إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العهد هلُمّ نجدّده و"تجمير البايت" قد انبسطت يده

مهزلة إعادة بثّ مسلسلات مجّها المشاهد وكرهها بعد أن تحوّلت إلى خبزه اليوميّ منذ عشرات السّنين يجب أن تتوقف لأنّ بلادنا تزخر بالكفاءات في مجال الإنتاج الدّراميّ وفي غيره من المجالات

بقلم:مصدّق الشّريف

سيّدي الرّئيس، قمت باستدعاء المديرة العامة للتلفزة الوطنيّة. وأبديت بكلّ وضوح قلقك وامتعاضك من تكرار الكثير من البرامج ولاسيّما المسلسلات لأكثر من مرّة فوصفتها بـ"تجمير البايت". ومع مرور الأيام، اتّضح أنّ ردّ المسؤولين عن البرامج التلفزية لا يتعدى مستوى "سمعنا ولكنّنا لم نعر اهتماما لما أوصيت به ولن نفعل".

سيّدي الرّئيس، تكاد لا تفتأ تؤكد حرصك على الحفاظ على أموال الشعب وحقه الذي لا ينازعه فيه أحد في تحديد ما يريده وما يطمح إلى بلوغه. ولكن ألا ترى معي أنّ التلفزة الوطنية الموقرة تُمعن في استغباء مشاهديها واحتقارهم والازدراء من حقهم في مشاهدة برامج ترتقي بذائقتهم وترتفع بمستواهم الفكري والثقافي؟ إنه لا يخفى على أحد أنّ التونسيّين يدفعون في كلّ فاتورة كهرباء وغاز نصيبا لا يُستهان به من المال لفائدة خزينة الدّولة. وهذا النّصيب في ارتفاع مطّرد من سنة إلى أخرى. وتزداد نسبة الضّريبة بارتفاع ثمن كيلوغرام الكهرباء والغاز.

إنّنا نرى أنه من الأجدر، ولاسيّما من باب احترام المشاهدين، أن تتوقف التلفزة عن الإرسال إن لم يكن لها من جديد. فهذا ألطف وأليق من أن تُواصل بثّ مسلسلات طيلة سنوات وعقود لأنّ في الإعادة وإعادة الإعادة وتكرار بثّ الأطباق "البايتة" مئات المرّات بلادة واستخفاف بالمتلقي. وكأنّنا بلسان حال المسؤولين يقول: "كان عجبك وإلاّ كسّر ڤرنك" و"بينك وبين التلفزة زرّ".

سيّدي الرّئيس، إنّ وحدات الإنتاج في تلفزتنا الوطنية المحترمة جدّا في حال عطالة، في حال عقم، في حال سبات عميق. والأضحك والأبكى أنّها مصرّة على أحوالها. لقد بدا جليّا أنها استحسنت الوضع الذي لا يخلو من عدم اكتراث بالمشاهدين وعدم إيلاء قدر للمنزلة التي من المفترض أن يحظوا بها.

سيّدي الرّئيس، إنّ مهزلة إعادة بثّ مسلسلات مجّها المشاهد وكرهها بعد أن تحوّلت إلى خبزه اليوميّ منذ عشرات السّنين يجب أن تتوقف الآن لأنّ بلادنا تزخر بالكفاءات في مجال الإنتاج الدّراميّ وفي غيره من المجالات. وبلادنا كانت ولاّدة لأصحاب الأقلام التي تبدع في كلّ الأغراض ولا تزال. ولدينا أيضا قامات في فنّ الإخراج وغيره.

 لقد ضقنا ذرعا ببرامج التلفزة. لن أٌقول للمسؤولين ما قاله لهم رئيس الدّولة بلغة مهذبة ولطيفة "تجمرون البايت". بل أقول لهم إنّكم أحبّاء "البايت". إنّكم عكس الطبيعة التي تأبى الفراغ. أنتم الفراغ. تصرّون على الفراغ. وتعشقون الفراغ. تسعون بلا هوادة إلى تسطيح أذهان المشاهدين وتصحيرها وتبليدها. ترنون إلى السخافة والابتذال من خلال ما دأبتم عليه من بثّ حكايات لا تخرج من عالم الخرافات السخيفة والمعتقدات البالية لمئات المرّات. أعدادكم كثيرة ولكنّ أعمالكم قليلة. لا تصنعون شيئا. لا تنتجون شيئا. وإن أنتجتم فلا تعطوننا غالبا إلاّ التفاهة.

قدرنا أن يبقى حظّنا حظّ اليتامى على موائد اللّئام.

