إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. مطلوب المزيد من أكياس الموت؟ !...

 

تتواتر الشهادات والروايات عن مآسي الأهالي في درنة المدينة الليبية حيث تنتشر رائحة الموت في كل مكان منذ مر بها إعصار "دانيال" وجرف نحو ثلث المدينة التي اختفت من الخارطة ... شهادات موثقة كتبت بدموع وألام  من كتب لهم النجاة ممن يواصلون منذ الأحد الماضي البحث عن ذويهم وسط الجثث المنتشرة في كل مكان ورائحة الموت المنبعثة في المدينة منذرة بوقوع كارثة صحية وبيئية في حال استمر الوضع على حاله وتأخرت عمليات دفن الضحايا ...

أكياس الموت هي أولوية الليبيين المصدومين لهول ما حدث..، أكياس الموت مطلوبة وعلى عجل  لإكرام الضحايا والتعجيل بدفنهم وتجنب كارثة صحية تفاقم المشهد بعد أن  قد بات الحصول على هذه الأكياس أمرا مستعصيا بالنظر إلى عدد الضحايا الذي ما انفك يرتفع و قد توقع رئيس بلدية درنة أن تتجاوز حصيلة ضحايا الإعصار العشرين ألف ضحية ...رقم مهول ما في ذلك شك وتداعيات ثقيلة على الليبيين وعلى غيرهم من العاملين في هذا البلد من فلسطينيين هربوا من ظلم الاحتلال بحثا عن مكان آمن في ليبيا إلى مصريين جاؤوا يبحثون عن فرصة عمل في ليبيا إلى سودانيين هربوا من الحرب المدمرة إلى تونسيين والى غيرهم من الجنسيات التي يمكن أن تتضح بعد أن تنتهي عمليات الإغاثة... المصاب جلل والكارثة مهولة ما في ذلك شك ولكن عندما تطالعنا تصريحات واعترافات الأمم المتحدة الصادمة من انه كان بالإمكان تفادي الكثير من الخسائر في الأرواح لولا غياب أجهزة الإنذار وانهيار كامل إدارة الكوارث في ليبيا رغم أن توقعات الرصد الدولي كانت استبقت الأمر وحذرت من الإعصار القادم ...لا نعلم أن كان يتعين لعن الأمم المتحدة ومؤسساتها أو ما إذا سيتعين لعن كل القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في المشهد الليبي ومعها السلطات القائمة التي جعلت من ليبيا هذا البلد المترامي الأطراف بكل ثرواته وإمكانياته الطبيعية مزرعة يتقاتل فيها أبناء البلد الواحد كل حسب توجهاته وأولوياته ومصالحه وهي طبعا لا يمكن أن تصب في مصلحة الشعب الليبي ولا في  حقه المشروع في الكرامة و الحياة ..

