سنخصص لتونس 200 مليون دولار في الثلاث سنوات القادمة ...
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قام بتعبئة 64 مليون دولار لتونس بين 2018 و2026
أهدافنا اليوم هو أن نعيد الفكر الذي يؤكد على دور الدولة في التخطيط التنموي ولتونس تجربة عريقة في هذا المجال منذ الستينات
اجتمعنا مع أكثر من 80 جهة مانحة لتشجيعها على زيادة التمويل ومواصلة دعمها لدول المنطقة العربية ودول شمال إفريقيا ومن بينها تونس
نعمل على خلق آليات جديدة للتمويل لتسهيل توفير موارد مالية، وآلية التمويل الأخضر نموذجا
المصادقة على مدونة سلوك بين البرنامج ووزارة الداخلية لتطوير العلاقة بين المواطن والسلك الأمني
التعاون بين برنامج الأمم المتحدة وتونس سيشمل البرامج المتعلقة بالأمن الغذائي والمائي والطاقي
تونس-الصباح
يؤدي وفد من المكتب الإقليمي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي للدول العربية زيارة الى تونس لأسبوعين، يرأسه مدير المكتب والأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبدالله الدردري الذي التقت به "الصباح" في حوار مطول، تحدث فيه عن جهود هذه الجهة في دعم تونس لسنوات وهي التي تعد من بين 17 بلدا عربيا وواحدة من 170 دولة وإقليم عبر العالم، تتلقى مساعدات وبرامج دعم فنية ومالية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتأمين المساواة والحد من الإقصاء وتمكين المرأة وتعزيز الحوكمة وسيادة القانون...
الى جانب اعلانه عن البرامج المستقبلية وحجم التمويلات المرصودة لتونس والمشاريع المنجزة وفحوى الزيارة الرسمية وطبيعة اللقاءات التي جمعته بمسؤولي الدولة التونسية، وفي ما يلي نص الحوار التالي:
أجرت الحوار: وفاء بن محمد
نبدأ بالزيارة التي انطلقت منذ مطلع الأسبوع الماضي لفريق من المكتب الاقليمي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي الى تونس، حول مضمون وتوقيت واهداف هذه الزيارة الرسمية؟
-في الحقيقة هذه الزيارة تبدو في غاية من الاهمية على جميع المستويات وتأتي في إطار الشراكة بين الحكومة التونسية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي، وهنا لابد من الاشارة الى ان تاريخ التعاون مع تونس يعود الى سنة 1979، ومن ذلك الوقت والبرنامج يرافق تونس في كل التغيرات التي طرأت على المشهد الوطني، كما اننا على وعي تام بأبرز التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة ومن واجبنا ان نقدم لها كل الدعم ونبحث معها على حلول حسب الاولويات من خلال برامج مشتركة.
والاهم ان هذه الزيارة ستكون لها نتائج ثرية ومثمرة في إطار الشراكة وتعزيز الدعم الفني والمالي لتونس، فضلا عن متابعة البرنامج لعدد من المشاريع المنجزة وتسهيل ودفع نسق المشاريع الاخرى التي بصدد الانجاز، كما سيكون للاجتماعات المكثفة التي جمعتنا بعدد هام من مسؤولي الحكومة التونسية، وعلى رأسها اللقاء بالسيد رئيس الحكومة، الأثر الايجابي على مستوى تنفيذ الشرَاكات لدعم تونس ماليا وفنيا.
هل لكم أن تحددوا لنا طبيعة هذه اللقاءات التي جمعتكم بمسؤولي الحكومة وهل سنرى قريبا مشاريع جديدة وأي القطاعات التي ستشملها الشراكات؟
-بالتأكيد، نحن نعتبر أن كل اللقاءات التي انتظمت في اطار هذه الزيارة تصب في دعم المزيد من الشراكات البينية من جهة، ومتابعة عدد من المشاريع القديمة التي دعمها البرنامج منذ سنوات من جهة أخرى، مع العمل على رسم اهداف جديدة مع مسؤولي الحكومة التونسية، وفي الحقيقة لمسنا تفاعلا ايجابيا من قبل المسؤولين الذين اجتمعنا بهم تباعا، حيث جرت معهم اجتماعات قيمة وثرية وهي التي شملت دولة رئيس الحكومة وزير الاقتصاد والتخطيط ووزيرة المالية ووزير الداخلية ووزير الفلاحة، وكانت ابرز المواضيع تتعلق بالحوكمة والتمويل واولويات مخططات التنمية الوطنية وكيفية ايجاد حلول مشتركة لكل هذه المسائل ...
تطرقنا في لقائنا بالسيد رئيس الحكومة إلى ضرورة دعم التخطيط التنموي عبر المزيد من التنسيق فيما يخص تعزيز سبل تمويل التنمية. إذ تناقشنا أيضا في مسألة الموارد المالية المتاحة لتونس وكيفية استخدامها بالشكل الأمثل من أجل تعزيز نتائج التنمية. كما دار اللقاء حول موضوع الإدارة العمومية وكيفية توفير المزيد من الدعم للسلطات الوطنية والجهوية والمحلية في تخطيط التنمية وحشد التمويل الضروري لإنجاز المخططات.
في هذا الصدد، أكدنا على ضرورة التعاون بين كل منظمات الأمم المتحدة للعمل كفريق واحد من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في تونس. وكان الاتفاق على أن يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدور الميسر والممكّن إلى جانب المؤسسات الوطنية للإدارة الكفؤة لعملية التنمية.
وفيما يخص لقاءنا بوزير الداخلية، كان الهدف منه بالأساس تأكيد مواصلة التعاون في مجالات شرطة الجوار والتنمية المحلية. فالعمل على المستوى المحلي على نفس القدر من الأهمية والعمل على المستوى الوطني، إذ يساهم في خلق فرص عمل جديدة عبر تفعيل دور الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تلعب دورا محوريا في احياء التنمية على المستوى المحلي.
اما عن لقائنا بوزيرة المالية، فقد أكدنا فيه على أننا ندرك جيدا وضع المالية العمومية لتونس وحاجتها لتعبئة تمويلات اضافية. وما يقلقنا فعلا هو انه لم يعد يتوفر حيز كبير للادخار في تونس يسمح بتمويل للاستثمار بما في ذلك الاستثمار الخاص. وهنا نطرح السؤال من أين يمكن أن يأتي النمو في السنوات القادمة لو تعطل محرك الاستثمار، وإذا ما لم تتوفر التدفقات المالية اللازمة؟ وهنا عرضنا على الوزارة مشروع الإطار الوطني المتكامل للتمويل التابع للبرنامج، وهو يمكّن من إرساء منظومة فعالة لإدارة مجال التمويل عبر تقييم كل التدفقات النقدية التي تدخل تونس وتخرج منها وتحديد العجز في المنظومة المالية العامة والخاصة.
وفي نفس السياق كان لنا لقاء مع وزير الاقتصاد والتخطيط، وايمانا منا بضرورة ترابط وزارتي التخطيط والمالية واهمية التنسيق فيما بينهما، فان هذا المشروع ينظر إلى خطط التنمية وكيفية الربط بين الوضع المالي ومزيد تسخيره لصالح التنمية. ويقترح البرنامج مجموعة من الآليات لتحسين الأداء للدولة والتدفقات المالية وتحسين فرص الاستثمار والتعامل مع الدين الداخلي والخارجي ومتابعة كل الديون.
وأما عن لقائنا بوزير الفلاحة، فقد تطرقنا إلى سبل دعم الإنتاجية في القطاع الزراعي خصوصا في مرحلة ما بعد الحصاد لتخفيف الهدر وتحسين الريع على المساحات الإنتاجية. ومن ذلك، فإن دعم مردودية الصادرات الفلاحية التونسية من التمور وزيت الزيتون يتطلب تركيز برنامج تأمين تمويل الصادرات وهو عبارة عن دعم مالي وفني لزيادة التنافسية في الاسواق العالمية لهذه المنتجات. كما أن صغار الفلاحين والشباب الراغبين في العمل الفلاحي في حاجة ماسة لخطوط تمويل منخفض التكلفة وميسر الشروط تمكنهم من الاستثمار والابتكار في القطاع الزراعي.
متابعة لوعيكم بوضعية المالية العمومية لتونس هل هناك حلول مشتركة لمزيد دعم تونس لتنويع مصادرها التمويلية؟
نحن في الحقيقة نريد أن نشتغل بشكل عملي وبالتالي فنحن نعمل على خلق آليات للتمويل لتسهيل توفير موارد مالية جديدة، وفي هذا الصدد، هناك آلية التمويل الأخضر والأمم المتحدة تستطيع ان تساعد في انجاز العديد من المشاريع في اطار هذه الالية خاصة ان لها ضمانات هامة حيث تنشط وفق شروط مسنودة بدعم فني عالي في البداية وحتى على مستوى التنفيذ في مرحلة موالية، كما تضمن هذه الالية تشريك الدولة مع كلفة منخفضة وباقل ما يمكن من المخاطر، ونحن نهدف إلى نشر هذه الآلية التي تسمى بمنصة التمويل الأخضر التي أثبتت نجاعتها في عدد من بلدان المنطقة العربية، فلنا 6 منصات للتمويل الاخضر، ونسعي الى إنشاء منصة جديدة في تونس قريبا وهي التي ستسمح بالربط بين الدعم الفني واختيار المشاريع وتقديم التمويل وجلب المستثمرين في نفس الوقت.
كيف يمكن لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي أن يدعم تونس في مواجهتها لموجة عزوف الجهات الدولية المانحة عن تمويلها؟
-نحن من خلال برنامجنا مازلنا ندعم تونس، وكذلك نسعى الى مساعدتها على ربط شراكات تمويلية جديدة، ولعل الملتقى الذي نظمه برنامج الامم المتحدة الانمائي منذ يومين هنا في تونس وتزامنا مع هذه الزيارة خير دليل على هذا الموقف، حيث اجتمعنا مع أكثر من 80 جهة مانحة مهمة من دول وبنوك تنمية عالمية واقليمية، ومع كل شركائنا في الامم المتحدة لتشجيعها على زيادة التمويل ومواصلة دعمها لدول المنطقة العربية ودول شمال افريقيا ومن بينها تونس طبعا. وعرضنا في هذا الملتقى الهام استراتيجية برنامج الامم المتحدة الانمائي وخططه ومشاريعه في شمال افريقيا في السنوات الثلاث القادمة..
وللإشارة فان هذه الاستراتيجية تطرقت لكل التحديات العالمية التي تواجه بلدان المنطقة العربية من امن غذائي وطاقة ومسألة المياه وكيفية التصدي للفقر مع التركيز على أبرز القضايا في علاقة بهذه التحديات وهي الحوكمة ودور المرأة وحقوق الانسان....
في برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ماذا خصصتم لتونس طيلة العشر سنوات الأخيرة وما هو المنجز الحقيقي حتى اليوم؟
-ركزنا في العشر سنوات الاخيرة على تقديم الدعم الفني والمشورة في العديد من المجالات لإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، وكان لمسألة الحوكمة الاولوية المطلقة في برنامجنا المخصص للدولة التونسية، ووضعنا شراكات ومشاريع عديدة في هذه الفترة استهدفت الانتخابات وحقوق الانسان، وفي الحقيقة بذلنا مجهودات كثيفة في العشرية الاخيرة في انجاح مشروع الحوكمة. وأحد آخر نتائج هذا الدعم المصادقة، في الأشهر الأخيرة، على مدونة سلوك قوات الأمن الداخلي التي عمل عليها البرنامج منذ سنة 2017. وتعتبر مدونة السلوك بمثابة البوابة الهامة لتطوير العلاقة بين المواطن والسلك الأمني.
كما ركزنا مشاريع أخرى هي في طور الانجاز في مناطق بالجنوب التونسي في كل من تطاوين ومدنين بالخصوص، فضلا عن مبادرات لتحسين إدارة الموارد المائية ونحن كنا قد بدأنا في مساندة مشاريع نموذجية في مجال المياه في الجنوب الشرقي لتونس في انتظار مزيد التوسع والبحث عن مناطق جديدة في الشمال والوسط في هذا المجال.
وفي مجال النمو الشامل، تعتبر تعزيز ريادة الأعمال أحد الركائز الأساسية التي اعتمدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر توفير الدعم الفني والمالي للنساء والشبان الرياديين، مما أسهم في بعث 183 مشروعا.
تأكيدكم على مواصلة دعم تونس سيكون طبعا عبر برنامج ومحفظة تمويلات جديدة، فما هي أبرز بنود البرنامج الجديد؟
-بالفعل، اولا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يلتزم بدعم تونس في تقديم تقريرها الثالث للأمم المتحدة بشأن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، ثانيا سنواصل دعم تونس في مجال الحوكمة وسيادة القانون، وستتم إطلاق مرحلة جديدة من البرنامج قريبًا، استنادًا إلى ثلاثة أركان أساسية وهي النزاهة والشفافية، وسيادة القانون، والتنمية المحلية.
ويهمنا زيادة الريع في قطاع الزراعة على مستوى الزراعات السقوية بالخصوص وتحسين كفاءة هذا المجال مع العمل على ايجاد مصادر جديدة للمياه عبر تحلية المياه بالطاقات المتجددة حتى نعالج مشكلات العرض في هذا المجال، فضلا عن مساندة الدولة في التقليص من الاستيراد لتخفيف العبء على الميزانية والرفع بالمقابل بالصادرات للتمور والزيوت.
ما هو حجم التمويلات التي قدمها برنامج الامم المتحدة الانمائي الى تونس؟
في الحقيقة، الدعم الذي نقدمه لا يقاس بحجم التمويلات لان المبالغ تتراوح بين 16 و20 مليون دولار في السنة، لكن الاهم أن مثل هذه القيمة من شانها أن تبني حجر الاساس للمشاريع التنموية التي تستطيع جلب واستقطاب استثمارات اخرى، كما تجدر الإشارة إلى أن اجمالي الموارد المالية التي انفقت في الفترة الماضية لتونس يتخذ نسقا تصاعديا...
وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتعبئة تمويل إجمالي بقيمة 64 مليون دولار للفترة من 2018 إلى 2026 لتمويل برامجه خلال هذه الفترة، ونحن نسعى الى ان يستهدف برنامجنا في تونس مستقبلا تخصيص 200 مليون دولار خلال السنوات الثلاث القادمة...
المشهد العالمي الجديد فرض على دول المنطقة العربية تغيير مخططتها التنموية وباعتباركم من أبرز الجهات الداعمة للتنمية المستدامة، كيف هي نظرتكم لهذا التوجه؟
-اعتقد ان أبرز اهدافنا اليوم هو ان نعيد الفكر الذي يؤكد على دور الدولة في التخطيط التنموي ولا يتركه فقط لقوى السوق. ومن أبرز النقاشات التي دارت مع مسؤولي الحكومة التونسية، وحتى النقاشات التي تجري في تونس عموما، محورها احياء دور الدولة وإضفاء شكل جديد لعملها التنموي يتماشى مع متغيرات المشهد الوطني، ولتونس تجربة عريقة في هذا المجال منذ ستينات القرن الماضي.
وسنعمل مع الحكومة على دعم اعداد وتطوير النهج التنموي الذي يربط بين الاهداف التنموية التونسية واهداف التنمية المستدامة وهو امر مهم للغاية لان تونس عندما تخاطب المجتمع الدولي والامم المتحدة من الضروري ان تبرز ان خططها التنموية تكون مرتبطة وتصب في اهداف التنمية المستدامة. وبالتالي فان الجهد الاول سيكون موجها على مستوى التخطيط الوطني من خلال دعمنا له بقيادة تونسية..
ونحن نعمل على تقييم المخطط التنموي الذي وضعته الدولة التونسية من منظار مدى قدرته على تحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وكنا قد ابدينا دعمنا لهذا المخطط فنيا عبر بناء القدرات وتنمية المؤسسات الوطنية التي ستقوم بالتخطيط والتنفيذ ودعم المراقبة ومتابعة مؤشرات التنفيذ، ونعتقد ان الوضع التنموي في تونس يتطلب تدخلات سريعة ووضوح في الترابطات والتكامل بين السياسات القطاعية.
سنخصص لتونس 200 مليون دولار في الثلاث سنوات القادمة ...