 

 

 

 

العهد هلُمّ نجدّده و"تجمير البايت" قد انبسطت يده

مهزلة إعادة بثّ مسلسلات مجّها المشاهد وكرهها بعد أن تحوّلت إلى خبزه اليوميّ منذ عشرات السّنين يجب أن تتوقف لأنّ بلادنا تزخر بالكفاءات في مجال الإنتاج الدّراميّ وفي غيره من المجالات

بقلم:مصدّق الشّريف

سيّدي الرّئيس، قمت باستدعاء المديرة العامة للتلفزة الوطنيّة. وأبديت بكلّ وضوح قلقك وامتعاضك من تكرار الكثير من البرامج ولاسيّما المسلسلات لأكثر من مرّة فوصفتها بـ"تجمير البايت". ومع مرور الأيام، اتّضح أنّ ردّ المسؤولين عن البرامج التلفزية لا يتعدى مستوى "سمعنا ولكنّنا لم نعر اهتماما لما أوصيت به ولن نفعل".

سيّدي الرّئيس، تكاد لا تفتأ تؤكد حرصك على الحفاظ على أموال الشعب وحقه الذي لا ينازعه فيه أحد في تحديد ما يريده وما يطمح إلى بلوغه. ولكن ألا ترى معي أنّ التلفزة الوطنية الموقرة تُمعن في استغباء مشاهديها واحتقارهم والازدراء من حقهم في مشاهدة برامج ترتقي بذائقتهم وترتفع بمستواهم الفكري والثقافي؟ إنه لا يخفى على أحد أنّ التونسيّين يدفعون في كلّ فاتورة كهرباء وغاز نصيبا لا يُستهان به من المال لفائدة خزينة الدّولة. وهذا النّصيب في ارتفاع مطّرد من سنة إلى أخرى. وتزداد نسبة الضّريبة بارتفاع ثمن كيلوغرام الكهرباء والغاز.

إنّنا نرى أنه من الأجدر، ولاسيّما من باب احترام المشاهدين، أن تتوقف التلفزة عن الإرسال إن لم يكن لها من جديد. فهذا ألطف وأليق من أن تُواصل بثّ مسلسلات طيلة سنوات وعقود لأنّ في الإعادة وإعادة الإعادة وتكرار بثّ الأطباق "البايتة" مئات المرّات بلادة واستخفاف بالمتلقي. وكأنّنا بلسان حال المسؤولين يقول: "كان عجبك وإلاّ كسّر ڤرنك" و"بينك وبين التلفزة زرّ".

سيّدي الرّئيس، إنّ وحدات الإنتاج في تلفزتنا الوطنية المحترمة جدّا في حال عطالة، في حال عقم، في حال سبات عميق. والأضحك والأبكى أنّها مصرّة على أحوالها. لقد بدا جليّا أنها استحسنت الوضع الذي لا يخلو من عدم اكتراث بالمشاهدين وعدم إيلاء قدر للمنزلة التي من المفترض أن يحظوا بها.

سيّدي الرّئيس، إنّ مهزلة إعادة بثّ مسلسلات مجّها المشاهد وكرهها بعد أن تحوّلت إلى خبزه اليوميّ منذ عشرات السّنين يجب أن تتوقف الآن لأنّ بلادنا تزخر بالكفاءات في مجال الإنتاج الدّراميّ وفي غيره من المجالات. وبلادنا كانت ولاّدة لأصحاب الأقلام التي تبدع في كلّ الأغراض ولا تزال. ولدينا أيضا قامات في فنّ الإخراج وغيره.

 لقد ضقنا ذرعا ببرامج التلفزة. لن أٌقول للمسؤولين ما قاله لهم رئيس الدّولة بلغة مهذبة ولطيفة "تجمرون البايت". بل أقول لهم إنّكم أحبّاء "البايت". إنّكم عكس الطبيعة التي تأبى الفراغ. أنتم الفراغ. تصرّون على الفراغ. وتعشقون الفراغ. تسعون بلا هوادة إلى تسطيح أذهان المشاهدين وتصحيرها وتبليدها. ترنون إلى السخافة والابتذال من خلال ما دأبتم عليه من بثّ حكايات لا تخرج من عالم الخرافات السخيفة والمعتقدات البالية لمئات المرّات. أعدادكم كثيرة ولكنّ أعمالكم قليلة. لا تصنعون شيئا. لا تنتجون شيئا. وإن أنتجتم فلا تعطوننا غالبا إلاّ التفاهة.

قدرنا أن يبقى حظّنا حظّ اليتامى على موائد اللّئام.