إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ناقشه المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بالشارقة: هل أصبح الذكاء الاصطناعي وسيلة للسيطرة.. وأية سبل للتحكّم في التحول الرقمي؟

 

- البيانات التي تمتلكها المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي كنز كبير، لابد من التعامل معه بمسؤولية

- الروبوتات أصبحت شبيهة وحتى منافسة للبشر وأخذت مكانه ووظائفه سواء بإرادته او غصبا عنه

الشارقة - الصباح- من مبعوثنا سفيان رجب

عندما تخيل الروسي إسحاق أسيموف، كاتب قصص الخيال العلمي في اشهر رواياته وهي "التملص" سنة 1942، وجود روبوتات تعوض البشر ووضع لها ثلاثة قوانين او ضوابط خاصة محددا كيف يجب برمجة وصنع الانسان الآلي من منطلق الذكاء الاصطناعي، لم يكن احد يعتقد في ان هذا الخيال سيصبح حقيقة وان الروبوتات ستصبح شبيهة وحتى منافسة للبشر وانها ستأخذ مكانه ووظائفه سواء بإرادته او غصبا عنه.

اليوم ونحن مبهورين بالذكاء الاصطناعي وكأنه جديد عصرنا واكتشاف المرحلة، تناسينا ان هذا المفهوم ظهر منذ أربعينيات القرن العشرين ووضع له الروسي اسيموف قوانينه وضبطها في ثلاث نقاط وهي:

أولا- لا يجوز لآلي إيذاء بشريّ أو السكوت عما قد يسبب أذًى

ثانيا- لا يجب على الآلي إطاعة أوامر البشر اذا تعارضت مع القانون الأول.

ثالثا- يجب على الآلي المحافظة على بقائه طالما لا يتعارض ذلك مع القانونين الأول والثاني.

ثم أضاف لاحقاً القانون صفر إلى مجموعة القوانين، وهو:

لا ينبغي لأي روبوت أن يؤذي الإنسانية، أو أن يسمح للإنسانية بإيذاء نفسها بعدم القيام بأي رد فعل.

نظرية "أسيموف"، كانت انطلاقة جلسة حوار مشوقة ونقاش جدي ضمن فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي احتضنته امارة الشارقة والذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، يومي 13 و14 سبتمبر الجاري، تحت شعار "موارد اليوم…ثروات الغد".

جلسة النقاش حملت عنوان" أخلاقيات الروبوت... ما تنبأ به أسيموف"، بحث فيها عدد من الخبراء والمختصين في البرمجيات والتقنيات الرقمية والامن السيبراني إشكاليات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي واي حدود وضوابط لهما قانونيا واخلاقيا.

وقد خلصت الجلسة الى ضرورة وضع ضوابط عالمية يلتزم بها الجميع في النظام الرقمي العالمي الجديد. هذه الضوابط يجب ان تكون ملزمة للجميع على غرار المواثيق الدولية وأبرزها ميثاق الأمم المتحدة وجب أن تركز على القيم الأخلاقية المشتركة في مختلف المجتمعات الإنسانية، وتساعد على وضع مبادئ توجيهية لكيفية استخدام التقنيات الحديثة خاصة الذكاء الاصطناعي وتحديد ضوابط واضحة للحد من المخاطر والمخاوف التي يشعر بها الانسان اليوم جراء انتشار استخدام هذه التقنيات، خاصة مع تطورها المتسارع واقتحامها لكافة القطاعات الحيوية وجوانب الحياة اليومية للبشر.

جلسة النقاش التي ترأسها حسين الشيخ مذيع الاخبار بقناة العربية، شارك فيها كل من الشيخ سلمان بن محمد آل خليفة، الرئيس التنفيذي للمركز الاماراتي للأمن السيبراني، والدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس الأمن السيبرانيّ في حكومة الإمارات، والبريطانية فايدرا بوينوديريس، مؤلفة كتاب "AI for the Rest of Us" وإحدى مؤسسات تحالف عالم المستقبل، ومتخصصة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتعليم، والحاصلة على عدة جوائز من الأمم المتحدة هذا الى جانب مشاركة كوه جيان، رئيس اللجنة الرئاسية للتحول الرقمي في كوريا الجنوبية.

