إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. هذه الحرائق تأبى أن تنطفئ؟

 

لا إعلان الحداد على الضحايا ولا فتح التحقيق في المأساة يخفف وقع المصاب أو يلغي مسؤولية السلطات المركزية والمحلية عن كارثة نينوي أمس التي ستسجل على أنها واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة في حق العراق وأهله وكأن قدر بلاد الرافدين ألا يتجاوز أزمة إلا ليواجه أخرى ..

ما حدث أمس في نينوي كارثة بأتم معنى الكلمة وهي كارثة من صنع الإنسان وليس قضاء وقدرا كما يسوقون له ...

أركان الجريمة قائمة ونراها تتكرر مع كل مأساة تهز الشعوب العربية في معاناتها المستمرة مع الفساد والإهمال الرشوة والجشع والطمع ولكن أيضا مع الفشل الرسمي في تحمل المسؤولية وغياب المراقبة والاستهتار بكل ما يتعلق بحياة الإنسان وسلامته.. مرة أخرى كانت مدينة نينوي أو الموصل العراقية مهد الحضارة الآشورية على موعد مع كارثية من صنع البشر لا نخالها تسقط من الأذهان.. وبعد مآسي الاحتلال الذي امتد على عشرين عاما بكل ما حمله من موت ومن خراب، وبعد دمار الإرهاب وتوحش الدواعش الذين حاصروا الموصل واستعبدوا أهلها واستباحوا نساءها وبعد كل الأهوال التي اشترك في صنعها ظلم وجور الحكام استفاق العراق مجددا على حريق نينوي الذي سيظل وصمة عار تلاحق كل من تسبب من قريب أو بعيد في المصيبة التي خلفت مئات القتلى والجرحى الذين وقعوا في فخ النيران المتأججة التي حاصرة المدعوين، ولعل من تحامل على نفسه وتابع ما نشر من فيديوهات يدرك معنى الجحيم الذي وقعوا فيه  ..

مأساة تتكرر وكأنه كتب على العراق أن يدفع، لا ثمن غضب الطبيعة فقط، الذي قد يكون لا رد له أحيانا، ولكن أيضا ثمن الكوارث التي يصنعها الإنسان بسبب الجشع أو الفساد أو الاستهتار أو الجهل ..

حريق يشب بقاعة أفراح جمعت مئات المدعوين الذين تجملوا استعدادا للحدث وما كانوا يعلمون أنهم على موعد مع كارثة وشيكة كان يمكن تفاديها والتقليل من مخاطرها لو توفر الحد الأدنى من الوعي والمسؤولية الأخلاقية ولو توفر الحد الأدنى من الضمانات واحترام شروط البناء ولو توفر الحد الأدنى من الاهتمام للمنافذ المغلقة التي منعت هروب المئات فكانت حصيلة ثقيلة مرعبة لا نخال أنها ستكون آخر حصيلة في سجل المآسي المتكررة لسبب بسيط ومعلوم وهو استمرار الأسباب ذاتها التي توفر الأرضية لتكرارها ..

طبعا لم يتأخر الإعلان عن فتح تحقيق في الغرض، وقد تعودنا في عالمنا المتخلف على أن أسهل الطرق لتفادي المحاسبة والمساءلة والتنصل من المسؤولية يبدأ بفتح تحقيق سيضاف آجلا أو عاجلا الى أرشيف التحقيقات المنسية في كل المآسي والجرائم المقترفة في حق الأبرياء..

أصابع الاتهام وجهت الى الألعاب النارية في هذه المأساة ولكن من سمح ومن سوق ومن تاجر ومن نقل هذه المخاطر الى الأسواق وجعلها متوفرة في كل الأسواق، ومن سمح بإقامة وتشييد المباني التي لا تحترم المواصفات ومن راقب وغض النظر عن كل النقائص والعيوب التي ستكون كارثية على حياة البشر.. ليست هذه أول محنة يعيش على وقعها العراق، والأكيد أن نينوي والموصل التي ردت تتار العصر على أعقابهم وعادت للحياة من جديد وسيعود العراق وينهض من كبوته ليستعيد موقعه ويتحرر من قبضة كل المكائد والنكبات التي فرضت عليه ...

وكأن ما حدث في مراكش الحمراء بعد الزلزال المدمر وما خلفه من جروح لم يكن كافيا، وكأن ما حدث ويحدث في درنة الليبية من جروح ومآس، قد لا تتضح تداعياتها قبل عقود، لا يكفي، وكأن كل الكوارث الطبيعية من حرائق وزلازل وفيضانات ومآس تشق الخارطة العربية بالطول والعرض وتفاقم جروح شعوبها التي لا تندمل.. يحدث زلزال فيموت الآلاف بسبب البناءات الهشة.. يمر إعصار فيموت ويغرق ويشرد الآلاف لأنه لم تتم صيانة الجسور، يشب حريق فيتفحم المئات لأنه لا وجود لمنافذ يمكن الهرب عبرها.. طبعا نحن هنا لا نتحدث عن بقية المآسي من احتلال أو حروب أو صراعات أو مجاعات تأبى أن تنتهي ..

آسيا العتروس 

ممنوع من الحياد..   هذه الحرائق تأبى أن تنطفئ؟

 

لا إعلان الحداد على الضحايا ولا فتح التحقيق في المأساة يخفف وقع المصاب أو يلغي مسؤولية السلطات المركزية والمحلية عن كارثة نينوي أمس التي ستسجل على أنها واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة في حق العراق وأهله وكأن قدر بلاد الرافدين ألا يتجاوز أزمة إلا ليواجه أخرى ..

ما حدث أمس في نينوي كارثة بأتم معنى الكلمة وهي كارثة من صنع الإنسان وليس قضاء وقدرا كما يسوقون له ...

أركان الجريمة قائمة ونراها تتكرر مع كل مأساة تهز الشعوب العربية في معاناتها المستمرة مع الفساد والإهمال الرشوة والجشع والطمع ولكن أيضا مع الفشل الرسمي في تحمل المسؤولية وغياب المراقبة والاستهتار بكل ما يتعلق بحياة الإنسان وسلامته.. مرة أخرى كانت مدينة نينوي أو الموصل العراقية مهد الحضارة الآشورية على موعد مع كارثية من صنع البشر لا نخالها تسقط من الأذهان.. وبعد مآسي الاحتلال الذي امتد على عشرين عاما بكل ما حمله من موت ومن خراب، وبعد دمار الإرهاب وتوحش الدواعش الذين حاصروا الموصل واستعبدوا أهلها واستباحوا نساءها وبعد كل الأهوال التي اشترك في صنعها ظلم وجور الحكام استفاق العراق مجددا على حريق نينوي الذي سيظل وصمة عار تلاحق كل من تسبب من قريب أو بعيد في المصيبة التي خلفت مئات القتلى والجرحى الذين وقعوا في فخ النيران المتأججة التي حاصرة المدعوين، ولعل من تحامل على نفسه وتابع ما نشر من فيديوهات يدرك معنى الجحيم الذي وقعوا فيه  ..

مأساة تتكرر وكأنه كتب على العراق أن يدفع، لا ثمن غضب الطبيعة فقط، الذي قد يكون لا رد له أحيانا، ولكن أيضا ثمن الكوارث التي يصنعها الإنسان بسبب الجشع أو الفساد أو الاستهتار أو الجهل ..

حريق يشب بقاعة أفراح جمعت مئات المدعوين الذين تجملوا استعدادا للحدث وما كانوا يعلمون أنهم على موعد مع كارثة وشيكة كان يمكن تفاديها والتقليل من مخاطرها لو توفر الحد الأدنى من الوعي والمسؤولية الأخلاقية ولو توفر الحد الأدنى من الضمانات واحترام شروط البناء ولو توفر الحد الأدنى من الاهتمام للمنافذ المغلقة التي منعت هروب المئات فكانت حصيلة ثقيلة مرعبة لا نخال أنها ستكون آخر حصيلة في سجل المآسي المتكررة لسبب بسيط ومعلوم وهو استمرار الأسباب ذاتها التي توفر الأرضية لتكرارها ..

طبعا لم يتأخر الإعلان عن فتح تحقيق في الغرض، وقد تعودنا في عالمنا المتخلف على أن أسهل الطرق لتفادي المحاسبة والمساءلة والتنصل من المسؤولية يبدأ بفتح تحقيق سيضاف آجلا أو عاجلا الى أرشيف التحقيقات المنسية في كل المآسي والجرائم المقترفة في حق الأبرياء..

أصابع الاتهام وجهت الى الألعاب النارية في هذه المأساة ولكن من سمح ومن سوق ومن تاجر ومن نقل هذه المخاطر الى الأسواق وجعلها متوفرة في كل الأسواق، ومن سمح بإقامة وتشييد المباني التي لا تحترم المواصفات ومن راقب وغض النظر عن كل النقائص والعيوب التي ستكون كارثية على حياة البشر.. ليست هذه أول محنة يعيش على وقعها العراق، والأكيد أن نينوي والموصل التي ردت تتار العصر على أعقابهم وعادت للحياة من جديد وسيعود العراق وينهض من كبوته ليستعيد موقعه ويتحرر من قبضة كل المكائد والنكبات التي فرضت عليه ...

وكأن ما حدث في مراكش الحمراء بعد الزلزال المدمر وما خلفه من جروح لم يكن كافيا، وكأن ما حدث ويحدث في درنة الليبية من جروح ومآس، قد لا تتضح تداعياتها قبل عقود، لا يكفي، وكأن كل الكوارث الطبيعية من حرائق وزلازل وفيضانات ومآس تشق الخارطة العربية بالطول والعرض وتفاقم جروح شعوبها التي لا تندمل.. يحدث زلزال فيموت الآلاف بسبب البناءات الهشة.. يمر إعصار فيموت ويغرق ويشرد الآلاف لأنه لم تتم صيانة الجسور، يشب حريق فيتفحم المئات لأنه لا وجود لمنافذ يمكن الهرب عبرها.. طبعا نحن هنا لا نتحدث عن بقية المآسي من احتلال أو حروب أو صراعات أو مجاعات تأبى أن تنتهي ..

آسيا العتروس 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews