إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قبل أسابيع قليلة من نهاية عمر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي.. تعطيلات وتعقيدات إجرائية وقانونية أمام الصلح الجزائي فما الحل؟

 

قرابة 400 مطلب صلح تم تقديمه للجنة الوطنية.. تم قبول حوالي 100 مطلب إلى حد الأيام القليلة الماضية

تونس – الصباح

لم يعد في عمر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي أكثر من شهرين، بعد انقضاء المدة الأولى المخولة لعملها دون التوصل إلى النتائج المرجوة، وإصدار رئاسة الجمهورية قرار في ماي الماضي يقضي بالتمديد في أعمالها بستة أشهر إضافية بعد تجديد عضوية أعضاء هذه اللجنة في تركيبتها المتشابكة وتمثيليتها لمختلف الهياكل والمؤسسات المعنية بمتابعة هذا الملف ابتداء من 11 من نفس الشهر. فيما لا تزال مسألة الصلح الجزائي معطلة ودون الوصول إلى الأهداف المأمولة للأسباب إجرائية وإدارية وقانونية وغيرها. الأمر الذي يجعل هذه اللجنة في الميزان وأمام تحد كبير وفرصة أخيرة في مهامها التي نص عليها المرسوم المنظم للصلح الجزائي وتوظيف عائداته عدد 13 لسنة 2022 الصادر في 20 مارس 2022 وكذلك الأمر المنظم لعمل لجنة الصلح الجزائي الصادر في 11 نوفمبر 2022 وقد انطلق نشاطها رسميا وقبول مطالب الصلح بداية من يوم 21 مارس 2023، وفق بلاغ صدر في الغرض. 

وتجدر الإشارة إلى أن المرسوم عدد 13 لسنة 2022 قد ضبط إجراءات الصلح مع الدولة، صلح جزائي في الجرائم الاقتصادية والمالية والأفعال والأعمال والممارسات، التي ترتبت عنها منافع غير شرعية أو يمكن أن تترتب عنها منافع غير شرعية أو غير مشروعة، والتي أنتجت ضررا ماليا للدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية أو أي جهة أخرى وذلك تكريسا لمبدأ العدالة الجزائية التعويضية كما ينظم هذا المرسوم طرق توظيف عائدات الصلح الجزائي لفائدة المجموعة الوطنية على قاعدة العدل والإنصاف. خاصة أن الصلح الجزائي يهدف إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات ناتجة عنها تم تقديمها أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسّساتها أو أي جهة أخرى وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة.

ويذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أكد في عديد المناسبات على أن ملف الصلح الجزائي يعد أولوية تراهن عديد الجهات على عائداته لحلحلة جانب من الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها الدولة، رغم تحفظ بعض الجمعيات والمنظمات عن ذلك ورفض بعضها إطلاق سراح المتهمين بالفساد بعد دفعهم لغرامات مالية. فضلا عن تواصل الجدل حول هذه المسألة الشائكة التي طالها التلاعب والتوظيف السياسي والحزبي خلال العشرية الماضية.

ولم يخف أعضاء اللجنة الوطنية للصلح الجزائي في عدة مناسبات سابقة، صعوبة المهمة وما وجدوه من عقبات وصعوبات في التعاطي مع هذا الملف وتراكم عوامل التعطيل من تشابك وتداخل في الهياكل والمهام مرورا بإجراءات التقاضي وصولا إلى عامل البيروقراطية وانخراط بعض طالبي الصلح بدورهم في عملية التعطيل مرة أخرى. خاصة أن مسألة الصلح الجزائي تعد من بين أكثر الملفات تعقيدا وتداخلا وهو ما كان سببا لتظل القرارات التحكيمية لهيئة الحقيقة والكرامة سابقا وغيرها من القرارات المتعلقة بالأملاك المصادرة والمنهوبة معلقة أو معطلة.

       مطالب معروضة وأخرى مقبولة

ورغم التكتم والغموض الذي يكتنف تفاصيل هذا الملف وعمل هذه اللجنة ومتعلقات الصلح الجزائي، كشف مؤخرا رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة، وليد العرفاوي باعتباره متابعا لهذا الملف، أن هناك ما يقارب 400 مطلب في الغرض تم تقديمه للجنة الوطنية للصلح الجزائي وأنه تم قبول حوالي 100 مطلب إلى حد الأيام القليلة الأخيرة فيما لا تزال البقية تحت الدرس أو بصدد إنجاز الاختبارات وغيرها من مراحل ومتطلبات التقاضي في مثل هذه الملفات. لأن مصالح الفاسدين في حق الدولة أمر واقع وجب تحويله إلى آلية لتحقيق الفائدة للدولة في ظل هذه الظروف الصعبة.

ويذكر أن النائب السابق في البرلمان المنحل لطفي علي الذي تم إيقافه في أوت 2021، بسبب تهم في ثلاث قضايا منذ عام 2019 تعلقت بغسل الأموال وفساد مالي وإداري والإثراء غير المشروع وتضارب المصالح. كان قد تقدم بطلب للجنة الصلح الجزائي قصد التمتع بآلية الصلح الجزائي منذ أشهر وعرض على اللجنة تقديم مبلغ محدد مقابل الإفراج عنه وشقيقه في ما يعرف بقضية نقل مادة الفسفاط تحديدا بعد أن طالبت اللجنة بتقدم مبلغ 11 مليون دينار مع إضافة 10%  تأخير عن كل سنة.

لذلك تتجه الأنظار إلى انتهاج اللجنة الوطنية للصلح الجزائي أساليب وآليات أخرى من أجل كسب التحدي والإسراع في تحقيق ثمرة آلية الصلح في نسختها الحالية في هذه المرحلة الحاسمة والحرجة أي قبل أسابيع قليلة من انتهاء المدة الثانية لعمل اللجنة، خاصة أمام تواصل إجراءات التعطل وتراجع البعض عن الاتفاقات الأولى والدفع لتعطيل الملفات إجرائيا وفق ما يتيحه القانون. لذلك وجه البعض مطالب إلى المعنيين بمطالب الصلح إلى عدم التعطيل تفاديا لتداعيات ذلك على الملف من ناحية وعلى عملية الصلح الجزائي من ناحية أخرى. 

نزيهة الغضباني  

قبل أسابيع قليلة من نهاية عمر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي..    تعطيلات وتعقيدات إجرائية وقانونية أمام الصلح الجزائي فما الحل؟

 

قرابة 400 مطلب صلح تم تقديمه للجنة الوطنية.. تم قبول حوالي 100 مطلب إلى حد الأيام القليلة الماضية

تونس – الصباح

لم يعد في عمر اللجنة الوطنية للصلح الجزائي أكثر من شهرين، بعد انقضاء المدة الأولى المخولة لعملها دون التوصل إلى النتائج المرجوة، وإصدار رئاسة الجمهورية قرار في ماي الماضي يقضي بالتمديد في أعمالها بستة أشهر إضافية بعد تجديد عضوية أعضاء هذه اللجنة في تركيبتها المتشابكة وتمثيليتها لمختلف الهياكل والمؤسسات المعنية بمتابعة هذا الملف ابتداء من 11 من نفس الشهر. فيما لا تزال مسألة الصلح الجزائي معطلة ودون الوصول إلى الأهداف المأمولة للأسباب إجرائية وإدارية وقانونية وغيرها. الأمر الذي يجعل هذه اللجنة في الميزان وأمام تحد كبير وفرصة أخيرة في مهامها التي نص عليها المرسوم المنظم للصلح الجزائي وتوظيف عائداته عدد 13 لسنة 2022 الصادر في 20 مارس 2022 وكذلك الأمر المنظم لعمل لجنة الصلح الجزائي الصادر في 11 نوفمبر 2022 وقد انطلق نشاطها رسميا وقبول مطالب الصلح بداية من يوم 21 مارس 2023، وفق بلاغ صدر في الغرض. 

وتجدر الإشارة إلى أن المرسوم عدد 13 لسنة 2022 قد ضبط إجراءات الصلح مع الدولة، صلح جزائي في الجرائم الاقتصادية والمالية والأفعال والأعمال والممارسات، التي ترتبت عنها منافع غير شرعية أو يمكن أن تترتب عنها منافع غير شرعية أو غير مشروعة، والتي أنتجت ضررا ماليا للدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية أو أي جهة أخرى وذلك تكريسا لمبدأ العدالة الجزائية التعويضية كما ينظم هذا المرسوم طرق توظيف عائدات الصلح الجزائي لفائدة المجموعة الوطنية على قاعدة العدل والإنصاف. خاصة أن الصلح الجزائي يهدف إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات ناتجة عنها تم تقديمها أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسّساتها أو أي جهة أخرى وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة.

ويذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أكد في عديد المناسبات على أن ملف الصلح الجزائي يعد أولوية تراهن عديد الجهات على عائداته لحلحلة جانب من الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها الدولة، رغم تحفظ بعض الجمعيات والمنظمات عن ذلك ورفض بعضها إطلاق سراح المتهمين بالفساد بعد دفعهم لغرامات مالية. فضلا عن تواصل الجدل حول هذه المسألة الشائكة التي طالها التلاعب والتوظيف السياسي والحزبي خلال العشرية الماضية.

ولم يخف أعضاء اللجنة الوطنية للصلح الجزائي في عدة مناسبات سابقة، صعوبة المهمة وما وجدوه من عقبات وصعوبات في التعاطي مع هذا الملف وتراكم عوامل التعطيل من تشابك وتداخل في الهياكل والمهام مرورا بإجراءات التقاضي وصولا إلى عامل البيروقراطية وانخراط بعض طالبي الصلح بدورهم في عملية التعطيل مرة أخرى. خاصة أن مسألة الصلح الجزائي تعد من بين أكثر الملفات تعقيدا وتداخلا وهو ما كان سببا لتظل القرارات التحكيمية لهيئة الحقيقة والكرامة سابقا وغيرها من القرارات المتعلقة بالأملاك المصادرة والمنهوبة معلقة أو معطلة.

       مطالب معروضة وأخرى مقبولة

ورغم التكتم والغموض الذي يكتنف تفاصيل هذا الملف وعمل هذه اللجنة ومتعلقات الصلح الجزائي، كشف مؤخرا رئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة، وليد العرفاوي باعتباره متابعا لهذا الملف، أن هناك ما يقارب 400 مطلب في الغرض تم تقديمه للجنة الوطنية للصلح الجزائي وأنه تم قبول حوالي 100 مطلب إلى حد الأيام القليلة الأخيرة فيما لا تزال البقية تحت الدرس أو بصدد إنجاز الاختبارات وغيرها من مراحل ومتطلبات التقاضي في مثل هذه الملفات. لأن مصالح الفاسدين في حق الدولة أمر واقع وجب تحويله إلى آلية لتحقيق الفائدة للدولة في ظل هذه الظروف الصعبة.

ويذكر أن النائب السابق في البرلمان المنحل لطفي علي الذي تم إيقافه في أوت 2021، بسبب تهم في ثلاث قضايا منذ عام 2019 تعلقت بغسل الأموال وفساد مالي وإداري والإثراء غير المشروع وتضارب المصالح. كان قد تقدم بطلب للجنة الصلح الجزائي قصد التمتع بآلية الصلح الجزائي منذ أشهر وعرض على اللجنة تقديم مبلغ محدد مقابل الإفراج عنه وشقيقه في ما يعرف بقضية نقل مادة الفسفاط تحديدا بعد أن طالبت اللجنة بتقدم مبلغ 11 مليون دينار مع إضافة 10%  تأخير عن كل سنة.

لذلك تتجه الأنظار إلى انتهاج اللجنة الوطنية للصلح الجزائي أساليب وآليات أخرى من أجل كسب التحدي والإسراع في تحقيق ثمرة آلية الصلح في نسختها الحالية في هذه المرحلة الحاسمة والحرجة أي قبل أسابيع قليلة من انتهاء المدة الثانية لعمل اللجنة، خاصة أمام تواصل إجراءات التعطل وتراجع البعض عن الاتفاقات الأولى والدفع لتعطيل الملفات إجرائيا وفق ما يتيحه القانون. لذلك وجه البعض مطالب إلى المعنيين بمطالب الصلح إلى عدم التعطيل تفاديا لتداعيات ذلك على الملف من ناحية وعلى عملية الصلح الجزائي من ناحية أخرى. 

نزيهة الغضباني  

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews