقدة وسوء في التصرف.. أبرز الأسباب

وكانت ابرز أسباب هذه التعطيلات لأكثر من 10 سنوات، بالنسبة لشركات التصرف في الممتلكات المصادرة الثلاثة تتلخص بالأساس في مراحل التصرف التي تتطلبها كل عملية تفويت، فبالنسبة الى شركة "عقارية قمرت" التي تعنى بالعقارات فهي تتعلق بالأساس بوضع الملف في إطاره القانوني، خاصة بعد أن تم تنقيحه عدة مرات بزيادة نقاط وفصول فيه على غرار الاكتساب بالإرث وحق الدولة بان تحتفظ ببعض العقارات أو المنقولات المصادرة.. وهو ما عطل مسار التقاضي في عدد كبير من الممتلكات المصادرة.. فضلا عن نسق عمل اللجنة الذي يتغير حسب توجهات كل حكومة وحسب إيلائها الأهمية له ...

أما في ما يخص المساهمات والشركات المصادرة، التي من صلاحيات شركة "الكرامة القابضة" فان إجراءات التفويت التي تطبقها، ابرز أسباب التعطيلات المرصودة خاصة أنها تستند على دليل الإجراءات الذي يفرض أن يكون التفويت عبر طلب عروض وفي صورة فشل هذه الخطوة مرتين متتاليتين يتم المرور الى البيع بالمراكنة،  وفي العديد من المرات تقرر لجنة التصرف إعادة طلب العروض مرة ثالثة، وهو ما يتطلب وقتا طويلا.

الى جانب الإشكاليات والصعوبات التي تواجه هذه الجهة بالذات أهمها مصادرة أملاك في اغلبها مرهونة مع تراكم لديون شركات أخرى بسبب سوء التصرف خاصة فترة مرورها بالتصرف القضائي وهي من المراحل التي أساءت بصورة اغلب الشركات المصادرة لدى البنوك، فضلا عن مشاكل التعامل مع المساهمين في الشركات باعتبار أن لهم قراراتهم في كل خطوات التفويت...

كما لم تكن شركة "كروز تورز" المكلفة بالتصرف في السيارات والعربات والمركبات البحرية المصادرة ببعيدة عن بقية الشركات المتصرفة في الممتلكات المصادرة، من حيث اتباعها للإجراءات القانونية حسب قانون المصادرة ومن حيث الإشكاليات التي واجهتها هي الأخرى وأدت إلى تباطؤ في مسار التفويت الذي انطلق بصيغة معينة مع وزارة المالية ليتغير في ما بعد، كانت قد اعتمدت فيه الوزارة على وكلاء ومتصرفين قضائيين، لكنها في مرحلة موالية انتقلت الى مرحلة تصحيح الوضعية وعولت على إطاراتها ..

وتبقى كل هذه الأسباب منطقية في فترة معينة، لكن اليوم لابد لهذا الملف أن يتم وضعه على الطاولة من جديد والحسم فيه بصفة جدية، وقد يكون تصريح الرئيس قيس سعيد الأخير سببا للخوض فيه وتغيير منظومة المصادرة والتصرف واسترجاع الممتلكات التي تمت مصادرتها من عائلة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إبان ثورة 14 جانفي 2011، التي حام حولها  الكثير من الغموض والعديد من نقاط الاستفهام لسنوات طويلة..

وفاء بن محمد

بعد قراره إبطال التفويت في التعاضدية المركزية للقمح..  الرئيس يعيد ملف الأملاك المصادرة على الطاولة وقد يسرع الحسم فيه !!

 

الدولة كانت في قوانينها المالية تضبط موارد متأتية من التفويت في الممتلكات المصادرة، لم يعد لها أي أثر في السنوات الأخيرة

تونس-الصباح

يعود ملف الأملاك المصادرة من جديد على الساحة الوطنية بعد الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى جهة مقرين موفى الأسبوع المنقضي، أين أمر وبشكل مفاجئ إبطال عملية التفويت في التعاضدية المركزية للقمح  "COCEBLE "  بسبب وضعيتها التي آلت إليها بهدف بيعها بأبخس الأثمان، حسب تعبيره، هذه الشركة التي تعد من بين الممتلكات المصادرة.

وأمام اختلاف التصريحات التي عقبت هذا القرار بشان حقيقة هذه الشركة وعدم إدراجها في قائمة الممتلكات المصادرة المعلن عنها من قبل الدولة التونسية، تبقى النقطة المهمة موقف الرئيس من هذا الملف واعتبار أن التباطؤ في نسق التفويت في الممتلكات المصادرة يثير الكثير من الشبهات وكان الهدف من ذلك إيصالها إلى وضعية متردية وإفقادها قيمتها الحقيقية.

 

ملف يشوبه الغموض لسنوات طويلة

تعود بنا تصريحات رئيس الجمهورية هذه المرة إلى هذا الملف الشائك والذي طال انتظاره لسنوات فاقت العشر من تاريخ إعلان قرار حصر الممتلكات المصادرة لعائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي والانطلاق في عملية التفويت فيها، والتي ثبت بالأرقام والمعطيات والوقائع أن الدولة فشلت فشلا ذريعا في الفصل في هذا الملف.

لنجد اليوم أن هذا الملف تحول إلى عبء كبير على الدولة وفشل التصرف فيه أدى إلى انهيار وإفلاس جل المؤسسات التي عادت للدولة بعد الثورة والتي كانت قبل ذلك تعدّ أيقونات الاقتصاد التونسي وإحدى اكبر دعائم التنمية والتشغيل هذا دون الحديث عن العقارات والمنقولات التي فقدت الجزء الأكبر من قيمتها حتى أن بعضها تم التفويت فيه بأبخس الأثمان والبعض الآخر وخاصة السيارات أهملت وظلت مركونة في المآوى.