طبعا حتى هذه اللحظة لم نسمع مسؤولا واحدا يعلن مسؤوليته من قريب او بعيد في هذه المأساة ولا يمكن أن نتوقع أن يتجرأ احد من الحكومات المتناحرة من طرابلس إلى بنغازي على تقديم استقالته أو الاعتذار من الشعب الليبي المنكوب في أبنائه وشبابه ووطنه ومصيره مؤسساته... ونكاد نجزم أنه لن يفتح تحقيق في أسباب ما حدث ولا كيف ولا ما إذا كان بالإمكان التقليل من حجم الكارثة المأساوية لو تم إنذار الأهالي أو تم إجلاؤهم إلى مناطق آمنة كما يفعل مسؤولو الحكومات والدول التي تحترم حياة البشر وتحترم مواطنيها وتخشى على شعوبها و تسعى لحمايتهم كما تخشى على أبنائها .. ولكن الحقيقة أن المشهد في ليبيا المنكوبة غير ذلك و بعد أكثر من عقد على انهيار نظام القذافي ظلت ليبيا رهينة المؤامرات في الداخل والخارج فلم ينل أهلها ما كانوا يتطلعون إليه من إصلاح وأعمار وتنمية وتعليم وتخطيط للمستقبل وإعادة ترميم ما يفترض ترميمه من بنية تحتية لم تقو على تحمل الإعصار ...و لاشك أن القوى التي اجتمعت تحت راية الحلف الأطلسي قبل أكثر من عقد لقصف ليبيا ووضع حد لأربعين عاما من حكم القذافي تتحمل بدورها مسؤولية إنسانية وأخلاقية و قانونية لا تسقط بمجرد إصدار بيانات التضامن والتأييد مع الشعب الليبي في محنته التي قد لا تتضح تداعياتها قبل وقت طويل...وسيتعين على القوى الدولية التي اشتركت في تدمير ليبيا أن تعجل بتقديم ما يجب تقديمه لإنقاذ العالقين تحت أنقاض البيوت المهدمة ومساعدة المشردين الذين استفاقوا ليجدوا أنفسهم في العراء.... عشرات الآلاف أصبحوا بلا مأوى وانعدام الخبرة والكفاءة المطلوبة في مواجهة الكوارث قد يعمق النزيف ولا يعجل ببلسمة الجراح...اللعنة على كل من  أغرته السلطة وصرفته عن تحمل المسؤولية فلم يبادر ببناء و تشييد ما تحتاجه بلاده من مدارس و الجامعات  لتعليم الأطفال وإغلاق السجون أو بناء المستشفيات لعلاج المرضى أو تشييد الطرقات لتيسير التنقل أو إصلاح الاقتصاد والاستثمار في مصالح الشعوب وتحقيق التنمية والعدالة وكل ما يمكن أن يحد من  الماسي و ن ضحايا الكوارث الطبيعية والفيضانات والزلازل  من اجل حياة أفضل لا من اجل أكياس الموت ...

اسيا العتروس

ممنوع من الحياد..   مطلوب المزيد من أكياس الموت؟ !...

 

تتواتر الشهادات والروايات عن مآسي الأهالي في درنة المدينة الليبية حيث تنتشر رائحة الموت في كل مكان منذ مر بها إعصار "دانيال" وجرف نحو ثلث المدينة التي اختفت من الخارطة ... شهادات موثقة كتبت بدموع وألام  من كتب لهم النجاة ممن يواصلون منذ الأحد الماضي البحث عن ذويهم وسط الجثث المنتشرة في كل مكان ورائحة الموت المنبعثة في المدينة منذرة بوقوع كارثة صحية وبيئية في حال استمر الوضع على حاله وتأخرت عمليات دفن الضحايا ...

أكياس الموت هي أولوية الليبيين المصدومين لهول ما حدث..، أكياس الموت مطلوبة وعلى عجل  لإكرام الضحايا والتعجيل بدفنهم وتجنب كارثة صحية تفاقم المشهد بعد أن  قد بات الحصول على هذه الأكياس أمرا مستعصيا بالنظر إلى عدد الضحايا الذي ما انفك يرتفع و قد توقع رئيس بلدية درنة أن تتجاوز حصيلة ضحايا الإعصار العشرين ألف ضحية ...رقم مهول ما في ذلك شك وتداعيات ثقيلة على الليبيين وعلى غيرهم من العاملين في هذا البلد من فلسطينيين هربوا من ظلم الاحتلال بحثا عن مكان آمن في ليبيا إلى مصريين جاؤوا يبحثون عن فرصة عمل في ليبيا إلى سودانيين هربوا من الحرب المدمرة إلى تونسيين والى غيرهم من الجنسيات التي يمكن أن تتضح بعد أن تنتهي عمليات الإغاثة... المصاب جلل والكارثة مهولة ما في ذلك شك ولكن عندما تطالعنا تصريحات واعترافات الأمم المتحدة الصادمة من انه كان بالإمكان تفادي الكثير من الخسائر في الأرواح لولا غياب أجهزة الإنذار وانهيار كامل إدارة الكوارث في ليبيا رغم أن توقعات الرصد الدولي كانت استبقت الأمر وحذرت من الإعصار القادم ...لا نعلم أن كان يتعين لعن الأمم المتحدة ومؤسساتها أو ما إذا سيتعين لعن كل القوى الإقليمية والدولية المتداخلة في المشهد الليبي ومعها السلطات القائمة التي جعلت من ليبيا هذا البلد المترامي الأطراف بكل ثرواته وإمكانياته الطبيعية مزرعة يتقاتل فيها أبناء البلد الواحد كل حسب توجهاته وأولوياته ومصالحه وهي طبعا لا يمكن أن تصب في مصلحة الشعب الليبي ولا في  حقه المشروع في الكرامة و الحياة ..

