إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد: العالم يزداد انقساما ..

 

العالم يتجه لمزيد الانقسام ليس بين الشرق والغرب فحسب بل بين الغرب ذاته الذي تتقاذفه الخلافات والانقسامات مع تعقيدات الحرب الروسية في أوكرانيا وتململ بعض حلفاء الأمس ورفضهم الاستمرار في تمويل حرب لا يكل زيلنسكي الممثل السابق من طلب المساعدات العسكرية من الجميع، ولا تريد لها  إدارة بايدن أن تتوقف قبل تحقيق الأهداف التي تريدها لها.. كل ذلك طبعا إلى جانب التشنج الحاصل بسبب ملف الهجرة غير النظامية التي باتت الهاجس الأكبر لأوروبا القارة العجوز على حد وصف وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد...العالم يزداد تفككا ومصالح القوى الكبرى فيه  لا تلتقي بل تتضارب  والصين لم تعد تخفي طموحاتها في الهيمنة وأن يكون لها حضور فاعل في الأزمات الدولية والأمر ذاته ينسحب على الهند التي بدأت تستشعر قوتها العسكرية والنووية..

الشرق الأوسط بكل ما فيه ليس بمنأى عن مزيد الانقسامات وهو يتجه إلى مزيد تقسيم المقسم وتشتيت وتدمير المدمر في غياب الآفاق والمبادرات والحلول لكل الصراعات والحروب والأزمات والكوارث التي يعاني منها الجميع حتى وإن كان ذلك بدرجات...

لا تزال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في بداياتها ومع ذلك يمكن التأكيد من خلال الخطب الاستعراضية لقادة العالم الذين تواتروا حتى الآن على منبر المنظمة الأممية أننا إزاء عالم يزداد انقساما وأن الهوة بين القوى الكبرى تزداد هوة وأن هذه المؤسسة التي أنشئت لدعم الأمن والسلم في العالم توشك أن تنفجر من الداخل بعد أن بلغت الحرب الكلامية  والتصريحات النارية بين قادة العالم ممن يفترض أنهم يجتمعون لبحث وتقديم الحلول لازمات العالم ومعاناة الشعوب مرحلة الكوميديا السوداء مع تواصل استعراض القدرات الخطابية العدائية بين الفرقاء لا سيما فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية التي هيمنت على هذه الدورة مع حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي ودعواته إلى طرد روسيا من مجلس الأمن معتبرا أن حق "الفيتو" منح للاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمي الثانية وليس لروسيا بوتين الأمر الذي رد عليه وزير الخارجية الروسي بحضور نظيره الأمريكي بلينكن معتبرا أن حق النقض حق روسي لا مجال لإلغائه.. و في كل الحالات فان المسرح الأممي الذي تحول إلى مسرح للفاشلين إنما يشهد على انهيار منظومة الأمم المتحدة بعد أكثر من سبعة عقود على تأسيسها.. والأكيد أن التقارير والدعوات إلى إصلاح هذا الهيكل وتوسيع مجلس الأمن الدولي مسألة لن يكون لها معنى دون تغيير جذري لآليات تطبيق ميثاق الأمم المتحدة الذي حاد عن أهدافه وبات قابلا للتطويع وفق مصالح الدول الكبرى بعد أن قسم شعوب العالم درجات بين شعوب من الصنف الأول يتمتعون بحقوق المواطن والحرية والازدهار وشعوب درجة ثانية أو أقل يقبعون في البؤس والفقر والتخلف والفساد.. يدرك الأمين العام للأمم المتحدة أن دوره في المنظمة لا يوازي دور أستاذ في قسم للمشاغبين وأنه لا يملك إيقاف الظلم أو الانتصار للعدالة طالما أن قرارات الجمعية العامة مهما كان الإجماع حولها ليست قابلة للتنفيذ وأن حق الفيتو  قائم لإجهاضها في كل حين... وليس أدل على ذلك من عدد القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لصالح القضية الفلسطينية التي لا تساوي حتى اليوم قيمة الحبر الذي كتبت به طالما أن أقصى ما يمكن أن يذهب إليه الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن بيان إدانة هادئ في مواجهة الجرائم اليومية والاغتيالات والقصف والتهجير وإلغاء كل الفرص الممكنة لإحياء مسار السلام وإقامة دولة فلسطينية.. وليس من الواضح أيضا حتى هذه المرحلة ما ستؤول إليه محادثات السعودية وإسرائيل لتحقيق التطبيع رغم أن قناعتنا أن المملكة لا يمكن أن تقبل بان تخذل الشعب الفلسطيني وتمضي إلى التطبيع المجاني دون تحقيق التقدم المطلوب في عملية السلام.. لا خلاف أن غياب الرئيس الصيني عن هذه الدورة  رغم أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن يعزز القناعة أن مصالح الأمم والشعوب ليست مرتبطة بما يتقرر في أروقة الأمم المتحدة و هو ما أدركه الرئيس السوري الذي يحل ضيفا على الرئيس الصيني ويسرق الأنظار التي تتابع هذه الجولة الأولى منذ عقدين للأسد إلى حليفه الصيني.. والأمر ذاته بالنسبة للرئيس الروسي بوتين الذي ينوبه وزير خارجيته لافروف العارف بإسرار  الأمم المتحدة وهو الذي مثل بلاده فيه سابقا...

 لم تكتمل حتى اليوم مداولات قادة العالم وممثلي الحكومة على منبر الأمم المتحدة لإلقاء كلماتهم في الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن ما حدث حتى الآن كفيل باستخلاص ما ستكون عليه نهاية الدورة ذلك أن الحرب الكلامية والاتهامات المتبادلة ومحاولات إحراج الحضور بعضهم البعض يؤكد أننا إزاء عالم يزداد انقساما ويزداد مخاطر و تحديات..

اسيا العتروس 

ممنوع من الحياد:   العالم يزداد انقساما ..

 

العالم يتجه لمزيد الانقسام ليس بين الشرق والغرب فحسب بل بين الغرب ذاته الذي تتقاذفه الخلافات والانقسامات مع تعقيدات الحرب الروسية في أوكرانيا وتململ بعض حلفاء الأمس ورفضهم الاستمرار في تمويل حرب لا يكل زيلنسكي الممثل السابق من طلب المساعدات العسكرية من الجميع، ولا تريد لها  إدارة بايدن أن تتوقف قبل تحقيق الأهداف التي تريدها لها.. كل ذلك طبعا إلى جانب التشنج الحاصل بسبب ملف الهجرة غير النظامية التي باتت الهاجس الأكبر لأوروبا القارة العجوز على حد وصف وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد...العالم يزداد تفككا ومصالح القوى الكبرى فيه  لا تلتقي بل تتضارب  والصين لم تعد تخفي طموحاتها في الهيمنة وأن يكون لها حضور فاعل في الأزمات الدولية والأمر ذاته ينسحب على الهند التي بدأت تستشعر قوتها العسكرية والنووية..

الشرق الأوسط بكل ما فيه ليس بمنأى عن مزيد الانقسامات وهو يتجه إلى مزيد تقسيم المقسم وتشتيت وتدمير المدمر في غياب الآفاق والمبادرات والحلول لكل الصراعات والحروب والأزمات والكوارث التي يعاني منها الجميع حتى وإن كان ذلك بدرجات...

لا تزال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في بداياتها ومع ذلك يمكن التأكيد من خلال الخطب الاستعراضية لقادة العالم الذين تواتروا حتى الآن على منبر المنظمة الأممية أننا إزاء عالم يزداد انقساما وأن الهوة بين القوى الكبرى تزداد هوة وأن هذه المؤسسة التي أنشئت لدعم الأمن والسلم في العالم توشك أن تنفجر من الداخل بعد أن بلغت الحرب الكلامية  والتصريحات النارية بين قادة العالم ممن يفترض أنهم يجتمعون لبحث وتقديم الحلول لازمات العالم ومعاناة الشعوب مرحلة الكوميديا السوداء مع تواصل استعراض القدرات الخطابية العدائية بين الفرقاء لا سيما فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية التي هيمنت على هذه الدورة مع حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي ودعواته إلى طرد روسيا من مجلس الأمن معتبرا أن حق "الفيتو" منح للاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمي الثانية وليس لروسيا بوتين الأمر الذي رد عليه وزير الخارجية الروسي بحضور نظيره الأمريكي بلينكن معتبرا أن حق النقض حق روسي لا مجال لإلغائه.. و في كل الحالات فان المسرح الأممي الذي تحول إلى مسرح للفاشلين إنما يشهد على انهيار منظومة الأمم المتحدة بعد أكثر من سبعة عقود على تأسيسها.. والأكيد أن التقارير والدعوات إلى إصلاح هذا الهيكل وتوسيع مجلس الأمن الدولي مسألة لن يكون لها معنى دون تغيير جذري لآليات تطبيق ميثاق الأمم المتحدة الذي حاد عن أهدافه وبات قابلا للتطويع وفق مصالح الدول الكبرى بعد أن قسم شعوب العالم درجات بين شعوب من الصنف الأول يتمتعون بحقوق المواطن والحرية والازدهار وشعوب درجة ثانية أو أقل يقبعون في البؤس والفقر والتخلف والفساد.. يدرك الأمين العام للأمم المتحدة أن دوره في المنظمة لا يوازي دور أستاذ في قسم للمشاغبين وأنه لا يملك إيقاف الظلم أو الانتصار للعدالة طالما أن قرارات الجمعية العامة مهما كان الإجماع حولها ليست قابلة للتنفيذ وأن حق الفيتو  قائم لإجهاضها في كل حين... وليس أدل على ذلك من عدد القرارات الصادرة عن الجمعية العامة لصالح القضية الفلسطينية التي لا تساوي حتى اليوم قيمة الحبر الذي كتبت به طالما أن أقصى ما يمكن أن يذهب إليه الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن بيان إدانة هادئ في مواجهة الجرائم اليومية والاغتيالات والقصف والتهجير وإلغاء كل الفرص الممكنة لإحياء مسار السلام وإقامة دولة فلسطينية.. وليس من الواضح أيضا حتى هذه المرحلة ما ستؤول إليه محادثات السعودية وإسرائيل لتحقيق التطبيع رغم أن قناعتنا أن المملكة لا يمكن أن تقبل بان تخذل الشعب الفلسطيني وتمضي إلى التطبيع المجاني دون تحقيق التقدم المطلوب في عملية السلام.. لا خلاف أن غياب الرئيس الصيني عن هذه الدورة  رغم أن الصين عضو دائم في مجلس الأمن يعزز القناعة أن مصالح الأمم والشعوب ليست مرتبطة بما يتقرر في أروقة الأمم المتحدة و هو ما أدركه الرئيس السوري الذي يحل ضيفا على الرئيس الصيني ويسرق الأنظار التي تتابع هذه الجولة الأولى منذ عقدين للأسد إلى حليفه الصيني.. والأمر ذاته بالنسبة للرئيس الروسي بوتين الذي ينوبه وزير خارجيته لافروف العارف بإسرار  الأمم المتحدة وهو الذي مثل بلاده فيه سابقا...

 لم تكتمل حتى اليوم مداولات قادة العالم وممثلي الحكومة على منبر الأمم المتحدة لإلقاء كلماتهم في الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة ولكن ما حدث حتى الآن كفيل باستخلاص ما ستكون عليه نهاية الدورة ذلك أن الحرب الكلامية والاتهامات المتبادلة ومحاولات إحراج الحضور بعضهم البعض يؤكد أننا إزاء عالم يزداد انقساما ويزداد مخاطر و تحديات..

اسيا العتروس