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قام بتعبئة 64 مليون دولار لتونس بين 2018 و2026
أهدافنا اليوم هو أن نعيد الفكر الذي يؤكد على دور الدولة في التخطيط التنموي ولتونس تجربة عريقة في هذا المجال منذ الستينات
اجتمعنا مع أكثر من 80 جهة مانحة لتشجيعها على زيادة التمويل ومواصلة دعمها لدول المنطقة العربية ودول شمال إفريقيا ومن بينها تونس
نعمل على خلق آليات جديدة للتمويل لتسهيل توفير موارد مالية، وآلية التمويل الأخضر نموذجا
المصادقة على مدونة سلوك بين البرنامج ووزارة الداخلية لتطوير العلاقة بين المواطن والسلك الأمني
التعاون بين برنامج الأمم المتحدة وتونس سيشمل البرامج المتعلقة بالأمن الغذائي والمائي والطاقي
تونس-الصباح
يؤدي وفد من المكتب الإقليمي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي للدول العربية زيارة الى تونس لأسبوعين، يرأسه مدير المكتب والأمين العام المساعد للأمم المتحدة والمدير المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبدالله الدردري الذي التقت به "الصباح" في حوار مطول، تحدث فيه عن جهود هذه الجهة في دعم تونس لسنوات وهي التي تعد من بين 17 بلدا عربيا وواحدة من 170 دولة وإقليم عبر العالم، تتلقى مساعدات وبرامج دعم فنية ومالية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتأمين المساواة والحد من الإقصاء وتمكين المرأة وتعزيز الحوكمة وسيادة القانون...
الى جانب اعلانه عن البرامج المستقبلية وحجم التمويلات المرصودة لتونس والمشاريع المنجزة وفحوى الزيارة الرسمية وطبيعة اللقاءات التي جمعته بمسؤولي الدولة التونسية، وفي ما يلي نص الحوار التالي:
أجرت الحوار: وفاء بن محمد
نبدأ بالزيارة التي انطلقت منذ مطلع الأسبوع الماضي لفريق من المكتب الاقليمي لبرنامج الامم المتحدة الانمائي الى تونس، حول مضمون وتوقيت واهداف هذه الزيارة الرسمية؟
-في الحقيقة هذه الزيارة تبدو في غاية من الاهمية على جميع المستويات وتأتي في إطار الشراكة بين الحكومة التونسية وبرنامج الامم المتحدة الانمائي، وهنا لابد من الاشارة الى ان تاريخ التعاون مع تونس يعود الى سنة 1979، ومن ذلك الوقت والبرنامج يرافق تونس في كل التغيرات التي طرأت على المشهد الوطني، كما اننا على وعي تام بأبرز التحديات الكبيرة التي تواجه الدولة ومن واجبنا ان نقدم لها كل الدعم ونبحث معها على حلول حسب الاولويات من خلال برامج مشتركة.
والاهم ان هذه الزيارة ستكون لها نتائج ثرية ومثمرة في إطار الشراكة وتعزيز الدعم الفني والمالي لتونس، فضلا عن متابعة البرنامج لعدد من المشاريع المنجزة وتسهيل ودفع نسق المشاريع الاخرى التي بصدد الانجاز، كما سيكون للاجتماعات المكثفة التي جمعتنا بعدد هام من مسؤولي الحكومة التونسية، وعلى رأسها اللقاء بالسيد رئيس الحكومة، الأثر الايجابي على مستوى تنفيذ الشرَاكات لدعم تونس ماليا وفنيا.
هل لكم أن تحددوا لنا طبيعة هذه اللقاءات التي جمعتكم بمسؤولي الحكومة وهل سنرى قريبا مشاريع جديدة وأي القطاعات التي ستشملها الشراكات؟
-بالتأكيد، نحن نعتبر أن كل اللقاءات التي انتظمت في اطار هذه الزيارة تصب في دعم المزيد من الشراكات البينية من جهة، ومتابعة عدد من المشاريع القديمة التي دعمها البرنامج منذ سنوات من جهة أخرى، مع العمل على رسم اهداف جديدة مع مسؤولي الحكومة التونسية، وفي الحقيقة لمسنا تفاعلا ايجابيا من قبل المسؤولين الذين اجتمعنا بهم تباعا، حيث جرت معهم اجتماعات قيمة وثرية وهي التي شملت دولة رئيس الحكومة وزير الاقتصاد والتخطيط ووزيرة المالية ووزير الداخلية ووزير الفلاحة، وكانت ابرز المواضيع تتعلق بالحوكمة والتمويل واولويات مخططات التنمية الوطنية وكيفية ايجاد حلول مشتركة لكل هذه المسائل ...
تطرقنا في لقائنا بالسيد رئيس الحكومة إلى ضرورة دعم التخطيط التنموي عبر المزيد من التنسيق فيما يخص تعزيز سبل تمويل التنمية. إذ تناقشنا أيضا في مسألة الموارد المالية المتاحة لتونس وكيفية استخدامها بالشكل الأمثل من أجل تعزيز نتائج التنمية. كما دار اللقاء حول موضوع الإدارة العمومية وكيفية توفير المزيد من الدعم للسلطات الوطنية والجهوية والمحلية في تخطيط التنمية وحشد التمويل الضروري لإنجاز المخططات.
في هذا الصدد، أكدنا على ضرورة التعاون بين كل منظمات الأمم المتحدة للعمل كفريق واحد من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في تونس. وكان الاتفاق على أن يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدور الميسر والممكّن إلى جانب المؤسسات الوطنية للإدارة الكفؤة لعملية التنمية.
وفيما يخص لقاءنا بوزير الداخلية، كان الهدف منه بالأساس تأكيد مواصلة التعاون في مجالات شرطة الجوار والتنمية المحلية. فالعمل على المستوى المحلي على نفس القدر من الأهمية والعمل على المستوى الوطني، إذ يساهم في خلق فرص عمل جديدة عبر تفعيل دور الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تلعب دورا محوريا في احياء التنمية على المستوى المحلي.
اما عن لقائنا بوزيرة المالية، فقد أكدنا فيه على أننا ندرك جيدا وضع المالية العمومية لتونس وحاجتها لتعبئة تمويلات اضافية. وما يقلقنا فعلا هو انه لم يعد يتوفر حيز كبير للادخار في تونس يسمح بتمويل للاستثمار بما في ذلك الاستثمار الخاص. وهنا نطرح السؤال من أين يمكن أن يأتي النمو في السنوات القادمة لو تعطل محرك الاستثمار، وإذا ما لم تتوفر التدفقات المالية اللازمة؟ وهنا عرضنا على الوزارة مشروع الإطار الوطني المتكامل للتمويل التابع للبرنامج، وهو يمكّن من إرساء منظومة فعالة لإدارة مجال التمويل عبر تقييم كل التدفقات النقدية التي تدخل تونس وتخرج منها وتحديد العجز في المنظومة المالية العامة والخاصة.
وفي نفس السياق كان لنا لقاء مع وزير الاقتصاد والتخطيط، وايمانا منا بضرورة ترابط وزارتي التخطيط والمالية واهمية التنسيق فيما بينهما، فان هذا المشروع ينظر إلى خطط التنمية وكيفية الربط بين الوضع المالي ومزيد تسخيره لصالح التنمية. ويقترح البرنامج مجموعة من الآليات لتحسين الأداء للدولة والتدفقات المالية وتحسين فرص الاستثمار والتعامل مع الدين الداخلي والخارجي ومتابعة كل الديون.
وأما عن لقائنا بوزير الفلاحة، فقد تطرقنا إلى سبل دعم الإنتاجية في القطاع الزراعي خصوصا في مرحلة ما بعد الحصاد لتخفيف الهدر وتحسين الريع على المساحات الإنتاجية. ومن ذلك، فإن دعم مردودية الصادرات الفلاحية التونسية من التمور وزيت الزيتون يتطلب تركيز برنامج تأمين تمويل الصادرات وهو عبارة عن دعم مالي وفني لزيادة التنافسية في الاسواق العالمية لهذه المنتجات. كما أن صغار الفلاحين والشباب الراغبين في العمل الفلاحي في حاجة ماسة لخطوط تمويل منخفض التكلفة وميسر الشروط تمكنهم من الاستثمار والابتكار في القطاع الزراعي.
متابعة لوعيكم بوضعية المالية العمومية لتونس هل هناك حلول مشتركة لمزيد دعم تونس لتنويع مصادرها التمويلية؟
نحن في الحقيقة نريد أن نشتغل بشكل عملي وبالتالي فنحن نعمل على خلق آليات للتمويل لتسهيل توفير موارد مالية جديدة، وفي هذا الصدد، هناك آلية التمويل الأخضر والأمم المتحدة تستطيع ان تساعد في انجاز العديد من المشاريع في اطار هذه الالية خاصة ان لها ضمانات هامة حيث تنشط وفق شروط مسنودة بدعم فني عالي في البداية وحتى على مستوى التنفيذ في مرحلة موالية، كما تضمن هذه الالية تشريك الدولة مع كلفة منخفضة وباقل ما يمكن من المخاطر، ونحن نهدف إلى نشر هذه الآلية التي تسمى بمنصة التمويل الأخضر التي أثبتت نجاعتها في عدد من بلدان المنطقة العربية، فلنا 6 منصات للتمويل الاخضر، ونسعي الى إنشاء منصة جديدة في تونس قريبا وهي التي ستسمح بالربط بين الدعم الفني واختيار المشاريع وتقديم التمويل وجلب المستثمرين في نفس الوقت.
كيف يمكن لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي أن يدعم تونس في مواجهتها لموجة عزوف الجهات الدولية المانحة عن تمويلها؟
-نحن من خلال برنامجنا مازلنا ندعم تونس، وكذلك نسعى الى مساعدتها على ربط شراكات تمويلية جديدة، ولعل الملتقى الذي نظمه برنامج الامم المتحدة الانمائي منذ يومين هنا في تونس وتزامنا مع هذه الزيارة خير دليل على هذا الموقف، حيث اجتمعنا مع أكثر من 80 جهة مانحة مهمة من دول وبنوك تنمية عالمية واقليمية، ومع كل شركائنا في الامم المتحدة لتشجيعها على زيادة التمويل ومواصلة دعمها لدول المنطقة العربية ودول شمال افريقيا ومن بينها تونس طبعا. وعرضنا في هذا الملتقى الهام استراتيجية برنامج الامم المتحدة الانمائي وخططه ومشاريعه في شمال افريقيا في السنوات الثلاث القادمة..
وللإشارة فان هذه الاستراتيجية تطرقت لكل التحديات العالمية التي تواجه بلدان المنطقة العربية من امن غذائي وطاقة ومسألة المياه وكيفية التصدي للفقر مع التركيز على أبرز القضايا في علاقة بهذه التحديات وهي الحوكمة ودور المرأة وحقوق الانسان....
في برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ماذا خصصتم لتونس طيلة العشر سنوات الأخيرة وما هو المنجز الحقيقي حتى اليوم؟
-ركزنا في العشر سنوات الاخيرة على تقديم الدعم الفني والمشورة في العديد من المجالات لإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي في تونس، وكان لمسألة الحوكمة الاولوية المطلقة في برنامجنا المخصص للدولة التونسية، ووضعنا شراكات ومشاريع عديدة في هذه الفترة استهدفت الانتخابات وحقوق الانسان، وفي الحقيقة بذلنا مجهودات كثيفة في العشرية الاخيرة في انجاح مشروع الحوكمة. وأحد آخر نتائج هذا الدعم المصادقة، في الأشهر الأخيرة، على مدونة سلوك قوات الأمن الداخلي التي عمل عليها البرنامج منذ سنة 2017. وتعتبر مدونة السلوك بمثابة البوابة الهامة لتطوير العلاقة بين المواطن والسلك الأمني.
كما ركزنا مشاريع أخرى هي في طور الانجاز في مناطق بالجنوب التونسي في كل من تطاوين ومدنين بالخصوص، فضلا عن مبادرات لتحسين إدارة الموارد المائية ونحن كنا قد بدأنا في مساندة مشاريع نموذجية في مجال المياه في الجنوب الشرقي لتونس في انتظار مزيد التوسع والبحث عن مناطق جديدة في الشمال والوسط في هذا المجال.
وفي مجال النمو الشامل، تعتبر تعزيز ريادة الأعمال أحد الركائز الأساسية التي اعتمدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبر توفير الدعم الفني والمالي للنساء والشبان الرياديين، مما أسهم في بعث 183 مشروعا.
تأكيدكم على مواصلة دعم تونس سيكون طبعا عبر برنامج ومحفظة تمويلات جديدة، فما هي أبرز بنود البرنامج الجديد؟
-بالفعل، اولا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يلتزم بدعم تونس في تقديم تقريرها الثالث للأمم المتحدة بشأن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي، ثانيا سنواصل دعم تونس في مجال الحوكمة وسيادة القانون، وستتم إطلاق مرحلة جديدة من البرنامج قريبًا، استنادًا إلى ثلاثة أركان أساسية وهي النزاهة والشفافية، وسيادة القانون، والتنمية المحلية.
ويهمنا زيادة الريع في قطاع الزراعة على مستوى الزراعات السقوية بالخصوص وتحسين كفاءة هذا المجال مع العمل على ايجاد مصادر جديدة للمياه عبر تحلية المياه بالطاقات المتجددة حتى نعالج مشكلات العرض في هذا المجال، فضلا عن مساندة الدولة في التقليص من الاستيراد لتخفيف العبء على الميزانية والرفع بالمقابل بالصادرات للتمور والزيوت.
ما هو حجم التمويلات التي قدمها برنامج الامم المتحدة الانمائي الى تونس؟
في الحقيقة، الدعم الذي نقدمه لا يقاس بحجم التمويلات لان المبالغ تتراوح بين 16 و20 مليون دولار في السنة، لكن الاهم أن مثل هذه القيمة من شانها أن تبني حجر الاساس للمشاريع التنموية التي تستطيع جلب واستقطاب استثمارات اخرى، كما تجدر الإشارة إلى أن اجمالي الموارد المالية التي انفقت في الفترة الماضية لتونس يتخذ نسقا تصاعديا...
وقام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتعبئة تمويل إجمالي بقيمة 64 مليون دولار للفترة من 2018 إلى 2026 لتمويل برامجه خلال هذه الفترة، ونحن نسعى الى ان يستهدف برنامجنا في تونس مستقبلا تخصيص 200 مليون دولار خلال السنوات الثلاث القادمة...
المشهد العالمي الجديد فرض على دول المنطقة العربية تغيير مخططتها التنموية وباعتباركم من أبرز الجهات الداعمة للتنمية المستدامة، كيف هي نظرتكم لهذا التوجه؟
-اعتقد ان أبرز اهدافنا اليوم هو ان نعيد الفكر الذي يؤكد على دور الدولة في التخطيط التنموي ولا يتركه فقط لقوى السوق. ومن أبرز النقاشات التي دارت مع مسؤولي الحكومة التونسية، وحتى النقاشات التي تجري في تونس عموما، محورها احياء دور الدولة وإضفاء شكل جديد لعملها التنموي يتماشى مع متغيرات المشهد الوطني، ولتونس تجربة عريقة في هذا المجال منذ ستينات القرن الماضي.
وسنعمل مع الحكومة على دعم اعداد وتطوير النهج التنموي الذي يربط بين الاهداف التنموية التونسية واهداف التنمية المستدامة وهو امر مهم للغاية لان تونس عندما تخاطب المجتمع الدولي والامم المتحدة من الضروري ان تبرز ان خططها التنموية تكون مرتبطة وتصب في اهداف التنمية المستدامة. وبالتالي فان الجهد الاول سيكون موجها على مستوى التخطيط الوطني من خلال دعمنا له بقيادة تونسية..
ونحن نعمل على تقييم المخطط التنموي الذي وضعته الدولة التونسية من منظار مدى قدرته على تحقيق التنمية المستدامة بحلول عام 2030، وكنا قد ابدينا دعمنا لهذا المخطط فنيا عبر بناء القدرات وتنمية المؤسسات الوطنية التي ستقوم بالتخطيط والتنفيذ ودعم المراقبة ومتابعة مؤشرات التنفيذ، ونعتقد ان الوضع التنموي في تونس يتطلب تدخلات سريعة ووضوح في الترابطات والتكامل بين السياسات القطاعية.