إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

دحضا للإشاعات التي تتحدث عن تقارب محتمل.. قيس سعيّد يجدّد موقفه المتمسّك باعتبار التطبيع خيانة عظمى !

 

تونس كانت من أولى الدول التي احتجت ضد احتلال فلسطين من خلال جمعيات مناهضة له.. إن التونسيون لا ينسون التاريخ

تونس – الصباح

"في هذا الوقت المتبقي ومرّة أخرى.. التطبيع خيانة عظمى"، مازال صدى هذه الجملة، التي كانت مفتاح الوصول الى قصر قرطاج في الحملة الانتخابية الرئاسية الماضية، يتردّد الى اليوم، ولو بتصريحات وفي سياقات جديدة.. تلك الجملة التي تجاوز صداها تونس والانتخابات لتدغدغ مشاعر الكثيرين من المحيط الى الخليج وهي التي تعتبر أجرأ ما قيل في مستوى الحكم والقيادة العربية وفي علاقة بحقّ الشعب الفلسطيني المشرّد من أرضه والأعزل في مواجهة احتلال صهيوني غاشم، في تلك المناظرة لم يكتف المرشّح وقتها لمنصب الرئيس قيس سعيد، باعتبار التطبيع خيانة عظمى وبأنه لا يعترف أصلا بكلمة تطبيع وان الاعتراف بها هو اعتراف بأثرها في الواقع بل اعتبر انه يجب أن يحاكم لأنه كيان شرّد ونكّل بشعب كامل وأن الوضع الطبيعي مع الكيان الصهيوني هو وضع حالة الحرب .

اليوم يعود الرئيس قيس سعيد لتجديد تمسّكه بموقفه في المجلس الوزاري المصغّر الذي عُقد أول أمس بقصر قرطاج وحضره رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي ووزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام نمصية، حيث قال في معرض حديث طرح قضايا مختلفة أنه يقولها مرة على الملأ، أن التطبيع خيانة عظمي وأن الذين يتحدثون عن التطبيع لا وجود لأي تطبيع وأنه أصلا لا يعترف بهذه الكلمة وانه خيانة عظمى لحق الشعب الفلسطيني في كل فلسطين وان الجماهير العربية معبّأة لتحرير كل فلسطين ..

الرئيس أشار أيضا الى كون القضية ليست مع اليهود بل مع الحركة الصهيونية العالمية وان اليوم حتى قضية صبرا وشاتيلا تم تناسيها وأن تونس كانت من أولى الدول التي احتجت ضد احتلال فلسطين من خلال جمعيات كانت مناهضة للاحتلال.. وان التونسيين لا ينسون التاريخ وأنهم صامدون، ثابتون قائلا: "نحن لن نتراجع أبدا.. نعيش فوق أرضنا أعزّاء أو نواري الثرى ونحن شهداء"..

ورغم هذا الموقف الرسمي لتونس والذي ظل متمسّكا برفض التطبيع والدفاع بضراوة على حق الشعب الفلسطيني في أرضه إلا أنه وفي كل مرّة تعود موجة من الإشاعات التي تلمّح الى كون تونس بصدد تغيير موقفها من التطبيع خاصة بعد موجة التطبيع الجديدة والمعروفة باسم "اتفاقيات إبراهيم" وشملت كلا من الإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان، في السنوات الأخيرة، وهو ما جعل رئيس الجمهورية كل مرة يعاود تأكيد نفس الموقف حيث قال منذ ثلاثة أسابيع في موكب تسليم أوراق اعتماد سفراء جدد لتونس، أن القضيّة الفلسطينية هي القضيّة المركزيّة للأمة كلّها، داعيا الى عدم نسيان الحق الفلسطيني المشروع قائلا إن "الحالة الطبيعية في ضرورة ان تعود فلسطين الى الشعب الفلسطيني وان يسترجع حقوقه في كل فلسطين وتكون دولة فلسطين مستقلة وعاصمتها القدس الشريف" ..

ولعل أكثر ما غذّى إشاعة تطبيع محتمل هو مصادقة تونس على ما يسمى الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المتوسط وأصبحت بذلك تونس عضوا في إطار إقليمي واحد مع الكيان الإسرائيلي ومجموعة من الدول الأخرى بعد صدور المصادقة في إطار المرسوم الرئاسي عدد 76 لسنة 2022 .. ووقعت على هذا البروتوكول -المتعلق بحماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في بحر المتوسط- كل من تونس وقبلها الكيان الإسرائيلي والمغرب ولبنان وسوريا وفرنسا وإسبانيا وألبانيا والجبل الأسود وسلوفينيا وكرواتيا ومالطا.