طبعا حتى هذه اللحظة لم نسمع مسؤولا واحدا يعلن مسؤوليته من قريب او بعيد في هذه المأساة ولا يمكن أن نتوقع أن يتجرأ احد من الحكومات المتناحرة من طرابلس إلى بنغازي على تقديم استقالته أو الاعتذار من الشعب الليبي المنكوب في أبنائه وشبابه ووطنه ومصيره مؤسساته... ونكاد نجزم أنه لن يفتح تحقيق في أسباب ما حدث ولا كيف ولا ما إذا كان بالإمكان التقليل من حجم الكارثة المأساوية لو تم إنذار الأهالي أو تم إجلاؤهم إلى مناطق آمنة كما يفعل مسؤولو الحكومات والدول التي تحترم حياة البشر وتحترم مواطنيها وتخشى على شعوبها و تسعى لحمايتهم كما تخشى على أبنائها .. ولكن الحقيقة أن المشهد في ليبيا المنكوبة غير ذلك و بعد أكثر من عقد على انهيار نظام القذافي ظلت ليبيا رهينة المؤامرات في الداخل والخارج فلم ينل أهلها ما كانوا يتطلعون إليه من إصلاح وأعمار وتنمية وتعليم وتخطيط للمستقبل وإعادة ترميم ما يفترض ترميمه من بنية تحتية لم تقو على تحمل الإعصار ...و لاشك أن القوى التي اجتمعت تحت راية الحلف الأطلسي قبل أكثر من عقد لقصف ليبيا ووضع حد لأربعين عاما من حكم القذافي تتحمل بدورها مسؤولية إنسانية وأخلاقية و قانونية لا تسقط بمجرد إصدار بيانات التضامن والتأييد مع الشعب الليبي في محنته التي قد لا تتضح تداعياتها قبل وقت طويل...وسيتعين على القوى الدولية التي اشتركت في تدمير ليبيا أن تعجل بتقديم ما يجب تقديمه لإنقاذ العالقين تحت أنقاض البيوت المهدمة ومساعدة المشردين الذين استفاقوا ليجدوا أنفسهم في العراء.... عشرات الآلاف أصبحوا بلا مأوى وانعدام الخبرة والكفاءة المطلوبة في مواجهة الكوارث قد يعمق النزيف ولا يعجل ببلسمة الجراح...اللعنة على كل من  أغرته السلطة وصرفته عن تحمل المسؤولية فلم يبادر ببناء و تشييد ما تحتاجه بلاده من مدارس و الجامعات  لتعليم الأطفال وإغلاق السجون أو بناء المستشفيات لعلاج المرضى أو تشييد الطرقات لتيسير التنقل أو إصلاح الاقتصاد والاستثمار في مصالح الشعوب وتحقيق التنمية والعدالة وكل ما يمكن أن يحد من  الماسي و ن ضحايا الكوارث الطبيعية والفيضانات والزلازل  من اجل حياة أفضل لا من اجل أكياس الموت ...

اسيا العتروس