حوكمة التحول الرقمي

 الجلسة ناقشت في البداية مسألة الاستعمال الآمن والسليم للتكنولوجيا وللتطبيقات الرقمية الحديثة، وهو موضوع اصبح يشغل ليس الخبراء فقط بل حتى العامة باعتبار ان الجميع اصبح مستعمل ومتلقّ للتكنولوجيا ومساير للتحول الرقمي.. لكن تبقى الإشكالية في سبل حوكمة هذا التحول وسبل حماية الانسان من البرمجيات والروبوتات.

وفي هذا الاطار ذكر الدكتور محمد حمد الكويتي رئيس الأمن السيبرانيّ في حكومة الإمارات أن: "العالم اصبح كتلة من المعلومات والبيانات التي تتوفر اليوم للمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي تشكل كنزا كبيرا وجب معرفة كيفية التحكم فيه وضوابط استغلاله، لابد من التعامل مع هذا الكنز بمسؤولية، ونعمل على وضع إجراءات وسياسات لحوكمة عملية التحول الرقمي، وتلافي التغير المتسارع والعشوائي في ممارساتنا وحياتنا وبالخصوص العمل على تجاوز الثغرات الأمنية الموجودة والتي يمكن فيها استغلال كنز المعلومات بصفة غير سليمة وخطيرة".

الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

من جهته تحدث الشيخ سلمان آل خليفة الرئيس التنفيذي للمركز الاماراتي للأمن السيبراني عن السلامة المعلوماتية مؤكدا على ضرورة توحيد الجهود لوضع قوانين وتشريعات تعزز حماية البيانات وخصوصية المستخدمين والتصدي للشركات متعددة الجنسيات منتجة البرمجيات ومحاسبتها في حال أخلت بالضوابط القانونية والأخلاقية. وشدد سلمان أل خليفة على قدرة الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني، والمساعدة على تحليل البيانات الكبرى واتخاذ القرار الصحيح في وقت قياسي دون الحاجة إلى موارد بشرية إضافية، لكنه قلل من شأن المخاوف الرائجة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات السيبرانية، التي لا تتجاوز نسبتها الـ 0.1% من بين 2000 نوع من الهجمات.

وفي نفس الإطار، أكدت البريطانية فايدرا بوينوديريس متخصصة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتعليم، أن التقنيات الحديثة وتكنولوجيات الاتصال أصبحت شيئا رئيسيا في حياتنا وكسب الثقة في هذه التقنيات لا يمثل تحدياً تقنياً فقط، بل اصبح يشكل مشكلة حقيقية على المستوى القانوني والاجتماعي. وقالت "لابد من إيجاد مبادئ تتضمن ضرورة القبول والحصول على الموافقة قبل مشاركة أية بيانات للمستخدمين، إضافة إلى التزام الشفافية، وفهم الطبيعة الحقيقية للبيانات باعتبارها جزءاً من التجربة البشرية"، مشددةً على ضرورة التفكير بشكل شامل، يضع في الاعتبار ثنائية المستخدم والأداة، وتحويل التعامل بشكل مسؤول مع تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى ثقافة مجتمعية، لا تقتصر مسؤولية وضع المعايير لها على الحكومات أو الشركات الكبرى وحدها، بل إشراك أفراد المجتمع فيها، وتقليل مخاوفهم بأن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس بغرض السيطرة على الناس بل لتسهيل حياتهم."

فإشكالية الذكاء الاجتماعي وعلاقته بالإنسان موجودة ولكن من الثابت ان التعايش معها حتمي بشكل لا يصبح الانسان عبدا لهذا الذكاء ولا خاضعا له ولا متوكلا عليه.. بل يجب ان يكون هذا الذكاء فقط مساعدا للإنسان في حياته ونشاطه ومهنته..

النموذج الكوري مثالا للتحول الرقمي

ولا يمكن الحديث عن التحول الرقمي دون الحديث عن تجربة كوريا الجنوبية التي تعد رائدة في هذا المجال ونموذجا يقتدى به خاصة في إيجاد المعادلة بين المرور نحو التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا والمحافظة على دور العنصر البشري.. وفي هذا الاطار تحدث كوه جيان رئيس اللجنة الرئاسية للتحول الرقمي في كوريا الجنوبية عن تجربة بلاده التي انطلقت منذ سبعينات القرن الماضي وقال ان اختيار كوريا على التكنولوجيا والتحول الرقمي كأساس اول للاقتصاد منذ اكثر من خمسين سنة كان خيارا صائبا وانتقل بالبلاد الى مصاف الدول الكبرى. وأضاف ان مسؤولي بلاده يركزون على مواصلة هذا الخيار ودعمه مع الحرص على تعزيز الاستخدام الآمن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتدريب الاطارات الحكومية للتخفيف من آثاره السلبية، قائلاً: "كوني مسؤولاً عن المنصة الرقمية للحكومة الكورية الجنوبية، فقد كنت شاهداً على عملية التحول الرقمي على مستوى الحكومة، والتي يشرف عليها رئيس الدولة بشكل شخصي، لتوفير منصة يلجأ إليها كل وزير، وكل مؤسسة حكومية لمشاركة البيانات، وزيادة التعاون بين هذه الجهات، وهو ما زاد من فعالية مشاريعنا الهادفة لحل المشاكل الاجتماعية، واكتشاف قدرات الابتكار حتى في القطاع الخاص، الذي يمتلك في مجال تقنية المعلومات أدوات أسرع بكثير من القطاع العام".

وعموما، وحسب غالبية الخبراء والمختصين، فان الذكاء الاصطناعي يعّد اليوم وسيلة ومنهجا لا بد منه لكن يمكن أن يصبح متقدما لدرجة أنه قد يصعب التحكم فيه ليتفوق على البشر ويتجاوزه ويتخذ قرارات تكون في حد ذاتها تهديدا وجوديا للبشرية سواء عن قصد أو عن غير قصد.. والمطلوب هو إيجاد المعادلة الصحيحة التي تمكن من التحكم في الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح لتكون الاستفادة مع الحّد اقصى ما يمكن من اضراره.

 

 

 

 

ناقشه المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بالشارقة:  هل أصبح الذكاء الاصطناعي وسيلة للسيطرة.. وأية سبل للتحكّم في التحول الرقمي؟

 

- البيانات التي تمتلكها المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي كنز كبير، لابد من التعامل معه بمسؤولية

- الروبوتات أصبحت شبيهة وحتى منافسة للبشر وأخذت مكانه ووظائفه سواء بإرادته او غصبا عنه

الشارقة - الصباح- من مبعوثنا سفيان رجب

عندما تخيل الروسي إسحاق أسيموف، كاتب قصص الخيال العلمي في اشهر رواياته وهي "التملص" سنة 1942، وجود روبوتات تعوض البشر ووضع لها ثلاثة قوانين او ضوابط خاصة محددا كيف يجب برمجة وصنع الانسان الآلي من منطلق الذكاء الاصطناعي، لم يكن احد يعتقد في ان هذا الخيال سيصبح حقيقة وان الروبوتات ستصبح شبيهة وحتى منافسة للبشر وانها ستأخذ مكانه ووظائفه سواء بإرادته او غصبا عنه.

اليوم ونحن مبهورين بالذكاء الاصطناعي وكأنه جديد عصرنا واكتشاف المرحلة، تناسينا ان هذا المفهوم ظهر منذ أربعينيات القرن العشرين ووضع له الروسي اسيموف قوانينه وضبطها في ثلاث نقاط وهي:

أولا- لا يجوز لآلي إيذاء بشريّ أو السكوت عما قد يسبب أذًى

ثانيا- لا يجب على الآلي إطاعة أوامر البشر اذا تعارضت مع القانون الأول.

ثالثا- يجب على الآلي المحافظة على بقائه طالما لا يتعارض ذلك مع القانونين الأول والثاني.

ثم أضاف لاحقاً القانون صفر إلى مجموعة القوانين، وهو:

لا ينبغي لأي روبوت أن يؤذي الإنسانية، أو أن يسمح للإنسانية بإيذاء نفسها بعدم القيام بأي رد فعل.

