إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بسبب ضعف الاتصال في الوزارات.. الحكومة في قطيعة وشبه "عزلة" !!

 

تونس – الصباح

لئن شدد رئيس الحكومة أحمد الحشاني، منذ يومين في بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة إثر تلقيه التقرير السّنوي التاسع والعشرين لفريق المواطن الرقيب لسنة 2022، على ضرورة مضاعفة الجهود للاِرتقاء بجودة الخدمات الإداريّة وتقريبها من المواطنين ودعوته إلى ضرورة متابعة ما ورد في هذا التقرير من ملاحظات وتوصيات لدعم الإيجابيات والمبادرات الجيّدة، وتعميمها على بقيّة المصالح العموميّة الأخرى، وتجاوز النقائص المسجلة، فإن ذلك غير كاف لتدارك أزمة الاتصال لمنظومة الحكم القائمة اليوم بشكل أصبحت الحكومة في قطيعة وشبه عزلة عن الواقع ومستجداته وتطوراته وإكراهاته وبعيدة عن مشاغل المواطن وانتظاراته واستحقاقاته ومطالبه.

ولطالما نددت عديد الجهات بمعضلة الاتصال وصعوبة التواصل مع الجهات الرسمية وتحديدا في مستوى الوزارات والمؤسسات والهياكل العمومية بالأساس خاصة بعد مضي أكثر من عامين من مدة عمل الحكومة التي عينها رئيس الجمهورية قيس سعيد ودخول بلادنا في تكريس الجمهورية الجديدة ودخول دستور 2022 حيز التفعيل والتنفيذ منذ أكثر من عام فضلا عن مباشرة البرلمان لمهامه وما يحيل إليه ذلك من الانطلاق العملي في برامج الإصلاح وتنفيذ البرامج والمشاريع والرؤى الجديدة في سياسة سعيد وتوجهه لتكريس الدولة الاجتماعية والقطع مع المنظومة القديمة وسد مداخل الفساد وتغوّل اللوبيات التي كانت تنخرها.

يأتي ذلك رغم تعالي الدعوات المطالبة بضرورة مراجعة السياسية الاتصالية للدولة اليوم، على اعتبار أهمية هذا العامل في إدارة الشأن العام واحتواء الأزمات والتجاوزات وبعث الطمأنينة ويكفي التأكيد على أهمية ذلك بمراهنة أغلب الأنظمة في العالم اليوم على الاتصال كآلية أساسية لنجاح السياسات والأنظمة والمشاريع والبرامج والأجندات باختلاف أهدافها.

 ولئن وجد البعض ضالته في شبكات التواصل الاجتماعي أو ما تتيحه له منصات "إعلام القرب والمواطنة" للتعبير عن رأيه في هذا الأمر من خلال الانتقادات الواسعة الموجهة للجهات الرسمية وغلقها كل الأبواب في وجهه دون الاستماع إلى مشاغله ومطالبه، فإن هذه النقيصة شكلت أحد الأسباب التي راهنت عليها عديد الجهات السياسية والمدنية وغيرهم داخل تونس وخارجها لتوجيه انتقادات لحكومة نجلاء بودن في مرحلة سابقة وحكومة الحشاني اليوم باعتبار أن هذه الأزمة أصبحت واقعا ومعطى يعتمده متابعون للشأن الوطني داخل تونس وخارجها لوسم الوضع في بلادنا بالغامض وأن القرارات والبرامج مسقطة ولا تستجيب في تفاصيلها وأبعادها لمطالب وانتظارات المواطنين أو تتعارض مع متطلبات الواقع في ظل ما يشهده العالم من تغيرات جذرية وتطورات بشكل متسارع إقليمية وعالمية، من شأنها أن تلقي بتداعياتها على الوضع الداخلي لتونس.

فيما اختار البعض الآخر من المواطنين التوجه إلى الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية لرفع مطالبهم وتشكياتهم وانتظاراتهم، وهو تأكيد واضح على غياب التواصل مع الوزارات والهياكل المعنية، لاسيما في ظل تواصل الأزمات مقابل الارتفاع المسجل في الأسعار وتواصل تآكل الطبقة المتوسطة بشكل واضح وتنحدر نحو الفقر خاصة أنها كانت تمثل 60% من تركيبة المجتمع التونسي وذلك بسبب ارتفاع مستويات التضخّم وارتفاع إنفاق التونسيين أكثر من قيمة رواتبهم فيما تبلغ نسبة البطالة، وفق ما أكده المعهد الوطني للإحصاء 15.6% خلال الثلاثي الثاني من 2023. لتتجه الأنظار إلى مبادرات كفيلة بإنقاذ هذه الطبقة وإحداث توازنات اجتماعية واقتصادية في البلاد ووضع حد لظاهرة استنزاف مقدرات المواطنين. ثم إن نسبة كبيرة من المواطنين في الداخل التونسي غير قادرين على إبلاغ أصواتهم ومطالبهم إلى الجهات الرسمية بعد غلق منافذ التواصل مع المؤسسات والهياكل الرسمية في الجهات الداخلية خاصة أنهم خارج دوائر المعرفة بتكنولوجيات الاتصال وليس لهم القدرة على توفيرها.

لأن المراهنة على مواقع الوزارات على شبكات التواصل الاجتماعي وحدها كآلية تواصل ونشر البلاغات والصور الرسمية وتنزيل ذلك في خانة الاتصال والعمل الاتصالي، مسألة غير ذات جدوى في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى تسجيل تطوير نوعي لآليات التواصل والاتصال في ظل التطور التكنولوجي والاتصالي وما يتطلبه الأمر من انفتاح على مشاغل المواطنين واحتواء للأزمات الاجتماعية لاسيما أن توجهات الدولة موجهة بالأساس لتكريس الجمهورية الاجتماعية وفق ما أكد على ذلك رئيس الجمهورية وأكدته قراءات البعض لتوجهات الدستور الجديد. فكثيرة هي مشاغل ومطالب وخدمات المواطنين والاستفسارات والاستفهامات التي لا تزال معلقة.

فحكومة الحشاني مدعوة اليوم إلى مراجعة المسألة الاتصالية التي تكاد تكون منعدمة، لتكون أكثر عملية ونجاعة في التعاطي مع الواقع عبر تقريب المعلومة وإيجاد أجوبة للاستفسارات المطروحة بما يساهم في تيسير الخدمات للمواطنين بالنّجاعة والسّرعة المرجوّتين التي دعا لها رئيس الحكومة بهدف تبسيط الإجراءات ومزيد تطوير الخدمات الإدارية عن بعد والتخفيف من معاناة المواطنين خاصة أن الحشاني دعا في نفس الإطار إلى "تحسين ظروف عمل الأعوان وتأهيلهم وحثّهم على التّقيد بواجباتهم المهنية".

 لأن المرحلة تقتضي اليوم تكريس الوزارات والمؤسسات العمومية سياسة اتصالية وتواصلية عملية وناجعة تكون أكثر انفتاحا و"براغماتية على مستجدات الواقع ومشاغل المواطنين والخدمات المطلوبة، وهذا لا يتم عبر الاكتفاء بما ينشر على الصفحات الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي أو عدم التوجه العملي إلى معالجة الصعوبات وربط قنوات التواصل بين المطالب المرفوعة وبين الجهات المعنية المسؤولة للمساهمة في إيجاد حلول لها. لأن وضع الاتصال في أغلب الوزارات اليوم هو في حالة "عطب" تقريبا.

نزيهة الغضباني

 

 

بسبب ضعف الاتصال في الوزارات..   الحكومة في قطيعة وشبه "عزلة" !!

 

تونس – الصباح

لئن شدد رئيس الحكومة أحمد الحشاني، منذ يومين في بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة إثر تلقيه التقرير السّنوي التاسع والعشرين لفريق المواطن الرقيب لسنة 2022، على ضرورة مضاعفة الجهود للاِرتقاء بجودة الخدمات الإداريّة وتقريبها من المواطنين ودعوته إلى ضرورة متابعة ما ورد في هذا التقرير من ملاحظات وتوصيات لدعم الإيجابيات والمبادرات الجيّدة، وتعميمها على بقيّة المصالح العموميّة الأخرى، وتجاوز النقائص المسجلة، فإن ذلك غير كاف لتدارك أزمة الاتصال لمنظومة الحكم القائمة اليوم بشكل أصبحت الحكومة في قطيعة وشبه عزلة عن الواقع ومستجداته وتطوراته وإكراهاته وبعيدة عن مشاغل المواطن وانتظاراته واستحقاقاته ومطالبه.

ولطالما نددت عديد الجهات بمعضلة الاتصال وصعوبة التواصل مع الجهات الرسمية وتحديدا في مستوى الوزارات والمؤسسات والهياكل العمومية بالأساس خاصة بعد مضي أكثر من عامين من مدة عمل الحكومة التي عينها رئيس الجمهورية قيس سعيد ودخول بلادنا في تكريس الجمهورية الجديدة ودخول دستور 2022 حيز التفعيل والتنفيذ منذ أكثر من عام فضلا عن مباشرة البرلمان لمهامه وما يحيل إليه ذلك من الانطلاق العملي في برامج الإصلاح وتنفيذ البرامج والمشاريع والرؤى الجديدة في سياسة سعيد وتوجهه لتكريس الدولة الاجتماعية والقطع مع المنظومة القديمة وسد مداخل الفساد وتغوّل اللوبيات التي كانت تنخرها.

يأتي ذلك رغم تعالي الدعوات المطالبة بضرورة مراجعة السياسية الاتصالية للدولة اليوم، على اعتبار أهمية هذا العامل في إدارة الشأن العام واحتواء الأزمات والتجاوزات وبعث الطمأنينة ويكفي التأكيد على أهمية ذلك بمراهنة أغلب الأنظمة في العالم اليوم على الاتصال كآلية أساسية لنجاح السياسات والأنظمة والمشاريع والبرامج والأجندات باختلاف أهدافها.

 ولئن وجد البعض ضالته في شبكات التواصل الاجتماعي أو ما تتيحه له منصات "إعلام القرب والمواطنة" للتعبير عن رأيه في هذا الأمر من خلال الانتقادات الواسعة الموجهة للجهات الرسمية وغلقها كل الأبواب في وجهه دون الاستماع إلى مشاغله ومطالبه، فإن هذه النقيصة شكلت أحد الأسباب التي راهنت عليها عديد الجهات السياسية والمدنية وغيرهم داخل تونس وخارجها لتوجيه انتقادات لحكومة نجلاء بودن في مرحلة سابقة وحكومة الحشاني اليوم باعتبار أن هذه الأزمة أصبحت واقعا ومعطى يعتمده متابعون للشأن الوطني داخل تونس وخارجها لوسم الوضع في بلادنا بالغامض وأن القرارات والبرامج مسقطة ولا تستجيب في تفاصيلها وأبعادها لمطالب وانتظارات المواطنين أو تتعارض مع متطلبات الواقع في ظل ما يشهده العالم من تغيرات جذرية وتطورات بشكل متسارع إقليمية وعالمية، من شأنها أن تلقي بتداعياتها على الوضع الداخلي لتونس.

فيما اختار البعض الآخر من المواطنين التوجه إلى الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية لرفع مطالبهم وتشكياتهم وانتظاراتهم، وهو تأكيد واضح على غياب التواصل مع الوزارات والهياكل المعنية، لاسيما في ظل تواصل الأزمات مقابل الارتفاع المسجل في الأسعار وتواصل تآكل الطبقة المتوسطة بشكل واضح وتنحدر نحو الفقر خاصة أنها كانت تمثل 60% من تركيبة المجتمع التونسي وذلك بسبب ارتفاع مستويات التضخّم وارتفاع إنفاق التونسيين أكثر من قيمة رواتبهم فيما تبلغ نسبة البطالة، وفق ما أكده المعهد الوطني للإحصاء 15.6% خلال الثلاثي الثاني من 2023. لتتجه الأنظار إلى مبادرات كفيلة بإنقاذ هذه الطبقة وإحداث توازنات اجتماعية واقتصادية في البلاد ووضع حد لظاهرة استنزاف مقدرات المواطنين. ثم إن نسبة كبيرة من المواطنين في الداخل التونسي غير قادرين على إبلاغ أصواتهم ومطالبهم إلى الجهات الرسمية بعد غلق منافذ التواصل مع المؤسسات والهياكل الرسمية في الجهات الداخلية خاصة أنهم خارج دوائر المعرفة بتكنولوجيات الاتصال وليس لهم القدرة على توفيرها.

لأن المراهنة على مواقع الوزارات على شبكات التواصل الاجتماعي وحدها كآلية تواصل ونشر البلاغات والصور الرسمية وتنزيل ذلك في خانة الاتصال والعمل الاتصالي، مسألة غير ذات جدوى في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى تسجيل تطوير نوعي لآليات التواصل والاتصال في ظل التطور التكنولوجي والاتصالي وما يتطلبه الأمر من انفتاح على مشاغل المواطنين واحتواء للأزمات الاجتماعية لاسيما أن توجهات الدولة موجهة بالأساس لتكريس الجمهورية الاجتماعية وفق ما أكد على ذلك رئيس الجمهورية وأكدته قراءات البعض لتوجهات الدستور الجديد. فكثيرة هي مشاغل ومطالب وخدمات المواطنين والاستفسارات والاستفهامات التي لا تزال معلقة.

فحكومة الحشاني مدعوة اليوم إلى مراجعة المسألة الاتصالية التي تكاد تكون منعدمة، لتكون أكثر عملية ونجاعة في التعاطي مع الواقع عبر تقريب المعلومة وإيجاد أجوبة للاستفسارات المطروحة بما يساهم في تيسير الخدمات للمواطنين بالنّجاعة والسّرعة المرجوّتين التي دعا لها رئيس الحكومة بهدف تبسيط الإجراءات ومزيد تطوير الخدمات الإدارية عن بعد والتخفيف من معاناة المواطنين خاصة أن الحشاني دعا في نفس الإطار إلى "تحسين ظروف عمل الأعوان وتأهيلهم وحثّهم على التّقيد بواجباتهم المهنية".

 لأن المرحلة تقتضي اليوم تكريس الوزارات والمؤسسات العمومية سياسة اتصالية وتواصلية عملية وناجعة تكون أكثر انفتاحا و"براغماتية على مستجدات الواقع ومشاغل المواطنين والخدمات المطلوبة، وهذا لا يتم عبر الاكتفاء بما ينشر على الصفحات الرسمية في شبكات التواصل الاجتماعي أو عدم التوجه العملي إلى معالجة الصعوبات وربط قنوات التواصل بين المطالب المرفوعة وبين الجهات المعنية المسؤولة للمساهمة في إيجاد حلول لها. لأن وضع الاتصال في أغلب الوزارات اليوم هو في حالة "عطب" تقريبا.

نزيهة الغضباني

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews