إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. هل تدفع الكارثة في ليبيا إلى توحيد الصفوف؟

 

تتزاحم الصور ومشاهد الموت والدمار والتشرد من المغرب المنكوب بعد زلزال المدمر إلى درنة التي اختف ثلثها من الخارطة، كل ذلك فيما يستمر سباق الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد الكارثتين الطبيعيتين من الأرواح التي تنتظر أن تمتد إليها أيدي رجال الإنقاذ لإخراجها من الأوحال والركام الذي جرفها ...

مشاهد قد يصعب على الكائن البشري تحملها ومع ذلك فهي تلاحق الجميع وتكاد تتحول إلى كابوس يرفض أن يختفي من المشهد مع الارتفاع المستمر في حصيلة الضحايا في البلدين اللذين يتقبلان المساعدات الدولية كل حسب احتياجاته أو كذلك علاقاته الديبلوماسية كما هو حال المغرب الذي أعلن قبول مساعدات من أربع دول دون غيرها... لا خلاف أن المأساة كبيرة جدا بما سيجعل لزاما على متتبع الأحداث القفز ولو إلى حين على بقية الأحداث الخطيرة في أكثر من منطقة في العالم... وكما في اغلب المآسي والكوارث التي تفاجئ الجميع وتحل دون سابق إنذار أو حتى بعد إنذار لم ينتبه له أحد من أصحاب السلطة لان من يفترض أن يحموا مصالح الأوطان والشعوب غارقون في صراعاتهم وحروبهم عن كل ما يمس مآسي المواطن الجريح، فان التضامن الشعبي والمد التعاوني بين أهالي الضحايا وجهود المجتمع المدني لمساعدة المنكوبين يتفوق على المد الرسمي ويسبق الحكومات المترددة في اتخاذ القرار المطلوب وهذا تقريبا الجانب الأهم والايجابي في مثل هذه الكوارث التي تنتصر فيها إرادة الشعوب فتوحد جهودها وإمكانياتها وتترفع عن كل الخلافات والصراعات والانقسامات وتتجه إلى هدف واحد وهو تجاوز المحنة والحد قدر الإمكان من النزيف وهذا أيضا هو الدرس الذي يستعصي غالبا على المسؤولين الذين يتعاطون مع الكوارث والأزمات من منطلق الحسابات السياسية البائسة وهذا أيضا قناعتنا هو السؤال الذي يفرض نفسه على المشهد الليبي خاصة وما إذا ستدفع الكارثة بالطبقة السياسية في ليبيا إلى استعادة الوعي المفقود وإدراك حجم المخاطر التي ارتبطت بانعدام الإصلاحات والاستثمارات في البنية التحتية و في هيئات الرصد الجوي التي فاتها قراءة التحذيرات بشان الإعصار القادم وفاتها التفكير في حماية الأهالي والتعجيل بإجلائهم قبل فوات الأوان... نقول هذا الكلام فيما يستعد صناع القرار في العالم إلى افتتاح الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتداول بشكل استعراضي بات مألوفا منذ سبعة عقود على التنافس في إلقاء الخطب العكاظية والتداول على منبر الأمم المتحدة لتسجيل الحضور وسرد ما سهر على تدوينه طوال ساعات المستشارون والخبراء والمختصون في تعداد أزمات العالم والمآسي الإنسانية التي باتت تهدد الأجيال وتنذر بحلول الأسوإ، كل ذلك قبل أن يودع مقر الامم المتحدة ضيوفه وبينهم من يتداول على المنبر منذ سنوات للحديث عن حق الشعوب المهمشة والأوطان المنهكة في الكرامة.. الأكيد أن الدورة القادمة للأمم المتحدة ستكون أمام تحديات غير مسبوقة وكوارث وتعقيدات لا ينفع معها خطاب الضحك على الذقون مع استمرار التباين والتباعد بين دول الشمال والجنوب بين عالم يتطور بسرعة ويتجه إلى تبني الذكاء الاصطناعي وبين عالم يعيش على اللوحة والطباشير... وهذا ليس من المبالغة في شيء والأكيد أن حجم الدمار الحاصل في المغرب وليبيا يفترض البحث جديا عما يمكن أن يخفف المصاب ويساعد في إعادة البناء والاعمار ويساهم أيضا في تجنب تكرار السيناريوهات السوداء التي يتابعها العالم ليلا نهارا.. والأمر طبعا لا يتوقف عند حدود المساعدات الإنسانية العاجلة التي تقدم للشعبين المنكوبين ولكن بما هو آت بمعنى كيفية الخروج من إطار النكبة الراهنة إلى إطار الارتقاء بالشعوب إلى مرتبة المواطنة التي تمنح المواطن ما يستحقه من قيمة كانسان وككائن بشري بكل ما يعنيه ذلك من حق في الحياة والكرامة والصحة والسعادة والتعليم والسفر...

سيكون من السابق لأوانه الحديث عن الخسائر النهائية والتداعيات من مراكش إلى درنة التي يبدو أنها ستتجاوز كل التوقعات وسيتعين انتظار الانتهاء من عمليات الإنقاذ لتحديد حصيلة الخسائر البشرية والمادية وما تستوجبه من إعادة اعمار وإصلاح وهنا موطن الداء الذي سيتعين على المجتمع الدولي الانتباه إليه حتى لا تكون الدورة القادمة للأمم المتحدة كسابقاتها ويكون انعقادها كعدمه ...