نظرية "أسيموف"، كانت انطلاقة جلسة حوار مشوقة ونقاش جدي ضمن فعاليات المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي احتضنته امارة الشارقة والذي نظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، يومي 13 و14 سبتمبر الجاري، تحت شعار "موارد اليوم…ثروات الغد".

جلسة النقاش حملت عنوان" أخلاقيات الروبوت... ما تنبأ به أسيموف"، بحث فيها عدد من الخبراء والمختصين في البرمجيات والتقنيات الرقمية والامن السيبراني إشكاليات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي واي حدود وضوابط لهما قانونيا واخلاقيا.

وقد خلصت الجلسة الى ضرورة وضع ضوابط عالمية يلتزم بها الجميع في النظام الرقمي العالمي الجديد. هذه الضوابط يجب ان تكون ملزمة للجميع على غرار المواثيق الدولية وأبرزها ميثاق الأمم المتحدة وجب أن تركز على القيم الأخلاقية المشتركة في مختلف المجتمعات الإنسانية، وتساعد على وضع مبادئ توجيهية لكيفية استخدام التقنيات الحديثة خاصة الذكاء الاصطناعي وتحديد ضوابط واضحة للحد من المخاطر والمخاوف التي يشعر بها الانسان اليوم جراء انتشار استخدام هذه التقنيات، خاصة مع تطورها المتسارع واقتحامها لكافة القطاعات الحيوية وجوانب الحياة اليومية للبشر.

جلسة النقاش التي ترأسها حسين الشيخ مذيع الاخبار بقناة العربية، شارك فيها كل من الشيخ سلمان بن محمد آل خليفة، الرئيس التنفيذي للمركز الاماراتي للأمن السيبراني، والدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس الأمن السيبرانيّ في حكومة الإمارات، والبريطانية فايدرا بوينوديريس، مؤلفة كتاب "AI for the Rest of Us" وإحدى مؤسسات تحالف عالم المستقبل، ومتخصصة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتعليم، والحاصلة على عدة جوائز من الأمم المتحدة هذا الى جانب مشاركة كوه جيان، رئيس اللجنة الرئاسية للتحول الرقمي في كوريا الجنوبية.

حوكمة التحول الرقمي

 الجلسة ناقشت في البداية مسألة الاستعمال الآمن والسليم للتكنولوجيا وللتطبيقات الرقمية الحديثة، وهو موضوع اصبح يشغل ليس الخبراء فقط بل حتى العامة باعتبار ان الجميع اصبح مستعمل ومتلقّ للتكنولوجيا ومساير للتحول الرقمي.. لكن تبقى الإشكالية في سبل حوكمة هذا التحول وسبل حماية الانسان من البرمجيات والروبوتات.

وفي هذا الاطار ذكر الدكتور محمد حمد الكويتي رئيس الأمن السيبرانيّ في حكومة الإمارات أن: "العالم اصبح كتلة من المعلومات والبيانات التي تتوفر اليوم للمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي تشكل كنزا كبيرا وجب معرفة كيفية التحكم فيه وضوابط استغلاله، لابد من التعامل مع هذا الكنز بمسؤولية، ونعمل على وضع إجراءات وسياسات لحوكمة عملية التحول الرقمي، وتلافي التغير المتسارع والعشوائي في ممارساتنا وحياتنا وبالخصوص العمل على تجاوز الثغرات الأمنية الموجودة والتي يمكن فيها استغلال كنز المعلومات بصفة غير سليمة وخطيرة".

الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني

من جهته تحدث الشيخ سلمان آل خليفة الرئيس التنفيذي للمركز الاماراتي للأمن السيبراني عن السلامة المعلوماتية مؤكدا على ضرورة توحيد الجهود لوضع قوانين وتشريعات تعزز حماية البيانات وخصوصية المستخدمين والتصدي للشركات متعددة الجنسيات منتجة البرمجيات ومحاسبتها في حال أخلت بالضوابط القانونية والأخلاقية. وشدد سلمان أل خليفة على قدرة الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني، والمساعدة على تحليل البيانات الكبرى واتخاذ القرار الصحيح في وقت قياسي دون الحاجة إلى موارد بشرية إضافية، لكنه قلل من شأن المخاوف الرائجة حول استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات السيبرانية، التي لا تتجاوز نسبتها الـ 0.1% من بين 2000 نوع من الهجمات.

وفي نفس الإطار، أكدت البريطانية فايدرا بوينوديريس متخصصة في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والتعليم، أن التقنيات الحديثة وتكنولوجيات الاتصال أصبحت شيئا رئيسيا في حياتنا وكسب الثقة في هذه التقنيات لا يمثل تحدياً تقنياً فقط، بل اصبح يشكل مشكلة حقيقية على المستوى القانوني والاجتماعي. وقالت "لابد من إيجاد مبادئ تتضمن ضرورة القبول والحصول على الموافقة قبل مشاركة أية بيانات للمستخدمين، إضافة إلى التزام الشفافية، وفهم الطبيعة الحقيقية للبيانات باعتبارها جزءاً من التجربة البشرية"، مشددةً على ضرورة التفكير بشكل شامل، يضع في الاعتبار ثنائية المستخدم والأداة، وتحويل التعامل بشكل مسؤول مع تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى ثقافة مجتمعية، لا تقتصر مسؤولية وضع المعايير لها على الحكومات أو الشركات الكبرى وحدها، بل إشراك أفراد المجتمع فيها، وتقليل مخاوفهم بأن استخدام الذكاء الاصطناعي ليس بغرض السيطرة على الناس بل لتسهيل حياتهم."

فإشكالية الذكاء الاجتماعي وعلاقته بالإنسان موجودة ولكن من الثابت ان التعايش معها حتمي بشكل لا يصبح الانسان عبدا لهذا الذكاء ولا خاضعا له ولا متوكلا عليه.. بل يجب ان يكون هذا الذكاء فقط مساعدا للإنسان في حياته ونشاطه ومهنته..

النموذج الكوري مثالا للتحول الرقمي

ولا يمكن الحديث عن التحول الرقمي دون الحديث عن تجربة كوريا الجنوبية التي تعد رائدة في هذا المجال ونموذجا يقتدى به خاصة في إيجاد المعادلة بين المرور نحو التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا والمحافظة على دور العنصر البشري.. وفي هذا الاطار تحدث كوه جيان رئيس اللجنة الرئاسية للتحول الرقمي في كوريا الجنوبية عن تجربة بلاده التي انطلقت منذ سبعينات القرن الماضي وقال ان اختيار كوريا على التكنولوجيا والتحول الرقمي كأساس اول للاقتصاد منذ اكثر من خمسين سنة كان خيارا صائبا وانتقل بالبلاد الى مصاف الدول الكبرى. وأضاف ان مسؤولي بلاده يركزون على مواصلة هذا الخيار ودعمه مع الحرص على تعزيز الاستخدام الآمن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتدريب الاطارات الحكومية للتخفيف من آثاره السلبية، قائلاً: "كوني مسؤولاً عن المنصة الرقمية للحكومة الكورية الجنوبية، فقد كنت شاهداً على عملية التحول الرقمي على مستوى الحكومة، والتي يشرف عليها رئيس الدولة بشكل شخصي، لتوفير منصة يلجأ إليها كل وزير، وكل مؤسسة حكومية لمشاركة البيانات، وزيادة التعاون بين هذه الجهات، وهو ما زاد من فعالية مشاريعنا الهادفة لحل المشاكل الاجتماعية، واكتشاف قدرات الابتكار حتى في القطاع الخاص، الذي يمتلك في مجال تقنية المعلومات أدوات أسرع بكثير من القطاع العام".

وعموما، وحسب غالبية الخبراء والمختصين، فان الذكاء الاصطناعي يعّد اليوم وسيلة ومنهجا لا بد منه لكن يمكن أن يصبح متقدما لدرجة أنه قد يصعب التحكم فيه ليتفوق على البشر ويتجاوزه ويتخذ قرارات تكون في حد ذاتها تهديدا وجوديا للبشرية سواء عن قصد أو عن غير قصد.. والمطلوب هو إيجاد المعادلة الصحيحة التي تمكن من التحكم في الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح لتكون الاستفادة مع الحّد اقصى ما يمكن من اضراره.