 

مشروع قانون يجرّم التطبيع ..

منذ مدة تم الإعلان عن كون لجنة الحقوق والحريات في مجلس نواب الشعب انطلقت بدراسة مقترح قانون يطالب بـ"تجريم" التطبيع مع إسرائيل وقدمت اللجنة "قراءة أولية بخصوص أهمية مشروع القانون بالنسبة للشعب التونسي، ومساندته غير المشروطة للقضية الفلسطينية العادلة" وفق بيان نشره البرلمان عبر صفحته الرسمية ..  ولكن من ذلك الوقت اختفى الحديث حول هذه المسألة ولا نعرف الى اليوم أين وصل ذلك المشروع المقترح لتجريم التطبيع .

وكانت وزارة التجارة وتنمية الصادرات قد شددت في أوت 2022 على التزامها بأحكام "المقاطعة" العربية لإسرائيل وفق مبادئ جامعة الدول العربية وذلك ردا على ما تتداوله تقارير ومواقع إخبارية عن إجرائها مبادلات تجارية مع إسرائيل. وبدأت تونس المقاطعة الرّسمية المنظمة لإسرائيل عن طريق جامعة الدول العربية بعد حرب 1948، ولكن ظلت الدولة أحيانا محلّ انتقادات بسبب السماح لبعض الإسرائيليين بحضور حج الغربية من كل سنة وذلك باستعمال جوازات سفر دول أوروبية.

ولكن السلطات في تونس كانت دائما تدفع بموقف واضح بأنها تميز جيدا بين اليهود وأماكنهم المقدسة وحرية ممارسة معتقداتهم وبين إسرائيل ككيان صهيوني غاصب ومحتل وفي نزاع متواصل معه من خلال الوقوف الى جانب الحق الفلسطيني في استرجاع أرضه وطرد المحتل منها .

منية العرفاوي

دحضا للإشاعات التي تتحدث عن تقارب محتمل..   قيس سعيّد يجدّد موقفه المتمسّك باعتبار التطبيع خيانة عظمى !

 

تونس كانت من أولى الدول التي احتجت ضد احتلال فلسطين من خلال جمعيات مناهضة له.. إن التونسيون لا ينسون التاريخ

تونس – الصباح

"في هذا الوقت المتبقي ومرّة أخرى.. التطبيع خيانة عظمى"، مازال صدى هذه الجملة، التي كانت مفتاح الوصول الى قصر قرطاج في الحملة الانتخابية الرئاسية الماضية، يتردّد الى اليوم، ولو بتصريحات وفي سياقات جديدة.. تلك الجملة التي تجاوز صداها تونس والانتخابات لتدغدغ مشاعر الكثيرين من المحيط الى الخليج وهي التي تعتبر أجرأ ما قيل في مستوى الحكم والقيادة العربية وفي علاقة بحقّ الشعب الفلسطيني المشرّد من أرضه والأعزل في مواجهة احتلال صهيوني غاشم، في تلك المناظرة لم يكتف المرشّح وقتها لمنصب الرئيس قيس سعيد، باعتبار التطبيع خيانة عظمى وبأنه لا يعترف أصلا بكلمة تطبيع وان الاعتراف بها هو اعتراف بأثرها في الواقع بل اعتبر انه يجب أن يحاكم لأنه كيان شرّد ونكّل بشعب كامل وأن الوضع الطبيعي مع الكيان الصهيوني هو وضع حالة الحرب .

اليوم يعود الرئيس قيس سعيد لتجديد تمسّكه بموقفه في المجلس الوزاري المصغّر الذي عُقد أول أمس بقصر قرطاج وحضره رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي ووزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام نمصية، حيث قال في معرض حديث طرح قضايا مختلفة أنه يقولها مرة على الملأ، أن التطبيع خيانة عظمي وأن الذين يتحدثون عن التطبيع لا وجود لأي تطبيع وأنه أصلا لا يعترف بهذه الكلمة وانه خيانة عظمى لحق الشعب الفلسطيني في كل فلسطين وان الجماهير العربية معبّأة لتحرير كل فلسطين ..