اسيا العتروس

 

 

ممنوع من الحياد..   هل تدفع الكارثة في ليبيا إلى توحيد الصفوف؟

 

تتزاحم الصور ومشاهد الموت والدمار والتشرد من المغرب المنكوب بعد زلزال المدمر إلى درنة التي اختف ثلثها من الخارطة، كل ذلك فيما يستمر سباق الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد الكارثتين الطبيعيتين من الأرواح التي تنتظر أن تمتد إليها أيدي رجال الإنقاذ لإخراجها من الأوحال والركام الذي جرفها ...

مشاهد قد يصعب على الكائن البشري تحملها ومع ذلك فهي تلاحق الجميع وتكاد تتحول إلى كابوس يرفض أن يختفي من المشهد مع الارتفاع المستمر في حصيلة الضحايا في البلدين اللذين يتقبلان المساعدات الدولية كل حسب احتياجاته أو كذلك علاقاته الديبلوماسية كما هو حال المغرب الذي أعلن قبول مساعدات من أربع دول دون غيرها... لا خلاف أن المأساة كبيرة جدا بما سيجعل لزاما على متتبع الأحداث القفز ولو إلى حين على بقية الأحداث الخطيرة في أكثر من منطقة في العالم... وكما في اغلب المآسي والكوارث التي تفاجئ الجميع وتحل دون سابق إنذار أو حتى بعد إنذار لم ينتبه له أحد من أصحاب السلطة لان من يفترض أن يحموا مصالح الأوطان والشعوب غارقون في صراعاتهم وحروبهم عن كل ما يمس مآسي المواطن الجريح، فان التضامن الشعبي والمد التعاوني بين أهالي الضحايا وجهود المجتمع المدني لمساعدة المنكوبين يتفوق على المد الرسمي ويسبق الحكومات المترددة في اتخاذ القرار المطلوب وهذا تقريبا الجانب الأهم والايجابي في مثل هذه الكوارث التي تنتصر فيها إرادة الشعوب فتوحد جهودها وإمكانياتها وتترفع عن كل الخلافات والصراعات والانقسامات وتتجه إلى هدف واحد وهو تجاوز المحنة والحد قدر الإمكان من النزيف وهذا أيضا هو الدرس الذي يستعصي غالبا على المسؤولين الذين يتعاطون مع الكوارث والأزمات من منطلق الحسابات السياسية البائسة وهذا أيضا قناعتنا هو السؤال الذي يفرض نفسه على المشهد الليبي خاصة وما إذا ستدفع الكارثة بالطبقة السياسية في ليبيا إلى استعادة الوعي المفقود وإدراك حجم المخاطر التي ارتبطت بانعدام الإصلاحات والاستثمارات في البنية التحتية و في هيئات الرصد الجوي التي فاتها قراءة التحذيرات بشان الإعصار القادم وفاتها التفكير في حماية الأهالي والتعجيل بإجلائهم قبل فوات الأوان... نقول هذا الكلام فيما يستعد صناع القرار في العالم إلى افتتاح الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة والتداول بشكل استعراضي بات مألوفا منذ سبعة عقود على التنافس في إلقاء الخطب العكاظية والتداول على منبر الأمم المتحدة لتسجيل الحضور وسرد ما سهر على تدوينه طوال ساعات المستشارون والخبراء والمختصون في تعداد أزمات العالم والمآسي الإنسانية التي باتت تهدد الأجيال وتنذر بحلول الأسوإ، كل ذلك قبل أن يودع مقر الامم المتحدة ضيوفه وبينهم من يتداول على المنبر منذ سنوات للحديث عن حق الشعوب المهمشة والأوطان المنهكة في الكرامة.. الأكيد أن الدورة القادمة للأمم المتحدة ستكون أمام تحديات غير مسبوقة وكوارث وتعقيدات لا ينفع معها خطاب الضحك على الذقون مع استمرار التباين والتباعد بين دول الشمال والجنوب بين عالم يتطور بسرعة ويتجه إلى تبني الذكاء الاصطناعي وبين عالم يعيش على اللوحة والطباشير... وهذا ليس من المبالغة في شيء والأكيد أن حجم الدمار الحاصل في المغرب وليبيا يفترض البحث جديا عما يمكن أن يخفف المصاب ويساعد في إعادة البناء والاعمار ويساهم أيضا في تجنب تكرار السيناريوهات السوداء التي يتابعها العالم ليلا نهارا.. والأمر طبعا لا يتوقف عند حدود المساعدات الإنسانية العاجلة التي تقدم للشعبين المنكوبين ولكن بما هو آت بمعنى كيفية الخروج من إطار النكبة الراهنة إلى إطار الارتقاء بالشعوب إلى مرتبة المواطنة التي تمنح المواطن ما يستحقه من قيمة كانسان وككائن بشري بكل ما يعنيه ذلك من حق في الحياة والكرامة والصحة والسعادة والتعليم والسفر...

سيكون من السابق لأوانه الحديث عن الخسائر النهائية والتداعيات من مراكش إلى درنة التي يبدو أنها ستتجاوز كل التوقعات وسيتعين انتظار الانتهاء من عمليات الإنقاذ لتحديد حصيلة الخسائر البشرية والمادية وما تستوجبه من إعادة اعمار وإصلاح وهنا موطن الداء الذي سيتعين على المجتمع الدولي الانتباه إليه حتى لا تكون الدورة القادمة للأمم المتحدة كسابقاتها ويكون انعقادها كعدمه ...

اسيا العتروس