نفذت إسرائيل بمنهجية وعن سبق إصرار ست عمليات بعد توقيع اتفاق أوسلو، وهي:
1) الفصل الكامل بين غزة والضفة الغربية.
2) فصل القدس عن الضفة الغربية وباقي الأراضي المحتلة.
3) تعميق وتوسيع الاستيطان من دون توقف بهدف التهام الضفة الغربية وتهويدها وضمها، وتحويلها من محيط فلسطيني فيه أجسام استيطانية غريبة، إلى محيط استيطاني إسرائيلي تُعزل في إطاره المدن والقرى الفلسطينية كأجسام غريبة.
4) الحصار والخنق الاقتصادي والتحكم المطلق بالأرض والمياه والحدود والثروات الطبيعية والمجال الجوي والكهرومغناطيسي.
5) الضغط المتواصل على السلطة الفلسطينية لإجبارها على الانفصام عن حركة التحرر الوطني، واحتواء منظمة التحرير الفلسطينية فيها، واستخدام كل وسائل الضغط المحلية والدولية لتحويلها إلى وكيل أمني للاحتلال.
6) تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى غيتوهات معزولة، وتكريس نظام الأبارتهايد العنصري أداة للتعايش مع الواقع الديمغرافي الفلسطيني الذي لم تستطع إلغاءه، وإن كانت لا تتوقف عن الأحلام بانهائه عبر تطهير عرقي جديد ضد الشعب الفلسطيني.
نسفت هذه العمليات الست ما بقي من آفاق لقيام دولة فلسطينية مستقلة، إذ استخدمت لقتل ما سمي "حل الدولتين"، على مرأى ومسمع من مجتمع دولي منحاز لإسرائيل، يواصل الحديث عن "حل الدولتين" من دون ممارسة أي ضغط فعلي لوقف الاستيطان الصهيوني الذي يدمر ذلك الحل.
هل كان اتفاق أوسلو ناجحاً أم فاشلاً؟
الجواب، أنه كان فشلاً ومحبطاً للجانب الفلسطيني، ونجاحاً عبقرياً للحركة الصهيونية لأنه سمح لها بمواصلة الاحتلال وتكريس منظومة الأبارتهايد بلا تكاليف، بل بأرباح آخرها التطبيع المشين مع المحيط العربي.
ولا يستطيع أحد إنكار أن أصواتاً فلسطينية عاقلة، ووطنية حكيمة، وقوى فلسطينية، حذرت من ذلك الاتفاق عند توقيعه، وحذرت من مواصلة السير فيه، ومن أبرزها أصوات حيدر عبد الشافي وإدوارد سعيد وكثيرين آخرين. كما لا يستطيع أحد إنكار أن الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني وبناته يعارضون اليوم ليس فقط اتفاق أوسلو، بل ونهج أوسلو المتواصل، بمن فيهم بعض من أُخذوا بأوهام السلام المنتظر، ثم استيقظوا على آلام الواقع المرير.
وأول المعارضين لذلك النهج هم جيل الشباب الفلسطيني الذي ولد بعد توقيع الاتفاق، ويتصدر اليوم المقاومة الفلسطينية الباسلة لظلم الاحتلال ووحشية التمييز العنصري.
المطلوب فلسطينيا
لا نستطيع اليوم إعادة عجلة التاريخ للوراء وإلغاء خطيئة أوسلو، وإن كنا نتمنى ذلك، ولكننا نستطيع أن نطالب بالتحلل منها، ووقف النهج الذي أدى لتلك الخطيئة، واستبداله بإستراتيجية وطنية فلسطينية كفاحية مقاومة، تعيد توحيد طاقات الشعب الفلسطيني ومكوناته ، وتعيد صياغة برنامجه الوطني ورؤيته لتشمل ليس فقط إنهاء الاحتلال وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الذين همشت قضيتهم، بل وإسقاط كل منظومة الأبارتهايد العنصرية ومجمل المشروع الاستعماري الاستيطاني (الكولونيالي) في كامل فلسطين التاريخية، والتراجع عن كل التنازلات المجانية التي قدمت للحركة الصهيونية مقابل لا شيء، سوى إشباع مصالح أقلية صغيرة على حساب شعبها وتلبية احتياجات بيروقراطية لمؤسسات أصبحت في حالة غربة عنه، وتوجيه رسالة واحدة واضحة للعالم بأسره، أن الفلسطينيين لن يقبلوا ذلَ الاستعباد للاحتلال ونظام التمييز العنصري، وأن البديل الوحيد لواقع دولة الأبارتهايد الواحدة، هو الدولة الديمقراطية الواحدة التي يحقق فيها شعب فلسطين حقه في الحرية الكاملة والكرامة وتقرير المصير.(انتهى)
بقلم: مصطفى البرغوثي
العمليات الإسرائيلية بعد "أوسلو"
نفذت إسرائيل بمنهجية وعن سبق إصرار ست عمليات بعد توقيع اتفاق أوسلو، وهي:
1) الفصل الكامل بين غزة والضفة الغربية.