الرئيس أشار أيضا الى كون القضية ليست مع اليهود بل مع الحركة الصهيونية العالمية وان اليوم حتى قضية صبرا وشاتيلا تم تناسيها وأن تونس كانت من أولى الدول التي احتجت ضد احتلال فلسطين من خلال جمعيات كانت مناهضة للاحتلال.. وان التونسيين لا ينسون التاريخ وأنهم صامدون، ثابتون قائلا: "نحن لن نتراجع أبدا.. نعيش فوق أرضنا أعزّاء أو نواري الثرى ونحن شهداء"..

ورغم هذا الموقف الرسمي لتونس والذي ظل متمسّكا برفض التطبيع والدفاع بضراوة على حق الشعب الفلسطيني في أرضه إلا أنه وفي كل مرّة تعود موجة من الإشاعات التي تلمّح الى كون تونس بصدد تغيير موقفها من التطبيع خاصة بعد موجة التطبيع الجديدة والمعروفة باسم "اتفاقيات إبراهيم" وشملت كلا من الإمارات العربية المتحدة والمغرب والسودان، في السنوات الأخيرة، وهو ما جعل رئيس الجمهورية كل مرة يعاود تأكيد نفس الموقف حيث قال منذ ثلاثة أسابيع في موكب تسليم أوراق اعتماد سفراء جدد لتونس، أن القضيّة الفلسطينية هي القضيّة المركزيّة للأمة كلّها، داعيا الى عدم نسيان الحق الفلسطيني المشروع قائلا إن "الحالة الطبيعية في ضرورة ان تعود فلسطين الى الشعب الفلسطيني وان يسترجع حقوقه في كل فلسطين وتكون دولة فلسطين مستقلة وعاصمتها القدس الشريف" ..

ولعل أكثر ما غذّى إشاعة تطبيع محتمل هو مصادقة تونس على ما يسمى الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية في المتوسط وأصبحت بذلك تونس عضوا في إطار إقليمي واحد مع الكيان الإسرائيلي ومجموعة من الدول الأخرى بعد صدور المصادقة في إطار المرسوم الرئاسي عدد 76 لسنة 2022 .. ووقعت على هذا البروتوكول -المتعلق بحماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في بحر المتوسط- كل من تونس وقبلها الكيان الإسرائيلي والمغرب ولبنان وسوريا وفرنسا وإسبانيا وألبانيا والجبل الأسود وسلوفينيا وكرواتيا ومالطا.

 

مشروع قانون يجرّم التطبيع ..

منذ مدة تم الإعلان عن كون لجنة الحقوق والحريات في مجلس نواب الشعب انطلقت بدراسة مقترح قانون يطالب بـ"تجريم" التطبيع مع إسرائيل وقدمت اللجنة "قراءة أولية بخصوص أهمية مشروع القانون بالنسبة للشعب التونسي، ومساندته غير المشروطة للقضية الفلسطينية العادلة" وفق بيان نشره البرلمان عبر صفحته الرسمية ..  ولكن من ذلك الوقت اختفى الحديث حول هذه المسألة ولا نعرف الى اليوم أين وصل ذلك المشروع المقترح لتجريم التطبيع .

وكانت وزارة التجارة وتنمية الصادرات قد شددت في أوت 2022 على التزامها بأحكام "المقاطعة" العربية لإسرائيل وفق مبادئ جامعة الدول العربية وذلك ردا على ما تتداوله تقارير ومواقع إخبارية عن إجرائها مبادلات تجارية مع إسرائيل. وبدأت تونس المقاطعة الرّسمية المنظمة لإسرائيل عن طريق جامعة الدول العربية بعد حرب 1948، ولكن ظلت الدولة أحيانا محلّ انتقادات بسبب السماح لبعض الإسرائيليين بحضور حج الغربية من كل سنة وذلك باستعمال جوازات سفر دول أوروبية.

ولكن السلطات في تونس كانت دائما تدفع بموقف واضح بأنها تميز جيدا بين اليهود وأماكنهم المقدسة وحرية ممارسة معتقداتهم وبين إسرائيل ككيان صهيوني غاصب ومحتل وفي نزاع متواصل معه من خلال الوقوف الى جانب الحق الفلسطيني في استرجاع أرضه وطرد المحتل منها .

منية العرفاوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews