هل تسجل المرحلة القادمة انتقالا نوعيا للطبقة السياسية في تونس يتمثل في خروجها من دائرة المواقف الانطباعية إلى الانخراط العملي الإصلاحات في الدولة، وذلك عبر تقديم مبادرات ومشاريع قوانين ومقاربات وبرامج تهدف في تفاصيلها وأبعادها إلى المساهمة في سير عملها بما يساعد على الخروج من الوضع الصعب الذي تمر به في مستويات عديدة من ناحية ويؤكد كسر حاجز أو هاجس الإقصاء والإبعاد وتفرد جهة معينة بالسلطة والفعل والقرار من ناحية أخرى؟
إذ بدأ الحديث في أوساط حزبية وسياسية ومدنية في المدة الأخيرة عن وجود مبادرات تشريعية ومقترحات في مسائل مختلفة سيتم توجيهها إلى الجهات المعنية أي المؤسسة التشريعية وغيرها من الهياكل الرسمية الأخرى المعنية لتكون مبادرات عملية هادفة نابعة من إكراهات الواقع ومتطلبات الإصلاح ومعالجة الإشكاليات المطروحة بعيدا عن المزايدات السياسية والمصالح الضيقة. لتكون هذه المقترحات والمبادرات بموازاة مع مقترحات ومشاريع القوانين المقدمة من قبل الجهات الرسمية في الدولة كأولوية تشريعية، على نحو ما ينص على ذلك الدستور الجديد.
في سياق متصل أفاد خميس خياطية، رئيس حزب "تونس تجمعنا"، أن المكتب التنفيذي لحزبه بصدد وضع اللمسات الأخيرة لمشروع مبادرة تشريعية تتعلق بقانون المالية، استأنس في إعداده بعدد من الخبراء في مجالات ذات علاقة بالمسالة، ومن المنتظر أن يقدم هذا المقترح إلى مكتب المجلس خلال الأيام القليلة القادمة، لأن الأهم بالنسبة له هو ما تحمله هذه المبادرة والرؤية من تصورات ومقترحات كفيلة بمعالجة الإشكاليات والعراقيل والصعوبات المطروحة في واقع المالية العمومية اليوم، وفق ما أكده رئيس هذا الحزب لـ"الصباح".
وسبق أن تطرق عبد الرزاق الخلولي، عضو المكتب التنفيذي لمسار 25 جويلية، إلى وجود جملة من المقترحات التشريعية لحزبه أو تلك التي يقف وراءها ناشطين في المجتمع المدني على غرار المرسوم 54 أو ما تعلق بتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، رغم تأكيد رئاسة الجمهورية خلال شهر أوت أن هناك لجنة خاصة عهدت لها مهام تنقيح هذا الفصل بإشراف وزارة العدل، خاصة أما تعالي أصوات ومطالب عديد الجهات لمراجعة عقوبة "الشيك دون رصيد"، والتوجه إلى خيارات أخرى تجنب المؤسسات والأفراد الخسائر وتضمن حقوق الجميع.
كما أكد أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي مؤخرا أن حزبه قدم جملة من المقترحات إلى سلطة الإشراف تتعلق بضرورة إصلاح الإدارة والمؤسسات العمومية ومراجعة القوانين التي تنظم سير العمل بها كعنوان رئيسي والتوجه إلى المراجعات التشريعية التي كانت وراء مأسسة الفساد لضمان نجاح المسار بعد تخطي العقبات التي عطلت سيره خلال أكثر من سنتين.
وعبر عدد من مثلي عدة هياكل ومنظمات وطنية وقطاعية عن عدم مقاطعتهم للمسار السياسي الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد رغم الانتقادات والتحفظات عن بعض الخيارات، خاصة في ظل ما أبداه مجلس النواب في نسخته الحالية، منذ مباشرة مهامه في مارس الماضي، من استقلالية واستعداد للعمل والتغيير والإصلاح، عبر الانفتاح على مختلف الحساسيات الاجتماعية والسياسية دون تحيز لأي جهة سياسية أو سلطة تنفيذية. وهو ما يعتبره البعض مدخل لانخراط جل مكونات المشهد السياسي والمدني في مشاريع الإصلاح وعمل الدولة ومؤسساتها على نحو يساهم في كسر رتابة المشهد السياسي وعدميته من ناحية ويفتح المجال للجميع للانخراط في آليات وأدوات الجمهورية الجديدة الدستورية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية على اعتبار أنه الخيار الأنجع للخروج من الوضع المتردي للدولة ولطبقة السياسية والحزبية والمنظمات والهياكل الوطنية والقطاعية وغيرها، خاصة أمام الحديث عن وجود مبادرات تشريعية حول قانون الجمعيات والأحزاب ومجلة الاستثمار وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن الفصل الثامن والستون من دستور 2022 نص على أن "لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين. وللنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدّمة من عشرة نوّاب على الأقلّ. ويختص رئيس الجمهورية بتقديم مشاريع قوانين الموافقة على المعاهدات ومشاريع قوانين المالية. ولمشاريع رئيس الجمهورية أولويّة النّظر".
وهو ما جعل بعض السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وخبراء ومختصين في مجالات مختلفة يتجهون بمقترحاتهم عبر بيانات رسمية أو عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في ظل ضعف المسألة الاتصالية للدولة، إلى رئاسة الجمهورية باعتبارها منطقة القرار والتنفيذ الأولى. فيما يخير البعض الآخر التوجه بمقترحاتهم لمشاريع قوانين إلى مجلس النواب أو النواب في تأكيد للمساعي العملية للانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في المرحلة الإصلاحية والتأسيسية للجمهورية الجديدة.
خاصة أن رئيس مجلس نواب الشعب، إبراهيم بودربالة كان قد أعلن مؤخرا عن موعد انطلاق الدورة النيابية العادية الثانية يوم 3 أكتوبر القادم التي تتزامن مع الانطلاق في الخوض في ميزانية الدولة للسنة القادمة فضلا عن إلى إحالة عدد من القوانين التي تتطلبها المرحلة الاقتصادية على غرار قانون الصك دون رصيد ومجلة الاستثمار والقوانين التي تخفّض من حدة البيروقراطية، مع حث المؤسسة التشريعية الوظيفة التنفيذية على التسريع فيها وفق تأكيد رئيس البرلمان.
وهو ما لم ينفه بعض النواب الذين عبروا عن استعدادهم لقبول المبادرات التي تتماشى مع متطلبات المرحلة وتصب في خانة المسار الإصلاحي والسعي للنهوض بالدولة ومؤسساتها ومنظومات عملها وفق ما ينص عليه دستور 2022. لتكون بذلك المؤسسة التشريعية مدخلا للطبقة السياسية والمجتمع المدني للانخراط في المسار الحالي للدولة.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
هل تسجل المرحلة القادمة انتقالا نوعيا للطبقة السياسية في تونس يتمثل في خروجها من دائرة المواقف الانطباعية إلى الانخراط العملي الإصلاحات في الدولة، وذلك عبر تقديم مبادرات ومشاريع قوانين ومقاربات وبرامج تهدف في تفاصيلها وأبعادها إلى المساهمة في سير عملها بما يساعد على الخروج من الوضع الصعب الذي تمر به في مستويات عديدة من ناحية ويؤكد كسر حاجز أو هاجس الإقصاء والإبعاد وتفرد جهة معينة بالسلطة والفعل والقرار من ناحية أخرى؟
إذ بدأ الحديث في أوساط حزبية وسياسية ومدنية في المدة الأخيرة عن وجود مبادرات تشريعية ومقترحات في مسائل مختلفة سيتم توجيهها إلى الجهات المعنية أي المؤسسة التشريعية وغيرها من الهياكل الرسمية الأخرى المعنية لتكون مبادرات عملية هادفة نابعة من إكراهات الواقع ومتطلبات الإصلاح ومعالجة الإشكاليات المطروحة بعيدا عن المزايدات السياسية والمصالح الضيقة. لتكون هذه المقترحات والمبادرات بموازاة مع مقترحات ومشاريع القوانين المقدمة من قبل الجهات الرسمية في الدولة كأولوية تشريعية، على نحو ما ينص على ذلك الدستور الجديد.
في سياق متصل أفاد خميس خياطية، رئيس حزب "تونس تجمعنا"، أن المكتب التنفيذي لحزبه بصدد وضع اللمسات الأخيرة لمشروع مبادرة تشريعية تتعلق بقانون المالية، استأنس في إعداده بعدد من الخبراء في مجالات ذات علاقة بالمسالة، ومن المنتظر أن يقدم هذا المقترح إلى مكتب المجلس خلال الأيام القليلة القادمة، لأن الأهم بالنسبة له هو ما تحمله هذه المبادرة والرؤية من تصورات ومقترحات كفيلة بمعالجة الإشكاليات والعراقيل والصعوبات المطروحة في واقع المالية العمومية اليوم، وفق ما أكده رئيس هذا الحزب لـ"الصباح".
وسبق أن تطرق عبد الرزاق الخلولي، عضو المكتب التنفيذي لمسار 25 جويلية، إلى وجود جملة من المقترحات التشريعية لحزبه أو تلك التي يقف وراءها ناشطين في المجتمع المدني على غرار المرسوم 54 أو ما تعلق بتنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية، رغم تأكيد رئاسة الجمهورية خلال شهر أوت أن هناك لجنة خاصة عهدت لها مهام تنقيح هذا الفصل بإشراف وزارة العدل، خاصة أما تعالي أصوات ومطالب عديد الجهات لمراجعة عقوبة "الشيك دون رصيد"، والتوجه إلى خيارات أخرى تجنب المؤسسات والأفراد الخسائر وتضمن حقوق الجميع.
كما أكد أمين عام حركة تونس إلى الأمام عبيد البريكي مؤخرا أن حزبه قدم جملة من المقترحات إلى سلطة الإشراف تتعلق بضرورة إصلاح الإدارة والمؤسسات العمومية ومراجعة القوانين التي تنظم سير العمل بها كعنوان رئيسي والتوجه إلى المراجعات التشريعية التي كانت وراء مأسسة الفساد لضمان نجاح المسار بعد تخطي العقبات التي عطلت سيره خلال أكثر من سنتين.
وعبر عدد من مثلي عدة هياكل ومنظمات وطنية وقطاعية عن عدم مقاطعتهم للمسار السياسي الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد رغم الانتقادات والتحفظات عن بعض الخيارات، خاصة في ظل ما أبداه مجلس النواب في نسخته الحالية، منذ مباشرة مهامه في مارس الماضي، من استقلالية واستعداد للعمل والتغيير والإصلاح، عبر الانفتاح على مختلف الحساسيات الاجتماعية والسياسية دون تحيز لأي جهة سياسية أو سلطة تنفيذية. وهو ما يعتبره البعض مدخل لانخراط جل مكونات المشهد السياسي والمدني في مشاريع الإصلاح وعمل الدولة ومؤسساتها على نحو يساهم في كسر رتابة المشهد السياسي وعدميته من ناحية ويفتح المجال للجميع للانخراط في آليات وأدوات الجمهورية الجديدة الدستورية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية على اعتبار أنه الخيار الأنجع للخروج من الوضع المتردي للدولة ولطبقة السياسية والحزبية والمنظمات والهياكل الوطنية والقطاعية وغيرها، خاصة أمام الحديث عن وجود مبادرات تشريعية حول قانون الجمعيات والأحزاب ومجلة الاستثمار وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن الفصل الثامن والستون من دستور 2022 نص على أن "لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين. وللنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدّمة من عشرة نوّاب على الأقلّ. ويختص رئيس الجمهورية بتقديم مشاريع قوانين الموافقة على المعاهدات ومشاريع قوانين المالية. ولمشاريع رئيس الجمهورية أولويّة النّظر".
وهو ما جعل بعض السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وخبراء ومختصين في مجالات مختلفة يتجهون بمقترحاتهم عبر بيانات رسمية أو عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في ظل ضعف المسألة الاتصالية للدولة، إلى رئاسة الجمهورية باعتبارها منطقة القرار والتنفيذ الأولى. فيما يخير البعض الآخر التوجه بمقترحاتهم لمشاريع قوانين إلى مجلس النواب أو النواب في تأكيد للمساعي العملية للانخراط بشكل مباشر أو غير مباشر في المرحلة الإصلاحية والتأسيسية للجمهورية الجديدة.
خاصة أن رئيس مجلس نواب الشعب، إبراهيم بودربالة كان قد أعلن مؤخرا عن موعد انطلاق الدورة النيابية العادية الثانية يوم 3 أكتوبر القادم التي تتزامن مع الانطلاق في الخوض في ميزانية الدولة للسنة القادمة فضلا عن إلى إحالة عدد من القوانين التي تتطلبها المرحلة الاقتصادية على غرار قانون الصك دون رصيد ومجلة الاستثمار والقوانين التي تخفّض من حدة البيروقراطية، مع حث المؤسسة التشريعية الوظيفة التنفيذية على التسريع فيها وفق تأكيد رئيس البرلمان.
وهو ما لم ينفه بعض النواب الذين عبروا عن استعدادهم لقبول المبادرات التي تتماشى مع متطلبات المرحلة وتصب في خانة المسار الإصلاحي والسعي للنهوض بالدولة ومؤسساتها ومنظومات عملها وفق ما ينص عليه دستور 2022. لتكون بذلك المؤسسة التشريعية مدخلا للطبقة السياسية والمجتمع المدني للانخراط في المسار الحالي للدولة.