2) فصل القدس عن الضفة الغربية وباقي الأراضي المحتلة.
3) تعميق وتوسيع الاستيطان من دون توقف بهدف التهام الضفة الغربية وتهويدها وضمها، وتحويلها من محيط فلسطيني فيه أجسام استيطانية غريبة، إلى محيط استيطاني إسرائيلي تُعزل في إطاره المدن والقرى الفلسطينية كأجسام غريبة.
4) الحصار والخنق الاقتصادي والتحكم المطلق بالأرض والمياه والحدود والثروات الطبيعية والمجال الجوي والكهرومغناطيسي.
5) الضغط المتواصل على السلطة الفلسطينية لإجبارها على الانفصام عن حركة التحرر الوطني، واحتواء منظمة التحرير الفلسطينية فيها، واستخدام كل وسائل الضغط المحلية والدولية لتحويلها إلى وكيل أمني للاحتلال.
6) تقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وتحويلها إلى غيتوهات معزولة، وتكريس نظام الأبارتهايد العنصري أداة للتعايش مع الواقع الديمغرافي الفلسطيني الذي لم تستطع إلغاءه، وإن كانت لا تتوقف عن الأحلام بانهائه عبر تطهير عرقي جديد ضد الشعب الفلسطيني.
نسفت هذه العمليات الست ما بقي من آفاق لقيام دولة فلسطينية مستقلة، إذ استخدمت لقتل ما سمي "حل الدولتين"، على مرأى ومسمع من مجتمع دولي منحاز لإسرائيل، يواصل الحديث عن "حل الدولتين" من دون ممارسة أي ضغط فعلي لوقف الاستيطان الصهيوني الذي يدمر ذلك الحل.
هل كان اتفاق أوسلو ناجحاً أم فاشلاً؟
الجواب، أنه كان فشلاً ومحبطاً للجانب الفلسطيني، ونجاحاً عبقرياً للحركة الصهيونية لأنه سمح لها بمواصلة الاحتلال وتكريس منظومة الأبارتهايد بلا تكاليف، بل بأرباح آخرها التطبيع المشين مع المحيط العربي.
ولا يستطيع أحد إنكار أن أصواتاً فلسطينية عاقلة، ووطنية حكيمة، وقوى فلسطينية، حذرت من ذلك الاتفاق عند توقيعه، وحذرت من مواصلة السير فيه، ومن أبرزها أصوات حيدر عبد الشافي وإدوارد سعيد وكثيرين آخرين. كما لا يستطيع أحد إنكار أن الغالبية الساحقة من أبناء الشعب الفلسطيني وبناته يعارضون اليوم ليس فقط اتفاق أوسلو، بل ونهج أوسلو المتواصل، بمن فيهم بعض من أُخذوا بأوهام السلام المنتظر، ثم استيقظوا على آلام الواقع المرير.
وأول المعارضين لذلك النهج هم جيل الشباب الفلسطيني الذي ولد بعد توقيع الاتفاق، ويتصدر اليوم المقاومة الفلسطينية الباسلة لظلم الاحتلال ووحشية التمييز العنصري.
المطلوب فلسطينيا
لا نستطيع اليوم إعادة عجلة التاريخ للوراء وإلغاء خطيئة أوسلو، وإن كنا نتمنى ذلك، ولكننا نستطيع أن نطالب بالتحلل منها، ووقف النهج الذي أدى لتلك الخطيئة، واستبداله بإستراتيجية وطنية فلسطينية كفاحية مقاومة، تعيد توحيد طاقات الشعب الفلسطيني ومكوناته ، وتعيد صياغة برنامجه الوطني ورؤيته لتشمل ليس فقط إنهاء الاحتلال وعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الذين همشت قضيتهم، بل وإسقاط كل منظومة الأبارتهايد العنصرية ومجمل المشروع الاستعماري الاستيطاني (الكولونيالي) في كامل فلسطين التاريخية، والتراجع عن كل التنازلات المجانية التي قدمت للحركة الصهيونية مقابل لا شيء، سوى إشباع مصالح أقلية صغيرة على حساب شعبها وتلبية احتياجات بيروقراطية لمؤسسات أصبحت في حالة غربة عنه، وتوجيه رسالة واحدة واضحة للعالم بأسره، أن الفلسطينيين لن يقبلوا ذلَ الاستعباد للاحتلال ونظام التمييز العنصري، وأن البديل الوحيد لواقع دولة الأبارتهايد الواحدة، هو الدولة الديمقراطية الواحدة التي يحقق فيها شعب فلسطين حقه في الحرية الكاملة والكرامة وتقرير المصير.(انتهى)