وحتى المجالس الوزارية التي تناولت هذا الملف مع كل الحكومات المتعاقبة لم تأت بالقرارات الجريئة والفعلية وبقيت في جلها حبرا على ورق، مما يؤكد في كل مرة فشل منظومة المصادرة والتصرف والاسترجاع وكشف الإخلال والفساد الذي ضرب هذه المنظومة والتي تحولت بعد الثورة والى اليوم إلى وسيلة مقايضة ومزايدة سياسية ومالية ..

والأخطر أن الدولة كانت في قوانينها المالية تضبط موارد مالية متأتية من التفويت في الممتلكات المصادرة لتعبئتها في الخزينة العمومية، لم يعد لها أي اثر في السنوات الأخيرة وغاب هذا الجدل تماما من قوانين المالية، وهو ما يبعث الكثير من نقاط الاستفهام حول مآل هذا الملف في قادم الأيام خاصة أن كل حكومة تغض عنه النظر دون وجود أي أسباب منطقية.

ويعود قرار التصرف في الممتلكات المصادرة في تونس الى  سنة 2013 ، عندما قررت لجنة التصرف إبرام اتفاقيات تصرف مع كل من الكرامة القابضة في ما يتعلق بالشركات ومع عقارية قمرت في ما يخص العقارات وشركة "كروز تورز" في ما يتعلق بالسيارات باعتبارها هي في حد ذاتها شركات مصادرة، وبالتالي فان الدولة أحالت إليهم التصرف..

وكانت آخر عملية تفويت قامت بها منذ سنتين تقريبا عقارية قمرت والخاصة بالتفويت في أول قصر من القصور الثلاثة المصادرة لعائلة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي وهو قصر "خليج الملائكة" بقيمة تناهز الـ20 مليون دينار، وتعتبر أولى العمليات التي قامت بها الشركة منذ سنوات بعد تعطل في نسق التفويت حتى فقدت العديد من العقارات على اختلاف أصنافها قيمتها الحقيقية وتآكلت ..

 

بيروقراطية وطلبات عروض معقدة وسوء في التصرف.. أبرز الأسباب

وكانت ابرز أسباب هذه التعطيلات لأكثر من 10 سنوات، بالنسبة لشركات التصرف في الممتلكات المصادرة الثلاثة تتلخص بالأساس في مراحل التصرف التي تتطلبها كل عملية تفويت، فبالنسبة الى شركة "عقارية قمرت" التي تعنى بالعقارات فهي تتعلق بالأساس بوضع الملف في إطاره القانوني، خاصة بعد أن تم تنقيحه عدة مرات بزيادة نقاط وفصول فيه على غرار الاكتساب بالإرث وحق الدولة بان تحتفظ ببعض العقارات أو المنقولات المصادرة.. وهو ما عطل مسار التقاضي في عدد كبير من الممتلكات المصادرة.. فضلا عن نسق عمل اللجنة الذي يتغير حسب توجهات كل حكومة وحسب إيلائها الأهمية له ...

أما في ما يخص المساهمات والشركات المصادرة، التي من صلاحيات شركة "الكرامة القابضة" فان إجراءات التفويت التي تطبقها، ابرز أسباب التعطيلات المرصودة خاصة أنها تستند على دليل الإجراءات الذي يفرض أن يكون التفويت عبر طلب عروض وفي صورة فشل هذه الخطوة مرتين متتاليتين يتم المرور الى البيع بالمراكنة،  وفي العديد من المرات تقرر لجنة التصرف إعادة طلب العروض مرة ثالثة، وهو ما يتطلب وقتا طويلا.

الى جانب الإشكاليات والصعوبات التي تواجه هذه الجهة بالذات أهمها مصادرة أملاك في اغلبها مرهونة مع تراكم لديون شركات أخرى بسبب سوء التصرف خاصة فترة مرورها بالتصرف القضائي وهي من المراحل التي أساءت بصورة اغلب الشركات المصادرة لدى البنوك، فضلا عن مشاكل التعامل مع المساهمين في الشركات باعتبار أن لهم قراراتهم في كل خطوات التفويت...

كما لم تكن شركة "كروز تورز" المكلفة بالتصرف في السيارات والعربات والمركبات البحرية المصادرة ببعيدة عن بقية الشركات المتصرفة في الممتلكات المصادرة، من حيث اتباعها للإجراءات القانونية حسب قانون المصادرة ومن حيث الإشكاليات التي واجهتها هي الأخرى وأدت إلى تباطؤ في مسار التفويت الذي انطلق بصيغة معينة مع وزارة المالية ليتغير في ما بعد، كانت قد اعتمدت فيه الوزارة على وكلاء ومتصرفين قضائيين، لكنها في مرحلة موالية انتقلت الى مرحلة تصحيح الوضعية وعولت على إطاراتها ..

وتبقى كل هذه الأسباب منطقية في فترة معينة، لكن اليوم لابد لهذا الملف أن يتم وضعه على الطاولة من جديد والحسم فيه بصفة جدية، وقد يكون تصريح الرئيس قيس سعيد الأخير سببا للخوض فيه وتغيير منظومة المصادرة والتصرف واسترجاع الممتلكات التي تمت مصادرتها من عائلة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي إبان ثورة 14 جانفي 2011، التي حام حولها  الكثير من الغموض والعديد من نقاط الاستفهام لسنوات طويلة..

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews